رواية الحب كما ينبغي – الفصل التاسع عشر
الفصل التاسع عشر
الحب كما ينبغي.
فاطمة محمد.
الفصل التاسع عشر :
جحظت عين يوسف وأحمد و سارع أحمد بوضع يديه على فم آسر يحاول اسكاته متمتم بصوت خافض غاضب محاولًا بتلك الأثناء اخراجه من الشرفة:
-يحرقك، يحرقك بتعمل إيه، بتهبب إيه، اموتك واخلص منك واريح البشرية ويوسف الغلبان من اذاك، ما تخرس، وبعدين ما هو متلقح علطول قدامك ليه محسسني أنك بقالك سنة مشفتوش وإيه محما دي يا بيئة.
أزاح آسر يده عن فمه ودفعه بيده يبعده عن طريقه، قائلًا:
-وسع كدة خليني اشوف محمد واعرف بيعمل إيه هنا.
علق أحمد ساخرًا منه:
-تشوف محمد إيه بس ده كله شاف مش أنت بس.
بالأسفل، تفاجئ محمد من تواجد آسر بل ومن ندائه عليه باعلى صوت، فلم يكن ينقصه سوى آسر ليعرف بأمره هو الآخر وكأنه لا يكفيه أحمد، يوسف، وصابر.
صابر الذي لم يتفوه بكلمة أو نطق بحرف كي يستفسر حتى الآن ملتزم الصمت.
التفتت “إسلام” إليه واقتربت منه خطوتان وهي تسأله بنبرة شبه ساخرة مترقبة لاجابته الكاذبة القادمة:
-ميـن ده؟؟ تعرفه يا محمــا.!!
صك على أسنانه قبل أن يجيبها يشعر بالغضب من ذاته لكذبه المستمر عليها:
-آه، مش أحمد كان قال إننا طلعنا جيران وعرفنا ده صدفه، ده بقى قريبه ساكن معاه برضو.
ضاقت عينيها وقالت متلاعبة باعصابه:
-غريبة وبيعملوا إيه عند الساكن الجديد، أنت تعرفه هو كمان.
توتر وتلجلج للغاية وشعر بثقل بلسانه يعجز عن إيجاد رد سريع ومناسب لا يكشف كذبه أمامها على الأقل بالوقت الحالي، وأخيرًا تحدث بتوتر سرعان ما سيطر عليه:
-آه، لا، لا معرفوش هعرفه منين، ده أنا لسة عارف دلوقتي أنه أحمد وآسر عنده أكيد هما يعرفوه، أنا همشي بقى سلام عليكم.
هرب من أمامها واولاها ظهره يلتقط أنفاسه أخيرًا، مغمضًا عينيه لوهله معتصرًا لقبضة يده كارهًا ذاته ولكذبه المستمر والذي يصبح أكبر يوم بعد يوم.
على الطرف الآخر، ابتسمت جهاد ومالت على أذن برق الواقفة جوارها تهمس لها بطريقة مرحة:
-القمر اللي ظهر بالنهار انهاردة اسمه آسر اسمه حلو والله.
نفت برق وهمست لها مثلها وهي تخطف النظرات نحو يوسف المنشغل مع آسر وأحمد غافلًا عن نظراتها المعجبة به:
-لا القمر اللي بجد ظهر
قبله
.
وقبل أن تعلق جهاد كانت برق تتابع حديثها وهي تبصر إسلام والتي كانت تتابع محمد وتوليه كامل اهتمامها:
-ألا صحيح هو هينطق أمتى.
عقدت جهاد حاجبيها وسألتها بعدم فهم لما تعنيه كلماتها:
-هو مين ده اللي هينطق امتى؟
أشارت بعينيها نحو إسلام قائلة بخفوت كي لا تسمعها:
-الجبل يا جهاد هيكون مين يعني ما تركزي معايا محمد طبعا، ناوي ينطق امتى؟ أنا حسة أن إسلام هيتقدملها عريس وتجوز وتخلف وهو لسة مفكرش ياخد خطوة وينطق.
ابتسمت جهاد وقالت تمزح معها:
-مش سهلة أنتي برضو يا بت بتبقى عارفة الحاجة وساكتة.
بالأعلى، وبعد مفارقة يوسف وأحمد الشرفة ومعهم آسر الذي كان يعلو صوته يعترض ويحتج على فعلتهم:
-هو في إيه أنت وهو بدخلوني بالعافية ليه، ومحمد مردش ليه؟
أجابه أحمد منفعلًا بأسلوب يجبر من أمامه على الضحك:
-يا بني متجلطنيش إيه اللي بتهببه ده، جاي تعاكس بنات الحتة لا بقولك إيه أنا دمي حامي اوي مقبلش نص كلمة عليهم ولا أنك تضايقهم بنظرة، أنت فـاهــــــــــــم.
شعر آسر بالاستمتاع من مضايقة أحمد محبًا لما يحدث فصاح يستفزه:
-اعمل إيه طب ما هما اللي حلوين وبعدين تلاتة كتير بصراحة.
نهشت الغيرة قلب يوسف من تغزل آسر الصريح لفتاته، كز على اسنانه واقترب منه متحدث بنبرة شرسة يعنفه:
-آســــر لم نفسك واحترمها علشان مقلش منك، أحنا مش بنهزر معاك، أنت تبعد عن البنات دي متقربش منهم خالص ولا تفكر حتى تبصلهم ولو هتعمل ده يبقى تمشي أحسن، أحنا مش عايزين مشاكل.
أعجب آسر بما يسمعه ويصدر من يوسف فقال متفهمًا، خافيًا إعجابه بدفاعه عن فتاته:
-آه كدة أنا فهمت، هي حبيبة قلبك واحدة منهم، انهي واحدة في التلاتة بقى، عندي فضول ابن لذينة وبعدين هما التلاتة اخوات ولا إيه.
تدخل أحمد وقال يصحح له حديثه دون تفكير وبعفوية شديدة:
-هما مش تلاتة دول تمانية، التلاتة اللي أنت شوفتهم دول واقفين في محل الكشري، في بقى خمسة كمان غيرهم، وخد الكبيرة بقى ساكنين في الشقة اللي قصادنا دي.
لكزه يوسف متشنجًا من افشاء تلك المعلومة والتي كان من المفترض أن تظل سرية عن آسر زير النساء.
