رواية الحب كما ينبغي الفصل السابع والأربعون 47 – بقلم فاطمة محمد

رواية الحب كما ينبغي – الفصل السابع والأربعون

الفصل السابع والأربعون

الفصل السابع والأربعون

عاملين إيه وحشتوني خالص🩷

الفصل طويل وفي أحداث لطيفة وحلوة وأتمنى تعجبكم ومتنسوش الڤوت، عايزة أشوف تفاعل حلو منكم. 🫶🏻

__________________________

الحب كما ينبغي.

فاطمة محمد.

الفصل السابع والأربعون:

-آه يا عيني عليكِ يا زهـر، يا اللي جوزك نسيكي ومجابلكيش حتى ميدالية على شكل فانوس، الله يرحم أيام ما قبل الجواز كنت القيه جايبلي فانوس و ورود، بس نقول إيـه بقى أنتوا كدة لما بطولوا الحاجة وتضمنوها بتتنمردوا عليها، صحيح ملكوش آمان بربع جنيه، بس ماشي…

هتفت زهـر كلماتها وهي تقف بالمطبخ أمام الرخامة تقوم بإعداد عصير لها تفكر في معاقبته وتجنبه تمامًا بعد ما حدث اليوم في نظرها بدءًا من نسيانـه لها وعدم جلبه فانوس و ورود لها، كما أنه منعها من تناول وجبة الأسماك المملحة والمخللة وطلب لها طعام آخر من الخارج.

لم تتوقف أو تكتفي بهذا القدر من الصياح والكلمات بل تابعت مضيفة بعد تذكرها لأمر تلك الوجبة مستغلة ومنتهزة غيابه عن المنزل و خروجه للتجمع مع بعض من أصدقائه، متحدثة بعتاب وصوت عالي وبطريقة درامية بحتة، وكأنه يقف أمامها وينصت لكل هذا:

-ده أنت يا شيخ مش مكفيك حتى أنك نسيت تجبلي فانوس زي صابـر ما جبلي، لا كمان مخلتنيش أكل من الفسيخ والرنجة، خلاص بقى ده أنا جبت آخرى خلاص، ده أنا استحملت كتير، مستحملة وصابرة وساكتة، بس خلاص كل بني آدم وليه طاقة وأنا طاقتي خلصت.

هل توقفت تلك المرة بعد إنتهائها؟

الأجابة ستكون لا، فقط ابتلعت ريقها ثم زفرت وهي تقوم بسكب العصير في الكأس الزجاجي، قائلة من جديد بذات الطريقة بعد تذكرها لأمر نزوله للسهر رفقة أصدقائه:

-ده أنت حتى محستش بغلطك وتقصيرك في حقي وروحت نازل تسهر مع صحابك بكل برود، وبعدين إيـه صحابك اللي ظهروا فجأة دول وكلموك فجأة عشان تنزلهم فجأة آه يا خوفي يكونوا عرر زي اللي ما يتسمى ياسين، ماشي يا وسـام، ماشي، أنا هوريك، مبقاش زهـر بنت ثراء وجابـر على سنح ورمح لو..

-لو إيـه بقى أحب اسمع وأعرف هتعملي إيـه فيا يا فنانة؟

تدخل في حديثها الأخير مع نفسها، متسببًا في جعلها تنتفض وتطلق صرخة خافتة بعد أن نما إليها صوته ملتفته بجسدها توليه أنظارها بدلًا من ظهرها الذي جعلها لا تنتبه لمجيئه و وقوفه خلفها منصتًا لكامل حديثها وتذمرها الطفولي البحت.

ابتلعت ريقها وصدرها يعلو ويهبط من فرط الخوف والفزع، واضعة يدها أعلاه محاولة تنظيم أنفاسها الغير منتظمة بالمرة.

-في حد يخض حد كدة؟ مش تعمل صوت ولا حس ولا حتى نفس، حرام عليك يا وسـام خضتني بجد، ده أنت لو متسلط عليا مش هتخضني الخضة دي.

ارتفع حاجبي وسـام وقال معقبًا على حديثها ساخرًا مما سمعه قبل ثواني فقط:

-وأنا لو قتلك قتيل أو حتى واكل ورثك مش هتكلمي عني كدة، ده أنتِ حسستيني أني جوز ظالم وموريكي النجوم في عز الضهر وبصبحك بعلقة وبمسيكي بعلقة، ده أنا شوية وكنت هقتنع أني جاي عليكِ بجد وبعاملك وحش وأنتِ يا حرام جبتي آخرك ومبقتيش مستحملة.

نطقت مبررة مدافعة عن نفسها متمسكة بموقفها وغضبها منه:

-أنت مش محتاج تعمل كل ده، أنت كفاية أنك نسيتني مفتكرتنيش بميدالية حتى، الله يرحم زمان وأيام زمان، تحب افكرك كنت بتعمل إيـه معايا وعشاني؟

فتح فمه على مشارف الحديث ولكن تلاشت كلماته فور مقاطعتها لـه، واضعة سبابتها أمام وجهها تخبره بتحذير:

-ولا كلمة ولا حرف، متقولش حاجة خلاص مش عايزة أسمع، تصبح على خير يا وسـام ولا أقولك مفيش تصبح على خير كمان هحرمك منها، وادي العصير كمان مش هشربه، إن شاء الله عنى ما شربته.

ضاقت عيونه وهو يتابع أفعالها الغريبة وعصبيتها الزائدة المنعكسة على حركة جسدها وطريقة سيرها أثناء مفارقتها المطبخ.

وبالفعل التزم بالصمت، لم ينطق بحرف قد يزيد من الأمر سوءًا خاصة أنها كانت في أوج حالتها غضبًا وسخطًا.

رغم سكونه وعدم تحدثه بعد حديثها الأخير، إلا أنه خرج خلفها.

سار بضعة خطوات ثم توقف وهو يراها قد تجمدت مكانها بعد أن أبصرت خلال ذهابها ما يتواجد على طاولة السفرة من صندوق مكشوف يحوي على فانوس ودمية و ورود حمراء، تواجد بين الواحدة والأخرى واحدة من الشيكولاتة.

سيطرت عليها الصدمة للحظات، ثم سرعان ما أقتربت من ذلك الصندوق بعد أن تبخر غضبها وثورانها بلحظة، تمسك بـه وتحتضنه كطفلة صغيرة تتفحص محتواياه وما بـه ببسمة مشرقة غزت شفتاها ولسان ردد كلمات بسيطة:

-الله، ده حلو أوي.

قامت بتقريب الورود من أنفها تستنشق عبيرها وهي مغمضة العيون.

اقترب وسـام منها وانتشل منها الصندوق بخفة قاطعًا تلك اللحظة الرائعة عليها:

-لا معلش عن إذنك.

تبخرت بسمتها قائلة بأعين لا تفارق الصندوق:

-عن أذني إيـه، هو مش البوكس ده ليا؟

-هو أنتِ فعلًا محتاجة تاخدي بوكس بس مش ده البوكس اللي المفروض تاخديه، أنتِ لازمك بوكس من نوع تاني على كل الهري اللي قولتيه ده.

