رواية كارثة الحي الشعبي – الفصل السادس والخمسون
الفصل السادس والخمسون
أنظر جيدًا.
كارثة الحي الشعبي.
فاطمة محمد.
الفصل السادس والخمسون:
-كنت نازلة من على السلالم بنت الكلب دي..وهوب دبل كيك يا رحمة يا اختي محستش بنفسي غير وانا بحضن وبسلم على اخر عشر سلالم..ومقلكوش صوتي ده جاب البيت كله..وخليل وسلطان جم يجروا عليا و وشهم اتخطف وراحوا شايلني وروحنا على المستشفى والدكتور بقى قالهم مش كسر الحمدلله بس ايدي حصلها كدمة…ورجلي اتجزعت والمفروض ممشيش عليها..يلا ربنا ستر الحمدلله انهم كانوا معايا هنا..
ردت روفان بأسف على حالها:
-بسيطة.. الحمدلله انها حاجة بسيطة..
تنهدت تؤكد وعيناها تجوب على الفتيات واحدة تلو الأخرى:
-الحمدلله ربنا بيحبني..بس عارفة كان نفسي اكون مخلفة بت تشيلني وتشيل البيت وأبوها وأخواتها في عز تعبي..بس الحمدلله على كل شيء…انا هكلم نجلاء أختي تبعتلي بنتها تسيقلي البيت و
قاطعتها وعد ترفض هذا:
-وهو ده كلام تبعتي تجبيها وأحنا موجودين؟؟ ده حتى عيب في حقنا احنا هنقوم نسيق البيت وهنعملك الاكل كمان مش كدة يا بنات؟؟
اكدت داليدا، متمتمة:
-اكيد حضرتك ارتاحي وأحنا هنعمل كل حاجة واعتبرينا بناتك بضبط ومتكسفيش احنا اهل..
وبخبث شديد وملامح عابسة:
-يا مصيبتي هو ده كلام؟؟ لا طبعا انتوا تقعدوا وترتاحوا وهبعت لـ أسماء و
رفضت وعد وأصرت على القيام بكل مهام المنزل هي والفتيات:
-و ربنا ما يحصل يا دلال انا حلفت خلاص..وبعدين ده أنتِ ام جوزي لو مشلتكيش مين هيشيلك يعني؟ اعتبرينا بناتك زي ما البت داليدا قالت..قوليلي عايزة تأكلي إيه؟
عقبت داليدا عقب صمت وعد تكرر سؤال الأخيرة:
-أيوة قوليلنا عايزة تأكلي إيه؟
مالت أبرار تهمس لـ ثراء:
-أنا مش مرتاحة لفتحة الصدر بتاعتهم دي..يا خوفي يلبسونا ويطلع عينا..
أجابت ثراء بذات الهمس:
-أنتِ بتقولي فيها..انا بحاول اتوقع كمية المهام اللي هناخدها…بس عارفة احنا ملناش دعوة داليدا و وعد هما اللي المفروض يشتغلوا..هي حماتنا ولا حماتهم هما..
ردت أبرار:
-لا هما..
-وهما اللي انسحبوا من لسانهم يشتغلوا بقى..
ابتسمت دلال لهم ولامهاتهم مصوبة حديثها لهم:
-يا زين ما ربيتوا والله…انا ولادي محظوظين والله..
نهضت وعد وقبلتها من وجنتيها متمتمة بمرح:
-يلا قوليلي نعمل ايه بقى؟
اخذت نفسًا عميقًا قبل أن تلقي عليها ببسمة عريضة:
-شوفي انا كنت هعملهم انهاردة محشي كرنب و ورق عنب وباذنجان وكوسة وفلفل رومي وفلفل حامي من الكبير ده…الكرنب و ورق العنب انا مجزناهم في الفريزر..يبقى ناقص الباذنجان والكوسة والفلفل يتقوروا..والخلطة تتعمل ويتحشي…وعندكم بطتين انا مطلعاهم من بليل زمانهم فكوا…هنعملهم جمب المحشي وكمان جايبة ملوخية عايزة تتقطف وتتغسل وتتخرط وبعدين تتعمل….
