رواية كارثة الحي الشعبي الفصل الخامس والخمسون 55 – بقلم فاطمة محمد

رواية كارثة الحي الشعبي – الفصل الخامس والخمسون

الفصل الخامس والخمسون

الفصل الخامس والخمسون

أنظر جيدًا.

كارثة الحي الشعبي.

فاطمة محمد.

الفصل الخامس والخمسون:

-وتفكري ليه ؟؟ متفكريش يا أبرار خلاص انا عرفت..

تحدثت “داليدا” التي فتحت باب الغرفة بحركة مباغتة للاثنان وجعلتهم ينتفضون ويطالعونها بصدمة من اكتشافها أمرهم..

اغلقت الباب خلفها تزامنًا مع محاولة ثراء الحديث والدفاع عن أبرار:

-داليدا متفهميش غلط..والله أبرار حكتلي علشان كانت خايفة عليا من جابر..و

أشارت لها داليدا توقفها وهي تقف قبالتهم مباشرة تبدل نظرات فـ تارة تنظر لـ أبرار وتارة أخرى تجاه ثراء..قائلة بهدوء:

-أنا قولتلها يا ثراء..قولتلها متعرفكيش..انا مش بلوم عليكي الموضوع برة عنك..

هنا وتحدثت أبرار قائلة بدموع اوشكت على التشكل داخل مقلتيها:

-لما قولتيلي معرفهاش كنت أنا قولتلها يا داليدا علشان بجد خوفت عليها من جابر وخوفت يأذيها زي ما أذاكي..

ردت بذات الهدوء:

-يبقى كنتي قولتيلي وقتها..كنتي قولتي انك حكيتي وساعتها مكنتش هقولك حاجة..يمكن كنت هزعل شوية بس كنت هعدي الموقف علشان أنتِ عارفة أنتِ ايه بالنسبالي…

بررت أبرار وقالت:

-معرفتش..تخيلي اني بقولك اوعي تحكي حاجة معينة لحد وأنتِ مع الاسف كنتي حكيتي…حطي نفسك مكاني يا داليدا…..

أكدت ثراء مسلطة بصرها على داليدا:

-أيوة يا داليدا اي حد مكانها كان هيسكت.. عشان خاطري متزعليش مننا..وبذات هي..

عضت على شفتيها تفكر بحديثهم وبما فعلته…لكن لحظات من الفكر بخطوبتها التي تمت اليوم وإعادة ذكرياتها وأوقاتها الجميلة مع تلك الرفيقة والقريبة جعلتها تقرر التغاضي عن هذا الخطأ وتخطيه كأن لم يكن…

هزت رأسها وخرج صوتها هادئًا:

-مع الأسف كل حاجة حلوة عملتيها علشاني وأيامنا مع بعض وضحكنا و وقوفك دايما معايا كفيل يخليني اعدي الغلطة دي…كل اللي شوفته منك حلو فـ أكيد مش همسك في غلطة زي دي… وانا عارفة انك كنتي خايفة عليها…يعني انا لو زعلت ابقى حمارة..وبعدين ثراء اكيد محكتش لحد ومش هتحكي مش كدة…..

لم تصدق ابرار ما تسمعه وبأنها قد سامحتها وغفرت لها هذا الخطأ ولمعت دموعها وباتت على وشك الهبوط…بينما اسرعت ثراء تؤكد لها مع بسمة واسعة لتفهمها:

-مش هحكي خالص والله….

هبطت دموع أبرار فسارعت داليدا بالتقرب منها ومسح دموعها متمتمة بحنو وضحكة خافضة:

-بتعيطي ليه يا كئيبة أنتِ..وبعدين أنا قولتلك خلاص اومال لو قولتلك مش مسمحاكي هتعملي ايه؟ هتقطعي شرايينك…..

