رواية الحب كما ينبغي الفصل الرابع والسبعون 74 – بقلم فاطمة محمد

رواية الحب كما ينبغي – الفصل الرابع والسبعون

الفصل الرابع والسبعون

الفصل الرابع والسبعون

الحب كما ينبغي.

فاطمة محمد.

الفصل الرابع والسبعون:

وقد كــان……..

ذهب صابـر في اليوم التالي رفقة عائلته للتقدم لها، ولم يبدي شكري أي اعتراض وهذا ما جعل العديد من علامات الاستفهام تتكون داخل رأس وعقل جهاد حول هذا التبدل والموافقة والبسمة العريضة على وجه والدها.

هل سقط على رأسه!!!

فلو كان على طبيعته لكان رفض صابـر، أو على الأقل رفضه واعتراضه على الزيجة سيكون واضح وضوح الشمس ولكن ما يحدث وموافقته بل وترحيبه الحار أثار شكوكها، ولكنها فضلت التزام الصمت مؤقتًا، وعاجلًا أم أجلًا ستعرف سر هذا التغير والتبدل.

لم تخلو الجلسة من النظرات المتبادلة بينها وبين صابـر والذي يكاد يجزم بأنه يشعر بشعور مختلف.

شعور غير مسبوق.

رغم أن تلك لم تكن مرته الأولى في التقدم وخطبة أحدهما، إلا أنه يشعر بتوتر وكأنها الأولى، ربما لأن تلك المرة كانت مختلفة.

القلب هنا من يقوده وليس العقل كالمرة السابقة.

من تجلس قبالته مباشرة وينظر داخل عيونها هي حبيته الأولى والحالية والمستقبلية، هي كل شيء بالنسبة له.

وكما أخبرها عرض رغبته في عقد القرآن وأقامة الزفاف معًا وسريعًا بمجرد أن تنتهي شقة الزوجية الذي سيفعل ما يفوق وسعه وقدرته لإنجازها والانتهاء منها في أسرع وقت ممكن.

وكما توقع وأخبرها رغب أحمد وآسـر في فعل المثل والزواج سريعًا والتعجل في الإنتهاء من منازلهما أيضًا ولكن جاء اعتراض صابـر والذي وقف في وجوهم ولم يخجل من إعلان رغبته في أقامة زفاف لهما خاص بهما.

وحدث ما رغب ولم يهدأ له بال حتى أنهى المنزل كأنه يسابق الزمن، بعد أن بذل مجهودًا كبيرًا في إنجازه.

انجزه في وقت فاجئ آسـر وأحمد وجعلهما يتساءلان كيف فعلها!!!

بخل في أخبارهما بأنها كانت دافعه وسارع كي يجتمع بها وينعم بقربها وأحضانها وتصبح حلاله بعد عذاب وفراق قد طال لدرجة لم يعد يتحمل القلب بُعادها وكأنها الترياق له ومن ستشفي وتلملم شتاتـه كما سيفعل هو المثل تمامًا.

وها هو قد آتى اليوم الموعود، يوم حفل زفافه هو وجهاد.

__________________

-إيه الدنيا؟ حلوة البدلة عليا مش كدة؟ بس مش عارف حاسس لونها مش قد كدة.

ردد أحمد كلماته على مسامع زهـر، والتي سارعت بالرد عليه بعد أن ضاقت عيونها بشك:

-اعترف وقول الحقيقة والصراحة ومن غير كدب، مين اللي اختار ونقى اللون ده؟؟ أكيد مش أنت صح؟ ده ذوق روضة صح؟ روضة ده ذوقك مش كدة.

ابتسمت لها روضة وهي تومأ لها تخبرها بهزة من رأسها تؤكد لها شكوكها:

-أيوة أنا إيـه رأيك؟

-تحفة، البيبي بلو تحفة عليكي بجد وهيأكل منك حتة.

ضاقت عين أحمد والذي أخفض بصره وجالت عيونه على بذلته يتفحصها، وما أن انتهى من التدقيق بها حتى سألها باستنكار:

-والله!!! تحفة عليها هي بس طب وأنا!!! أنا لابس نفس اللون على فكرة.

صدق حديثه وقد كان يرتدي بذلة بذات اللون الذي يعود إلى فستان روضة وهو الأزرق السماوي أو كما يطلق عليه الـ (بيبي بلو) يجلسان على طاولة واحدة مع وسـام و زهـر، وبعضًا من أفراد أسرته.

تنهدت زهـر ثم تحدثت بمزاح:

-ما قولت تحفة عليها لو حلو عليك كنت قولت عليكم.

مط أحمد شفتاه بحركة تلقائية خرجت منه دون إرادته ما أن سمع جواب اخته، وقبل أن يزداد ضيقه مالت روضة على أذنيه تهمس له لا تبالي بأحد:

-متزعلش اللون تحفتين عليك مش تحفة بس.

