رواية الحب كما ينبغي الفصل الخمسون 50 – بقلم فاطمة محمد

رواية الحب كما ينبغي – الفصل الخمسون

الفصل الخمسون

الفصل الخمسون

إيـه رأيكم في المفاجأة 😂😂

سجل يا تاريخ سجل الفصل نزلكم بدري يوم أهو تفاعل حلو وكبير بقى عشان بحضرلكم مفاجأة تانية يارب تعجبكم😂🩷

______________________________

الحب كما ينبغي.

فاطمة محمد.

الفصل الخمسون:

سكـون، وهـدوء حـل بالمكان!

فقد صمتت الألسنة وتحولت الأبصار نحو ضياء التي تحدثت وتدخلت على حين غرة!

مسببة صدمة ليست بالهينة بالنسبة لـه ودهشة للبعض الأخـر.

نظـر نحوها وسلط بصره عليها وعيونه تتحدث نيابـة عنه وعن لسانه الذي فقد النطق تمامًا.

متسائلًا في سره هل تحدثت معه للتو وطلبت منه البقاء وعدم الرحيل!

أم أنه يتوهم وهي لم تنطق بشيء.

ازدرد ريقه في ذات اللحظة التي شعرت فيها بالحرج من النظرات المثبتة عليها مما جعلها تنطق من جديد بتوتـر طفيف تبرر للجميع سبب تدخلها وطلبها بعدم رحيله.

مؤكدة لـه أنه لم يكن يتخيل أو يحلم بل ما حدث كان حقيقيًا بنسبة مئة في المئة.

-هتروح فين دلوقتي وأنت صايم وده وقت فطار، أفطر معانـا بقى مش هيجرا حاجة، خليك يا آســـر.

تلك المرة صدق ما سمعه بالمرة الأولى واتقن أنه ليس وهمًا من نسج خيالـه، يتخيلها بـه تطالبه بالبقاء.

تسارعت دقات قلبه وأوصد جفونـه يتلذذ بآخر كلمات خرجت من فمها وبصوتها المحب.

خاصة اسمه وطريقة نطقها لـه.

كم كان جميـلًا..مميـزًا…استثنائيـًا مثلها تمامًا.

تخطى تلك الحالة سريعًا كي لا يثير الشكوك أكثر، والتي تمكنت منـه بفضلها وبالتأكيد لن يرفض لها طلبًا مثلما رفض للجميع وهذا وببساطة شديدة لأنها تختلف وليس كالجميع بالنسبة لـه.

خرج صوتـه أخيًرا يجيب على طلبها وعيونـه لا تفارقها، متمتم بخضوع واستسلام تـام:

-حاضـر، هخليني يا ضياء.

هكذا قال لسانه أم عيونه فأخبرتها أن طلباتها آوامر وجب عليه تنفيذها دون ذرة تفكير واحدة.

دوى صوت آذان المغـرب، وتحرك البعض تجاه السفرة والبعض الآخر نحو المطبخ لجلب ما تبقى من طعام بالداخل.

أما قُصي فقد اعترته الغيرة الطفيفة، ومسك بيد صديقه متمتم من بين أسنانه بعد ذهاب من حولهم:

-والله! يعني أحنا عاملين نتحايل عليك تقعد ومرضتش ومعملتش لحد فينا خاطر عندك، وأول ما هي نطقت وقالتلك.

قام بتغير صوته مقلدًا لصوت ضياء، وطريقتها في الحديث مع آسـر منذ لحظات:

-خليك يا آسـر أفطر معانا متمشيش خليك…….خلاص من لقى أحبابه نسي صحابه ولا إيـه والله لو ناسي أفكرك عادي مفيش مشكلة، وخد هنا إيـه حاضر اللي قولتهالها دي…لا ومكتفتش بحاضر بس ده أنت قولت هخليني يا ضياء، هي بقت كدة خلاص يا صاحبي!

وبصوت خافض أجاب آسـر وهو ينظر داخل عيونه:

-تعرف تخرس!! اخرس يا قُصي أنت أساسًا آخر واحد تكلم مش كفاية كدبت عليا ومقولتليش أنها جاية وأنا واثق أنك كنت عارف وقصدت تكدب عليا.

تشنج وانفعل قُصي وصاح يدافع عن نفسه بصوت خرج عالي رغمًا عنه:

-بس متقولش كدبت أنا بس خبيت عليك، أنا مش كداب على فكرة و..

-هش وطي صوت أمك ده..

-أنا مش كداب متقوليش كداب دي تاني، زهـر و وسـام كانوا عايزينك تيجي وأنا عارف أنك لو عرفت أنها جاية مكنتش هتوافق تيجي، أو بلاش عارف دي عشان أنا طلعت مش عارف حاجة خالص..خليها كنت فاكر أنك مش هتيجي بس طلعت خفيف يا صاحبي، ده الريشة اتقل منك يا جدع.

-طب بس ويلا واكتم بقى متخلنيش اتغابى عليك، وحسابك معايا هنأجله دلوقتي، قدامي يلا.

دفع قُصي بيده مما أجبره على التقدم والتحرك أمامه.

سار آسـر بعده حتى وصلا الاثنـان وجلسا بجوار بعضهما البعض ومن حين لأخر يبصره قُصي بجانب عيونه بضيق لم يبذل جهدًا لاخفائه.

وبالسؤال عن آسـر فلم يكن يمنحه أي اهتمام وانتباه لما يفعله صديقه من نظرات طفولية بحته، بل كان كل ما يشغله بتلك اللحظة وبهذا الوقت….هــي فقط.

محاولًا بقدر الإمكان ألا يلفت العيون نحوهم، لكنه فشل فشلًا كبيرًا وكان بالفعل هناك من ينتبه لنظراته التي يقتطفها ويأخذها خلسة نحوها ومن بين هؤلاء كانت بالطبع زهـر…و وسـام التي نظرت إليه تخبره بعيونها ” أرايت ألم أخبرك!؟ ”

كذلك أحمد الذي سارع بإبعاد ودفع قُصي الجالس جواره، ملصقًا لظهر الآخر بالمقعد كي يتمكن من توجيه حديثه الهامس إلى آسـر:

-عينك يا شبح بدل ما أخزقهالك..اتقي الله وغض بصرك متبصش على حد..اعمل زيي وشجعني وأشجعك..أحنا قدها صدقني، وكله في الآخر عشان ننول رضا ربنا، ونبقى بنعمل حاجة صح…اعمل حاجة صح ولو لمرة في حياتك يا آسـر.. وأنت كمان يا زفت يا قُصي، غض بصرك..غض بصرك يا حبيبي، غض بصرك يا بـابـا.

