رواية الحب كما ينبغي الفصل الثامن والأربعون 48 – بقلم فاطمة محمد

رواية الحب كما ينبغي – الفصل الثامن والأربعون

الفصل الثامن والأربعون

الفصل الثامن والأربعون

متنسوش الڤوت سواء قبل أو بعد القراءة وكومنت برأيكم في الفصل. 🩷

______________________________

الحب كما ينبغي.

فاطمة محمد.

الفصل الثامن والأربعون:

مـريضة!!!

هل تلك حجة زائفة للتهرب من المجئ إلى هنا وتجنب رؤيته أم….أنها مريضة حقًا؟!

هكذا تساءل صابـر بينه وبين نفسه عند سماعه إلى جواب شكري.

ارتفع حاجبه وطرد من بالـه أي تساؤلات تخصها وتتساءل عن السبب الحقيقي وراء غيابها.

لا يرغب في التفكير بها أكثر وجعلها تشغل حيز حتى ولو بسيطًا بعقله.

منصتًا لجواب إسلام المحمل كليًا بالقلق على شقيقتها:

-ولما هي تعبانة محدش فيكم قعد معاها ليه؟؟ ليه سبتوها تقعد لوحدها كدة!

ردت عليها روضة على الفور تبرر لها أمام الجميع، فلا تريد أخبارها أمام الجميع بأنها بخير ولكن كل ما في الأمر أنها لم ترغب بالمجئ:

-قولتلها ومرضيتش.

ولإنهاء ما يحدث هتف شكري مغيرًا مجرى الحديث يمزح معهم:

-هي مرضيتش آه…أومال فين شبح العيلة مش شايفه يعني ولا يكون تعبان هو كمان.

ضاقت عين أحمد وردد كلمة شكري بعدم فهم يتساءل بينه وبين نفسه بصوت خافض للغاية لم يصل لمسامع أي منهم:

-شبح!!! عن أي شبح يتحدث هذا العجوز الكركوب، هل أضحت العائلة تملك شبحًا وأنا آخر من يعلم!!

لاح عدم الفهم على وجوهم ولكن على الفور تداركت وئام الموقف وتفهمت مقصده وقالت بجدية واضحة مبدية عدم إعجابها بكلماته عن ابنها عن طريق تعابير وجهها التي تبدلت:

-آه آسـر عنده شوية برد ومش حابب يعدي حد.

-لا ألف لا بأس عليه.

شردت ضياء بالحديث الدائر من حولها والذي دار حول آسـر.

ذاك العاشـق المجروح المنفذ لحديثه معها بالمكالمة الأخيرة والذي تعهد لها خلالها بألا تراه مجددًا.

وها هو يفعل ما قال ولم يخلف معها بشيء.

وهي التي ظنت بـه السوء واعتقدت أنها ستراه اليوم ولن يقدم على الفعل.

لكنه خالف توقعاتها وأستوقفها هذا كثيرًا وجعلها تنشغل ولم تعد تشعر أو تسمع شيء مما يدور حولها بين الجميع.

بعد تحرك الجميع نحو الطاولة كي يجلسون فـ آذان المغرب لم يتبقى لـه سوى دقائق معدودة.

سبق يوسف ومحمد إسلام وبـرق اللتان اوقفا روضة وقاما بسؤالها بعد مغادرة من حولهم عدا ضياء الواقفة مثلما هي شاردة والشرود يتضح عليها:

-جهاد مجتش ليه يا روضة في إيـه؟

هزت روضة كتفيها بعدم معرفة تجيب إسلام بهدوء وصوت خافض:

-مش عارفة، أحنا لقيناها امبارح بتقول أنها مش جاية وأبوكي مهتمش ومسألهاش حتى مش جاية ليه.

-طب وأنتِ مسألتيهاش ليه؟

هكذا نطقت بـرق فصاحت روضة تدافع عن نفسها:

-مين قالك أني مسألتش أكيد سألتها بس هي محبتش تكلم وأنا مرضتش أضغط عليها وسيبتها براحتها.

تفهمت إسلام رغبة جهاد رغم قلقها حول ما يحدث والسبب الذي دفعها للتغيب مخمنة أن يكون هناك جديد قد حدث بينها وبين صابـر وهذا هو ما دفعها لهذا الفعل:

-طب يلا خلونا نحصلهم وقفتنا دي مش حلوة.

هنا وانتبهت بـرق لـ ضياء الواقفة دون حركة كالتمثال، فصاحت تنادي باسمها تنتشلها من حالة الشرود:

-دودي واقفة كدة ليه ومبتنطقيش!!

ردت بارتباك طفيف:

-ولا حاجة، أنا معاكم أهو.

وأثناء تحركهم سقط بصرهم على قُصي والذي كان يخرج من المطبخ يأخد الصينية التي أعدتها وجهزتها وئام لهما بعدما قرر قُصي عدم ترك صديقه حتى ولو كان مريضًا مثلما يدعي والإفطار معه.

منحهم بسمة واسعة عريضة قائلًا بكلمات تعمدها لمعرفته بما يحدث مع صديقه، ولكنه غلفها بأسلوب مرح:

-كل سنة وأنتوا طيبين، صومًا مقبولًا وإفطارًا شهيًا، أنا طالع أكل مع آسـر صاحبي بقى ولازم أكل معاه، وزي ما بيقولوا الصديق وقت الضيق وهو لو على الضيق فهو في ضيق وبالقوي كمان منها لله اللي كانت السبب في اللي هو فيه، يلا عن أذنكم.

أكمل سيره بحذر منتبهًا لما يحمله بين يديه صاعدًا للأعلى قاصدًا حجرة صديقه.

وصل أمام الغرفة المغلق بابها ولم يدري كيف يفتح الباب بسبب ما يحمله فلم يخطر في باله سوى استخدام لسانه والنداء على القابع بالداخل بصوت عالي مردد تلك الكلمات:

“افتح الباب يا آسـر…. الباب يا آسـر افتحه… آسـر افتح الباب بسرعة الصينية تقيله..”

فتح آسـر الباب وهو يبصره بتعجب هاتفًا باستنكار وهو يفسح لـه مجالًا للولوج:

-في إيـه يا بني إيـه الصداع ده، وإيـه اللي افتح بسرعة الصينية تقيلة والله عيب على عضلاتك.

وضع قُصي الصينية المحملة بالطعام والشراب أعلى الفراش، ثم ألتفت لـ آسـر متمتم بذات الأسلوب المرح:

-لا مسمحلكش اغلط في أي حاجة إن شاء الله تغلط فيا لكن تغلط في عضلاتي مسمحلكش.

-طب ابلع ريقك بقى واسكت لحد الآذان بدل ما أفطر عليك.

جلس الأثنان أعلى الفراش وللأسف لم يلتزم قُصي بالصمت بل تحدث يقص ويسرد عليه بالتفاصيل ما حدث بالأسفل من رؤيته لـ إسلام، بـرق، روضة وضياء…..

ضاقت عين آسـر يسأله بترقب وهدوء ما يسبق العاصفة فور استماعه لما قاله وألقاه على مسامعها قبل صعوده إلى هنا:

-أنت قولت وضياء واقفة منها لله اللي كانت السبب في اللي أنا فيه.

وببساطة وسعادة من نفسه ولما فعله هتف مؤكدًا لـه:

-مضبوط قـ….. إيـه ده في إيـه مالك.

هكذا توقف عما كان سيقوله مغيرًا مجرى الحديث السائر بينهما وهو يراه يهب من محله ويده اليمنى تسبق لسانه تقبض على ملابسه مردد باستنكار شديد وجدية مريبة وأعين تطلق شرار وسهام:

-ده أنا هفطر عليك بجد، أنت إزاي تعمل كدة، أنت بضايقها وبتدعي عليها يـاض، لا عاش ولا كان ولا ولدته أمه اللي يزعلها بحرف مش كلمة حتى.