وضع آسر يديه على فمه صدمة ثم قال:
-لا، بتـهــــــزر!!! تمانية مرة واحدة!!!!!!! وقاعدين في الشقة اللي قصادنا لا ده أنا مش ماشي من هنا ده أنا هستقر هنا هقيم هنا، أنا حبيت هنا اوي، ده إيه مأسورة النسوان اللي انفجرت في وشي دي!؟؟ بتقول تمانية كدة عادي ؟!!!!! واد يا يوسف أنت تمام التمام وصح الصح وفل الفل وأنا بحبك آه والله بحبك.
~~~~♡♡♡♡~~~~
دقت “ضياء” على باب الغرفة العائدة لشقيقاتها جهاد وإسلام، ثم فتحت الباب وطلت من خلفه برأسها تستأذن بالدخول مستغلة غياب جهاد الجالسة بالخارج تشاهد التلفاز، راغبة بالانفراد مع إسلام.
-إسلام ممكن ادخل؟
ارتفع حاجبي إسلام والتي كانت تتمدد على الفراش تشعر بالوجع بكامل جسدها بعد يوم طويل وشاق في العمل، قائلة بتعجب:
-غريبة دي من أمتى بستأذني، تعالي ادخلي.
ابتسمت لها ضياء وتقدمت بعد أن اغلقت الباب من خلفها جالسة أمامها على الفراش.
ابتلعت ريقها ثم قالت بطريقة مباشرة تحت أنظار إسلام التي اعتدلت وباتت جالسة على الفراش:
-إسلام أنا محتاجة فلوس، ممكن تسلفيني؟؟ و والله اول ما يبقى معايا فلوس هرجعهوملك علطول مش هتأخر عليكي.
قطبت إسلام حاجبيها وقالت بهدوء يغلفه السخرية:
-لا مش ممكن اسلفك، أنتي عبيطة جاية تسأليني ينفع اسلفك ولا لا وهو أنتي لو مطلبتيش مني هتطلبي من مين يعني هتروحي للغريب تطلبي منه، وتعالي هنا إيه ترجعهوملي دي كمان من أمتى باخد منك فلوس، واضح نسيتي أني اختك الكبيرة.
تنهدت ثم سألتها:
-عايزة كــام يا ست دودي؟.
رفعت يديها وأشارت إليها برقم خمسة فـ استفسرت إسلام منها:
-خمسين جنية؟؟.
نفت على الفور وصححت لها:
-لا مش خمسين جنية عايزة خمسومية.
اتسعت عين إسلام تعجبًا، واستفسرت من جديد بهدوء ورزانة فطالما كانت إسلام الاكثر هدوءًا واتزانًا وجدية عن باقي شقيقاتها.
-ودول عايزاهم ليه؟ يعني في مشكلة أو حاجة معاكي وخايفة تقولي أنا مش عايزاكي تخافي واحكيلي لو في حاجة معاكي.
ابتلعت ضياء ريقها وفركت يديها وشعرت بالحيرة هل تخبرها وتطلب مساعدتها أم تتحمل نتيجة أفعالها الخاطئه بمفردها دون ادخالها بهذا الأمر.
وبعد تفكير لم يدم طويلًا وخوف بث بها وجعل خفقاتها تتزايد، قررت عدم إدخال شقيقتها خوفًا من رد فعلها ورعبًا من أن يدري والدها ويصل الأمر إليه بواسطة طارق والذي من المحتمل أن يغضب إن لم تحضر له المبلغ الذي طلبه وينفذ تهديده.
انتبهت إسلام لـ توترها التي حاولت اخفاءه عنها ولكنها استطاعت التقاطه بسهولة، تبرر لها سبب طلبها للمبلغ:
-مش أنا اللي عايزاهم، دي واحدة صحبتي اللي محتاجاهم ضروري، مزنوقة فيهم، وقالتلي هترجعهم تاني، وأنا مش معايا اديها دلوقتي.
اماءت لها إسلام ورغم إدراكها وتيقنها من كذبها إلا أنها نهضت من مكانها وفتحت الخزانة وأخرجت محفظتها واخذت المبلغ التي تحتاج إليه ومنحته إليها وهي تسألها مرة اخرى على أمل أن تخبرها بالسبب الحقيقي:
-ويا ترى صحبتك مزنوقة فيهم ليه، ناوية تعمل بيهم إيه.
-مش عارفة مسألتهاش علشان محرجهاش، المهم أنها هترجعهم، شكرًا يا إسلام اول ما تردهم هرجعهوملك إن شاء الله.
عقب خروجها من الغرفة أغمضت عينيها وتنفست الصعداء، فقد انقذت نفسها مجددًا وستمنحه النقود الذي طلبها غدًا، أما بعد فما الذي ستفعله معه، من المؤكد أن الأمر لن ينتهي عند هذا الحد وسيظل يهددها وهي سترضخ خوفًا من بطش والدها ولكن لا لن يحدث مجددًا ولن تسمح بحدوث هذا مجددًا وستنهي وتحل تلك المشكلة دون تدخل أي أطراف اخرى.
عقب أتخاذها قرارها فيما عليها فعله، تنهدت مطولًا ثم سارت نحو غرفتها وجاءت بهاتفها وبعثت له رسالة نصية تخبره بها أن المال اصبح لديها وستمنحه إياه غدًا.
~~~~♡♡♡♡~~~~
التقطت جهاد جهاز التحكم وأغلقت شاشة التلفاز، ثم نهضت وهاتفها معها والجة إلى الشرفة، جالسة على المقعد الخشبي المتواجد بالداخل، وسريعًا ما جاءت برقمه وقامت بالاتصال عليه.
قاطعت خلوته مع نفسه وقراءته لذلك الكتاب القابع بين يديه.
معلنًا هاتفه الموضوع بجواره على الكومود عن اتصالها.
اغلق الكتاب وأخذ الهاتف وأجاب عليها، فحقيقة أن تلك الفتاة قد جذبت اهتمامه إليها لا تنكر، فـ هناك فضول بسيط يستحوذ عليه، راغبًا بمعرفة نهاية تلك اللعبة التي تلعبها معه ومتى ستتوقف عن الاتصال عليه صباحًا ومساءًا.
-عايزة إيـــــه ؟
تبسم وجهها بمجرد سماع صوته وقالت دون تفكير:
-اطمن عليك، هكون عايزة إيه يعني منك غير أني اطمن عليك وعلى أحوالك.