لم يجيبه آسـر وارتكز ببصره على الصحن قبالته، بينما التوى ثغر قُصي وهمس لـ أحمد الذي عاد يريح ظهره بمقعده:

-طب ما تشوف صابـر وانصحه مش توأمك ده ولا مش توأمك ولا مقدرتش على الحمار فبتتشطر على البردعة.

وبدون أن ينظر أحمد نحو صابـر أجاب بخفوض:

-مالـه صابـر؟ الولد زي الفل أهو.

سخر من حديثه حول صابـر والذي يقسم بأنـه على وشك التهام جهاد بنظراتـه:

-لا ملوش كل الحكاية أن عينه مش بتتشال من على جهاد ولا أنت اتعميت عنده.

شعر أحمد بالانزعاج منه، فأجاب عليه بضيق وسخرية مماثلة:

-برافو عليك أنا اتعميت عنده فعلًا وفتحت عندك أنت وآسـر أصل أنتوا سوابق وتاريخكم القذر كله عندي بس أنا اللي مبحبش اتكلم ولا افتن على حد، ثم تعالى هنا أنت رغاي ليه، ما تفطر وأنت ساكت أوعى ياض يا قُصي تكون من اللي مش بيصوموا رمضان؟؟

-يا عم صايم، وبعدين أنا برضو اللي رغاي يعني مش أنت!!

اختار أحمد عدم الإيجاب عليه تلك المرة والأنشغال بالطعام المتواجد أمامه قليل من الوقت، راغبًا في مراقبة صابـر و رؤية ما يفعله بحضور جهاد الصامتة تمامًا…..

فهي لم تكن على ما يـرام، سواء كان من تعمد صابـر الجلوس أمامها مباشرة…أو من عيونه التي تشعر أنه يرمقها بها من وقت لأخر بنظرات تجعلها ترغب في الفرار.

يتغلغلها الندم والتي تكاد أن تأكل أظافرها بسببه، وهذا لموافقتها على المجئ و وضع نفسها بمثل ذلك الموقف المحرج والسخيف في وقت واحد.

كان عليها الرفض وعدم تلبية دعوة زهـر.

ولكن كيف لها أن تفعل هذا وهي من جاءت حتى باب منزلها!!!

ابتلعت ما بفمها من طعام متواجد بداخله.

حاسمة أمرها مقررة ألا توضع بمثل هذا الموقف مرة أخرى.

لن تسمح بأن يجمعهما مكان واحد من جديد.

ما يحدث الآن لن يتكرر مجددًا.

وهذا وعـد قطعته لنفسها.

والآن لا تطمح سوى في أن يمر اليوم مرور الكرام وألا يحدث شيء.

ولكن دائمًا وأبدًا تأتي الرياح بما لا تشتهي السفن، ونقع في ما لا نحب أو نرغب في الوقوع بـه.

فقد خرج صوت قُصي مردد لاسمها راغبًا في جذب انتباهها نحوه، مسببًا في توقف صابـر فجأة عن التحرك أو فعل أي شيء.

فقط سلط عيونه عليها يترقب ردها عليه.

وبدون أن تنظر لـه أو ترفع عيونه تجاهه أجابته بجمود وببرود لم يتوقعه قُصي من الأساس ولم يراه منها مسبقًا مما سبب صدمة لـه:

-نعـــــم!!

هربت الكلمات من على طرف لسانـه والتزم الصمت لعدة ثواني حتى بدأ باستيعاب ما يحدث قائلًا أول ما جاء على بالـه:

-مش بتأكلي ليه.

من جديد وبدون النظر إليه ردت بذات الطريقة والتي تعكس عدم رغبتها في الحديث معه في الأساس:

-فين ده! باكل أهو..الأكل جميل جدًا تسلم أيدك يا زهـر تعبتي نفسك بجد.

-ألف هنا يا جوجو، مفيش تعب ولا حاجة والله، وبعدين الأكل وسـام طلبه أنا محطتش أيدي فيه بس وعد بعد ما أولد هعملكم سفرة فيها أصناف أشكال وألوان.

ظن قُصي أن ربما سبب ما فعلته جهاد معه هو ما حدث مسبقًا والذي كان سببه صابـر.

لكن في الحقيقة أنه لو كان أي شخص آخر محله لكانت فعلت المثل…..

لاحت شبه بسمة على وجه صابـر فور رؤيته لرد فعلها وتعمدها الواضح والصريح في تجاهل قُصي.

لم تطول بسمته وسرعان ما أخفاها بمهارة فائقة وكل ما يفكر فيه بتلك اللحظة أن أحمد كان مخطئًا وهو كان محقًا في كل ما فعله وقالـه معها والدليل هو ما يراه من تغيير كبير للغايـة.

___________________________

بعد إنتهاء الجميع من الإفطار والجلوس معًا قليلًا جلسة لم تخلو من اهتمام صابـر بها والذي يظهر مع تركيزه وانتباه لكل رد فعل تصدر منها أو حرف يخرج من شفتيها، على النقيض بـ آسـر الذي حاول إشغال نفسه بالحديث مع الشباب والحفاظ على هدوئه الزائف خافيًا بل كابتًا مشاعره الحقيقة داخله.

لم يعد بإمكان جهاد التحمل والتواجد معه في ذات المكان أكثر من هذا، واتخذت قرارها وعزمت على تنفيذه دون تفكير وعلى الفور.

نهضت من جلستها وهي تلقي كلماتها على مسامع الجميع:

-أحنا لازم نمشي بابا قالي منتأخرش و..

قاطعتها زهـر التي ترى بأن الأمور مثلما هي بينها وبين صابـر لم يحدث تطور أو حتى حديث والآن ترغب بالذهاب مما يجعل خططتها هي و وسـام تذهب في مهب الريح.