وبذات البساطة أجاب قُصي مدهوشًا من غضب الآخر مما فعله، هل هكذا يشكره لما فعل لأجله:

-أنت بتقولي أنا الكلام ده يا آسـر!! ده بدل ما تقولي شاطر يا قُصي وأنا اللي فاكرك هتفرح باللي عملته وبعدين ما هي مضيقاك ومعكننة عليك وسمعتك كلام زي السم ولا هو حلو ليها تضايقك و وحش ليا أردلها اللي عملته فيك، إيـه المشكلة لما أضايقها ده اللي عملته معاها ده ميجيش حاجة جمب اللي عملته فيك، أنت مش شايف أنت بقيت عامل إزاي، أنت مش أنت يا آسـر.

زاد آسـر من قبضته على ملابس قُصي يعتصر ملابسه بين قبضته يحاول ألا يفعل شيء جنوني قد يؤدي إلى النزاع بينهما:

-يا سيدي أنا مشتكتش ليك أنا لو حكيتلك فـ أنا بفضفض معاك فمتروحش أنت وتتصرف من ورايا، شكلي إيـه قدامها دلوقتي!! أنت عكيتها زيادة دلوقتي تفكر أن أنا اللي قايلك تقول كدة وتوصلها أني مضايق، حرام عليك يا قُصي حرام عليك يا أخي الحكاية مش ناقصة.

بعد إنتهاء آسـر من الحديث حرر إيـاه من بين قبضته.

استشعر قُصي الألم المسيطر والمغلف لكلمات صديقه وعلى الفور تسلل الندم إليه مدركًا خطأه وأنـه لم يكن عليه التدخل، وحتى لو كان يريد التدخل كان للإصلاح وتحسين الوضع وليس العكس.

-خلاص متزعلش حقك عليا طيب، لو عايزني أصلح الدنيا واتكلم معاها أقولها أنـه مكنش قصدي هكلمها و..

نهشت الغيرة قلب آسـر وسريعًا ما صاح رافضًا تلك الفكرة ألا وهى قرب قُصي منها والحديث معها:

-لا إيـاك تكلمها أنت فاهم، إيـاك، لو عرفت أنك قربت منها ولا كلمتها أقسم بالله هنط في كرشك وهديك علقة موت ترقدك في السرير يا قُصي.

دوى صوت الآذان، مما جعل قُصي يهتف بخفوت:

-خلاص أهدا و روق كدة الآذان بيأذن، روق كدة متبقاش قفوش.

__________________________

-مالك يا بـرق؟ أنتِ كويسة يا حبيبتي؟!

سأل يوسف بـرق بقلق بعد أن مال عليها قليلًا يستفسر عما يحدث معها، فاهتمامه بها يصل لتلك الدرجة التي تجعله ينتبه لها سريعًا ويدرك بحدوث شيء معها جعلها لا تأكل كعادتها.

نظرت بـرق داخل عيونه وهي تجيبه تبث الطمأنينة والسكينة لقلبه:

-آه الحمدلله يا حبيبي.

-مش حاسس بصراحة وكمان مش بتأكلي أوي، أنا عيني عليكِ و واخد بالي كويس أوي.

ابتلعت ريقها ثم قالت:

-بعدين هقولك.

لم يتوقف وحاول تخمين السبب الذى أدى إلى تقلب مزاجها وجعله متعكر هكذا.

من جديد مال عليها يهمس لها متوقفًا هو الآخر عن تناول شيء.

فكيف لـه أن يأكل بكل راحة وهي على هذا الحال.

-مضايقة طيب عشان جهاد وأنها مجتش ولا سبب تاني؟

هنا ورفعت عيونها تنظر داخل عيونه من جديد لا تصدق فهمه وشعوره بها لتلك الدرجة دون حتى أن تنطق شيء.

حقًا يفاجئها كثيرًا وهي لم تعد حمل كل هذا التفهم والحب والأخلاق العالية التي لم يسبق لها رؤيتها في رجل.

-لا مش سبب تاني ولا حاجة.

كانت هناك عيون آخرى تتابعهم منتبهه لتوقف الاثنان عن الطعام وتبادلهم الأحاديث بصوت خافض بملامح وجة واجمة وكأن هناك شيء يزعجهم.

لم تكبح وعد قلقها حيال ما يحدث وخرج صوتها تسألهم:

-في حاجة ولا إيـه وقفتوا أكل يعني!

حول يوسف بصره نحو والدته يجيبها ببسمة ارتسمت على محياه يخبرها:

-مفيش يا ماما بنأكل أهو، تسلم ايدكم الاكل حلو أوي.

أيدت بـرق حديث يوسف وبدأت تأكل عن ذي قبل:

-ده حقيقي الاكل حلو خالص.

-ألف هنا وشفا على قلوبكم.

عاد يوسف يبصر الصحن أمامه وقبل أن يضع أي شيء بفمه ويتابع طعامه، مال يهمس لها للمرة الأخيرة دون ترقب لردها:

-اعملي حسابك هنطلع من هنا على البيت عندكم، عشان تشوفي جهاد وتقعدي معاها شوية كمان وتكلموا مع بعض وتطمني عليها.

ماذا عليها أن تفعل مع زوجها الحنون!!!!

كيف لها أن ترد لـه ولو جزء بسيط مما يفعله معها!!!

هل عليه أن يجعلها تقع في حبه مرارًا وتكرارًا بهذا الشكل!

ابتلعت ريقها تتمنى بتلك اللحظة لو أنهما بمفردهما ولا يتواجد سواهم حينها كانت عبرت لـه عن عشقها وتيمها بـه مقبلة كل وجهه لن تترك مكانًا لن تقوم بتقبيله ربما وقتها يدرك ويعلم ماذا فعل بقلبها المسكين الذي لا يتوقف عن حبه للحظة واحدة.

في ذات الوقت كان القلق والتفكير لا يزال ينهش إسلام فيما قد يكون حدث بين أختها وصابـر جعلها لم ترغب بالمجئ.

منذ متى وجهاد هكذا!!

تصرف مريب وغير متوقع من جهاد بتاتًا جعل القلق يغزو أوردتها ويسري بها كسير الدماء.

لم تستطع أكمال طعامها دون أخبار زوجها بما ترغب في فعله.

انتظرت انتهائه من الحديث مع جده و والده.

وما أن توقف حتى رددت اسمه بهدوء منافي تمامًا لما قائم بداخلها الآن:

-محمد.

-قلبه وعيونه.

-ينفع أروح أشوف جهاد النهاردة، قلقانة عليها بصراحة وحتى لو كلمتها فون هتقولي كويسة وأنا مش هصدقها وهفضل قلقانة عليها..

-يا ستي ده لو مينفعش ننفعه عشان خاطر عيونك، بس كدة! طلباتك أوامر يا قمر.

منحته بسمة ثم عادت تتابع تناول طعامها لكنها لم تأكل كثيرًا نظرًا لقلقها الذي لم يختفي أو يقل بل يزداد أكثر وأكثر.

على بُعد ثلاث مقاعد كان يجلس أحمد وبالمقعد المجاور لـه يقبع صابـر.

ببادئ الأمر انشغل أحمد بالطعام متجاهلًا أمر رضوى لا يرغب في رفع بصره بها وكذلك مع باقي الفتيات فعيونه لم تتجرأ وترفع على واحدة منهم حتى ولو بالخطأ.

دقائق معدودة وبدأ انشغالـه يتحول ويرتكز حول أخيه والذي رغم محاولاته أن يظهر طبيعيًا ومن حين لآخر يبتسم بسمة ظن أنه نجح في إخراجها طبيعية لكنها لم تكن هكذا أبدًا.

-ماذا دهاك يا توأمي، أراك منزعجًا وبشدة، ترى يا هل ترى لماذا!!!

