رواية كارثة الحي الشعبي الفصل التاسع والخمسون 59 – بقلم فاطمة محمد

رواية كارثة الحي الشعبي – الفصل التاسع والخمسون

الفصل التاسع والخمسون

الفصل التاسع والخمسون

أنظر جيدًا.

كارثة الحي الشعبي.

فاطمة محمد.

الفصل التاسع والخمسون:

-هو ايه اللي لا؟؟ لو سمحت سيب أيدي خليني أمشي!

قالتها “وئام” بوجهه عابس ودون أن تنظر بعيناه مانعة اياه من التمعن بحدقتاها..

زاد بروده وتحديه مكررًا رفضه على اذنيها:

-قولت لا..ومش هتمشي من هنا..روحي اقعدي انا مش جاي عشانك أصلا ولا اعرف انك هنا ولو كنت اعرف مكنتش جيت من أساسه..ومش كل ما هتشوفي وشي هتقومي زي ما تكوني شوفتي شيطان..

امتعض وجهه وعد والتقتطها أعين أشرف وهي تنهض من مكانها…

مسك بذراعيها يستفسر منها:

-انتِ رايحة فين؟؟؟

-هكون رايحة فين يعني؟ رايحة اهزقه طبعًا انت مش شايف ماسك البت ازاي ومش عايز يسيبها… سبني انت بقى أنا هنفضه وهبعتر بكرامة اللي خلفوه الارض عشان شكله نسي أنه طلقها….سوري يعني يا أشرف ليك أنت وأهلك بس هو اللي جايبلكم الكلام….

قالتها بجدية وحنق شديد..فأرتسم الاستنكار على وجهه وتمتم من بين أسنانه بغيظ منها ومن ثرثرتها بل وتطاولها:

-تهزقي وتنفضي وتبعتري كرامة مين أنتِ عايزة تشليني يخربيتك….سبيهم خليهم يتصالحوا ونخلص..

رفضت مُصرة على النهوض والتدخل بينهم:

-لا..ممكن يفهموا اننا اللي ورا كل ده لو سبناهم لازم ندخل..وحياة امك سبني علشان انا مبقوقة من أخوك وفرصتي جتلي…..

نهضت وخلفها ثراء…مما جعل أشرف ونضال ينهضون ويتدخلون كي لا تتصاعد الأمور بين وئام وعابد.

راقب عابد تقدمهم منهم…فألتوى ثغره وحدق بكلا منهما…فكانت وعد اول المتحدثين قائلة بتشنج:

-هو انت مبتفهمش بتقولك سيب أيدها؟؟

-اشرف سكت مراتك..ومحدش يدخل احنا مش عيال صغيرة…وأنتِ مدام عايزة تمشي أنا همشيكي تعالي معايا….

تحدثت ثراء بانفعال لا يليق بها:

-مش بمزاجك..احنا ندخل وندخل وندخل..احنا أخواتها…بس انت ولا اي حاجة…وبعدين تمشيها بتاع ايه انت؟؟؟؟

وافقت وعد وقالت وهي تعقد ساعديها:

-بضبط….اديله كمان يا ثراء متسكتيش….

هز عابد كتفيه وقال بلامبالاه وهو يجذب تلك المذهولة مما يحدث:

-طيب بالاذن احنا بقى…واقعدوا انتوا هوهوا مع نفسكم…

احتجت وئام على جذبه وجبره لها على السير:

-انت واخدني على فين.. سبني يا عابد لو سمحت..

رفض وقال بحسم وقوة:

-قولت لا و أمشي وأنتِ ساكتة متفرجيش الناس علينا وبعدين متخافيش مش هأكلك ……..

ردت بضيق شديد:

-انت اللي بتفرجهم علينا مش انا….اوعى بقى..انت عايز مني ايه…

تجاهلها ولم يجيب بينما صدح صوت وعد بتلك اللحظة متحدثة بطريقة درامية مزيفة خوفها من اخذه لها مشيرة نحوهم:

-يالهوي…الحقونا..بيخطف البت يا ناس…اعمل حاجة يا أشرف…يا حمايا…..يا خليل…يا نضـ …لا نضال لا عشان مزعل داليدا…اعملوا حاجة الله يخربيتكم…انا هكلم البوليس…وهبلغ عنك يا حيوان انت..وبعدين احنا مش بنهوهو..الهوهوة دي لامثالك..

