رواية الحب كما ينبغي الفصل السادس والسبعون 76 – بقلم فاطمة محمد

رواية الحب كما ينبغي – الفصل السادس والسبعون

الفصل الأخير

الفصل الأخير

الحب كما ينبغي.

فاطمة محمد.

الفصل الأخير:

-عملت إيـه وصلتها؟

تساءلت زهـر وهي تلج من باب منزلها حاملة ابنتها المستيقظة على يدها وفي اليد الأخرى تحمل الهاتف وتضعه على أذنيها تحادث فريـد، وقبل أن تحصل على جواب منه سواء كان بالنفي أو الأيجاب، تابعت تحذره:

-استنى لو لسة وهي معاك متعرفهاش أنه أنا خليني مجهولة الهوية عندها.

وببسمة لم تراها زهـر أخبرها فريـد وعيونه لا تفارق الطريق قبالته:

-لا مش معايا نزلت أنتِ خايفة منها ولا إيـه.

-وأنا هخاف ليه يعني هو أنا عملت حاجة لسمح الله؟؟؟ المهم احكيلي عملتوا إيـه اتكلمتوا في حاجة؟؟؟ أوعى تكون ضايقتها والله انط في كرشك..لا بس هعملها إزاي دي مبقاش في كرش!! ما علينا مش وقته احكي بسرعة.

ختمت حديثها وهي تضع ابنتها في أحضان وسـام المستقبلة بكل حرارة وسعادة لابنته.

قامت بتشغيل مكبر الصوت كي ينصت زوجها أيضًا إلى المكالمة وما حدث بين الاثنان:

-احكي أقول إيـه؟؟ مفيش حاجة تتحكي، ما تروحي تكلميها هي أسهل وتحلي عن دماغي بقى.

وقبل أن ينهي المكالمة قرر أن يزيف ضيقه وأضاف كاذبًا:

-وآه كنت هنسى، بعد أذنك تاني مرة متخلنيش أوصل حد من صحابك أنا مش شغال عند جنابك، ولو عايزة توجبي مع صاحبتك عندك اخواتك وجوزك خليهم هما اللي يوصلوها.

ارتفع حاجبها وقالت بترقب ساخر:

-لا يا شيخ!! عايز تفهمني أنت كنت مضايق؟

تابع كذبته وأخبرها:

-أكيد مضايق ده كفاية أنها قعدت ورا يعني حتى مفيش ذوق وتقول أقعد جمبه ده كتر خيره أنه بيوصلني ولعلمك وشي كان مقلوب طول الطريق.

-آه فهمت قول كدة بقى هو ده اللي مضايقك أنها قعدت ورا مش قدام جمبك! طب خلاص المرة الجاية اكتب عليها عشان ترضى تقعد جمبك بقى، وبعدين بقولك إيـه لما تحب تأفلم ميبقاش عليا ده أنت لو كنت تقدر تطير من الفرحة أنها هتركب معاك كنت طيرت وحلقت في السماء الواسعة فمتعملهاش عليا أنا حفظاكم واحد واحد مش مختومة على قفايا ولا لسة عرفاكم امبارح.

-أنــا!!!!! أنا كنت هطير من الفرحة!! واضح أنك تعبانة في دماغك و…

قاطعه وسـام الذي تدخل تلك المرة وقام بتحذريه بل تهديده بعدم التطاول على زوجته:

-لا…لحد هنا وتعمل استوب!!! مين دي اللي تعبانة في دماغها ياض يا فريـد!! تصدق أن محدش تعبان في دماغه غيرك!! الحق عليها يعني أنها بتحاول توفق رأسين في الحلال!!! عمومًا حصل خير وهي مش هتدخلك في حاجة تاني من النهاردة وهتشوفلها واحد غيرك يقدرها، يلا غور بقى.

أغلق المكالمة في وجهه تاركًا إياه يفكر في كلماته الأخيرة وصداها لا يتوقف داخل عقله.

أما زهـر فأشارت نحو نفسها تسأل زوجها:

-بقى أنا تعبانة في دماغي يا وسـام شوفت قلة أدبه؟؟ طب مبقاش أنا أنا وأنت أنت وهو هو وهي هي ونور نور لو مخلتهوش يجوزها ورجله فوق رقبته.

تغافل وسـام عن الجزء الأخير من حديثها وعقب على الأول فقط، مجيبًا ببسمة مؤكدة:

-بصراحة آه، بس عُمري ما شوفت حد تعبان في دماغه بالحلاوة دي؟؟ مش معقول طمعك وأنانيتك إزاي واخدة الطعامة دي كلها ليكي لوحدك.

-كُل بعقلي حلاوة كُل، بقى أنا تعبانة في دماغي؟

تنهد وعقب بهدوء:

-يعني سبتي كل الحلو اللي قولته ومسكتي في دي، يا ستي لا أنا اللي تعبان في دماغي أنتِ زي الفل.

___________________

عاد قُصي إلى منزله بعد منتصف الليل، الظلام هو ما يعم وينتشر في أرجاء المنزل مما جعله يتقن أن والده و والدته قد ذهبا في النوم بعد عودتهم من حفل الزفاف.

توجه صوب غرفته بخطوات متكاسلة وجسد متهالك وذهن شارد، لم يفيق من حالته إلا على صوت هاتفه المعلن عن اتصال من واحدة من صديقاته.

زفر ما أن قرأ اسمها وانتظر حتى ولج غرفته وأغلق بابها عليه، ثم دفع الهاتف بأهمال وعدم مبالاة على الفراش.

ثم بقى واقفًا في الظلام، لم يتقدم كي يبدل ملابسه أو حتى ينام بها أو حتى يتراجع كي يضئ النور.

بل ثابت كأنه مجمد لا يقدر على الحركة، يفكر فيما دار بينه وبين آسـر..

تسيطر عليه حالة من الإنكار، لا يرغب في تصديق أنه وبعد العديد من العلاقات والنساء وقع في الحب دون أن يشعر ورغمًا عن إرادته.