وصل لـه مغزى كلمات أحمد ومقصده، فرسم بسمة لم تصل لعيونه مجيبًا عليه:

-مالي أنا زي الفل ومش كل ما تشوف وشي تقعد تسألني مالك، هو أنت شايفني بشد في شعري، أنا بني آدم كان صايم وبيفطر وياريت تبطل طريقتك دي، أنا مش عبيط ولا تايهه عنك وفاهم قصدك إيـه كويس أوي.

ارتفع حاجبي أحمد وقال معاتبًا بطريقة ساخرة منتهزًا عدم تركيز أحد معهم وانخراطهم في الحديث في أمور ومواضيع عدة:

-كل ده عشان سألتك سؤال الغرض منه برئ وليس دنئ، وبعدين طريقتي إيـه اللي بتكلم عنها دي هو أنا قولت حاجة، أنت بتتشنج عليا وتتعصب ليه دلوقتي.

كز صابـر على أسنانه وهتف بتماسك قوي:

-أنا لا اتشنجت ولا اتعصبت، أنا ساكت وبفطر وأنت اللي بتجر في شكلي وكدة هبدأ اتعصب بجد.

-يعني أنت مش متعصب أصلًا ولا حتى مضايق أنها مجتش!!

تلك المرة قالها بكل صراحة وألقاها في وجهه، وعيونه لا تفارقه مثبتًا بصره عليه يترقب رد فعله الذي انعس بالفعل على وجهه.

عقد صابـر حاجبيه ثم قال ببسمة جانبية:

-لا، هضايق ليه يعني أنا مالي، ثم أن الموضوع مفيهوش أي حاجة تضايق، هي حـرة.

ولاشعاله أكثر هتف أحمد كلماته الأخيرة بأسلوب أثار استفزاز صابـر:

-معاك حق هي فعلًا حـرة.

بعد صمت أحمد وتحول اهتمامه نحو الطعام مرة أخرى انتبه لما يحدث بتلك اللحظة من الحديث الآخر الذي يدور بين الآخرين بعد إعلان روضة إنتهائها من تناول الطعام.

حيث اعترضت دلال وأخبرتها وهي تملئ صحنها بالطعام:

-كلتي ده إيـه، هو أنتِ كدة كلتي، لا كُلي بدل ما ازعل والله يلا متكسفيش.

أصرت روضة على موقفها وقالت:

-والله مش مكسوفة ولا حاجة وشبعت والله تسلم ايدك.

كادت دلال أن تتحدث مرة أخرى وتصر عليها لكن سبقها شكري الذي هتف بنبرة عالية قليلًا لم تنال أعجاب أحمد بالمرة..أو الجميع إذا صح القول وليس أحمد فقط:

-هي هتتحايل عليكِ ولا إيـه ما تكملي أكل وأنتِ ساكتة متعمليش مكسوفة أحنا بقينا أهل.

وبصعوبة تماسكت روضة وابتسمت لـ دلال ثم تناولت بضعة لقيمات لارضائها هي فقط وتجنبًا لحدوث مشكلة بينها وبين والدها أمامهم.

جاهلة تمامًا بما حدث وشعر بـه أحمد من رؤيته لسوء معاملة من ملكت قلبه وكيانه ورغم عدم رفع عيونه ورؤيتها إلا أنه كان يدرك ويعلم كأنه يراها فعليًا حتى ولو كان لا يفعل.

لم يتوقف الأمر عند أحمد أو شقيقاتها بل وصل الحنق والسخط إلى زهـر أيضًا والتي قارنت طريقة حديث شكري مع جابـر المحب لها.

مما جعلها تحمد الله عز وجل على منحها أب كـ جابـر حنون، عطوفًا، محبًا لها بقوة يعاملها بحذر يكره التسبب بإحزانها ولو فعل أحد هذا لا يصمت أبدًا.

مالت على أذن وسـام ترغب في التعبير عن الغضب المكبوت بداخلها، تخبره:

-إيـه الراجل ده بيكلمها كدة ليه ما يقوم يديها قلمين أحسن مينفعش كدة.

-أهدي يا حبيبتي مضايقيش أنتِ نفسك.

-مضايقش نفسي إيـه بس ده أنا نفسي أقوم أسقفله على وشه الراجل المهزق ده، فاكراها شطارة يعني لما يكلم معاها كدة قصادنا، كدة هو راجل بقى! ميعرفش أنـه كدة بيسقط من نظرنا وبنحتقره، بقولك إيـه ما تقوم تضربه واقلب التربيزة على نافوخه.

رد عليها من بين أسنانه مبتسمًا بسمة لا تليق بما يدور بينهما من حديث:

-أضربه إيـه بس أنتِ عايزة أي مشكلة وخلاص، أنتِ كدة عايزة تخربي على محمد ويوسف وبعدين ده راجل كبير.

-كبير آه بس مهزق يستاهل يأخد على دماغه ونفوخه.

-طب أهدي بقى متعصبيش نفسك بدل ما اجيب عاليها واطيها وأقوم اضربه بجد.

تحدث بانفعال عكس لها شعور بأنه على وشك التنفيذ مما جعلها ترفع يدها وتربت على يده تأخذ دوره هي تلك المرة محاولة تهدأته:

-لا أهدا كدة بدل ما نخرب على محمد ويوسف بجد، أقولك على حاجة أحنا ندعي عليه ونحسبن فيه أنا وأنت وهبقى أقول لـريهام كمان تحسبن معانا.

___________________________

تجلس جهاد على الأريكة بأريحية شديدة، تشاهد التلفاز أثناء تناولها بعض اللقيمات من الطعام السريع التي أعدته لنفسها، بعد أن قامت بتناول كوب من اللبن بـه بضع حبات من التمر.

ورغم محاولاتها في التوقف عن التفكير وإشغال نفسها بالتلفاز إلا أنها فشلت تمامًا ولم تنجح في إيقاف عقلها الذي عاد يلومها مجددًا على ما فعلته مسبقًا.

تفكر وتفكر وعقلها يأبى التوقف، لا ينخدع بالحيل التي تقوم بها لصرفه عما يقوم بـه من تأنيب وعتاب لا يتحمله قلبها الذي نال نصيبه هو الآخر.

توقفت عن تناول الطعام واضعة إياه بجوارها على الأريكة وهي تفكر فيما فعلت ورفضها الذهاب لتلك العزيمة والتي من المؤكد تواجده بـها.

وهي للحق لا تريد أن تلمح طيفه، أو حتى تسمع صوتـه والذي فور أن تسمعه سيكون كفيلًا وكافيًا لجعلها تتذكر حديثه المؤلم والجارح عن حق وتكره نفسها وتبغضها كثيرًا.

فكلماته لا تزال تترك ندوبًا لم تشفى وجروح لم تلتئم بعد، رغم تصنعها ومحاولتها أن تبدو طبيعية وبالفعل نجحت في هذا ولكن يبقى في القلب ما لا يعلم أو يدرك عنه أحد.

ترى هل سيشفى ويطيب جرحها أم سيظل ملازمًا لها كما يلازم الظل صاحبه!!!

زفرت عاليًا مغلقة التلفاز ثم نهضت واخذت معها الصحن التي كانت تأكل بـه وكذلك الكوب الفارغ.

قامت بإدخالهم المطبخ ثم خرجت متجهه صوب دورة المياة كي تتوضأ وتصلي صلاة المغرب.

بعد إنتهائها، ولجت غرفتها وجلست أعلى الفراش والهاتف بين يديها ترغب في مراسلة واحدة من شقيقاتها.

وقع اختيارها على روضة وأرسلت لها تلك الرسالة:

“هترجعوا أمتى؟؟ قدامكم كتير لسة ولا إيـه أنا زهقت أوي.”

وصلت الرسالة ولكن الآخرى لم تقرأها مما جعلها تزم شفتيها بحركة طفولية وتتمدد بجسدها، وهاتفها لا يزال يقبع بين يديها تقلب وتعبث بـه بفقدان شغف واضح.