عض أشرف على شفتاه وهمس لها:

-هايل يا فنانة اداء زي الزفت بصراحة يعني…اتنيلي اقعدي بقى عشان مشيوا خلاص….اقعد يا عم

نضال..اقعدي يا ثراء….ومتقلقوش عليها مش هيعملها حاجة….

ردت ثراء بقلق:

-واحنا نضمن منين؟؟؟؟

ايدتها وعد قائلة:

-صح واحنا نضمن منين اخوك مش ملاك ده حيوان…لا حرام يا ربي الحيوان ليه فايدة وبيفهم عنه..

وبنفاذ صبر وحنق تملك منه:

-يا ستي متعصبنيش بقى عليكي وتخليني انا اللي اطلع الحيوان اللي جوايا…وبعدين ده أخويا ها..فـ لمي لسانك ده شوية……وقولتلكم متقلقوش على ضمانتي انا يا ستي اقعدوا بقى…

_______________

خرجت أبرار من المطعم بعد أن اخبرتهم بتواجد خالد بالخارج وانتظاره لها هو وابنه كي يقضيان بعض الوقت سويًا….

استقلت السيارة ببسمة متسعة ملقية عليهم التحية:

-مساء الخير.

أجابوا عليها وبادلوها تحيتها في صوت واحد:

-مساء النور..

امعنت النظر بـ وسام الذي بات يجلس بالخلف مستجيبًا لامر والده كي يسمح لها بالجلوس جواره.. معقبة على ملابسه المدرسية:

-ايه الحلاوة دي؟؟ اول مرة أشوف حد حلو في لبس المدرسة كدة..

وافقها خالد بنبرة دافئة وعيناه تجوب على وجهها بحب:

-معاكي جدًا..واضيف على كلامك ده أنه طالع لابوه..وانا صغير كنت قمر كدة برضو.. وكنت قاهر قلوب البنات والعذارى وكله..كله.

هنا ونظرت إليه متحدثة بنبرة يشوبها الغيرة:

-والله ! ده ايه التواضع ده كله..ده بيعيط منك يا بني..

-هو مين ده؟؟

تساءل مدعيًا عدم فهمه… لتجيبه بهدوء ظاهري:

-التواضع يا حبيبي التواضع…

اتسعت بسمته حتى ظهرت اسنانه متحدث بمرح ممزوج بسعادة:

-والله طول عُمري بحب التواضع..بس دلوقتي بعشق أمه مدام خلاكي تنطقي وتقولي حبيبي….

غمرها الخجل والارتباك…ولم تجد طريقة للفرار من مواجهته و زلة لسانها ألا بالحديث مع ابنه القابع بالخلف ويتابع ما يحدث بينهم مبتسمًا بفرحة وكأنه يدرك ما يحدث بينهم:

– تحب نروح فين يا وسام؟

ضحك خالد على تهربها واجاب بدلًا من ابنه:

-أنا اللي بسوق وانا اللي هأخدكم مش وسام…واحب اقولك اني عندي ترتيب وخطة لليوم هتحبيهم أوي….

هنا وتذكرت أمر والدها و والدتها اللذان لم تخبرهم بمقابلتها له.. فصاحت وهي تضرب جبينها لنسيانها هذا الأمر:

-يا لهوي عليا..نسيت خالص اكلم بابا وماما واقولهم اني هشوفك..

وبهدوء وحنو كان يجيبها:

-بس كدة..حالًا هكلمهم واطلب الأذن..

وبقلق تساءلت:

-طب ولو قالوا لا؟؟

غمز لها واجاب بنبرة ظهرت لها جدية:

-لو قالوا لا هخطفك…

عبس وجهها ولاح التصديق على محياها…مما جعله يقهقه مخبرًا إياها:

-ده أنتِ غلبانة خالص وبتصدقي اي حاجة…على العموم متقلقيش مش هيقولوا حاجة..ولو قالوا هخطفك برضو….

تلك المرة ابتسمت وتحاشت النظر إليه كي لا يرى بسمتها تلك مستمعين لحديث وسام :.

-يلا بقى يا بابي انا جعت…

وبعد وقت ليس بالكثير كان خالد قد حادث والدها وأخبره برغبته بالخروج معها..فلم يبدي الآخر اي اعتراض و وافق على طلبه……..