تسللت البسمة إلى وجهه وتبدل حاله من كلماتها البسيطة المادحة والتي كانت بالنسبة له شيء كبير، مال هو الأخر على أذنيها يهمس لها وحدها:

-حلو علشان ذوقك بس، صحيح نسيت أسالك أنتِ حلوة بزيادة لية كدة النهاردة؟؟ يعني أنتِ في العادة قمر بس النهاردة حسك قمرين، يا ترى إيه السر؟

ابتعد عنها وعلى الفور نظرت له بهيام تخبره بجراءة، واضعة خجلها جانبًا:

-نقدر نقول عيونك اللي حلوين، هي السبب وعشان أنت حلو شايفني حلوة.

وقبل أي تعليق أضافي ظهر صابـر بهيئتة الذي نوى بها خطف أنفاس جهاد مرتديًا بذلة أنيقة باللون الأسود برزت جسده المتناسق الرياضي العريض، ممسكًا بباقة الورود الذي آتى بها له، مترقبًا ظهورها على أحر من الجمر وقد أصابه ظهورها في مقتل ما أن وقعت عيونه عليها.

ترتدي فستان أبيض ناصع من القماش الدانتيل المطرز، ضيق من الأعلى حتى الركبتين ثم يتسع تدريجيًا ذو ذيل طويل، أما عن الأكمام فكانت واسعة بدءًا من معصم اليد، وبالنسبة الطرحة التي انتقتها فكانت طويلة، طولها يفوق طول الفستان وتجر من خلفها بشكل جميل، محافظة على ارتداء حجابها وعدم إظهار أي شيء لا خصلات أو حتى عنقها، تسير بجوار شكري واضعة يدها بداخل يده، تشعر بمشاعر عدة مختلفة من ارتباك، توتر، سعادة، دهشة.

خاصة أن والدها أصر على الخروج رفقتها وتسليمها لصابـر بنفسه.

صابـر الذي كان في عالم يجمعهما سويًا بعيدًا عن جميع البشر، عيونه تتأملها، فقد نجحت وبجدارة في خطف أنفاسه بهيئتها الذي يجزم بأنها أجمل عروس قد رأها يومًا ولن يرى في جمالها وأناقتها مجددًا.

أسرتـه، وفتنته، جعلته يتمنى أن تنتهي تلك الليلة بأسرع وقت كي ينفرد بها ويبقيان معًا، فقط هو وهي.

يخبرها بالكثير والكثير، ولكن تلك المرة لن تكون أقوال فقط كالسابق، بل أفعال أيضًا كفيلة لأخبارها وجعلها تدرك الكثير عما كانت تجهله.

لم يكتفي بتأملها بل قادته قدامه وبدأ بالاقتراب هو الأخر كي يستلم عروسه وحبيبة فؤاده.

وما أن وصل و وقف أمامها، أزالت يدها وابعدتها عن والدها ببطء، تنظر داخل عيون صابـر، لا تزال تشعر بأن ما يحدث ليس حقيقة!!

هل حقًا وصلت معه إلى تلك المرحلة!!!

قد ظنت سابقًا أن حكايتهم قد انتهى أمرها وقضي الأمر، كان مع غيرها وكانت مع غيره ولكن يشاء القدر أن يجتمعان ويكونان من نصيب بعضهما البعض رغم ما حدث، جميع المؤشرات والأحداث كانت تخبرهما أنهما لن يكونا معًا.

أحيانًا تأتي الرياح بما لا تشتهي الأنفس ولكن هنا كان الوضع المختلف وآتت الرياح والأحداث في النهاية لصالحهما وكما اشتهت أنفسهما واشتاقت أرواحهما.

مد صابـر يده كي يستلم عروسه الغالية الحبيبة والبسمة لا تفارق شفتيه وعيونه لا تفارقها ولا ترى غيرها.

وبسعادة يشوبها الخجل تعلقت بيدها به وسار الاثنان بضعة خطوات ثم توقفا.

الجميع واقف حولهم، رجال ونساء فالنساء تطلق “الزغاريط” وبعضًا منهم يقوم بالتصوير، وبعضًا أخر يكتفي بالتصفيق تعبيرًا ومشاركة لهما في فرحتهما وفي مثل هذا اليوم.

وأثناء كل هذا ارتكز هو ببصره عليها ثم مال يهمس لها يبثها الطمأنينة التي كانت في أمس حاجة إليها على دراية بما يحدث معها من توتر بسيط:

-متتوتريش، طول ما أنا معاكي وفي ضهرك مش عايزك تتوتري افرحي وانبسطي وخليكي عارفة أن اللي فات حاجة واللي جاي حاجة تانية خالص.

ابتسمت بخفة وهمست له هي الأخرى تمزح معه:

-أنت كدة بطمني صح؟ أنا قلقت أكتر، متخوفنيش أبوس أيدك.

على الطرف الأخر وحيث يقف آسـر بجوار ضياء، سألته وهي لا تكف عن التصوير:

-تفتكر بيقولوا إيـه؟ هموت وأعرف بجد وده مش حشرية مني على قد ما هو فضول، تفتكر بيشتمها؟ ولا حاجة تانية.

ومن بين كل ما قالته لم يعلق معه سوى كلمة “هموت” التي نطقتها، طالعها بحنق مغمغم بجانب أذنيها مقتربًا أكثر منها:

-بعد الشر عليكي متخلنيش أقطع عليهم واروح أسالهم بتقولوا إيه.