تفهمت سخطه مما حدث على مرآى ومسمع منه، فهتفت بهدوء ودلال محاولة تلطيف الأجواء المشحونة الآن:

-يا سيدي أي حاجة منك حلوة، وعشان تبقى عارف أنا كنت متأكدة أنك مش هتنساني، وأن وسـام اللي حبيته هو هو متغيرش ولا حبه ليا قل.

-يا شيخة!!!!

هزت رأسها بإيجاب هاتفه ببراءة:

-آه طبعًا، مش مصدقني ولا إيـه، هو أنا هكدب عليك.

-لا إزاي صادقة طبعًا ومصدقك خالص مصدقك جدًا، هو أنتِ وش كدب.

كادت تتحدث وهي تنوي انتشال الصندوق منه لكنه سبقها بفعلته وهو يمد يده لها الحاملة للصندوق متمتم بسخرية واضحة:

-بقى أنا نازل من نفسي عشان أفرحك أقوم ارجع الاقيكي بتندبي كدة ولا كأن ميتلك ميت.. أنا من أمتى أصلًا يا زهـر يا أم عقل كبير يوزن بلد بحالها بسيبك وأنزل اسهر ولا اقعد مع ناس صحابي؟ ما لو تشغلي عقلك ده شوية.

لاح الخجل على وجهها وعلى الفور قالت وهي تحدق بـه بعيونها لا تبعدها عنه:

-خلاص متزعلش حقك عليا، أنا عبيطة وهبلة، وبعدين أنا بحبك وأنت عارف أني بحبك صح؟

رفع عيونه يبصرها فرمشت عدة مرات متتالية وبشكل سريع كي تجعله يغفر لها كل تلك الترهات التي نطقت بها في حقه والتي كانت غير صحيحة.

ترقبت رده فظل كما هو، فقط يحدث بينهما تواصل بصري.

لم يعد بإمكانه تحمل تلك النظرات وسريعًا ما تناسى ما فعلته ومال برأسه للأمام قليلًا، يخبرها بنبرة زيف ضيقها:

-لو عايزة تصالحيني بوسيني اتفضلي.

-بس كدة؟؟ ده أحنا عنينا.

استجابت لرغبته وتركت الصندوق من يدها ثم طبعت قبلة شغوفة على وجنتيه لاحقتها باحتضانه ولسانها يعتذر لـه عما بدر منها في حقه.

فكان رده على فعلتها هو محاصرتها وضمها لـه، فقد أتخذ قرارًا مسبقًا وحتى الآن يعمل بـه وهذا القرار كان ألا يسمح بالمشاكل والخناق أن تدخل بينهم وتطول.

يدرك جيدًا بأن كل أثنان من الطبيعي أن تحدث مشاكل طفيفة وربما كبيرة بينهم، فالحياة ليست وردية دائمًا كما أنها ليست سوداء دائمًا، ولكن هذا ليس مهمًا على الإطلاق.

وما يهم حقًا هو طريقة حل تلك المشاكل واحتواء الطرف الآخر والعمل على إخماد ثورته، فأذا كانت هي شعلة من النار فعليه أن يكون هو قطرات من الماء كي يطفئ نيرانها ويخمدها تمامًا والعكس صحيح.

___________________________

مرت الأيام الباقية والفاصلة عن شهر رمضان وهو شهر الصوم العزيز والحبيب والركن الرابع من أركان الإسلام الخمس والذي لا يأتي إلا مرة واحدة في السنة ويستقبله الجميع بكل حب وإشتياق بعد طول غياب وإنتظار على أحر من الجمر.

حيث نمتنع فيه عن الطعام والشراب وأي محظورات قد تبطل الصيام والذي يبدأ مع آذان الفجر وينتهي عند آذان المغرب.

وبالتأكيد لا يخلو من العزومات العائلية لذلك قام وسام و زهـر بالذهاب لمنزل عائلته وتلبيه دعوة والده خالد في تناول وجبة الإفطار معًا ولم تمانع زهـر بل رحبت كثيرًا بالذهاب.

كما دعى شكري كل من يوسف ومحمد كي يأتيان ويقضيان هذا اليوم معًا، وتجنبًا لأي رفض من جهتهم تحجج بـ إسلام وبـرق وبأنهما سيسعدان ويرغبان في قضاء اليوم الأول من رمضان مع شقيقاتهم مثل كل عام.

وبالنهاية رضخ الاثنان لمطلبه وذهبا كل واحد منهما رفقة زوجته حاملين معهم بعض الهدايا للفتيات والكثير من الحلويات كـ الكنافة بالمانجو والقطايف المحشو بالكريمة.

وعند تسليط الضوء على منزل سلطان المزين من الخارج والداخل بزينة رمضان الذي تولى الشباب أمر تعليقها، نجدهم يجلسون حول المائدة العامرة بالأصناف المختلفة والذي يعدها الكثير من المصريين باليوم الأول مثل (المحاشي بكافة أنواعها، بط، ملوخية، معكرونة بالبشاميل والكثير والكثير…)

كما تواجد أمام كل فرد صحن صغير يحوي على عدد فردي من حبات التمر.

وبنهاية الطاولة تواجد زجاجات عصائر مثل العرقسوس، السوبيا، والتمر الهندي.

انطلق مدفع الإفطار، ودوى صوت آذان المغرب عاليًا في الأرجاء.

وبدأت حركة شفاه الجميع بين مرددين خلفه وداعين لربهم بكل ما يرغبون ويحلمون بـه.

وكان آسـر خير مثالًا على ذلك فرغم ما حدث معه و شعوره بل يقينه مسبقًا بأنها ليست لـه وأن طرقهم لن تتلاقى أبدًا ولن يكون لهم فرصة سويًا، إلا أنـه وجد نفسه من كل قلبه لا يطلب أو يتمنى سواها من الله عز وجل حتى بعد ما فعلته بـه من جراح لم تشفى حتى الآن وكأنها لم تفعل شيء ولم تحطم فؤاده العاشق لها.

فاليوم وأثناء صيامه بدأ في قراءة القرآن الكريم راغبًا وطامحًا في ختمه خلال هذا الشهر.

وخلال قراءته لسورة البقرة أوقفته الآية رقم  186، والتي جعلت قلبه يخفق بقوة وشعر بإحساس لم يستطع وصفه، فكانت الآية تقول:

بسم الله الرحمن الرحيم.

﴿وإذا سألك عبادي عني فإني قريب أجيب دعوة الداع إذا دعانِ فليستجيبوا لي وليؤمنوا بي لعلهم يرشدون﴾

صدق الله العظيم.

عقب إنتهائه من الدعاء، مد يده والتقط حبة من التمر ثم تناولها، وعقله لا يكف عن التفكير بها، مخبرًا نفسه بأنه لن يتوقف عن الدعاء وطلبها من الله عز وجل وفي ذات الوقت لن يتعرض لها من جديد أو يفعل أي جنون أو تهور وبالنهاية إذا كان لـه نصيب بها لن يستطع أحد تفريقهم وسيجتمعون لا محال.

متى وكيف لا يعلم ولكن ما يعلمه أنه لن يتراجع وسيلح في دعائه كي يجمعه الله بها في القريب العاجل بأذن الله.