-تمشي ده إيـه هو أحنا لحقنا نقعد لسة؟!! متهزريش يا جهاد دي السهرة لسة بتحلو وتبدأ.

ردت جهاد ببسمة تحمل خلفها الكثير والكثير من المشاعر المتخبطة:

-لا معلش لازم نمشي صدقيني، نعوضها مرة تانية إن شاء الله، يلا يا بنات.

تذمرت رضا عاقدة ذراعيها بطفولية هاتفة برفض:

-لا مش عايزة أروح وبابا مقالش حاجة على فكرة.

رغبت جهاد في تلك اللحظة بالامساك بها وإخراج لسانها من محله وقلعه تمامًا لوضعها في مثل هذا الموقف المحرج أمامهم وتكذيبها لها.

سيطرت جهاد على أعصابها، وحافظت على ابتسامتها قائلة:

-لا قال يا رضا مش ذنبي أنك مسمعتيش يا حبيبتي وبعدين لو قعدنا واتاخرنا وحصل مشكلة هيبقى أنتِ السبب.

تدخل يوسف وقال مقترحًا عليها:

-طيب أنا ممكن اكلمه يا جهاد، كدة كدة هنوصلكم مش هنخليكم تمشوا لوحدكم.

أصرت جهاد وشعرت بأن صبرها على وشك النفاد من إصرار الجميع على بقائهم التي يُصعب عليها تحمله وأصبح فوق طاقتها:

-معلش يا يوسف متكلمهوش، ومفيش داعي حد يتعب نفسه ويوصلنا يلا يا بنات.

نهضت ضياء، و روضة مستجبين لحديثها وكذلك إحسان، عصمت ورضا المتذمرين من ذهابهم المفاجئ.

لم يندهش أحمد من رغبتها تلك واكتفى بتبادل النظرات الصامتة مع صابـر الذي ادعى عدم فهمه لـه و رفع حاجبه يسأله عما يريد منه!!

زفـر أحمد بصوت مسموع وأثناء فعلته خرج صوت قُصي يقترح عليهم:

-تحبوا أوصلكم؟

على الفور ذهبت أنظار صابـر نحوه، يشعر بغضب عبر عنه عن طريق الكز على أسنانه بقوة.

فها هو على مشارف فقدان قدرته على التحكم بنفسه وبأعصابه الذي يزيف سكونها حتى الآن…. فهو حقًا يشتعل بل يحترق بنيران الغيرة.

لكن جاءت كلماتها كالماء التي خمدت تلك النيران، قائلة برفض:

-لا شكرًا مفيش داعي تتعب نفسك.

هنا وبدون تفكير أو تردد للحظة لاحق صابـر حديثها بتلك الكلمات المندفعة المتهورة على غير عادته:

-أنا هوصلكم يـلا.

ردت بنبرة مُصرة متمسكة بما نطق بـه لسانها، دون أن تنظر لـه مباشرة:

-لا محدش هيوصلنا، كملوا سهرتكم وأحنا هنروح متقلقوش.

تدخلت إسلام تلك المرة، مصوبة حديثها للجميع:

-خلاص يا جماعة متقلقوش عليهم جهاد معاهم..يلا يا جهاد يلا يا بنات عشان متتأخروش وبابا يعمل مشكلة.

____________________________

-عايزة إيـه يا بسنت وليه الزن ده كله!!! مدام مبردش متقعديش تزني وتقرفيني وأنا لما يجيلي مزاج أرد وأكلمك هبقى اعمل ده.

نطق ياسين كلماته بانفعال شديد وغضب كبير، مجيبًا على مكالمة امرأة تسمى بسنت تعرف عليها منذ فترة ليست بالقريبة.

شاعرًا بالضجر من إلحاحها بالإتصال عدة مرات متتالية رغم استمراره في تجاهله لها.

ردت عليه بصوت يغلفه الارتباك والقلق تخبره  دفعة واحدة:

-مش وقته الكلام ده، وأنا من أمتى أصلا بقعد ازن عليك يا ياسين، مدام زنيت المفروض تعرف أنـه في مصيبة ولازم تتصرف.

ارتفع حاجبيه وسألها بترقب:

-مصيبة إيـه انطقي علطول.

-أنا حامل يا ياسين.

وببساطة لم تتوقعها أجاب:

-وأنا مالي، هو أنتِ مش متجوزة! مبروك ليكم وعليكم يتربى في عزكم.

اعتراها الغضب من رده الصادم، متحدثة من بين أسنانها:

-مبروك إيـه و زفت إيـه أنت هتستعبط، أنا حامل منك يا ياسين ولـ…

قاطعها باستنكار ونبرة دبت في أوصالها الرعب:

-لا يا روح أمك أنا مش مختوم على قفايا عشان أشيل شيلة من بتاعتي أنا اضمن منين أنه ابني مش ابن جوزك!! لا ويمكن كمان يكون لا ابني ولا ابن جوزك ويبقى ابن حد تالت خالص ما أنتِ ملكيش آمان يا روحي ومضمنكيش..المهم فكك من حوار ابني ومش ابني ولو مش عايزاه ولا جوزك عايزه اتصرفي فيه، بس أنا شايف أن جوزك أكيد هيفرح مش هيرضى تنزليه.

-أنت إيـه القرف اللي بتقوله ده، أنت عارف كويس أني مش بخليه يلمسني ولا يقرب مني، والله ما حد بيهوب مني غيرك يا ياسين.

-ما تخرسي بقى صدعتيني الله يحرقك، هو أنا ناقصك ولا فاضيلك، اقفلي وغوري في داهية دلوقتي، أنا مال أمي أصلًا قال حامل قال…طب يا ستي مبروك.

أغلق في وجهها، لم يتركها تسترسل ما لديها من حديث أو رجاء بعد أن باتت تحمل لقب خائنة لزوجها بسببه.

لكنه لم يجبرها أو يضربها على يديها لارتكاب تلك الفعلة الشنيعة والتي ليست هينة بالمرة بل فعلتها بكامل إرداتها ورغبتها، والآن عليها تحمل عواقب فعلتها والتي لن تكون بالصغيرة…عليها دفع ثمن خيانتها لزوجها غاليًا.