ضحكت أبرار من وسط بكائها وبادرت باحتضان داليدا بقوة معتذرة لها:

-أنا آسفة والله ما كان قصدي اخبي عليكي ..او اني احكي سرك بس خوفت عليها..انا آسفة…

عقبت داليدا بمرح وهي تربت على ظهرها:

-لا بقى ده أنتِ مصممة..يا بت بقولك خلاص..وبعدين أنا سامحتك علشان انهاردة اسعد يوم في حياتك وأكيد مش هاجي على اخر الليل اعكنن عليكي…

تدخلت ثراء وهي تحتضن الاثنان، مصوبة حديثها لـ ابرار:

-خلاص يا بيرو بقى…

شددت ابرار من احتضان داليدا التي باتت تحضن الأثنان مؤكدة لهم بأن علاقتهم اقوى من هذا الشيء……

_____________

-عايز اقولك وابشرك أنك فضحتيني انهاردة..شابوه يا ماما شابوه بجد..

أشارت ناهد نحو نفسها قائلة بتذمر:

-أنا فضحتك ليه إن شاء الله كنت عملت ايه أنا؟ هو أنا فتحت بُقي.

-الطم..الطم يا ماما كل ده وبتسألي؟؟

تدخلت هدير الجالسة جوار والدتها وتمسك بهاتفها تعبث به:

-بقيت بيئة يا خالد واضح أن سلطان وعياله خلوك تشبهم..انت مكنتش كدة ايه اللي جرالك؟!

لكزتها ناهد متمتمة باحتجاج:

-اخرسي أنتِ ده طريقة كلامه بقت تجنن وقمر..برافو عليك يا خالد..انا لازم أشكر سلطان بيه وعياله بجد..

ضربت ناهد كفًا بالآخر بينما ضرب خالد على وجهه برفق وغيظ من والدته…

انكمشت في جلستها مع رؤيتها لرد فعل الإثنان وقالت:

-في ايه؟؟ قولت حاجة غلط ولا ايه؟

تأففت هدير وصاحت تبرر لـ خالد:

-خالد متشغلش دماغك هي مامي بقت تحب الهلس والهزار..

وبصوت خافض همست له:

-مامي بقت هلاسة يا خالد..

استمعت لها ناهد التي لم تبالي وصاحت تقترح:

-واد يا دودي تيجي نعزم بكرة على العشا سلطان بيه وعياله..

أبدت هدير اعتراضها وقالت:

-يا سلام وليه سلطان وعياله البيئة دول..لية مش خطيبته وعيلتها الناس الشيك دول…ماما ذوقك بقى منحدر بجد..

-يا سلام سلم عليكي يختي..انا قولت سلطان وعياله يبقى سلطان وعياله..أهل خطيبته مش هيطيروا وبعدين ستاتهم وبناتهم مش شيك خالص على فكرة..

-ولا عيلة سلطان ده هيطيروا…وبعدين أنا مش بكلم عن الستات والبنات..

مسح خالد على وجهه وتحدث رافعًا يدعو خالقه:

-يارب يا تخدني يا تخدهم…بقولكم ايه يلا سافروا تاني….

ردت ناهد ببسمة واسعة:

-لا أنا قاعدة حبة لسة..هي عايزة ترجع براحتها…يلا بقى اتصل كلم جابر ولا اي حد من اخواته واعزمهم بكرة يلا…

كاد يتحدث لترجوه:

-عشان خاطري يا دودي..انا حبيتهم اوي و وحشني جو اللمة ده..وعايزة اشبع اشتياقي ده قبل ما اسافر وليك عليا بعد بكرة نعزم عيلة خطيبتك…يلا كلمهم….

وبالفعل رضخ لطلبها فلا يجرؤ قلبه على رفض طلبًا لها خاصة مع تلك النبرة المتوسلة…مدركًا بأنهم يحبون المزاح و المرح كثيرًا….

قام بالاتصال على جابر وأخبره برغبتهم في حضورهم غدا لتناول العشاء معًا…

ولإدراك جابر بغيرة والدته من ناهد وتغزل تلك المرأة بوالده..رفض تلك الدعوة مخبرًا إياه بأن والدته قد سقطت على قدميها ولا تستطع السير عليها وكذلك يدها لا تستطع تحريكها….شعر خالد بالاسى عليها واخبره بمروره غدا للاطمئنان عليها..واغلق معه..ثم خرج لـ ناهد التي لاتزال تجلس ذات الجلسة على الاريكة وباتت تتابع التلفاز..

-ماما اتصلت بـ جابر قالي مش هيقدروا يحضروا.. وتبقى تتعوض بقى تصبحي على خير.