-متأفورش بقى وبعدين ابعد متلزقش فيا كدة بابا هيزعق.

-يزعق!!! ليه بقى ده أنا كاتب عليكي!!! وكلها أيام بعون الله ونعمل فرحنا أحنا كمان واخدك من ايدك ومن بيتك لبيتي… وحضني.

ابتعد فور نطقة الكلمة الأخيرة والتي تسببت في ارتفاع خفقات قلبها، يغمز لها بوقاحة وحب ومرح، جميعهم في آن واحد وكأن لا تكفيها كلماته.

ونتيجة لذلك التوتر وتسارع قلبها ردت بتلقائية:

-أنت قليل الأدب على فكرة.

لاحقها بالدفاع عن نفسه متحدث ببراءة شديدة:

-اقسم بالله كنت توبت بس من ساعة ما اتجوزتك قليل الأدب اللي جوايا رجع من تاني فـ قمت عملت إيـه بقى رحبت بيه وخدته بالأحضان كمان أصله كان وحشني أوي، وبحبه أوي، بموت فيه ابن الإيـه.

___________________

“الحب لا يمحو أو حتى يُهزم إذا كان حقًا حقيقي وصادقًا مئة في المئة..”

وكان هذا حال كل من صابـر وجهاد اللذان انتصر حبهما وذلك لصدقه، كل منهما يحب الأخر، حب حقيقي غير زائف، نابع من القلب، في زمن كثر فيه الكذب، الخداع والحب الوهمي.

وأخيرًا عقد القرآن وأصبح الاثنان زوجًا وزوجة.

انطلق صابـر من محله ما أن انتهى المأذون متحركًا نحوها كي يحظى بعناق من شأنه أن يصلح به وبها الكثير والكثير.

تلاشت المسافات وتألفت قلوبهما، يضمها علنًا أمام الجميع.

عناق طال أنتظاره ومن شدة تأثرة بتلك اللحظة الذي ظن يومًا أنها مستحيلة؛ بكى وهبطت الدموع من عيونه.

لم يخجل من أن يبكي، على يقين أن بكاء الرجل ليس بذنب أو خطأ، بل حبًا وعشقًا لا نهاية له.

وكما كان يعانقها كانت تعانقه هي الأخرى، تحاول ألا تبكي وريهام على مقربة منها ترى حالتها تلقي عليها تعليماتها كي لا تبكي وتخرب زينتها التي أخذت معهما وقتًا ليس بالهين، ولكن رغم كل شيء لم تستطع كبح الدموع أو تلك المشاعر الجميلة التي اجتاحتها، وعلى الفور ولإنقاذ الموقف أخبرت بـرق يوسف والذي كان من حسن حظ جهاد يحمل مناديلًا في جيبه:

-يوسف هات منديل بسرعة الله يخليك.

-حاضر حاضر.

أخرجه بالفعل والتقطته سريعًا وقامت بمنحه لجهاد التي لم تفارق أحضانه بعد.

الجميع يقف يشاهدهم بعضًا منهم كان شاهدًا على قصة حبهم ويدرك معأناتهم والبعض الأخرى لم يشهد ما حدث معهما وكيف يشعران بحلاوة ولذة اللحظة التي بات فيها معًا ولن يفرقهما شيء سوى….الموت.

طال العناق ولم يتردد في أخبارها وإلقاء تلك الكلمات على مسامعها:

-أنا مش مصدق أنك في حضني، مش مصدق أني عايش اللحظة دي بجد، أنا مش بحلم يا جهاد مش كدة؟؟

هنا وخرجت من أحضانه ورفعت يدها الحاملة للمنديل تحاول مسح دموعها دون أن تخرب الزينة، تجيب عليه تنفي أن يكون هذا حلم:

-مش بتحلم لا متخافش.

ختمت حديثها تبتسم باتساع وعلى الفور قامت إسلام بالاقتراب متمتمة بمزاح مع صابـر:

-مش خلاص حضنت وسع بقى خلينا نحضن أحنا كمان ونبارك، أحنا زي أخواتها برضو.

فسح لهم مجالًا متلقيًا التهاني هو الأخر من عائلته وخاصة والدته و والده الذي فور المباركة له غادر وابتعد عن ابنه وقصد إحدى الطاولات كي يسترسل بكاءه والذي حدث من فرط تأثره لا يصدق أن صابـر أخيرًا قد تزوج، فقد بدأ الأمر بـ زهـر و زواجها من وسـام والآن ينتهي بزواج صابـر من جهاد المُتيم بها.

لم يظل جابـر بمفرده كثيرًا ولاحقه صديقه الذي لم يرغب في تركه، دنا منه مغمغم بصوت عالي اخترق أذنيه:

-أنت هتفضل تعيط كدة كتير يا عيوطة!! كدة هيجيلي اكتئاب خلي بالك، فرفش يا صاحب عُمري مالك كدة.

نفى جابـر بكاءه رغم دموعه الملامسة لبشرته والظاهرة بوضوح:

-مين قالك أني بعيط، أنا مش بعيط أهو.

-لا يا شيخ، أومال إيه اللي على وشك ده!!!!