____________________________

وجه شاحب، باهت كالأموات..جفون منتفخة، هالات سوداء أسفل عيون سـارة…تشعر بالزهق من حياتها البائسة.

منذ ما حدث معها من حوار بينها وبين عـادل بعدما جاء حتى باب البناية التي تمكث بها، وهي لا تفعل شيء.

ترفض الخروج أو مفارقة غرفتها إلا قليلًا، لا تجيب على اتصالات صديقاتها، ولا تفتح لمن يأتي حتى باب المنزل..تتركه حتى يمل ويرحل.

انعزلت عن الجميع وابتعدت مثلما تفعل أحيانـًا.

تشعر بوجع لا تقدر على تحمله أو وصفه.

تتساءل كيف لـه أن يفعل ويقول ما قالـه لها..

والمقصود هنا هو حديثه عن والدها الذي لا يزال على قيد الحياة ومع ذلك لا تشعر بوجوده لا يهتم بها أو يبالي بأمرها بل كل ما قابلته منه هو الجفاء والاستغناء عنها بعدما ترك وطلق والدتها وهي صغيرة وابتعد تمامًا عنهما.

لم يسأل عنها أو يصرف قرشًا واحدًا عليها وتكلفت والدتها بكل شيء والتي كان من حسن حظها أنها من عائلة ليست بالفقيرة.

والآن ينعم هو بالسعادة والراحة مع عائلته الذي كونها بعيدًا عنهما ويحظى ابنائه من الزوجة الثانية بما لم تنعم هي بـه وهو قربـه و وجوده يحميها من الجميع ويكون سند وظهر لها.

هي تعيسة… تعيسة بشكل لا يمكن وصفه وتعجز عن النطق بـه.

لم تفصح عنه سوى معه وهو ماذا فعل!!!!

صدمتها كبيرة وفوق تحملها.

دخلت في نوبة بكاء لا تعرف عددها مطلقة بعض الصرخات والآهات على أمل أن ترتاح وتستكين…..

بعد انتهائها مسحت دموعها التي تغرق وجهها، ثم فارقت الفراش واحتارت فيما عليها فعله، وبالنهاية قررت الذهاب لدورة المياه وغسل وجهها، وبعدما انتهت عادت إلى غرفتها و جلست أمام التسريحة ومدت يدها وبدأت بالتقاط أدوات التجميل كي تضع منها وتخفي هالاتها السوداء وبكائها و حالتها ونفسيتها السيئة عن الجميع مقررة فتح بث مباشر “لايف” لإشغال نفسها وعلى أمل أن تتحسن حالتها.

أنهت مهمتها وبالفعل قامت بتثبيت هاتفها وفتح اللايف.

وصل إشعارًا إلى قُصي بفتحها لايف مباشر على هاتفه والذي كان كالعادة بين يديه في أي وقت وأي مكان.

سارع بوضع سماعة الأذن وفتحه والدخول إليه وهو يتساءل بداخله عن سبب غيابها الملحوظ هذا، متوقفًا عن مشاركة الحديث مع البقية ولم يعد يبالي بمن حوله، واضعًا تركيزه معها هي فقط.

وصل لـه الجواب ما أن أبصرها بعيونه وانتبه لعيونها الحزينة رغم ابتسامتها الزائفة.

مط شفتاه وبدأ بمتابعة ما يحدث وتقوله مع من يرحبون بها ويتساءلون عن حالها سعداء بفتحها لهذا البث المباشر.

أما هي فقد حاولت الإيجاب على الأسئلة التي تخصها فقط، وتجاهل من يسأل عن عـادل أو يذكر اسمه لغرض ازعاجها فقط.

ومن ضمن ما كُتب لها كان:

-شكلك زعلان وبتحاولي تداري قوليلنا مين زعلك ولا نعمل إيـه نبسطك بيـه.

لم يكن قُصي الوحيد الذي انتبه لحقيقة حالتها، مستمعًا لجوابها على سؤال الفتاة والتي قرأته وردت عليه بأسلوب مرح:

-شكلك زعلان وبتحاولي تداري قوليلنا مين زعلك ولا نعمل إيه نبسطك بيـه، كبسوا وشيروا وده كفيل يبسطني أو أقولك حاجة اسهل ابعتولي أسـد.

تنهدت بعد جوابها محافظة على بسمتها وعلى الفور ارسل لها ثلاث أشخاص أسود ومن بينهما قُصي التي شكرته مثلما شكرت البقية:

“يا قُصي تسلملي، مش عارفة أقولكم إيـه بجد..شكرًا ليكم كلكم بجد. ”

بعد شكرها لـه تبسم وجهه ولم تتوقف هي عن تلقي الهدايا من أشخاص آخرين يحبون رؤيتها ومتابعتها.

___________________________

رفضت جهاد عرضه لإيصالهم المنزل!!!

رفضت على مرأى ومسمع من الجميع!

وضعته في موقف لا يحسد عليه!

ولكن الذنب ليس ذنبها بل ذنبه هو، بالنهاية هو من تسرع واندفع كالمراهق راغبًا في إيصالها عوضًا عن قُصي ذلك الغليظ الذي تدخل وعرض قبله إيصالهم وأيضًا تقابل بالرفض.

تعاملت معه مثلما تعاملت مع قُصي!

أغمض عيونه التي كانت تطالع السماء من خلال شرفة غرفته، فـ بعد ذهابها انتظر ربع ساعة تقريبًا ثم ادعى انشغاله وتذكره لأمر عاجل، تاركًا تلك الجلسة والجميع خلفه.

وبتلك اللحظة تحديدًا يشعر أنه على وشك أن يچن ويفقد عقله مما يحدث ومن نفسه الذي لم يعد بإمكانه فهمها جيدًا ومن كل شيء….وبالأخص منها هي….

جهـاد تلك الفتاة الذي لم يرى لها مثيلًا من قبل و وقعت في حبه سريعًا ورفض هو هذا الحب بطريقة لم تكن جيدة على الإطلاق تسببت في ترك ندوب وأثار على قلبها.

ترى هل تعاقبه بتلك الطريقة على قسوتـه معها؟!