صمتت تفكر قليلًا تحت صدمة الجميع…لحظات فقط وكانت تتابع مصوبة حديثها تلك المرة للفتيات جميعًا:
-اه و قبل ما تبدءوا بقى الفطار لسة على السفرة عايز يتلم…فـ زي الشاطرين بقى قسموا نفسكم حبة للاكل وحبة للترويق…وخلوا بالكم ملايات السرير كانت عايزة تتغير والسجاد عايز يتنفض وفي غسيل عايز يتغسل هتلاقوه محطوط في الحمام في سبت الغسيل حطوه في الغسالة وحطوا المسحوق وشغلوها علشان بس خايفة يكمكم ويبوظلي الغسالة..بس كدة….ويلا سبوني قاعدة مع الستات الحلوة دي واطرقوا انتوا كمان.
ابتلعت وعد ريقها وتبادلت النظرات المشتعلة من جهه الفتيات نحوها و نحو داليدا لاندفاعهم بالحديث وتوريطهم معهم.
قائلة ببسمة لم تصل لعيناها وبكذب:
-بس كدة؟؟ طب فكري لو ناسية حاجة..دي حاجات بسيطة خالص وتخلص في غمضة عين…
ورغم إدراك دلال لسخريتها إلا أنها أضافت:
-نسينا التحلية مش كدة؟؟ ايه رأيك نعمل صينية كنافة بالمكسرات؟ اقولكم مش لازم خلاص مش عايزة اتعبكم كفاية عليكم كدة يلا يا حلوين….
في ذات الوقت بسيارة جابر كان يحاول الأربع شباب تخمين ما يحدث الآن…
سرق أشرف الجالس جوار جابر بالمقعد الأمامي نظرة نحو خليل ونضال، ملقيًا عليهم سؤاله:
-تتوقعوا ايه اللي بيحصل دلوقتي؟؟ انا مش عارف اتوقع وجالي صداع من التفكير..
وقبل أن يجيب اي منهم، سبقهم جابر الذي ينظر بالطريق أمامه:
-هو صعب.. بس انا كـ جابر اللي عارف امكم وحافظها عارف أنها استغلالية..وممكن تخليهم يعملولها البيت..ويارب اطلع غلطان..عشان لو ده اللي بيحصل هتبقى كارثة…وابوكم لو عرف هتبقى مصيبة..و مروان وسليم وبسام والصحبة الكريمة دي لو عرفوا هتبقى كارثة ومصيبة…..
نفى خليل الجالس بالخلف وهو ينظر من النافذة:
-لا طبعا ماما أكيد مش هتخليهم يعملوا حاجة..هي فيه فـ دماغها حاجة بس مش اللي انت بتقول عليه لا.. أكيد في حاجة تانية ناوية عليها..
سلط أشرف بصره على خليل معقبًا بما يراه:
-أنا بقى مش معاك..وحاسس أن زي ما الواد جابر ما بيقول……واد يا نضال انت ايه رأيك في الموضوع ؟؟ تفتكر امك بتعمل ايه دلوقتي معاهم؟
رد ببرود وانزعاج واضح وهو يتململ بجلسته مقررًا العودة مرة أخرى والحديث معها فتجاهلها له لم يعجبه بالمرة:
-معرفش…جابر اركن على جمب ونزلني..
حدق به جابر من خلال المرآة يستفسر منه:
-ليه في حاجة ولا إيه؟
وبوجه انكمش حنقًا كان يكرر رغبته عليه:
-يا عم اركن ونزلني انت لسة هترغي وهتتساير معايا…نزلني….
انصاع جابر لطلبه و وقف …ترجل نضال وصفع الباب لا يعبئ بأسئلتهم عما سيفعل والى أين سيذهب…مبتعدًا عن السيارة بضعة خطوات مدركًا مراقبتهم له…
مرت سيارة أجرة فقام بإيقافها وصعد بها عائدًا إلى المنزل…..فصاح أشرف عقب ذهابه وصعوده بسيارة الأجرة:
-اطلع يا بني..وفكك منه.
_____________________
-شيلي يا بنتي أنتِ وهي شيلوا الله يحرقكوا ظهري اتقطم ولسة مشلنهاش….
صاحت وعد كلماتها المتذمرة بانفاسها العالية مصوبة إياها نحو أبرار وداليدا اللتان يحاولان معاها في حمل تلك السجادة الثقيلة والكبيرة و التي قاموا بلملمتها والآن يعجزون عن حملها والخروج بها….