كذلك انهمك الجميع بتناول حبات التمر والإفطار، انتهى أحمد أولًا من تناول الحبات ثم رفع يده مشيرًا بسبابته تجاه صحن يحوي على ورق عنب يتواجد أمام عمه نضال متحدث بشهية كبيرة:

-عمي هل يمكنك أن تمرر لي صحن ورق العنب؟

منحه نضال بسمة وهو يومأ بموافقة وينتشل الصحن من محله يمنحه له:

-بس كدة اتفضل يا سيدي، اديني بقى حتة من البطاية اللي قدامك دي.

بعد أخذ أحمد للصحن من بين يد نضال نظر صوب “البطة” والتي كانت شهية للغاية وتدعوه لالتهامها.

ابتلع ريقه ثم هتف برفض يهز برأسه مبديًا اعتراضه:

-لا عذرًا دي بطتي أنا وصابـر، وبطتك أنت قدامك أنت وديدا، ملكش دعوة ببطتي إذا سمحت كل واحد يخليه في بطته، ما تقولي حاجة يا ديدا وشوفي جوزك اللي عينه من بطتي أنا وصابـر ده.

وافقته داليدا، قائلة لزوجها تحاول جاهدة كبت ضحكاتها:

-خلاص يا نضال ما أنت قدامك أهو سيبه ياكل بطته وخليك في بطتك.

-بطته إيـه وبطتي إيـه يا داليدا، ما هو كان قدامه طبق ورق العنب وبص في طبقي وادتهوله، جت على البطة ما هي هي.

اعترض أحمد صائحًا:

-لا لا مسمحلكش، أنت هتجيب ورق العنب زي البطة؟! لو أنت مقتنع وشايفها مقارنة عادلة فـ أنا لا، ورق العنب ده تسليك زور بس البطة دي……

ابتلع ريقه من جديد، ولم يجد كلمات تعبر عن مشاعره وحبه تجاه البطة المتواجدة أمامه، فقال بلامبالاة:

-ولا أقولك بعدين سبني أكل دلوقتي وكُل أنت كمان ولا أنت مكنتش صايم، أوعى تكون بتفطر رمضان والله أسيب عليك جدي سلطان على سنح ورمح ولا إيـه يا جدي.

رمقه سلطان بنظرات مشتعلة أثناء إفطاره وقبل أن يفتح فمه، ربتت دلال على يده تهدأ من روعه تخبره بهمس:

-معلش معلش متردش عليه ده عبيط ولا هو جديد عليك يا سلطان يعني، يلا كُل متسألش فيه.

لحظات وانتبه جابـر لصابـر والذي كان مقارنة مع أحمد الجالس بجواره لا يأكل شيء.

خرج صوته يستفسر منه:

-مبتأكلش ليه يا صابـر!

نفى صابـر حديث والده وقال وهو يلتقط أصبع واحدًا من محشي الكوسة:

-فين ده ما أنا بأكل أهو يا بابا.

توقف أحمد عن مضغ ما بفمه مصوبًا حديثه لصابـر مؤيدًا ومؤكدًا لما نطق بـه جابـر:

-فين ده اللي بتأكل أهو؟؟ فالطعام أمامك لا ينقص بالمرة؟ هل ترانا فاقدين للبصر كي لا ندرك حقيقتك أيها المخادع المحتال، يلا كُل عدل بدل ما أدب صوابعي في عينك أخزقهم وأخليك مش نافع كُل ياض متبصليش كدة.

ترقب الجميع رد فعل صابـر الغاضب الثائر على حديث أحمد والذي تجرأ عليه بشدة ولكن جاء رد فعله مخالفًا لتوقعاتهم، قائلًا بهدوء شديد ظنوه ما يسبق العاصفة:

-ماشي هأكل عدل حاضر، كُل أنت كمان أنت صايم وهفتان ومش بتأكل حلو، كُل يلا متبصليش بدل ما أخزقلك عينك أنا.

كلماته الأخيرة كان يتغللها المرح الكبير، مما جعل ظنونهم تخيب و تضرب بعرض الحائط.

مال جابـر على أذن زوجته يهمس لها:

-صابـر بقى مريب، وأنه يسمع كلام أحمد وميمسكش فيه ده اللي مريب أكتر من صابـر ذات نفسه.

همست لـه هي الأخرى وعيونها لا تفارق ابنائها سعيدة بتطور علاقتهم وتحسنها بالفترة الأخيرة بدرجة كبيرة.

فلم يعد الاثنان يتعاملان مثل القط والفأر معًا بل بات هناك تفاهم ولغة حوار بينهم تثير دهشة من حولهم.

-واخدة بالي، صابـر متغير مع أحمد من ساعة حادثة أحمد، يعني بجد عسى أن تكرهوا شيئًا وهو خير لكم، ربنا يخليهم لبعض يارب ويفضلوا كدة طول العُمر.

ابتسم جابـر لها بسمة عريضة قائلًا براحة ملئت صدره:

-آمين يـارب، كتري من دعواتك ليهم بقى هما و زهـر أحنا في أيام مفترجة.

-بدعيلهم وبدعيلك وبدعي للشباب كلهم يا جابـر مش مستنياك تقولي أنا مش بنساهم أحنا ملناش غيرهم.

وقبل أن يأتي أي تعقيب أخر وجديد من جابـر، نما صوت سلطان الحاسم إلى الجميع يخبرهم بتلك الكلمات البسيطة في نظره ونظر آخرين كان لها تأثير كبير خاصة على قلوبهم:

-صحيح أنا إن شاء الله بعد الفطار هكلم شكري اعزمه هو والبنات يجو يفطروا معانا يوم وأكيد يوسف ومحمد ومراتتهم معاهم، وكمان هكلم خالد يجي هو وأبرار وقُصي وزهـر و وسـام طبعًا…..

_________________________

في ذات الوقت داخل منزل شكري، حيث تجمع الجميع حول السفرة، حيث ترأس شكري رأس الطاولة، وعلى يمينه جلس محمد وبجواره إسلام التي جاورتها جهاد، روضة وضياء، أما عن يساره فجلس يوسف وبجواره بـرق وبجانبها كل من إحسان، عصمت، رضا.

لا يتوقف شكري عن أخذ الطعام و وضعه أمام يوسف ومحمد وملئ صحونهم، لا يبالي أو يهتم كي يفعل المثل مع بناته.

هتف يوسف وهو يرمق صحنه المملوء ويد شكري التي لا تزال تضع بـه الكثير:

-خلاص يا عمي كفاية أنـا مش هقدر أكل كل ده، أنا مش بتقل في الفطار.

اتسعت عين شكري وصاح يعترض:

-كفاية إزاي يعني!! والله ما يحصل طبقك ده يتمسح مش عايز أشوف فيه أي أكل عايز أشوفه فاضي، وأنت يا محمد كُل أنتوا مش غرب متكسفوش.

رد عليه محمد وهو يختطف نظرة بجانب عينه تجاه إسلام:

-بأكل أهو يا عمي تسلم أيدكم، الأكل طعمه جميل، تسلم أيدكم يا بنات.

ردت عليه جهاد والتي أعدت كل تلك الأصناف التي تفضلها كل من بـرق وإسلام وباقي شقيقاتها:

-ألف هنا يا جوز أختي مطرح ما يسري يمري.