ابتسم باستهزاء من تفكيرها وطريقتها في العقاب والتي رآها طفولية للغاية لا تليق بها إطلاقًا.

وأثناء أغلاقه لعيونه لم تتركه وشأنه ولاحت صورتها أمام عيونه كأنه يراها حقًا، وعلى الفور فتح جفونه يأخذ أنفاسه بطريقة شبه لاهثة.

زفر عدة مرات ثم فارق الشرفة مغلقًا إياها خلفه، متجهًا نحو باب غرفته موصدًا لـه جيدًا كي لا يقتحم أحد عزلته.

دافعًا جسده على الفراش بأهمال يحاول تفسير حالته وأين تكمن المشكلة تحديدًا كي يستطع علاجها ويخرج من تلك الحالة والنفسية السيئة…

____________________________

تكز ضياء الجالسة بغرفتها على أسنانها كلما تذكرت حماقتها اليوم وحديثها معه لاقناعه بعدم الذهاب والبقاء وهو من كان يرغب في الرحيل لأجلها.

أطلقت صوت من فمها مكتوم ليس بالمرتفع يعبر عن غيظها وغضبها من نفسها.

كيف لها أن تفعل ما تفعله.

من المؤكد أنها لم تكن بكامل قواها العقلية عندما فعلت ما فعلته.

أو ربما كانت شخص آخر لم يتحكم بلسانه وحركته مشاعره الذي يحاول بشتى الطرق إنكارها وعدم الإعتراف بها.

بالأخير وبعد كثير من التفكير وكيف يراها هو الآن وما الفكرة الذي آخذها بعد ذاك الموقف، رفعت يدها تضرب بقبضتها جانب رأسها ضربة بسيطة، مصوبة حديثها إلى نفسها:

“غبيـــة.. غبيــة إزاي أعمل كدة ما هو كان عايز يمشي كان لازم انسحب من لساني يعني وأقوله أخليك، يقول عليا إيـه دلوقتي!! أكيد هيفتكرني بحكها معاه وعايزاه يكلمني، شكلي بقى زي الزفت بجد، يارتني ما نطقت…أعمل إيـه دلوقتي!!!! اصلح اللي هببته ده إزاي…”

دفنت وجهها بين كفيها وهي على وشك البكاء ندمًا وبغضًا للسانها المندفع.

ثواني وكانت ترفع وجهها بأعين قد برقت وكأنها قد وجدت ضالتها وحل لتلك المعضلة قائلة ببسمة لم تطول:

-لقيتها أنا أكلمه وأقوله مكنش قصدي أي حاجة، وأنـه بس صعب عليا عشان كان صايم ولو كنا في أي يوم تاني في أي شهر غير رمضان كنت سبته يمشي عادي.

تبخرت بسمتها سريعًا واعتلت قلة الحيلة وجهها، كارهة لتلك الفكرة أيضًا والتي لن تفعل شيء سوى تفاقم الأمور سوءًا واهتزاز صورتها في نظره.

-إيـه اللي بقوله ده بس وأكلمه وأبرر إيـه! يعني عشان حبة أكحلها أعميها خالص ويتأكد زيادة أني بتلكك عشان اكلمه ويأخد مقلب في نفسه.

على الجانب الآخر، وبعد إنفراده بنفسه، وتركه هو الآخر للجميع خلف ظهره، مستقلًا سيارته يسير بها بلا هوادة.

البسمة تشق ثغره فلا يغيب عن بالـه ما فعلته وكيف رفضت ذهابـه واقترحت بقائه.

فما حدث لا يعني سوى أنها تهتم بأمره لا تبغضه لتلك الدرجة الذي كان يتصورها ويتخيلها.

على الرغم من كل ما حدث بينهما وإدراكها أنه كان راحل بسببها، إلا أنه لم يهون عليها ذهابه وهو صائم دون طعام وتناول شيء،

ما فعلته كفيل لجعله سعيد مدى الحياة.

أطلق تنهيدة حـارة محملة بالتوق والأشواق.

جالت عيونه ينظر للمكان الذي وصل لـه وهو يضغط على فرامل سيارته يقوم بإيقافها.

لا يعلم كيف جاء إلى هنا.

فقد كان في منطقتها..الحارة التي تمكث بها،  وسيارته تقف أسفل البناية.

ابتلع ريقه وتسارعت دقات قلبه المُتيم بجنون.

يشعر بتلك اللحظة كأنه مراهق يعشق فتاة ما  ويراقبها في الخفاء.

ولكن أين هي!!

لا يستطع رؤيتها يفصله عنها الكثير والكثير..

ولكنه لن يفقد الأمل بل سيتمسك ويتشبث بـه بقوة ولو كان لـه نصيب بها سيظفر بها في نهاية المطاف مهما حـدث.

ازدرد ريقه مجددًا متحركًا بسيارته مغادرًا الحارة قبل أن يراه أحد سواء كان شكري أو واحدة من الفتيات أو حتى هي.

____________________________

في اليوم التالي، ارتفع صوت إحسان قليلًا وهي تخبر جهاد المستيقظة.

-أنا نازلة يا جهاد رايحة الدرس المستر غير ميعاده، يلا سلام عشان متأخرش ويهزقني قدام الكل.

كاذبــة…كـذبت على جهاد و أوهمتها بأنها ذاهبة لتلقي درسها الذي تغير موعده.

والحقيقة أنـه لم يتغير موعده، وهي ذاهبة للقاء عـادل ذلك المشهور الذي ساءت سمعته بالفترة الأخيرة وبات يعرف بالخائن الكاذب، الانتهزاي.

لكن كل هذا لا يهمها، ما يهمها هو نفسها والإرتقاء بها وتحقيق حلمها التي رأته يومـًا ما صعب المنال ولكنه لم يعد هكذا بعد تلك اللحظة خاصة بوجود شخص كـ عـادل بجوارها ومعاها.

بعد مفارقتها للمنزل وابتعادها جيدًا عنه، أخرجت هاتفها وقامت بطلب سيارة للموقع الذي أرسله لها عـادل.

دقائق وكانت تفتح باب السيارة وتستلقى بالخلف.

