رواية رحماك الجزء الثالث – الفصل الرابع
ـــــــــــــــــــــــــــــــــ
بسم الله الرحمن الرحيم..
اللهم إني أسألك يا فارج الهم، و يا كاشف الغم، يا مجيب دعوة المضطرين، يا رحمن الدنيا، يا رحيم الآخرة، أرحمني برحمتك. اللهم ما أخشاه أن يكون صعباً هوّنه وما أخشاه أن يكون عسيراً يسّره وما أخشاه أن يكون شراً إجعل لي فيه خيراً ولا تجعلني أخشى سواك
ـــــــــــــــ
(أبكي ظلما، شوقا، وخيبه)
بمنزل رضوان..
خرجت ربات البيوت الذين يقطنون العمارة معهم مفزوعين من قوه الدق علي الباب..ووقفوا يتلصصون علي مايحدث.
العسكري بسرعه افلجتها عادت لأثرها للخلف….
ـ إنتي خلود رضوان ؟
إنخطف لون وجهها، وهزت رأسها للأعلي والاسفل بسرعه، بعدما كون عقلها فكره عما يحدث.. …
لم تعد تشعر بشئ من حولها،ولا حتي صوت همهمات النساء من الأعلي والاسفل.. لقد قضت الليل كله خائفه، مرتعبه من تهديد لمار لها، ومن موقف كهذا…لقد فعلتها إذن..
أعاد العسكري عليهآ السؤال مره أخري بصبر..
ـ إنتي خلود رضوان..
وعاد بنظره لوالدتها
ـ دي بنتك ياحاجه.؟
ردت خلود بلا روح، جسدها يرتجف بشده..
ـ أيوا أنا..أنا خلود رضوان..
أزاحتها والدتها التي سحبت الدماء من جسدها، لتقف خلفها بحمايه، ووضعت يد علي قلبها والأخري تحاوط إبنتها بها.
ـ في إيه يابيه، بنتي عملت إيه..بتسألوا عليها ليه؟
تنهد العسكري ونظر للخلف حيث إلتفت النساء، وأعاد نظره علي المرأه وإبنتها بشفقه ..
إقترب منها قليلا محاولا تهدأه نبره صوته،حتي لا تتسمع عليه النساء، ولكن هيهات..
ـ بصي ياحاجه بنتك متقدم فيها بلاغ في القسم انها سرقت تليفون بنت زميله ليها..وإظاهر إن البنت الللي مقدمه البلاغ بنت ناس عليوي أوي..فأنا عشان الشوشره، وبنتك لسه صغيره، وسمعتها والجيران..هروح أنا، وتعالوا ورايا القسم، وهناك هتعرفوا كل حاجه من الظابط المسؤل، انا بنفذ الأوامر بس ياحاجه علي عيني….
لطمت زينب خديها غير واعيه للنساء التي إلتفت حولها، يتهامسون فيما بينهم…
ـ يلهووى سرقه..أنا بنتي لا يمكن تعمل كده..لا يمكن..
نظرت لإبنتها التي تقف ترتعش خلفها ممسكه بجلبابها، كطفله صغيره..
ـ إنطقي ياخلود إيه إللي حصل ياقلب أمك..
خرج صوت خلود مرتجفا، مختنقا..
ـ والله ياماما، ماعملت حاجه..والله دي بتكدب وبتفتري عليا..أنا عمري مامديت إيدي علي حاجه حد خالص، ولا اعرف تليفونها اصلا شكله إيه…
جلست زينب أرضا تضع يدها علي قلبها..تتمتم بلا توقف..
ـ لله الامر من قبل ومن بعد..لاحول ولا قوة إلا بالله..إنا لله وإن إليه راجعون..ربنا يأذي المؤذي.
يااارب ملناش غيرك..يااارب..ألطف بينا يارب
إقتربت خلود بجسد يرتجف ودموعها أغرقت وجهها..
ـ ماما إنتي كويسه ياماما..والله ياماما ماعملت حاجه إسألي خديجه أنا حكتلها إللي حصل كله..
علي ذكر خديجه …
مالت المرأه بظهرها للخلف..وهي تضغط بكف يدها بقوه علي قلبها…وشهقت وكأنها تودع الحياة..
