رواية الحب كما ينبغي الفصل الخامس عشر 15 – بقلم فاطمة محمد

رواية الحب كما ينبغي – الفصل الخامس عشر

الفصل الخامس عشر

الفصل الخامس عشر

الحب كما ينبغي.

فاطمة محمد.

الفصل الخامس عشر.

“أنت عرفت منين الكلام ده؟؟ مين اللي قالك، محمد مش كدة.”

نفى “أحمد” سريعًا ذلك الإتهام عن “محمد” وقص عليه ما حدث وكيف علم بهذا الأمر:

“أقسم بالله ما محمد اللي قالي بس أنا سمعتك وأنت بتكلمه في البلكونة وبتحكيله أنك معجب بيها، وبما اني بدي أختها الصغيرة رضا درس بعد ما أختها جهاد عرضت عليا الفكرة واصلا اصلا رضا دي طفلة فتانة مبيتبلش في بُوقها فولة وبتعترف على أهلها وبتسلمهم تسليم أهالي من غير أي تعب أو مجهود يذكر، المهم خلينا في المهم.”

“اسمع أنت مني وخليك في حالك وملكش دعوة بيا، وأقسم بالله يا أحمد لو حد عرف الموضوع ده هــ ….”

لم يدعه يسترسل متمتم بنبرة سريعة وفضول كبير عما سيفعله معه:

“أيوة خش عليا باللي هتعمله، قولي كدة هتعمل إيه.”

كز على أسنانه وقال بغيظ وغضب:

“هشرب من دمك يا أحمد.”

“لا وحشة وبتتقال من الراجل البُق اللي مبيعملش حاجة، خد الجديدة بقى والرد اللي المفروض ترده عشان تعجبها وتقع في غرامك بقولك البت بتحب السرسجة وعايزة واحد بلطجي وفتوة وفي نفس الوقت قمور وأنت ما شاء الله فيك كل المواصفات من سرسجة لبلطجة إلا قمور دي…”

أطلق ضحكاته بعد سخريته منه، وعندما وجد قسمات وجهه ثابته ولم يبادله ضحكاته توقف وابتلع ريقه ثم هندم ملابسه وابتعد خطوتان وهو يغير من طريقة وقفته مقلدًا تلك الشخصيات التي تتحدث بهذا الشكل:

“لما تيجي تهدد حد خش عليه بـ ما بلاش تقرب مني ده اللي فكر يعملها وربنا زعل مني…”

اشمئز وجه “يوسف” فاعتدل أحمد وهو يسأله:

“ايه معجبتكش.؟؟”

رد عليه بانفعال ونفاذ صبر:

“قرف..اللي بتعمله وبتقوله ده اسمه قرف وبضيعلي وقتي، سبني امشي بقى.”

رفض رحيله وتابع وكأنه لم يتحدث، متمتم:

“طب خلاص خد دول أبويا الله يمسيه بالخير سمعته بيقولهم لعمامك.”

عاد واقفًا مثلما كان، متمتم بطريقة مسرحية ونبرة غليظة وأسلوب يجبر من أمامه على الضحك:

“الدنيا دوامة ومفيش عوامة، والمشي البطال ياما بهدل أبطال، انا يوم ما أبيع مفيش ترجيع، لو لعبت مع الديب استحمل التعذيب وخد بقى الجمدان الجاي ده، حرك شفايفك عشان مش شايفك، ومتجودش ومتقولش علشان مش شايفك، لا هي عشان مش شايفك.”

ضرب “يوسف” كفًا بالآخر وهو يردد بنفاذ صبر :

“أنت مجنون يا بني، إيه الهبل اللي بتعمله وبتقوله ده، وبعدين هو أنت فاكر إني ممكن اعمل كدة بجد؟؟؟؟

ويوم ما اسمح لحد يساعدني هيبقى أنت، ده أنت لو آخر بني آدم مش هخليك تساعدني.”