حتى جاء أمامها فيديو حديث التنزيل يعود لـ عادل ويتحدث بـه عما يدور ويحدث معه من بعض الأشخاص بسبب “سـارة”.

” أنا بصراحة كـ عادل مكنتش حابب أني أرد وكنت مقرر أني أتجاهل كل اللي بيحصل وبيتقال بس الموضوع زاد عن حده أوي وبيزيد مبيهداش، عشان كدة أنا حبيت أطلع واتكلم وادافع عن نفسي، أنا حبيت سارة ولسة بحبها، عُمري ما فكرت أبص لغيرها أو حتى جه في بالي أننا هنبعد، أنا برئ من كل اللي بتقوله في الكومنتات عني، أنا مخنتهاش أنا أكتر واحد كنت مخلص ليها وأي حد شتمني أنا مسامحه وأرجوكم وقفوا اللي بتعملوه أنا مستاهلش ده منكم..وبس كدة مش حابب أطول عليكم أكتر من كدة وحابب بس تعـ…..”

لم تنتظر لتسمع ختامه الفيديو وعلى الفور قامت بتخطي المقطع وهي تردد بضجر:

-لا مش قادرلكم أنتوا حوارتكم كترت كدة ليه، اش حال ما كنتوا بتحبوا بعض!! هي الدنيا جرا فيها إيـه بس.

__________________________

-أنا هنزل الصينية واطلعلك علطول، بقولك إيـه ما تيجي نخرج وننبسط، أقسم بالله هخليك تنسى أي زعل وضيق ها قولت إيـه.

رمقه آسـر بنظرات قاتلة شرسة كانت كفيلة لأخباره بـ رده دون اللجوء للتحدث بلسانه.

فهم قُصي المغزى من نظراته وعلى الفور هتف بحنق واضح:

-خلاص متقولش أنا غلطان أصلًا أني عايزك تفك، أدي اللي خدناه من الحب، ما أحنا كنا زي الفل والحب بعيد عننا وعايشين بالطول والعرض، صدق اللي قال الحب بهدلـة.

-قُصي ابلع ريقك.

ابتلع ريقه بالفعل ثم أخبره وهو على أتم استعداد للهبوط وتنزيل الصينية التي كانت سابقًا محملة بالطعام والآن باتت شبه فارغة:

-اديني بلعته، أنا نازل وطالع علطول.

وقبل أن يفارق الغرفة استدار إليه يقترح عليه بشبه بسمة ارتسمت على وجهه:

-ما تنزلها أنت، أنت مش عايز تشوفها؟

لاح الحنين والتوق بعيونه، ولكنه عافر مشاعره واحتياجه لرؤياها لعل وعسى تعود السكينة لفؤاده.

رد عليه بهدوء زائف مقارنة للإعصار القائم داخل صدره وبين ثنايا قلبه:

-لا مش عايز أشوفها انزل واطلع علطول.

ختم حديثه والتزم الصمت تزامنًا مع تحرك قُصي للمغادرة ولكن اوقفه صوت آسـر الذي قام بتحذيره مجددًا:

-قُصي، على الله تفكر تكلم معاها، تنزل وتطلع علطول مفهوم؟

-هو ده خوف عليها ولا خوف مني، أنا مبقتش فاهم، بس عمومًا أنا حاليًا مفيش غير واحدة بس شاغلة بالي فـ أهدأ كدة وقول هديت.

بعد مغادرته وتركه لـه بمفرده أطلق آسـر تنهيدة كانت محملة بالأشواق والهوى الذي انعكس بعيونه التي باتت حزينة تعبر عن حالته وما يصارعه بتلك الفترة العصيبة.

أوصد عيونه وعلى الفور حضرت صورتها أمامه…تعالت خفقات قلبه تطالبه برؤياها وتسكين آلمه.

لكن كيف لـه أن يفعل وهو من قام بأخبارها أنها لن تراه مجددًا.

هل يخلف حديثه ويضرب بـه عرض الحائط كي يرضي قلبه العاشق.

كم أشتاق لعيونها التي كانت أغلب الأوقات تبصره بكره وغضب لما كان يفعله من أفعال صبيانية…..بسمتها التي نادرًا ما كان يراها…كذلك صوتها وكل ما بها يشتاق لـه حقًا.

ترى هل يستلسم الآن ويرضخ لمطلب قلبه أم يصارع نفسه ويلتزم بكلماته معها… حيرة شديدة وقع ضحية لها كما وقع ضحية للعشق والهوى.

_________________________

ترك أحمد الجميع بالأسفل مفارقًا جلستهم صاعدًا لغرفته دون أخبار أحد.

ولج الغرفة بملامح وجه لا تبشر بالخير وتعكس حالة الغضب المسيطرة عليه منذ أن حدث ما حدث من شكري موجه إلى روضة.

يشعر بالغيظ كما لم يشعر بـه من قبل، شيء ما يخبره بأنه يعود للأسفل من جديد ويمسك بـه ولكن ما الفائدة!

من المؤكد أنها حزنت وانتهى الآمر ليس بيده شيء ليفعله.

ترى هل كان عليه أن يمسك بـه بوقتها أو على الأقل يجيب عليه ولا يسمح لـه بالحديث معها بهذا الشكل المهين الذي لا يليق بجميلة مثلها.

نفض رأسه يخبر نفسه أن ما فعله كان جيدًا، فلا يجوز لـه التدخل بالوقت الحالي خاصة أن لا علاقه لـه بها أو بالأمر وسيراه الجميع مخطئًا من تدخله بين الأب وابنته.

لكن ماذا عليه أن يفعل الآن فلا يستطع الجلوس معهم وسماع صوت هذا الرجل عديم الرحمة والحنان صوب بناته، فكلما سمع صوته أو لمحه من جانب عيونه تعتريه رغبة عارمة للنيل منه والاشتباك معه.

وقع بصره في تلك اللحظة على ما يتواجد أعلى (التسريحة).

لمعت عيونه ولاحت شبه بسمة عابثة شيطانية على وجهه بعد أن جال بخاطره فكرة رغم طفولتها إلا أنها أعجبته كثيرًا وعزم على تنفيذها.

ربما هكذا وبتلك الطريقة يهدأ قليلًا ويطفئ النيران المشتعلة داخل قلبه.

تجاهل أحمد القط الذي ترك فراشه والذي كان ينام عليه قبل دخول أحمد مباشرة، واقترب منه وبدأ يحوم حوله بحب.

دنا أحمد من التسريحة وأخذ ما عليها و على الفور دسهم بجيب سروالـه، ثم فتح باب غرفته ولكن قبل أن يغلقه جذب أنظاره ما يحدث أمام عيونه مباشرة.

لم يغلق الباب وتركه مفتوحًا وبدأ يسير بحذر شديد يقترب من آسـر الذي يوليه ظهره ويتلوى بوقفته ويظهر من حركة جسده أنه يحاول رؤية شيء ما بالأسفل.

التهم أحمد المسافة الفاصلة بينه وبين آسـر متحدث على حين غرة باغتت الآخر بالتحدث بطريقة مسرحية درامية:

-ما هذا الذي تراه أذناي، ولما تتلوى بوقفتك كالثعبان يا ثعبان ها؟ أخبرني.

لكزه آسـر بمنتصف صدره بخفة يعنفه لفزعه بتلك الطريقة:

-يا شيخ خضتني بتعمل إيـه هنا مش قاعد معاهم تحت ليه.

-ما أنا نازل أهو، كنت بأخد حاجة مهمة من اوضتي معرفش استغنيت عنها إزاي النهاردة معأنها ملازماني من قبل رمضان بحبة كدة، المهم متغيرش الموضوع وقولي واقف كدة ليه.

ورغم ارتباك آسـر الداخلي وغياب أي أسباب عن عقله جعلته يقف هكذا.. إلا أنه سريعًا ما استعاد شتات نفسه ولملمها يخبره بهدوء وببساطة:

-مستني قُصي نزل ومطلعش معرفش أتاخر ليه قولت أقوم أبص عليه ليكون حصل معاه حاجة ولا حاجة.