صاحت خلود بلوعه عليها..
ـ ياماما..ياماما والنبي ردي عليا..أنا بريئه والله ماعملت حاجه..
حاولت زينب إخراج صوتها..
وبصوت يكاد يسمع…
ـ اتصلي علي أبوكي ياخلود..
انتفضت خلود من مكانها تجري علي الهاتف تهاتف والدها وشقيقتها…
التفت النساء حولها..يتهامسون إحداهم تدلك صدرها وأخري يديها..
دقائق وكانت تصعد خديجه الدرج لهثا وخلفها والدها…
رضوان بتعب من الركض.
ـ في إيه ياخلود أمك مالها يابنتي…؟.
كانت ترتعش بجانب جسد والدتها المسجي أرضا.. يديها تحتضن والدتها تاره، وتاره أخري تصم أذنيها عن الحديث الدائر حولها من نساء الجيران وحديثهم الذي يسم جسدها
إحداهم..شوفو البت طلعت حراميه..
أخري..ياعيني أمها هتموت بحسرتها، آدي البنات وإللي بيجي منهم…
خديجه بصدمه وغضب.. إبعدو عنها..، بسرعه يابابا نوديها المستشفي أمي هتروح مننا..
وقفت خلود ترتجف بالزاويه بجانب الباب.. وهي تنظر لما يحدث كالمغيبه، إنتبهت خديجه عليها بعدما حمل أبيها والدتها، بمساعدة شباب الجيران للتاكس الخاص به..
اقتربت منها بسرعه، وخطفت يدها وسحبتها خلفها..
تيبست قدم خلود بالأرض…فجذبتها شقيقتها مره اخري بقوه، وأمسكت بوجهها بحده..
ـ فوقي ياخلود ماما هتبقي كويسه، يالا بينا نلحقها….
هنا فاقت خلود، وتحدثت بهستيريا..
أنا السبب ياخديجه..أمك هتموت وأنا السبب..
كانت تسحبها بقوه وشقيقتها تتمتم بهيستريا، إلي أن وصلت للتاكس الخاص بأبيها..ودفعت بأختها جبرا، بجانب والدها وهي بجانب والدتها..الغائبه عن الوعي، ورفضت بشده
أن يأتي أحدا معهم..
بسرعه البرق وصل والدهم المشفي الحكومي القريبه من الحي الذي يقطنون به…
بعد ساعه..
كانت خديجه تحتضن شقيقتها خلود بحنان، تمسد علي رأسها حتي تهدأ رجفتها..وتطمأن.. أمام غرفة العناية المركزه، التي أوضعوا زينب بها..
والدهم يجلس منكس الرأس أمامهم..واضعا رأسه بين كفيه..
رفع رضوان رأسه بإتجاه إبنتيه..مرددا بخيبه، وحسره..
ـ عليه العوض ومنه العوض يابنتي، مستقبلك ضاع ياخلود..ليه مقلتليش يابنتي..
خلود بنحيب..والله يابابا مظلومه..أنا معملتش حاجه..
خديجه بحده..يابابا خلود متعملش كده، وإنت عارف كده كويس، ولولا اني خفت علي ماما إمبارح كنت رحت ضحكت عالمستر دا الدنيا، ووريتها بنت الأكابر دي..
رضوان بكسره….ويفيد بإيه يابنتي نضحك عليه وعليها الدنيا، بعد ما انفضحنا وأختك هي إللي إنفضحت في الحاره، والكل بقي عارف إنها حراميه..ولا أمك اللي كانت هتروح فيها دي لولا ستر ربنا..
خديجه بكسره..
ـ طب وهنعمل إيه دلوقت يابابا..لازم خلود تروح القسم..وإلا هيجي هياخدوها جبر في البوكس، وكده يبقي إنفضحنا رسمي..
إستقام رضوان ومد يده جذب خلود من أحضان شقيقتها، ولف ذراعه بحنان حولها..إنفجرت بالبكاء علي إثرها..
ـ والله مظلومه يايابا..
رضوان بحزن..
ـ عارف ياقلب أبوكي، ربنا يظلم إللي ظلمتك يابنتي..