والآن يحدق بالطريق أمامه ويغني بصوت عالي مزعج كي يجذب انتباهها إليه والتي تمنحه كليًا لـ وسام الذي يلقي عليها ما أخذه اليوم وما فعله وكيف تناول طعامه الذي وضعه له والده….

نجح مخططه في جذبها إليه وجعلها تتحدث معه اخيرًا معقبة ببسمة على بشاعة صوته:

-ممكن متغنيش؟؟ ممكن ؟

وبعدم فهم أجاد اظهاره سواء من تعقيده حاجبيه… أم من الاستفسار المرتسم على قسماته:

-ممكن أعرف ليه؟..صوتي وحش؟..طب مش عجبك؟!…

وقبل أن تجيب سابقها وسام مصارحًا إياه:

-بصراحة يا بابي آه..ومتزعلش انت صوتك حلو والله..بس وانت بتكلم بس..لكن تغني no..انت مش مغني يا بابي…

علقت أبرار سابقة خالد الذي طالع ابنه بصدمة من المرآة:

-انت بتقول كلام ميه ميه والله..اسمع كلام وسام يا خالد…

تنهد خالد واجاد رسم الحزن على وجهه وعلى نبرته:

-بقى كدة..طيب متشكرين مش هغني تاني…ولا حتى هتكلم.

شعر وسام بالحزن من ذاته لجعل والده يشعر بهذا السوء والحزن فسارع بالقول وهو يقترب منه ويربت على كتفيه:

-sorry..

ثم تقدم من أذن ابرار وهمس لها تحت متابعة خالد وكبح ضحكته:

-بابي زعل.. قوليله أنتِ كمان sorry وهيصالحك…يلا.

بادلته همسه قائلة:

-بس احنا مكدبناش ابوك صوته وحش فعلا..ده هو اللي المفروض يتأسف على بشاعة الصوت مش احنا…

نفى برأسه ودافع عن والده:

-لا..بابي حلو وصوته حلو…قوليله sorry بس وهو هيضحك تاني وهيكلم..بصي زعل إزاي..

اختطفت أبرار نظرة نحو خالد فوجدته يتابعهم بشبه بسمة…سرعان ما اختفت وتحولت لعبوس عند رؤيته لنظرتها تلك..

عاد وسام جالسًا مكانه مترقبًا لاعتذارها…فقامت بالفعل بهذا من أجله :

-خلاص متزعلش يا خالد..وغني..انت صوتك حلو….. أوي…مش كدة يا وسام..

هز رأسه يؤكد:

-اه حلو أوي..شبه صوت جابر..

كاد خالد يعلق على تشبيه صوته بصوت جابر لولا هاتفه الذي دوى رنينه بالسيارة…

التقطه ونظر به فوجدها والدته…أخذ نفسًا عميقًا قبل أن يجيبها…ثم رد عليها:

“الو”

“ايه يا دودي يا حبيب أمك عملت إيه”

ومن بين أسنانه رد متخطيًا ذلك الإسم التي باتت تلصقه به:

“عملت إيه في ايه”

قالت ببساطة:

“هنعزم خطيبتك ولا هنعمل ايه؟”

نفى يقص عليها:

“لا..انا معاها دلوقتي وهنقضي اليوم برة”

تساءلت بحاجب مرفوع:

“طيب ومتجوش هنا ونتغدا سوا ليه……”

ما لبث أن يجيب ويحاول أن يغلق معها تلك المكالمة حتى وجدها تتابع بمكر:

“اها فهمت…انت عايز تقعد معاها لوحدكم وتقولها كلام حب وقلة ادب..اه يا سافل يا خلبوص”

زاد غيظة ورد بذات النبرة لكن بصوت اخفض:

“قلة أدب ايه بس..ارحميني ابوس ايدك..وبعدين وسام معانا ها…وسام معانا…تحبي اقولهالك كام مرة”

تنهدت وقالت:

“عبيط هاته هنا واخرجوا انتوا عشان تبقى براحتك…..بقولك ايه اديني اسلم عليها”

وعلى مضض فعل هذا متمتم بهدوء وهو يمنحها الهاتف:

-ماما عايزة تكلمك..

اخذت الهاتف وردت عليها:

“ازيك حضرتك يا طنط عاملة ايه”

استنكرت هذا وقالت:

“حضرتك ايه وطنط ايه..انا مبحبش كدة..قوليلي ناهد..انا صغيرة ميغروكيش اني جيية هدير وخالد الشُحوتة دول..”