أولاها ظهره فأوقفته تستفسر منه:

-ليه؟؟

أجابها على مضض:

-والدته وقعت من على السلم ومش قادرة تدوس على رجلها وايدها كمان مش

بتحركها

.

ارتفع حاجبيها وقالت بعزم:

-لاحول ولا قوة إلا بالله..حيث كدة بقى لازم نزورهم..زيارة المريض واجب…

وبأعين مدهوشة ردد:

-نعم ؟؟؟ طب أنا كدة كدة هزورهم..ايه لزمة أن حضرتك تيجي.

-انا امك ولازم اجي معاك..ينفع يعني تروح لوحدك وامك موجودة؟

-اه عادي ينفع..

-شوفت اديك قولت مينفعش يلا انا هقوم بقى تصبحوا على خير…ومتسهروش علشان تحت عينكم ميسودش ويطلعلكم هالات سودا….

________________

تمدد “خالد” على الفراش بعد أن أغلق الأضاءة….

ثم جاء برقمها راغبًا في الاستماع إلى صوتها قبل أن يذهب بسبات عميق….

وضع هاتفه على أذنيه وترقب بشوق ولهفه إجابتها متأملًا أن تكن مستيقظة…

لم تهدم أحلامه و ردت عليه قائلة ببسمة:

-ايه ده انت لسة منمتش؟

نفى متمتم بحب موصدًا جفونه:

-لا لسة كنت قاعد بكلم مع ماما وهدير شوية..صحيح عرفتي اللي حصل مع طنط دلال..

-لا ايه اللي حصل؟

-وقعت ورجلها وايدها مش بتحركهم..وبكرة هنروح نزورها…

ردت بحزن على تلك المرأة:

-يا خبر أبيض انا معرفش واكيد وعد و داليدا لسة معرفوش بكرة هقولهم ونبقى نزورها ونطمن عليها..

ابتسم وقال عابثًا:

-حلو يبقى هشوفك بكرة..

-إن شاء الله..يلا نام بقى.

رفض هذا وقال:

-انام مين انا نيمت وسام وحالف اني لو لقيتك صاحية ما هسيبك…لازم اعوض اللي حصل انهاردة..وانفرد بيكي شوية..منهم لله عكننوا علينا..بس ملحوقة اول واخر مرة هنسحب من لساني…

ضحكت وعقبت بمرح:

-ليه حرام عليك دول عسل وعملوا جو كدة للقعدة.

-والله ما حد عسل غيرك..

تنهد وصمتت هي فصارحها بحب معترفًا لها:

-ابرار عايز اقولك أني مبسوط علشان قابلتك وشوفتك وخطبتك.. مبسوط أنك هتبقي مراتي ونصي التاني..نصي التاني اللي هترمي على كتفه وقت ضيقتي..مبسوط أنك هتبقي ام لـ ابني اللي حبك من غير اي مجهود منك لانك فعلا تتحبي..واوعدك أني أكون خير زوج ليكي..وهكون معاكي وقت حزنك قبل فرحك…

اوصدت جفونها وتلذذت بكلماته التي لامست قلبها وأصابتها بمقتل…

مجيبة عليه بنعومة و رقة تجعله يذوب بها:

-وانا اوعدك اني هكون عند حسن ظنك بيا يا خالد..وان انا اللي مبسوطة أن ربنا رزقني بـ راجل زيك.. اكيد عملت حاجة حلوة عشان ربنا يجازيني بيك……..

________________

قرب آذان الفجر قام جابر بإيقاظ خليل وتقابلا مع والدهم الذي استيقظ أيضًا كي يصلي الفجر في وقته…

اتجه الثلاث الى الاسفل بذلك الظلام الذي يعم الارجاء عدا عن بعض الإضاءة الخافتة التي تأتي من خلال إحدى النوافذ المتواجدة بالاسفل….وأثناء هبوطهم وتواجدهم اعلى الدرج..اوقفهم جابر بأعين متسعة ارتعابًا مشيرًا نحو شيء ما… ولسانه يردد بخوف:

-اعوذ بالله من الشيطان الرجيم..اعوذ بالله من الشيطان الرجيم..