فور إنتهائها من الرد عليه حتى استدارت برأسها ترمق إسلام بتفحص وما أن أنهت تفحصها ذلك حتى مالت صوب أذنيها كي تهمس لها بما لا يسمعه أو يصل لغيرها:

-إيـه الحلاوة دي يا بت مكنتش أعرف أن الجواز بيحلي أوي كدة.

لاح الخجل الطفيف على وجه إسلام، ولكنها لم تصمت بل أجابتها بذات الطريقة الهامسة للغاية مضيفة لها بعضًا من الوقاحة:

-لا وأنتِ الصادقة مش الجواز اللي بيحلي، الراجل اللي معاكِ هو اللي قادر يحليكي وهو برضو اللي قادر يطفيكي، عشان كدة لازم الواحدة تعرف تختار صح وتاخد الراجل اللي يقدرها ويخلي وشها تنور ميطفيهاش، وأنا الحمدلله محمد راجل والرجال قليلون.

ابتسمت لها جهاد سعيدة لها وبسعادتها الواضحة عليها.

أخذت نفسًا عميقًا وهي تحول بصرها تلك المرة نحو بـرق لتجد البسمة تغزو شفتيها كما لم يحدث من قبل، مراقبة ما يفعله يوسف من أجلها من أهتمام شديد بها.

زفرت أنفاسها وهي تدعي بداخلها بأن تدوم تلك السعادة ويظل السرور والبهجة ملازمين لهما طوال العُمر.

بعد مرور نصف ساعة تقريبًا انهى الجميع خلالها طعامهم وتوضأ الشباب وصلوا برفقة شكري اللذان اقترحا عليه الصلاة معًا وبالطبع لم يرفض لهما طلبًا فلو كان الأمر متروكًا لـه لم يكن سيصلي من الأساس.

كذلك انهت جهاد الصحون والأواني سريعًا رافضة أن تقوم أي من بـرق وإسلام بغسلهم وتولت هي أمر تلك المهمة وأثناء فعلها توضأت الفتيات وصلت كل منهم صلاة المغرب وعقب إنتهاء جهاد هي الأخرى أدت صلاتها.

بعدها جلسوا معًا في حجرة الصالون وجاءت روضة وضياء حاملين صحون تحوي على القطايف والكنافة، ولم تخلو جلستهم من مزح الفتيات وحديث شكري مع يوسف ومحمد حول المقهى يخبرهم بأنه سيذهب اليوم كي يراقب العاملين بـه كي لا يتكاسلوا ويتبطأوا في الإنتهاء من تجهيز وأعداد المقهى الذي كان مقهى بالأساس وقام محمد بشرائه من صاحبه الذي عرضه للبيع ولكنهم قررا تجديدة وتغييره كليـًا.

قطع الحديث الدائر بينهم رنين هاتف شكري الذي على صوته وكان موضوعًا على الطاولة أمامهم.

سارع بالتقاط الهاتف وقرأ اسم المتصل لتتسع بسمته وهو يحدق بالشباب يخبرهم:

-ده جدكم سلطان والله ابن حلال كنت عايز اكلمه.

تبادل يوسف ومحمد النظرات المستفسرة عن سبب اتصال سلطان.

أجاب شكري عليه مغمغم بحفاوة:

-ابن حلال والله، كل سنة وأنت طيب.

رد عليه سلطان بنبرة يغمرها الهدوء:

-وأنت طيب يا شكري، وكل سنة وأنت طيب والبنات طيبين سلملي عليهم.

-يوصل إن شاء الله وأنت كمان وصل سلاماتي لكل اللي عندك….

بعد الإنتهاء من تلك الأحاديث التقليدية المعتادة بمثل تلك المواقف، هتف سلطان بترقب لرده:

-كنت حابب أعزمك أنت والبنات تيجوا تفطروا معانا يوم ومحمد ويوسف كمان هيبقوا موجودين.

ثبت شكري بصره على يوسف ومحمد ثم أخبره ببسمة قد ازادات اتساعًا:

-أكيد إن شاء الله مقدرش أقولك لا يا أبو أشرف.

-خلاص مستنينك بعد بكرة ده لو فاضيين.

-أنا في جميع الأحوال مشغول الفترة دي أكيد محمد قالك على الكافيه اللي خدناه وهنفتتحه في العيد، فخلاص حاضر هنجيلكم بعد بكرة نفطر مع بعض.

أكد سلطان معرفتة بالأمر، قائلًا:

-ايوة عندي خبر، في انتظاركم إن شاء الله………. ياض يا بن الكلب فزعتني..لم نفسك بقى بدل ما أقوملك.

ضاقت عين شكري دهشة ولاح عدم الفهم على وجهه من كلمات سلطان الأخيرة ولما نما إلى سمعه من صوت عالي يحفظه عن ظهر قلب بفضل أطفال منطقته سبق حديث سلطان.

تلاشى جهله بما يحدث عندما تنحنح سلطان وهتف معتذرًا:

-معلش يا شكري، أحمد رمى جمبى صاروخ فزعنى، المهم هنستناكم بعد بكرة.

مع ختمه لحديثه كرر أحمد فعلته من جديد يمزح مع جده الذي أنهى المكالمة سريعًا مع شكري قائلًا:

-طيب معلش يا شكري هقفل دلوقتي عشان أشوف الواد ده.

وبالفعل بعد تركه للهاتف و وضعه جانبًا، قال وهو يهب من محله:

-لا ده أنا قايملك بقى.

اتسعت بسمة أحمد مع اتساع عيونه وهو يردد بصوت عالي راكضًا بعيدًا عن سلطان:

-خلاص خلاص لن أفعلها معك مجددًا، أقسم لك، اتركني بقى إذا سمحت أنا عندي مشاكل ومشاغل بالكوم.

استنكر سلطان كلماته وصاح بصوت عالي:

-لن تفعلها معي أنا بس يعني!! فكرك أنا مستغني عن عيالي ما تعقل بقى ياواد هو أنت صغير مش كبرت على الكلام ده….لا بقى هو في إيـه.

أثناء حديث سلطان مع أحمد انتفض جسده بفضل ما قذف بجوار قدميه متسببًا في انتفاضه جسده، مما أثار غضب سلطان وجعله يتساءل عن هوية الفاعل إذا كان أحمد يقف على مسافة قريبة منه ولم يفعل شيء.

استدار برأسه بحثـًا عن الفاعل تزامنًا مع رفع أحمد لسبابته مشيرًا نحو جابـر:

-أهو بابا حدف عليك هو كمان أهو، فكيف لكم أن تلومون الابن وتعاتبوه أشد عتاب في لعبه ومزحه معكم وتتغاضوا عن أفعال الأب وتتركنوه هكذا، ولا هي كوسة بقى والله شكلها كوسة.

تحرك سلطان من مكانه مجددًا مقتربًا من جابر لا يدري على من يلاحق سواء هو أو ابنه والذي يشبه بدرجة كبيرة في كل شيء.

-متخافش يا جابـر تعالى أقولك.

-اديك الآمان يعني، مفيناش من الغدر صح؟

اومأ سلطان رأسه بإيجاب يؤكد لـه فاقترب منه جابـر بكل ثقه يمنحه الآمان كما قال مخبرًا نفسه بأن والده لن يكذب في رمضان:

-نعم أبي سلطان على سنح ورمح أمرني، كلي آذان صاغية إليك.