تمهلت ثلاث دقائق تقريبًا ملتقطة أنفاسها، وعلى الفور رفعت يدها التي كانت تعرف طريقها نحو رأسها تنزع عنه حجابها!!

نازعة لربطة خصلاتها محررة إياهم، واضعة إياهم في حقيبتها، لا تبالي بنظرات السائق نحوها.

لم تكتفي بما فعلت من خلع الحجاب، بل بدأت بإخراج أدوات بسيطة من أدوات الزينة كي تضع القليل على وجهها ومرآة صغيرة كي تساعدها على إنهاء مهمتها بنجاح.

فلم تكن تملك سوى قلم من الكحل وقلم حمرة وقلم تحديد بني اللون وعلبة صغيرة من مورد الوجنتين.

واضعة الكحل داخل عيونها تبرزهم، وكذلك قامت بتوريد وجنتيها ثم قامت بتحديد شفتيها وعقب انتهائها وضعت قليل من اللون فوق شفتيها.

بعد انتهائها حدقت بنفسها من خلال المرآة بنظرات أخيرة، زينت البسمة وجهها سعيدة بالنتيجة التي حصلت عليها، فلم تخيب أدوات الزينة ظنها بها وأعطتها هيئة توحي بأنها أكبر عُمرًا، ربما في العشرون أو الواحد والعشرون.

وضعت المرآة وما استخدمته من زينة في حقيبتها مرة أخرى.

وعندما رفعت عيونها مسكت بـه بالجرم المشهود مختلسًا النظرات الفضولية نحوها من خلال المرآة.

لم تلتزم الصمت وصاحت بـه بجمود وأسلوب جاف:

-في حاجــة!!! ما تبص قدامك وتخليك في حالك أحسن! ده أحنا حتى في رمضان! ولا معداش عليك!

لم يعقب على حديثها معه ونظر بالطريق أمامه مسترسلًا قيادتـه.

بعد وقت وصلت إحسان المقهى المنشود والتي ستقابله بـه.

هبطت من السيارة بعدما دفعت للسائق المبلغ المطلوب، وبعد مغادرته وقفت مكانها بضعة ثواني تلتقط أنفاسها تحاول تنظيمها بعد أن تسارعت وبدأت تخفق بقوة.

استجمعت شتات نفسها بعد عدة محاولات، وبالأخير نجحت ملقية على نفسها كلمات كان الغرض منها هو تحفيز وتشجيع نفسها على الإقدام والمتابعة وعدم التراجع.

“يلا يا إحسان متخافيش ثقي في نفسك وثقي أنك هتنجحي وهتحققي حلمك أنك تبقي مشهورة. ”

ولجت المقهى بخطوات هادئة واثقة، وعيونها تجول من حولها بحثًا عنه فقد أخبرها أنه سيكون متواجد قبلها.

وبالفعل لم يكذب عليها، سقط بصرها عليه جالسًا على إحدى الطاولات، وأمامه فنجان من القهوة يرتشف منه في نهار رمضان!

لكنها لم تهتم بما يفعله فلا يخصها.

زادت ضربات قلبها من وسامته وجاذبيته التي تفوق ما تراه خلف شاشة هاتفها.

ورغم ارتجاف بدنها واضطرابها كليًا بعد رؤيته إلا أنها لم تتوقف وتابعت سيرها نحوه.

وصلت أخيرًا واقفة قبالته تمد يدها لـه تعرف نفسها:

-مساء الخير يا أستاذ عـادل، أنا إحسان اللي حضرتك اديتها ميعاد عشان تقابلك هنا النهاردة و..

ابتسم لها بسمة ساحرة، يهب من جلسته يمد يده هو الآخر كي يصافحها، قائلًا:

-أهلًا وسهلًا..كنت مستنيكي، بس بداية كويسة وحلوة أوي أنك متأخرتيش وجاية بدري عن ميعادك كمان، اللي أعرفه أن البنات في العادى بيتاخروا…اتفضلي اقعدي يا إحسان.

جلست بالمقعد المقابل لـه، مجيبه على تعليقه فيما يخص مجيئها باكرًا:

-نقدر نقول أني غير كل البنات، مش بحب التأخير، وبحب أجي قبل ميعادي بشوية كمان.

زادت ابتسامته اتساعًا كاشفة عن أسنانه البيضاء، قائلًا بإعجاب واضح:

-حلو أوي.. ندخل بقى في المهم، أنا بصراحة في كذا بنت دخلوا بعتولي وأنتِ مش أول واحدة اقعد معاها القعدة دي، أنا كان ممكن اطلب منكم تبعتولي مشهد تمثيلي ليكم أشوفه وأقرر من خلاله، بس بصراحة حابب أشوف الأداء التمثيلي بعيوني عشان مظلمش حد وبصراحة أكتر مفيش ولا واحدة عجبتني لغاية اللحظة دي فعندي أمل كبير فيكِ، وبالنسبة بقى للمشهد اللي حابب تعمليه فهيكون عن واحدة حبيبها توفى في حادث عربية وهي لسة وصلها الخبر، يلا اتفضلي.

عاد بظهره للخلف مترقب أدائها في التمثيل.

وللحق لا يتوقع منها شيء مثلها مثل سابقتها.

أما عنها فحاولت دخول الحالة وإتقان المشهد، فبذلت مجهودًا في تعابير وجهها المصدومة بدءًا من تلقيها الخبر حتى بكائها بحرقة.

لم ينال تمثيلها إعجابه مئة في المئة، لكنها لم تكن بالسيئة كان أدائها متوسط أي ليست سيئة وأيضًا ليست جيدة.

ترقبت تعقيبه الذي سرعان ما آتاها، قائلًا:

-مش هكدب عليكِ وهكون صريح معاكِ أنا كنت مستني أداء أحسن من كدة شوية، بس مقارنة بالباقي فـ أنتِ أفضلهم وتوب وان بالنسبالي، فاستني بقى مني رسالـة لو اختياري وقع عليكِ في الآخر، لأن بصراحة لسة في أربع بنات كمان مقابلتهمش لسة فلو حصل نصيب واشتغلنا مع بعض اعملي حسابك أننا هنصور كتير في رمضان، عشان اللي هنصوره يلحق ينزل في العيد.