على الرغم من أنه قد خاض العديد والعديد إلا أن كل هؤلاء لم يصل معهم إلى مرحلة الحب والهوى.

ربما تكون قد فعلت أحدهما واحبته حب حقيقي صادق لكنه لم يفعل..

تلك هي مرته الأولى، لأول مرة يشعر بالحيرة والتعقيد، وصل إلى مرحلة عدم فهم الذات ومحاولة عقله في النكران والنفور مما يحدث.

بعد لحظات من التفكير تحرك من مكانه وتقدم من الفراش وجلس على طرفه.

وما كاد أن يسترسل في التفكير، دق باب غرفته قبل أن يفتح ويطل والده والذي تعجب من جلوسه في العتمة.

سارع خالد في إشعال الضوء وهو يسأله بخفوت:

-قاعد في الضلمة كدة ليه؟

وبملامح وجه جامدة أجاب قُصي:

-عادي كنت هنام.

-هتنام بهدومك؟؟طب حتى غير وبعدين نام!

هكذا ردد خالد باستنكار، فما كان من قُصي سوى تكرار كلمته السابقة:

-عادي مش فارقة.

وبذات الاستنكار علق والده:

-برضو عادي هو كله عادي عندك ولا إيـه؟؟ أنت في إيـه مالك؟

ازدرد ريقه واستفسر منه بترقب:

-مالي؟؟؟

-لا بقى كدة كتير في إيـه يا بني؟؟ أنت مش مضبوط ليه؟؟

هنا وبمهارة فائقة استطاع تبديل حالته في لمح البصر وبعدما كانت حالته لا تبشر بالخير وتعكس لمن أمامه بما يحدث معه، ابتسم بسمة واسعة كانت تخفي خلفها الكثير من المشاعر والخفايا والأسرار الذي لا يعرف والده عنها شيء، متمتم بمرح وأسلوبه الذي اعتاد عليه من حوله:

-أنا زي الفل أهو بس تعبان شوية ومش قادر أقوم أغير كنت بفكر أنام زي ما أنا بهدومي بس متقولش لماما عشان متدنيش محاضرة الله يكرمك.

لم يصدق خالد ما يراه، وشعر بداخله أن هناك ما يخفى عنه ويحدث مع ابنه لكنه لا يرغب في الإفصاح عنه.

تنهد ثم دنا منه وجلس بجواره وقال مغيرًا مجرى الحديث محاولًا كشف ما يدور:

-طب قولي ناوي تفرحنا بيك أمتى، أخوك وأتجوز وخلف، محمد ويوسف واتجوزوا و واحد خلف والتاني لسة ابنه او بنته في الطريق، أحمد وآسـر وكتبوا كتابهم، صابـر واتجوز، أنت إيـه ظروفك بقى؟؟؟ مفيش واحدة عجباك وعايز تاخد خطوة الجواز معاها؟؟ هتفضل كدة لحد أمتى؟

وببسمة لم تصل لعيونه رد مشيرًا نحو قلبه النابض باسمها:

-لا مفيش أي واحدة قدرت تحرك ده وتخليني افكر في الجواز، وبعدين ليه باصص لأخويا ويوسف ومحمد وأحمد وآسـر وصابـر، ما تبص لـ فريد ما هو حاله من حالي.

هنا وآتاه رد والده المدافع عن الأخير:

-بس فريد غيرك، أنت صايع وكلنا عارفين، أنا مش عارف المشكلة فين يعني أنا وأمك تعبنا معاك حتى أخوك متربي معرفش قلة الرباية اللي عندك دي جت منين.

تبسم وجه قُصي ثم أشار نحو نفسه تلك المرة بدلًا من قلبه:

-من عندي، دي اجتهاد مني برة عنك أنت وماما، أنتوا الاتنين عداكو العيب وأزح وعملتوا اللي عليكوا وزيادة المشكلة فيا أنا مش فيكم أنتوا صدقني.

-ما أنا مصدقك عشان دي الحقيقة، المهم دور على عروسة بنت حلال تشاركك حياتك ودنيتك عشان لو معملتش ده من نفسك أمك هتعملها أنا حايشها عنك بالعافية خلي بالك وعمال اقنعها أنك هتعقل قريب وتصبر عليك بس خلاص قربت تجيب أخرها منك، فانجز نفسك.

___________________

نائمًا على جانبه، ماددًا ذراعيه لرأس جهاد التي تستند وتريحها عليه، جفونها مغلقة، وأنفاسها منتظمة، غارقة في نوم عميق، تاركة إياه مستيقظًا بمفرده بعد أن فارقه النوم، وظل يتأملها دون ملل أو شعور بالوقت.

أطال النظر إليها وبعدها مد يده الأخرى نحو خصلاتها مربتًا على رأسها بحنان بالغ.

لم يكتفي ولم يشبع بهذا القرب وطمع في الحصول على المزيد وما قد يمكنه من تحمل ذلك الوقت النائمة به وتتركه وحده.

اقترب برأسه نحو جبينها أولًا وترك قبلة، ثم ابتعد قليلًا وترك أخرى على وجنتيها.

واحدة لاحقها أخرى.

لم يترك مكانًا في وجهها لم يقبله بحنان وحب.

وبعد أن انتهى بدأ يسحب ذراعيه من أسفل رأسها رويدًا رويدًا كي لا يقظها ويقلق نومها.

نجح في مهمته ونهض عن الفراش بهدوء وحذر.

غافلًا عن عيونها التي حاولت فتحها بعض الشيء كي ترى ماذا يفعل وأين يذهب.

فقد ايقظها بقربه وشعورها بملمس أنفاسه وشفتيه.

وبعدها شعرت بحركته ومحاولته الناجحة في الابتعاد والنهوض.