وبعدم اقتناع واستهزاء شديد ردد أحمد كلماته:

-يعني هو نزل مطلعش فـ أنت قلقت! طبعًا حقك تقلق الدنيا مبقتش آمان افرض حصله حاجة وهو راجع الاوضة، يعني لا قدر الله عربية خبطته، لصوص زنقته، لا حقك لازم تستناه فعلًا.

حضر قُصي بتلك اللحظة فقال مندهشًا من وقوفهم هكذا:

-واقفين كدة ليه؟

سبق أحمد آسـر بالرد مغمغم بلؤم وخبث وصل للاثنان:

-أبدًا يا سيدي آسـر كان مستنيك أصلك وحشته.

ختم حديثه يغمز لـ آسـر بوقاحة وكأنه يخبره بأنه يعلم الحقيقة والهدف الحقيقي وراء فعلته و وقوفه بهذا الشكل ومحاولاته لاختلاس النظرات.

لم يمنحه فرصة للإيجاب ونفي ما فهمه و وصل إليه هابطًا للأسفل حيث يجلس الجميع راغبًا في تحقيق انتقامه الطفولي.

بعد رحيله هتف قُصي ببسمة بسيطة ونبرة مازحة:

-ما قولتلك أنزل بالصينية عملتلي فيها الواد الجامد اللي مش عايز يلمحها، عجبك وقفتك دي يعني مش كان أحسن لك لو نزلت.

هنا ولم يعد آسـر بإمكانه التحمل أكثر ففكرة وجودها معه في مكان واحد ولا يقدر على رؤيتها تقتله وتنهش نهشًا.

وربما بجلسته بالمنزل هكذا يقدم على فعل يندم عليه لاحقًا، لذا أتخذ قراره وصرح بـه على الفور فى وجه قُصي:

-بقولك إيـه مش كنت عايز نخرج، يلا نخرج، هدخل اغير وننزل علطول.

اتسعت بسمة قُصي وسعد بهذا القرار متمتم مشجعًا إيـاه:

-هو ده الكلام يا صاحبي.

وقبل أن يغيب آسـر داخل غرفته وبعد أن كان أولاه ظهره عاد لـه ينظر داخل عيونه رافعًا لسبابته متمتم بتحذير:

-مفيش بنات عشان عارف دماغك الشمال، اديني بقولك أهو من أولها، أنا وأنت وبس يا قُصي.

_________________________

هبط أحمد و وقف على مقربة من تلك الجلسة العائلية، ثبت بصره على شكري والذي كان من سوء حظ أحمد وللأسف الشديد يجلس بمقعد يجاور مقعد سلطان.

ابتلع أحمد ريقه مردد بخفوت يشجع ويحفز نفسه على فعل ما خطط لـه وعدم التراجع:

-يلا يا أحمد مفيش لا تراجع ولا استسلام أنا مش أحمد مكي أنا أحمد جابر سلطان على سنح ورمح…سامحني يا جدي كان في نيتي مخضكش وأصرعك النهاردة بس يلا نصيبك ومكتوبالك.

وبالفعل تحرك أحمد قليلًا ثم أخرج العلبة الذي آتى بها وأخذ واحدة ثم على الفور أخرج قداحة صغيرة وقام بأشعالها وسريعًا ما قام بقذفها صوب مجلس شكري وسلطان.

استوعب وانتبه البقية لما فعل أحمد وكذلك شكري وسلطان والذين قبل أن يستوعبوا ويتدراكا الأمر انتفضت أجسادهم، خاصة شكري الذي لم يتخيل أو يتوقع أن يتعرض لمثل هذا الموقف اليوم وتحديدًا الآن.

أما عن سلطان فسرعان ما اغتاظ وتشكل الغضب كليًا على وجهه وكز على أسنانه.

تحولت الأبصار نحو أحمد منها المصدوم مما فعل ومنهم من يكبحون ضحكاتهم.

وكانت رضوى ممن كانوا يسيطرون على نفسهم ويمنعون ضحكاتهم من الإنفلات.

لم يرى أحمد رد فعلها ولم يفكر في رفع عيونه بها من الأساس ولكنه واجه غضبًا من البعض كـ أعمامه عابد، نضال، خليل تشكلت على هيئة نظرات مثبتة عليه لكنه لم يعرها أهتمامًا.

أما عن أشرف وجابـر فكانوا مسرورين من فعلته واتضح ذلك من لمعة عيونهم.

خرج صوت شكري وكان أول من تحدث، مغمغم بمرح زائف رغم خوفه الممزوج بسخط كبير داخله من أحمد:

-يخرب عقلك يا أحمد قطعتلي الخلف.

رد عليه أحمد ببسمة لطيفة وكلمات مرحة حملت بين طياتها الكثير والكثير:

-خلف إيـه هو حضرتك لسة عايز تخلف أنت كبرت خلاص، وبعدين عندك تمن بنات يسدو عين الشمس، متبقاش طماع بقى واحمد ربنا غيرك نفسه فيها ومش طايلها.

من جديد تشكلت تعابير الصدمة على وجوه البعض من جراءة أحمد بالحديث، ولكن ضحك جابـر وقال بصوت عالي مرح ملطفًا للأجواء بنظره:

-والله معاك حق في ناس كتير متعرفش تقول الحمدلله ومبيبقوش مقدرين النعمة اللي في حياتهم.

لم ينال حديثهما إعجاب شكري لكنه فضل عدم الرد وتجاهلهم تمامًا عائدًا بالحديث مرة آخرى مع سلطان الذي كان على وشك الأنفجار سواء من حفيده أو ابنه الذي زاد الطين بلة ورمى بكلماته في وجه شكري الذي لم يرغب في الجدال والشجار معهم أو بمعنى أصح رغب في الحفاظ على العلاقة الودية التي صارت بينهم وذلك ليس لمصلحة بناته بل لأجل مصلحته هو أولًا دونًا عن الجميع.

وبين غيظ سلطان وتغاضي شكري عما حدث هتف وسـام يعنف أحمد وبالطبع لم يكن لأجله بل لأجل زهـرته وحبيبة قلبه:

-أنت بطفشنا صح؟ مش عايزنا نيجي عندكم تاني قول متكسفش؟ مش فاهم أنا المفروض أقولك كام مرة أن أختك حامل، يا بني ارحمنا بقى.

وقبل أن يتحدث أحمد ويدافع عن نفسه فحقًا لا يفكر في أذية شقيقته أو يرغب في أن يطولها آذى ولكن في ذات الوقت رغب في الانتقام من شكري حتى ولو كان بتلك الطريقة التي قد يراها الجميع طفولية عبثية ولكن بالنسبة لـه كانت مُرضية للغاية جعلت السكينة تسكن قلبه ولو قليلًا.

نطق يوسف يعنفه هو الآخر أو هكذا ظن أنه يفعل:

-يا أحمد حرام عليك والله خضتنا مينفعش كدة عيب، لا أحنا صغيرين ولا أنت صغير ميصحش كدة.

استنكر محمد طريقة يوسف فصاح ساخرًا:

-مينفعش كدة قوم طبطب عليه وهو بيكلم، إيـه اللي عيب وميصحش ده مش هيجي كدة ده، ده عايز يأكل علقة محترمة تخليه يحترم نفسه.

نالت الفكرة استحسان وسـام ولمعت عيونه وتبادل النظرات مع محمد في الحال…

والآن بات أحمد في خطر حقيقي.

استشعر ذلك من نظراتهم وقبل أن يقدموا على فعل شيء تذكر صابـر وبحث عنه بعيونه لكنه لم يجده.

سب نفسه يعاتبها كيف لم يلاحظ منذ نزوله غياب شقيقه والآن بات لقمة سهلة وسينال منه كل من وسـام ومحمد.