رفع أحمد يديه محاوطًا ذراعيه من كلا الجانبين متمتم بحسم:

“لا ده أنا الوحيد اللي هساعدك وهتسمع مني يا ابن عمي، انسالي النظارة بتاعتك، وهتغيرلي شعرك الحلو ده، ولبسك ابن الناس ده تنساه، انا عايزك عربجي تعرف تبقى عربجي ؟؟؟”

أزاح “يوسف” يديه عنه وهو يجيب بنبرة وملامح رافضة أي مساعدة منه:

“لا، وشيل الهبل ده من دماغك، وقولتلك وبكررهالك تاني يا أحمد أنت لو آخر بني آدم على وجه الأرض مش هخليك تساعدني، واصلا كل الهبل والهطل اللي بتقوله ده مستحيل اعمله إلا على جثتي…….”

**********

بعد مرور أكثر من شهرين.

تقف “رضا” بشرفة منزلهم على أطراف قدميها كمحاولة منها في مراقبة شارعهم بفضول وحماس كبير قائلة بصوت خافض:

“هو هيوصل امتى بقى.”

جاءت “روضة” من خلفها وهي تتساءل ويديها تداعب خصلاتها بحنان:

“هو مين ده اللي هيوصل امتى ؟؟؟ ”

رفعت رضا رأسها إليها وهي تجيبها:

“جارنا الجديد اللي هيسكن في الشقة اللي قدامنا.”

“مش عارفة بس لحد امبارح كان في عمال بيطلعوا شنطه وحاجته بس معرفش مجاش ليه لحد دلوقتي ومش جاي مع شنطه ليه، صحيح أنتِ عرفتي منين أنه هيوصل انهاردة ما يمكن بكرة ولا بعده أو يمكن مش دلوقتي خالص اصلا.”

اتسعت ابتسامة الصغيرة وهي تجيبها بحماس:

“جهاد سألتهم وقالولها على بكرة اللي هو النهاردة، وبعدين مش دلوقتي خالص ازاي ده شنط هدومه جت، يارب يطلع قمور يارب.”

بالاسفل داخل المطعم.

كان يجلس مجموعة من الفتيات يرتدون الزي المدرسي ويتضح عليهم صغر سنهم وإعجابهم الشديد بـ “محمد” الذي لم ينتبه لهذا وكان يباشر عمله.

على النقيض تمامًا بمن رأت والتقطت هذا الإهتمام وبدأت الغيرة تتسلل إلى قلبها رويدًا رويدًا وتنهش به دون أن تدري هذا.

وضعت طلبات الفتيات على الرخام من أمامها، فالتقطهم محمد وتحرك تجاه طاولتهم وانزل الطلبات وقبل أن يتحرك اوقفته أحدهم وهي تسأله بدلال مفتعل:

“هو انتوا معندكوش حاجة سقعة ولا إيه؟؟ اومال نهدي بُقنا من الشطة إزاي..”

نفى “محمد” سريعًا وقال:

“لا إزاي مفيش، موجود كل حاجة، تحبوا تاخدوا إيه وهنزله على الترابيزة حالًا؟؟”

ابتسمت له واستمرت بالتحدث بطريقتها المزيفة والتي تستخدمها فقط لجذبه إليها:

“ايه نحب دي طيب، أنا بس اللي بكلمك وأنا بس اللي باكل شطة، اصل أنا بحب الأكل يبقى حامي وبعشق الشطة، اقولك هاتلي أي حاجة على ذوقك.”

بعد انتهائها أدرك محمد ناوياها فلم يرد الاحتكاك بها أكثر واستمرار حديثهم فقام بهز رأسه وتحرك من مكانه وجلب لها أول مشروب وقعت يده عليه.

وضعه أمامها ثم غادر سريعًا قاضيًا على أي فرصة للحديث.

غافلًا وجاهلًا عن تلك النيران المشتعلة بقلب حبيبته والتي لم تزيح عينيها من عليه ورأت تلك المحادثة التي حدثت.