مسك بـه والده من تلابيبه يهزه بعنف وهو يردد بنفاذ صبر وسخط من أفعالهم:

-أعمل فيك إيـه أنت وابنك ها، اعمل فيكم إيـه!!! هو أنا هلاقيها منه ولا منك، ده بدل ما تعقله رايح تعمل زيـه!!!

لاح الاستهجان على قسمات جابـر والتقط بصره ابنه الذي استغل انشغال سلطان بجابـر وتسلل إلى الأعلى لغرفته كاللصوص، مجيبًا على والده:

-إيـه رايح تعمل زيـه دي اللي يسمعك يفتكر أننا بنعمل حاجة استغفر الله يعني، ده أحنا بنلعب، كل سنة وأنت طيب يا أبي، عقبال كل سنة كدة وأنت وسطنا ومعانا.

-هي فيها وسطكم باللي بتعملوه فيا ده، ده أنا في مرة قلبي هيقف منكم.

اختتم سلطان حديثه محررًا جابـر من قبضته قبل أن يراهم أحد.

فسارع جابـر باحتضانه على حين غرة وهو يقول:

-متقولش كدة يا بابا ربنا يديك طولة العُمر ويخليك لينا، وخلاص وعد مش هعمل فيك كدة تاني وكذلك أحمد، عن إذنك بقى أشوف المشاغل اللي ورايا.

غادر جابـر محله وتحرك عدة خطوات ولم يوقفه سوى سؤال سلطان الفضولي:

-مشاغل إيـه دي يا جابـر.

وببراءة شديدة وبمنتهى البساطة كان يجيبه بتلك الأجابة:

-هحدف بومب وصواريخ على أخواتي ومعاهم الواد آسـر وصابـر… صحيح أنت كلمت شكري عزمته ولا لسة.

__________________________

تتواجد زهـر في منزل عائلة وسـام، والآن تقف داخل المطبخ رفقة أبرار يعدان صحون الحلوى كي يخرجان بها وأثناء نقلهم للحلوى من العلب الخاصة بهم للصحون.

ألقت أبرار سؤالها راغبة في الاطمئنان عليهما:

-قوليلي وسـام عامل معاكِ إيـه؟

-الحمدلله حلوين.

ردت زهـر بكل تلقائية، لم تفكر حتى قبل منحها الجواب، اطمأن قلب أبرار ثم أخبرتها بخفوض:

-طب الحمدلله ربنا يديمها عليكم نعمة وتفضلوا حلوين وكويسين دايمًا يارب، أصلًا وسـام بيحبك وبيموت فيكِ كمان.

و رغمًا عنها تشكلت بسمة على وجهها لم تستطع منعها من الظهور، قائلة بعفوية:

-وأنا كمان بحبه وبموت فيه.

تابعت أبرار ما تفعله وهي تخبرها بهدوء:

-وطبعًا أي اتنين بيحبوا بعض ومتجوزين وفي وش بعض علطول طبيعي يتخانقوا ويزعلوا مع بعض وبعدين يتصالحوا، هو ده الطبيعي، بالك لو محصلش مشاكل وخناق الحياة هتبقى مملة و روتينة بشكل يزهق، الخناق بيعمل طعم كدة ولون.

بللت شفتيها ثم تابعت بهدوء:

-أهم حاجة عايزة أقولهالك بقى، أن لو في مرة حصل حاجة كبيرة وحبيتي تقولي لثراء بلاش تعرفيها، تعالي وكلميني أنا وإن شاء الله نحل الدنيا، أصل أنتِ وهو الدنيا بينكم هتتصافى وهتتصلح بس ثراء ممكن تشيل وتزعل منه على حاجة ممكن تبقى عبيطة فـ بلاش تدخليها وتعالي قوليلي وأنتِ عارفة أني هقف مع الحق يعني لو هو غلطان هقوله في وشه أنه هو اللي غلطان وأنتِ كمان كذلك.

ردت عليها بإمتنان من نصيحتها والتي وصلت إليها وتفهمتها جيدًا:

-لا متخافيش من النقطة دي، أنا و وسـام قادرين نحل مشاكلنا مع بعض حتى لو المشكلة دي كبيرة، أحنا كبار وناضجين كفاية، ومش معقول كل ما تحصل مشكلة سواء كبيرة ولا صغيرة ندخلكم فيها، ده أحنا بالشكل ده مكنش لينا جواز بقى وكان فضل كل واحد في بيته أحسن من العبث ده.

ربتت أبرار على ظهرها بحنان وهي تدعو لهم بصلاح الحال ودوام الحب والمودة بينهما.

على الجانب الآخر، يجلس وسـام وأخيه قُصي على الأريكة أمام شاشة التلفاز، و والدهم يجلس على مقعد يتواجد على الجانب الذي يجلس بـه وسـام.

أما عن قُصي فكان يضع السماعة في أذنيه وهاتفه بين يده كالعادة ولكنه يشاهد “سـارة” ويشاهد جديدها والتي قامت بتنزيله منذ ساعات ولكنه لم يشاهده سوى الآن بفضل نومه طوال اليوم رغم محاولات أبرار معه الكثيرة لإيقاظه، وعندما يأست أرسلت لـه والده الذي فور أن استمع لصوته هب من نومته يخبره بأنـه قد استيقظ.

مط شفتاه وهو ينصت إلى حديثها وردها بالفيديو على واحد من التعليقات التي تركت على الفيديو الأخير التي قامت بتنزيله.

-إيـه هي مواصفات فتى أحلامي، رغم أني مكنتش هرد بس في آخر لحظة قررت اطلع وارد وأنصحكم لأني بحبكم وأكيد عايزة مصلحكتم، فـ أنا هجواب بس مش على مواصفات فتى أحلامي لا، هجاوب على إيـه مواصفات الراجل الصح اللي المفروض تدخليه حياتك، أولًا لازم يبقي بيصلي وعارف ربنا هيطلعلي حد ويقولي أنتِ طلعالنا بشعرك وبتكلمي عن الصلاة!!

ارتفع حاجبيها وهتفت بتحدي:

– فـ هقول آه واتعودوا متحكموش على الكتاب من عنوانه وبطلوا سطحية.. أنا مبقولش أني ملتزمة ومبغلطش لا أنا بني آدمه وبغلط وبعمل حاجات مش راضية عنها زي أي واحد فيكم بس بجاهد وبحاول أبعد، وبالنسبة شعري والحجاب فـ لو بتحبوني ادعولي بالهدايا متجوش عليا أنتوا كمان، تاني حاجة شوفيه بيعامل أهله إزاي، معاملته لأهله هتبقى انعكاس لمعاملته ليكِ في المستقبل، وعشان مخدش من وقتكم كتير هبقى أنزلكم بارت تو أكمل فيه، بس دلوقتي لازم أنزل وهعملكم استوري تايم من قلب الخروجة، باي.

أغلق الهاتف وأزال سماعة أذنيه يضعهم في مكانهم المخصص، منتبهًا أخيرًا إلى والده وأخيه، كما جاءت كل زهـر وأبرار وتشاركا الجلسة.

