رواية الحب كما ينبغي الفصل السابع والخمسون 57 – بقلم فاطمة محمد

رواية الحب كما ينبغي – الفصل السابع والخمسون

الفصل السابع والخمسون

الفصل السابع والخمسون

الحب كما ينبغي.

فاطمة محمد.

الفصل السابع والخمسون:

ولج شكري منزلـه، مغلقًا الباب من خلفه.

آتت ضياء من الصالون التي كانت تتواجد بـه، ظنًا بأنها قد تكون جهاد عادت، لم يأتي في بالها أن يكون والدها خاصة أنه لم يمر كثيرًا على ذهابـه إلى المقهى.

وجدته أمامها وعلى الفور نطق يسألها بهدوء على غير العادة:

-إحسان فين؟؟

ردت عليه بهدوء:

-دخلت تنام تاني من شوية هـ…

كادت تسترسل حديثها لولا حديثه يلقي باقي استفساراته:

-أنتوا كلمتوا جهاد؟

-آه كلمناها.

أثناء جوابها التقطت عيونه كل من عصمت و رضا يخرجان من غرفة الأخيرة وهما يتشاجران وما أن رآوه حتى توقفوا عما يفعلوه، عاد يبصر ضياء يخبرها بهدوء:

-طب خشي اجهزي وقولي لـرياض تجهز هي كمان وخدوا عصمت ورضا معاكم وروحوا شوفوها واطمنوا عليها أختكم برضو وأنا اتغبيت عليها.

عقدت حاجبيها وسألته:

-وإحسان؟؟ ادخل أصحيها تيجي معانا.

وبعيون قد غامت وتنطق بالكثير والكثير مما ينوي ويخطط لـه:

-لا مدام نايمة سيبوها نايمة، روحوا أنتوا بس متتأخروش.

لم تشعر ضياء بوجود شيء، وهزت رأسها بموافقة، محولة بصرها نحو عصمت و رضا واللتان استمعا لحديثه الأخير بأكمله:

-يلا يا بنات اجهزوا، عشر دقايق وتبقوا جاهزين يلا بسرعة.

ولجت ضياء غرفتها وأغلقت الباب خلفها، في ذات الوقت ظل شكري واقف محله لم يتحرك خطوة، رامقًا كل من رضا وعصمت، مخبرًا إياهم قبل أختفائهم عن أنظاره كي يتجهزوا يؤكد عليهم:

-إياك حد فيكم يصحي إحسان سبوها نايمة، ويلا اخلصوا بسرعة.

استمع إلى موافقتهم ورأى الرعب منه بعيونهم وهرولتهم من أمام عيونه.

وعلى الفور تحرك وتقدم من الصالون وجلس على الأريكة.

فتح التلفاز وظل يحدق به بشرود وشر يترقب مغادرتهم راغبًا في ألا يوقفه أحد عما يريد فعله بها.

على الطرف الآخر وداخل غرفة كل من روضة وضياء.

وبعد دخول ضياء ورؤيتها لروضة تقبع وتذاكر بجد واجتهاد كبير، أخبرتها بما حدث وقاله شكري.

فقالت وهي تغلق الكتاب وتلملم أشياءها من أمامها:

-أحسن برضو خليها نايمة، أكيد جهاد مضايقة منها ما كل اللي حصلها ده كان بسببها، فكدة أحسن.

وافقتها ضياء وقالت وهي تخرج ملابس لها من الخزانة:

-أنا كنت عايزاها تيجي معانا في الأول، بس بعد كدة قولت بلاش وكويس أنها جت من بابا وقال خلوها نايمة..المهم خلينا نلبس دلوقتي بسرعة خلينا نخلص وننجز أنا بجد عايزة أشوف جهاد واطمن عليها، مكالمات التليفون دي مبتاكلش معايا ومش مريحة قلبي برضو.

______________________________

-أهو صحي…زي ما اتفقنا يا شباب ها ها، لازم نحسن نفسيته.