في ذات الوقت التي كانت تحاول فيه رؤية ما يفعل كان هو يعود ليجلس قبالتها على الفراش، دفتر رسوماته…أو رسوماتها إذ صح القول بين يديه وبالتأكيد لم ينسى أن يأتي بقلمه الرصاص كي يبدأ في رسمها وهي نائمة……

مر الوقت سريعًا عليهما، هو لم يترك القلم إلا بعد انتهائه، وهي حاولت وقاومت رغبتها في الحركة تاركة إياه يتابع رسمته.

زفر تاركًا الرسمة أمامه متمتم بصوت عادي تغلغلها:

-خلصت خلاص تقدري تقومي.

حركت بؤبؤ عيناها من أسفل جفنها ورأى هو ذلك، مما دفعه لأخبارها بحقيقة معرفته باستيقاظها:

-أنا عارف أنك صاحية، فتحي عينك يا جهاد.

فتحت عين واحدة وسألته بترقب:

-عرفت منين أني صاحية؟؟

-عيب عليكي لما تسأليني سؤال زي ده، ده أنا صابـر يا جهاد، صابـر على سنح ورمح.

-إيـه صابـر يعني مـ……

قاطع ذلك الجدال الحادث بينهما بالاقتراب منها بحركة مباغتة مقبلًا وجنتيها قبلة سريعة ثم عاد ممسكًا للرسمة يرفعها أمام عيونها راغبًا في معرفة رأيها:

-إيـه رأيك حلوة؟

نجح في تغيير مجرى الحديث وإشغالها في رسمتها.

ابتسمت وهي تتأملها كما كان يتأملها هو أثناء نومها، وبحركة عفوية ونظرات عاشقة كفيلة لأخباره كم تعشقه وعشقت ما رسمه:

-تجنن، بس ده مش جديد عليك أنت كلك على بعضك تجنن يا صابـر، هو أنا حبيتك من شوية؟؟ تسلم أيدك يا حبيبي.

تلك المرة هي من تقدمت منه وقبلته على وجهها، تراقص قلبه من فعلتها وأضاف وهو ينظر داخل عيونها:

-أنا برضو اللي اجنن؟؟ أومال أنتِ بقى أقول عليكي إيـه؟؟

_______________

وفي ذات الوقت التي كانت تسعد فيه جهاد وتنعم بلحظات وأوقات غاية في السعادة والفرحة، كان عـادل يقبع داخل شقته، سيجارته بين أنامله، يدخن بلا توقف وبصمت تام منذ أن عاد بالأمس وحصل على رفض من سـارة.

لا زال يحب جهاد ويكن المشاعر لها ولكنه في النهاية خسرها ولن تعود له، عادت إلى من تحب وهو بالنسبة لها لم يعد شيء تناسته كأنه لم يمر في حياتها رجل يدعو عـادل.

والآن لا تزال أمامه فرصة للعودة إلى الساحة والبدء من جديد ولكن تلك المرة لن تكون عن طريق جهاد، بل ستكون سـارة!!

كل ما قالته وأخبرته به لا يصدقه.

لم تمر في حياته امرأة عشقته وفعلت لأجله الكثير مثلها.

هي فقط غاضبة منه وبمرور الوقت ومع إصراره على الرجوع إليها ستسامحه لا محال مدام عشقه لا زال يسكن قلبها.

هكذا اقنع نفسه وأخبرها كاذبًا عليها، رافضًا الحقيقة الواضحة وهي أنها قد تخطته تلك المرة ولا توجد فرصة للرجوع من جديد فـ الآوان قد فات.

___________________

مرت أيام عدة أنهى خلالها كل من أحمد وآسـر تجهيزات منازلهم، كما استطاع شكري تحقيق أمنية زوجته التي ستأتي له بالصبي، لم يبخل عليها بشيء واقتنى لها السيارة وكتبها باسمها بناءًا على رغبتها وأيضًا التقطت جهاد ما قد يكون حدث وهذا التغيير المفاجئ الذي حدث مع والدها توقعت أن صابـر السبب وأن شكري يقوم باستغلاله لذا واجهت زوجها لكنه نفى ورغم ذلك ظلت على يقين أن هذا هو السبب وهو لا يرغب في أخبارها كي لا يحرجها أو يجرح مشاعرها………..

والليلة ليست كأي ليلة بل هي ليلة تم انتظارها أيام وليالي، اشتاقت القلوب والأرواح لحلولها، وها هي بعد الكثير قد آتت وآتى معها السعادة والفرحة.

الليلة هي حفل زفاف اثنان تمت ولادتهما في نفس الليلة من أحفاد سلطان وهما

أحمد…وآسـر.

اثنان رغم اختلافهما في الطباع والشخصية إلا أنهما تشابهوا في حبهما، الاثنان يعشقان حد النخاع..يعشقان توأمتان.

تم عقد قرآنهم معًا والآن يقام حفل زفافهما معًا أيضًا.

حفل كبير مقام في حديقة قصر سلطان، تم دعوة الكثير إليه وكانت الأجواء مفعمة بالسعادة ودموع الفرح والاندهاش…اندهاش وصل لمرحلة الصدمة..

والسبب كان أحمد……

المحب بل العاشق للبذلات بجميع ألوانها الغريبة، لم يكن من مفضلين البذلات باللون الأسود أو الأبيض، الكحلي أو البني أو حتى الرمادي سواء فاتح أو داكن.

على استعداد بارتداء أي لون عدا هؤلاء وهذا ما توقع الجميع أن يراه منه ولكنه خالف التوقعات تلك المرة وارتدى بذلة باللون الأسود!!!!!!!!!!!!!!

مسببًا الكثير من علامات الاستفهام لدى الكثير ولكنه لم يهتم بأحد بتاتًا.

تركيزه كان معها ورأيها هي فقط ما يهمه أما عن الجميع فليذهبوا إلى الجحيم.

وأثناء رقصه معها وتلاقي العيون اللامعة ببريق الحب، اقترب من أذنيها يخبرها:

-اقسم بالله ما مصدق نفسي!! أحنا بجد وصلنا للمرحلة دي خلاص؟؟ يعني أنتِ مروحة معايا بيتنا اللي ضبطنها وفرشناه سوا وعلى ذوقنا؟؟؟ مفيش مكالمات تليفون تاني!!

