رواية الحب كما ينبغي الفصل الحادي والخمسون 51 – بقلم فاطمة محمد

رواية الحب كما ينبغي – الفصل الحادي والخمسون

الفصل الواحد والخمسون

الفصل الواحد والخمسون

قبل الفصل أحب أقول أن المواعيد الرواية هترجع زي الأول بدءًا من النهاردة وبكدة الرواية مواعيدها هتبقى تلات وجمعة❤

ڤوت بقى قبل أو بعد القراءة وتفاعل حلو زيكم🫂❤

___________________________

الحب كما ينبغي.

فاطمة محمد.

الفصل الواحد والخمسون:

تجمعت غصة بحلق أحمد صُعب عليه ابتـلاعها.

لكنه فعل بالنهاية متجاوزًا صدمته فيما سمعه يخرج من فم جهاد حول ذلك العريس المجهول المتقدم لها:

-أنتِ بتقولي إيـه يا جهاد!!!! أنا سمعت صح مش كدة!! قولي أني سمعت غلط.

خرج صابـر من غرفة آسـر مقتربًا من أحمد، ينصت إلى كلماته مع جهاد التي ثارت غضبه دون أن تقترب منه أو تفعل لـه شيء.

لم يكبح رغبته في معرفة ما يحدث وسبب اتصالها على توأمه:

-في إيـه؟

لم يجيب عليه أحمد منصتًا إلى جوابها المؤكد:

-لا مسمعتش غلط يا أحمد…أنا كدة عملت اللي عليا وعرفتك اللي فيها واللي هيحصل وأنت حر وشوف عايز تتمسك بـروضة ولا هتتخلى عنها يا أحمد..مع السلامة.

أنهت المكالمة وتركته مصدومًا من ذاك الخبر.

ضاقت عيون صابـر وسأله من جديد مستغربًا من حالته تلك:

-في إيـه يا بني ما تنطق هتحايل عليك ولا إيـه!!!

حضر كل من آسـر وقُصي أيضًا مستمعين إلى حديث صابـر مع أحمد مما جعل الفضول يعتريهم ويتابعون رد فعل أحمد الذي انزل الهاتف عن أذنيه يخبرهم بصدمة سرعان ما تحولت لإنفجار:

-روضة أبوها جايبلها عريس ورايحلهم تالت يوم العيد البيت…..ده أنا هخربــها..ده أنا هطربقهــا وأجيب عاليها واطيها…أنا مـش هسكت…مين دي اللي جايبلها عريـس!! يعني من وسط بناته كلهم مجاش غير لرضوى اللي قاعد مستنيها ومش راضي اتكلم معاها ولا ابصلها حتى بصة واحدة من تاني من غير ما تبقى حلالي ومراتي…والله ما يحصل وهطربقها على دماغ أبوها وعلى دماغ عريس الغفلة اللي جايبه..وبعدين ما عنده جهـاد… عنده ضيـاء..ليه رضوى!!! ليــه.

كز آسـر على أسنانه من حديثه الذي خص بـه ضياء..لا يتخيل أن يوضع يومًا ما في مثل ذلك الموقف…المؤلم…بل القاتل الذابح.

مال قُصي يهمس لـ آسـر مستفسرًا:

-هي روضة ولا رضوى!! اللي أعرفه أنها روضة إيه بقى رضوى اللي بيقولها دي..إيـه اللغبطة دي بقى هو الواحد ناقص.

لكزه آسـر في صدره كي يلتزم الصمت متمتم من بين أسنانه:

-هو ده وقته اخرس دلوقتي وحط لسانك جوه بوقك.

رفض قُصي الصمت وعلق بسخرية على كلماته الأخيرة:

-لا جبت التايهة ما هو أوريدي لساني جوه بُقي حد قالك أنه في قفايـا.

وعلى الفور حول بصره نحو أحمد وتدخل قائلًا راغبًا في أن يهدأ من روعه:

-اهدأ يا حمادة مش كدة يا جدع روق بس وكل مشكلة وليها حل.

تقدم منه أحمد ومسك بـه من تلابيبه متحولًا من صورة ذاك القط الوديع اللطيف الذي اعتاد أن يكونه إلى حيوان مفترس، صاببًا ما بداخله من نيران على قُصي الذي اهتز جسده بين يديه:

-متقوليش اهدأ… ومتقوليش يا حمادة.. ومتقوليش روق…روضة بتروح مني يا حيوان.

-طب متشتمش طب وبعدين أنت شوية تقول روضة وشوية رضوى هي مين بضبط ولا هي اتنين في واحد.

-أنت بتهزر!! حد يشيل الواد ده من قدامي… بدل ما أولع فيه..اعمل إيـه…اعمل إيـه!!! اموت شكري واخلص منه طيب!!

سخر آسـر منه وقال مقترحًا:

-وتخش فيه السجن وتلبس البدلة الحمرا!!.أنا عندي فكرة أحلى إيـه رأيك تخطفها وتجوزها أنت.

عض أحمد على شفتاه ثم صاح في وجهه صابـر:

-صابـر سكتهم، سكتهم عشان معملش معاهم الصح.

علق قُصي يكتم ضحكته على هيئة أحمد:

-اسمها عشان معملش معاهم الغلط مش الصح قولها صح الأول.

رد أحمد من بين أسنانه وعلى وشك الانفجار وفقدان أعصابه أكثر:

-لا ما هو معاكم أنتوا مش هيبقى غلط ده هيبقى صح الصح…يا تفكروا معايا عدل وتلاقوا حل يا تخرسوا وتحطوا لسانكم في بوقكم.

هنا وعقب قُصي رامقًا كل من أحمد وآسـر الذي نطق بذات الكلمات منذ ثواني فقط:

-لا ده أنتوا قرايب جدًا.

بعد وقت من جلوسهم معًا، لم يتوقف أحمد عن الصياح ومن حين لآخر يتشابك بالأيدي مع آسـر وقُصي ويطلق سباب مغتاظ من فمه.

منتهزًا أي فرصة تأتيه لإختلاق مشكلة وصب كامل حنقه عليهما.

لم يوقفهم سوى صوت صابـر الذي خرج مخبرًا أخيه مسببًا في إيقاف ما يحدث بين الثلاث:

-أحمد كلم جهاد تاني وأسالها لو تعرف اسم الواد إيـه وشغال إيـه وساكن فين بضبط.

سأله بلهفة تليح على وجهه الغاضب وعيونه التي تشع وتطلق حزنـًا:

-طب افرض متعرفش.

-يبقى تحاول تعرف وتبلغنا..اعمل بس اللي بقولك عليه……..أو اتصل واديني أنا أكلمها اتفاهم معاها وأقولها مطلوب إيه منها بضبط.

رفض أحمد هذا الاقتراح وفضل الحديث هو بدلًا من صابـر:

-لا بلاش أنا هكلمها أحسن.

حدق بـه صابـر مطولًا يفهم مقصده من حديثه مما جعله يتأفف ويراقب أحمد الذي جاء برقمها وقام بالاتصال عليها.

أجابتـه سريعًا، قائلة بهدوء:

-أيوة يا أحمد.

-جهاد معلش أنتِ تعرفي اسم الواد ده أو بيتشغل إيـه أو ساكن فين ضروري.

دهشت من سؤاله وهتفت نافية معرفتها:

-لا طبعًا أنا هعرف منين، بابا حتى مقالش اسمه ولا قال أي حاجة عنه.

استمع صابـر لجوابها نظرًا لعلو صوت الهاتف لتلك الدرجة التي تمكن من حول المتحدث بأن يستمعون للمحادثة دون الحاجة أو اللجوء إلى تشغيل مكبر الصوت.