ابتسمت واستجابت بحرج بسيط:

“حاضر ”

“خلي بالك انا قولتله نعزمك هو اللي مرضيش..عايز ينفرد بيكي..دودي بيحبك اوي و وسام كمان..ومدام هما بيحبوكي انا كمان حبيتك…وانبسطوا ها”

ضاقت عيناها بشك سرعان ما بات مكر وكررت هذا الإسم:

“دودي مين ؟!”

“خالد..أنا بقوله…..

لم تستمع للبقية لانتشال خالد الهاتف من يدها متحدثًا مع والدته بتوعد:

“ماشي يا ماما لما اجي البيت بس”

في ذات الوقت نطق وسام يجيب على استفسار ابرار:

-دودي ده بابي يا ابرار…..

كتمت ابرار ضحكتها بالبداية ثم نظرت لخالد الذي اغلق مع ناهد معقبة بضحكة لم تعد تتحكم بها أكثر من هذا:

-بيقولولك دودي….طب سوق بسرعة بقى يا دودي عشان أنا جعانة اوي أنا كمان…

-لا كدة مش هأكلكم..كدة هرميكي أنتِ و وسام و دودي شخصيًا من العربية…متقوليش دودي مش بحبه……

____________________

تنكمش بجلستها جواره داخل سيارته..تتحاشى النظر إليه…ولا تدري إذا كان ينظر إليها من حين لآخر أم لا..كل ما تدركه بأنهم إذا تقابلت عيناهم سيخرج منها الكثير من الكلمات الذي لن يستطيع فهمها…وستذزف مقلتيها الدموع بغزارة…وهذا اخر ما ترغب به..

خاصة بعد معرفتها بنواياه لخطبة أخرى..وهذا لا يعني إلا أنه تخطاها…..

هنا وتوقف عقلها وتذكرت كلمات وعد بأنه لا يزال يعشقها….

إذًا لماذا سيفعل هذا!!!!!

أما هو فكان بالفعل يقتطف النظرات إليها…خاصة ملابسها المحتشمة الواسعة..وحجابها الطويل الذي يخفي نصفها العلوي..و رغم سعادته بهذا التبدل إلا أنه لم يستطع تخطي ألم قلبه..وقرر أن يؤلمها بالكلمات والأحرف..

واخيرًا تناهى إليها صوته الساخر منها ومن حالتها:

-ما تخليكي حلوة كدة وتبصيلي..ده انا حتى حلو وبسمسم والبنات بتجري ورايا..وبيموتوا فيا..

يثير استفزازها…ويستهزء بمشاعرها..بل ويخبرها بركض الفتيات خلفه….

اخذت نفسًا عميقًا وقررت الا تظهر أي مشاعر.. ستكون تلك القوية ولن تجعله ينتصر عليها بتلك الحرب الذي أعلنها…مجيبة بهدوء ودون أن تحرك عيناها:

-الف مبروك.

ذهلته بتعقيبها المكون من كلمتين فقط !!!!

حقًا أهذا هو جوابها على ما يتفوه به….قبض بقوة على المقود أمامه فما أراد فعله انقلب عليه وهو من يشتعل الآن بتلك النيران الملتهبة الحارقة..

لم يعد يستطع الصمود اكثر…فصرخ باهتياج ضاربًا على المقود بقوة..مسببًا فزعها واجبارها على التحديق به والتراجع بجلستها خوفًا من بطشه:

-بطلي برود…..بطلي برود…..أنتِ ايه مبتحسيش..معندكيش دم….مش عارفة أنتِ عملتي فيا إيه……مش عارفة انا حاسس بـ إيه..ولا أنتِ وصلتيني لـ إيه….أنتِ خلتيني اكره نفسي وقلبي اللي اختارك وحبك….ملقاش غيرك أنتِ عشان يحبك….اختار واحدة متستاهلش…واحدة خاينة زيك…

سالت دموعها دون أن تشعر.. رُبما من خوفها وارتعابها..وربُما من كلماته التي اصابت قلبها وجعلتها تشعر بالاسى من أجله..وتكرهه ذاتها…..لكن عند نطقه لتلك الكلمة التي تبغضها والتي تكونت من خمس احرف “خاينة” ردت عليه تدافع عن ذاتها متأملة أن يسمعها تلك المرة:

-والله ما خاينة…انا مش خاينة يا عابد…انا غلطت وعارفة ده واقسم بالله ندمانة…بس أنا…

أصر على اتهامها مستمرًا في صراخه عليها:

-خاينة…أنتِ خاينة…مهما قولتي ومهما علمتي مش هصدقك عارفة ليه؟؟ عشان الخاين لما بيخون مبيشوفش خيانته…..