-وأنتي بقى عايزة تطمني بتاع إيه ؟؟ ما تجيلي دوغري وبلاش لف ودوران وتتعبي نفسك قوليلي عايزة إيه على بلاطة كدة.
خرج صوتها ساخرًا، قائلة:
-يعني ممكن اكون عايزة إيه؟؟نكتب الكتاب ونعلي الجواب مثلا.
ارتفع حاجبيه من جوابها الوقح وقبل أن يعلق على كلماتها الذي لم يتوقعها بالمرة، تابعت :
-ها هتيجي تقابل بابا أمتى؟
-لا ده أنتي مجنونة بجد بقى !!!!! مفيش واحدة عاقلة ومحترمة متربية عارفة الصح من الغلط والحلال من الحرام تعمل اللي بتعمليه ده، المفروض أنك كدة بتوقعيني مش كدة؟
نفت افتراضه الأخير وهتفت بعدما أطلقت تنهيدة عالية:
-لا احذر كدة وأنت بتكلم معايا واقف عوج واتكلم عدل، أنا محترمة ومتربية وبنت ناس على فكرة، وأنا لا بوقعك ولا بقومك، أنا مجتش جمبك، هتتبلى عليا ولا إيه، وبعدين متنكرش أنك مشدودلي، هتقولي بدليل إيه هقولك أنك لحد اللحظة دي معملتليش بلوك، اصل لو أنت مضايق اوي كدة مني ممكن تريح دماغك من كل ده وترزعني بلوك، بس مدام مفيش بلوكات لحد دلوقتي يبقى في امل، وأنا مش هبطل اكلمك ومش هبطل اسال واطمن عليك.
لم يبالي بحديثها إلا كلمة واحدة استفزته وبشدة وجعلته يتوقف عندها معلقًا عليها:
-يعني أنتي شايفة أني مشدودلك مش كدة؟
-اومــــــــال، وبعدين ده أنا مش شايفة بس ده أنا ابصم بالعشرة، مقولتش برضو هتيجي تكلم بابا أمتى عشان تتقدملي ونتجوز ونجيب صبيان وبنات، عارف لو جبنا ولد هسيمه صابر على اسمك، ولو بنت هسميها صابرة واخد بالك أنت ها
باغتها بانهائه المحادثة وإغلاقه بوجهها فلم يعد يتحملها أو يتحمل حديثها.
ارتفع حاجبيها ونفخت، ثم حاولت الإتصال عليه مجددًا وكما هو متوقع وجدته قد وضعها على قائمة الحظر.
اتسعت ابتسامتها وأدركت بأن حديثها كان صحيحًا وهو بالفعل منجذب إليها، أرادت دليل وها هي تحصل عليها أما هو فقد أراد أن يثبت لها ولنفسه بأنها على خطأ.
فقد تعمدت أستفزازه و وقع في ذلك الفخ الذي نُصب له، لترى رد فعله وها هى قد آتت مثلما تمنت.
قفزت من فرحتها وتراقص قلبها، وعلى الفور جاءت برقم آخر، وما هو إلا رقم المخطط لها والذي يرشدها.
انتظرت الرد عليها، انتظار لم يكن طويلًا.
أجابها الطرف الآخر فصاحت تخبره بفرحة:
-استفزيته يا أبو حميد بموضوع البلوك وأنه معملوش علشان مشدودلي، كل شيء على ما يرام وزي ما توقعت وقولت بلكني حب يثبت عكس كلامي، كان معاك حق…………..
-ألم أخبرك أختــاه؟؟؟؟الآن الخطة تسير على أكمل وجـــــــــه………..
~~~~♡♡♡♡~~~~
ولج “أحمد” الغرفة وهاتفه بين يديه بعدما كان يتحدث بالشرفة بصوت خافض وبعيدًا عن أعين ابناء أعمامه، مبصرًا يوسف الذي يعتلي الفراش والذي ما أن رآه يدخل الغرفة حتى سأله:
-كنت بتكلم مين دلوقتي، ده محمد؟؟
تهرب أحمد من سؤاله وقال بانفعال بسيط لاح على قسمات وجهه محاولًا التحلي بالجدية والعصبية:
-لا مش محمد ولو كلمك متردش عليه بكرة نبقى نكلم معاه وجهًا لوجه أكيد دلوقتي هيبقى متعصب، وبعدين إيه كنت بكلم مين دي وأنت اش خششك.
حرك رأسه بموافقة على عدم الإيجاب على محمد إذا هاتفه، معلقًا بفضول على كلماته الأخيرة التي أثارت إعجابه ورآها قد تنفعه:
-ماشي، بس ليه تقول اش خششني، ما تقول وأنت مالك أسهل وأخف، ولا إيه.
-ده اللي فارق معاك، طب أنت مالك أسهل وأخف حلو كدة.
في تلك اللحظة اقتحم آسر الغرفة بعد أن أنهى مكالمته مع والدته كي تطمئن عليه وبحث عن غرفة حتى ينام بها، هاتفًا بدهشة:
-ولا يا يوسف أنا هنام فين ده مفيش سراير تانية!!
ابتسم له أحمد وقال يخبره:
-اومال أنت فكرك كنت نايم على الكنبة ليه حبًا بها؟
حك آسر مؤخرة رأسه طارحًا الحل الأمثل بالنسبة له:
-كدة مفيش غير أني انام هنا جمبك يا چو.
اعترض أحمد وصاح محتجًا:
-نـــــــعـم يا أخويا، يعني أنت وهو تناموا على السرير وأنا على الكنبة؟؟ ليه على رأسكم ريشة أم ماذا ؟
رد يوسف عليه مغمغم:
-ما هو السرير مش هياخدنا إحنا التلاتة أكيد، فحد ينام هنا والتاني ينام برة على الكنبة.
حرك آسر كتفيه وهو يعقد ساعديه أمام صدره متمتم :
-اكيد مش أنا اللي هنام على الكنبة.
أنهى آسر حديثه مطالعًا أحمد الذي بادله نظراته، وعلى الفور ركض الاثنان واندفعا من محلهم وكأنهم بسباق أعلن عن البدء الآن…………
دفع الاثنان بجسدهم على الفراش، أحدهم بالجانب الأيمن والآخر بالايسر ويوسف بالمنتصف قائلًا بفزع بعدما رأى فعتلهم واندفاعهم السريع نحوه:
-أنتوا مجانين ولا إيه السرير هيقع بينا يخربيتكم قوموا.