أشار لأخيه يهمس له:

-قولها تحاول تسأل وتعرف ولو وصلت لحاجة تبلغنا.

اومأ لـه أحمد بتفهم وألقى عليها ما أخبره بـه صابـر.

وافقت على طلبه وقالت:

-حاضر لو عرفت أي حاجة هبلغك علطول مع السلامة.

أنهت المكالمة معـه..وأخفض أحمد الهاتف عن أذنيه مطلقًا تنهيدة تعكس الألم الذي يشعر بـه.

رفع صابـر يده يربت على ظهره يبثه الطمأنينة، يخبره بتلك الكلمات المشجعة:

-متخافش ومتقلقش طول ما أنا معاك وجمبك، وأوعدك أن الموضوع ده مش هيحصل والواد ده مش هيدخل البيت لا هو ولا أهله.

جاء تأكيد من آسـر وقُصي على كلمات صابـر، يخبراه بنفس واحد:

-أحنا معاك متقلقش.

____________________________

توسطت زهـر الأريكة وهي تعود بظهرها تريحه تمامًا مطلقة تنهيدة كبيرة وبصوت عالي، رافعة يدها التي عرفت طريقها تمسح عن جبينها حُبيبات من العرق لم تتواجد من الأساس، قائلة براحة كبيرة وكأنها كانت داخل عراك للتو:

-أخيـرًا….مش مصدقة أننا خلصنا ده أنا طلع عيني وتعبت خلاص، وقولت مش هنلحق نخلص الشقة بس الحمدلله.

اقترب وسـام منها بضعة خطوات وهو يرمقها باستنكار، ويزين وجهه بسمة زائفة، هاتفًا:

-طلع عينك إيـه هو أنتِ عملتي حاجة! ما أنا اللي لبست في البيت وترويقه وكل ده ليه عشان الهانم مش بتحب تجيب حد يعملها البيت.

زمت شفتيها بطفولية تخبره بتشنج بسيط:

-وأنا يعني مكنش ليا دور، ما أنا كنت متبعاك وعيني مش بتتشال من عليك وعمالة أقولك تعمل إيه ومتعملش إيه وتعدل دي وتجيب دي كدة شوية، ده أنت طلعت عيني، أنا لو كنت عملتها أنا مكنتش تعبت التعب ده…ومش بس كدة ده ضيف على كل اللي قولته ده أني عملتلك جو وفرفشت عليك وشغلتلك أغاني تهيصك وتنعنشك.

-تهيصني وتنعنشني! طب بس ما تقوليش كدة، عشان كل اللي شغلتيه لا يمس النعنشة والتهيص بصلة يا شيخة، ده حزن الحزن.

ضحكت ضحكة قصيرة تعبر عن استيائها وسخريتها، متمتمة:

-أهو ده اللي بناخده منكم..عارف المثل اللي بيقولك زي القطط تاكل وتنكر، كان المفروض يبقى اسمه زي وسـام ياكل وينكر…يا خسارة تعبي معاك و وقتي اللي ضيعته عليك وأنا عماله أقولك اعمل إيـه ومتعملش إيـه، كنت نمت أحسن..أقولك أنا قايمة أنام ومفيش تصبح على خير.

نهضت من جلستها فوق الأريكة وتحركت من مكانها متجهه صوب غرفتها كي تنام بضعة ساعات حتى صلاة الفجر وتستعد لصلاة العيد.

ابتسم وسـام مدركًا بأنها تتحجج وكل ما في الأمر هو رغبتها الآن في النوم ومن غيره يحفظها عن ظهر قلب!

وصلت الغرفة وقبل أن تغلق الباب خلفها، استدارت تنظر له تخفي جسدها خلف الباب ولا يظهر سوى رأسها قائلة بدلال وكأن لم يحدث شيء قبل دخولها الغرفة:

-حبيبي متنساش تصحيني بدري ولو نمت اضبط المنبة قبل ما تنام، أحنا لازم نخرج بدري ونلحق صلاة العيد، دي أول مرة هنصليها سوا وأحنا متجوزين..وآه جلابيتك البيضا اللي هتاكل منك حتة جاهزة ومكوية يا عيدي وعيدتي أنت.

ختمت حديثها المتغزل بـه مرسلة لـه قبلة بالهواء، مما جعل بسمته تشق ثغره ويضرب كف بالآخر من جنونها وتقلباتها المزاجية المريبة مؤخرًا.

_____________________________

انتهت بـرق من كي جلباب يوسف والذي انتقاه الاثنان وقاما بشراءه معًا قبل يوم الوقفة بعدة أيـام.

وبالتأكيد لم يأتي يوسف بملابس لـه فقط، بل قام باصطحابها إلى إحدى المتاجر واشترى لها ملابس جديدة وكانت السعادة لا تسعه لرؤيته فرحتها الطفولية والتي نتجت عن شعورها أنـه والدهـا وليس زوجها فقط، فقد فعل ما لم يفعله شكري معها يومـًا.

فيما شعر هو أنـه أفضل وأجمل عيد مر عليه طوال سنوات حياتـه وذلك لتواجدها في حياته ويومه دائمًا.

قامت بتعليق الجلباب ثم وضعته داخل الخزانة…كما قامت بتحضير عباءتها الواسعة الطويلة التي ستحضر بها صلاة العيد.

فقد انتهت من مهامها بأكملها بدءًا من إزالة زينة رمضان حتى تنظيف وترتيب المنزل فالأمر لم يكن شاقًا بالنسبة لها نظرًا إلى تنظيفها الدائم بالمنزل مما سهل عليها الأمر كثيرًا.

والآن تجلس أمام شاشة التلفاز تتابع إحدى الأفلام المصرية القديمة.

بعد وقت ليس بالكبير بدأت تشعر بالملل وافتقدت وجوده بشدة مما جعلها تنتشل هاتفها وتقوم بالاتصال عليها لترى أين هو كل هذا الوقت وأخباره بمدى اشتياقها وافتقادها لـه، لن تخفي عنـه تلك المشاعر التي اعترتها في غيابـه.

آتت برقمه وقامت بالاتصال عليه لكنه لم يجيب.

حاولت مرة ثانية ولكن دون جدوى.

زفرت من عدم ايجابه ثم فتحت تطبيق الواتساب وقامت بتسجيل رسالة صوتية لـه تستفسر بها عن الكثير:

“أنت فين يا يوسف اتصلت عليك مرتين ومش بترد، من أمتى وأنت بتتأخر عليا كدة، أنا زهقت وكمان وحشتني أوي البيت وحش من غيرك….”

توقفت عن الحديث وأرسلتها لـه وترقبت وصولها لـه وفتحه واستماعه لها لكن لم يحدث.

تأففت وقامت بتسجيل رسالـة أخرى تخبره بالتالي:

“واضح أنك مش فاضيلي وأنا لو فضلت قاعدة كدة كتير هتجنن..فهقوم أقعد مع إسلام شوية…أنا قولت أعرفك عشان متقلقش وتبقى عارف أنا فين لو جيت وملقتنيش….”

انتهت من إرسال الرسالة وقامت على الفور بارتداء اسدال فوق ملابس المنزل واضعة حجاب رأسها بإحكام، ملتقطة هاتفها ومفاتيح المنزل معها.

ارتدت خفها المنزلي ثم فتحت الباب واتجهت نحو شقة أختها المقابلة لها.