تساءل سلطان متمتم:

-في ايه يا واد شوفت عفريت…

أكد جابر متمتم بخوف:

-اه..ودخل المطبخ انتوا مـ

قطع حديثه بسبب تلك الضجة التي آتت من داخل المطبخ فصاح:

-احيييه..البيت مسكون يابا..البيت مسكون يا خليل…..

تبادل خليل وسلطان النظرات وبدأ خليل بذكر الله بينما بدأ سلطان بالتقدم نحو مصدر الصوت بخطوات بطيئة حذرة….

مسك به جابر وقال:

-انت مستغني عن عُمرك يا حاج ولا إيه؟؟ لو انت مستغني احنا لا…يلا بينا نطلع قبل ما يشوفنا ويلبسنا وميخرجش غير واحنا جثة هامدة زي افلام الرعب اللي بشوفها..

نفض سلطان ذراعه وقال:

-سيب دراعي يا واد وبطل هبل..يمكن تكون أمك ولا حد من أخواتك…….

وأثناء هذا حل السكون ولم يعد هناك أي أصوات تأتي من المطبخ…والتقطت عيناهم هذا الشخص الذي خرج من المطبخ ويلتهم شيء ما..خمنوا بأنها (خيارة)..ويتقدم منهم وبسبب الظلام لا يستطيعون رؤية شيء منه…

تراجع جابر وهو يبتلع ريقه وعلى الفور ركض للاعلى وهو يصيح مهللًا بخوف:

-أعوذ بالله من الشيطان الرجيم انصرف..انصرف……انصرف….اجري يابا..اجري يا خليل….الحقونا عفريت بخيارة……اغيثونا يا خلق….يا أشرف..يا عابد يا نضال يا…

اشتعلت الاضاءة في هذا الوقت عن طريق سلطان.. ورأت دلال زوجها وخليل يحدقون بها وبقدميها التي كانت تصر على أنها لا تستطيع الضغط عليها ويدها التي تتواجد بها الخيارة وتلتهمها…بينما يتواجد جابر على الدرج ويظهر رعبه…

قطمت دلال من الخيارة وهو تردف:

-ايه بتبصولي كده ليه؟؟ جعانة مكُلش..

رد خليل الذي مسح على وجهه:

-لا يا أمي الف هنا بس مش على اساس الدكتور كداب وأنتِ صادقة..بسم الله ماشاء شايفك بتمشي وايدك مسكة الخيارة…يعني ظهري اتقطم على الفاضي…

ردت وهي تتصنع ألم قدميها، مغمغمة:

-لا امك مش كدابة يا خليل..وبعدين ربك قادر على كل شيء..يعني نمت مش قادرة ادوس على رجلي ولا احرك ايدي…هوب صحيت بقدرة قادر بحركها وبدوس عليها.. ايه هنعترض بقى؟؟

انتهت محولة بصرها نحو جابر الجالس أعلى الدرج يتنفس الصعداء:

-قاعد كدة ليه يا ولا..مالك؟؟

وبأنفاس لاهثة أجابها:

-ابدًا ياما افتكرتك عفريت بخيارة بس الحمدلله طلعتي انتِ..

بينما عقب سلطان:

-هو مش اللي صاحي ده ينور النور زي الخلق ولا يمشي في الضلمة يرعب اللي في البيت معاه !!

تجاهلته عن عمد موجهه حديثها لـ جابر وخليل:

-قولوله اني مش هرد عليه وملوش دعوة بيا..ايه كلامي مش مفهوم..هعيد فيه كام مرة أنا زهقت…

رد ساخرًا منها:

-أنتِ اللي زهقتي ده أنتِ تزهقي بلد…

كادت تجيب لولا صوت الأذان الذي صدح..فأبتلعت حديثها…وتحرك الثلاث..وقبل أن يغيب جابر اقترح عليها أن تتوضأ وتأتي للصلاة معهم..فوافقت وانتظروها وصلوا معًا…

بعد وقت انتهوا خلاله من الصلاة..وعاد سلطان إلى غرفته غير عابئًا بدلال التي تحركت نحو الأريكة ونامت عليها مغتاظة من عدم حديثه معها..