بعد دقائق قاوم بهم قُصي مسكه لهاتفه والجلوس من غيره ولكن لم يعد بإمكانه التحمل أكثر وسارع بالتقاط الهاتف من جديد.

لحظات فقط من وجود الهاتف بين يده حتى وصل لـه إشعار يخبره بتحديثاث عدة لها على تطبيق الإنستغرام.

سارع بفتحه ومشاهدته بتمعن، جاذبًا نظره المقهى التي تتواجد بـه الآن والذي كان يحفظه ويعرفه جيدًا وكثيرًا ما يتردد عليه.

غزت البسمة شفتاه ولمعت عيونه بخبث ولؤم يفكر بالذهاب لذات المكان والتقدم خطوة.

لم يفكر كثيرًا مخبرًا ذاته بأنه لما لا يذهب ويراها وجهًا لوجه بدلًا من رؤيته لها خلف شاشة الهاتف.

ربما تكون بـ ليس هذا الجمال الذي يراه ويفتنه وتخدع متابعينها بما يسمى “فلاتر الوجه” حينها قد يقل شغفه وإعجابه بها، بالنهاية لن يخسر شيء.

حك جانب رأسه وهو ينهض من جلسته يخبر الجميع:

-أنا خارج يا بابا شوية ومش هتأخر وهجبلكم السحور وأنا جاي.

ابتسم وسـام وعلق على حديث أخيه:

-ده أنت بترشيهم بقى عشان يسبوك تخرج، الله يرحم أيام ما كنت بتتخانق معانا عشان مش عايز تروح تجيب السحور.

أيد خالد حديث وسـام وقال وهو يرمق ابنه بنظرات غامضة:

-الله يرحم فعلًا، عمومًا أخرك الساعة اتناشر لو أتاخرت عن كدة شوفلك مكان تاني تبات فيه.

سخر قُصي قائلًا بطريقة مازحة:

-ليه اتناشر هو أنا سندريلا، ده أنا قُصي يابا وعمومًا مدام فيها بيات برة لو اتأخرت يبقى دورولكم بقى على حد غيري يجيب السحور، أنا out النهاردة.

اختفى عن الأنظار والجًا حجرته موصدًا الباب من خلفه كي يبدل ملابسه بأخرى أكثر أناقة وأثناء انتقائه لملابسه جاء برقم صديق الصدوق واتصل عليه.

ترقب رده لثواني ثم آتاه صوت آسـر الهادئ:

-إيـه يا قُصي.

-إيـه يا قُصي في عينك أنت فين؟

-في البيت، أشمعنا؟

-طب قوم البس واجهز عشان نخرج سوا، بقالنا كتير مبنخرجش خروجات عدلـة.

-لا معلش اعفيني من خروجاتك واتقي الله ها اتقي الله أحنا في رمضان وحتى لو مش في رمضان اتقي الله برضو.

-هو أنا عملت حاجة، بقولك هنخرج ولوحدينا مفيش نسوان متخافش لو فيه هقولك مش هخبي عليك أنت عارف أني مبكدبش، هيبقى أنا وأنت وبس، هنروح نقعد في كافية قاعدة محترمة من غير أي تاء مربوطة، يلا بقى متزعلنيش يا آسـر.

__________________________

تجاور “ريهام” والدتها في جلستها على الأريكة يشاهدان الحلقة الأولى لإحدى المسلسلات والتي رغبت والدتها في متابعته ونادت عليها كي تأتي وتجلس معها ولا تتركها بمفردها خاصة بعد نزول زوجها.

و رغم عدم رغبتها في مشاهدة شيء ألا أنها لم تحزن والدتها ورضخت لمطلبها وجلست معها.

لحظات وكانت تنغمس في الأحداث، ولم يقاطعها سوى الفاصل الإعلاني والذي لم يكن بالقصير بل كان طويلًا لتلك الدرجة التي تجعلك تشعر بالملل ويطفئ حماسك وشغفك تجاه ما تشاهده.

عاد المسلسل من جديد ولكن دقائق معدودة وكان يأتي فاصل إعلاني من جديد مما جعل ريهام تعقب بإستهزاء:

-لا بقى كدة كتير، ده مبقاش مسلسل فيه إعلانات ده إعلانات فيها مسلسل، مش معقول كدة دول لو قاصدين يزهقونا مش هيعملوا كدة.

وافقتها والدتها وصاحت تؤكد:

-والله معاكِ حق، بقولك إيـه ما تقومي تعمليلي كوباية شاي حلوة من ايديكي الحلوة.

-بس كدة عنيا يا ماما.

نهضت من جلستها كي تعد كوب من الشاي الساخن لوالدتها، آخذة هاتفها بصحبتها كي يُسليها أثناء وقفتها.

وبالفعل قامت بوضع الماء بالغلاية الكهربائية، ثم قامت بتشغليها وترقبت غليان الماء وإنطفاء الغلاية.

ممسكة بهاتفها ثم جاءت بطبيق الواتساب كي تراسل زهـر، كاتبة لها تلك الكلمات وبسمة عريضة على وجهها مدركة بذهابها اليوم للإفطار مع عائلة زوجها:

“لسة مروحتيش ولا إيـه، لما تروحي ابقي ابعتيلي.”

وصلت الرسالة لـ زهـر ولكنها لم تجيب ولم ترى الرسالة من الأساس لتركها الهاتف بحقيبتها….

كادت ريهام أن تخرج من التطبيق وتدخل غيره، لكن وصل لها ما جعلها تتوقف وتتراجع عن الخروج بعد أن وصل لها رسالـة من رقم مجهول غير مدون لديها.

فتحت الرسالة فوجدتها كالتالي:

“كل سنة وأنتِ طيبة يا ريري، كان نفسي نكون دلوقتي في بيتنا وبنقضي أول رمضان لينا وأحنا متجوزين سوا، بس أنتِ بوظتي كل حاجة وخربتيها، والخراب اللي عملتيه ده مش هيجي غير على دماغك أنتِ وبكرة تشوفي، الصبر جميل يا ريري، وأنا مش ناسيكي متقلقيش وحسابي معاكِ قرب خلاص وهخليكي تندمي على اللحظة اللي فكرتي تسبيني وتسيبي البيت فيها، هخليكي تبوسي أيدي ورجلي عشان أرحمك واعتقك من اللي هعمله فيكِ، بس الصبر…… ”

رسالة مغلفة بالتهديد والوعيد، رغب بها بث الرعب بها، التلميح لها بما ينتظرها.

وللحق ارتجف بدنها واهتزت قليلًا، لكن سرعان ما عادت ململة شتات نفسها، تخبر نفسها بأن لن يجرو على فعل شيء معها وأن آخره هو التهديد والحديث فقط.

_________________________

-هتعمل إيـه يسطا دلوقتي، الريتش عندك مش واقع بس ده بقى ميت!! ده حتى اللي بيحطولك كومنتات بيشتموا فيك عشان ست سارة.

تلك كلمات صديق عادل والذي ألقاها على مسامع عادل والذي كان كالثور الهائج الآن.

منذ ما حدث وأعلنت انفصالهم بات الكثير ضده ويقومون بسبه بالتعليقات كما قل عدد متابعيه على جميع تطبيقات التواصل الاجتماعي.