نهض الاثنان من مجلسهم وخطو أولى خطواتهم في التقدم منه، رفع سبابته يحذرهم بوعيد:

-أنا بحذركم، اللي هيهوب ولا يقرب مني يستحمل اللي يجرالـه، صابـر آه قام ومش موجود بس لو هوبتوا مني مش هيسكت هيقرقشكوا بسنانه ويحلف أنـه ما شافكم.

انهى حديثه مندفعًا من محله هاربًا من أمامهما.

لم يتركه أي من الاثنان واندفعا خلفه…

تابعته روضة بعيونها حتى أختفى تمامًا عن أنظارها ومع اختفاءه هذا اختفت بسمتها التي ارتسمت بسببه.

فعلته البسيطة الحمقاء المتهورة التي لا يجب أن يفعلها بتاتًا استطاعت وبمنتهى السهولة أن تجعل البسمة تشق ثغرها.

لا يغيب عنها ما فعله معها من تجاهل عكس ما كان يفعله مسبقًا فعيونه لم تأتي بعيونها حتى الكلمة لم يصوبها لها.

لكن لماذا يفعل هذا…

كانت ستظن أنه يتعمد فعل هذا معها هي تحديدًا لو كانت رأته يفعل العكس مع إحدى شقيقاتها لكن الأمر لا يخصها فقط، بل كان يتجاهل الفتيات جميعًا ولم يرفع بصره بواحدة منهم أو يتحدث معها.

انتشلها من تفكيرها رؤيتها لذلك القط يأتي نحوهم.

ابتسمت متذكرة ذلك اليوم الذي وجدوه بها وقرر أخذه وعدم تركه.

أصدرت صوتًا خافضًا جذب انتباه القط وجعله يركض نحوها يتمسح بها.

لمسته بيدها وداعبت رأسه بحنان شديد.

_________________________

يقف صابـر بحديقة المنزل بعد أن تسلل إليه شعور بالاختناق والضيق ورغب في الخروج واستنشاق الهواء البارد والشعور بها تلفح وجهه الجامد مثل الإنسان الآلي، لا يظهر أي تعابير عليه قد تعبر عن حالته سواء سعيد..حزين..غاضب..هادئ.

لا يمكنك تمييز ما هو عليه الآن خاصة أن عيونه التي يستطع أحمد قراءتها في بعض الأوقات كان يغلقها.

لكن بداخله والذي لا يظهر لأحد، فقط هو من يشعر بـه كان هناك تيه وحيرة…

عجز عن فهم ذاته ونفسه.

لا يوجد سبب أو مبرر لوصولـه لتلك الحالة التي تزيده غضبًا من نفسه.

ربما كلمات أحمد ومحاولته في إثارة استفزازه هي السبب فيما عليه الآن..

أو ربما شيء آخر لا يرغب في الاعتراف بـه أو حتى تصديقه.

ينكره ويرفضه بل حتى أنه يبغضه ولا يرغب بـه في الأساس تحديدًا بعد ما حدث، لذا كان عليه رمي سبب تلك الحالة على توأمه أحمد.

وأخيرًا وعند الوصول لتلك النقطة تبدلت تعابير وجهه وظهر الحنق عليه وهو يزفر، مؤكدًا بينه وبين نفسه أن أحمد هو السبب الرئيسي في وصوله لتلك الحالة و….

توقف عن التفكير والتقط بصره أحمد الراكض من الداخل ومن حين لآخر يستدير للخلف يقتطف بعض النظرات كأن هناك من يتبعه ويطارده.

قائلًا تلك الكلمات بنظرات مرجوة:

-خلاص بقى أنت وهو ميبقاش قلبكم زي وشكم كدة، وكل سنة وأنتم طيبين….

وقع بصره على صابـر فسارع في الإندفاع نحوه مبتسمًا بسمة المنتصر في حرب ما، مردد اسمه بلفهة وهو يقف أمامه ويشير نحو القادمان خلفه:

-صابـر..أخي…أنقذني..ساعدني..ألحقني.. جوز أختك عامل زي التور الهايج وفاكرني فريسة معأني مش لابس أحمر أنا لابس أسود عادي وكمان محمد عامل زي الـ…….إيـه ده أنت بتعمل إيـه ورايح فين مش بكلمك أنا ولا مش بكلمك خد يا صابـر متدنيش ضهرك وتسبني كدة……….

أثناء تحدثه أولاه صابـر ظهره وتركه كي يقع في أيدي وبراثن كل من وسـام ومحمد.

فهو لن يفعل شيء لـه ولن يمسه ويرفع أصبعه عليه، حتى بعد ما فعله ولكن لا مانع من تركه ينال جزاء فعله ربما لأنه يدرك أنهما لن يؤذياه.

-خد هنا رايح فين، طب خدني معاك…

كاد يلحق بـه لولا قبضة وسـام التي مسكت بـه ونال منه أخيرًا، متمتم بصوت أجش:

-رايح فين يا أخو مراتي، هو دخول الحمام زي خروجه ولا إيـه؟

وببساطة وبلاهة ارتسمت على قسمات وجهه قال:

-آه عادي أو مش عادي بصراحة أنت معاك حق الواحد وهو داخل الحمام غير وهو خارج فعلًا الدخول صعب والخروج بقى هو اللي سهل هتقولي ليه يا حمادة هقولك عشان الواحد بيخرج مرتاح لأنه بيبقى خلاص لبى نداء الطبيعة، فـ أفكورس أسهل واريح.

-آه أنت بتهزر بقى، بس أنا مبهزرش.

مسك بـه محمد هو الآخر ليشارك وسـام فيما يفعله متمتم:

-أنت ليك نفس تهزر يا بجح، مش مكسوف على دمك تعمل كدة في الراجل وهو قاعد مع جدك.

رد عليه أحمد بذات البساطة التي حلت عليه منذ أن امسكا بـه:

-والله معاك حق وأنا فعلا فكرت أنـه مينفعش اعمل كدة وجدك قاعد بس قولت بيني وبين نفسي سامحني بقى يا جدو هو اللي راجل مهزق ويستاهل، بس المرة الجاية اوعدك اعملها فيه وجدك مش معاه قولولي ليه يا حمادة….

قاطعه وسـام متحدث بانفعال طفيف:

-أنت عايز تشلنا، هي الفكرة في أنك عملت كدة وهو قاعد مع جدك مش في أنك مكنش ينفع تعمل ده من الأساس.

علق محمد مجددًا، قائلًا بتشنج:

-يكون في علمك أنت كدة بتأذيني أنا ويوسف وبتخلي شكل جدي وبابا وأبوك والعيلة كلها زي الزفت قدام الراجل.

-آه أنتوا بتستقوا عليا عشان أنتوا اتنين وأنا بطولي ها، طب على فكرة أنا ممكن أطلع أجبلكم آسـر وده بقى يا وسـام بعضلات زيـه زيك وممكن يعاركك وهيكسبك كمان عشان أنا هشجعه…….أهو ابن الحلال عند ذكره بيبان تعالى يا آسـر إلحق ابن عمك وابن خالتك من أيادي المفتريين دول…. تعالى يا قُصي أنت كمان حوش عني وأقف لـ أخوك الله يكرمك.

استدار كل من آسـر وقُصي اللذان كانا على وشك المغادرة، نحو صوت أحمد المستغيث المطالب بالمساعدة.

بدل آسـر طريقه وبدل من الأتجاه نحو سيارته تحرك نحو محل وقوف أحمد المُمسك بـه كاللص.

وكذلك فعل قُصي واتبع آسـر الذي تساءل ما أن اقترب:

-في إيـه؟ عملكم إيـه؟

-عملتلهم إيـه، معملتش حاجة، كل ده عشان رميت حتة صاروخ صغير لا راح ولا جه على اللي اسمه شكري، فيها حاجة دي؟ ما أنا هاري أبويا وأبوك وجدي وستك وكل البيت جت على اللي يستاهلها ومعملهاش والله ما ينفع.