قرعت الجرس ولحظات كان يفتح الباب وتطل من خلاله إسلام والتي كانت تضع الهاتف على أذنيها وتردد تلك الكلمات بغضب كبير أثار فضول وريبة بـرق والتي أشارت لها إسلام برأسها كي تلج ولا تظل واقفة بالخارج:

-إزاي يعني الكلام ده وأنتِ لسة فاكرة تقوليلي دلوقتي يا جهاد مقولتيش من بدري ليه كنت اتكلمت معاه…البت ثانوية عامة محتاجة تركز على المذاكرة إيـه التهريج ده، بالذمة ينفع ينكد عليها بالشكل ده!

تساءلت بـرق بأعين لا تزيحها عن إسلام:

-في إيـه وبتكلمي عن مين روضة ولا دودي!!

لم تجيب إسلام عليها تستمع إلى رد جهاد والتي تحاول تهدأتها تخبرها بألا تشغل هي نفسها وتدخل وتترك زمام الأمور لها.

-مقولتلكيش عشان مش عايزة اوجع دماغك، وبعدين أنا موجودة معاها وجمبها مش هسيبه يعمل فيها كدة..متقلقيش إن شاء الله الموضوع مش هيتم.

-جايبة منين الثقة دي!!!، أنتِ مش عارفة أبوكي يعني!!

-لا عرفاه وحفظاه كمان بس ثقي فيا ومتشغليش نفسك واهتمي بـ بيتك وجوزك وسيبي الموضوع عليا وخير بأمر الله، عشمي في ربنا كبير وأكيد هتتحل.

رغم جهلها بما ينوي أحمد فعله وهل بالفعل سيقوم بأخذ خطوة ويسعى في منع حدوث هذا الأمر إلا أنها تحدثت بثقة عازمة على فعل أي شيء حتى تمنع تلك الزيجة حتى لو امتنع وتراجع أحمد وتخلى عن شقيقتها، لن تتراجع أو تتخلى هى ستظل معها تفعل من أجلها أي شيء…لن تسمح بتدميرها واجبارها على فعل ما لا ترغب.

انتهت المكالمة بينهما وعلى الرغم من قلق إسلام على روضة إلا أنها تثق في جهاد وتدرك بأنها يعتمد عليها.

تساءلت بـرق بانفعال بعد أن تفاقم قلقها:

-ممكن افهم بقى في إيـه وبتكلموا عن مين روضة ولا دودي انطقي يا إسلام متقلقنيش….

___________________________

عـاد يوسف من الخارج، واضعًا ما يحمله بين يديه لأجلها جانبًا، مخرجًا هاتفه من جيبه بعدما انتبه إلى غيابها، راغبًا في الاتصال بها ومعرفة أين تتواجد.

لكنه وجدها اتصلت عليه مرتين ولم يجيب، كما ارسلت لـه عبر الواتساب اثنان من الرسائل الصوتية.

قـام بفتح الرسائل والانصات إليهم جيدًا.

وسريعًا ما غزت البسمة شفتاه و وجهه الوسيم مغرمًا بما نطقت بـه من اعتراف باشتياقها لـه.

مدركًا مكانها وجلوسها مع شقيقتها.

رد على رسالتها كاتبًا لها:

-أنا رجعت وفي البيت أهو مستنيكي.

مر قرب الساعة وعادت بـرق إلى المنزل بعدما رأت رسالته منذ ثواني فقط وذلك لانشغالها عن الهاتف وعدم اهتمامها بـه منشغلة بما يحدث مع روضة.

استقبلها يوسف مفارقًا جلسته على الاريكة منتشلًا ما جاء بـه حاملًا لـه بين أحضانه.

كان الوجوم مصاحبًا لها ولكن سرعان ما تبخر ولمعت عيونها وهي ترى استقبلاه لها وما يحمله من باقة من الورود والنقود في آن واحد، قائلًا بحب وحنان ينطلق من عيونه قبل لسانه:

-كل سنة وأنتِ حبيبتي وكل سنة وأحنا مع بعض.

أخذت منه الورود واستنشقت عبيرها، ثم ابعدتها مقتربة منه معانقة إياه معترفة بهمس ويدها تجذبه نحوها أكثر وأكثر:

-بحبك يا يوسف.

-مهما حبتيني مش هتعرفي توصلي للدرجة اللي بحبك بيها….حبي ليكِ يا بـرق مش لاقي كلام أقدر أعبر بيه عنه، لأني هبقى ببساطة بظلم حبي ليكِ ومش هوفيه حقه.

ظلت داخل أحضانه بجسد مستكين تمامًا وقلب يخفق بقوة أثر قرب الحبيب لـه.

لحظات وكانت تبتعد تسألـه بجدية:

-أنت ليه وإزاي كدة!! ليه مش كل الرجالة في حنيتك دي! وإزاي أنت بالحنية والجمال ده! أنا حتى مش عارفة أنا عملت إيـه عشان واحد زيك يحبني..هي إزاي مامتك وباباك مخلفوش تاني!! الإنتاج ده مكنش لازم يقف، أحنا محتاجين منك كتير أوي..لو بقى فيه منك كتير الدنيا هتبقى بخير.

مزح معها وقال وهو يحاوط خصرها بذراعيه:

-مش حسة أنك أفورتي في حقي شوية..أو شويتين تلاتة كمان.

-أفورت!! ده أنا كل اللي قولته ده وبرضو مش نصفاك ده أنا كدة ظلماك.

____________________________

صعدت جهاد من الأسفل بعدما قامت بالنزول ومغادرة المنزل لشراء بضعة أشياء تحتاج إليها.

مقررة التخفيف على شقيقتها وجعلها تتناسى أي حزن حتى ولو بشكل مؤقت.

ولجت المطبخ وبعد دقائق كانت تغادر متحركة صوب السفرة واضعة الأشياء عليها ثم تحركت صوب غرفة روضة وضياء.

فتحت الباب واقتحمت وحدتهم قائلة بنبرة يتغلغها المرح:

-تعالوا ساعدوني…يلا بسرعة عشان نلحق نخلص قبل بابا ما يجي.

وبصعوبة امتثلت روضة إلى طلبها فاقدة الشغف للقيام بأي شيء ولكن مع إصرار جهاد و ضياء نهضت على مضض.

كذلك قامت جهاد بمناداة إحسان.. عصمت.. ورضا كي يشاركون في ما تنوي فعله.

اجتمعت الفتيات حول السفرة الموضوع أعلاها ذرة فشار اعدتها جهاد وألعاب بسيطة صغيرة تناسب صغار السن وبعض الأكياس البلاستيكية والنقود.

-يلا ساعدوني، خلونا نضبط كل كيس هنحط فيه شوية فشار ولعبة صغننة و الخمسة جنية.

وبدون شعور ابتسمت روضة وعيونها تجول على كل تلك الأشياء واللواتي سيقومون بتوزيعها على الأطفال في صلاة العيد..

نجح مخطط جهاد ومدت روضة يدها معهم وانشغلت بتعبئة الاكياس مع شقيقاتها في أجواء لم تخلو من المرح متناسين ما كان يحدث بالأيام الماضية من مشاحنات وشجارات.

____________________________

لم يغمض جفن للكثير من الناس والذين يفضلون السهر في مثل هذا اليوم والنوم بعد العودة إلى المنزل بعد صلاة العيد وتناول الكحك والبسكوت المعد خصيصًا لعيد الفطر مع كوب من الشاي بحليب.

والآن يدوى صوت تكبيرات العيد عاليًا في الأجواء ويتشارك بعض من الأطفال في قولها.

والكثير من الرجال يرتدون الجلباب الأبيض، والبعض الآخر يرتدون ملابس عادية من سروال وقميص.

