رواية كارثة الحي الشعبي – الفصل الستون
الفصل الستون
أنظر جيدًا.
كارثة الحي الشعبي.
فاطمة محمد.
الفصل الستون:
-أنتِ بتعملي إيه يا ست الحبايب يا حبيبة ؟!! و واقفة كدة ليه!!
ألقى “جابر” كلماته تلك على مسامع والدته والتي رآها تقف قبالة باب حجرة أخيه “عابد” وتلصق أذنيها بالباب محاولة سماع أي شيء..
ابتعدت برأسها عن الباب باصقة عدة مرات داخل جلبابها المنزلي متمتمة بهمس شديد:
-خضتني يا ولا…وبعدين بعمل ايه يعني بشوف اخوك بيهبب إيه..من ساعة ما جه ما خرجش من الاوضة معرفش بيعمل ايه كل ده..حتى صوته مش طالع..
-مش طالع ازاي يعني..سمعيني كدة..
قالها مقتربًا من الباب واضعًا أذنيه على الباب هو الآخر…ضيق عيناه يحاول أن يسمع اي شيء لكن دون جدوى…فقال بهمس دون أن يبعد أذنيه:
-مفيش صوت..ومدام مفيش صوت يبقى مش بيكلم حد..ومدام مش بيكلم حد يبقى يا نايم يا مكتئب.. ابنك عاشق ياما وبيكابر..وبيوجع قلبه بايده.
تساءلت دلال بقلق:
-وهو يكتئب ليه يعني..هو اللي خلقها مخلقش غيرها..طب ايه رأيك بقى أني من بكرة هبدا ادورله على ست ستها..
نفى برأسه يخبرها:
-وست ستها دي متلزموش ومتنفعوش..هو مش عايز غيرها…
ثم تابع بصوت خافض محدثًا ذاته:
-واضح كدة أننا لازم نتقل العيار عليه هو وهي..
وصلت إليها بعض كلماته التي لم تستطع فهم مغزاها..لكن عندها استماعها لكلمة “عيار”اتسعت عيناها وقالت:
-عيار إيه؟؟ عيار ناري!!! انت عايز تقتل أخوك وطليقته يا بن الهبلة!!! عايز تموته..طب ليه كان عملك إيه؟؟؟ حرام عليك عايز تموتني بحسرتي..
كز على اسنانه وتمتم بغيظ:
-الطم ياما..الطم..ايه الاوفر ده..وعيار ناري ايه حرام عليكي اتقى الله..اقولك انا خلاص المفروض اتعود ومش هتعصب عشان أنتِ جبتي الخلاصة في كلمتين قولتيهم في النص كدة..بقولك ايه روحي أنتِ وانا هدخله واشوف بيعمل ايه ولو صاحي هتكلم معاه يلا…
-طب ما ادخل معاك واتكلم انا كمان معاه…انا أمه..اللي شيلته وشيلتك معاه في بطن واحدة..
نفخ بضجر وقال بنفاذ صبر:
-يا حبيبتي ما احنا عارفين والله انك أمنا..هو كان حد قالك انك مرات أبونا…يلا يا ماما لو عايزة ابنك حاله يتصلح يلا ابوس ايدك..
وعلى مضض تحركت لا تتوقف عن الثرثرة مع نفسها متبرمة مما يفعلوه معها….
اخذ جابر نفسًا عميقًا قبل أن يدق على الباب دقة واحدة…
ترقب وانتظر رده وسماحه له بالدخول لكن هذا لم يحدث وطال انتظاره مما جعل الآخر يفتح الباب ويطل برأسه اولًا…فرآه يجلس على الفراش هاتفه بين يديه ويحدق به بمعالم حزينة تسببت في شعوره بالالم على أخيه وتوأمه مخمنًا بأنه يطالع صورة لها..أو شيء آخر يخصها ويعود إليها…
ازدرد ريقه وخرج صوت يستأذن منه بهدوء قبل أن يخطو أي خطوة للداخل:
-ممكن ادخل واتكلم معاك شوية؟؟
وبدون أن يرفع عيناه عن هاتفه رفض هذا:
-لا..مش عايز اتكلم مع حد..سبوني لوحدي..