أجاب أحمد وهو يحاول أخذ مساحة أكبر بالفراش:
-والله لو قفزتوا واتنططوا ما أنا قايم، وسأظل نائم هنا حتى الصباح وليحدث ما يحدث وعليا وعلى اعدائــــــي.
كذلك صاح آسر يرفض ترك الفراش هو الآخر مقلدًا تحدثه بالفصحى:
-وأنا والله لن أبرح مكاني ولو اندلعت الحرب العالمية الرابعة.
رد عليه أحمد يصحح له معلوماته:
-اسمها التالتة أيها الأحمق.
علق آسر ببساطة شديدة:
-لا ما هي التالتة حصلت خلاص وعملوها فيلم خلاص، يبقى دي الرابعة أيها الأحمق، الارعن والاهوج.
-أنت بتشتمني بالفصحى فاكرني مش هفهمك؟؟ ده أنا الأستاذ أحمد على سنح ورمح فوق أيها الأخرق.
تأفف يوسف بضجر من شجارهم الطفولي واستسلم للأمر الواقع فلن يترك أي منهما الفراش ولكنه استسلام مؤقت فـ بالأول والأخير هم ضيوف لديه والمنزل له والفراش له ولن يترك فراشه ينعم به غيره كثيرًا.
نهض مغمغمًا باعتراض وانزعاج مما يحدث:
-مش فاهم أنا إيه اللي بيحصل ده على رأي المثل يبقى البيت بيت ابونا ويجي الغرب يطردونا.
عقب آسر على حديثه بأسلوب يتغلغله المرح:
-يا جدع عيب اللي بتقوله ده، ده أحنا ولاد عم يعني مش غرب، وبعدين تعالى هنا متسبش سريرك وقوم أحمد ما هو كان لقيط نايم على الكنبة متكلمش امبارح دلوقتي بُقه اتفتح.
خرج يوسف من الغرفة وهاتفه معه تاركًا الاثنان يتشاجران معًا، فلم يُعجب أحمد بالحديث وعقب على كلمات آسر:
-إيه بُقه اتفتح دي كنت شايفني اخرس.
-يعني أنت سبت لقيط ومسكت في بُقك اللي اتفتح، بقولك إيه اتخمد وعلى الله يا أحمد على الله تفرك في السرير ولا تشخر.
لوى شفتيه وصاح ساخرًا وهو يوليه ظهره:
-افرك، وأشخر !!! ده أنت متعرفنيش بقى، مش أنا يا حبيبي اللي يعمل كدة…..
-لما نشوف، اديني حذرتك وعملت اللي عليا.
أما بالخارج حدث ما توقع أحمد واتصل محمد على يوسف فتجاهل مكالماته مدركًا لما سيحدث وكم التساؤلات التي ستطرح عليه حول سبب مجئ آسر، ترك الهاتف وتمدد على الأريكة دقائق وكان يذهب بسبات عميق.
قرب آذان الفجر، كان أحمد يغط هو الآخر في نوم عميق، ممدد على ظهره بأريحية شديدة، يصدر صوت من فمه وأنفه أثناء نومه، مسببًا ضجة بالغرفة، استيقظ آسر على أثرها من نومه.
فتح عين واحدة وقام بلكز أحمد في صدره قائلًا بصوت ناعس:
-أنت يا زفت، بطل شخير، قلقتني من نومي، حسبي الله ونعمة الوكيل فيك يا شيخ.
توقف أحمد عن إصدار تلك الأصوات، فعاد آسر إلى نومه من جديد ولكن قبل أن يغفو تمامًا كان صوت شخير أحمد يعود من جديد ليعلو ويصدح بالغرفة.
تأفف آسر و ضرب بقدميه على الفراش غاضبًا من نومه الذي يتقطع بسبب أحمد.
لكزه مجددًا وهو يردف بصوت أعلى تلك المرة :
-أنت يا نيلة، بطل شخير، مش عارف أنام، ما كنت تنام برة إيه القرف ده.
أجابه أحمد بصوت ناعس لا يشعر بما يقوله:
-حسنًا، حسنًا سأتوقف أنا عن الشخير وتوقف أنت عن رفصي بقدميك.
طالعه آسر مدهوشًا من تحدثه بالفصحى حتى أثناء نوم، معلقًا على حديثه:
-حتى وأنت نايم مش عاتق.
حل الصمت بالغرفة وتقلب آسر ونام على جانبه ورويدًا رويدًا بدأ النوم يغلب عليه.
ولكن تأتي الرياح بما لا تشتهي السفن، وتلك المرة لم يقظه من نومته الأصوات الذي يصدرها أحمد، بل تقلبه بنومته ليصبح وجه أحمد مواجهًا لظهره رافعًا ذراعه دافعًا بها على آسر.
سقطت يد أحمد على كتفيه ثم وجهه.
اوصد آسر جفونه والغضب يتملك منه، لم يفكر بل سارع بالاعتدال و أبعاد ذراع أحمد عنه ثم قام بدفعه عن الفراش تمامًا ليسقط أحمد على الأرض ويرتطم بها، مستيقظًا من نومته أخيرًا وهو يردد بفزع مما حدث:
-لم أفعل شيء، بالله لم أفعل شيء ولم اقترب من الطعام الواد صابر اللي كل صدر الفرخة أنا بحب الورك.
استنكر آسر حديثه وصاح يسخر بحنق وسخط:
-صدر إيه و ورك إيه، فوق يا زفت أنت، عارف قلقت نومي كام مرة، منك لله يا شيخ مش عارف اتهنى على نومه.
نهض أحمد بعنفوان عن الأرض وهو يتجاهل كل حديثه ويسأله:
-أنت اللي وقعتني ولا أنا اللي وقعت؟؟؟ اعترف احسنلك.
-احسنلي؟!!!!! والله، طب آه يا أحمد أنا اللي زقك من على السرير هتعمل إيه أنا عايز اشوف احسنلي دي وراها إيه، هات اخرك.
ابتلع أحمد ريقه ثم قال متراجعًا عن تهديده:
-مش مصدقك، أنت رجولة متعملش حركات العيال دي، وبعتذر على ازعاجك وايقاظك من نومك يا ولد العم، واوعدك تلك المرة سالتزم بالهدوء وسيعم السكون، تصبح على خير، أحلام سعيدة ونومة هانئة.