بينما بقى جابر وخليل جالسين على سجادة الصلاة يقرأون وردهم اليومي……

وبعد انتهائهم وقبل صعودهم إلى غرفهم رأوا دلال تنام على الاريكة فهتف خليل:

-كدة جسمها هيكسر..مطلعتش نامت فوق ليه؟؟

مط جابر شفتاه بعدم معرفة واقتربوا منها وبصوت هامس تحدث جابر:

-امي… أمي..استيقظي..

فتحت عين واحدة وقالت:

-استيقظ ليه سبني اتخمد..وبلاش امي مش هتبقى انت وخليل…

ابتسم خليل فهي لن تتغير وستظل كما هي ولكنهم سيظلوا يعشقونها حتى وإن لم تتخلى عن عيوبها…….

ضحك جابر وقال بهدوء:

-حاضر يلا قومي واطلعي نامي فوق..

ابتسمت قائلة:

-طب شيلني..

ابتسم جابر لها وقال بمرح:

-لا خليكي هنا ارحم تصبحي على خير…

مسكت به وقالت:

-ياض شيل أمك مستخسر تشيلني كام دقيقة وانا اللي شيلتك تسع شهور واستحملت قرفك وانت صغير وكنت بغيرلك البامبرز..

-طب بس بس اقفلي هشيلك وامري لله..ايدك معايا يا خليل…

رفضت وقالت:

-أنا قولت جابر..اطلع أنت يا خليل شلتني كتير…

كبح ضحكته وسعد متمتم بمزاح:

-حاضر تصبحوا على خير..وربنا معاك ويقويك..

-خد ياض متسمعش منها..خد وهديك عشة جنية…

مسكت دلال به مرددة:

-شيلني انت وانا اللي هديك العشة جنية..شيل..

اخذ نفسًا عميقًا وقبل أن يفعلها قال بصوت عالي:

-توكلنا على الله….يا قـــــوي……

نجح بحملها وسار بصعوبة و وجهه يظهر عليه عدم مقدرته على حملها فقالت تحذره:

-ولا اوعى تقع بيا تكسرني بجد والله اكسر رقبتك…

-طب اسكتي بدل ما نكسر احنا الاتنين..

ابتسمت ورفعت يدها مطوقة عنقه متمتمة بحنو:

-قولي بقى يا حبيب أمك ايه اللي حصل انهاردة..

وبأنفاس متسارعة أجابها:

-لا ما هو يا انا يا اشيل..يا اتكلم…

-لا انت بطل وهتعمل الاتنين يلا احكي لامك يا قلب أمك…

نفى متمتم بصدق:

-أنا لا بطل ولا زفت..انا غلبان ومش حاسس بظهري..

كادت تتحدث من جديد فصاح:

-اسكتي بقى ابوس ايدك….

لحظات وكان يدفع باب غرفتها التي مكثت بها عقب تركها لحجرتها مع سلطان..و وضعها على الفراش وما لبثت أن تتحدث وتسأله من جديد حتى وجدته يتنفس بصوت عالي ويهرب من الغرفة…..

_________________

اليوم التالي…..

تجلس وعد رفقة داليدا تلقي عليها تلك الكلمات التي جذبت انتباه واهتمام الأخرى وجعلتها تنصت إليها جيدًا:

-طريقتك مع جوزك مش عجباني..يعني تخلوا الواحد يبصلكم بقرف كدة…وفرجتوا الناس علينا امبارح وخليتوا الولية أم خالد تصوركم..اتعلمي مني اعملي معاه زي ما بعمل مع أشرف..

تساءلت داليدا بفضول:

-وانتِ بتعملي ايه مع أشرف.

طالعتها وردت :

-بديله على دماغه..اديله أنتِ كمان على دماغه..اصلا مش عارفة الواد ده وعابد وجابر اخوات اشرف جوزي إزاي…بس ما علينا اسمعي مني واديله الوش الخشب..اجمدي معاه كدة وبلاش لا سهوكة ولا نكد..يعني بص على واحدة ايه يعني طنشي..حتى لو بتموتي من الغيظ جواكي متبينيش..خليكي باردة كدة..متعرفيهوش نقطة ضعفك علشان ميستغلهاش قدام.. قوليلي كلمك من امبارح؟؟

أكدت قائلة:

-اه بس مردتش..