ردت أبرار وهي ترمقها بغيظ ومحاولتها مستمرة:
-يعني أنتِ ظهرك اتقطم واحنا لا يعني؟ وبعدين أنتِ السبب اصلا أنتِ وهي فمسمعش صوت بقى…
-اه سيبي بقى السجادة واللي بنعمله وامسكي في خناقي…وبعدين خلاص احنا لبسنا..فخلونا ننجز..
اعتدلت داليدا وهي تضع يدها خلف ظهرها والأرهاق يليح على محياها، تقترح عليهم:
-طب ما ننادي الباقي يساعدونا الأول وبعدين يكملوا اللي بيعملوه…
اعتاظت وعد وصاحت :
-طب والله عيب علينا نبقى تلاته شُحطة كدة ومش عارفين نشيل حتة سجادة…يلا يا بت انتي وهي إحنا استرونج ومن…
وبعد محاولات متتالية نجحوا بحملها والخروج بها من باب المنزل…..وعلى الفور تركوها يتنفسون الصعداء…..
وبتلك اللحظة ظهر “نضال” و دخل من البوابة…قطبت داليدا حاجبيها ودُهشت من عودته..بينما اتسعت بسمة وعد واقتربت منها قائلة تحت انظار ابرار ومتابعتها لهم:
-بت بت ده رجع وشكله شايط..متنسيش اللي قولتلك عليه..خليكي باردة واديله على دماغه…بس متديش أوي بدل ما تطلقي أنتِ كمان وابقى انا السبب.. أقولك اتباردي واديله على دماغه..بس بحنية…
ابتلعت ريقها وهي تسألها بخفوت وقلق من رؤيتها لاقترابه:
-وده اعمله ازاي ده؟
حكت وعد مؤخرة رأسها مرددة بتفكير:
-مش عارفة بس اكيد فيه طريقة…أ
لم تتابع لوصوله أمامهم وجذبه لـ داليدا من يدها متمتم بقوة:
-تعالي معايا….
أخذها وسار معها بالحديقة مبتعدًا عن أنظار وعد وابرار.. التي اقتربت من وعد وقالت لها:
-أنا مش متفائلة بنصايحك..حساكوا بتعكوا..
التفتت لها وردت :
-لا اتفائلي… ويلا ندخل وسيبي السجاة دي زي ما هي.. لما حد من ولادها يجي يبقى ينفضهالها احنا بنات رقيقة مش بتاعة تنفيض…يلا…
اعترضت داليدا وخرج صوتها محتجًا على طريقته بأخذها معه:
-في ايه بتشدني كدة ليه؟؟ دراعي وجعني اوعى لو سمحت.
تركها محررًا ذراعها، وبقسمات متشنجة منفعلة بإفراط كان ينظر لها يخرج ما يعتريه من غضب:
-ممكن أعرف انتِ مبترديش ليه.. بتصل عليكي من امبارح ومهانش عليكي تردي تطمنيني وتطفي نار قلبي..وحتى لما جيتي وشوفتيني معبرتنيش كأني هوا…هو في إيه بضبط..
وببرود متبعة نصائح وعد ردت عليه:
-مفيش.
برز فكيه وباعين تقدح شرار وغيظ من جوابها البارد الذي لم يفعل او يضيف شيء إلا أنه فاقم من حنقه وغضبه وجعله أضعاف..قائلًا:
-مفيش ها…ده ردك يعني مش كدة؟؟
تنهدت بهدوء وأجابت مسببة في استثارة اعصابه:
-ما أنت بتسأل كأنك مش عارف..فـ أنا كمان جاوبتك كأني برضو مش عارفة…
-داليدا اتعدلي ها..اتعدلي عشان أنا شايف عوجان بيحصل وصدقيني لو استمر وكبر عن كدة هتشوفي نضال تاني خالص لسة متعرفيهوش….علشان انا مش بعرف ابقى رومانسي وطيب وحنين وبس لا…بعرف كمان ابقى وحش..وممكن ازعلك وده انا مش عايزه فـ اتعدلي أحسن.
ارتفع حاجبيها وقالت بنبرة ساخرة:
-والله الكلام ده تقوله لنفسك…وياريت انت اللي تفكر عدل وتحط نفسك مكاني..تخيل كدة نبقى قاعدين بناكل و شابين يدخلوا المطعم و واحد فيهم يبصلي ويضحكلي وانت تتفاجئ اني بصاله…رد فعلك ساعتها كان هيبقى ايه ها؟؟؟؟
عاد ممسكًا مرفقيها متمتم من بين أسنانه وغل بعد أن خُيل له ذلك المشهد:
-مبصتلهاش….