هكذا ردد يوسف والذي اجمع كل من قُصي، آسـر، ومحمد واتفق معهم أن يعملون على التهوين على صابـر، خوفـًا من أن تسوء نفسيته مقترحـًا عليهم فكرة قد نالت إعجابهم وعزموا على تنفيذها ما أن يستيقظ.

ولكن خابت آمالهم ما أن وجدوا أحمد هو من استيقظ وليس صابـر.

ومع إغلاقه لباب الغرفة صاح محمد بتذمر وخيبة أمل:

-هو أنت افتكرناك صابـر اللي صحي.

-لا صابـر مين صابـر نايم وش الصبح، أخويا أكتئب خلاص فـ احسنلكم ولأجلكم أبعدوا عن وشه ومحدش فيكم يفكر يهوب منه ولا يقوله كلمة أو حتى حرف وأنا بكدة بخلي مسؤليتي من أي عركة شوارع قد تحدث بينكم.

هنا ورد قُصي متذمرًا:

-أنا مش فاهم هو خفيف كدة لية، راحت واحدة يجي مكانها عشرة، البنات مفيش أكتر منهم…خفته دي بتفكرني بواحد الله يمسيه بالخير برضو اتهزق واترفض وسبحان الله لسة بيحبها وعايزها كأن مفيش غيرها.

فهم آسـر تلميح قُصي وأن حديثه يدور عنه، ولذلك قام بتسليط بصره عليه يرمقه بنظرات نارية جعلت الآخر يتحنح ويتوقف عن الحديث.

بينما صاح أحمد يدافع عن صابـر، متحدث بتشنج وهو يقترب من قُصي واقفًا قبالته مباشرة:

-تفهم إيـه أنت في الحب يا ضايع يا صايع يا بتاع البنات، متخلنيش أدعي عليك دلوقتي.

ارتفع حاجبي قُصي وصاح ساخرًا منه:

-تصدق خوفت!

-ما لازم تخاف يا خفيف، وبعدين أنت بتتريق!!!! طب روح يا قُصي يكش تحب ويطلع عينك وعين اللي خلفوك وتتشحطط كدة وتلففك وراها السبع لفات عشان تعرف يعني إيـه تبقى بتحب ومش عارف تطول اللي بتحبها.

كاد قُصي أن يجيب عليه لولا تدخل محمد السريع لفض ما يحدث بين الاثنان:

-ما خلاص بقى أنت وهو أحنا في إيـه ولا إيـه.

استيقظ صابـر وفارق الغرفة مستمعًا إلى حديث محمد الأخير.

طرح سؤاله أثناء إغلاقه الباب يستفسر منهم:

-في إيـه مالكم؟

ابتسم لـه يوسف وأجاب عليه:

-أبدًا، ده أحمد وقُصي كانوا بيتناقشوا في موضوع وطبعًا كان في إختلاف في وجهات النظر، وكل واحد فيهم متمسك بوجهه نظره،  وأحنا زهقنا وصدعنا دي كل الحكاية، قولي أرتحت في النوم؟

دنا صابـر منهم وجلس على مقعد فارغ، مجيبًا على سؤال يوسف:

-آه الحمدلله.

عقب إنتهائه تبادلوا الشباب النظرات عدا كل من أحمد الذي لا يدرك شيء عن مخططهم، وصابـر الذين يفعلون كل هذا لأجله.

وكعادة قُصي أمسك هاتفه كي يبدأ مخططهم.