ظن وسـام و محمد أن آسـر سيقف بجوارهما ويؤيد موقفهما معه ولكن جاء رده مخالفًا لظنونهم وتوقعاتهم:

-أنت عملت كدة، جدع ياض يا أحمد خد بوسة…وسعوا كدة أنتوا قافشين فيه كدة ليه، ده راجل عرة أومال لو كان عدل كنتوا عملتوا في الواد إيـه وبعدين ده كدة بيلعب، هو رماه برصاص يعني ده أنتوا أوفر.

حرر آسـر أحمد منهما وعلى الفور احتضنه أحمد بامتنان سعيدًا بوقوفه معه مغمغم بسعادة:

-اقسم بالله جدع وابن جدع واخويا اكتر من ابن أمي وأبويا، أنت عملت معايا اللي صابـر معملوش خد بوسة على دماغك الحلوة دي، أنا طول عُمري عندي نظرة وليا حق أحبك تاني واحد بعد صابـر علطول.

ابتسم لـه آسـر وقال ببسمة واسعة:

-حبيبي الله يكرمك.. مالهم دول.

ردد الأخيرة بعد أن رأى فعله محمد و وسـام من ضرب كف بالآخر ثم تحركهما كي يعودان للداخل من جديد.

عقب أحمد مغمغم بلامبالاة:

-سيبك منهم بيغيروا مننا.

-مش يلا يا آسـر ولا إيـه.

هكذا نطق قُصي بعد أن نظر بساعة يده، وقبل أن يجيب آسـر سبقه أحمد بالإيجاب:

-هو إيـه ده مش واقف معايا هو ولا مش واقف معايا، ثم يلا بيكم على فين!!! أنتوا رجعتوا تخرجوا تاني!!!و سوا!!! لا أنا بخاف من خروجاتكم بتبقى دنيئة وبعيدة كل البعد عن البراءة، وبعدين أحنا في رمضان يا أوغاد، ولا أنتوا رمضان مجاش عندكم.

رد عليه قُصي مدافعًا عنه وعن آسـر:

-أوغاد في عينك، أحنا آه خارجين بس خروجة محترمة مفيهاش غيري أنا وآسـر هنغير جو بس عشان آسـر مخنوق وأنا عايز أخليه يفك.

-طب ما أنا كمان مخنوق، بقولكم إيـه يلا بينا وأهي بدل ما تبقى الخروجة أنت وآسـر بس تبقى أنت وآسـر وأنا……

هكذا قرر أحمد بدلًا من الجلوس بالمنزل وبذات المكان معها، مقررًا الهروب والذهاب لأي مكان فقط كي لا يفشل بالأخير ويقتطف بعض النظرات نحوها، بعد طول معافرة ومجاهدة في ذاته طيلة الجلسة.

___________________________

داخل منزل “سارة” تحديدًا غرفتها وأمام المرآة حيث تتجهز للنزول وتصوير إعلان لإحدى المطاعم.

واضعة سماعات الأذن تنصت لتلك الكلمات من صديقتها التي تتحدث معها:

-شوفتي البجح منزل إيـه النهاردة، ده أنا صدقته، أنا اللي عارفة وعشت وشاهدة على خيانته ليكِ صدقته، والمشكلة أنه في ناس صدقته فعلًا واتعاطفوا معاه والريتش عنده رجع علي، أنا مش فاهمة أنتِ مفضحتيهوش ليه وقولتي حقيقته وكشفتيه بدل دور الضحية اللي هو عايشه ده.

التقطت سارة علبة “البلاشر” والذي كان وردي، وكذلك فرشاه كي تضعه بها، وهي تجيب عليها:

-ومين قالك بس أني مش هعمل كدة! ده أنا متصلة بيكِ مخصوص عشان عايزة أعمل كدة.

-مش فاهماكِ يا سارة.

-افتحي الواتساب عندك يا عيون سارة وشوفي الصور اللي بعتهالك وأنتِ تفهمي أنا قصدي إيـه.

وبالفعل جاءت بالتطبيق وقامت بفتح الدردشة الخاصة مع صديقتها لترى على الفور الرسائل التي بعثتها لها سـارة قبل اتصالها بها مباشرة ولم تنتبه هي إليهم والتي كانت عدة صور كفيلة لتدميره.

جحظت عين الفتاة صدمة سرعان ما تحولت لفرحة وهي تهتف:

-يا بنت الإيـه مش سهلة أنتِ برضو جبتي منين الصور دي يا سارة!!!!

-عيب لما تسأليني سؤال زي ده، المهم أنتِ عارفة كويس هتعملي إيـه بالصور دي مش كدة.

-إلا عارفة دي الصور دي هتخليه يسقط من عين الناس بذات اللي صدقوه واتعاطفوا معاه بعد الفيديو الفكسان اللي نزله خليهم يعرفوا أنه كداب وبتاع نسوان ويبطل حوارات بقى، اقفلي بقى واديني ساعة بالتمام والكمال وتبقى صوره على كل السوشيال ميديا يلا خلينا نطلعه اكسبلور لأخر مرة.

___________________________

داخل واحدًا من المقاهي وأكثر ما يتردد عليه قُصي، جلس الثلاث شباب معًا.

جاء النادل وأخذ طلبهم بعدما رفضوا النظر في القائمة، حيث طلب آسـر فنجان من القهوة، وكذلك طلب قُصي.

أما عن أحمد فطلب ثلاث بولات من المثلجات من الشيكولاتة.. اللوتس…المانجا.

وقبل أن يأتي النادل بطلباتهم أخرج آسـر علبة السجائر، والتقط واحدة ثم قام باشعالها وعلى الفور سحب قُصي العلبة وأخذ واحدة هو الآخر مشعلًا إياها.

أخذ آسـر نفسًا واحدًا ثم زفره سريعًا وقبل أن يأخذ الثاني كان أحمد ينتشلها من يده ويقوم بإطفائها ومثلما فعل معه فعل مع قُصي مغمغم بسخرية:

-لا ما أنتوا مش قاعدين مع سوسن عشان تطلعوا تدخنوا عيني عينك كدة طول ما أنا قاعد مشوفش واحد فيكم بيدخن.

عقب قُصي بضيق وعلامات منزعجة:

-ده إيـه قلة المزاج دي، هو أنت خارج معانا تعكر مزاجنا.

-لا حوش الفرفشة اللي أنتوا فيها، بقى دي وشوش ناس مبسوطة ده أنا مفرفش عنكم.

لم ينصت آسـر لباقي حديثه وبدأ يفكر في شيء واحد.

ومن سواها تشغله!

حتى بعد مفارقته للمنزل لا تتركه كأنها تلازمه أينما ذهب وأينما كان.

أخرج قُصي هاتفه أثناء ثرثرة أحمد وبدأ بالعبث بـه وأخذ جوله بحثًا عن أي جديد قد قامت بـه ولكنها لم تفعل اليوم.

لكن عادل فعل وجاء أمامه الفيديو الذي ظهر لجهاد أيضًا.

شاهده واستمع إليه وشيء من السخرية يليح على وجهه.

لم يستمع إليه بمفرده بل كان الصوت يصل إلى أحمد أيضًا مغمغم بأسف على هذا الشاب والذي بالطبع أحسن الظن بـه وصدقه:

-الواد ده صعب عليا وهتلاقيه ولا خاين ولا حاجة، أسالني أنا، أنا أعرف أميز الخاين من اللي مش خاين، يعني هو ميجيش منه خيانه وده من غير ما أشوفه لكن أنت وآسـر يجي منكم عادي.

لم يعلق قُصي على كلمات أحمد، وقام بتغير الفيديو وآتى بالذي بعده.

وما كاد أصبعه رفعه لأعلى متخطيًا إياه حتى أوقفه ما يراه.