نفضت يده عنها ترفض لمسته، متحدثة بقوة:
-كداب…انا شوفتك بعيني وانت بتبصلها..
اوصد جفونه لوهلة، متمتم:
-طيب بصتلها بس مش قصدي ولما ضحكتلي طنشتها ولا كأني شايفها..
-اه وانا المفروض دلوقتي اقولك لا برافو يا حبيبي جدع أنك طنشتها بعد ما بصتلها مش كدة؟؟؟ انا مليش دعوة في اللي حصل بعد النظرة..انا ليا في النظرة يا أستاذ..انت كدة مش محترمني..لما ابقى قاعدة جمبك وبتعمل كدة اومال لما بتبقى لوحدك بتعمل إيه؟؟؟؟؟
وبقوة رد عليها:
-مبعملش…صدقيني ومتكبريش الموضوع يا داليدا..
التوى ثغرها وعقبت بسخرية:
-مشكلتك انك مش شايفه كبير يا نضال..بس هو كبير فعلا..ومش أنا اللي اوافق واقبل أن جوزي يقلل مني بالشكل ده ومبقاش مالية عينه…
-متقوليش كدة عشان أنتِ عارفة انك ملية عيني وقلبي..
وقبل أن تغادر قالت ترفض تصديق كلماته شاعرة بألم بقلبها كلما تذكرت نظرته المتبادلة مع تلك المرأة واستهوانه بالأمر كأنه أمر طبيعي أن يطالع ويناظر أخرى بحضورها…
-كنت الأول بصدقك..دلوقتي لا…عن إذنك يا نضال بيه…
___________________
صف خالد سيارته أمام منزل “سلطان” ثم ترجل منها..وكذلك وسام و ناهد التي أصرت على الحضور والاطمئنان على تلك السيدة التي قابلتها أمس..
اقترب الصغير من والده ممسكًا بيده ثم اقتربوا من الباب وناهد من خلفهم…
قرع الجرس…لحظات وكانت ثراء تفتح لهم….لكن بهيئة غير مهندمة..مرهقة…وصدر يعلو ويهبط بقوة..
وقبل أن يتحدث خالد وينطق بأي شيء كان ابنه يسبقه يسألها بمرح:
-مالك يا ثراء انتِ تعبانة؟؟؟
نفت هذا وهي تشير لهم وتحثهم على الدخول:
-لا يا حبيبي بس مطحونين جوه..ادخل ادخل..جيتوا لقضاكم والله..
ابتسمت ناهد ولم تفقه شيء وسارت خلف خالد وثراء و وسام…
دخل خالد الصالون وعلى الفور تهلل وجه دلال وهي تقول بسعادة وترحيب بمجيئه:
-تعالى يا خالد ايه المفاجأة الحلوة د
لم تسترسل وتبخرت بسمتها وهي ترى والدته معه.. والتي اقتربت منها سريعًا ملقية اولا التحية على سيدات الحلواني وثانيًا تساءلت عن حال دلال:
-مالك يا دلال هانم؟؟ وقعتي ازاي كدة !
-كنت بلعب ماتش كورة !!! ايه اللي وقعت ازاي..وقعت زي ما اي حد بيقع..هو أنا عجبه يعني..
كتمت روفان و رحمة ضحكتهم وتهامس الباقي على طريقتها معها…
وعلى غير المتوقع صدحت ضحكات ناهد على جوابها بدلًا من شعورها بالاحراج متمتمة بمرح:
-دمك شربات…انا عرفت جابر طالع لمين دلوقتي..
رغب خالد في أخذ والدته والرحيل كي تكف عن إغضاب دلال لكنها تظل أحلام…ركزت دلال بصرها عليها وتساءلت:
-هو أنتِ لحقتي تعرفي أن جابر ابني دمه شربات؟؟
-طبعا…بس عارفة مش شبهك شبه سلطان بيه ألا هو فين عايزة اسلم عليه..
اشتعلت عيناها وقلبها وردت بعدم إحترام:
-مش هنا واحسن أنه مش هنا..وانا هبقى اسلملك عليه؟؟ ارتاحتي؟؟ اتبطيشتي..جرا ايه يا خالد يا حبيبي أنا تعبانة مش ناقصة حرقة دم….