هز جابر رأسه يمينًا ويسارًا وبدون أي تردد كان يلج ويغلق الباب خلفه متمتم بنبرة مرحة كمحاولة منه لانتشاله من تلك الحالة:
-بس أنا عايز وكلام ضروري ومهم…وانت بقى متعرفش جابر أخوك لما يبقى عايز يكلم في كلام مهم…
نظر إليه مجددًا وقال بقسمات بدأ يشوبها الغضب:
-بقولك مش عايز اتكلم مع حد..هو انت ايه مبتفهمش..ما تسبوني بقى..
وبحركة سريعة كان جابر ينظر خلفه..ثم حوله..يمينًا ويسارًا…متمتم بمزاح:
-هو إيه حكاية سبوني دي..هو انت شايف حد معانا انا مش شايفه…متقلقنيش الله يخليك…لحسن انا بخاف من خيالي…
تأفف عابد بصوت عالي…تزامنًا مع تقدم جابر وجلوسه أمامه…سرق نظرة نحو هاتفه الذي مازال يتمسك به.. وبالفعل التقطت حدقتاه صورتها..مدركًا بأن تخمينه كان في محله…
ابتسم بهدوء وقال بجدية شديدة:
-طيب ممكن تهدأ ومتتعصبش وتسمعني…يوم خطوبة خالد وابرار لما روحنا المطعم وانت خرجت ورا وئام و انا وثراء وراكم..انا سمعت كلامكم واللي فهمته أنك فاكر أنها خانتك..
اندفع عابد بالحديث وصاح بغضب ناري وهو ينهض عن الفراش مفجرًا ما يحمله بقلبه:
-بس متقولش فاكر… لأن ده اللي حصل..اليوم اللي طلقتها فيه لما كلنا كنا قاعدين في رقم رن عليها ومن غير ما ترد بلكت الرقم ولما خد التليفون منها لقيتها متكلمه مع الزفت اللي سبق وشوفتها معاه وفي حضنه يوم ما بعتك لابوها….قولي المفروض كنت اعمل ايه اسقفلها عشان بتكلم راجل غيري وهي على ذمتي ومن غير علمي..واقولها برافو يا حبيبتي..يلا كلمي الاكس عادي..المفروض اني ارفع القرون عشان أعجب وابقى راجل معاصر مش كدة؟؟
نفى جابر برأسه ناهضًا هو الآخر واقفًا قبالته متمتم:
-لا مش المفروض..يمكن أنا لو كنت مكانك كنت عملت كدة..ويمكن لو حد تاني كان اتصرف تصرف غير ده..هي على العموم بتختلف من شخص للتاني..في اللي كان هيسمع ويفهم الأول وبعدين يحكم سواء بانه يحب يكمل أو لا.. وفيه اللي كان غضبه هيعميه وكان هيتصرف زيك.
انتهى مسلطًا بصره على هاتف أخيه القابع أعلى الفراش متابعًا ما توقف عنده:
-انت لسه بتحبها يا عابد..وبتحبها اوي كمان واندفاعك وطلاقك ليها كان من حبك فيها وغيرتك عليها….اتكلم معاها يا عابد وافهم منها مضيعهاش..الحب مش كل يوم بيزورنا…فيه اللي بيحب ومبيطولش..وانت كنت طولت حبك..ولسة في إيدك انك ترجعلها..مضيعهاش وتضيع احلى سنين عُمركم في الخلافات والقرف وسوء الفهم…اعمل حاجة قبل فوات الآوان..عشان مش حابب تندم وتقول ياريت اللي جرا ما كان..