لم تتحمل الصمود وأرادت إخراج هذا الغضب.

اندفعت من مكانها وهي تصوب حديثها له متمتمة بنبرة عكست ما تشعر به:

“تعالى معايا عايزة اتكلم معاك.”

دُهش من طلبها وتحرك خلفها نحو إحدى زوايا المطعم، قائلة بصوت خافض ولكنه يحمل من الغيرة والغضب الكثير:

“إحنا مش بنلعب هنا، إحنا بنشتغل ويا تحترم المكان اللي بتشتغل فيه وتحافظ على لقمة عيشك يا إما والله يا محمد هتزعل مني جامد اوي وهقطع عيشك.”

ضاقت عينيه قليلًا متابعًا ايماءات وجهها، وخاصة عينيها العاشق لهم والفاضحان لأمر غيرتها.

ورغم تلذذه واستمتاعه بحالتها تلك، قال بعدم فهم يستفسر منها:

“أنا عملت إيه معلش مش واخد بالي.”

لم تتحكم بنفسها وخرجت زمام الأمور عن سيطرتها وقالت:

“أنت هتستعبط، ولا فاكرني عامية مشوفتكش وأنت واقف مع شوية المفاعيص اللي لسة مطلعوش من البيضة دول وبتكلم معاهم ولا يكونش عجبك أنهم هيموتوا عليك ؟؟؟ ”

اخفى سعادته وابتسم لها وقال بهدوء زائف:

“صدقيني مخدتش بالي من اللي بتقولي عليه واساسا هما ميفرقوش معايا، أنا قلبي وعيني مشغولين بست ستهم فـ أنا مش فاضيلهم ولا حتى مهتم.”

هدأت ولا تدري كيف فعل هذا واستطاع فعله بسهولة وبكلمات بسيطة..!!

بسيطة ولكنها لامست قلبها وجعلته يخفق بشدة وبجنون.

متسائلة عما فعله وكيف بدأ يأثر بها وتتأثر وتهتم بهذا الشكل.

تبادلا النظرات الصامتة..

ورغم صمتها إلا أن عينيهم تحدثت بالكثير.

خفضت عينيها وهربت بهم وبدون أن تنطق حرف زائد تحركت من مكانها.

**********

“بقولك مش معايا، مش معايا يا بني آدم أنت مش مخلي حيلتي حاجة، فلوسي واخدها مني أول بأول…”

رددت “ضياء” كلماتها بغضب مكتوم، فقد تفاقم الوضع سوءًا بينها وبين طارق الذي بات يستغلها أكثر ويأخذ ويطلب منها المال وكلما حاولت التملص وعدم إعطائه كان يقوم بتهديدها وارهابها.

اغتاظ من ردها وقال بصوت عالي ثائر:

“ما تكلمي عدل يا روح امك في ايه مالك أنتِ هتنسي نفسك ولا إيه لا فوقي وبعدين هو كل ما أقولك عايز فلوس تقولي مش معاكي مش معاكي، إيه مش حافظة غيرها ولا ايه، بت أنتِ من الآخر ولاخر مرة هقولهالك أنا عايز 500 جنية ومعاكي لحد بكرة تتصرفيلي في المبلغ ده..”

كادت أن تتحدث وتسأله من أين تأتي بهم فسارع بالمتابعة مهددًا إياها:

“هترجعي لنفس الاسطوانة وتقوليلي معيش، اجبهم منين هقولك مليش فيه، اتشقلبي وجبيهم من تحت الأرض واديني محترم معاكي اهو ومديكي وقت لحد بكرة، سلام يختي.”

اغلق الهاتف في وجهها فقامت بقذف الهاتف على الفراش وعينيها تذرف الدموع بغزارة شاعرة بالشفقة على حالها ولما وصلت إليه……..