في ذات اللحظة كان شكري قد تحرك هو الأخر واقترب من طاولة زوجته ومن سوء حظه مروره من أمام الطاولة الجالس عليها جابـر والواقف قبالتها زهران وقبل أن يبتعد انتبه إليه جابـر وسأله بتهكم وكأنه لم يكن يبكي منذ لحظات فقط:

-إيه يا شكري جاي تتخانق معايا تاني وتقولي الواد حضن البت؟

وقبل أن يجيب شكري سبقه زهران مغمغم بدفاع:

-لا معلش يا جبوري ابنك يحضن براحته دي مراته حلاله مروحة معاه.

حول جابـر بصره نحو زهران وعلق بترقب وعدم فهم:

-أنت بتقول إيه يا زهورة؟؟ ده على أساس أن المرة اللي فاتت مكنتش روضة مرات أحمد، ولا ضياء مرات آسـر!!! هي هي.

كاد شكري أن يتدخل ويشاركهم ويبرر ويدافع لولا زهران الذي سبقه للمرة الثانية:

-لا معلش أبو البنات معذور برضو ده كان كتب كتاب بس لكن ده فرح يعني لو قال لابنك بم مش هيحصله طيب.

أكد جابـر حدوث هذا:

-حصل صابـر غشيم وبذات لو في حاجة تخص جهاد، بيموت فيها وهي كمان خلي بالك بتموت فيه بس كانوا بيتقلوا على بعض، يلا الحمدلله المهم فرحنا بيهم.

تلك المرة لم يصمت شكري وعدل على حديث زهران متمتم بسخرية وهو ينظر إلى جابـر:

-بقولك إيه يا جبورة قول لزهورة صاحبك ميقوليش يا أبو البنات دي تاني، عوض جاي في السكة.

ثم نظر لزهران وتمتم بفخر وانتصار حقيقي:

-قولي يا أبو عوض.

وقبل أن يتولى الصديقان مهمة الدفاع عن الفتيات فارق مكانه وتركهم خلفه، فسارع جابـر برفع يده مغمغم بصوت وصل إلى شكري:

-يارب يا شكري تاخد خازوق يطلع من نافوخك، يارب الواد يطلع بت عشان تهمد وتتبط، بس بت إزاي معرفش، بالك يا زهورة لما الواد يجي هيقرف اللي خلفونا يلا يكش تطلع بت في الأخر.

___________________

-ما تنجز يا وسـام هنتقفش والله انجز الله يباركلك، الله يخليك، الله…

قاطعها وسـام الذي رفع بصره نحوها متوقفًا عما يفعل يناظرها بحنق:

-ما خلاص يا زهـر أنتِ هتشحتي مش كفاية مخلياني بهبب اللي بهببه ده، على فكرة بقى مفقوسة أوي وهتفهم عشان تبقي عارفة وعشان متقوليش أني مقولتلكيش.

هنا وصاحت تدافع باستماته عن اقتراحها أو مخططها إذا صح القول والوصف، والتي لم تبخل في طرحه على زوجها الحبيب والذي ستجعله مساعدًا لها بل ومنفذًا أيضًا.

فقد كان المخطط كالأتي.

يتسللون من حفل الزفاف رفقة ابنتهم الجميلة النائمة دون أن ينتبه أحد، وإذا حدث وانتبه ولاحظ أحد ذلك سيعللون بأنهم ذاهبان إلى السيارة لجلب شيء ما.

ومن بعدها يقوم وسـام بثقب إطارات سيارة ريهام وذلك لتجنبها فريـد تمامًا وعدم الحديث معه، فقد تولى هو المهمة وما أن رأها ألقى السلام ببسمة بشوشة وحينها أجابت عليه باقتضاب وأخذت حذرها كي لا يجمعها طاولة أو حديث معه.

-على فكرة لا، مش مفقوس ولا حاجة، قولي ليه يا زهـر؟ هقولك عشان أي عربية في الدنيا عجلاتها بتنام عادي، مش لازم تبقى بفعل فاعل، بقولك إيـه اللي أقوله اعمله واسمعه وأنت ساكت متتاقشنيش مش هيبقى أنت وبنتك اللي نايمة دي عليا والله اطفش ومحدش يعرفلي طريق اديني بقولك أهو..

هنا ونهض وسـام وعلى الفور نزع عن جسده جاكت بذلته الذي كان يرتديه مشمرًا لأكمام قميصه الأبيض معلقًا بمرح يشوبه سخرية وهو يشعر بالحرارة وجبينه يتصبب عرقًا بعد أن انهى مهمته بنجاح:

-لا الجملة دي لسة قدام شوية، ابتدتيها بدري بدري أنتِ خلي بالك مبتتقالش دلوقتي بتتقال لما العيال بتكبر، على العموم أنا عملت اللي عليا ونصحتك كأي زوج صالح بينصح مراته وخايف على صورتها وشكلها قدام صاحبتها، ولتاني مرة هقولك أنها هتبقى باينة ومكشوفة أوي بذات أنك ناوية تخليها تركب معاه ويوصلها هو.

-وأنت جاي تقولي بعد ما بوظت العجلة ونيمتها؟؟ نصحيها إزاي دلوقتي!!