في ذات الوقت داخل حجرة وئام حيث يجتمعون الفتيات راغبين في الاستماع لما حدث بينها وبين عابد وما الحديث الذي دار بينهم…
ولكي تتخلص من إلحاحهم اخبرتهم بكلمات مقتضبة:
-مفيش حاجة حصلت..وصلني لحد البيت وبعدين طلعت الاوضة ونمت بس…
استنكرت وعد هذا وقالت:
-لا شكلك فهمتينا غلط..احنا عايزين نعرف ايه اللي حصل في العربية..مش ايه اللي حصل لما نزلتي منها..اتكلم معاكي في ايه؟؟
-قالي اني بادرة..واني لازم ابطل برود..وأنه ندمان عشان حبني وكل الكلام اللي من النوع ده…بلس اني خاينة..وانا اول ما سمعته بيقولي كدة انفجرت فيه..وقولتله اني مش خاينة..بس كلامي متسمعش كاني بكلم نفسي..وباختصار هو رافض يصدق اني مخنتوش ومكنتش بكلم فادي احب فيه..
تدخلت فجر أخيرًا وعقبت بهدوء شديدة مسببة في توجيه الأنظار نحوها:
-أنا شايفة أنه معاه حق..وأنه الغلط الاكبر عليكي يا وئام…لان اصلا حوار الصحوبية وبيست فريند والاكس والحبيب والجو ده كله حرام…وبيغضب ربنا..سيبك بقى من اللي بتشوفيه في الافلام والمسلسلات والروايات…ممكن تقوليلي صحوبيتك بـ فادي ده فادتك بـ إيه أو عملتلك إيه غير أن جوزك شك فيكي وطلقك…
اعترضت ابرار ودافعت عن وئام:
-وهو فين ثقته فيها يا فجر..هو مش المفروض برضو أن أي علاقة بتقوم على الثقة بين الطرفين؟؟؟
علقت فجر بهدوء:
-الثقة بتيجي من الصراحة بين الطرفين..بيبقوا الاتنين مكشوفين لبعض..بس هي كلمته وكانت بترد عليه من غير ما تعرف عابد اللي اكيد كان هيمانع ده… قولولي كدة ايه اللي كان هيحصل لو كانت صارحته وقالتله أن فادي بيتصل عليها..يلا قولولي؟
لم تجيب اي منهم وترقبوا متابعتها..وبالفعل تابعت موضحة لهم وجهه نظرها:
-اللي كان هيحصل أنه كان هيضايق..كان هيقولها تبلكه ومتردش عليه تاني…وهي اكيد كانت هتعمل كدة…بس هي سكتت وهو معرفش منها هو اكتشف بنفسه..لو كان عرف منها الموضوع مكنش وصل للطلاق..مش عشان فكرة الصحوبية والحبيب بقت منتشرة والبعض بيعمل كدة يبقى احنا كمان ننساق ونقول اشمعنا هما واحنا لا..
لو فيه عشر بيوت جمب بعض وتسعة منهم قايدين نار والعاشر لا…يقوم العاشر يقول ليه كل دول بيوتهم والعة وانا لا ويولع في بيته ويحرق نفسه؟؟
وصل مغزى كلماتها إليهم وشرد البعض منهم بحديثها…أما هي نهضت وقالت بهدوء:
-فكري يا وئام في كلامي ودوريه في دماغك وحطي نفسك مكان عابد..وعلى فكرة هو كمان دلوقتي بيغلط…واتمنى ان ربنا يهديكم وتعقلوا وترجعوا لبعض لو فيكم الخير لبعض.. تصبحوا على خير يا بنات…انا هنام..
وبالفعل خرجت وتركتهم…وبعد وقت من صمت البعض وتبادل الأحاديث بين البعض الآخر…تحدثت داليدا وقالت مفصحة عن شكها نحو نضال:
-أنا مش مصدقة أن نضال كان عند الميكانيكي هو وعابد وجابر..حساه بيكدب..وعايزة أعرف كان فين بضبط..