لحظات وكان يضحك ببلاهة ويخبرهم دون أن يبعد أنظاره عن شاشة الهاتف:

-اسمعوا البوست ده، واحد بيحكي موقف حصل معاه و بيقول رجعت للبنت اللي كنت بحبها ندمان بعتذر متوقع أنها تسامحني وتقولي أنها نسيت اللي حصل ويلا بينا نفتح صفحة جديدة بس اللي حصل متوقعتوش وحسيت كأن جردل ماية ساقع تلج وقع على دماغي في عز ما أنا سقعان، وده عشان اتهزقت منها وندمي وأسفي اتقابلوا بالرفض…وأنا بحكيلكم يا رجالة عشان تهونوا عليا واللي اترفض زيي وحصل معاه نفس اللي حصلي يحكيلي في الكومنتات.

ولمجاراته فيما يحدث سأله آسـر بفضول زائف:

-وحد حكاله فعلًا في الكومنتات؟؟؟

-يــوه ده الكومنتات عنده بالهبل والبوست جاب ريتش ده طلع في رجالة كتير بتترفض وتتهزق عادي بعدما تعود معتذرة وأحنا مش دارينين، البنات بقت قادرة وبيفتروا علينا يا رجالة.

هنا وتدخل محمد بحديثه راغبًا في التهوين على صابـر بطريقة غير مباشرة:

-ما أكيد طبعًا، ما البنات دي أكيد مجروحة وأكيد مش أول ما الواحد من دول يروح يقولها أنا أسف على اللي عملته هتقوله سامحتك يا حبيبي ويلا نتجوز، يعني جرح القلوب مش سهل برضو ولازم ياخد وقته وكمان في نفس الوقت بيبقى اختبار لصدق الشاب وهل فعلًا ندمان ولا لا لأنه لو ندمان أكيد مش هيستسلم من أول مرة وهيحاول مرة والتانية والتالتة ويبين قد إيـه هو عايزها وشاريها.

هز يوسف رأسه موافقًا، قائلًا:

-أيوة بضبط الاستسلام عمومًا من أول محاولة ده حاجة مش حلوة خالص الواحد لازم يعافر عشان يوصل ويبقى عنده صبر ولا إيـه يا صابـر؟

كز أحمد على أسنانه مما يفعلون ويقولون، بينما ارتفع حاجبي صابـر ورد على سؤال يوسف بسؤال آخر وهو يشير صوب أحمد:

-حكالكم مش كدة؟

اتسعت عيون أحمد في ذات اللحظة الذي اندفع بها يوسف في الحديث والدفاع عن أحمد:

-والله ما قالنا حاجة متظلمهوش.

تلاه أحمد في الحديث هو الآخر مدافعًا عن نفسه:

-قولــــه…و ربنا يا صابـر مقولتش حاجة.

ابتسم صابـر بسمة ساخرة، هاتفًا بحنق ارتسم على قسماته:

-بيشموا على ضهر أيدهم مش كدة؟

ادعى محمد عدم الفهم وقال ينقذ الموقف:

-أنت بتكلم عن إيـه؟؟ أحمد مقلناش حاجة على فكرة!

هنا وانتفض صابـر من جلسته واقترب من قُصي وهو يمد يده يخبره:

-طب وريني البوست ده…وريني انجز أنت لسة هتنحلي!

ابتلع قُصي ريقه فحل آسـر محل قُصي في الإيجاب يخبر صابـر وهو ينظر في شاشة الهاتف بكل أسف:

-ضاع البوست مع الاسف.

-ضاع آه…

ختم حديثه ملتفتًا نحو أحمد على يقين بأن كل ما حدث وقالوه ليس صدفة، بل كانوا يتعمدون كل حرف يخرج من فمهم.

فكيف له أن يصدق أن هذا الحديث يخرج منهم في مثل هذا الوقت تحديدًا على سبيل الصدفة، من المؤكد أنهم يعرفون ما حدث.

ارتفع صوته وصاح على أخيه ظنًا بأنه من أفشى سره لهم:

-أنت اللي قولتلهم مش كدة.

نهض آسـر من جلسته وصرخ على صابـر:

-متزعقش، أخوك مقالش حاجة ولا نطق بكلمة، أحنا اللي سمعناك أمبارح بالصدفة وأنت بتكلم مع جهاد، وحبينا نخفف عنك إيـه أجرمنا؟؟!