عاد مكانه وتركه آسر وعاد هو الآخر كي ينام من جديد ولكن النوم قد جفاه، حاول مرة واثنان وثلاث ولكنه فشل بالنهاية ولم يستطع النوم من جديد، والمثير للسخرية أن أحمد التزم الصمت حقًا ولم يعد يصدر أصوات وبات ينام بهدوء.
اطلق آسر سباب لاذع من فمه وهو ينهض ويأتي بعلبه سجائره متجهًا نحو الشرفة مقررًا الجلوس بها….
دخل الشرفة وسحب المقعد وجلس عليه ثم أخرج لفافة التبغ واشعلها سحب نفسًا طويلًا منها ثم زفره على مهل، وهو مغمض عينيه ويريح رأسه للخلف يستمتع بالهواء البارد الذي يلفح وجهه…
ثواني فقط في هذا الهدوء عدا عن بعض الأصوات الخافضة فهناك أشخاص بالمنطقة لم يناموا بعد، بعضهم لم يغلق متجارهم ويجلس خارجها رفقة صديق أو أصدقاء له منهم المتزوج الهارب من المنزل ومنهم العازب ومنهم المرتبط.
لم يبالي آسر بأحد فأصواتهم لم تكن مصدر إزعاج.
وفجأه داهمت “ضياء” وحدته وأفكاره، تذكر المرة الأولى الذي رآها بها، ابتسامتها، صدها له، صوتها العذب الغاضب خاصة في آخر مكالمة أجراها معها اليوم.
لم يدري سبب تذكره لها في هذا الوقت تحديدًا ولم يبالي كي يدرك السبب، مكتفي بابتسامة بسيطة ارتسمت على وجهه.
وقت آذان الفجر استيقظ أحمد وقام بإيقاظ يوسف وبحث عن آسر والذي ظن بالبداية أنه رحل وسعد بهذا ولكن سرعان ما خاب ظنه عندما لمحه يجلس داخل الشرفة ويغط في نوم عميق.
دخل له وايقظه كي ينهض هو الآخر ويذهبان للصلاة في المسجد القريب من المنزل.
استجاب آسر وابدل الثلاث ملابسهم وذهبا لتأديه صلاة الفجر.
~~~~♡♡♡♡~~~~
في اليوم التالي، جاءت “جهاد” برقم جديد وقامت بالاتصال على صابر، وكأن ما حدث بالأمس لم يحدث بتاتًا لا تفكر بعواقب أفعالها.
رن هاتفه أثناء تواجده بالعمل وانشغاله، فلم ينتبه للهاتف حتى.
تأففت من عدم إيجابه ولم تمل أو تكف عن المحاولة مرارًا وتكرارًا، حتى استدعتها إسلام كي تأتي وتباشر معهم العمل فقد كانت تقف خارج المطعم تحاول الوصول إليه.
انزلت هاتفها وهى تتحدث بصوت خافض بينها وبين نفسها:
“ده مش عايز يرد، يالهوي لكون بوظت الدنيا لما سمعت مشورته، يخربيتك يا أحمد ويخربيت اللي يمشي ورا أفكارك المنيلة، بس الحق عليا أني سمعت منك كان لازم اتقل واستنى شوية مستعجلش كدة.
عقب انتهائها من الحديث مع نفسها دخلت المطعم وانشغلت بالعمل، وعندما هدأت الأجواء، أخبرت إسلام وبرق بأنها ستصعد للأعلى لتأتي بشيء ما.
صعدت المنزل ودخلت غرفتها وهاتفها بين يديها، حاولت الاتصال من جديد على صابر ولكنه مثلما حدث مسبقًا لم يجيب.
أطلقت سباب لنفسها ولـ أحمد الذي استمعت إليه دون تفكير وبالأخير لم يضر سواها.
لم تستلم وحاولت الاتصال على أحمد فأجاب عليها مسرعًا:
-السلام عليكم ورحمة الله وبركاته يا زوجة شقيقي وتوأمي المستقبلية.
عقبت تنفي حدوث هذا:
-زوجة إيه بقى، شكلها لن تحدث يا أخي، فأخيك لا يجيب على اتصالاتي من الصباح حتى الآن لحد ما قربت اخلل اه والله هخلل خلاص.
-مش بيجيب ازاي يعني؟
ردت بتهكم:
-أنت بتسالني أنـا !!!! هو مش اخوك أنت.
-أيوة أيوة يا ستي أخويا الصغير أنا اكبر منه بخمس دقايق، بصي ممكن يكون مشغول استني شوية واتصلي تاني وإن شاء الله سيجيب تلك المرة .
-يارب يا اخويا يارب.
بعد ساعة تقريبًا صعدت المنزل من جديد وتركت العمل وتحججت بشيء ما ودخلت الغرفة وأغلقت على نفسها، تكاد تجن، ترغب في الوصول إليه.
أجاب عليها تلك المرة وآتاها صوته :
-ألـــــو.
-ألو إيه بس، كل ده علشان ترد، مش شايف أنا اتصلت بيك كام مرة!!!! أنا من ساعة ما صحيت ولحد دلوقتي عمالة اتصل عليك، معقول مشوفتش اتصلت قد إيه؟؟
قلب عينينه بعد أن عرفها من صوتها، قائلًا:
-أنتي تاني!! هو أنا مش بلكتك امبارح!
-وإيه المشكلة يعني هو البلوك نهاية العالم، طب تعرف أن زي ما البلوك ممكن ينهي علاقات، ممكن يبقى السبب في أنهم يبدأوا من جديد؟!، وأنا عندي إحساس أننا هنبقى من النوع التاني.
خرج صوته ساخرًا:
-واضح أنك عندك مشاكل في الإحساس ابقي روحي اكشفي، يمكن تلاقي علاج وتخفي وتحلي عني و آه متتصليش عليا تاني أنا لحد دلوقتي ماسك اعصابي وبهدي في نفسي.
-ومتصلش ليه، طب أنت عارف أنك فعلًا مشددولي يا صابر؟ بس أنت متعرفش لسة مكتشفتش ده.
عاد يسخر منها من جديد:
-وأنتي بقى اللي اكتشفتي ده.