كرهت هذا الإتهام وما يلصقه بها قائلة برفض:

-لا…انا فعلا مش خاينة..عشان أنا مكنتش بكلم احب فيه..ولا كنت بكلم معاه بالساعات…ولا كنت بشوفه ولا بقابله…كنت بهزقه…وهو ده غلطي..غلط اني مقفلتش كلام معاه من الاول وخليتك تشك فيا… الشيطان لعب في دماغي وخلاني عايزة اضايقك..اخليك تحس بالغيرة بس….

قاطعها..لم يعد يرغب في الاستماع اليها أكثر:

-متكمليش عشان مش مصدقك….

اعتصرت جفونها ورفعت يدها تكفكف دموعها متمتمة بنبرة حاسمة فالجدال بينهم محسوم أمره ولن يصدق براءتها:

-حلو..خليك فاكر اني خنتك كدة علطول..وعيش دور المظلوم..عشان تعمل اللي انت بتعمله وحجتك انك اتخنت…عارف انت مش عايز تصدقني ليه؟؟؟ عشان انت مبقتش عايزني و عجبك اللي انت فيه…ومدام عجبك يبقى كلامي معاك واي حاجة هقولهالك ملهاش لازمة… إحنا خلاص انتهينا..وقصتنا خلصت لحد هنا…وربنا يوفقك مع اللي انت اختارتها أو لسة هتختارها وعايز تبدء معاها من جديد..

قطب حاجبيه مندهشًا من كلماتها الأخيرة…فـ عن أي اختيار وبداية تتحدث تلك الحمقاء !!!!!

شارف على الاستفسار لولا تحدثها مرة أخرى متمتمة بقوة:

-نزلني لو سمحت مش عايزاك توصلني…

-مش بمزاجك.

وبتحدي وقوة عقبت:

-ولا بمزاجك وملكش كلمة ولا اي حكم عليا..انت غريب عني وبقولك نزلني مش عايزاك توصلني…نزلني….

أطلق لفظًا بذيئًا فظًا من فمه جعل عيناها تتسع من قوله بحضورها….

رمشت باهدابها بتوتر وقالت بعد أن تخطت ما استمعت إليه:

-بقولك نزلني…اقف على جمب بدل ما افتح الباب وانط من العربية وانا مجنونة بنت مجانين واعملها عادي….

زمجر بها بقوة وصوت دوى بالسيارة:

-اخرسي بقى….قولت مش هتنزلي…اتنيلي اهمدي…انا اصلا مش طايقك يعني متفكريش اني مبسوط أوي انا لو عليا عايز انزلك….

كزت على اسنانها وعادت تنظر من النافذة تخفي وجهها عنه…وبعد ثواني كانت تبكي دون صوت…

مر الوقت و وصل أمام بوابة المنزل و بدون أن تنطق بأي حرف ترجلت من السيارة وصفعت الباب بقوة….فظل يتابعها حتى اختفت عن انظاره…وحينها تبدلت ملامحه وشعر برغبته بالبكاء فـ مهما فعلت لا يقدر قلبه الاحمق على كرهها أو نسيانها أو حتى إخراجها منه….

____________________

-هي حماتي بتحبني ولا إيه؟؟؟ طب وربنا شكلها بتموت فيا عشان اجي القيكم بتاكلوا….

تحدث “جابر” الذي جاء للتو بعد أن قام بإيصال اروى والتي القت عليه الكثير من التعليمات الذي عليه إتباعها… مثل تأخره بالعودة كي يذهب وقت تناولهم الطعام والقاء تلك الجملة البسيطة عليهم..والثقيلة على قلب الأخرى…

وبالفعل نجحت الخطوة الأولى و رمقته ثراء بنظرة نارية التقطها هو اثناء جذبه لذلك المقعد الفارغ القابع من الجانب الأيمن لاخيه أشرف…

تهلل قلبه ولم يخفي سعادته بل ظلت على وجهه مما جعلها تظن بأنه يهيم عشقًا بتلك الفتاة الصغيرة بالعُمر…والحقيقة بانه لا يهيم عشقًا ألا بسواها…

تحركت عيناه وبحث عن عابد و وئام وعندما اكتشف غيابهم سأل أشرف بخفوت وهو يضع هاتفه ومفاتيح سيارته أعلى الطاولة أمامه:

-الله !! اومال بُقوا فين و وئام فين !!؟؟ اوعى تقول مجاش…وربنا ازعل واجيب ناس تزعل وميبقاش عابد اخويا البُق..