هنا وابتسم وسـام وسألها:

-ده أنتِ بتهزري بقى!

منحته بسمة وهي تهز رأسها تؤكد له:

-مش عايزني أهزر كمان ولا إيـه.

ارتفع حاجبيه وبلمح البصر كان يلتهم ما يفصله عنها، طابعًا قبلة سريعة شغوفة على وجنتيها الناعمة، هامسًا أمام وجهها:

-هزري براحتك واعملي اللي في خيالك، ويلا خلينا نرجع الفرح لما نشوف اخرتها معاكي إيـه يا بنت جابـر.

___________________

ثمة عيون تتربص سـارة، حركاتها، رقصها رفقة العروس والبقية، ومن ثم ذهابها نحو طاولتها وجلوسها.

لا يتمكن من أبعاد بصره أو حتى الإنشغال بشيء سواها!!!!

لم يراها منذ اللقاء الأخير والذي دون أن تدرك أو تشعر جعلته يهتز من داخله، كان لكلماتها تأثيرًا قويًا عليه، حتى هو يجهل سبب حدوث ذلك معه.

لم يرسل لها أي رسائل مجددًا، فقط يراقبها من خلف شاشته كما يراقبها الآن ولكن الفرق أنها حقًا أمامه ولا يستطع الاقتراب منها أو حتى إزاحة عيونه!!

شيء ما يحدث معه لا يعرفه ولكن ما يدركه أنه يتأثر بها وبحضورها الطاغي.

أخذ نفسًا طويلًا ومن ثم أخذ قراره وحسم خطوته القادمة، نهض من مكانه حيث كان يجلس يرفض مشاركتهم الرقص كي لا تغيب عن عيونه.

اقترب منها وسحب المقعد الفارغ بجوارها وجلس عليه وهي لا تنتبه له بعد، لم تلاحظ إلا بعد حديثه وصوته الذي وصل لها مغمغم:

-تسمحيلي أقولك أن شكلك حلو…ومش حلو بس ده حلو أوي.

التفتت إليه برأسها وضاقت عيونها التي فعلت به الأفاعيل وجعلته يتوتر توتر بسيط وكأنه ينظر داخل عيون فتاة للمرة الأولى!!!

ليس كأنه اعتاد ويفعل ذلك كثيرًا..

النظر لها وبعيونها الجميلة مختلف كل الاختلاف.

-أنت بتعاكسني؟؟

هز رأسه نافيًا يصحح لها:

-مش معاكسة على قد ما هي صراحة، أنا بني آدم صريح والحلو بقوله في وشه أنه حلو والوحش بقوله أنه وحش، أنا كان يتقطع لساني يوم ما قولتلك أن أحمد أحلى منك، أصل أحمد مش بالحلاوة دي كلها.

ابتسمت له باستهزاء ثم صححت له هي تلك المرة:

-لا معلش في فرق بين الصراحة والوقاحة، واللي أنت جاي تقوله وبتقوله مسمهوش صراحة اسمها وقاحة، بتتواقح معايا عيني عينك!!!! أنت إزاي كدة! مستني مني إيه قولي؟

وبجراءة وترقب كبير أخبرها:

-مستني ترضي عني، عايز ابقى في حياتك، مش عايز ارتبط بيكي ولا أصاحبك، أقولك على حاجة اعتبريني بيست فريند، عامليني زي ما بتعاملي جهاد وليكي عليا مطلبش ولا اطمع في اكتر من كدة، وبعدين ما تجربي هتخسري إيـه؟ مش يمكن تحبيني أكتر ما بتحبي جهاد!! أنا عايز أكون في حياتك يا سـارة، عايزك تكوني جزء من يومي اسمع وتسمعيني، تطمني عليا واطمن عليكي، موافقة ده يحصل؟؟

ورغم كثرة حديثه إلا أنها أجابت بكلمة واحدة قبل أن تنهض وتتركه جالس بمفرده:

– لا.

_____________________

-زهـر أنا همشي عشان اتأخرت، يلا سلام وهبعتلك لما أروح وأنتِ طمنيني عليكم لما تروحوا.

نهضت ريهام وهي تعلق الحقيبة على كتفيها كي تغادر ولكن وبحركة لم تتوقعها وفاجئتها مسكت بها زهـر وسألتها بأعين قد اتسعت خوفًا من أن يخرب مخططها بذهابها باكرًا:

-رايحة فين!!!!! لسة بدري اقعدي.

-بدري إيـه يا زهـر الساعة حداشر!!! ده كدة بدري في نظرك!! ده متأخر جدًا، وبعدين أنتِ مبرقة ليه كدة.

-اقعدي بقولك مش متأخر ولا حاجة وأحنا معاكي متقلقيش ولو على طنط هكلمها اقعدي بقولك.

-مش هينفع والله لازم امشي و..

قاطعتها زهـر متمتمة بإصرار:

-صدقيني أنتِ مش هينفع اسيبك تمشي.. ما تقول حاجة يا وسـام.. أقولك على حاجة خدي شيلي نور شوية عقبال ما أرقص مع جوزي وهرجعلك علطول متخافيش، امسكي البت.