ضم عادل قبضته بغل وغضب لا ينتهي متمتم بعدم معرفة لما عليه فعله كي يعود لسابق عهده:

-مش عارف بجد مش عارف، أنا هتجنن يا سعد، بقى معقول كل دول كانوا بيتابعوني عشان بيحبوها هي!! يعني أنا طول الفترة دي كلها محدش كان متابعني عشاني!! ده الإعلانات كانت نازلة عليا زي المطر ودلوقتي مفيش حتى إعلان واحد جالي طب إزاي.

نفى صديقه هذا وقال يحاول تهدأته والتفكير معه في حل:

-أهدا بس أكيد في ناس بتحبك، آه مش قد اللي بيحبوها بس أكيد أنت محبوب يا عادل، طب هقولك إيـه رأيك نصور فيديوهات من نوع القصص القصيرة دي واللي بتبقى على كذا جزء وبتكلم فيها عن مواضيع وقضايا وحكايات وحوارات الحب، في ناس كتير بتحب الحاجات دي وبتابعها بدل المسلسلات والأفلام وكمان بيستنوها على نار، وممكن نشوف أي واحدة حلوة من صحابنا وتمثلوا سوا و زي ما حبوك مع سارة يمكن يحبوك مع الجديدة.

لاح التفكير على وجه عادل وصمت لثواني أثارت ريبة صديقه والذي هتف متسائلًا:

-إيـه بتفكر في إيـه؟ عجبتك الفكرة صح؟

ضاقت عين عادل وقال وهو يمسك علبه السجائر التي تعود لـه يلتقط واحدة ويقوم بإشعالها، يؤكد لـه:

-آه عجبتني، بس مش هجيب واحدة من اللي نعرفهم ولا حتى هشوف واحدة معروفة، أنا هشوف وجه جديد خالص وهخلي الناس تحبنا سوا أكتر من حبهم لعلاقتي أنا وسارة أضعاف أضعاف.

-وجه جديد!! دي هتجيبها ولا هتلاقيها فين دي؟

___________________________

وصل قُصي إلى المقهى بصحبة آسـر، ولجا المقهى وعلى الفور دارت عين قُصي تجول بحثًا عن مبتغاه وتلك الفتاة التي أضحت تشغل عقله كثيرًا بالفترة الأخيرة.

أشار آسـر تجاه طاولة مخصصة لفردين متمتم:

-تعالى في تربيزة هناك أهي.

وعلى الفور هتف قُصي:

-لا مـ…..

ابتلع باقي جملته بعد أن أبصرها أخيرًا، فالتعرف عليها لم يكن بالمهمة الصعبة أو الشاقة فقد كانت جميلة حقًا.

ابتلع ريقه وهو يسب نفسه لاعتقاده أن جمالها ليس حقيقي وأنها تستعين بالفلاتر التي تجمل الوجه وباتت الفتيات تستخدمهم بكثرة وقليلًا ما تجد فتاة لا تستعين بهم.

قطع آسـر حبل أفكاره يسأله باندهاش من شروده:

-قُصي سكت ليه يا بني؟

-لا مفيش، تعالى نقعد هناك أحسن.

أشار قُصي تجاه طاولة تقع بجوار طاولتها تمامًا و التي تجلس عليها رفقة صديقات لها.

اعترى الشك عيون آسـر فور انتباهه أن الطاولة الذي يشير قُصي نحوها تعود لأربع أشخاص.

وبدون تردد سأله بشك:

-أنت قولت أنا وأنت بس!! ودلوقتي عايز تقعد على تربيزة لأربعة وأحنا قدامنا نقعد على ترابيزة اصغر، ليه بقى إن شاء الله!!

-لا والله مش اللي في دماغك ومفيش حد هيقعد معانا أنا اديتك كلمة عيب عليك يا جدع، كل الحكاية أن الترابيزة دي موقعها أحلى.

ومن حسن حظ قُصي أنه قد صدق فالطاولة الذي قام بأنتقائها وتقع على مقربة منها ذات موقع أفضل من التي أختارها آسـر.

لذلك استسلم آسـر وتحرك معه كي يجلسان، وصلا الاثنان أمام الطاولة وما لبث أن يسحب آسـر المقعد كي يجلس حتى مسك قُصي بيده يخبره برجاء راغبًا في أن يجلس على المقعد الاقرب لها والذي كان لسوء حظه تلك المرة مسك بـه آسـر واختاره للجلوس عليه:

-عايز اقعد أنا هنا.

-أنت في إيـه النهاردة أنا مش مرتحالك، ما هي ترابيزة لأربعة حضرتك وفي كرسي جنب ده، ولا ده بسمسم!

-طب ما تقعد أنت على اللي جنب ده ما الاتنين واحد.

هنا وانتبه آسـر للطاولة التي بجانبهم والتي تجلس عليها مجموعة من الفتيات، اعتراه الشك ولكن سريعًا ما نفص هذا التفكير السيء لا يرغب في ظلم الآخر.

امتثل لطلبه وجلس على المقعد الآخر تاركًا المقعد لـه.

اتسعت بسمة قُصي وجلس وسرعان ما استدار قليلًا برأسه مثبتًا بصره عليها يتأمل كل هذا الجمال الجاذب للقلوب قبل العيون.

طال تأمله بها وعندما فاق لنفسه حول بصره نحو آسـر والذي وجده مثبتًا بصره عليه.

ابتلع ريقه وهو يقابل تلك النظرات القاتلة متفهمًا مغزى نظراته، فقال بارتباك طفيف:

-هفهمك، أوعى تفهمني غلط.

-أفهمك غلط!! لا متقلقش أنا فاهمك كويس أوي وشكيت بس كدبت نفسي وقولت يا واد متظلمهوش بس ما شاء الله عليك مفيش فايدة فيك، هو أنت منزلني وجايبني عشان كدة يا قُصي!!

غلفت السخرية كلمات آسـر المستنكر لأفعال قُصي الغير لائقة والتي للعلم كان يفعلها مسبقًا ولكنه أصبح الآن يشمئز من فعلها وفاعلها.

قرر قُصي مصارحته وهتف بصوت خافت:

-طيب خلاص هفهمك، شايف البنت اللي هناك دي اللي لابسه عباية رمضانية جراي وجايبة شعرها على جمب.

وبدون أن يتطلع بها آسـر سأله بنفاذ صبر:

-مالها؟ انجز.

-عجباني، وهي مش زي اللي كنا نعرفهم، دي معروفة ومشهورة وبنت ناس ومحترمة أوي يا آسـر، ولسة خارجة من علاقة وبتعمل موف أون، بس صدقني هي محترمة أوي يا آسـر وكلامها حلو أوي مع الناس، وفي الفيديوهات بتاعتها، وكل كلامها توعية ونصايح، فـ أنا عجبتني شخصيتها واحترامها ده أوي.

عقب انتهائه من المدح بها أمامه، استدار قُصي برأسه يخطف نظرة نحوها وعلى الفور تجمد محله وهو يراها تمسك بعلبه سجائر وتقوم بفتحها وتخرج واحدة وتقوم بإشعالها.

ازدرد ريقه ثم عاد برأسه نحو آسـر يخبره ببسمة يحاول إصلاح حديثه:

-يعني عجبني فيها أنها بنت ناس ومحترمة وبتشرب سجاير بطعم البطيخ مش سجاير عادية.