وكان الأربع شباب وهم أحمد، صابـر، آسـر، وقُصي ممن سهروا الليل والآن يرتدون الجلباب الأبيض وكذلك باقي رجال العائلة.

انتهت صلاة العيد وبدأ الأربعة في توزيع الأوراق المالية على الأطفال حولهم من باب إسعادهم وإدخال البهجة والسرور قلوبهم.

وبعد انتهائهم بدأوا في شق طريقهم للعودة إلى المنزل من طريق آخر سيرًا على الأقدام.

وأثناء سيرهم كان هناك من يتلفت حوله من حين لاخر وعيونه تجول على الفتيات…..وبالطبع كان هذا الشخص قُصي الذي سارع  في تصويب حديثه لمجموعة من الفتيات الواقفات جانبًا قائلًا بوقاحة وفظاظة:

-إيـه يا بت العباية دي يا بت، أبوكي شافك وأنتِ نازلة بيها….وبتاكلي لبانة كمان…وإيـه الحواجب دي، وإيه المكياج اللي على وشك ده كله.

جذبـه آسـر من ملابسه يجبره على النظر أمامه وعدم الحديث معهم أو الرد عليهم خاصة بعد رد واحدة منهم عليه بتلك الكلمات:

-وأنت مال أمك.

تمتم آسـر بضيق واضح من أفعال قُصي وتماديه ومبالغته في رد فعله بل والسماح لنفسه لتفرس الفتيات بعيونه:

-أنت بتهبب إيه يخربيتك، شوفت آخرة قلة الادب إيه جبت الكلام لـ أمك الست المحترمة.

بينما التفت إليهم أحمد والذي كان يسير أمامهم وبجوار صابـر، رافعًا يده يلكز قُصي في صدره عدة مرات متتالية متمتم بغيظ غير مبالي بنظرات من حولهم والتي انجذبت إليهم، فقط كل ما يرغب بـه هو إفراغ كم الغضب والثوران القائم بين ثنايا صدره:

-أنا ساكتلك من امبارح بس خلاص مبقتش قادر اسكت ولا استحملك أكتر من كدة، هو أنا مش من بدري عمال أقولك غض بصرك، مش بتغضه ليه يا حيوان، وبعدين أنت مال أمك فعلا أبوها عارف ولا لا وحطة إيـه ومش حطه إيـه هو أنت هتتحاسب مكانها ما تبص لنفسك الأول يالا قبل ما تبص على غيرك، صحيح صدق اللي قال اللي بيته من إزاز ميحدفش الناس بالطوب.

ختم أحمد حديثه مسرعًا من ضرباته له أكثر وأكثر مما جعل قُصي يدافع عن نفسه سواء كان بلسانه أو بدفع يد أحمد عنه بعدما تركه آسـر يتولى آمر قُصي:

-كل الخناق ده وساكتلي أومال لو مش ساكت بقى هتعمل فيا إيـه وبعدين متمدش أيدك يا أحمد عليا أنت مالك أصلا ما تخليك في حالك ما أعمل اللي أعمله وأقول اللي اقوله هو أنت شريكي.

عقب آسـر والذي وقف وأخذ دور المشاهد:

-ياريت تطبق الكلام ده على نفسك الأول يا صاحبي.

وعلى حين غرة توقف صابـر فجأة عن السير وعاد الخطوات الذي تقدمها عنهم، واقفًا أمام الاثنان يبعدهم عن بعضهما البعض، قائلًا:

-هو أنتوا عيال!!! ده العيال مبيعملوش الهبل دة، فرجتوا الناس علينا هو ده ينفع! في إيه يا أحمد مش كدة أنا مقدر والله أنك متعصب وعايز تطلع عصبيتك في أي حاجة بس مش بالطريقة دي!! آه قُصي يستاهل أكتر من كدة كمان بس معلش حاول تهدأ وتمسك أعصابك..وأنت يا أستاذ قُصي طول ما أنت ماشي معانا تحترم نفسك وتحترمنا عشان نحترمك، غير كدة هقل منك جامد، أنا أساسًا مش طايقك وحايش نفسي عنك بالعافية فمتخليهاش تهب عليك.

هكذا أضاف صابـر في نهاية حديثه معه رامقًا إياه بنظرات متوعدة، فصبره عليه طال وبات على مشارف النفاد…………

_____________________________

فتحت زهـر عيونها وهي تتقلب في نومتها على الفراش على الجانب الآخـر.

وسريعًا زينت بسمة عريضة وجهها رامقة زوجها النائم بجوارها ويتضح عليه نومه العميق.

رفعت أناملها وسارت بهما بخفة وحنان على وجهه ممتنة لما فعله ويظل يفعله معها طوال الوقت…لحظات وكانت تبعد يدها وتنهض عن الفراش كي تلج دورة المياة وتتجهز للصلاة ظنًا منها بأن الوقت لا يزال باكرًا والمنبة لم يرن بعد.

بعد وقت قليل كانت تفارق المرحاض وتذهب نحو هاتفها وأول شيء وقع عيونه عليه هو الساعـة….

والتي كانت السابعة والنصف.

اتسعت عيونها صدمـة لا تستوعب ما تراه.

حقًا تشعر بالصدمة الكبيرة بعدما كان ما تشعر بـه هو الحماس والسعادة.

كذبت ما تراه من وقت وخرجت من الغرفة ذاهبة نحو الساعة المعلقة على الحائط لتتأكد حينها أن ما رأته كان صحيحًا وليس خطئًا.

عادت إلى الغرفة من جديد ولسانها ينطق اسمه بصوت عالي أثر الصدمة التي تلقتها:

-وســام… وســـام… يا وســام… صلاة العيد راحت علينا يا وســام… قوم يا وســام.

استيقظ وسـام معها يبصرها بعدم فهم بعد عما تتحدث عنه.

دنت منه أكثر وهي على وشك البكاء تخبره من جديد:

-الساعة سبعة ونص صلاة العيد فاتتنا…أنت مصحتنيش بدري ليه زي ما قولتلك!!!! عجبك كدة.

أدرك وسـام بأن النوم قد غلبه أثر أرهاقه طوال اليوم وما فعله من أشياء عدة بالمنزل مما جعله يذهب إلى الفراش متناسيًا أمر المنبه تمامًا.

احتفظ بفعلته تلك لنفسه وقال بهدوء كي يهدأها:

-طب معلش حقك عليا واضح كدة أن راحت عليا نومة من التعب، أنا أسف.

لم تستطع كبح دموعها لتفويتها صلاة العيد التي كانت تنتظرها على أحر من الجمر، وبدون أن تنطق بحرف تركت لـه الغرفة.

لم يتركها ونهض يلحق بها، كي يحاول التهوين عليها.

وجدها جالسة على الأريكة فتقدم منها وجاورها بجلستها، قائلًا بضيق من الموقف بأكمله:

-يا زهــر..يا حبيبتي حقك عليا بجد أنا غلطان.. نعوضها العيد الكبير إن شاء الله.. حقك عليا والله…أنا أكيد مش قاصد يعني.

ختم حديثه مقبلًا أعلى رأسها كاعتذار لها.

رافعًا أنامله يمسح لها دموعها.

لم تضيف حرف آخر وتفاقم المشكلة بينهما، مخبرة نفسها أنه محق وبالتأكيد لم يتعمد ما حدث، ولا يجوز إحداث خلاف بينهما في أول عيد لهما معًا تحت سقف واحد…….

___________________________

طرقات على باب غرفة أحمد ارتفع صوتها تخبره برغبة أحدهم في الدخول، قاطعه جلسته مع قطه الذي كان يداعب رأسه وهو شارد تمامًا.