ولجت وعد و أبرار بتلك اللحظة وعلى الفور تعلقت عينها بعين خالد الذي لمعت حدقتاه بسعادة وشعر بأن جميع المتواجدين قد تبخروا ولم يبقى سوى هو وهي………
طال لقاء عيناهم.. واقترب هو منها دون أن يزيل عينيه عنها متمتم بحب:
-عاملة إيه..
بللت شفتيها قبل أن تجيب بحب لاح عليها وفضح أمرها:
-الحمدلله وانت.
-بقيت أحسن بعد ما شوفتك……
دنا وسام منها واحتضنها من قدميها قائلًا:
-وحشتيني يا أبرار..امتى هتيجي تعيشي معايا انا وبابي.
انحنت لمستواه وقامت بحمله وعجزت عن الرد فقط اكتساها الخجل…بينما تكلف خالد الرد عنها يخبره:
-قريب يا حبيبي اول ما نخلص البيت هتنوره ومش هتسيبنا…
حبست أنفاسها داخل صدرها وشغلت ذاتها عنه تحديدًا مع وعد التي أخبرت دلال بالآتي:
-كدة البيت بقى بيبرق ناقص بس اخر اوضة بتعملها وئام وفجر و السجادة تتنفض ونفرشها..والغسيل اللي كان في السبت ثراء حطيته في الغسالة وشغلتها…وهندخل نعمل بقى الاكل سوا عشان نخلص..
ابتسمت دلال لها وقالت:
-طيب اسمعي خلطة المحشي..بتقطعيلها بصل كتير عشان بيديه طعم ومتضربيهوش في الكبة مبيبقاش طعمه حلو زي لما بيتقطع بالايد…وبعدين صفريه وخليه يدبل وتكوني مقطعة كام قرن فلفل اخضر حامي كدة وبعد ما تقلبي كام تقليبه بالفلفل انزلي بالاوطة اللي هتكوني ضربتيها وعصرتيها وحطي بقى التوابل وزودي عليهم شوية نعناع انا مجففاه وهتلاقيه في المطبخ في الدرفة اللي على اليمين… بس مكتريش..وافركيهم وانتي بتحطيهم..
اسمتعت وعد بنفاذ صبر لآوامرها محاولة ألا تظهر أي شيء…..
__________________
تابعت وئام الواقفة أمام المرآة وتقوم بمسحها بقطعة قماش فجر التي اوشكت على إنهاء أمر ترتيب الفراش….منزعجة من صمتها وسكونها المتملك منها وتلك الحالة التي باتت عليها بعد ما حدث معها وإدراكها لخداع صديقتها لها…
تركت ما تفعله والتفتت إليها تخبرها بنبرة حنونة:
-ممكن أعرف انتِ ساكتة ليه؟؟ أنتِ المفروض تفرحي عشان ربنا نجدك وساعدك..وكشفلك وشوشهم الحقيقية…ناس زيهم ميستاهلوش حزنك ده واللي انتي عملاه ده…
جلست فجر على طرف الفراش تخبرها بحقيقة ما تشعر به وما يعتريها:
-أنا مصدومة يا وئام..لسة لحد دلوقتي مش مستوعبة اللي كانت هتعمله واللي كان هيحصل فيا…انا كنت بثق فيها…قوليلي هثق ازاي في الغريب مدام صاحبتي القريبة كانت هتعمل فيا كدة؟؟؟؟
انا مش زعلانة غير على نفسي وعلى اللي بقينا فيه…ليه واحدة تعمل كدة في واحدة زيها ومأذتهاش بالعكس كانت بتتمنالها كل خير…
انا مش مصدقة أن في ناس بالسواد والكره ده…أنا كل ما فكر كان إيه اللي ممكن يحصل بعد ما يتقفل عليا انا وهو الباب بنهار يا وئام…..
سارعت وئام بالتقرب منها وأخذها لاحضانها تربت عليها وتبثها بعض القوة والطمأنينة:
-وانتِ تفكري ليه؟؟ متفكريش يا فجر..وبعدين ثقتك مش لازم تتهز بالناس واللي حواليكي في ناس تستاهل بجد اننا نثق فيهم ونحبهم..وناس تانية متستاهلش…صوابعك مش زي بعضها…زي ما في الحلو فيه كمان الوحش..