تساءلت ثراء بفضول بسيط:
-في حاجة معينة في دماغك؟
هزت راسها لها بتأكيد ملقية عليهم تلك الفكرة التي خطرت بذهنها وترغب بالقيام بها حتى تكشفه:
-أيوة..هكلمه من اكونت فيك على أني البنت اللي كنت معاه امبارح..
عقدت وعد حاجبيها بعدم فهم وقالت:
-مش فاهمة وافرضي مكنوش قاعدين مع بنات؟؟؟
ردت عليها توضح لها:
-لو مكنش معاهم بنات وانا ظلماهم هيستغرب واكيد ده هيبان من رده…بس لو كان معاهم بنات أكيد هيرد وهيتجاوب…
التوى ثغر ابرار وعلقت بسخرية:
-وافرضي فهم أنه انتِ؟؟ هيبقى شكلك ايه قدامه..أنتِ ليه بدوري على المشاكل؟؟ ما قالك كان عند الميكانيكي…
-وانا مش مصدقاه..انا عندي اكونت فيك هكلمه منه بس هغير اسمه الاول لـ أي اسم ميبينش صاحبته اسمها ايه…
وبالفعل أخرجت هاتفها وفتحت ذلك الحساب الآخر والتي لم تقم بفتحه منذ فترة ولم تنشر عليه أي شيء….
بللت شفتيها وأبدلت إسمه…ثم كتبت اسم حسابه بالبحث فظهر أمامها حسابه وبعض الحسابات الأخرى التي تحمل ذات الأسم..
دخلت إليه وأرسلت إليه رسالة قصيرة كان محتواها:
“هاي وحشتني..انا اللي كنت سهرانة معاكم امبارح..فاكرني مش كدة؟”
تنهدت بعد إرسالها مقابلة نظرات ابرار و وئام غير الراضية عما تفعله…و وعد وثراء المشجعة لها….
نهضت وئام وقالت وهي تتجه صوب الباب:
-أنا هنزل اشوف بابا.
بالأسفل.
بعد بحث ليس بطويل وجدت وئام والدها يجلس بالحديقة رفقة سليم و بسام وقهقهاتهم تصدح بالمكان..فقد نجحوا في إضحاك مروان بالتحدث عن بعض الذكريات القديمة والتي مر عليها العديد من السنوات…
تقدمت منهم وقالت ببسمة بسيطة ارتسمت على محياها:
-ممكن اخد بابا منكم شوية؟
أكد سليم مشيرًا نحوه:
-خديه وخدي فوقيه بسام هدية كمان…انا بطني وجعتني من كتر الضحك..انا هقوم اشوف
مراتي حبيبتي وحشتني…
نهض سليم وكذلك بسام هو الاخر تاركًا مجال لـ وئام كي تتحدث مع أبيها كيفما تشاء:
-خدني معاك وحياة بناتك يا شيخ..وانتِ خليكي واتكلموا هنا…احنا داخلين..
تحركوا معًا تاركين إياهم حتى أصبحوا متوارين عن الانظار يراقبون الإثنان متأملين أن تنصلح الامور بينهم وتعود مثلما كانت..
جلست وئام أمام أبيها ومحل سليم..ابتلعت ريقها بجوفها الذي جف وبتردد مدت يدها ومسكت بيد والدها متحدثة بهدوء:
-عارفة أن من حقك تبقى زعلان مني..وانا مش هدافع عن نفسي ولا هقول اني مش غلطانة..انا بس هقول اني طمعانة في مسامحتك..طمعانه ان حبك ليا يشفعلي عندك..وتعرف أن بنتك مكفهاش درس وقلم واحد عشان تفوق..وكانت محتاجة درس تاني…انا خسرت عابد يا بابا…ومش عايزة اخسرك انت كمان..