ربنا يظلمها ومتلقيش إللي يخرجها من ظلمها، قادر ياكريم..
إرتمت بأحضان والدها، تختبأ به من قسوه الأيام، وظلم الخلق عليها.
طبطب علي ظهرها ونظر لخديجه..
ـ هسيبك إنتي هنا…وأنا وأختك هنروح، ورزقنا علي الله يابنتي..
خديجه بخوف حقيقي دب بقلب، حينما تصورت ماقد يحدث لها….
ـ لازم محامي يابابا..متروحش لوحدك..
إستدار يحث خلود علي السير، بعدما قبل رأسها بحنان..
ـ هحاول أحلها ودي مع أهل البنت يابنتي ان شاءالله اجيبلها تليفون غيره..حتي لو هبيع التاكس واستلف من طوب الأرض..
ـــــــــــــــــــــــــــــــــ
إسبانيا..
عادت للخلف سريعا، تبحث عنه
تقسم لمحت عينيه وهل تخطأ بها يوما..؟
قلبها يدق بسرعة، كما لو كانت تعدو في سباق..
تدور حول نفسها بالمكان، تهمس بإسمه، محمد..
ـ لمحها تهرول للخارج تبحث بعينيها عنه.
هل شعرت به، وبوجوده؟، كما يشعر بها ولو كانت بآخر الدنيا..
لو تألمت تألم هو أضعاف، مثلما حدث بتلك الليلة، ليلة ولادتها لتوأمها..
يتذكر كم بكا، وتوسل لفريده أن تطمأنه عليها…كان يختنق بلا سبب، ويشعر بوجع بصدره لا مثيل له..
شعر علي الفور أنها ليست بخير..فحدث فريدة بعدما يأس من أن يزول الوجع، ويأس من أن يسيطر علي لهفته عليها، وخوفه من أنه قد يكون أصابها مكروه ما..
كانت فريدة بالقرب منها تلك الليله، وهي تتألم وتبكي، ولكنها رفضت أن تريحه..أغلق ومازالت تلك الغصه بقلبه، بل وتزداد.
عاود الإتصال بها ، وصرخ عليها أن تريح قلبه عليها..
كذبها وأخبرها أنه يشعر بها، ليست بخير
تلك المره أخبرته، وهو يستمع لصوت بكاء أطفال بجانبها.
أجابته بما طمأن قلبه، وأدماه بنفس الوقت..
ـ أنها أنجبت توأميها..
عاد يتوسل لها أن يستمع لصوتها ليطمأن، صوتها فقط.، وسيبتعد إلي الآبد..
وكان له..ما أراد..إستمع لصوتها المتعب، وهي تخبر فريده أن طفلها يشبه والده كثيرا ، أغلق الهاتف بعدها سريعا، وإنخرط ببكاء حار، يبكي عمرا ضائعا، وأطفالا منها ظلوا ليالي يختارا معا أسماءا لهم..وأمنيات ظلت بالقلب عالقه..إلي أن وأدت بمكانها..لم ولن تتحقق معها أبدا
عشق قدمه بيديه لآخر، سقاه من حنانه، وكانت نتيجته طفلان لم ولن يحصل علي مثلهما مدي الحياه..
أغمض عينيه بوجع، وإختبأ سريعا خلف تلك السياره المرصوصه أمام منزلها..
يبتسم ويبكي..يحمدالله علي إستجابه الدعاء، ولو كان بعد سنوات..
خمس سنوات مرت عليه يدعو الله ليلا ونهارا، أن يبرد علي قلبه، ويمن عليه باللقاء…
وجاءت صدفتها البارحه، أجمل من أي لقاء..
رغم وهنه و مرضه..إلا أنها كانت أجمل صدفه مرت عليه..
لقياها وعشقها كان أجمل الاقدار، وفراقها كان أغبي قرار..
ليته أبقاها بجانبه، ومات علي يديها، وإنتهي، كان سيكون أجمل فراق
ـ إقتربت ببطئ من تلك السياره المرصوصه بالقرب من منزلها، قلبها يخبرها أنه هنا بجانبها..
سارت علي أطراف أصابعها ودارت للجهه الأخري من السياره..