كذلك لم يصمت أحمد وقال ينفي التهمة عن نفسه:

-مش أنا و زي ما آسـر قالك كدة بضبط، وبعدين أنت مضايق ليه هو أنت ولا أخر واحد هيحصل معاه كدة!!! اللي حصل معاك مش عجبة يا صابـر، لو فكرت فيها بالعقل هتلاقي ده الطبيعي والمتوقع أنـه يحصل.

_______________________________

غادرت الفتيات.

لم يعد يتبقى سواها معه بالمنزل.

جعل الفتيات تغادر دونها، ينوي فعل ما لم يفعله مع أحد سواها.

لا يغيب عن عقله وعيونه صورتها وهي بدون حجاب…تسمح لرجل غريب بالتقرب منها دون خجل أو حياء.

فقد آتت وأيقظته من نومته تخبر بأمر صور جهاد المنتشرة.

جعلته يراها ويتجمع الحقد والغضب داخل قلبه ويطيح ضربـًا بجهاد وبالأساس هي من تستحق أن يجرى بها كل هذا.

هي من خلعت حجابها وسمحت للغريب بلمسها وفعلت الكثير من خلف ظهره.

وهو المغفل الذي لم يكن على علم بما يحدث وعلم صدفة من أحد شباب المنطقة.

ولكن هل سيكون جزائها مثل جهاد وتنال ما نالته!!

ابتسم بشر أكبر ينوي فعل ما هو أكبر وأكثر بكثير…سيجعلها تندم وتأكل أظافرها من قوة هذا الشعور.

عقب مغادرتهم لم يعد يملك صبرًا..نهض من جلسته بسرعة البرق وتحرك تجاه غرفتها.

فتح الباب ورآها تنام بعمق وبراءة كأنها لم تفعل شيء.

زاد غله وحقده تجاهها.

وتسبب في إيقاظها على جلبه إياها من خصلاتها مباغتًا إياها مسببًا لها فزعًا ورعبًا تستحقه.

-قومي يا بنت ***** قومي.

جذبها بقوة من خصلاتها ورغمًا عنها جاعلًا إياها تفارق الفراش، جسدها يجر معه رغمًا عن إرادتها لخارج غرفتها، تشعر بالوجع والألم الشديد، تكاد تجزم أن خصلاتها على مشارف الإقتلاع في يده.

تصرخ بتساءل وبرعب تجمع بعيونها:

-في إيـه يا بابا في إيـه عملت إيـه، والله ما عملت حاجة.

-اكدبي كمان يا بنت الكلب، ما أنا المغفل اللي حضرتك مستغفلاه وميعرفش بتعملي إيـه من وراه…..بقى بتقلعي الطرحة ومشيالي بشعرك وسايبة الواد يحسس على جسمك يا رخيصة يا شمال….أنا هوريكي أنا هعمل فيكي إيـه.

اتسعت عيونها وانصدمت بمعرفته بأمر فعلتها.

وعلى الفور آتى في عقلها أن تكون جهاد هي من أخبرته، فصاحت تخبره بترجي ولا يزال يجر جسدها الصغير مقارنة بـه دون اهتمام بها وبصرخاتها وحديثها بأكمله.

-جهاد اللي قالتلك صح..والله بتكدب وبتتبلى عليا يا بابا، بداري على اللي هي عملته، أنا معملتش حاجة صدقني.

-وماله يا عين أبوكي هصدقك وهكدب اللي شوفته بعيني حاضر.

أنهى حديثه محررًا لها أخيرًا، دافعًا لجسدها بقوة أرضًا تأوهت بسببها.

كادت أن تتحدث مجددًا لولا ما رأته يفعله من مد يده وفتح إحدى الأدراج يخرج ما جعل عيونها تتسع على آخرها.