**********

“انهاردة فرحي يا جدعان، انهاردة فرحي يا جدعان…”

هكذا كان يدندن “أحمد ” بصوت عالي وهو يلج متراقصًا إلى صالة الألعاب الرياضية الخاصة بوسام صديقه و زوج أخته وعينيه تبحث عنه.

سقط بصره عليه فسارع بالاقتراب منه وهو لا يتوقف عن الغناء والسعادة بادية على وجهه.

التفت إليه وسام وهو يسأله:

“ايه ده أنت هتجوز انهاردة من غير ما تقولنا و لا تعرف حد ولا إيه..”

“ازاي بس يا جدع، ده أنا بغنيلك أنت، أنت مش خلاص عريس و فرحك أنت والبت شقيقتي اتحدد وبعد بكرة وكل حاجة جاهزة و”

لم يدعه يسترسل واضعًا يديه على فمه يمنعه من المتابعة، قائلًا:

“يخربيت شكلك، اخرس ابوس ايدك اخرس مش عايز قر، مش عايز قر يا أحمد الله يخليك.”

أصدر أحمد صوتًا من فمه وكأنه يرغب في الحديث والرد عليه، لم يزيح وسام يديه وسأله:

“عايز تقول حاجة ؟؟”

هز أحمد رأسه تأكيدًا، فصاح وسام يؤكد عليه:

“مفيش قر تمام؟ ”

ومن جديد هز رأسه موافقًا، وما أن ابعد وسام يديه حتى تنفس أحمد الصعداء قائلًا:

“كنت هموت يخربيتك وبدل ما تخش عش الزوجية كنت هتخش القفص الحديدي والقفص هنا مقصود به السجن عشان عارفك غبي ومش هتفهم، وكان هينزل الخبر على كل صفحات السوشيال ميديا ويقولوا شاب وسيم في عز شبابه تم الغدر به وقتله من قِبل زوج أخته والذي كان قد عقد قرآنه فقط وحدث هذا قبل حفل زفافه بيومين فقط…..”

اغمض وسام جفونه يحاول التحلي بالهدوء قدر الإمكان فعاد أحمد يدندن وهو يتراقص والبسمة تعود لتزين وجهه:

“وانهارده فرحي يا جدعان..أيوة يا وسام يا جوز أختي يا جامد….ايه ده في إيه أنت مغمض عينك ليه عايز تأخذ قيلولة ولا إيه؟؟”

وقبل أن يجيبه وسام حرك أحمد رأسه وجابت عينيه بالمكان وكأنه يبحث عن شيء ما…

اقترب من وسام أكثر وقال بصوت خافض:

“بقولك ايه يا عريس انا جايلك في خدمة يعني مش جايلك كدة بلا هدف.”

“قول كدة بقى، أنجز عايز إيه ؟”

“عايزك تشوفلي واحد بعضلات ملهاش أول من آخر..”

دُهش وسام من طلبه وسأله بعدم فهم:

“ده اللي هو ازاي يعني وليه أصلا..”

تنهد “أحمد” ثم وضع يديه على كتف وسام وقال بخفوت:

“بص يا جوز أختي أنت مش غريب ومن العيلة وأنا بصراحة عايزه في سبوبة هيطلع منها بمصلحة جامدة اوي..”

لم يتوقف وسام عن طرح أسئلته متمتم:

“ويا تري ايه هي السبوبة دي ابهرني؟”

مال على أذنيه وقال:

“انا هقولك بس يفضل سر ما بينا، أصل يوسف لو عرف اني قولتلك هيدبحني يرضيك ادبح يا جوز أختي ؟”

“لا إزاي ميرضنيش طبعا..بس إيه دخل يوسف في الموضوع ”

“اصل يوسف بيحب وبيني وبينك عايز يلفت نظرها والبت أصلا دماغها تعبانة ونفسها في واحد سرسجي على بلطجي على فتوة فـ احنا بقالنا فترة بنضبطها أنا ومحمد وخدنا ليوسف الشقة اللي قصادهم والباب في الباب حتى الدخلة اللي هيدخل بيها المنطقة، ودلوقتي ناقصنا بس الواد اللي يوسف هيعمل شو بيه في المنطقة، بقولك إيه ما تعمل في الواد جميلة وتعالى اعمل الدور أنت واهو نوفر الفلوس اللي كنا هندفعها وبكفيانا مصاريف إيه رأيك في العرض..”