إلا أن تلاشت المسافه بينهم، وأصبحت علي بعد خطوة واحده منه..
كادت تخطوها، إلا أن صوتا باكيا من خلفها جعلها تعود بسرعه له..
كان صوت مياسين الباكي..
ـ مام…
جحظت عيناه. وهو يراها علي بعد خطوه منه..لو لم تنادي طفلتها عليها، لكانا الآن أمام بعضهم البعض..
زفر براحه، واستقام ببطئ ينظر عليها، كانت تحمل طفلتها علي ذراعيها، وتتمسك بيد طفلها ..عينيها مازالت تحوم هنا وهنا، علها تلمحه…
حانت إلتفاته أخيره منها للخلف..مازال قلبها يخبرها أنه هنا..
فإنخفض أرضا بسرعه، واضعا يديه علي قلبه..
رافعا رأسه للأعلي..ينشد الرحمه من الخالق..
دقائق وإستقام يتأكد من أنها دلفت للداخل..
زفر بحزن بعدما تأكد أنها لم تعد هنا.
تقدم ببطئ، ووقف أمام بيتها يلقي نظره وداع أخيره عليها..
هامسا بحزن وإشتياق لها منذ الآن ويديه تتمسك بسلسالها.. حزن يمزق قلبه..
ـ فراقك بيوجع أوي ياسولاف.. بس ما باليد حيله، ربنا يصبرني..
أستدار غير واعيا..لمن وقفت بالشرفه تبحث بعينيها عنه
ـ مستحيل يكون تهيؤات..أنا شوفته بعنيا..
وقعت عينيها علي أحدهم يدلف لسياره أجره أمام منزلها..
شهقت بصدمه، وصرخت بلا وعي..حينما لمحت وجهه
ـ محمد..محمد..
ـــــــــــــــــــــــــــ
مطار القاهره..
تسير بجانبه كضائعه، تدور بعينيها يمينا ويسارا..بعد فراق دام سنوات…عن الوطن..
كانت تظن أن وجوده بجانبها أمان، واطمئنان، ولكن لما لا تشعر به الآن؟، لما ترتجف من الداخل كطفل مذعور…
عينيها تحاربها لترفع راية الإستسلام، وتطلق العنان لدموعها مره أخري، بعدما إستطاعت السيطره عليها أخيرا….
تيبست قدميها بالأرض حينما انتبهت لعز الدين، وڤيرا اللذان يقفان بجانب بعضهم البعض، ينتظراها بالخارج…
أفلتت يديها من يديه، الممسكه بها بقوه..وأطلقت قدميها للريح..
تنادي عليهم كطفله فقدت والديها، وأخيرا التقت بهم.. …
إرتمت سريعا بحضن ڤيرا التي إستقبلتها كالعاده بصدر رحب..وإنفجرت بالبكاء..
ڤيرا بحزن عليها….
ـ قلب ڤيرا إهدي..أنتي هنا بأمان محدش هيقدر يمد إيده عليكي..إهدي..إحنا معاكي، ومش هنسمح لحد يأذيكي..
إقترب عزالدين سريعا من رائد الذي ينظر لما يحدث بملامح جامده..
جذبه من ذراعه ليبتعدا قليلا من جانبهم….
ـ مالك يارائد في إيه؟
زفر رائد بتعب..
ـ مفيش ياعز..أنا تمام..