____________________________

طال انتظارها لمدة لا تقل عن ثمانية وأربعون ساعة، لا تبعد هاتفها عنها وكلما سمعت صوت يخبرها بوصول رسالة لها، يعتريها الأمل بأنه عـادل كي يخبرها أن الاختيار قد وقع عليها ولكنه لم يحدث حتى تلك اللحظة ومع ذلك لم تفقد الأمل وتترقب على أحر من الجمر، مخبرة نفسها بأنه من المؤكد لا يزال لم يتأخذ قرارًا مذكرة نفسها بحديثه معها بأنها أفضل من قابلهم من حيث موهبة التمثيل.

وكلما شعرت بأن اليأس على وشك فرض سيطرته عليها ترفض تلك السيطرة وتمنح نفسها أملًا ربما حقيقي وربما زائف.

انتهت من الإفطار والجة غرفتها رافضة مساعدة جهاد في غسل الأواني، متحججة بأن لديها مذاكرة.

جلست على الفراش و وضعت الكتاب أمامها وبجواره تمامًا هاتفها.

حاولت استذكار أي شيء ولكنها فشلت تمامًا وكانت من حين لآخر تحدق بهاتفها تأمل بأن يصدر صوتًا ينبأ عن وصول الرسالة التي ستجعل حلمها يتحقق وتنال فرصتها بعد صبر طويل.

“أنت مش بتبعتلي ليه ابعتلي أي حاجة بقى أنا على أعصابي….ابعتله أنا طيب أساله عشان يعرف أني مهتمة ومش مطنشة…”

أخبرت نفسها تلك الكلمات وسريعًا ما رفضت تنفيذ تلك الفكرة السيئة، قائلة:

“لا مينفعش ابعتلو أنا هيقول عليا مدلوقة… أنا هستنى وأمري لله..مش هفقد الأمل و……..

أصدر هاتفها صوت أخيرًا، فالتقطته على الفور وعلى سبيل الصدمة وجدته هو من يراسلها وبعث لها رسالة كان هذا محتواها.

” آنسـة إحسان، مبروك الاختيار وقع عليكِ، هبعتلك اللوكيشن اللي هتيجي عليه وهستناكِ بكرة الساعة عشرة الصبح عشان نلحق نبدأ وأفهمك اللي هيحصل وكل حاجة….. ”

كادت تخرج صرخة فرح من فمها…

تحمست.. وفرحت… فرحة لم تراها أو تعايشها من قبل.. كما أن قلبها رفرف…

مرسلة بأنامل ترتجف من فرط السعادة وعدم التصديق لما يحدث معها:

“حاضـر.. عينيا مش هتأخر وهبقى موجودة في الميعاد وقبله كمان لو عايز..”

____________________________

-ريــاض…يا ريــاض..أنتِ يا زفتة فينك مش سمعاني بنــادي!! ولا الحلوة وقعة على ودنها!!!

استجابت روضة لنداء والداها ومناداته عليها من غرفته باسمها الحقيقي التي تكرهه وبصوت عالي وصل لجميع شقيقاتها ليست هي فقط.

ردت عليه أثناء خروجها من غرفتها بصوت عالي كي يصل إليه.

-نعـــم…..جاية حاضر.

اندهشت ضياء وكذلك جهاد من ندائه لها وتحولت دهشتهم تلك إلى قلق كبير بعد رؤيتهم غلقه للباب بعد دخولها لـه.

محملقين في الباب كل واحدة منهما تتساءل عن سبب استدعائه لها.

لاحظت ضياء وجود جهاد ومتابعتها لما يحدث مما جعلها تقترب منها، معبرة عن قلقها:

-هو في إيـه وقفل الباب ليه.

ردت جهاد بأعين قد ضاقت تحاول التفكير فيما يكمن في حجر والدها:

-مش عارفة بس أنا مش مرتاحة الموضوع مقلق أوي.

-ولا أنـا مرتاحة ربنا يستر.

داخـل غرفته، جلس هو على طرف الفراش تاركًا إياها واقفة حتى لم يقترح عليها الجلوس.

طالعها بنظرات صامتة في بادئ الأمر ثم وبدون مقدمات قال دفعة واحدة:

-في عريس متقدملك وطالب القرب، وأنا الواد عجبني و وافقت عليه وهيجي تالت يوم العيد عشان أخوه دلوقتي مسافر وهينزل أجازة آخر كام يوم في رمضان ومينفعش ولا يصح يجي من غير أخوه.

تلقت صدمة تقدم أحدهما لها… وقبل استيعابها للصدمة الأولى وتخطيها ألقى عليها الصدمة الثانية يخبرها بموافقته السريعة عليه حتى دون الرجوع إليها وسؤالها عما تريد وترغب.

لملمت شتات نفسها سريعًا متحدثه معه باستنكار شديد:

-مينفعش ولا يصح يجي من غير أخوه، بس يصح أنك توافق وتحدد معاه ميعاد يجي فيه من غير ما ترجعلي وتشوف أنا موافقة ولا لا!!!! أنت بتقول إيـه وعريس إيـه!! أنا مش موافقة طبعًا

هب شكري من جلسته يجيبها بقوة وعنف:

-وأنا مطلبتش رأيك أنا ببلغك مش باخد وادي معاكِ في الكلام، أنا هنا اللي بقرر مش أنتِ وأنا اديت كلمة للراجل وخلاص هيجي تالت يوم في العيد عشان يتقدم، موافقتك من عدمها ملهاش أي تلاتين لازمة عشان القرار الأول والأخير ليا أنا.

شعرت بأن حياتها على حافة الهاوية مما دفعها للحديث والدفاع عن نفسها وحقها في اختيار شريك حياتها ومن ستكمل معه ما يتبقى من عُمرها:

-لا مش ليك مش أنت اللي هتجوز أنا اللي هتجوز، وأنا بقول لا من دلوقتي أنا مش هتجوز ولا هرتبط بشخص معرفوش ومعرفش أخلاقه وشخصيته عاملة إزاي عشان أرضيك، طب افرض أنا وافقتك وطلع ابن ستين في سبعين هتفيدني في إيـه وقتها!!!…. لا يا بابا مش موافقة ومش هتجوزه لو إيه اللي حصل.