أكدت له:
-حاجة زي كدة، اصل أنا امبارح كنت بستفزك، عايزة اشوفك هتعمل إيه عارف لو أنت مش مشدودلي كان الكلام ولا هيأثر فيك ولا كنت حتى عملت بلوك اللي هو عادي بس أنت حبيت تثبتلي وتثبت لنفسك قبل مني أني غلط، بس أنا اللي صح وأنت اللي غلــط.
-طيب أنا مضطر اقفل في وشك واسيبك تعيشي مع الاوهام اللي في دماغك دي ونصيحة مني روحي اكشفي ضروري علشان أنتي تعبانة في دماغك ومحتاجة تتعالجي بجد.
عقب إنهائه المكالمة احتضنت الهاتف بسعادة وهي تقول مخمنة ببلاهة شديدة:
-عايزني اروح اكشف، خايف عليا ده ولا إيه.
~~~~♡♡♡♡~~~~
ينشغل “محمد” بالعمل، يغفل تمامًا عن نظرات “إسلام” المرتكزه معه كليًا، فأينما ذهب عينيها تلاحقه، وقلبها تتسارع خفقاته بشكل جنوني بعدما رأته يبتسم مستقبلًا مزاح أحد الزبائن بصدر رحب.
فقد باتت تكن له بعض المشاعر، لا تدري كيف ومتى ولكن منذ أن أدركت حقيقته وما يفعله من أجلها ومن أجل البقاء بجوارها والتقرب منها وكي تبقى تحت أنظاره لأطول وقت ممكن، لا تستطع أخراجه من عقلها، تفكر به كثيرًا حتى أثناء تواجده معاها وأمامها تفكر به !!! فلأول مرة يفعل رجل شيء من أجلها.
ما الذي يحدث معها ومع قلبها المسكين الذي يعيش هذا الشعور لأول مرة ويختبره.
نهرت نفسها وعاتبتها منزعجة من تلك الحالة التي وصلت إليها، فبالرغم من المشاعر التي باتت تكنها إلا أنها تغضب منه وتستنكر فعلته وتبغض كذبه حتى الآن وعدم تحليه بالجراءة لكشف الحقيقة كاملة وتركها تقرر.
تأففت بقوة وصوت مسموع دون أن تشعر وهي تحدث نفسها بصوت خافض:
-يعني مكنش عارف بدل اللف والدوران ده يجي يقولي ويصارحني.
سألتها برق تدعي عدم فهمها وهي لا تتوقف عن تحضير الطلبات:
-مين ده اللي يصارحك ويصارحك بـ إيه.
حدقتها إسلام بنظرة تحذيرية جعلت الأخرى تلزم الصمت، بينما مالت جهاد على أذن إسلام الواقفة بالمنتصف بينها وبين برق تهمس لها:
-ما هو لو كان صارحك كنتي هترفضيه، وهو اكيد عارف ده، بس دلوقتي وبعد ما عرفتي هو عمل إيه عشان يبقى جمبك، خلى قلبك غصب عنك يتحرك واكيد دلوقتي لو جه اعترفلك وقالك كل حاجة قلبك هيحن وهيوافق عليه.
وبصوت خافض مماثل كي لا ينصت أحد إليهم وخاصة هو قالت:
-وأنتي مين قالك أني هوافق عليه اصلا أو حتى هسامحه، ده كداب وكداب كبير كمان.
-يا شيخة ولما هو كدة ما تواجهيه وتمشيه.
-لا مش هعمل كدة، هخليه كدة متمرمط كفاية أنه فاكر نفسه حدق وضاحك عليا وأني معرفش حاجة، أنا هوريه النجوم في عز الضهر.
قطبت جهاد حاجبيها وسألتها بفضول:
-وأنتي هتعملي ده إزاي؟
وبتفكير قالت:
-مش عارفة بس هعمله، أكيد في طريقة.
بعد مرور بعض الوقت هدأ المطعم قليلًا وبات شبه فارغًا، فأقترب محمد من إسلام يخبرها:
-خمسة وراجع هجيب حاجة بس.
وافقت إسلام وهي تهرب من لقاء عينيهم، قائلة:
-روح بس متعوقش.
غادر بالفعل وتسلل لداخل البناية، وصل الطابق المنشود، و وقف قبالة المنزل وسرعان ما رفع يديه وقرع الجرس.
لحظات وكان أحمد يفتح له وقبل أن يتحدث ويقول أي شيء كان محمد يمسك به من تلابيبه ويدخل المنزل مغلقًا الباب من خلفه بقدميه، متمتم من بين أسنانه وبصوت خافض:
-والله العظيم ما أنا عاتقك يا أحمد، اعمل فيك إيه يالا ها، أنا زهقت منك، ناقص مين في العيلة معرفش، وبعدين أنت والزفت التاني مبتردوش على أمي من امبارح ليه، هو أنا مش عمال اتصل.
ابتلع أحمد ريقه وصاح يدافع عن نفسه:
-قسمًا عظمًا يا ابن العم لم أفعل شيء مما يدور في بالك، أنا لم افتن عليك عند آسر.
جاء يوسف على أصواتهم يستفسر عن سبب تلك الضجة:
-في إيه يا جماعة ما تهدأ يا محمد.
-اهدا!! وانتوا خليتوا فيا عقل ولا حيل علشان اهدا، ده كل شوية يجبلي حد من العيلة ويعرف القصة، الأول صابر بعدين أنت، بعدين آسر ده أنا ابصملك بالعشرة أنه في مرة هيدخل عليا بأبويا وجدك وأعمامي، وبعدين تعالوا هنا آسر كان بيعمل إيه هنا امبارح.
لم يدري محمد عن المشكلة التى حلت على رأس آسر وطرد عابد له، على الرغم من معرفة من بالمنزل بذهابه لحدوث شجار بينه وبين والده انتهى بمغادرته المنزل، إلا أنه لم يدرك تلك الحقيقة بعد.
خرج آسر من الغرفة، رافعًا حاجبه متمتم بنبرة ذات مغزى وهو يدنو منه يستفسر هو منه:
-لا ده أنا اللي المفروض أسألك كنت بتعمل إيه امبارح مع البنات تحت.
تبادل محمد وأحمد النظرات فسارع أحمد بتحريك كتفيه بأن ليس لديه دخل بالموضوع.
حرر محمد أحمد من قبضته وتنهد عازمًا على سرد الحقيقة وسبب تواجده بهذا المكان ولكن قبل هذا حذره من أخبار سره لأحد.