عز بصبر..أنا عارف أن الموضوع صعب عليك يارائد، وإنك صبرت كتير بس أنا قولتلك من الاول بلاها التمثيليه دي، وصارحها بالحقيقة.ميسم إتلعب عليها، وكانت مش واعيه للي بيحصل حواليها..كانت طفله وأنا قولتلك لو أعرف ساعتها إن إنت إللي هتتجوزه، مكنتش ساعدتها تخرج برا البلد أبداً، جدي إستغل غيابي وجوزها وتتمم الجوازه، لأن عارف إني لايمكن كنت هوافقه
رائد بغضب.. عارف ياعز مش كل شويه تفكرني، أنا كل إللي عاوز أعرفه مين لعب عليها..عاوز أعرف مين ساعدها تهرب من وسطنا كلنا الليله إياها، وبعد ما تمضي بنفسها عالقسيمه وتبقي مراتي، مين ياعز؟
أعرف مين بس ..وأنا اقسم بالله ما هرحمه…
عز بغضب…معرفش..وهي مقالتش وأنا محبتش اضغط عليها.. كفايه الخوف إللي هيا فيه، ومتنساش أن ممكن اللي ساعدها يكون بيضغط عليها للآن، دي مهمتك إنت بعد ما تبقي في بيتك، ياتحتويها وتعرف مين الشيطان إللي بيهددها، ياتسيبها تكرهك وتكره اليوم إللي عرفتك فيه…
أغمض رائد عينيه بغضب من حديثه، وعاد بنظره لها..مازالت تبكي، وآاه من بكاءها، وما يفعل به..
لو إستطاع لجلب لها سعاده الكون بأكمله بين يديها..لكنها والله أيام ثقال، وما هو آت سيكون صعبا عليهم جميعا. ..
أكثر ما يهابه، هو ردت فعلها بعدما تعرف الحقيقه..
وأن من ألتقته صدفه منذ سنوات، ليس إلا زوجها الذي هربت منه، وأن صدفته بها، كان مدبرا لها من أجل الانتقام..
انسحب بهدوء، بعدما ودع عز علي وعد باللقاء
مؤكدا عليه أن بعد يومين بالبلده سيكون العرس الكبير الذي إتفق عليه مع جده وجدها…. ليقطعا الألسنة التي تطاولت علي غيابها، تطاولات إستمرت لسنوات.. وآن أوان أن تنتهي وإلي الأبد،
لم يقترب منها ليودعها.سار بطريق آخر غير الذي سارت به مع إبن عمها وزوجته..
ألقي نظره وداع عليها، علي أمل أنه سيلقاها قريبا..وسيبدأ عهد آخر له معها..
إما أن تربيه، وإما أن يربيها هو…
ألتفتت تبحث عنه كالمجنونه بعدما، إقترب عز منهم وحيدا..
ـ أومال رائد فين؟
عز بهدوء..روح بيته كده مهمته إنتهت..
بصدمه سألته..
ـ إنتهت إزاي؟، هو وعدني إنه هيفضل جمبي..ومش هيسبني
عز بصبر ..وهو يدفعها لتصعد السياره
ـ مش وقت الكلام دا ياميسم..إركبي عشان لسه قدامنا طريق سفر طويل.. وبعدين نفكر في رائد واللي هيحصل..المهم إنتي دلوقت..
دلفت للسياره، وعينيها تبحث عنه يمينا ويسارا
كان هو يقف بعيدا بجانب سياره مروان الذي أتي ليقله من المطار…ينظر إليها بخوف وحزن..مهما فعلت، لن يستطيع القسوه عليها..دائما يغلبه عشقه لها..
مروان بخبث..نفسي فيه..؟
نظر رائد له بصدمه..
لاااا انت قعدتك مع حماتك، بقت خطر عليك..إنت بتجيب امثال أنا نفسي معرفهاش..
مروان بغيظ..أسكت ياعم ماتفكرنيش بيها..خليني ساكت..
رائد بضحك..ليك حق بصراحه، يالا الله يعينك..
ـ يأست وعادت بظهرها للخلف..من أن تراه..
همست برجاء وهي تنظر للخارج بشرود..
ـ يارب…
فيرا بحنان..ان شاءالله كل حاجه هتبقي كويسه..المهم بس انتي ارتاحي كده، ومتحمليش هم…
ميسم بغضب..هو كله متفاءل كدا ليه؟، .هو إنتو مش حاسين بالمصيبه إللي أنا فيها..انا يمكن بعد ساعات أكون مقتوله..
إلي هنا وإنفجرت بالبكاء..
نظر عز لفيرا وإبتسم بخبث..وأجلي صوته..
ـ تنقتلي إزاي، وانا معاكي ياهبله انتي، وبعدين لو هيحاسبو يبقوا يحاسبوني معاكي، عشان أنا إللي ساعدتك تخرجي من البلد..