جاء بخصلاتها ممسكًا إياها من خلالها راغبًا في إيلامها..ونجح في هذا مطلقة صرخة عالية وصلت لكلا من جهاد وضياء اللتان كانا يقفان على مقربة من الباب لشعورهما بأن شيء ما سيحدث وها هو قد صدق حدسهما.

سارعت جهاد باقتحام الغرفة هى وضياء مخلصين ومحررين لخصلاتها من قبضته التي كانت تأبى تركها ولسانه لا يتوقف عن سبها ولعنها.

نفد صبر جهاد وسألت بعدم فهم وصوت عالي كي يقف ما يحدث:

-طب في إيـه عملت إيـه هي!!

ردت روضة نيابة عنه، تخبرهم بما أخبرها به بانفعال وعدم تصديق:

-جايبلي عريس وموافق عليه مش مستنى مني موافقة وأنا قسمًا عظمًا ما هوافق ومش هيحصل ولو على جثتي.

ختمت حديثها مفارقة الغرفة.

حاول اللحاق بها فتصدت لـه جهاد وضياء التي هتفت تحاول تهدأته:

-خلاص بقى سيبها.

لاحقتها جهاد في الحديث متحدثة بانفعال بسيط:

-هو إيـه اللي جايبلها عريس وموافق عليه هو ده كـلام!!! مش المفروض تشوفها الأول موافقة ولا لا.

-آه كـلام وهيجي يعني هيجي تالت يوم العيد وهنقرأ فاتحة ويا أنا يا بنت الكلب دي.

__________________________

مر يوم بعد يوم، لم يبدل شكري رأيه أو يلغي خلالهم موعد ذلك الشاب الذي يرغب في التقدم لطلب روضة رسميـًا.

و روضة تبكي من حين لآخر لا تريد أن تكن من نصيب رجل آخر… تحب أحمد ولن تستطع حب غيره…تتمناه ولن تتمنى غيره…

تتشاجر مع شكري رافضة مجيئه.

متمسكة بقرارها لا تبدله أو تتراجع عنه رغم كل شيء.

تتحمل إهاناته لـه وتطاوله عليها بيده.

ممنونة لشقيقاتها اللواتي يدافعون عنها باستماته دون ملل أو كلل وتركها لنيل نصيبها من الغضب وثوران شكري المتمسك هو الآخر بذلك الشاب.

مر الكثير ولم يتبقى سوى القليل..فاليوم هو “الوقفـة” وغدًا أول أيام العيد..أي بدأ العد التنازلي لقدوم الشاب.

تحبس روضة نفسها داخل غرفتها تشجع نفسها بأنه لن يحدث شيء.. لن تجبر على فعل ما لا ترغب أبدًا.

وجهاد تراقب حالتها ويتمزق قلبها لأجلها وعلى حالها..تدرك حبها الكبير لـ أحمد وهو لا يغيب عن بالها اهتمامه السابق بها.

ابتلعت ريقها وانسحبت من غرفة ضياء و روضة والجة غرفتها تفكر فيما عليها فعله لمساعدتها.

وقع بصرها على هاتفها المتواجد أعلى الفراش.

ظلت ترمقه بنظرات حائرة..ثواني فقط وكانت تتقدم من الفراش وتلتقط الهاتف بين يدها.

أخذت نفسًا طويلًا ثم جاءت برقمه حاسمة قرارها.

قامت بالاتصال على أحمد وترقبت رده عليها على أحر من الجمر….

أعلن هاتف أحمد الجالس رفقة صابـر.. آسـر.. قُصي..بحجرة آسـر… يثرثر بمرح مع آسـر وقُصي بينما صابـر كان يتابع حديثهم بصمت وشرود بسيط..

تحولت الأنظار نحو هاتفه صاحب الصوت العالي والذي تركه أحمد باهمال فوق التسريحة.

نهض أحمد من جلسته كي يأتي ويجيب على المتصل لكن سبقه قُصي نحوه ممسك بـه قبله ينظر بشاشته يرى هوية المتصل.

وما أن قرأ اسمها حتى ارتفع حاجبيه متمتم بدهشة:

-جهــاد!! أنت مصاحبها من ورانا ولا إيه!! شكلك غفلتنا وعامل فيها Good boy وأنت أساسًا Bad boy.

ثبت صابـر بصره على قُصي والعديد من التساؤلات ترتسم على وجهه.

بينما انتشل أحمد الهاتف من يده وهو يجيب على اتهامه:

-لا يا حبيبي أنا جود بوي غصب عنك وعيب أوي لما تكلم عن البنت بالطريقة دي..وبعدين هي مش بتتصل بيا..ومدام عملتها يبقى في حاجة..أنا خارج أرد عليها وسايبلكم الأوضة تشبعوا بيها.

فارق الغرفة مجيبًا على اتصالها سريعًا:

-السلام عليكم ورحمة الله وبركاته يا أخت جهاد كيف حالك…كل سنة وأنتِ طيبة.

ردت على الفور قائلة دون مقدمات، مقنعة لذاتها أن أحمد يختلف كليًا عن صابـر، لا يوجد أوجه شبه بينهم، وأنه من المؤكد سيحافظ على حبه وينقذ روضة من تلك الورطة:

-أحمد، بابا جايب لروضة عريس ومصمم عليه وجاي تالت يوم العيد هو وأهله عشان يقرأوا الفاتحة وروضة مش موافقة ومن يوم ما عرفت وهي في خناق ومشاكل مع بابا بس هو مصمم وراكب دماغه، أنا مش جاية بكرة افتتاح الكافية عشان كدة قولت أكلمك على الموبايل ولو هتعمل حاجة تلحق تعملها….اتصرف يا أحمد، لو بتحبها بجد أتصرف ومضيعهاش من أيــدك……..

««يتبع»»……

فاطمة محمد.

تفاعل حلو بقى وهستنى رأيكم في الفصل وبتمنى يكون عجبكم🫂🩷

الفصل التالي: اضغط هنا

يتبع.. (رواية الحب كما ينبغي) اضغط على اسم الرواية لتجد الفهرس كاملاً بجميع الفصول.

أضف تعليق