ترك القط وتحرك نحو الباب ولكن قبل أن يفتحه كان الباب يفتح ويطل الطارق عليه والذي كان صابـر الذي سألـه مغلقًا الباب خلفه:

-منمتش ليه لحد دلوقتي؟

رد عليه بهدوء زائف:

-وأنا هيجيلي نوم إزاي! ده أنا شكلي هفضل مطبق لحد تالت يوم العيد..أخوك مش هيعرف يغمضله جفن طول ما الموضوع ده متقفلش….أنا قلبي وجعني أوي يا صابـر، وجعني عليها وعلى اللي بتشوفه وعيشاه بسبب اللي المفروض أنـه أبوها! الواد ده مش لازم يعتب عتبة البيت، لازم نمنعه أينعم لسة معرفش ده هيحصل إزاي بس هو هيحصل عافية ذوق هيحصل.

-وأنا قولتهالك وبقولهالك تاني يا أحمد متخافش ومتقلقش مفيش حاجة هتحصل، أنت مش بتثق فيا ولا إيـه.. لا ازعل بجد.

قال صابـر آخر كلماته بطريقة مازحة مع أخيه..جعلت الابتسامة تأخذ طريقها على وجه أحمد والأمل يعرف طريقه أكثر وأكثر إلى فؤاده.

لحظات وكان صابـر يرفع يده يحك ذقنه والتردد يليح على قسمات وجهه.

والسؤال على طرف لسانه لكنه يشعر بصعوبـة في طرحه على مسامع أحمد.

خاصة أنـه قد يسئ الظن بـه.

شعر أحمد بما يحدث معه وأن هناك ما يرغب في قولـه ولكن يمنعه شيء ما.

لم يفكر كثيرًا حول ما يريد، وسأله بصراحة ودفعة واحدة:

-في إيـه؟ عايز تقول حاجة ولا إيـه.

ابتلع صابـر ريقه ثم اومأ لـه برأسه، منتهزًا تلك الفرصة الذي قدمها لـه أحمد على صحن من ذهب.

-أيـوة، كنت هسألك على جهاد، مردتش عليك لسة، معرفتش حاجة!

نفى أحمد سريعًا:

-أكيد ملحقتش تعرف حاجة وكدة كدة قالتلي أول ما تعرف هتكلمني.

مجددًا ابتلع صابـر ريقه يطرح عليه سؤاله الثاني والذي سيترتب عليه الكثير:

-متعرفش هتيجي بليل الافتتاح بتاع الكافية ولا لا؟

طالت نظرات أحمد المسلطة عليه، ورغم إدراكه ومعرفته منها بعدم مجيئها اليوم، إلا أنـه احتفظ بذلك الشيء لنفسه ورد عليه بهدوء:

-لا معرفش..بس بتسأل ليه ولا مهتم ليه، أنت مالك بـ جهاد أصلًا، أنت مش رفض البنت  عايز منها إيـه يا صابـر!!

تلجلج صابـر وشعر بارتباك طفيف سرعان ما قام يإخفائه والسيطرة على حاله، مغمغم بدفاع مميت عن نفسه:

-أنت عبيط ولا إيـه هكون عايز إيـه يعني منها، أنا بسألك عادي هو ممنوع أسالك ولا إيـه.

-بتسأل عادي آه.. قولتلي بتسأل عادي، وامبارح لما قولتلي اديني اكلمها أنا افهم منها إيـه؟ كان برضو عادي ولا إيـه الدنيا.

تمالك صابـر نفسه وقال بهدوء ليس حقيقي:

-آه عادي هو أنا هكلمها أحب فيها!! أنا كنت هكلمها عشانك مش أكتر.

-عشاني آه…ماشي..طيب..

ثم همس بينه وبين نفسه بما لم يسمعه ويصل إلى مسامع صابـر:

-نمشيها عشانـي.

____________________________

في المساء، يجلس عـادل مع صديقه في إحدى المقاهي، هاتفه بين يديه يقرأ التعليقات التي تأتيه على مجهوده الذي بذلـه خلال أيـام شهر رمضان، فقد كان يعتريه الشغف والأمل والحماس..ظن بأن الأمور ستسير على ما يرام ويحصد نتيجة تعبه وسهره الليالي، لكن لم تسير الأمور كما أراد وحالته الآن لا تسر عدو أو حبيب.

انتهى من قراءة التعليقات، مسلطًا بصره على كم التفاعل والمشاهدات على الجزء الأول من فيلمه القصير والذي كان يدور حول شاب يعشق فتاة منذ سنوات طويلة ويحاول الظفر بها وبالطبع قامت إحسان بدور البطولـة أمامه بعدما وقع اختياره عليها من بين العديد وذلك ليس لأنها جيدة وتجيد التمثيل ولكن لأنها الأفضل من بين من تقدم للحصول على تلك الفرصة.

دفع الهاتف على الطاولة الزجاجية أمامه بعصبية مفرطة وهيئته تدل أنه على وشك أن يچن، قائلًا بغضب يطلق من عيونه قبل لسانه:

-التفاعل زي الزفت أنا مكنتش مستني كدة!! أنا افتكرت أن الموضوع هيكسر الدنيا وهركب التريند…أنا بجد مش مصدق.

حاول صديقه التهوين عليه، قائلًا:

-معلش يا عادل ما أنت سمعتك بايظة وأنت عارف ده، ودي كانت محاولة عشان ترجع من تاني وترجع التفاعل عندك، بس أنا مش عايزك تيأس دي أول محاولة وأكيد مش هنستسلم من أول مرة، لازم تحاول مرة واتنين وتلاتة وعشرة كمان.

كز عـادل على أسنانه غيظًا، وهو يردد بعيون شاردة يتخيل هيئتها وسعادتها الآن بفشله:

-هتلاقي سـارة دلوقتي طايرة من الفرح وشمتانة فيا.

-سيبها تشمت يا صاحبي، عشان لما تنجح من تاني وتعديها وتحط عليها تبقى الضربة شديدة على رأسها ومش متوقعاها أهم حاجة دلوقتي أنك متيأسش.

هز رأسه موافقًا هاتفًا بتفكير:

-أنا برضو استعجلت واديت إحسان الدور قدامي والبت معندهاش كاريزما كدة تشد الواحد ليها آه حلوة بس عادية، أنا محتاج أدور تاني لحد ما ألاقي اللي تشدني ليها وتخطفني كدة.

على الجانب الآخر، وعلى النقيض بـ عـادل تمامًا، كانت إحسان سعيدة، وعلى وشك أن تقفز من شدة الفرحة وهي تشاهد تمثيلها ونفسها تقف وجهًا لوجه أمام عـادل.

كما أن الفيديو قد تخطى الخمس آلاف إعجاب وتخطى الخمسين ألف مشاهدة وبالنسبة لها نجاح ساحق عكسه تمامًا بعدما كانت مشاهداته تتخطى الخمسة والسبعة مليون والإعجابات تتخطى حاجز الـ 100 ألف.

تقرأ التعليقات بشغف سعيدة بالإيجابي عنها ويتغزلون بها، ولا تبالي بمن يصفها بأنها لا تجيد التمثيل من الأساس.

تتجهز للذهاب إلى افتتاح المقهى، وبجوارها عصمت التي تتجهز هي الآخرى والوحيدة التي أدركت للتو منها بما فعلت ورأت مقطع الفيديو..مما دفعها بعد انتهائها من المشاهدة لسؤالها بخوف وقلق:

-أنتِ مش خايفة طيب بابا يوصله الكلام ده ويعرف، ساعتها مش هيسكتلك يا إحسان وبعدين كله كوم وأنك قلعتي الحجاب وطالعة بشعرك كوم تاني مش عارفة إزاي مخوفتيش يعرفوا..أنتِ عارفة جهاد لو عرفت هتعمل فيكِ إيـه.