ناظرها لفترة طويلة…بنظرات جعلتها تبعد حدقتاها وتطرق رأسها كي تتحاشى النظر إليه خجلًا… وندمًا على ما اقترفته…
رفع يده ومسك بذقنها يرفع رأسها يجبرها على النظر نحوه متحدثًا معها:
-زمان قبل ما تتولدي..وقبل حتى ما اتجوز امكم انا كنت شخص تاني…بتاع بنات..بيعشقهم زي عنيه…ومبيترددش لحظة في أنه يكسر قلب واحدة…كنت بعملها بكل جحود ومكنش بيهمني…لحد ما قابلت علياء وحبيتها..وغيرتني…وكلامي ده معاكي عايز اوصلك بيه..أن البني ادم مهما كان وحش ممكن ينصلح حاله..وانا شوفت ده فيكي وبذات بعد ما لبستي الحجاب…حسيت فعلا بانك اتغيرتي… وأنك حبه التغيير وندمانه…
صمت قليلًا يلتقط أنفاسه ويبتلع ريقه…ثم استطرد:
-وانا زمان بكل طيشي وهبلي وصياعتي اهلي وامك سامحوني تفتكري انا مش هسامحك؟؟ انتِ متعرفيش انك بحبك قد ايه سواء أنتِ أو اختك..او كل البنات..بحسكم كلكم بناتي وبخاف عليكم زي عيني..عشان كدة عايزكم دايما تبقوا أحسن..وأنتِ مستحيل تخسريني..الايد اللي شلتك من وأنتِ في اللفة هتفضل شيلاكي لحد مماتها…
لم تنتظر أو تكبح رغبتها في الارتماء داخل أحضانه متمتمة بنبرة مبحوحة واعين باكية تاثرًا بحديثه الذي لامس قلبها:
-بعد الشر عليك يا بابا…انا بحبك أوي..و اوعدك أن المرة دي تبقى غير..انا آسفة ليك..ولـ ماما…ولنفسي..
أخرجها من أحضانه يضيف على حديثها:
-ولـ عابد يا وئام..
مسحت عبراتها قائلة بألم:
-وهيفيد بـ إيه اسفي ليه دلوقتي..هو مش مصدق أني كنت بهزق فادي مصمم اني خنته….
تحدث وهو يمسد على وجهها:
-وانا مصمم أنه بيحبك…واللي بيحب بيحن وبيسامح…
هنا وصارحته بما يقلقها:
-بس أنا خايفة يبطل يحبني..وميحنش ولا يسامح…عابد واخد الموضوع على كرامته يا بابا…
-حقه…وابقى كداب وابن *** لو قولت أنه مش حقه…بس اطمني اللي بيحب بجد قلبه مبيبطلش دق…ولو بطل يبقى مكنش حب من الأول يا بنتي..
تنهد بسام المراقب لهم من بعيد وقال براحة وصوت خافض:
-الحمدلله انا كدة اطمنت…
عقب سليم بمرح:
-وانا كدة اتوغوشت..
رفع بسام حاجبيه واستفسر:
-اشمعنا؟؟
-مروان اتصالح معاها وقابل بقى الجنان بتاعه اللي هيطلع من جديد وخناقات بالكوم مع رحمة و وعد…
كز بسام على اسنانه وصاح به:
-يا شيخ حسبي الله فيك..كان لازم يعني تقول نقوم…اديها هتيجي على دماغنا…
******************
بعد انتهاء عائلة “سلطان” من تناول العشاء اتجه جابر إلى غرفته وأثناء صعوده وتوجهه للأعلى اعلن هاتفه القابع بجيب بنطاله عن اتصال…
اخرجه ورأى اسم “أروى”
وبدون تفكير رد عليها متمتم:
-اهلا بأستاذة أروى…عاملة ايه؟
-مش كويسة…انا لسة طالعة اوضتي كنت تحت عايزة أشوف ماما واقولها تعملي حاجة سريعة أكلها…وبالصدفة سمعتها هي وبابا بيكلموا عن ابيه زاهر….