“أنت عبيط يالا ولا مش ملاحظ اني عريس، اش حال أنت داخل وعمال تغنيلي عشان فرحي اللي بعد يومين، واد يا أحمد ابعد عني ولو على الحوار ده فسهل وسيبه عليا انتوا عايزينه امتى بضبط؟؟”

سعد أحمد وقال بحماس:

“يعني لو تعرف يبقى بكرة اصل خير البر عاجلة، ولو الدنيا تمام كلمني واديني رقمه عشان نكلمه ونضبط دنيتنا معاه….”

انتهى ثم نظر بساعة معصمه قائلًا:

“الواد يوسف زمانه على وصول دلوقتي ربنا يستر.”

**********

ترجل “يوسف” من إحدى العربات الصغيرة “توكتوك” والتي صفت أمام المطعم مثلما طلب منه يوسف

والذي بات كأنه شخصًا آخر….

حيث تخلى عن نظارته، وكان يرتدي سروال أسود قام بإدخال نصف قميصه الازرق بداخله وعلى جانب السروال كان يتواجد سلسال فضي معلق.

ارتدى مثله حول عنقه وكذلك كان يرتدي اساور فضية فقد استعان بالكثير من الفضة في طلته.

كما قام بتطويل لحيته وتقصير خصلاته مرتدًا قبعة رجالية قام بارتدائها بطريقة عكسية.

كذلك طال التغيير حاجبه الأيسر بعدما جعله مشقوق من المنتصف.

رآه “محمد” فقال متعمدًا وهو يسرق نظرة نحو برق كي يصل إليها حديثه:

“الساكن الجديد شكله وصل، هو ايه اللي عمله في نفسه ده، شكله بتاع مشاكل..”

اعترى الفضول الفتيات وتركوا مكانهم ونظروا للخارج حيث ينظر محمد الذي ابتسم بخبث فها هو مخططهم ينجح.

اعتدل يوسف بوقفته ورفع يديه يهندم قبعته بيد والأخرى كان يلتقط سيجارته الذي يضعها بفمه قاذفًا إياها ارضًا داهسًا إياها بحذائه.

وبعد انتهائه دس يديه بجيبه واخرج منها ورقة نقدية منحها للسائق الذي أمعن النظر بها وقبل أن يتحرك يوسف صاح به:

“رايح فين يا نجم هات عشرة جنية كمان.”

ارتفع حاجبي يوسف وصاح بنبرة غليظة عالية:

“عشة جني كمان ليه، ده أنا مش هديك جني زيادة عايز عشة مرة واحدة بقولك ايه اتمسى وقول يا مسا انا لسة مصطبحتش؟؟؟”

أدى السائق دوره ببراعة مثلما اتفقوا معه ملقيًا الكلمات المتفق عليها بصوت عالي:

“أنت فتوة يعني ولا إيه؟؟؟ بقولك هات العشرة جنية.”

أكد “يوسف” كلمات السائق وقال بعنف خافيًا توتره من الحشد الذي بات حولهم يتابع شجارهم:

“اه فتوة يــــالا واتمسى قولتلك..”

“طب مش هتمسى وفلوسي تطلع عشان مزعلكش.”

ارتفع حاجبي يوسف وسرق نظرة نحو محمد الواقف بجوار برق و إسلام وهز له رأسه يشجعه على المتابعة وأنه يحسن صنعًا.