رد عليه بعد أن ابتلع ما بفمه:

-لا جه ومسك فيها وخدها معاه ومشي بيها…

-حمش..عليا الطلاج اخويا حمش ابن حمش..قولي اومال فين ابوك والواد خليل؟؟

-بابا في المطبخ.. كل شوية يخرجلنا صنف بيرحب بالبنات…وخليل معرفش..

في ذات الوقت ضجر نضال مما يحدث واستمرار تجاهلها له رغم اعتذاره وقبولها لهذا…فقال بإنفعال حاول الا يظهره لكنه فشل:

-ممكن أعرف انتِ لسة قالبة وشك في وشي ليه؟؟؟

عقدت حاجبيها بعدم فهم وقالت ببراءة:

-فين ده؟! مش واخدة بالي.

-داليدا متعصبنيش انا اتاسفت وأنتِ قبلتي الاسف..يبقى ملوش داعي كل اللي أنتِ عملاه ده…

وضعت الطعام في فمها ومضغته بهدوء ولا مبالاه…ثم ردت:

-أنا معملتش حاجة..أنا بأكل..كُل انت كمان وبطل اوهام شوية.

زفر ثم قال بعصبية طفيفة:

-لا مش أوهام..أنتِ مش مصدقاني صح؟؟ طب على فكرة جابر كمان كان معانا وجه على الميكانيكي..وممكن تسأليه..او انا ممكن أساله قدامك عشان ترتاحي…

ابتسمت له وكان يتقن من اجابتها وبانها ستقول له لا داعي لهذا لكن جاءت اجابتها كالصاعقة فقد قالت:

-طيب أساله يلا قدامي..

هدأت تعابيره وابتلع ريقه ثم وجهه بصره نحو جابر المنشغل في الحديث مع اشرف ويتهامسون سويًا…

خرج صوته يشوبه بعض التوتر متمتم:

-جابر..

-نعم؟؟

رد عليه مسلطًا بصره عليه..فابتلع ريقه مرة أخرى يدعي بداخله الا يدمر ويخرب أخيه الأمر ويفضح فعلته الذي يندم عليها الآن..

-امبارح كنا فين أنا وأنت وعابد؟؟

تسمر جابر للحظات و انتقلت عيناه على الفور تجاه داليدا التي تترقب جوابه..ابتلع ريقه وعلم بأن أخيه في مأزق فمن المؤكد بأنه لم يخبرها بذهابه لأحد الملاهي الليلية…

ابتسم وقال مازحًا:

-كنا فين يعني..اكيد كنا مطرح ما كنا..

ارتفع حاجبي داليدا في ذات الوقت التي سخرت منه وعد به:

-بسم الله ما شاء الله عليك..ايه الإجابة دي لا سقفة يا جماعة عشان بهرني بصراحة…

ابتسمت ثراء وهزت رأسها تسخر منه…بينما تابع نضال من بين أسنانه مغتاظًا من جوابه:

-ايوة اللي هو ايه يعني…

وقبل أن يجيب انتبه الى عين نضال التي ترمق مفاتيح سيارته..حاول عصر والتفكير فيما قاله لها..وبعد ثوان من الترقب أجاب:

-كنا في العربية….

هنا وتحدث نضال:

-اهو شوفتي كنا في العربية وبعدين نزلنا منها وسبنا الميكانيكي يشوف شغله…

أكد جابر على حديثه متمتم ببراءة:

-أيوه..هو في حاجة ولا ايه؟

نفى نضال برأسه وعاد يتحدث مع داليدا بينما دعا جابر ربه في سره:

-يارب سامحني يارب عارف اني كداب..بس لمصلحتهم والله لو مكدبتش مراته هتعرف أنه كان سهران في كباريه وهيطلق ويحصل عابد…

انتهى من دعائه يتساءل بصوت خافض:

-أنا مش عارف ايه اللي وقعني في العيلة الكدابة دي…ده انتوا هتولعوا كلكم في نار جهنم..ما عدا بابا وخليل..