ابتسم وجهها وهمست تمزح معه:

-مفيش بس لو ده مزعلك ممكن تكلمني في الموبايل وأنا معاك وقدامك على الأقل نتكلم وأحنا شايفين بعض، بقولك إيه أنت ليه مبقتش بتكلم زي الأول.

ارتفع حاجبيه وقال متعجبًا:

-أنا!!! ده أنا محدش بيكلم قدي ده أنا بيقولوا عليا بالع راديو.

-لا مش ده قصدي أنا قصدي مبقتش تكلم بالفصحى ليه؟؟ أنا مستنياك بقالي كتير ترجع تكلم بيها بس ده مبيحصلش فقدت الشغف ولا إيه!!! أنا كنت بحب طريقة كلامك القديمة على فكرة.

-حقًا؟؟؟ هل تحبينني وأنا اتحدث هكذا!!

هزت رأسها تؤكد له:

-أجل يا فندم ده أنا مش بحبك بس ده أنا بعشقك، وبجد الفصحى وحشتني.

سعد من تقليدها له واعترافها الأخير، وأضاف موضحًا:

-كل ما في الأمر أنني رغبت في أخذ استراحة ربما قصيرة وربما طويلة، وفي معلومك هذا ما افعله كل فترة والأخرى أنا وأبي كي لا تفقد الطريقة بريقها واشتاق لها واعملها ابديت، وبسببك ها أنا اعود للفصحى من جديد.

_________________

كالعادة حدث مع قُصي ما يحدث معه دائمًا ومؤخرًا، حاول طردها وأن يتوقف عن التفكير واشغال نفسه بأي شيء واقناع نفسه أن ما يمر به ما هو إلا حالة من الأعجاب والانبهار، لم ولن تصل إلى أمور العشق والهوى.

لم يراها مجددًا من بعد زفاف جهاد وصابـر.

تحمل وحاول كثيرًا الابتعاد عنها..

لم يعد يراقبها من خلف شاشة هاتفه ولكن الأمر لم يطول كثيرًا ولم يمر عليه أربعة وعشرين ساعة ففي ذات اليوم الذي اتخذ فيه قراره بالصباح تراجع عنه في المساء يشاهد ويتابع كل جديد لها.

لم يحاول التواصل معها فقط يراقب من بعيد.

والليلة وبعد رؤيته لها يعود إلى نقطة الصفر، لم يستطع أن يصمد أمامها وقبل أن يتهور ويفعل ما لا يحمد عقباه قرر أن يشور صديقه المقرب آسـر.

والذي كان حينها يفعل مثل أحمد تمامًا ويرقص مع زوجته على واحدة من الأغاني الرومانسية التي لم تنصف حالته وحالة العشق الواقع بها.

قاطع تلك اللحظة عليه بصوته العالي الذي وصل إلى مسامعه قبل أن يصل بجسده.

-آسـر بقولك.

وبدون أن يحيد ببصره عنها قال رافضًا أن يسمع منه:

-متقولش.

لم يسمع منه واقترب منه ليصبح في منتصف الصورة بينه وبين ضياء، يخبره في أذنيه:

-اعمل إيه مع سـارة؟؟ شور عليا الله يخليك!!! البت شكلها سحرالي يا صاحبي.

مال بوجهه على أذن قُصي الذي ظن أنه حقًا قد يقترح عليه حل قد يجدي نفعًا:

-غور من وشي بدل ما أعمل أنا فيك وفي أهلك، غور يا قُصي.

استنكر كلماته ورددها بصدمة تشكلت على محياه:

-أغور!!!!! تصدق أنك مش جدع يا خسارة يا صاحبي يا اللي كنت فاكرك صاحبي، أنا هتصرف ولا الحوجة ليك يا آسـر الكلب يا صاحب الندامة.

فور ذهابه تحرك نحوها منتهزًا جلوسها في الوقت الحالي.

التقطت عيونه أثناء اقترابه أن المقاعد ليست شاغرة، على يمينها تجلس جهاد ويسارها رضا.

لم يبدي اهتمامًا لأحد ثم وقف خلفها مباشرة ومال قليلًا عليها حتى تسمعه جيدًا ولا تغطى الموسيقى على صوته:

-سـارة ممكن تقومي معايا دقيقة عايزك في موضوع مهم.

عرفت صوته فما كان منها سوى التطلع إليه من جانب عيونها، رافضة الذهاب معه أو حتى الحديث:

-لا مش ممكن.

-لو سمحتي يا سـارة متفرجيش علينا الناس، ده هي دقيقة واحدة هتخسري إيـه؟؟؟ قومي بقى.

توقع أن تطول محايلته ومحاولته معها ولكنها خالفت كل هذا واطاحت به بمجرد أن تراجعت بالمقعد للخلف وتأهبت للنهوض والتحرك معه.

تهللت أساريره ولم يصدق استجابتها السريعة تلك!!!!

تحرك الاثنان معًا ووقفا في الخارج بعيدًا عن الضوضاء، الاثنان في مقابلة بعضهما البعض، هو يبصرها ولا يبصر شيء سواها في تلك اللحظة وكأنه مسحور مفتون.

نظراته بها وطريقة تطلعه كانت مختلفة عن نظراتها هي والتي كانت باردة بشدة تعكس عدم شعورها بشيء نحوه.