وبدموع وشهقات مكتومة أخبرتها فجر:
-بس الوحش بقى يغطي على الحلو يا وئام…انا مش كويسة….نهائي..يمكن بحاول أبين اني كويسة..بس أنا مش كدة…ونفسي أسالها الف ليه وليه….ليه تعمل فيا كدة وانا مأذتهاش وكنت بحبها…ليه تعمل فيا كدة وانا اللي كنت بتغاضى عن أي كلمة بتوجعني هي بتقولها علشان بحبها..ليه تقبل أنه يحصل فيا كدة؟؟؟؟ لية محبتنيش زي ما أنا حبيتها..
وبدموع شاركتها بها وئام:
-مش لازم تحبك…احنا بنحبك وده كفاية…وصدقيني هتبقي كويسة واحسن من الاول طول ما احنا مع بعض وبنحب بعض هنعدي اي حاجة…..الوقت بينسي يا حبيبتي…واعتبريه درس اتعلمتي منه وهما خلاص خرجوا من حياتك وأكيد ربنا مش هيسيبهم وهيتردلهم وهيرجعلك حقك…
وبدموع تضاعفت ردت فجر:
-بس أنا مش عايزاه يتردلها يا وئام….انا محبش أنه يحصل فيها كدة…كفاية انهم يبعدوا عني ومشفهومش تاني انا مش عايزة اكتر من كدة…..
ضمتها وئام بقوة وقالت بإعجاب بها:
-أنتِ ازاي كدة بجد؟؟؟؟ أنا حقيقي بحبك اوي.. وأحنا محظوظين بيكي…وعلشان تبقي عارفة هي اللي خسرانة مش أنتِ…علشان أنتِ نعمة من ربنا بجد…..يلا امسحي دموعك وخلينا نخلص ونخلع انا تعبت ودلال هانم دي معندهاش دم والله..كويس أن ربنا نجدني منها…
قالت الأخيرة وهي تبتعد عن فجر وتتحدث بمرح…
ابتسمت فجر وعقبت :
-أنا هخلص هنا وهرجع البيت مش هقدر اقعد واستحمل كل الرغي والدوشة اللي تحت دي..
-حلو اوي احنا نخلص هنا ونخلع من غير ما حد ياخد باله……….
____________________
في المساء حضر سلطان وأبنائه عدا عابد ونضال ورحب بضيوفهم…محاولًا ألا يظهر غضبه وسخطه من زوجته الكاذبة التي كانت سببًا في حدوث كل هذا….
مستمعًا لحديثها المصوب لـ أشرف:
-مراتك يا اشرف لبلب اه والله…هي والبنات مرضيوش يخلوني اقوم اعمل أي حاجة وصمموا انهم يعملوا كل حاجة وعمللكم محشي..تعبوا معايا انهاردة والله..
تلفظت الأخيرة ببسمة واسعة منتبهه للتو لغياب كلا من نضال وعابد !!!!
-الله !! اومال فين نضال وعابد ؟
رد أشرف وهو يحرك كتفيه:
-معرفش نضال قالي انه خارج معاه..بس راحوا فين الله أعلم..
اعترى الشك قلب داليدا خاصة لخروجه مع عابد الذي بات زير نساء…ولم تعد معهم كل ما تفكر به هو إلى اين ذهب؟؟ وماذا يفعل !!!
نظرت لـ وعد واشارت لها بعيناها كي يخرجون من الصالون ويتحدثون بعيدًا عن هذا الكم….
فهمت وعد مغزى نظراتها واستأذنت قائلة:
-طيب قومي يا داليدا نشوف الأكل استوى ولا لسة قومي..
نهضت معها وابتعدوا بالفعل فتساءلت وعد:
-في إيه؟؟
-هو ايه اللي في ايه؟؟ أنتِ مسمعتيش جوزك؟؟ بيقولك نضال خرج مع عابد..
وبلامبالاه ردت:
-أيوة ايه المشكلة واحد وخرج مع أخوه ؟؟ أنتِ حتى أخوه هتغيري منه..
-يا غبية افهمي هو اخوه ده ايه..مش بتاع بنات يا متخلفة ..
اتسعت عين وعد على اخرها وصاحت:
-يالهوي قصدك انهم بيعطوا دلوقتي..
-اكيد..نضال شكله بيخوني يا وعد…
نفت وعد هذا محاولة تكذيب شكوكهم:
-لا لا أن شاءالله مش بيخونك…قوليلي أنتِ مش واثقة فيه؟؟
-لا مش واثقة.