وعلى حين غرة قامت بوضع ابنتها داخل أحضانها، ثم تحركت مع وسـام التي جذبته سريعًا تخبرها على عجلة من أمرها قبل أن ترحل تمامًا:

-متديش البنت لحد أمانة معاكي لغاية ما أرجع أنا بقولك أهو.

نفخت ريهام وعادت جالسة وهي تحمل الصغيرة، وبداخلها شك أن صديقتها تخطط لشيء لا تعلمه بعد.

ربما شيء يخص “فريـد” والتي على ذكره داخل عقلها، دارت عيونها بحثًا عنه، وبعد بحث لم يطول وجدته يرقص بخفة رفقة أبناء أعمامه.

وقبل أن يمسك بها بالجرم المشهود والذي كان استراق النظرات نحوه، أبعدت عيونها عنه و وضعت كل اهتمامها مع الصغيرة…..

لم تشعر بالوقت وسعدت بتلك اللحظات البسيطة مع نـور.

انتهى حفل الزفاف وتحرك العروسان نحو السيارة كي يغادرا ويذهبا من منزل سلطان المقام به حفل الزفاف إلى عش الزوجية اللذان قام بانتقاء كل شيء به وصنعه بكل حب يتواجد داخلهما.

كذلك غادرت سـارة وصعدت سيارتها وشقت طريقها نحو منزلها.

أما عن ريهام فلم تتركها زهـر وذهبوا معًا نحو سيارتهم المصفوفة.

ولكن فور وصولها وما أن صعدت ريهام سيارتها حتى صاح وسـام بطريقة زائفة بعد أن لكزته زهـر كي يتحدث:

-العجلة اللي ورا نايمة خلي بالك.

ارتفع حاجبي ريهام وترجلت من السيارة مجددًا تبصر الإطار المثقوب وهي تردد بارتباك:

-طب وبعدين اعمل إيـه أنا معيش استبن حتى؟؟ أنا بجد اتاخرت.

هتفت زهـر تخبرها بنبرة تبثها الطمأنينة بعد أن حمدت ربها في سرها أنه لا يوجد بحوزتها استبن والتي غفلت وتناست أمره هي و زوجها:

-أنتِ بتسألي تعملي إيه وأنتِ في بيت جدو سلطان على سنح ورمح!!! ده أنا اجبلك أحسن عربية بالشوفير بتاعها حالًا.

وباحراج ردت:

-لا بلاش مش عايزة اعمل قلق وازعاج على أخر اليوم أنا هطلب عربية.

-تطلبي عربية في الوقت ده لا طبعًا، على جثتي أنا و وسـام أن ده يحصل وأحنا موجودين استني بس.

وبالفعل لم تفوت الأمر وقامت بإجراء اتصال مع شخص ما لم تذكر اسمه ولكن لم يكن من الصعب على ريهام تخمين هويته.

لحظات وكان يتقدم منهم، وعيونه تدور على الثلاث يتساءل:

-في حاجة ولا إيـه؟؟

تولت زهـر مهمة الرد تحت أنظار زوجها المتابع لمخططها الذي يسير حتى الآن على ما يرام:

-ريهام كوتش العربية بتاعها نام ومعهاش استبن وبناءًا على ذلك وعلشان أحنا عائلة كريمة تفهم في الاصول مينفعش تمشي لوحدها في وقت زي ده ولا أنت شايف إيـه يا أبو الرجولة والشهامة.

وبدون أي اعتراض رد موافقًا:

-أكيد طبعًا.

رفضت ريهام وقالت باعتراض وهي تفتح هاتفها كي تطلب سيارة:

-لا معلش متتعبش نفسك أنا هطلب عربية…ولا بقولك إيه متاخدوني في سكتكم، أنتِ ليه محطتيش أوبشن أنك تاخديني معاكم!!!

وبدون تفكير ردت زهـر:

-سكتك غير سكتنا يا ريهام أنتِ في الشمال وأحنا في الجنوب، وبعدين كدة كدة كنتي هتطلبي عربية، أنا بوفرلك عربية وفوقها فريـد المحترم الخلوق الوقور اللي ميطلعش منه العيبة وابقى مطمنة وأنتِ معاه..

وبعد انتهائها اقتربت من صديقتها وهمست لها بما لم يسمعه فريـد أو وسـام:

-متخافيش مش هيأكلك ابننا عامل دايت ومبيأكلش حلويات، يلا يا ريهام الواد واقف متكسفيهوش ويا ستي اركبي ورا لو ده هيريحك؟

هنا وتحدث فريـد ينتهز تلك الفرصة التي قدمتها له زهـر يخبرها باحترام وهدوء كبير مكررًا كلمات زهـر الذي لم يكن على علم بأنها قالتها من الأساس:

-متقلقيش ولو تحبي اركبي ورا واتعاملي كأنك طلبتي عربية وجاتلك واعملي شير لوكيشن كمان مع زهـر.

ابتسمت زهـر ونظرت لريهام التي التقطت نظرتها وكأنها تخبرها أرايتي؟؟

وفي النهاية وجدت حديثهم منطقي و وافقت وجلست بالخلف بالفعل رغم عدم اقتناعها وهناك شيء بداخلها يخبرها أن ما يحدث خطأ..