وبالتأكيد لم يغيب عنه هذا الشيء ولكن رغم ما يراه لم يتراجع وظل ثابتًا وألقى ما في جعبته:

-متوقعتش تقومي بجد معايا بس…

-بس إيـه؟ إيـه الموضوع المهم يا قُصي؟؟ أقول أنا؟ الموضوع أنك عايزنا نبقى صحاب ونقرب مش كدة!!أنا عُمري ما شوفت واحد عنده إصرار زيك!! أنت فعلًا مبتزهقش ومبتملش أي حد مكانك كان زمانه زهق وبعد من بدري!! بس أنت معملتش ده! ودي حاجة أنا شخصيًا كسارة احترمتها، أنت كدة من زمان؟ الحاجة اللي بتحب توصلها بتوصلها؟؟؟

ابتلع ريقه على يقين بنهاية هذا الحديث والذي لن يختلف في شيء ولكنها تظل محاولة في الأول والأخير ولن يستسلم أو يتراجع…:

-أنتِ مش أي حاجة يا سـارة، أنتِ مش عارفة أنتِ عاملة فيا إيـه وشغلاني إزاي، أنتِ دماغك ناشفة أوي كدة ليه؟؟ هتخسري إيـه؟؟ أنا مش عايز نحب في بعض بس عايزك في حياتي، أنتِ فهماني؟؟ فاهمة أنا عايز أقول إيـه!!!

ترى في عيونه توتره، ارتباكه، تشتت، وتخبطه!!!

نظراته ترجوها، ما يعجز لسانه عن قوله تولت عيونه أمره وكانت تخبرها به.

لانت قسماتها بعض الشيء وقالت بهدوء لا يشوبه أي عصبية:

-المهم أنت تبقى فاهم نفسك وتبقى فاهم أنت عايز إيـه!! عايز نبقى صحاب ولا أحباب!! عايزني إيـه بضبط يا قُصي صاحبة ولا حبيبة تتسلى معاها شوية وبعدين تسيبها لما تزهق!! أنا عن نفسي مش عايز ابقى حبيبة لحد على الأقل في الوقت الحالي.

معرفته برفضها دور الحبيبة جعل لسانه ينفي رغبة قلبه، مندفعًا في الحديث دون تفكير:

-عايز نبقى صحاب تبقي زي آسـر في حياتي، اديكي شايفة أهو بيتجوز وهيبعد وده طبيعي وأنا مليش صاحب غيره، عشان كدة عايزك في حياتي يا سـارة وعلاقتنا هتفضل في نطاق الصداقة والصحوبية وبس مفيش لا حب ولا غيره، أنا أساسًا كنت قايلك أني مش بتاع جواز ولا حتى حب.

-وأنا موافقة بس تخليك عند كلمتك وهتبقى عيل لو رجعت في كلامك وهبعد لو حسيت بغدر منك.

تلك المرة وافقت……

جعلت عيونه تتسع بعدم تصديق بما حدث وقالت للتو!!!!!

والفضل يعود لرفضها له في المرات السابقة وصدها لمحاولاته معها.

لا يدرك ما الذي حدث جعلها تبدل رأيها وتوافقه ولكنه لا يهتم بالسبب يكفي بالنهاية أنها وافقت وآتى مجهوده ثماره!!!!

__________________

-هادية المرة دي يعني على غير العادة؟! إيـه اللي جرالك؟؟ ولا لسة بتفكري في حاجة تعمليها المرة دي غير أنك تنيمي عجلة العربية عشان فريد يوصلها.

نفت زهـر لـه تفكيرها في فعل شيء تلك المرة مبررة سبب هدوئها وسكونها هذا:

-لا المرة دي مش محتاجة اعمل حاجة هو اللي هيعمل وهتشوف مبقاش زهـر لو مخدش خطوة النهاردة هتقولي عرفتي منين هقولك عشان هي واضحة أنا مرقباهم وهو حرفيًا هيموت ويتكلم معاها وهيعملها وأنا وأنت أهو، وهو واخد باله أني شايلة ايدي المرة دي.

-لما نشوف.

-هتشوف وهنشوف كلنا مش لوحدك.

وقد كان…

لم يظل فريـد محلك سـر، بل قرر أن يفعل شيء خاصة رؤيته لسكون زهـر، لم تحاول تجميعهم أو فعل شيء من جديد ربما قد ضجرت و ربما تؤجل الفعل لأخر الليلة مثل المرة السابقة ولكنه لا يتحمل…

الأيام السابقة لم يعد بخير.

حديثهم القصير الذي دار بالسيارة لم يفارق ذهنه وكلما آتى بعلقه يحدث معه شيء غريب.

خفقات قلبه تتفاقم وتتضاعف بشكل غير معهود.

فعلت بـه شيء.

انتظر تلك الليلة مثل أحمد وآسـر تمامًا وكل هذا حتى يراها ويلمح طيفها.

وفي تلك اللحظة تحديدًا قرر أخذ خطوة….

وقبل أن يقترب منها كان القدر يلعب لعبته.

فها هي تتحرك مبتعدة عن الضوضاء وهاتفها على أذنيها ومن الواضح أنها تغادر كي يسمعها الطرف الأخر.

لم يتوقف وغير مساره ولاحقها ذاهبًا خلفها.

وقد كانت توليه ظهرها وصوتها واضح لـه تحدث والدتها:

-سمعاني كدة يا ماما…..

حينها فضل ألا يقف وينصت للحديث وابتعد بالقدر الذي يجعله لا يسمع ما يحدث ولكن عيونه تتابعها ينتظر أن تلتفت بجسدها وتأتي عيونها بعيونه ويتقابلا معـًا.

وهذا ما حدث بعد إغلاقها للمكالمة واستدارتها بجسدها كي تعود للداخل وعلى الفور تقدم منها وتوقفت هي للحظات بعد أن تسربها الارتباك من وجوده حولها خاصة أنها لم تغفل عما يحدث بالداخل وكانت تنتبه لنظراته الذي يقتطفها نحوها من حين لأخر.

كادت أن تتابع سيرها وتعود للزفاف لولا وقوفه أمامها وصوته يطلب منها:

-ممكن اتكلم معاكي؟

ورغم رغبتها في الفرار كي لا يفهم توترها من حضوره إلا أن لسانها كان له رأي أخر:

-اتفضل.

سبت نفسها ولسانها الذي اندفع و وافق.

سعد من امتثلها لمطلبه وبدأ في الاعتراف دون مراوغة فقط يلقي على مسامعها ما يشعر ويرغب:

-أنا حابب اتقدملك ومحتاج رقم والدك ممكن اخده منك بعد أذنك؟

وكأن هذا ما ينقصها!!!!