ابتسم بسمة جانبية وسرعان ما رفع الهاتف في وجه أحمد يخبره:

-اتفضل ده اللي كنت لسة بدافع عنه، نازله صور مع بنات غير سارة، واضح فعلًا أنك بتفهم في الخاين واللي مش خاين ابلع ريقك بقى وسمعني سكاتك بـ….

صمت ولم يتابع ما يتفوه بـه ملتفتًا نحو تلك الاصوات والصخب القادم من أحد الطاولات، حرك رأسه هو وأحمد وأيضًا آسـر بفضول عما يحدث…

ضاقت عين أحمد وسارع بسؤال قُصي:

-واد يا قُصي هو مش ده الواد اللي أنا لسة كنت بدافع عنه؟

-آه هو بعينه.

أكد لـه وهو يتابع عادل الهائج كالثور بعد أن رأى تلك الفضيحة التي انتشرت لـه وتتحدث عنها بعض الصفحات بل ويشاركون الصور لا يهتمون بأمر الفتيات المتوجدات معه بالصور سواء سببت لهم تلك الصور فضيحة أو لا.

فكان منذ لحظات فقط سعيدًا بعودة التفاعل على آخر فيديو أنزله فقد تخطى الفيديو المليون ونصف وهو لم يكمل أربعة وعشرين ساعة بعد!!!

ولكن تبخرت سعادته وذهبت في مهب الريح ما أن وقع بصره على تلك الصور مما جعله يضرب على الطاولة بقوة ويدفع مقعد فارغ بجواره بقدمه متسببًا في سقوطه واحداث ضجة وفوضى، مطلقًا سبه خصها بها على يقين بأنها وراء ما حدث لـه.

-أهدا يا عادل الناس بتتفرج علينا وأنت الناس تعرفك.

صرخ عادل بعلو صوته لا يبالي بما سيحدث فما الذي يمكن أن يحدث أكثر مما حدث!!!

-بلا اهدا بلا زفت، هي اللي عملت كدة مفيش غيرها، بس كان لازم اتوقع كل ده منها، ما هي ملهاش لا عزيز ولا غالي واحدة بياعة حطتني في وش المدفع عشان تطلع نفسها البت المظلومة، بس هستنى إيـه من واحدة دايرة على حل شعرها، بس قسمًا عظمًا مبقاش عادل لو مخليتهاش تندم….

ختم حديثًا مفارقًا المكان تاركًا صديقه خلفه يردد اسمه ولكن لا حياة لمن تنادي.

اشمئز أحمد مما ينصت إليه فصاح يسأل باستنكار بعد ذهاب عادل:

-هو بيكلم كدة على اللي كان مرتبط بيها وبيحبها صح!!! هو إزاي بيكلم كدة عن واحدة كان بيحبها ومعاها!!! إيـه القرف اللي هو فيه ده.

___________________________

نفذ كل من يوسف ومحمد حديثهم مع زوجاتهم وذهبت كل من بـرق وإسلام لزيارة جهاد التي لم تأتي اليوم وأثارت قلقهم عليها….

تفاجأت جهاد من قدومهما مع البقية ولكن للحق سعدت كثيرًا.

فقد اهتموا بها ولم يكتفوا بمكالمة هاتفية بل فضلوا المجئ كي تطمئن وتسكن قلوبهم.

جلست برق معها لبعض الوقت ثم أشارت لها إسلام كي تتركهم قليلًا على إنفراد وتستفهم منها عما يحدث وبالفعل استجابت بـرق ونهضت متعللة بأنها ستقوم بالحديث مع يوسف الذي فضل الجلوس على القهوة رفقة محمد بدلًا من الصعود وذلك لغياب شكري وعدم تواجده بالمنزل بل ذهب إلى المقهى كي يرى ويتابع العمال….

والآن وبعد أن أصبحت بمفردها برفقة إسلام، سألتها بطريقة مباشرة دون مراوغة:

-مجتيش النهاردة ليه يا جهاد؟

-من غير ليه يا إسلام، محستش أني عايزة أروح فـ مروحتش عادي.

-لا طبعًا مش عادي، أنا مش عبيطة ولا أنا تايهة عنك، قوليلي إيـه اللي حصل؟ في جديد بينك وبين صابـر!!

-مفيش حاجة بيني وبينه ريحي نفسك يا إسلام، وياريت متكلميش عنه معايا بعد كدة، صفحة صابـر مش اتقفلت لا دي اتقطعت من كتاب حياتي، واللي اتقطع واترمى ملوش رجوع.

تحدثت جهاد بانفعال وطريقة جعلت الأخرى تفهم مدى ضيقها من الحديث عنه فقالت محاولة تهدأتها:

-طب أهدي متتشنجيش عليا كدة.

-أنا متشنجتش يا إسلام أنا بس بعرفك عشان تقفلي سيرة على الموضوع ده ومتجبيش سيرته تاني زي ما أنا هعمل بضبط.

_________________________

-شوفت يا وسـام جهاد مجتش إزاي أنا متأكدة أنه في حاجة حصلت بينها وبين صابـر وزعلتهم من بعض عشان كدة هي مجتش.

نطقت زهـر كلماتها بتخمين وأعين قد ضاقت تبصر زوجها الجالس خلف المقود بالسيارة في طريقهم للعودة إلى المنزل.

خطف وسـام نظرة نحوها يعلق على استفسارها:

-إيه السيناريو العبيط ده، أنتِ كان نفسك تبقي مؤلفة ولا إيـه.

-وسام أنا مش بهزر أنت إزاي مش لاحظ أو حتى حاسس أن في حاجة بتحصل ومش بس بين صابـر وجهاد، كمان ضياء وآسـر، فكرك آسـر منزلش ليه يفطر مع العيلة، أكيد في حاجة حصلت بينه برضو هو وضياء خليته مش عايز يشوفها وكمان ضياء أغلب الوقت كانت سرحانة خالص.

لم يقتنع وسـام بأي شيء مما تقوله، فقال: -زهـر بطلي أفلام هندي الله يخليكِ.

أصرت وتمسكت بحديثها مجيبه عليه باستهجان:

-أفلام هندي إيـه بس، طب أقولك على حاجة تالتة أو أقولك خد التقيلة.

-لا مش عايز شكرًا.

-لا هتاخدها إيـه اللي لا شكرًا هو أنا بعزم عليك اسمعني وأنت ساكت….أحمد أخويا رمى الصاروخ على جدي والراجل اللي اسمه شكري ده مش لعب وهزار وكدة لا لا أحمد عبيط وطيب وأضايق لروضة لما اللي اسمه أبوها ده كسفها وكلمها بطريقة وحشة.

-ياه يا سلام على الأفلام والحوارات اللي مالية دماغك، أنتِ موهبتك في التأليف والتحوير دي لازم تستغليها متسبيهاش كدة.

-أنت بتتريق صح، طب إيـه رأيك بقى أن أنا واثقة من اللي بقوله وعشان أنا واثقة واجبي كأخت طيوبة لـ صابـر وآسـر أني أصالحهم على حب حياتهم…بقولك إيـه أحنا لازم نعزمهم يوم…بس المشكلة أن جهاد لو عرفت أننا عازمين أخواتي مش هتيجي ولو قولنا مش جايين مش هتصدق ولو صدقت وجت شكلنا قدامها هيبقى زي الزفت لما تلاقيهم موجودين…وكذلك آسـر لو عرف أني هعزم البنات برضو مش هيجي فـ ياريت تفكر معايا في حل للعك ده وإزاي نخلي صابـر وجهاد وآسـر وضياء يجتمعوا……….

««يتبع»»…………………..

فاطمة محمد.

أتمنى الفصل يكون عجبكم وميعادنا مع الفصل الجديد يوم الجمعة القادم، واللي معملش ڤوت يعملنا عشان نعلي ريتش الرواية🫶🏻🩷

الفصل التالي: اضغط هنا

يتبع.. (رواية الحب كما ينبغي) اضغط على اسم الرواية لتجد الفهرس كاملاً بجميع الفصول.

أضف تعليق