لم يفهم آسـر عما يتحدث قُصي ولكن جذب أنظاره ذلك الدخان الصاعد والذي يراه عند طاولتها، مما جعله يهتف بدهشة:

-دي بتشرب سجاير بجد، أنا افتكرتك بتهزر.

-وأنا ههزر معاك ليه يعني ما هي بتشرب قدامك أهي وبعدين مش أحسن ما تبقى بتشيش وبتشرب قص، وبعدين ما أحنا بنشرب سجاير عادي متبقاش ذكوري متعفن.

جاء النادل معتذرًا لهما عن تأخيره، واضعًا قائمة الطعام والمشروبات الذي يقدمها المقهى أمامهما.

بعد رحيله نهض آسـر هو الآخر لا يعجبه تلك الأجواء متمتم بصوت حاسم صارم:

-أنا ماشي.

-تمشي إيـه أحنا ملحقناش نقعد أحنا لسة واصلين!.

-وأنا بقولك أنا همشي، هتيجي معايا ولا هتفضل قاعد؟

سرق قُصي نظرة نحو المنشغلة مع صديقاتها ولا تكف عن التدخين.

ابتلع ريقه ينهض هو الآخر كي يرحل مع آسـر…..

يكفيه ما رآه اليوم وإدراكه أن جمالها ليس بالمزيف بل حقيقي ونالت إعجابه أكثر فـ أكثر رغم معرفته أمر تدخينها فبالنهاية هو لا يفكر بالزواج بها بل يرغب ويطمح بالتسلية لا أكثر.

_________________________

مر اليوم الثاني من رمضان بسلام، لم يحدث بـه شيء جديد، فـ أحمد ظل مثلما هو لا يتوقف عن المزاح معهم بعد الإفطار، حتى أثناء السحور لم يدعهم وشأنهم.

كما أدرك من لم يدرك بعد، وقت تناولهم السحور والذي كان سحور مصري أصيل من فول وفلافل وبطاطس مقلية وأنواع مختلفة من الجُبن وغيرهم.

أن بالغد سيأتي زهر و وسـام وقُصي وخالد وأبرار، وكذلك يوسف وزوجته، ومحمد و زوجته و..أيضًا شكري الذى وافق على تلبية الدعوة وسيأتي رفقة فتياتـه.

ورغم الخفقان الشديد الذي حدث لقلب آسـر بمجرد أن عرف أن مجيئها بالغد بات مؤكد، وستتواجد هنا وتحت سقف واحد معـه، إلا أنه قرر تنفيذ وعده وحديثه معها ألا وهو تجنبها وتجنب لقائها الذي سيشعل قلبه لا محال ويجعله يسقط في هواها أكثر فـ أكثر.

هواها الذي يأبى تركه ويتشبث بـه بقوة رغم تركها هي لـه.

ليتها تتمسك وتتعلق بـه كما يفعل عشقها بحاله المسكين.

كان على مشارف الحديث والنطق بما ينوي فعله من غياب عن الفطار، ولكنه صمت ومسك لجام لسانـه مقررًا أنه يؤجل هذا للغد وليس اليوم فآخر شيء قد يرغب بـه الآن هو كشف نفسه وحبه للجميع تحديدًا بعد رفضه.

تسارعت دقات قلب أحمد وهو يفكر بالغد وبمجئ رضوى، رغم أنه لن يستطع رفع عيونه بها بعد أن اتقن واستوعب بأن ما يفعله كان ذنبًا ولا يحل لـه فعله سواء كان معها أو مع غيرها.

ولكن يكفيه بالوقت الحالي أن يسمع صوتها فقط ويطمئن أنها بخير فهذا كفيل لجلعه سعيدًا لعام كامل..

موصدًا جفونة لوهلة يدعو ربـه أن تمر تلك الفترة مرور الكرام ويهونها على قلبه المُتيم المسكين مع وعد بأنه في اليوم التي ستعلن بها نتيجتها سيتقدم لها، أما عن السنوات الدراسة التي تتبقى لها بالجامعة ستقضيها ولكن وهي حلالـه و في منزله ومعه تحت سقف منزل واحد.

أخرج تنهيدة خافضة ثم استدار برأسه يخطف نظرة نحو صابـر يرى تأثير وقع حديث سلطان عليه فوجد وجهه جامدًا خالي من التعابير ولكن بالنظر داخل عيونه استطاع رؤية ارتباكه الطفيف، فحتى لو صمت اللسان ولم يتحدث، فالعيون تتحدث وقد تفضح صاحبها وهذا ما حدث مع صابـر.

وللتأكيد أكثر سأله بخفوت:

-أخي هل أنت بخير؟

-آه الحمدلله.

وعلى الفور تحركت تفاحة آدم لديه دليلًا على ابتلاعه لريقه ثم مد يده والتقط كوب من الماء تواجد أمامه وارتشفه مرة واحدة.

وبحركة لئيمة هتف أحمد بكلمات ذات مغزى وصل مبتغاها إلى صابـر الذي قرر تجاهله وعدم الخوض في تلك اللعبة التي تثير أعصابه:

-دايمًا إن شاء الله، بس أنا عندي إحساس أنك مش على بعضك……

صمته وتجاهله لـه أكد لديه ما رآه ونطقت بـه عيونه، فابتسم بسمة جانبية والتزم السكون هو الآخر.

بالوقت الحالي وهو اليوم الثالث من رمضان، وصل يوسف ومحمد رفقة زوجاتهم باكرًا وأيضًا أبرار وخالد وسـام و زهـر وقُصي الذي منذ أن جاء يمكث مع آسـر بغرفته، والآن وقبل آذان المغرب بنصف ساعة، وصل شكري حاملًا لعلبتين كبار الحجم من الحلويات الشرقية، وبالطبع استقبله سلطان بترحيب حـار وكذلك بقية العائلة.

وبالتساؤل عن أحمد وعما فعله مع روضة فور وصولها فهو بالفعل ظل يقاوم ويقاوم نفسه الأمارة بالسوء.

ولم يرفع عيونه بها، ومثلما فعل معها فعل مع البقية وظل مطرقًا الرأس واقفًا باحترام جانبًا واضعًا يديه أمامه.

منصتًا لترحيب باقي العائلة بهم، ولكن ما جعل يندهش هو سؤال جابـر الذي ألقاه:

-الله!! أومال فين جهاد مجتش ولا إيـه.

صادف طرح جابـر لسؤاله نزول صابـر من غرفته وسقوط بصره عليهم وبعد استماعه لسؤال والده وبدون إرادة منه ورغمًا عنه جالت عيونه بحثًا عنها وعلى سبيل الصدمة لم يجدها بالفعل.

منصتًا إلى جواب شكري على جابـر:

-لا مجتش تعبانة شوية ومقدرتش تنزل معانـا.

««يتبع»»…….

فاطمة محمد.

يارب الفصل يكون عجبكم وميعادنا مع الفصل الجديد يوم الجمعة ومتنسوش الڤوت ورأيكم في كومنت. 🫂🩷

الفصل التالي: اضغط هنا

يتبع.. (رواية الحب كما ينبغي) اضغط على اسم الرواية لتجد الفهرس كاملاً بجميع الفصول.

أضف تعليق