وبعد أن كانت تتهرب من عيونه وتنظر لأي شي عداه، رفعت بصرها وسلطته عليه!!!

أطالت النظر إليه وصدمتها واضحة لـه.

عيونها تخبره بكل شيء دون الحاجة إلى حديث اللسان.

اقترب خطوة واحدة مدمرًا حصونها، مضيفًا والعيون تتلاقى:

-هتديني الرقم ولا اتصرف أنا واجيبه بمعرفتي؟؟

تلعثمت وخرجت الحروف متقطعة:

-أنت..بتقول إيـه؟ رقم مين اللي أنت عايزه!! أنت تعرفني منين أصلًا ولا تعرف عني إيـه عشان تطلب طلب زي ده!!

وبهدوء أجاب على استفسارتها:

-من ناحية أعرفك فـ أنا أعرفك، أما أعرف عنك إيـه فـ دي مش مشكلة بالنسبالي أنا لو عايزك وعايز اتجوزك فـ ده هيبقى عشان عايزك أنتِ مش عشان اللي أعرفه عنك…

وبقوة أخبرته وكأنه لا يدرك تلك الحقيقة:

-أنا كنت متجوزة على فكرة وأنت…

-متكمليش ومتكلميش زي الناس الجاهلة عشان دي برضو مش مشكلة إيـه يعني إيـه كنتي متجوزة! ممنوع أعجب بيكِ عشان كنتي متجوزة قبل كدة!! ممنوع أحبك!!! ممنوع اتجوزك!!!

دي مش حاجة تعيبك ولا تنقصك أنا لما فكرت في الخطوة مفكرتش في الحتة دي عشان كل اللي يفرق معايا هو أنتِ وبس….أنا بحب الدغوري وعشان كدة قولتلك علطول لا لفيت ولا دورت، ها هتديني الرقم ولا أجيبه أنا؟؟

-مش هينفع أنا معنديش استعداد اخد الخطوة دي دلوقتي واخوض تجربة جديدة معرفش هتروح بيا على فين!!! أنا مبقاش عندي ثقة في حد!!! صدقني مش هينفع أنت..

قاطعها معترضًا على حديثها بأكمله:

-أنا إيـه!!! وليه مش هينفع!!! ليه بتحكمي على الموضوع بالفشل من غير ما تديله وتديني فرصة!!! أنا لا بتاع لعب ولا تسلية، مش عايز اكلمك شوية واضيع وقت!!! أنا عايز اتجوزك وعايز رقم والدك!!!!! ومعنديش أي مشكلة مع الماضي بتاعك لأنه ميخصنيش مدام مكنتش فيه، ممكن الرقم لو سمحتي؟؟

_________________

-إيـه يا جبورة اللي أنا شايفه ده؟؟

-إيـه يا زهورة اللي أنت شايفه وأنا مش شايفه ده؟

أشار زهران نحو أحمد المنشغل مع عروسه، يخبره:

-ابنك كويس؟؟ ولا وقع على دماغه حصله حاجة، إيـه لون البدلة دي!! أسود!!! لابس أسود!!! إيـه اللي جرا في الدنيا بس!!!!

ضحك جابـر وأخبره وهو يحاوط كتفيه بذارعيه وعيونه لا تفارق أحمد الذي ولأول مرة يرتدي بذلة بلون اعتيادي تقليدي:

-لا وأنت الصادق يا زهورة وقع من الدور العشرين على جدور رقبته، بيني وبينك أنا كمان مصدقتش، كان مصمم أنه هيفاجأنا وأحنا حاولنا نقنعه يلبس بدلة عادية ونقوله يرضيك يهديك مفيش فايدة مصمم أنها مفاجأة حلوة وصدق بصراحة وصدمنا كلنا… المهم مش هنفضل نتكلم كدة عايزين نرقص ونولعها يا صاحبي.

-قولي يا صديقي إيـه صاحبي دي أنتِ هتصاحبني.

-بس كدة؟؟ يلا يا صديقي نولعها ونخربها ونجيب عاليها وطيها النهاردة.

وبالذهاب نحو الطاولة الجالس عليها كل من جهاد وصابـر، نجده يمسك بيدها وتتشابك أصابعه مع أصابعها..

المشهد تراه رومانسيًا من الدرجة الأولى هما زوجان حديثان لم يمر الكثير على زواجهما ولا يحبان الابتعاد عن بعضهما البعض ولكن الحقيقة ليس كما نراها دائمًا وهناك جانب خفي لذا وجب علينا أن ننظر جيدًا إذ أردنا رؤية ومعرفة الحقيقة.

والتي كانت كالأتي…

-سيب أيدي بقى هروح فين ما أنا جمبك أهو هقوم ارقص لوحدي يعني ما مفيش حد من البنات بيرقص.

هكذا رددت جهاد بجوار أذن زوجها والذي يحتجزها قسرًا كي لا تنهض من جواره بعد أن ذل لسانها وأخبرته بأنها تنتظر انتهاء كل من أحمد وروضة وآسـر وضياء الرقص كي تنهض وترقص وتشارك الفتيات.

-بتحلمي أنا مش سيبك النهاردة، عايزة ترقصي أنا هخليكي ترقصي بس مش هنا.

احتجت وقالت من بين أسنانها وببسمة ليست حقيقية ولا تصل حتى لعيونها:

-أومال هرقص فين لو مرقصتش هنا ولأخواتي ما تعقل بقى يا صابـر..

رد وهو يرفع يدها الممسك بها يقربها نحو ثغره يطبع قبلة سريعة عليه:

-ترقصي لجوزك يا نن عين جوزك، واهدي بقى وبطلي تشدي في أيدك هتفرجي الناس علينا هيقولوا علينا مش متفاهمين خلي بالك وبنتخانق وأحنا لسة عرسان جديدة يرضيكي؟؟

-يرضيك أنت اللي بتعمله فيا ده؟

هز رأسه مؤكدًا مقتربًا من وجهها يهمس لها:

-ده يرضيني ونص أنا لو كنت بغير عليكي زمان قيراط دلوقتي بقوا أربعة وعشرين قيراط، وعشان متزعليش يا ستي شوية وهنقوم وهخليكي تصقفي غلط أنا كدة!!