عقد حاجبيه بعدم فهم ثم قال وهو يدخل غرفته ويغلق الباب:
-مش فاهم ايه المشكلة..هما مبيكلموش عليه ولا اخوكي ممنوع الحديث عنه…
أوضحت له قائلة:
-لا مش كدة..بس سمعت أنه عايز يجوز وبابا بكرة هيكلم ابو البنت وياخد منه معاد…
اتسعت عيناه ذهولًا وقال ببسمة ساخرة:
-دي مين اللي أمها دعت عليها و ربنا هيبتليها بـ اخوكي دي…
كادت تجيب وتخبره لولا متابعته لمزحه مغمغم:
-ولا اقولك خليه يغور ويتجوز ويبعد عنك..ده أنتِ كدة هترتاحي…
نفت هذا وقالت:
-لا مش هرتاح..عشان هو لو اتجوز هيفضل قاعد هنا..بس المشكلة مش في كدة اصلا..المشكلة في البنت اللي عايز يتجوزها..انا اول ما سمعت اسمها من بابا انصدمت عشان كدة بـ أكون سمعت اسمها مرتين انهاردة .
دفع جسده على الفراش بلامبالاه يستفسر منها:
-هي فزورة دي ولا ايه؟؟ مين هي؟ انا اعرفها!!
-اه..البنت اللي ابيه زاهر عايز يتجوزها تبقى ثراء مروان الحلواني يا جابر..اللي كلامنا كله انهاردة كان عنها وعن أبوها ابن الحلواني واللي كان بيعمله معاك..وازاي هتخليها تغير عليك…وتبادلك حبك وتعرف انك اتغيرت فعلا…
انتفض من أعلى الفراش وصاح بقوة واستنكار:
-نـــعـــم يختي بتقولي مين؟؟؟؟؟؟؟ ده بيحلم…ده لما يشوف حلمه ودنه…وديني ما هيطولها ولو فكر يهوب ناحيتها هخليكم تترحموا عليه وتقروله الفاتحة في القرافة….انا مجنون واعملها ميغركوش الوش المحترم ابن الناس الجديد ده…لا انا جوايا مجرم..وبلطجي..اقسم بالله هيطلعوا على اخوكي….
-ممكن تهدأ عشان نعرف نفكر هنعمل ايه؟؟ الموضوع مش بأيدنا..كدة كدة بابا هيكلم أبوها وهياخد معاد……
وبتوعد واعين تطلق شرار قال:
-لا بأيدي..وانا عارف هعمل ايه كويس..
******************
داخل حجرة نضال والذي تفقد هاتفه ورأى رغبة أحدهم بالتواصل معه عبر تطبيق الـ (مسنجر).
تجاهل بالبداية أمر الرسالة ثم جاء برقم داليدا واتصل عليها…
لم تجيب عليه وتسارعت خفقاتها مرتعدة لما هو قادم..متبادلة النظرات مع الفتيات واللواتي نصحوها بالإيجاب على مكالمته ولكنها أبت هذا…
اخفض “نضال” الهاتف عن أذنيه وهو يغمض عيناه محاولًا التمالك وعدم الأنفعال…
متمتم من بين أسنانه:
-ماشي يا داليدا عنك ما رديتي..انا غلطان اني بتصل اصلا……
انتهى مقلبًا بهاتفه قليلًا ثم خطر بعقله أن يرى هذا الحساب الذي يرغب بالتواصل معه وماذا يريد…فتح الرسالة وقرأها وعلى الفور نفخ من تلك الفتاة…فقد ظن بأن “جنة” من تراسله لما أظهرته من إعجاب واضح…
وبعد تردد بالإيجاب أو التجاهل…قرر الرد عليها مرسلًا لها:
“أنتِ ايه يا بت معندكيش دم..مكفكيش تهزيق امبارح؟؟؟ يخربيت بجاحتك..أنتِ معندكيش دم للدرجة دي وبعدين أنتِ عرفتي الاكونت بتاعي منين؟؟ ”
صدح صوت هاتف داليدا يعلن عن رده..فشعرت الفتيات بالفضول بينما شعرت هي بالخوف لما هي على وشك قرأته..وبعد تشجيع منهم بقراءة رده..قامت بفتح الرسالة وهي تتمنى أن تكن ظالمة..عوضًا أن يكن هو كاذبًا….