-متخافيش أنا مش سهلة برضو، وعملت لعادل بلوك من عندها عشان لما ينزل الفيديوهات متشوفهاش..وأقولك حتى لو شافت تعمل اللي تعمله ملهاش حاجة عندي، أنا مش هسكتلها ولو كترت معايا هقلب التربيزة عليها وهقول لـ بابا أنها كانت بتهزر بأفورة مع الواد قُصي وتهئ معاه..ولا أقولك أحنا نقول أنها بتهزر مع الشباب كلهم.

اتسعت عين عصمت من نوايا شقيقتها الخبيثة تجاه جهاد، مدافعة عنها:

-أنتِ بتقولي إيـه!! جهاد أصلًا آخر مرة مفتحتش بوقها مع حد فيهم، وحتى لما قُصي حاول فتح كلام معاها مدتهوش ريق وقفلت كلام ومرضيتش برضو يوصلونا.

-مش مهم عند بابا آخر مرة عملت إيـه، المهم عملت إيـه قبل كدة، أنا لو كنت سكت قبل كدة، بعد كدة مش هسكت.

خارج الغرفة كان هناك من يختلس السمع إلى حديثهم واتسعت عيونه من هول ما سمع وسارعت بالركض تجاه غرفة روضة وضياء.

فتحت الباب حيث تتجهز ضياء للذهاب إلى الافتتاح بعدما أصرت جهاد عليها كي تذهب مع إحسان..عصمت ورضا لعل مزاجها يتحسن قليلًا بعد معايشتهم لكل تلك الأحداث، كما أنهم لن يذهبون بمفردهم بل ستأتي إسلام بصحبة محمد  لإيصالهم معهما، وتتولى هي أمر الجلوس مع روضة.

تخطت رضا ضياء واتجهت نحو روضة تطلب منها بتعجل:

-هاتي موبايلك يا روضة ثواني وهرجعهولك.

لم تفهم روضة رغبة رضا في أخذ هاتفها ولكنها منحته لها.

ركضت رضا بـه وفارقت الغرفة وذهبت تجاه المطبخ حيث تقف جهاد تعد شيء ما كي تتناولـه هي و روضة.

وقفت خلف جهاد تفتح هاتف روضة والذي كان من السهل فتحه نظرًا لعدم وضعها كلمة سر.

انتبهت إليها جهاد وسألتها:

-واقفة كدة ليه يا رضـا؟ اجري البسي يلا عشان متتأخريش على إسلام وتسيبك هي وأخواتك ويمشوا.

مدت رضا يدها بالهاتف نحو جهاد تخبرها بأنفاس عالية:

-هاتي صفحة عـادل المشهور ده اللي أنتِ بتحبيه..اللي كانت مرتبط بـ سارة بسرعة.

لم تفهم جهاد ما يحدث وسألتها بعدم فهم:

-اشمعنا!!! وليه من موبايل روضة!

وبصوت هامس أخبرتها رضا:

-عشان إحسان عاملة مصيبة، وعملت لـ عادل بلوك من عندك عشان متشوفيش اللي هو هينزله واتكلمت عليكِ وحش وقالت هتقول لـبابا أن أنتِ بتهزري مع الشباب وتقلب الترابيزة عليكِ.

شعرت جهاد أنها لا تفقهه شيء وهناك حلقة مفقودة تجعلها تعجز عن فهم ما يدور وتنطق بـه رضا.

لكن رغم ذلك أخذت الهاتف من يد رضا وقامت بفتح التطبيق والإتيان بالصفحة التي تعود لـ عادل.

وعلى الفور جحظت عيونها وشعرت بصدمة كبيرة وهى ترى فيديو لـه رفقة شقيقتها وهي بدون حجاب!!!!!

وبهلع وصدمة لم تتخطاها بدأ لسانها يردد غضب وخوف بل رعب مما ينتظر إحسان:

-يا مصيبتي… يا مصيبتي…

لم تتمهل واندفعت مفارقة المطبخ متحركة صوب الغرفة التي تمكث بها إحسان.

فتحت الباب على حين غرة وبملامح وجه سببت الرعب لعصمت والارتباك الطفيف لـ إحسان والتي هتفت ببجاحة:

-في إيـه مالك!!!

-مالي!!! أنتِ كمان ليكِ عين تسألي؟!!! بتقلعي الحجاب ورايحة تصوري فيديوهات!! عارفة لو وقعوا تحت أيدك أبوكِ إيـه اللي هيحصل فيكِ!!!!

عقبت رضا التي كانت تقف خلفها تتابع وتلقي ما سمعته عليها:

-ومش بس كدة يا جهاد عصمت لما قالتلها عارفة لو جهاد عرفت هتعمل فيكي إيـه قالتلها تعمل اللي تعمله وأنك لو كترتي هتقول لبابا أنك بتهزري مع الشباب وتقلب عليكي الترابيزة.

كزت إحسان على أسنانها وهي ترمق رضا بشر، متحركة من مكانها تحاول الوصول إليها كي تصب غضبها عليها وتعنفها مدركة بأنها من قامت بالفتنة عليها:

-والله العظيم ما هحلك يا رضا.

تحامت رضا بجهاد والتي وقفت في وجه إحسان بقوة قائلة من بين أسنانها:

-هتقولي لـ أبوكي أني بهزر مع الشباب مش كدة! طيب حلو أوي أنا معنديش مانع أنتِ النهاردة تقوليله الكلام ده، وأنا هوريله فيديوهاتك مع عادل وشوفي هيعمل فيكي إيـه بعد ما يشوفك قالعة الحجاب وسايبة واحد يقرب منك ويمسك في أيدك ويحط أيده على شعرك.

ارتعبت إحسان وذهبت قوتها التي كانت تدعيها منذ دقائق فقط أمام عصمت، مبررة لها:

-ده تمثيل، الدور عايز كدة، والمفروض أننا طالعين بنحب بعض!! الناس هتقتنع إزاي لو مفيش شوية لمسات بسيطة، وبعدين متحسسنيش أنه بيبوسني بوسة لامؤاخذة دي حاجات بسيطة مضرش بس هتخدمنا.

-حاجات بسيطة مضرش بس هتخدمكم!! أنتِ سامعة بتقولي إيـه!! اثبتي بقى على كدة عشان لما أبوكي يعرف تقوليله دي حاجات بسيطة مبضرش.

كادت تغادر جهاد من الغرفة وتفارقها وتتركها لولا حالة الهلع التي تمكنت وتسربت إلى إحسان، ممسكة بها من ذراعيها ترجوها بخوف:

-لا لا عشان خاطري يا جهاد، بابا ممكن يقتلني فيها، وده حلمي ونفسي أحققه، سبوني أوصل واقسم بالله أوصل واشتهر بس وهطلعكم من البيت والمنطقة دي وهعيشكم في مكان أنضف وأحلى مليون مرة.

جاءت كل من روضة وضياء على أصواتهم، منصتين لما يحدث بين الاثنان.

ردت جهاد بقوة رافضة حديثها، شاعرة بالنفور والأشمئزاز منها:

-أنتِ اللي محتاجة تنضفي مخك، وتعرفي أن اللي هببتيه ده مش هيجي من وراه غير القرف، أنتِ إزاي تعملي كدة! ده أنا محذاركي وقيلالك أنك لو غلطي هطلع أنا منها والموضوع هيبقى في حجر أبوكي.. وأنا كدة عملت اللي عليا وعداني العيب وازح وحذرتك بدل المرة اتنين وتلاتة بس أنتِ مفيش فايدة فيكي واللي في دماغك بتعمليه حتى لو كان غلط… ضياء كلميلي أبوكي حالًا.