انتهى من قص كل شيء على مسامع آسر وبحضور أحمد ويوسف وما أن توقف حتى صاح آسر معجبًا :
-اللـه، حقيقي شابوه ليك، ولا كان يخطر في بالي أنك ممكن تعمل كدة، أنا مصدوم وفي نفس الوقت مبسوط بيك، لا عاش، بس أنت ليه لحد دلوقتي متقدمتش خطوة، هتفضل واقف كدا محلك سر؟؟؟ اتلحلح قول للبت حاجة، اعمل أي حاجة تخلي الموضوع يطور مدام بتحبها وعايزها يا فرحتي وأنت كادب كل الكدب ده ولحد دلوقتي مش مستفيد أي حاجة.
وافق أحمد على حديث آسر وقال مؤيدًا له:
-أجل عليك فعل شيء ما، استظل واقفًا محلك سر، عليك أن تتلحلح يا رجل، قول للفتاة شيء ما، افعل أي شيء قد يساعدك ويجعل العلاقة تتطور طالما تحبها وتريدها، يا فرحتي بكل هذا الكذب الذي لم يفيدك أو ينفعك بشيء حتى الآن.
التفتت آسر برأسه نحوه وقال معقبًا على تقليده له:
-أيوة إيه الإضافة اللي أنت عملتها، أنت بغبغان بتكرر اللي قولته؟؟؟ ما لو عندك جديد قوله.
-جديد اكتر من كدة ده أنا كل اللي قولتله جديد في جديد وأنت مقولتوش.
زفر آسر وقال بصوت عالي:
-يارب صبرني وصبرنا كلنا عليه، المهم كنت بقول إيه، آه لازم تعمل حاجة، حسسها بمشاعرك يا اخي.
أراح محمد ظهره للخلف وهو يفكر فيما عليه أن يفعل كي يظفر بقلبها ويجعلها تشعر به ويتقدم ويتقرب منها أكثر كما شار عليه آسر.
دقائق وكان يهبط للمطعم من جديد، فوجدها تقف بالخارج على أعتاب المطعم.
وعلى الرغم من جهله لسبب وقوفها، اقترب منها يستفسر منها:
-وقفة برة كدة لية.
كانت تدري أين كان ولكنها طرحت سؤالها تدعي جهلها بالأمر تمامًا متجاهلة سؤاله:
-كنت فين؟؟ وفين الحاجة اللي جبتها.
-مجبتهاش، أحمد نادي عليا وطلعتله.
أجاب بدون تفكير، فابتسمت بسمة صغيرة، وقبل أن تلقي أي اسئلة أخرى كان يكرر سؤاله من جديد:
-مقولتيش برضو واقفة برة كدة لية.
-وإيه المشكلة بقى، ما اقف مكان ما اقف هو أنت شريكي ولا لازم استأذن منك اقف فين.
-لا العفو مش القصد، بس يعني وقفتك دي كدة مش حلوة، اللي رايح واللي جاي هيبص عليكي، وفي رجالة عينيهم عايزة تتخزق وتدب فيها رصاص، فـ يعني افضل تخشي جوه.
أنهى حديثه وعينينه تقع على رأسها لينتبه لحجابها المتراجع للخلف قليلًا، مما جعل بعض من خصلاتها الأمامية تظهر من اسفله
وبدون أن يعي تحدث بغيرة واضحة وضوح الشمس تمكنت منه وجعلت النيران تصعد لرأسه:
-ما تغطي شعرك ده، شعرك باين من الطرحة.
تسللت يدها على الفور تهندم من حجابها قائلة:
-إيه ده بجد.
وبذات الغيرة التي لم تقل بل تفاقمت قال:
-خشي بقى اعدلي الطرحة جوه، مش هتعدليها على الباب كدة يعني تقولي للناس اتفرجوا عليا وأنا بغطي شعري.
هزت رأسها بموافقة وكادت تدخل للداخل لكنها توقفت وتراجعت ملتفته له مضيقة عينيها هاتفه بضيق واستنكار لاسلوبه بالحديث وفي ذات الوقت مدهوشة من نفسها فقد كانت على وشك الاستجابة لحديثه:
-إيه ده هو أنت بتكلمني كدة ليه، ما تكلم عدل!! هيجرالك حاجة لو اتكلمت عدل.
-وأنتي كان هيجرالك حاجة لو كنتي فضلتي جوه ومخرجتيش وقفتي هنا وشعرك باين وخليتي اللي يسوى واللي ميسواش يقعد يتفرج عليكي وعلى شعرك.
ردت عليه رد صادم له قبل أن تلج للداخل متسببة في اشعاله أكثر:
-وأنت مالك اصلا، ما تخليك في حالك، أما حشري صحيح.
~~~~♡♡♡♡~~~~
-رايح فين يا يوسف؟
سأل آسر يوسف الذي يقف أمام المرآة بغرفته يتأكد من هيئته، مجيبًا على آسر الجالس على طرف الفراش دون النظر إليه:
-مش قادر اقعد كدة كتير، هنزل أكل كشري.
جرى ريق آسر وقال وهو يضع يده على جوفه يشعر بالجوع:
-الله كشري ده أنا جعان اوي.
تبدلت ملامح يوسف متذكر نصائح أحمد عن ابعاد آسر عن الفتيات، فسارع يرفض نزوله :
-ما تجوع بعيد عني وعن الكشري، آسر أنت مش هينفع تنزل خالص، أنا هنزل علشان اشوفها مش نازل جوع والله.
-يا جدع وأنا مالي بيك، بقولك جعان، اتقي الله.
-هطلبلك اجدعها اكله بس متنزلش.
رفض آسر مُصرًا على النزول معه:
-مش عايز أنا عايز كشري نفسي راحتله.
جاء أحمد من خلفهم وهو يقضم قضمة كبيرة من (الخيار)، متسائلًا بفضول:
-ما الذي يحدث يا شباب؟ الكلام على إيه؟
-الحقني يا أحمد عايز ينزل ياكل كشري.
اتسعت عين أحمد وصاح يعترض هو الآخر مصوبًا حديثه إلى آسر:
-مـــالك ؟؟؟؟ انسى، أنت مش هتهوب من البنات، هل تسمعني؟؟.
-لا لم اسمعك اعتبرني اطرش، وسع بقى كدة أنت وهو عشان جعان وشوية وهقع من طولي وسعوا بقى.