____________________

بعد الانتهاء من تناول الطعام….انتهز جابر فرصة نهوض وعد و أشرف لرغبتها في رؤية المطبخ…وانشغال داليدا ونضال بالحديث..

سحب المقعد الفارغ القابع جوارها وجلس بجانبها…

نظرت له ثراء نظرة شاملة ثم حولت بصرها عنه وتبادلت الحديث مع فجر تحاول المزاح معها..

قاطعها متحدث بصوت هادئ:

-عارفة اخر مرة عاملتيني فيها حلو وبليتي ريقي كان امتى؟؟

زمت شفتيها وقالت:

-مش عايزة اعرف.

ابتسم لها وأصر على السرد متمتم:

-ساعة ما اطردت من البيت طردة الكلاب وصعبت عليكي وخرجتيلي مع وعد و وئام ببطانية وكنتِ عايزة تديني اوضة الجنايني انام فيها..اكيد فاكرة طبعا..

هزت راسها تؤكد له:

-أيوة فاكرة كويس أوي وفاكرة برضو انك كنت بتعاكسني وبتحاول توقعني في شباكك..وفاكرة برضو يا مساء الجمال والاناناس.. فاكرها ولا ايه ظروفك؟

أكد لها متمتم بنبرة لمست قلبها:

-فاكرها بس بطلتها الحمدلله..انا كنت معمي ودلوقتي فتحت..و كلامي معاكي دلوقتي مش عشان بحاول أوقعك في شباكي زي ما كنت عايز اعمل الاول لا …كلامي معاكي دلوقتي عشان أنا بجد عايز فرصة جديدة معاكي…ولو على اللي فات فـ أنا آسف والله كنت حمار.

ازدردت ريقها ولم تتردد بسؤاله:

-عايز فرصة جديدة ليه؟؟ هو أنا ايه ولا مين بالنسبالك..

بلل شفتاه واطرق رأسه مجيبًا إياها بصدق شعرت به هي:

-ده غير اننا نسايب وعلطول بنشوف بعض…بس أنتِ غالية أوي عندي يا ثراء ولو الزمن رجع بيا لورا مكنتش هعمل معاكي زي ما كنت بعمل مع الكل…كنت هعاملك بالطريقة اللي تستحقيها…وصدقيني لو قولتيلي مش طيقاك وبكرهك ومش عايزة اتعامل معاك تاني.. أنا هحترم رغبتك دي وهنفذلهالك…

ضمت شفتيها بتفكير وشيء بداخلها يخبرها بأن تصدقه تلك المرة وتمنحه تلك الفرصة….ابتسمت بهدوء وردت عليه بما جعله يشعر بأنه اسعد رجل على وجهه الأرض ويجعل قلبه يقفز ويتراقص داخل جسده :

-ماشي..هديك فرصة وهبدء معاك صفحة جديدة..اتمنى بس انك متخلنيش اندم اني وثقت فيك..علشان لو ثقتي ضاعت المرة دي كمان مش هترجع تاني أبدًا…

-مش هيحصل…والله ما هيحصل..ومش هخليكي تندمي…لو في حاجة هتندمي عليها فـ هي انك استنيتي واتاخرتي في منحي الفرصة دي….

___________________

داخل مطبخ المطعم وبعد أن ترك سلطان أشرف و وعد يتحركون به بمفردهم و يراقبون العاملين به…توقفت وعد وقالت بصوت يكاد يسمع:

-قبل ما أبوك يرجع..هنعمل ايه تاني مع وئام وعابد..احنا منعرفش اصلا اتخانقوا ولا اتكلموا ولا هببوا ايه على دماغهم…

رد عليها بخفوت:

-دي أمرها سهل..أما بقى هنعمل إيه…فـ احنا هنخش على الخطوة التانية…

رفعت حاجبيها وتساءلت:

-اللي هي إيه؟؟؟؟؟؟؟

وبابتسامة خبيثة عابثة رد عليها:

-هقولك بس مش هنا تعالي نطلع برة بقى…………..

يتبع.

فاطمة محمد.

يا ترى أشرف و وعد ناويين على ايه؟؟ وايه توقعاتكم 😂😂😂😂❤️❤️

الفصل التالي: اضغط هنا

يتبع.. (رواية كارثة الحي الشعبي) اضغط على اسم الرواية لتجد الفهرس كاملاً بجميع الفصول.

أضف تعليق