صعد فريـد بمقعده وقبل أن ينطلق سرق نظرة نحوها من خلال المرآة الأمامية.

___________________

ظلت سـارة طوال الطريق وقيادتها للسيارة تفكر في قُصي رغمًا عنها وعن إرادتها.

إصراره مريب، لا يضيع فرصة للحديث ومحاولة الإيقاع بها في شباكه، أمره مكشوف أمامها ولذلك ترفضه.

لا تنوي منح أي رجل فرصة، لن تكرر خطأها السابق وما فعلته مع عـادل الذي لم يستحق أي مما فعلته معه، ولكن من بعد الآن الأمر لم يصبح يزعجها وباتت تعتبره درسًا لها استفادت منه وخرجت بدروس مستفادة..

وأول درس كان عدم الوثوق في أي رجل مهما كان ومهما قال!!!

وهذا بالفعل ما تفعله مع قُصي.

وصلت أخيرًا وما أن توقفت وقبل أن تترجل من السيارة، وجدته في انتظارها…

ليس قُصي تلك المرة ولكن عـادل.

ظلت ثواني قبل أن تهبط وتراه من جانب عيونها يقترب منها ويبتعد عن سيارته.

والآن الاثنان يقفان في مواجهة بعضهما البعض، وقبل أن يتحدث سبقته تستفسر منه بقوة:

-عايز إيـه يا عـادل إيـه اللي جابك؟!

-عايز نرجع يا سـارة، عايز ابدء معاكي صفحة جديدة، أنا اكتشفت لما قعدت و فكرت مع نفسي أنك الوحيدة اللي حبتني وعملت عشاني كتير بس أنا كنت مغفل ومقدرتش.

لجمها وصدمها من كلماته يخبرها كأنه كل ما فعله كان هينًا بسيطًا عليها.

يخونها، يقوم بمعايرتها بأوجاعها ومأساتها، ثم يقع في عشق أخرى ويتقدم لخطبتها والزواج منها.

والآن ويوم زفاف الأخرى التي أضحت صديقة مقربة تكن لها كل الحب والود والاحترام يطلب الرجوع ببساطة.

لم تكبح الكلمات المتذمرة الساخرة وصرحت بها في وجهه:

-نرجع ببساطة كدة!!! حد قالك أني تحت أمرك!! حد قالك أن لسة في مشاعر جوايا ناحيتك! لو كنت سامحتك قبل كدة فـ ده عشان كنت بحبك مش عشان أنا تحت أمر جنابك!

التزم الصمت وانعقد لسانه، فهو للحق توقع رد فعل غير هذا!!

يعلم كم كانت تعشقه!!

لم تكتفي بهذا القدر واسترسلت بذات القوة أمامه:

-أنا مش عبيطة عشان تفتكر تيجي تضحك عليا بكلمتين وأنا المفروض اصدقهم، أنا عارفة أنت عايز ترجعلي ليه، عايز تضايق جهاد اللي أنت عارف أن فرحها كان النهاردة مش كدة؟ بس مع الأسف جهاد مش بتفكر فيك أساسًا وأنت مش في دماغها وغير كدة أنا معنديش استعداد اخسرها عشان جنابك، ولا أخسر نفسي وانزل من نفسي وامحي كرامتي علشانك، امشي يا عـادل، ابعد عني، اللي بتفكر فيه مش هيحصل ومش هرجعلك، أنت انتهيت واتمحيت من جوايا ومبقاش ليك مكان، مبقتش مبهورة بيك وشيفاك زي الأول، اكتشفت أن فعلًا مرايا الحب عامية، وأنا الحمدلله فتحت.

___________________

أضحى الاثنان على أعتاب منزلهما، وضع صابـر المفتاح محله وقام بفتح الباب ولكن قبل أن تخطو أي خطوات أضافيه استوقفها صوته يحثها على التوقف:

-استني متدخليش.

عقدت حاجبيها وقبل أن تفتح فمها وتستفسر عن السبب عرفته.

فقد مال بجسده ويده أصحبت أسفل ركبتيها من الخلف ويده الأخرى خلف ظهرها وبحركة مباغتة لها قام بحملها ورفعها عن الأرض.

وبعفوية تعلقت يديها برقبته تخبره:

-نزلني يا صابـر الفستان تقيل ومتقلني بتاع عشرة كيلو.

-يا خبر أبيض عشرة كيلو مرة واحدة، لا ده أحنا نشوف الموضوع ده بقى لما ندخل جوه.

أنهى حديثه والجًا المنزل معها مغلقًا بابه بقدميه، قاصدًا غرفة النوم.

وبدون أن تمس قدماها الأرض ولا تزال بين ذراعيه متمسكًا بها، فتح الباب ودخل الغرفة وأغلق بابها وبعدها قام بالإفراج عنها وتحريرها.

وما أن لمست قدميها الأرض وبسبب تواجدهما بمفردهما وبداخل غرفة بابها مغلق عليهما، انتابها توتر لا يشبه أي توتر سابق، بللت شفتيها وقالت بتلجلج وهي تشير نحو دورة المياة:

-أنا هدخل الحمام وهخرج علطول، ثانية بس.