-أنت هتعمل إيـه؟؟؟ هتعمل إيـه يا بابا بالمقص ده!!!!! أنا…..أنا…..

ومن بين أسنانه أجاب شكري وهو يقترب منها بخطوات زرعت في قلبها الخوف..

خوف لم تجربه من قبل…والدها ممسك بالمقص وينوي لها كل شر:

-هعملك قصة جديدة يا قلب وعين أبوكي.

تراجعت بجسدها للخلف وهي ترجوه كي لا يأتي ويقرب من خصلاتها:

-لا…عشان خاطري متعملش كدة…بابا عشان خاطري وحياتي عندك….أنا بنتك هتعمل فيا كدة.

-وهعمل فيكي الأكتر من كدة كمان…زي ما أنتِ بنتي أنا أبوكي ولازم أربيكي وتدفعي تمن *****

فور سماعها لحديثه، استجمعت قوتها ونهضت بصعوبة ترغب في الركض من أمامه والأحتماء في أي غرفة من بطشه.

ولكنه كان أسرع منها ولحق بها ممسكًا بها….

صرخت ما أن أصبحت فريسة بين يديه تصرخ باسماء شقيقاتها تستنجد بهم بدموع تتسابق على وجهها:

-يا جهـــاد…..يا روضة……يا ضياء…يا عصمت….ألحقونــي….حد يلحقني أبوس أيدكم.

لكن لا حياة لمن تنادي، فالمنزل خالي ولا يتواجدون وهو استفرد بها، متمكنًا منها أولًا ثم خصلاتها ثانيًا…خصلاتها التي أظهرتها للجميع بكل بجاحة.

______________________________

-هو أنت بتكلم مين يا قُصي؟

-واحدة صاحبتي يا صاحبي.

-أيوة واحدة صاحبتك مين يعني، تعرفها من أمتى؟

تساءل آسـر بفضول وترقب، وعيونه لا تفارق قُصي الذي رد ببساطة:

-يعني بقالنا كام يوم، كانت بعتالي ادد وأنا قبلته ومن ساعتها بنتكلم، بس إيه مقولكش ارتاحتلها وارتاحتلي أوي…تحب أشوفلك صاحبتها؟

لم يجيب آسـر عليه وحول رأسه للإتجاه الآخر مرددًا كلمات لم يسمع قُصي أي شيء منها مما جعله يسأله:

-بتقول حاجة؟؟ علي صوتك مش سامع.

هتف يوسف مدهوشًا:

-بقولك إيـه يا قُصي هسألك سؤال ورد بصراحة، أنت مرتبط بكام واحدة؟؟

تنهد قُصي ثم قال بكل صدق:

-هو مش ارتباط بس نقدر نقول أني مصاحب تلاتة، ومعجب بـ أربعة..و زي ما تيجي تيجي بقى..بقولك إيـه آسـر ده فقري، أشوفلك أنت صاحبة واحدة منهم ليك أنت؟.

-أنت مجنون!!! أنا مش كدة…أنا بحب مراتي ومستحيل أخونها، ويكون في علمك لو اتكلمت معايا كدة تاني هيكون ليا تصرف تاني معاك وممكن أوي وقتها أزعلك.

التوى ثغر قُصي ثم همس مع نفسه:

-ده مش آسـر بس اللي فقري و وش فقر… كتكم نيلة.

بينما مد أحمد يده وسار بها على جوفه يخبر الجميع بجوعه الذي يشعر بـه:

-هو أحنا مش هناكل ولا إيه أنتوا ناويين تجوعونا!! أنا خلاص حاسس أني هقع من طولي من كتر ما أنا جعان، بقولكم إيـه ما تيجوا ننزل ندور على أي عربية فول ونأكل أحلى فطار، اشي فول بالزيت الحار وطعمية سخنة وبطاطس صوابع وبطاطس شيبسي وطبق سلطة محترم وبصلاية وعيش كتير.