-احيييه..طب هنعرف منين اذا كان بيخونك ولا لا..
-معرفش..
قالتها وهي على وشك البكاء..فصاحت وعد تهدأها:
-أنتِ هتعيطي ولا ايه..لا اهدي..اقولك اتصلي عليه..يلا..لو مردش اتاكدي أنه بيخونك وش..
وبالفعل اخرجت الهاتف من جيبها وحاولت محادثته لكن دون جدوى…حاولت مرة أخرى لكن كانت النتيجة كسابقتها…..
انزلت الهاتف والخوف والحزن يليحان عليها..فقالت وعد:
-لا انتِ هتعيطي بجد ولا إيه..أن شاء الله مش بيخونك..اسمعي مني انا قلبي بيقولي أنه مش بيخونك وانا قلبي دليلي يا داليدا…
تمت الأخيرة وهي تضحك محاولة انتشالها من حالتها..بادلتها داليدا وابتسمت بسمة بسيطة محاولة تصديق كلمات وعد………………
أما بالداخل نهضت ثراء راغبة بالهرب من تلك الجلسة….ورأها جابر من طرف عيناه…وبين صراع بين قلبه الذي يرغب بملاحقتها والحديث معها..وعقله الذي يخبره بالتماسك وعدم إلحاقها….انتصر القلب وخرج هو الاخر……
وقبل أن تلج المطبخ وتلحق بـ وعد وداليدا..كان يناديها:
-ثراء…
وقفت والتفتت إليه بعفوية..ابتسم لها وقال مباركًا:
-كنت حابب اقولك مبروك على الخطوة دي..واني فرحان ليكي جدًا وربنا يثبتك يارب…
رفعت حاجبها الأيسر وصاحت:
-وانت مالك..خليك في حالك أحسن..علشان مش حبة اكسفك اكتر من كدة…
لوى شفتيه يمينًا ويسارًا وأخبرها بمزاح:
-هو في اكتر من كدة؟؟؟ ده انا مبقاش عندي جبهة عشان تطير..
انتهى وكادت ترحل..فاتسعت عيناه قلقًا من رحيلها و وقف أمامها يعيق تقدمها يخبرها بصدق:
-طيب انا آسف..وعذرك..وعارف اني انا السبب في طريقتك دي معايا…ايه رأيك نفتح صفحة جديدة….صفحة بيضا من غير اي كذب..انا بجد ندمان وعذرك وعلشان كدة مش بزعل منك علشان عارف اني السبب واني انا اللي وصلتك لكدة…
عقدت ساعديها وسألته:
-أيوة يعني عايزة ايه أنت دلوقتي؟؟
رد بهدوء وبسمة جذابة:
-ما انا قولتلك نبدأ من جديد…ولو مش علشاني يبقى علشان النسب اللي بينا..انا وأنتِ مجبرين اننا نتعامل ونشوف بعض..فـ أكيد مش كل ما نشوف بعض يحصل كدة..سامحيني..انا بني آدم..وغلطت..وندمت..وطمعان في فرصة جديدة معاكي…….
وقبل أن تجيبه بأي شيء كان يرى سلطان يخرج من الصالون وناهد من خلفه تنادي عليه تخبره برغبتها في الحديث معه بأمر ما………
توقف سلطان وعندما اوشكت ناهد على الحديث كانت دلال تشتعل من نهوضها خلفه ومناداتها عليه وعدم تمكنها من رؤيتهم سويًا…..
لم تعد تتحكم بذاتها وبغيرتها على زوجها ومعشوقها وتناست أمر قدميها و يديها التي تزيفه أمام الجميع منذ ساعات…
ونهضت وسارت على قدميها أمامهم جميعًا…..وخرجت من الصالون تبحث عنهم حتى التقطتهم عيناها فلوحت بيدها (تردح) لها بصوت عالي:
-جرا إيه يا حبيبتي هو سكتناله دخل بحماره ولا ايه…………………………
يتبع..
يارب يكون الفصل عجبكم وعارفة أن الفصل صغير مقارنة بالفصول اللي قبل كدة علشان كدة الفصل الجاي هيبقى طويل وأحداثه
هتعجبكم
بأمر الله
.❤️🫂
الفصل التالي: اضغط هنا
يتبع.. (رواية كارثة الحي الشعبي) اضغط على اسم الرواية لتجد الفهرس كاملاً بجميع الفصول.