وقبل أن تفعل وتمنعه من التلذذ والاستمتاع برؤيتها في حالتها تلك، وقف أمامها مباشرة يعيق تحركها، يسألها ببسمة عابثة مشاغبة:

-رايحة على فين؟؟؟

ردت بذات التوتر الذي لا يقل بل يتزايد أكثر:

-ما أنا قولتلك على فكرة، وسع بقى بجد متبقاش بايخ.

رفع سبابته وأشار نحو نفسه باستنكار:

-ده أنا اللي بايخ؟؟؟ يعني مش أنتِ؟؟ فكرك أنا ناسي عملتي إيـه ورفضيني كام مرة!!! ده أنا مستحلفلك يا جهاد.

تقدم منها أثناء حديثه، فما كان منها سوى التراجع للخلف وهي تسأله بعدم فهم:

-يعني إيه مستحلفلي؟؟؟ ناوي على إيـه؟

ظلت تتراجع وهو يتقدم، هي تتراجع وهو يتقدم…يتقدم بشكل يثير الأعصاب ويربكها تجهل ما ينوي والقصد من حديثه.

عيونهما تتبادل النظرات والمشاعر تملئ الأجواء، تتمنى أن تختفي من أمامه تشعر بأنها في موقف لا تحسد عليه وكل ما تفكر به الآن هو الهرب والفرار من أمامه.

ولكن أين السبيل وهو يمنعها.

وقبل أن تتخبط بظهرها في ظهر الحائط كان يلتقطها من خصرها ويقربها منها يهمس لها أمام وجهها وأنفاسه تلامس بشرتها وتشعر بها بقوة:

-هتروحي مني على فين؟ بقولك مستحلفلك!! عارفة يعني إيـه مستحلفلك؟ يعني محدش هينجدك مني النهاردة، بتعملي فيا أنا كدة! هونت عليكي يا جهاد! طب بلاش أنا هان عليكي قلبك، اعمل فيكي إيـه قوليلي؟ اللي هتقوليه هعمله.

تبدلت نبرته كما تبدل حال قسمات وجهه، أصبح أكثر جدية، وصدقًا.

نطق لسانها واعترف بما ترغب في حدوثه اليوم ومستقبلًا:

-حبني، حبني لأخر العُمر، اتقي ربنا فيا، متظلمنيش ولا تيجي عليا، احضني وطبطب عليا، لو حصل خلاف أو مشكلة ما بينا متسبنيش لدماغي اتكلم معايا، والأهم عندي من ده كله تحب ولادنا اللي إن شاء الله ربنا ينعم علينا بيهم، حبهم أكتر مني واهتم بيهم خليك صاحبهم قبل ما تكون أبوهم، متخليهمش يخافوا منك ويتجنبوك خليك أول واحد يترموا في حضنوا ويشكوا همومهم اديهم الأمان اللي هيبقى محتاجينه واللي المفروض يديه أي أب، متحرمهمش من كل ده، كفاية أمهم اتحرمت….

الدموع كانت أقوى من رغبتها في التحلي بالقوة، استسلمت لها وضعفت نبرتها، ولانت ملامحها وكأنها ترجوه كي يكون حنونًا محبًا لها دائمًا وأبدًا، يحب أبنائهم في المستقبل كما يحبها الآن، تتمنى ألا يزول هذا الحب التي تراه في عيونه.

لا ترغب في أن يعاني أبنائها كما عانت هي، تريد لهم حياة أفضل وأب يستحقهم وهي بدورها ستسانده ويعملان على منحهما كل الحب والدفء الذي سيحتاجون له.

رفع يده وقربها من وجهها وبحنو مسح لها عبراتها، متفهمًا خوفها ورعبها من أن يكون نسخة ثانية من والدها ويذوق أبنائها ما ذاقته.

خرج صوته دافئًا بثها راحة وشعور بالأمان:

-جهاد متخافيش، اطمني طول ما أنا معاكي اطمني، وبعدين بالعقل كدة إزاي ممكن اقسى أو ابقى وحش قدام مع ولادنا؟؟ دول نعمة من ربنا اتمنى ربنا يكتبها علينا، وغير كدة دول هيبقوا ولادي منك، أنتِ متعرفيش أنا بحبك قد إيـه ومهما قولت أو وصفت وشرحت مش هعرف أوصلك إحساسي ودرجة حبي ليكي واصلة لـ إيه عشان كدة سيبي الأيام هي اللي تقولك، ممكن بقى بعد أذنك تبطلي عياط! أنتِ بتعيطي ليه أصلًا.

اقترب منها أكثر وطبع قبلة على جبهتها، ثم وجنتيها وعلى مقربة من شفتيها.

ثم عاد ينظر داخل عيونها مباشرة يرى الخوف قد تبخر ومشاعرها نحوه قد تمكنت منه، سعيدة بهذا القرب، فما كان منه سوى الاعتراف مجددًا:

-جهاد أنا بحبك……

««يتبع»»…..

فاطمة محمد.

الفصل التالي: اضغط هنا

يتبع.. (رواية الحب كما ينبغي) اضغط على اسم الرواية لتجد الفهرس كاملاً بجميع الفصول.

أضف تعليق