ميسم بغيظ..وهيحاسبوك ليه أن شاءالله، جدك بيحبك زي عنيه، ماانت ولد إنما أنا بنت..طول عمره بيكرهني..
تنهدت ڤيرا بحزن عليها..الجميع بالبلده يفكرون بنفس الطريقة الولد والبنت، الولد سند والابنه عار تستحق القتل..
هي بنفسها عانت من هذا الظلم لسنوات بل وعلي أشد، لا أحد يعلم كم تعبت، حتي إستطاعت القدوم لهنا مره أخري
نظرت لعز بحزن، وآثرت الصمت.. أوقف عز سيارته مره واحده، علي جانب الطريق.. مما آثار الريبه في قلب رائد الذي يتبعه بسياره مروان بهدوء حتي لا يلمحانه، إلتف عز برأسه لميسم، التي وضعت وجهها بين كفيها ومد يده لها بهاتفه الذي يرن منذ صعدت للسياره بلا توقف..
ـ خدي ياميسم في حد عاوز يكلمك..
رفعت وجهها بسرعه..وهتفت بريبه..
ـ مين..؟
عز بإبتسامه شجعتها..
ـ هتعرفي لما تردي..
أجابت بتوتر..
ـ الو..
صمت تام من الطرف الآخر..
فعاودت الكلام، ولكن بصوتا مختنقا باكيا….ألو..مين معايا..؟
آتاها صوت لطالما تمنت منذ سنوات أن تستمع له..
ـ ميسم بتي..
وضعت يدها علي فمها بصدمه..
ـ بابا..؟
ـ قلب بوكي..وحشتيني ياميسم..
عاودت البكاء مره أخري، وهذه المره بكاء فرحه لسماعها صوت والدها….فأتاها صوت والدها الحنون..
ـ بزيداكي، بكا عاد..
ـ وحشتيني اوي يابابا..أوووي..
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
بالقسم..
العسكري بأدب..
اتفضل ياحاج إدخل….والله ياحاج أنا كنت هاخد جزا عشان منفذتش الأمر وجبت بنتك، لولا الظابط الأولاني مشي وجه بداله واحد تاني، وقالوا أنا المسؤل عن البلاغ ده…
رضوان بكسره..كتر خيرك يابني..جميلك فوق راسي والله..
دلف رضوان بيده إبنته التي تنظر يمينا ويسارا للمكتب، وترتجف من شدة الخوف..
العالم يدور من حولها وهي غير واعيه..
الظابط..اتفضل ياحاج أقعد..وانتي ياآنسه اقعدي..
طبعا عارفين انتو هنا ليه..؟
ـ أيوا يابني..
ـ طب إيه اقوالك ياآنسه، في إللي صاحبتك بتقوله، وبتتهمك بيه..؟
بعد نصف ساعة..
حكت فيهم خلود ماحدث..ولم تنسي حرفا واحدا
أراح الظابط ذو الأربعون عاما، ظهره للخلف..ونظر لرضوان بشفقه، علي الرجل وكسرته…
ـ بص ياحاج أنا هقولك الخلاصه..الموضوع ده شكله كيدي..وان البنت دي فعلا قاصده تعمل كده في بنتك..فأنت دلوقت قدامك حلين..
ـ الأول تشوف البنت وأهلها، وتتراضو ودي. ويجي أهلها وتتنازلو عن المحضر، ونعمل محضر صلح..
رضوان بحزن..والتاني..
ـ إنك تجيب المدرس ومراته إللي فتشوا بنتك وإتأكدو أن مفيش معاها حاجه..وساعتها هتبقي شهادتهم قصاد شهاده البنت وصحباتها..
بس في الحاله دي بنتك هتتعرض علي النيابه، والموضوع هيخرج من إيدنا..دي بنت وسمعه بنت وأنا عندي بنات وعارف أن الموضوع دا هيوسع وهتقلب لفضيحه..
رضوان بكسره..أنت كده لخبطني يابني..أنا مش فاهم وفهمي علي قدي..
فهمني بالراحه أنا المفروض أروح فين دلوقت؟..لو عالتلفون هجيبلها زيه، لو هشحت بس تحل عن بنتي، كفاية فضيحتنا في الحاره، وأمها اللي اترمت ووقعت من طولها..