ابتلع يوسف ريقه وتابع بذات الطريقة:

“طب بقولك ايه يا تخليك قد كلامك يا تخلي كلامك على قدك، وأنت اللي جبته لنفسك ياض…”

هنا وجاء دور محمد الذي سارع بالتحرك والتدخل تحت أنظار كلا من برق وإسلام مربتًا على صدر يوسف قائلًا:

“اهدا يا نجم خلاص حصل خير اديله العشرة جنية وخليه يمشي.”

“مش هياخد العشة جني، ويا أنا يا هو، مش هيمشي كلامه، كلامي أنا اللي هيمشي…”

التفت محمد تلك المرة إلى السائق وقال له وهو يخرج من جيبه الورقة النقدية الذي طلبها :

“خلاص يسطا حصل خير نهارك أبيض.”

هز السائق رأسه وقال وهو يعود مستقلًا عربته ويتحرك بها:

“ماشي يا أستاذ عشان خاطرك بس..”

“لا يا روح امك ا

قاطعه محمد قائلًا:

“خلاص يا شبح مشي مضايقش نفسك حصل خير…”

عقب يوسف بصوت عالي وضجر مزيف على ملامحه:

“خير ايه أنا لسة بقول بسم الله في المنطقة، بس هي باينة من أولها، بس قسمًا عظمًا اي عوق أو عوج مش هسكت انتوا لسة متعرفونيش….”

أنهى جملته وهو يذهب ببصره تجاه برق والتي كانت تلمع عينيها ببريق غريب ويظهر عليها إعجابها به فرغم كل ما فعله من تغيير إلا أن وسامته لم تخفى وكانت واضحة للعيان.

لاحظ محمد نظراته المثبته عليها فقال بصوت خافض يقظه مما فيه:

“بتعمل ايه يحرقك متبصلهاش هتبوظ كل اللي عملناه.”

فاق يوسف وتطلع به طاردًا تلك المشاعر والأفكار التي سيطرت عليه..متحركًا من مكانه متجهًا صوب البناية.

في ذات الوقت كان رضا وروضة يتابعان ما حدث فقد خرجا على أصواتهم العالية، فصاحت رضا بابتسامة واسعة:

“الحقي يا روضة ده داخل العمارة بتاعتنا بجد، دي برق هتعمل فرح…”

***********

في المساء، يقف “صابر” أمام مكتبته التي تحوي على العديد من الكتب الخاصة به والذي قرأ معظمها.

حائرًا بين ثلاث كتب.

وحينما حسم أمره و وقع اختياره على أحدهم وقبل أن ياخذه من مكانه كان جابر يلج من الباب دون استئذان متمتم:

“أنت هنا يا آخره صبري.”

تطلع صابر حوله ببرود ثم أجاب:

“لا مش هنا أنا هناك.”

ابتسم جابر بسماجة وعلق:

“خفة دمك هتموتني في مرة يا واد يا صابر والله، ألا قولي في سؤال هموت وأسالهولك من بدري.”

تنهد صابر ثم قال سامحًا له بطرح سؤاله:

“اتفضل يا بابا.”

“أنت ليه طالع كدة ؟؟ ”

قطب صابر حاجبيه بعدم فهم، فتابع جابر يوضح له أكثر وأكثر:

“يعني شخصيتك غريبة محدش في العيلة كدة لا عيلتي ولا عيلة ثراء فـ أنت كدة لمين مش المفروض أنها جينات ولا اللي أنت فيه ده مش جينات..”

“انا زي الفل على فكرة.”

“أيوة أيوة مش محتاج تقولي أنا شايف ده وكلنا شايفين ده، بس أقولك يمكن تكون كدة علشان لسة ملقتش اللي تغيرك، مين عارف يمكن لما تحب يـ

لم يدعه يتابع حديثه عن الحب، وهتف بلامبالاة:

“انا لسة قايل إني زي الفل ومش مستني حد يغيرني ولو فعلا هرتبط ولو أن ده صعب، فـ التغيير هيبقى عند الطرف التاني مش أنا اللي هتغير .”