__________________

ابتعد كل من قُصي وسـارة عن الجميع وذهبا للسير معًا يثرثران دون توقف..

هو لم يجد الكثير لقوله سوى الحديث عما يحب ويفعل بعيدًا عن الفتيات الذي تجنب ذكرهم أمامها والتباهي بعلاقاته المتعددة سابقًا.

أما عنها فكان حديثها عما يحدث معها مؤخرًا، تحديدًا منذ حفل زفاف صابـر وجهاد من ملاحقة عـادل لها من حين لأخر حتى يعودان معًا من جديد.

والجدير بالذكر أنـه ما أن سمع اسمه ومحاولته في استعادتها حتى شعر بثوران والدماء تصاعدت لرأسه.

ولكنه كتم غيظه خلف ابتسامة صغيرة.

انتهت من سرد رفضها لـه وإصراره رغم هذا.

حرك شفتيه يحاول الحفاظ على ثباته وألا ينفعل ويعكس رد فعل قد لا تصب في مصلحته:

-كويس أنك بتصديه واضح أنه مش عايز يرجعلك عشان بيحبك هو عايز يرجع عشان في الوقت الحالي مفيش غيرك وأول ما يلاقي البديل هيفلسع ويرجع يجرحك من تاني وأنا مش عايز ده يحصلك، أنتِ خلاص بقيتي صديقتي ومن واجبي أني احميكي وانصحك وعشان كدة شايف أنك تسبيلي الحوار ده وأنا هحله.

توقفت عن السير معه مما جعله يتوقف هو الأخر ويتبادلان النظرات الهائمة المفتونة من جهته والفضولية من ناحيتها:

-هتحله إزاي يعني؟؟ هتروح تضربه؟؟

-أضربه!! ليه أضربه شيفاني مجرم!!!

تحولت نبرته لأخرى مرحة وهو يسترسل:

-أنتِ يدوبك بقيتي صديقة بالك لو حبيبة أضربهولك عادي.

-أومال هتعمل إيه يا صديقي؟؟

-معرفش بس اللي أعرفه اني مستحيل ألجأ للعنف أنا مش عنيف، و أوعدك مش هتشوفي وشه تاني ولا هيضايقك من تاني ولو حصل تفي على وشي.

أطلقت ضحكة لم تعرف شيء عما فعلته به وبقلبه، قائلة من بينها:

-أنت إيـه حكاية التف على وشك معلق معاك ليه!! ليه مصمم يتف على وشك ما تشوف حاجة غيرها جدد.

لم يجيب ابتسم باتساع فلو تحدث لسانه الآن لقال الكثير والكثير مما قد ينهي تلك الصداقة التي لم تبدأ سوى من دقائق…

__________________

انتهى حفل الزفاف، الموسيقى توقفت والكثير قد غادر مثل سـارة، ريهام وقُصي مع عائلته كما ظهر للجميع، لم يعد يتبقى سوى أفراد عائلتهم.

وقبل أن يغادر كل من أحمد وآسـر رفقة العروس والذهاب إلى عش الزوجية، دوى صوت صرخات عالية متألمة سرعان ما تعرفوا على صاحبتها والتي كانت نرمين الصارخة بوجع:

-آه الحقوني الحقني يا شكري شكلي بولد ألحقني آه

مش قادرة…..

تعالى صراخها مع كلماتها الأخيرة مما جعل الجميع يهرولون وسارعت الفتيات بالاقتراب وكذلك شكري الذي داهمته الكثير من المشاعر وتوتر بشكل كبير كأنه لم يسبق له أن انجب.

تلك المرة كانت مختلفة بالنسبة لـه.

تلك المرة سيلد الصبي الذي حلم بـه وهو في ريعان شبابه وبعدما انجب ثمانية من الفتيات ها قد آتى دور الصبي.

ابتلع ريقه و ردد بلهفة ممزوجة بخوف:

-إسعاف، حد يطلب الإسعاف..أو فين مفاتيح عربيتك يا أم عوض نروح بيها.

وقبل أن تعلق هتف يوسف مقترحًا:

-خلونا ناخدها في أي عربية يلا.

وافقه شكري مردد برأس تهتز موافقة مسيطرًا على توتره الذي يتفاقم مع صراخها وأنينها المتألم:

-أيوة يلا خلونا نلحقها، أخيرًا….أخيرًا اللحظة اللي بحلم بيها من زمان….عوض جاي وهينور حياتي…..

هنا وتجاهلت جهاد، إسلام، برق، روضة، ضياء، إحسان، عصمت ورضا الألم الذي سيطر عليهم وقاموا بمساعدة نيرمين من تلقاء نفسهم فما كان منها سوى الاستجابة.

تحركوا نحو السيارة وساعدوها على الجلوس في الأريكة الخلفية وتولى يوسف أمر القيادة وبجواره شكري وبالخلف تواجدت برق معها.

أما عن صابـر وجهاد فصعدا سيارته وباقي شقيقاتها من عصمت ورضا وإحسان صعدوا معهم وذهبوا من خلفهم يلحقون بهم.

وبنظرات مترجية نظرت روضة إلى أحمد، قائلة:

-أحمد ممكن نروح معاهم على المستشفى اشوف البيبي واطمن عليه وبعدين نروح؟؟؟

-أكيد ممكن يلا بينا خلينا نلحقهم.

أما عن آسـر وضياء واللذان تواجدا بجوار السيارة تحدث يخبرها:

-طبعًا هتقوليلي نروح معاهم هقولك والله ما يحصل أنا النهاردة يا قاتل يا مقتول، نبقى نطمن بكرة بقى وعليهم خير، ما هو مش معقول أخوكي ملقاش غير النهاردة عشان يجي ده كدة يبقى بارد أوي بصراحة

ومعندوش دم.