مسكت بيديها تترجاها بدموع تسابقت على وجهها وأرجل تتخبط رعبًا:

-لا لا يا جهاد عشان خاطري متعمليش فيا كدة، أنا أختك.

نظرت جهاد داخل عيونها وبقلب يتألم مما قالته في حقها وكانت تنوي عليه، قالت:

-وأنا كمان أختك، وكنت عايزة مصلحتك وبخاف عليكي، وأنتِ مراعتيش خوفي عليكِ واعتبرتيني عدوة ليكِ.

-طب خلاص أنا أسفة استري عليا عشان خاطري متفضحنيش عند بابا، أنتِ لو مقولتيش ولا هما كمان قالوا هو مش هيعرف.

تدخلت رضا والتي يسبق عقلها عُمرها بكثير:

-وأنتِ ايش يضمنلك، ما ممكن حد يشوفوا ويوريه لـ بابا وساعتها هيعرف وهينفخك..أو هيموتك.

ساد الصمت بعد حديث رضا، لم يقطعه سوى بكاء إحسان الذي بدأ يتفاقم.

لم تتحمل جهاد حالتها ولن تتحمل أن يحدث بها مكروهًا بسبب طيشها، مما جعلها تخبرها بهدوء زائف:

-كلمي اللي اسمه عادل وقوليله يمسح الفيديو حالًا ومينزلش أي حاجة تانية ليكي يلا.

-مش هيرضى طبعا ولا هيوافق يعمل ده، أحنا تعبنا في التصوير وقعدنا فترة بنصور فـ أكيد مش هيوافق من سابع المستحيلات يرضى.

زفرت جهاد عدة مرات تحاول التفكير في حل ثم بعد صمت دام لثواني، أخبرتها بجمود:

-اتصلي عليه وقوليله عايزة تشوفيه دلوقتي ضروري يلا…أنا هتصرف معاه..الفيديو ده لازم يتمسح في أسرع وقت.

ابتلعت إحسان ريقها ورفعت يدها تكفكف دموعها وهي تخبرها بارتباك:

-ناوية على إيه طيب معاه!! هو على فكرة ميعرفش سني الحقيقي أنا كدبت عليه.

-كمان!!! طب يلا كلميه واعملي اللي قولتلك عليه يلا..كل ثانية بتمر مش في صالحك يلا.

____________________________

وصل محمد رفقة زوجته وشقيقاتها بعدما مر عليهم بسيارته.

ودقائق معدودة وكانوا يهبطون ويصعدون معهم.

والآن قد وصلوا و ولجوا معًا.

وفور دخولهم تسلطت عيون صابـر على الباب يترقب دخولها هي الآخرى.

لكن طال انتظاره ولم تظهر رفقة البقية مما جعله يتقن غيابها مكررة ما فعلته مسبقًا بعزيمة جده وتحججها بالمرض كي لا تأتي وتراه.

حنق واختناق سيطرا عليه، اختناق على وشك الفتك بـه وإنهاء أمره يسأل نفسه في سره بانفعال صارخًا بثوران لم يسمعه أو يشعر بـه أحد.

“لما تُصر على فعل ذلك…وتنجح في إيصالـه إلى ذروة الغضب…لم يفعل بـه أحدهم ما تفعله هي الآن….”

وبدون أن يرحب بأحد ويجلس أكثر انتشل هاتفه الذي كان يعتلي الطاولة ومفاتيحه وفارق المكان بأكمله لا يطيق الجلوس أكثر.

لم ينتبه أحد سوى أحمد إلى غيابـه، والذي لم يكن يتواجد رفقته أثناء مغادرته، وفهم سبب رحيله عندما أبصر الفتيات ولم تتواجد جهاد كما أخبرته سابقًا.

لم يطيل أحمد الجلوس هو الآخر، فقد جاء من أجل محمد ويوسف لا أكثر.

والآن وبعدما قام بواجبه تجاه أبناء اعمامه، قرر الرحيل لا يطيق رؤية شكري أمامه..فلو جلس أكثر ربما يمسك بـه وتزداد الأمور تعقيدًا وهذا ما لا يرغب به بتاتًا، بل يرغب في حلها كي يظفر بها في النهاية وتصبح زوجته وحلالـه كما يحلم دومًا.

وعلى النقيض بحالة أحمد وصابـر، كان آسـر الأكثر سعادة ويعيش أروع لحظاتـه خاصه بعد مسكه بها بالجرم المشهود ورآها تنتهز غياب وذهاب عيونه عنها لتتطلع بـه، جاهلة بأنه رغم بصره البعيد الرامق لجانب آخر إلا أنه ينتبه إليها.. وعندما شعر بنظراتها مسلطة عليه لم يستطع منع نفسه، ونظر لها مما جعل العيون تتلاقى والقلوب ترتجف.

لم يعد بإمكانه المقاومة أكثر من هذا، وسارع بترك طاولته والذي كان قُصي و وئـام وعابد، وخالد وأبرار يشاركونه بها.

ذهب تجاهها ملقيًا التحية عليهم وكانت الوحيدة التي لم تجيب عليه وسارعت في ارتشاف القليل من كأس العصير الموضوع قبالتها، تخبر نفسها أن أخطائها قد ازدادت ولا بد أنه يسيء فهمها الآن.

قاطع حبل أفكارها ولومها نفسها صوتـه وحديثه المصوب لها والتي أدركت ذلك من نطقه اسمها:

-أخبارك إيـه يا ضياء؟

ابتلعت ريقها وهي تجيبه بتوتر طفيف:

-الحمدلله….

لم تضيف حرف آخر، والتزمت الصمت تنظر تجاه أي شيء سواه.

تجنبته تمامًا وشعر هو بذلك و وصل إليه لكنه لم يتزحزح ولم يفارق محله وظل معها على ذات الطاولة يأبى التحرك خطوة يدعي إنشغالـه مع يوسف ومحمد.

لكن الحقيقة كانت عكس ما يظهره.

بينما كان قُصي يقلب بهاتفه وبالصدفة وقع أمامه الفيديو الذي يعود لكلا من عـادل وإحسان والذي كان من السهل التعرف عليها رغم ظهورها بـه دون حجابها.

____________________________

وصلت جهاد المقهى حيث يجلس عـادل وصديقه بعدما وافق على مقابلة إحسان العاجلة وأخبرها بمكانه والآن يجلس ينفث دخان الأرجيلة وهو لا يزال يفكر في حلول أخرى بجانب إيجاده الفتاة المناسبة والتي ستخطفه من الوهلة الأولى.

على يقين بأنها مثلما ستخطف نظره ستقوم بخطف قلوب الناس وتعود شهرته لما كانت عليه وربما أضعاف.

التقطته عيونها وتعرفت عليه على الفور وكيف لا تفعل وهي من كانت من أشد وأكثر المتابعين لـه ولحبيبتة السابقة.

سارت نحوه، واقفة أمام الطاولة، قائلة بهدوء وصوت جذب أنظاره سريعًا بعد سمعه لها:

-مساء الخير يا أستاذ عـادل.

طالعها بعيونـه وهو يجيب على تحيتها ببسمة ظنـًا بأنها معجبة ترغب في أخذ صورة معه:

-مساء الجمال.

ختم حديثه وعيونه تتحرك وتجول على جسدها بنظرة سريعة متفحصة لهيئتها والذي رأها لا تناسب المكان ولكنها أعجبته.