رد عليه آسر بعدما نظر بالوقت الذي تأخر:

-عربية فول إيـه اللي تلاقيها دلوقتي!!! ده هتلاقي كله شطب خلاص.

في ذات الوقت قرع الجرس ونهض يوسف كي يفتح، وقد كان الطارق محمد والذي هاتفته إسلام وقامت بتحضير الطعام لـه هو وباقي الشباب بعدما أدركت بوجودهم معًا.

-يلا يا شباب عشان نأكل أكيد جعانين.

اتسعت بسمة أحمد وقال وهو ينهض متحركًا خلف محمد المتجهه صوب طاولة السفرة:

-ده أنا ابن حلال بقى، كنت لسة حالًا بالًا قبل ما أنت تخبط بقول أنا جعان سبحان الله بجد.

ثم نظر صوب قُصي وقال لـه:

-شايف اللي نفسي فيه بيحصل إزاي، خاف مني بقى عشان أنا رشقتك دعوة هتجيب أجلك إن شاء الله يا ضايع يا صايع.

لم يبالي أو يهتم قُصي به واجتمعوا حول السفرة كي يتناولون الطعام.

وبتلك الأثناء سار ذلك الحوار الجانبي بين كل من أحمد وصابـر والذي بدأ الحديث أولًا:

-متزعلش مني عشان اللي قولته، أنا افتكرتك أنت اللي….

قاطعه أحمد وقال سريعًا وببساطة بعد أن ابتلع ما بفمه:

-أن أنت اللي قولتلهم حقك تشك فيا ما أنا أصلي فتان قديم، وسمعتي بايظة في العيلة…بس أنا مش زعلان منك وتاني مرة متشكش فيا عشان لو بفتن على كل الناس، باجي عندك وبعمل استوب وبتوقف…والمفروض أنك عارف الكلام ده مش جديد عليك يعني.

فهم صابـر تلميح أحمد الأخير وشعر بالأسف والندم في آن واحد.

فهو يعرف عنه ما لا يعرفه أحد واستطاع حفظ هذا السر ولم يفشى بـه لأحد حتى تلك اللحظة.

إذن كيف لـه أن يشك بـه ويسيء الظن بـه هكذا.

لم يكتفي بما قالـه ومال عليه من جديد يعتذر لـه:

-أنا أسف…أنا حمار بجد.

ابتسم أحمد له وقال ببسمة لم تختفي عن وجهه يمزح معه:

-لا دي باينة دي مش محتاج تقولها.

________________________________

هرولت كل من روضة وضياء…عصمت…ورضا نحو جهاد، يشتاقون إليها رغم عدم مرور الكثير على غيابها عن المنزل.

ولكن تظل بالأول والأخير شقيقتهم الحبيبة الحنونة والتي تلعب دورًا هامًا في يومهم وحياتهم خاصة بعد زواج إسلام.

بادلتهم جهاد العناق وطمأنتهم عليها، وبالتأكيد لم يغب عنها غياب إحسان فتساءلت بحاجب معقود:

-أومال إحسان فين مجتش معاكم ليه؟

ردت ضياء توضح لها سبب غيابها:

-كانت نايمة وبابا مرضيش يخلينا نصحيها عشان تيجي معانا قالوا سيبوها نايمة وقالنا ننزل نشوفك عشان نطمن عليكي.

أكدت رضا على كلمات ضياء وقالت لها:

-أيوة وكمان بعد ما ضياء دخلت الأوضة خوفني أنا وعصمت وقالنا محدش يصحيها.

شردت جهاد وبدون سبب تسرب إليها القلق عليها.

وارتعبت بشدة…

قلقت من أن يكون عرف شيء وتعمد ذهاب الفتيات والإنفراد بـ إحسان.