-عبيطة ردي واتعاملي عادي كدة وببرود..متحسسيهوش انه اهتمامك الأول والأخير..علشان ميخدش مقلب في نفسه….

شردت بحديثها تفكر في صحته وجاءت بهذا الوقت روفان وعلياء وجلسوا معهم وتسامروا معًا..

وبعد وقت قطعت ابرار التي استيقظت متاخرًا اليوم وقالت وهي تجلس:

-صباح الخير…

-صباح النور….

ردوا معًا فقالت وعيناها تجوب بحثًا عن الآخرين:

-هو لسة محدش صحي ولا إيه؟؟

ردت وعد بمرح:

-مين قال دول في المطبخ بيعكوا..قصدي بيعملوا كيكة…

هزت راسها وغمغمت:

-عرفتوا اللي حصل لـ طنط دلال؟

-مالها حماتي؟؟ أشرف نايم ومعرفش حاجة..

علقت داليدا:

-وانا مش برد على نضال..

ردت أبرار وقصت عليهم ما اخبرها به خالد:

-وقعت امبارح على رجلها وايدها..احنا لازم نروحلها نزورها صح يا روفي؟

ردت روفان عليها:

-اكيد…انا هقوم أبلغ الباقي علشان نروح نزورها عيب……..وانتوا اجهزوا يلا الساعة عدت تلاته واكيد صاحية…

________________

يجلس الخمس أبناء على طاولة الإفطار بعد أن ايقظت دلال البعض منهم بهذا الوقت المتأخر لاستيقاظها أيضًا بوقت متأخر فالوقت الآن تخطى الـ الثالثة عصرًا…واكتشفت ذهاب زوجها الذي لم يكلف خاطره لايقاظها..معنفة عابد الذي كان مستيقظًا ولا يبعد الهاتف عن عيناه ولم يقظهم أيضًا… ثم اعدت لهم الإفطار..

مال “عابد” لمستوى نضال الذي يعبس بوجهه ويظهر عليه الحنق مقترحًا عليه:

-واد يا نضال..مراتك شكلها لسة منكدة عليك..ايه رأيك في سهرة بليل تفرفش عليك وتنسيك القرف كله…

وبجمود رفض نضال وصاح يرفض هذا:

-لا..خليك في حالك.

تقوس فمه ببسمة جانبية وأضاف:

-طيب براحتك بس العرض مستمر لحد بليل ولو غيرت رأيك ابقى عرفني..

انتهى ناهضًا عن الطاولة مستمعًا لسؤال والدته:

-رايح فين كمل فطار..

-الحمدلله شبعت واتاخرت على الصالون..يلا سلام…

-قال يعني انا اللي اخرتك ما أنت كنت قاعد على الزفت المحمول…

تجاهلها وانطلق نحو الباب و أشرف من خلفه ينوي الصعود ومحادثة وعد…وأثناء اقتراب عابد منه قرع الجرس..قطب حاجبيه وفتح الباب فوجد أمامه نساء وفتيات الحلواني..

دهش من حضورهم ولم تتوقف حدقتاه عن البحث عنها..حتى وقعت عليها تقف بالخلف وتطرق رأسها…مستمعه لصوته المرحب بحضورهم:

-اهلا اتفضلوا..

وقبل أن يلجوا تساءلت روفان:

-والدتك صاحية..احنا لسة عارفين انها وقعت على أيدها ورجلها من أبرار..الف سلامة عليها يارب تكون بخير..

اتسعت عين أشرف الذي استمع لهذا وسارع بالعودة إلى حجرة الطعام يخبر والدته بهمس:

-احييه ياما احييه…بيت الحلواني برة معرفش ابرار عرفت منين انك وقعتي على رجلك وايدك..

اتسعت عيناها صدمة وضربت على صدرها بينما هتف جابر:

-أنا قولت لخالد كان عازمنا ولو كانت حصلت العزومة دي مكنش هيحصل طيب…فـ اتحججت بموضوع أمك…

نظر نضال لذراعيها الذي لا يزال يتواجد حوله رباط الضغط وسارع بالقول :

-طب شيلوها واخرجوا بيها قدامهم..عيب نطلع كدابين..

وافقت دلال وقالت:

-اه شيلوني…يلا..