_________________

دوى صوت رنين الجرس الخاص بمنزل عـادل وقبل أن يتحرك ويفارق غرفته نظر في الوقت من خلال شاشة هاتفه فقد تأخر الوقت مما جعله يتساءل عن هوية الزائر!!

ارضى فضوله وفتح الباب ليجد أمامه قُصي والذي كان يعلم هويته وأنه إحدى أقارب صابـر زوج جهاد التي غدرت بـه وتركته وحده في منتصف الطريق الذي كان من المفترض أن يسيرناه معًا.

وقبل أن يفتح فمه بقول أي شيء سبقه قُصي يباغته بدفعه بطريقة عنيفة قوية يزيحه عن طريقه والجًا للمنزل دون استئذان وتحت أنظار الأخر الذي ترنح للخلف واندهش لا يفهم ما يحدث!!

-مش هطول عليك كل الحكاية أن عندي كلمتين سمعتهم وعملت بيهم كان بها وخير ليك معملتش يبقى أنت اللي جنيت على نفسك.

ختم قُصي حديثه وهو يعتلي منتصف الأريكة جالسًا بأريحية يخفي غضبه وغيرتـه الغير معهودة على فتاة من قبل.

أوصد عـادل الباب وتقدم منه واقفًا على مقربة منه، يسأله بصوت منفعل ثائر من هجومه واقتحامه منزله:

-كلمتين إيـه؟؟ إيـه اللي ممكن يبقى بيني وبينك عشان نتكلم فيه!!!!

وبدون ذرة تردد وعيون تحولت لأخرى مظلمة:

-سـارة….هتبعد عنها عشان هي تخصني وعرفت أنك بتحوم حواليها وعايز ترجعلها فحبيت أقولك أن ده مش هيحصل إلا في حالة واحدة بس عارف إيـه هي؟؟

لم يعلق عـادل ولم ينتظر قُصي من الأساس ردًا منه، مضيفًا بشر:

-لما تشوف حلمة ودنك، من هنا ورايح لا من اللحظة دي اعتبر نفسك معرفتش واحدة اسمها سـارة هتبعد عنها وعن طريقها ولو شيطانك سوحك دماغي هتغيب عليك، فهمت؟؟

ردد الأخيرة وهو ينهض عن الأريكة ويقف في مواجهته بتحدي وقوة…

ابتسم عـاد باستهزاء وهتف:

-هي اللي بعتاك مش كدة؟؟ دلوقتي فهمت هي مش عايزة ترجع ليه اتاريها لقت بديل وأنا اللي فاكرها بتحبني وافتكرت أني ظلمتها بس واضح أني كنت صح.

-كنت صح كنت غلط أنا قولت اللي عندي، سـارة تخصني وفي حمايتي مش هسمحلك تلمس شعرة منها لا أنت ولا غيرك، هي أساسًا كانت كتير عليك وكتير على أي راجل…..وقبل ما امشي حط كلامي حلقة في ودنك عشان لو معملتش ده مش هسمي عليك ومحدش هيندم غيرك….

__________________

في المستشفى وبعد مرور الكثير من الوقت، انتظر شكري على أحر من الجمر لا يهدأ له بال ويتشوق للحظة الذي سيحمل بها “عـوض..”

عيون الفتيات تراقبه وتلاحقه، الحزن يملئ صدور البعض كـ إحسان وبـرق و روضة، وتتساءل كل منهم بينها وبين نفسها لماذا لم يسعد بولادة أي منهم كما يسعد الآن وكأنه لم يسبق له وانجب من قبل، كأنه حُرم من الإنجاب سنوات وسنوات.

وكما كان الحزن من نصيب بعضهما كان التغافل عنه من نصيب جهاد وإسلام….

تضايق أحمد وشعر بزوجته دون الحاجة إلى حديث منها.

حاوط كتفيها وهمس لها:

-متزعليش أنا بحبك ومعاكِ، أنتِ عندي بالدنيا دي بحالها.

ابتسمت لـه روضة وقالت تحاول اثبات أن الأمر بأكمله لا يفرق معها:

-أنت تاني؟؟ فين الفصحى يا راجل أنت.

-لما عوض يجي…

قالها بضحك خافض بادلته إياه.

هنا وفُتح باب غرفة العمليات أخيرًا، طلت الدكتورة مبتسمة وعلى الفور التهم شكري المسافة الفاصلة بينهما مقتربًا منها يسألها بلهفة:

-طمنيني يا دكتورة عوض ابني كويس؟؟؟ صحته حلوة؟؟

-عوض!! مين عوض يا حاج!! المدام خلفت بنت وما شاء الله زي القمر.

صدمــــة كبيرة…

تساقط للتو دلو من الماء المثلج على رأسه مما سمع!!!!!!!!!

أحلام تم انهيارها وآمال تحطمت في لمح البصر.

وفي منتصف صدمة الجميع مما حدث لم يستطع أحمد أن يكبح ضحكاته متمتم من بينهم:

-طلع مفيش عوض، يلا ربنا يعوض عليك يا حمايا العزيز، بقولك إيـه سميها عوضة بقى………

هنا ولم يتحمل شكري وسقط أرضًا مغشيًا عليه، فالصدمة كانت أكبر من قوة تحمله واستيعابه لها.

فـ عوضًا أن يرزق بعوض رزق بالفتاة التاسعة……………………..

«««يتبع»»»…

وبكدة مش ناقص غير الخاتمة، اتمنى الفصل يكون عجبكم ونال رضاكم هستنى رأيكم ومتنسوش الڤوت عايزة تفاعل ضرب نار بما أنه أخر فصل🥹❤❤✨

الفصل التالي: اضغط هنا

يتبع.. (رواية الحب كما ينبغي) اضغط على اسم الرواية لتجد الفهرس كاملاً بجميع الفصول.

أضف تعليق