لم تفكر جهاد فقط بتلك الطريقة بل أكدت لها شكوكها بـرق والتي فكرت ذات التفكير وقالت مصرحة عنه:

-تفتكروا يكون عرف حاجة وعمل كدة عشان يوزعكم؟؟ أنا خايفة يكون عرف وقصد يعمل كدة وناوي يعمل حاجة في إحسان.

تساءلت إسلام بترقب:

-وهو هيعرف منين أصلا ما الفيديو اتمسح ومبقاش موجود.

ردت جهاد وهي تمسح على وجهها بخفة وتفكير:

-عادي الفيديو كان بيتحفظ وممكن أي حد شافه ينزله، يا خوفي يكون حد وراه الفيديو وعرف اللي هي هببته ده ممكن يقتلها فيها…أحنا لازم نروح نشوفها بدل ما يعمل فيها حاجة.

تسرب القلق إلى الجميع وسارعت كل من جهاد وبرق وإسلام بتبديل ملابسهم بطريقة متعجلة وبتلك الأثناء آتت بـرق بهاتفها وقامت بمحادثة يوسف كي تخبره.

على الطرف الآخر، وبعد انتهاء الشباب من تناول الطعام أخيرًا أعلن هاتف يوسف عن اتصال.

اخرج الهاتف سريعًا وأجاب على بـرق التي لم تمنحه فرصة لقول شيء وقالت بنبرة عكست حالتها والقلق الذي يغمرها:

-يوسف أحنا هنطلع على البيت بتاع بابا، عشان بعت أخواتي يشوفوا جهاد ما عدا إحسان قالهم يسيبوها نايمة وأحنا شاكين أنه عرف حاجة وكان قاصد يوزعهم عشان يستفرد بيها وخايفين بجد يكون ناويلها على حاجة.

انتفض يوسف وقال مصدومًا:

-إزاي يعني الكلام ده؟؟ إن شاء الله خير متقلقوش..اجهزوا بسرعة وأنا ومحمد هناخدكم يلا..

أغلق معها وكانت عيون الشباب عليه يملؤها العديد من الأسئلة.

فكان صابـر أول من تحدث يشعر بالقلق حيال جهاد:

-في حاجة حصلت ولا إيـه؟؟

وقبل أن يخرج صوت أحمد…آسـر…ومحمد أخبرهم يوسف:

-أبوهم شكله عرف موضوع إحسان، بـرق بتقول أنه وزع أخواتها وبعتهم يشوفوا جهاد ومفيش غير إحسان معاه في البيت دلوقتي وهما قلقانين عليها هاخدهم أنا ومحمد وهبقى اطمنكم…يلا يا محمد بسرعة هات مفاتيحك…

اقترح آسـر بقلق هو الآخر:

-طب نيجي معاكم طيب أحنا كمان ولا إيـه.

رفض محمد وقال وهو يهب لمفارقة المنزل وانتظارهم بسيارته:

-لا محدش فيكم يجي، يمكن يطلع شكهم مش في محله ومفيش حاجة وبعدين أحنا معاهم وهنبقى نكلمكم..يلا يا يوسف.

______________________________

الأمر لم يتوقف عند قصه لخصلاتها وجعلها قصيرة…

قصيرة…غير مهندمة، كل خصلة يختلف طولها عن الأخرى.

بل أكمل مهمته صافعًا لها صفعات متتالية..ثم أنهال عليها بيديه وقدميه.

لم يشعر بما يفعله فقط كل ما يفكر فيه أثناء فعلته هو العار التي جلبته له.

وبأنه لم يرغب يومًا في إنجاب فتاة…بل رغب دائمًا في إنجاب الذكور.

فلو كان تحقق حلمه وأنجب ثماني ذكور بدلًا من الإناث لما كان حدث ما يحدث الآن.

بل ستكون حياته مختلفة كليًا عما هي عليه الآن…هكذا كان يفكر..

فتحت جهاد باب المنزل بالمفتاح الذي كان بحوزتهم و ولجت المنزل بخطوات متعجلة راكضة وخلفها باقي شقيقاتها.