تفاقمت خفقاتها وهي تقرأ رده…ارتجفت يدها وتركت الهاتف…كما بدأت الدموع تأخذ مجراها على وجهها….قائلة بتقطع:
-مش قولتلكم كان معاهم بنات…مش قولتلكم بيخوني..
نظرت الفتيات لبعضهم البعض ثم سارعت وعد باخذ الهاتف والايجاب عليه…لكنه ارسل من جديد:
“عابد مش كدة؟ ”
قرأتها وعد ثم ارسلت له:
“اه هو”
تركت الهاتف بعد إرسالها للرد مقتربة من داليدا تهدأ روعها…بينما تحدثت أبرار:
-ممكن تهدي..وبعدين ده رد بيهزق في البت وبيمسح بكرامتها الأرض…يعني محبش فيها ولا قالها شعر وغزل…
رفضت وعد وقالت:
-لا متهداش…ايه اللي قعده هو مع بنات ها؟؟؟ وبعدين بيهزقها ولا مش بيهزقها دي مش مشكلتنا..احنا مشكلتنا في قعدته معاهم…
على الطرف الآخر…
اندفع نضال من غرفته واقتحم غرفة عابد فوجده يقف أمام المرآة يغلق أزرار قميصه….
اقترب منه ملتهمًا المسافة بينهم صارخًا عليه بصوت جهوري:
-رايح تدي البت الاكونت بتاعي و بتزقها عليا يا عابد…عايز تخرب حياتي مش كدة…عايزني أطلق زيك صح؟؟؟؟
دفعه عابد بقوة يبعده عنه متحدث بعدم فهم:
-بتقول ايه أنت؟؟ بت مين اللي زقتها عليك؟؟
زمجر به من جديد:
-اه اعمل مش فاهم بقى…جنة يا اخويا ولا جهنم….بتديها زفت الاكونت ليه…
جاء اشرف و جابر وخليل على صوته العالي…وتساءل أشرف:
-في إيه؟؟؟
التفت إليهم نضال يقص عليهم:
-البيه زاقق عليا البت الملزقة بتاعة امبارح…عايز يبوظني زيه….
تساءل جابر باعين مسلطة على عابد:
-الكلام ده حصل؟؟؟
وبصوت جهوري رد عليه:
-محصلش..ده كداب….
حدق به نضال ثم قال بغضب ساخر:
-لا يا شيخ…انا اللي كداب ولا أنت…ده هي بنفسها قالتلي أنه انت….
-كدابة…محصلش ومتكلمتش معاها أصلا….
اخرج نضال هاتفه و جاء بالمحادثة ثم رفعه أمام أعين إخوته:
-اتفرجوا وشوفوا عشان تعرفوا مين فينا الكداب….
حضرت دلال على أصواتهم وقالت معنفة إياهم:
-ايه في ايه صوتكم عالي ليه؟؟؟؟
لم يجيب عليها أي منهم.. وانشغل جابر ونضال وخليل بقراءة الرسائل…وبعد انتهائهم أخذ جابر الهاتف ودخل إلى هذا الحساب يقلب به…
لحظات وكان يضرب على وجهه وقال:
-يا خيبتك…يا فضيحتك…انت هببت ايه ده اكونت فيك..وباين اوي أنه فيك..لا عليه بوستات ولا اي اصدقاء…
وبحاجب معقود تساءل نضال:
-يعني إيه مش فاهم؟؟؟
-يعني دي داليدا مراتك وش وكشفتك وعرفت أنك كدبت عليها………….
يتبع.
فاطمة محمد.
عايزة اقولكم اني بحبكم جدا
وتسلمولي
بجد ده احلى عيد ميلاد عدى عليا…لاف يو كتير.🫂❤️
الفصل التالي: اضغط هنا
يتبع.. (رواية كارثة الحي الشعبي) اضغط على اسم الرواية لتجد الفهرس كاملاً بجميع الفصول.