دنا أحمد منه وهو يقوم برفع يديه التي تمسك بالخيار مشجعًا إياه على التهامها:
-لو جعان كُل خيار، الخيار بيشبع صدقني.
قضم آسر منها بالفعل، ثم أخذ ما تبقى منها وأكله دفعة واحدة، تحت نظرات يوسف وأحمد متمتم بعد انتهائه منها :
-أهو كلت الخيارة ومشبعتش برضو، وسعوا بقى وبعدين انتوا خايفين كدة ليه هو أنا هأكلهم.
رد عليه أحمد يحاول أقناعه:
-لو مشبعتش في شنطة في الثلاجة فيها كيلو خيار كُله كله مش خسارة فيك وهتشبع صدقني.
نفخ آسر، فحول أحمد بصره نحو يوسف يشير له بعينيه بالخروج، وبالفعل تسلل يوسف سريعًا خارج الغرفة، وقبل أن يتحدث آسر أو يتحرك خطوة أخرى كان أحمد يغدر به، مفارقًا هو الآخر الحجرة راكضًا للخارج مقفلًا باب الغرفة عليه سريعًا.
وعلى الفور ذهبت يديه يبحث عن المفتاح كي يوصده به ولكن لسوء حظه والصدمة لم يجد مفتاح فاتسعت عينيه وسأل يوسف وهو يقاوم محاولة آسر لفتح الباب من الداخل:
-فين مفتاح الاوضة، أين هو، تبـــــًا…..آسر لو فتح الباب هينفخني وأنا لن استطع مجاراه قوته، بقولك إيه؟؟الجري نص الجدعنة، اجري يا يوســف………
وبالفعل ركض كل من يوسف وأحمد واندفعا خارج المنزل، وبعد خروجهم أخرج يوسف المفتاح وقام بإغلاق باب المنزل بالمفتاح الذي لا يتواجد إلا بحوزته……
تابعه أحمد وهو يبتسم باتساع قائلًا:
-إزاي مجاش في بالي الفكرة دي وأننا نقفل باب الشقة بدل باب الاوضة اللي من غير مفتاح، كم أنا أحمق وأبله كمان.
على الطرف الآخر حاول آسر فتح باب المنزل ولكن دون جدوى، فشعر بالغضب يتملكه فتوجه نحو الشرفة، ينتظر هبوطهم من البناية ورؤيتهم..
وأخيرًا التقطتهم عيناه فصاح بهم بعلو صوته من الشرفة لا يبالي بنظرات أهل المنطقة:
-قسمًا عظمًا يا أحمد أنت وهو لو طالتكم أيدي ما هحلكم.
طالعه الاثنان وارتعدت أوصال يوسف بينما سارع أحمد يهمس له بعدما خطر بعقله تلك الفكرة:
-ياض يا يوسف تلك هي فرصتك استغلها، وافتعل شجارًا معه أمام العامة هيــا فـ لتبدأ.
نالت تلك الفكرة اعجاب يوسف فحمحم قليلًا قبل أن يتحدث، رافعًا بصره إليه مجيبًا عليه بنبرة شرسة اتقنها للغاية ولكن بكلمات حفظها وقام بالقائها دون فهم:
-صحيح صدق اللي قال صاحبك الجدع يعليك أما خسيس العشرة يوطيك.
سأله آسر بعلو صوته:
-قصدك إيه، قصدك أني خسيس طب لو راجل اطلع افتح الباب وأنا اوريك الخساسة على أصولها.
استنكر أحمد كلمته وعلق بخفوت:
-خساسة !!!!! إيه خساسة دي؟؟
جاء “طه الروش” على أصواتهم العالية، مبتسمًا بسمة جانبية وهو يرى أحمد مجددًا.
وقف أمامهم ورفع يده ولكز يوسف في صدره بخفة وهو يردد بنبرة عنيفة عدوانية:
-جرا إيه يا شبح، عامل قلق في المنطقة ليه من ساعة ما جيت.
ارتفع حاجبي يوسف بعدما أخبر نفسه بأن عليه التحلي بالشجاعة والرد على هذ الرجل، نظر ليده التي تجرأت ولمسته، غافلًا عن خروج محمد والفتيات لمشاهدة هذا الشجار الذي على وشك النشوب الآن.
-أهو كيفي كدة، وبعدين أنت مستغني عن أيدك اللي اترفعت عليا دي، شكلك مستغني.
برقت عين طه وتراجع خطوتين للخلف يدعي الذعر والخوف قائلًا:
-لا خوفت بجد، إيه هتكسرهالي ولا هتقطعهالي، بقولك إيه متعمليش فيها روش، عشان الروش هنا واحد بس والواحد ده هو أنا، تسمع عن طه الروش ياض لا لا.
ابتلع يوسف ريقه فقد بات في موقف لا يُحسد عليه، خطته لايقاعها بحبه على وشك الإنهيار.
خطف نظرة نحو مطعمهم فرآها تقف بالفعل وتشاهد ما يحدث.
اكتسب بعض القوة وعقب على كلمات طه المهددة، قائلًا:
-اعتبرني مسمعتش، أو اقولك اعتبر سمعي تقيل، وبعدين لو أنت روش فـ أنا اروش يا روح أمك.
هنا ومال أحمد يهمس بخفوت لـ يوسف بقلق شديد لما هو قادم:
-لا مش ده مش ده، ده مش معانا ده بلطجي بجد ده ممكن يقطعنا ويشوينا وياكلنا ويحلف أنه ما شافنا عادي.
دفع يوسف أحمد بصدره تحت أنظار آسر ومحمد المتابعين لما يحدث مع البقية مستمعين إلى كلمات يوسف الشرسة وصوته الجهوري:
-أخرس أنت.
صدم أحمد من فعله ورد يوسف عليه بل ومن نظرة التحدي التي تشكلت على وجهه.
متسائلًا بينه وبين نفسه هل الحب يصنع المعجزات أم ماذا!!!!
هل حقًا هو على استعداد لخوض عراك مع هذا الـــروش………….
««يتبع»»………………………
فاطمة محمد.
اتمنى الفصل يكون عجبكم وهستنى رأيكم
ومتنسوش
الفوت ونتقابل الفصل الجاي يوم الجمعة إن شاء الله❤
الفصل التالي: اضغط هنا
يتبع.. (رواية الحب كما ينبغي) اضغط على اسم الرواية لتجد الفهرس كاملاً بجميع الفصول.