هتف جابر يصوب حديثه لنضال:

-طب اتفضل شيلها..انا الحمدلله مش خاطب منهم..يعني يا تشيل انت يا أشرف..

ردد نضال وهو ينهض ويسارع بحمل والدته:

-يا عم هي حكاية هشيل عادي..امك ريشة..

مصمصت شفتيها وأبدت إعجابها:

-يخليك ليا…شايفين..

وأثناء محاولته الأولى لم يستطع وفشل بحملها…فحاول مجددًا لكنه لم يستطع فصاح يأمر أشرف:

-شيل يا أشرف..ايدك معايا بسرعة….

وبالفعل سارع الأثنان بحملها فهمس نضال لها:

-أما بالله عليكي ما تفضحينا أنتِ واحدة دلوقتي أيدها ورجلها وجعينها ها متنسيش أو تغلطي أو تنفعلي علشان عارفك…

طمأنته متمتمة:

-لا متقلقش…هو أنا تلميذة يا واد؟!

بالخارج دخلوا جميعًا وظلت وئام تتجنب عابد الذي ما أن رأى والدته تخرج رفقة أشرف ونضال حتى صاح:

-اهي ماما جت.

تحدثت دلال بطريقة مبالغ بها:

-اه جيت اهو.. اه يا دراعي..اه يا رجلي..بموت يا ولاد مش قادرة…

همس لها أشرف:

-لا أداء مبالغ فيه بلاش..اسكتي أحسن..مدام هتبالغي كدة…

دخلوا بها حجرة الصالون و وضعوها على الاريكة والجميع خلفها مرحبة بهم:

-يا الف اهلا وسهلا يا حبايبي نورتوني والله..وكان بودي اقوم اخدكم بالاحضان والقبلات بس زي ما انتوا شايفين…

رد جابر من خلفها:

-لعله خير إن شاء الله..

بينما دنا أشرف من وعد وهمس لها ببسمة:

-ده ايه اليوم الحلو ده معقول كدة وعد بلحمها وشحمها في البيت..انا مش مصدق يا جدعان..

ابتسمت له وقالت:

-اي خدمة انا قولت افاجئك..

-وفجأتيني..دي أحلى مفاجأة في حياتي دي..هو أنا اطول اشوفك..ده انا كنت طالع اكلمك..والله أنا ابن حلال..

وببسمة مرحة ردت:

-انت هتجيب لامك مصيبة..متقولش كدة انت ابن سلطان…

تبخرت بسمته وقال بغيظ وندم:

-لا.. أنا لا ابن حلال ولا بن سلطان انا بن كلب عشان بكلمك أصلا..

جلس الجميع بعض منهم على المقاعد والأرائك والبعض الآخر على مسند المقاعد…فلاحظت دلال تواجد عابد فلم تتردد بحرجة وقالت:

-ايه يا واد يا عابد انت لسة هنا مش كنت ماشي؟؟

وبحرج طفيف قال بدهشة:

-انا ؟!!!  محصلش..

نفى جابر و رغب بوضعه في مأزق متغاظًا مما يفعله بذاته وبـ تلك الفتاة:

-لا حصل أمي مبتكذبش يا كذاب..

عض عابد شفتاه من الداخل واكتفى بالصمت وعاد يتابع وئام ليشتعل أكثر واكثر من تجاهلها التام له..

بذات الوقت كان نضال يختلس النظرات إلى داليدا والتي لم تبادر بالحديث وقررت معاملته مثلما اخبرتها وعد…

دوى صوت دلال تأمر أبنائها بالرحيل بعدما برق بذهنها تلك الفكرة مقررة استغلال تلك الفتيات أفضل استغلال:

-يلا انتوا بقى اخرجوا شوفوا مصالحكم وسبوني مع الستات والبنات الحلوة دي..يلا اتكلوا..

تبادل الخمس النظرات ولم يشعروا بالراحة من نبرتها مستشعرين تواجد شيء صُعب عليهم

تخمينه

مغادرين

على مضض…………….

يتبع.

فاطمة محمد.

الفصل التالي: اضغط هنا

يتبع.. (رواية كارثة الحي الشعبي) اضغط على اسم الرواية لتجد الفهرس كاملاً بجميع الفصول.

أضف تعليق