وقع بصرهم على تلك الواقعة أرضًا شبه فاقدة للوعي وهو رغم سوء حالتها إلا أنه لا يوقف ما يفعله بها.

ولج يوسف ومحمد أيضًا بعدما صف كل واحد منهما سيارته أسفل البناية ولحقوا بالفتيات ليدركوا صدق إحساس الفتيات.

ركضت إسلام ثم البقية كي يقتربون من والدهم..ولكن كان محمد ويوسف اسرع منهم، وقاما بدفعه عنها وسريعًا ما ساندت الفتيات إحسان.

نزلت دموع ضياء وأخبرتهم من بينها:

-لازم نوديها المستشفى، نطمن عليها.

رد شكري بعنفوان وصرخ عليهم بقوة هزت أرجاء المنزل:

-مش هتروح مستشفيات، ولا هتتحرك من هنا، تحمد ربنا أني مقتلتهاش الفاجرة..قسمًا عظمًا ما هتخرج من هنا ولا هتودهوها في حتة سيبوها يكش تفطس.

تحدث محمد وقال يحاول تهدأته وإقناعه:

-أهدا بس يا عمي و..

-بلا اهدا بلا زفت، محدش يقولي اهدا..دي تستاهل أكتر من كدة كمان…كان المفروض اعمل إيـه بعد اللي شوفته بعيني ها!!! اعمل إيـه وأنا شايف بنتي مدوراها من ورايا ومغفلاني، أقف اسقفلها وأقولها برافو يختي، لا…مش أنـــا….دي تبوس ايدها وش وضهر عشان سايبها فيها نفس…من هنا ورايح هتتحاسب حتى على النفس، ومفيش لا دخول ولا خروج من البيت، حتى تعليم مفيش…خلاص فضيناها سيرة….

تلك المرة جاء دور يوسف في المحاولة لتهدئه روعه:

-يا عمو روق بس وأهدا، هي غلطت وأكيد ندمانة، مينفعش تحل المشكلة بالطريقة دي.

من جديد انفعل شكري وصاح بـه بل بالجميع:

-لا ينفع وكسر رقبتها كمان حلال..ومحدش يقولي روق ولا أهدا عشان بتجننوني أكتر، والكلام خلص خلاص..خدوها بقى وأخفوها من قدامي مش عايز ألمحها عشان وربنا لو لمحتها بس مش عارف ممكن أعمل فيها إيـه.

___________________________

بعد مرور ساعات عدة….

اضطر يوسف ومحمد للمغادرة وأصرت إسلام وبـرق على البقاء.

رغم خوف يوسف على زوجته إلا أنها أخبرته بأنها ستقوم بالاتصال عليه إذا حدث شيء.

ونفس الشيء حدث مع محمد الذي لم يقل قلقه على إسلام وتواجدها مع شكري الغاضب الثائر تحت سقف واحد.

أما عن إحسان فقد قاموا الفتيات باللازم معها دون الحاجة للذهاب إلى المستشفى…

والآن تتمدد جهاد على فراشها وكذلك تنام إسلام على الفراش الذي كان يعود لها قبل زواجها…

وقبل أن تغفو أي منهما…

فتح شكري الباب عليهما دون إستئذان، وأنار الأضواء…

مبصرًا جهاد متجاهلًا إسلام قائلًا بغموض ونبرة أثارت ريبة إسلام:

-جهاد قومي عايز أتكلم معاكي ونحط النقط على الحروف..

ثم حول نظره نحو إسلام وصوب كلماته لها تلك المرة:

-ولوحدها ها مش عايز ألاقيكي في ديلها، أنا عايز جهاد وبس……..

««يتبع»»

فاطمة محمد.

الفصل التالي: اضغط هنا

يتبع.. (رواية الحب كما ينبغي) اضغط على اسم الرواية لتجد الفهرس كاملاً بجميع الفصول.

أضف تعليق