فقد كانت ترتدي عباءة سوداء لا تظهر تفاصيل جسدها ولكنها كانت جميلة عليها، كما كانت ترتدي حجاب بذات اللون…و وجهها خالي من التجميل.

كان طبيعيًا وجميلًا في ذات الوقت.

أخرجته من تفحصه لها تطلب منه وهي تسرق نظرة نحو صديقه:

-كنت حبة اتكلم مع حضرتك في موضوع مهم جدًا…وياريت لو على إنفراد لأن الموضوع حساس شوية.

وبدون أي استفسار عما تريد الحديث حوله، وافق دون تردد وهو يحدق بصديقه يشير لـه بعيونه كي ينهض ويتركه معها.

وبالتأكيد سارع صديقه في مفارقة الطاولة والابتعاد عنهم مدركًا وملتقطًا أعجاب عـادل بالفتاة المختلفة في نظره…فمن غيره يفهم صديقه ويحفظه بهذا الشكل.

بعد ذهابـه أشار عـادل لها كي تجلس ولا تظل واقفة هكذا:

-اتفضلي اقعدي….اسمك إيـه بقى؟

ردت عليه بهدوء لا زالت تتمسك بـه:

-أنا جهاد.. وابقى أخت إحسان، وبصراحة طالبة منك خدمة وهكون ممنونة لحضرتك لو عملتها ومسألتنيش عن السبب.

ضاقت عين عـادل وسحب نفسًا من الأرجيلة وهو يوافق على الاستماع لطلبها:

-طب إحسان مجتش ليه هو في إيـه بضبط أنا مش فاهم حاجة.

-ما أنا قولتلك يا أستاذ عـادل أني طالبة منك خدمة وهبقى ممنونة لحضرتك لو وافقت على طلبي من غير ما تسأل ليه.

-وإيـه هو طلبك أحب اسمعه؟؟

-تمسح الفيديو اللي إحسان طالعة فيه معاك ومتنزلش أي حاجة تاني ليها معاك، وده لأسباب شخصية جدًا محبش أني أتكلم فيها.

تقدم عـادل بجسده للأمام، وصمت تمامًا فقط ينظر لها وكلما أطال تثير إعجابـه أكثر وأكثر، يشعر وكأن هناك هالة من الجاذبية حولها تجذبه نحوه.

اعتراها القلق من هذا الصمت، فقالت:

-حضرتك مش بترد ليه؟؟ موافق ولا مش موافق؟

رغب التلاعب معها وبها قليلًا وأن يحظى بوقت أطول برفقتها وكشف غموضها المثير:

-مش عارف…الموضوع صعب، ده شغل تعبت فيه وكنت بسهر لوش الصبح عشان أقدر اخلصه على العيد، ودلوقتي بتطلبي مني امسحه بمنتهى البساطة كدة يعني كأنك بتقوليلي ارمي شغل وتعب ساعات وأيام في الزبالة ولا كأني عملت حاجة..وفوق كل ده مش عايزة حتى تعرفيني الأسباب؟ أنا مضربتش أختك على ايدها عشان تصور معايا أنا طلبت وهي قدمت والاختيار وقع عليها!

جالت عيون جهاد وشعور بالحيرة بدأ يتغلغها، حيرة بين القول والاعتراف بالحقائق وما قد يترتب ويحدث لـ إحسان إذا اكتشف شكري أمرها.

وبين خوف وقلق، قررت أخباره بالحقائق سواء كان عُمر إحسان الحقيقي وكذبها عليه وحجابها الذي خلعته و والدها الذي ربما يقوم بقتلها والتخلص منها.

-أنا هحكيلك كل حاجة.

وبالفعل سردت عليه كل شيء وهو ينتبه إليها ويصب كامل تركيزه معها ومع طريقتها في الحديث وانفعالاتها التي تليح على وجهها من حين لآخر……

بعد انتهائها ترقبت تعقيب منه، تدعي ربها بأن يوافق على ما تريد وتنقذ أختها من براثن والدها.

زينت بسمة وجه عـادل وهو يجيبها أخيرًا مصرحًا عن قراره النهائي سواء بالرفض أو الإيجاب:

-ماشي يا جهاد.

لم يصل لها مغزى كلماته فسألته بترقب:

-ماشي إيـه بضبط؟

وبذات البسمة الجذابة قال مؤكدًا لها:

-ماشي همسحه ودلوقتي كمان، رغم أن أختك كدة أذتني بس برضو أنا مرضلهاش بالأذى وهراعي أنها صغيرة واتهورت وكمان عشان خاطرك أنتِ..وأقولك على حاجة همسحه حالًا وقدامك.

اتسعت بسمتها وانهالت عليه بالشكر وهي تراه يمسك بهاتفه ويقوم بمسح الفيديو:

-مش عارفة أقولك إيه بجد بس أنت ونعمة الرجال..اقسم بالله أنت راجل والرجال قليلون، شوف أنا مكنتش طيقاك بعد ما سبت أنت وسارة بعض والكلام والصور اللي طلعوا عليك بس خلاص أنا عرفت حقيقية معدنك وبجد ندمانة أني صدقت اللي اتقال عنك.. روح يا شيخ ربنا يباركلك…يلا سلام عليكم.

-رايحة فين استني نشرب حاجة طب.

رفضت جهاد وقالت وهي تهم وتستعد للذهاب:

-اعتبرني شربت خلاص، وبجد شكرًا ليك أنت انقذت إحسان بجد….روح يا شيخ ربنا يكتر من أمثالك قول آميــن.

______________________________

يقف صابـر أسفل البناية التي تمكث بها

بسيارتـه، لا يدري كيف ولماذا أتى إلى هنا لكنه بالنهاية فعل!!!

وبتلك اللحظة وأثناء جلوسه وتفكيره العميق فيما عليه فعله كان هناك شيء بداخله يلح عليه برؤيتها والحديث معها في الحال!

ترى هل يصعد ويطرق بابها ويتحدث معها وجهًا لوجه وينهي الجدل والغضب المقام بداخله!

ولكن بأي صفة قد يفعل هذا!!!

أخذ نفسًا طويلًا يأمل في أن يعود إليه بروده وجموده..

زفر أنفاسه مقررًا المغادرة مخبرًا ذاته بأن قدومه بلا جدوى وتفكيره في الحديث معها لن يجدي نفعًا…

لكن كل هذا ذهب مع الريح ما أن أبصرها ورآها تلج البنايـة وهناك بسمة سخيفة تعتلي وجهها لا يعرف سببها أو من خلفها وجعلها تبتسم هكذا.

فارق سيارته سريعًا، وسارع من خطواته والجًا البناية بطريقة متعجلة، كي يلحق بها..

وأثناء صعودها درجات السلم والسعادة ترافقها لما فعلت لشقيقتها أخترق صوتـه سمعها مناديًا عليها:

-جهاد…استنـــي.

توقفت عن الحركة وابتلعت ريقها مدركة صاحب هذا الصوت وكيف لها ألا تتعرف عليه وهو دق وخفق القلب لـه يومًا…والآن بات يبغضه وبشدة…

تساءلت كيف تتصرف الآن هل تتجاهله كأنها لم تسمعه من الأساس وتتابع عودتها إلى منزلها أم عليها الإلتفات إليه والرد عليه ومعاملته مثلما تعامـل الغريب…………………

««يتبع»»….

فاطمة محمد.

الفصل التالي: اضغط هنا

يتبع.. (رواية الحب كما ينبغي) اضغط على اسم الرواية لتجد الفهرس كاملاً بجميع الفصول.

أضف تعليق