ابتسم جابر باتساع و رفع يديه و وضعها على كتفيه ملقيًا على مسامعه تلك الكلمات:

“متهيألك، كتير قبلك افتكروا أن عُمرهم ما هيتغيروا بس لما الفاس وقعت في الرأس والقلب دق، كل حاجة اتغيرت، وبعدين مين عارف يمكن تقابل واحدة تغيرك للأحسن وقبل ما تقاطعني وتقولي أنك زي الفل انا عارف يا حبيبي أنك زي الفل بس ممكن تخليك زي الفل اكتر واكتر، الحب بيصنع المعجزات يا بني وده مش كلام افلام و روايات ده كلام واقعي جدا وموجود وبيحصل وهيفضل يحصل.”

وبإصرار ردد صابر بملامح ثابتة لا يصدق كلمات والده:

“يحصل مع أي حد إلا أنا، انا أخترت اكون كدة وحبيت وحابب نفسي كدة، ومش هسمح لاي حد مين ما كان يكون يغيرني، نقدر نقول إن دي مهمة مستحيلة.

لم يرغب بمجادلته أكثر من هذا و قال وهو يبتعد عنه و يلتقط إحدى الكتب:

“هنشوف مهمة مستحيلة ولا شبه مستحيلة، قولي الكتاب ده بيكلم عن إيه.”

كاد يجاوبه صابر لولا دفع جابر للكتاب على الطاولة أمامه متمتم بعدم اهتمام:

“أو مش مهم كدة كدة معنديش خلق اقعد اقرأ حاجة، انا نازل ما تيجي تنزل تقعد معانا..”

رمق صابر الكتاب الذي دفعه جابر و وضعه في مكان غير محله، فالتقطه واضعًا إياه محله، ملتقطًا الكتاب الذي وقع اختياره عليه قبل مداهمة جابر الغرفة، وهو يردد:

“هقعد اقرأ كتاب لو خلصته هبقى انزل.”

ارتسمت السخرية على وجهه وهتف وهو يحدق بكتبه ثم الكتاب الواقع بين يد صابر:

“تخلص ايه هي كتبك دي بتخلص ؟؟ ده احنا كدة هنشوفك الاسبوع الجاي وعليك خير كل ده كتاب يا بابا، يخربيت طولة بالك، هجيب صبر منين تقعد تقرأ كل الكتاب ده.”

هنا وتذكر شيء وتابع مازحًا:

“صح صح نسيت اكيد هتاخد شوية صبر من اسمك، يلا تصبح على خير يا بني..”

بعد خروجه قام صابر بتخفيف إضاءة الغرفة وجعلها خافتة، جالسًا على مقعد يتواجد على مقربة من مكتبته وبدأ في الانسجام بالقراءة مستمتعًا بهذا الهدوء شاعرًا براحة لا مثيل لها.

هدوء وراحة لم يدومان طويلًا فقد رن هاتفه منتشلًا إياه من تلك الأجواء.

ترك الكتاب ونهض من محله والتقط الهاتف يرى هوية المتصل فوجده رقم غير مدون.

لم ينتظر أكثر واجاب عليه متمتم بهدوء ممزوج ببروده المعتاد:

“مين معايا.”

وصل إليه صوت أنثوي متمتم:

“الناس يا أخويا تقول الو، مساء الخير، صباح الخير السلام عليكم ، وعليكم السلام، مش مين معايا.”

زادت دهشته وسأل من جديد:

“مين اللي معايا؟؟؟؟”

“برضو ؟؟؟ طب مش هقولك، اقولك حزر فزر يا اسمك إيه أنا اسمي إيه….”

يتبع.

فاطمة محمد.

الفصل التالي: اضغط هنا

يتبع.. (رواية الحب كما ينبغي) اضغط على اسم الرواية لتجد الفهرس كاملاً بجميع الفصول.

أضف تعليق