نكس الظابط رأسه قليلا..وعاود النظر له..
ـ طيب تديني ثواني ياحاج هحاول اعرفلك قرار البت دي إيه ومين ولي أمرها بالظبط..وأنت تروحله..
وعلي فكره أنا مبعملش كده مع أي حد..أنا بعمل كده مع اللي فعلا بحسهم مظلومين، فمتقلقش وربنا يفك ضيقتك..
ـ ربنا يكتر من أمثالك يابني، ولا يوقعكش في ضيقه أبدا..
استقام الظابط من مكانه، وطبطب علي كتف رضوان..
إستناني هنا ياحاج، هكلم زميل ليا وأجيلك..
بعد نصف ساعه..
عاد الظابط بورقه بيده..
ـ إتفضل ياعم الحاج داعنوان بيتهم إللي قدرت أوصله وليها أخ اكبر منها، واللي جت معاها دي خالتها، ووالدها ووالدتها متوفين.
أخذها رضوان بإمتنان من يده وهو يشكره..
ـ ربنا يحفظك يابني..أنا هخرج من هنا علي هناك علطول….بس بنتي؟
الظابط بهدوء..
ـ متقلقش عليها ياحاج دي زي بناتي..روح أنت شوف هتوصل لإيه؟..وبنتك في أمانتي هنا..
رضوان بخوف..طب فرضنا مرضيوش، بنتي هيبقي إيه موقفها..هتبات هنا..؟
الظابط بتنهيده..بس سيبها لله طول مالمحضر، مخرجش من هنا، ومتحولش للنيابه محلوله، بإذن الله وخلي بالك قدامك انهارده بس..
رضوان بلهفه..
ـ حاضر يابني حاضر..
اقترب من إبنته المنكمشه علي نفسها، وقبل رأسها بحنان..
ـ متقلقيش يابنتي، لينا رب اسمه الكريم ومبيرضاش بالظلم أبدا..
خلود برعب حقيقي..
ـ أنا خايفه يابابا..متسبنيش هنا والنبي..
ـ متخافيش هرجعلك علطول.. وربنا هيحلها، أنا قلبي مطمن يابنتي..
ــــــــــــــــــــــــــــــ
بعد ساعه…
كان يقف أمام البيت الكبير، يتوسل لحارس الأمن أن ينادي علي صاحب البيت..
ـ والنبي ياابني ناديلي علي البيه، دي دقيقه واحده بس ومش هعطله..
الحارس بخوف..ياحاج إمشي الله لا يسيئك البيه مش موجود..مفيش غير أخته وخالته..
ـ طب أوصله إزاي بس؟
الحارس بقلق..أنا معرفش، أنا مبجيش هنا إلا لو الدكتور مسافر سفريه مستعجله..فبيجيبني أقف هنا، أحرسله البيت لحد ما يرجع، واشوف طلباتهم. وهو سافر إنهارده الصبح مؤتمر..
ـ طب متعرفش هيرجع إمتا؟
ـ بعد أسبوع..
ـ أسبوع..؟!
صوتا حادا أفلجهم من مكانهم..
ـ إيه دا، مين دا؟
ـ أنااا….
ـــــــــــــــــــــــــــــــ
ضائعة أنا، ووحيده..
أساق للموت، كالذبيحه..
ذنبي الوحيد، الفقر والسيرة الجميله..
لا أعلم ماذا أصابني، ألعنة هذه، أم حقد وضغينه..؟
ينعتونني بالضعيفه، الساذجه..الجميله..
ولا يعلمون أن ضعفي، مشاعر مرهفه، وليست قلة حيله
سذاجتي، طيبه وليست خيبه..
جميله بروحي وأخلاقي النبيله، لا شكلا ولا ملبس ولا هيبه
واليوم أقف أمامكم، مطعونه، مغدوره..
أبكي ظلما، وأرتجف كالشاه المريضه..
أأخبركم سرا..
أشعر بأني سأموت قهرا، ووجعا وظلما وخيبه..
أنا المغدوره، أنا هي تلك الذبيحه..
طفله أنا طالتني، يد الخسه، والكره، والضغينه..
الفصل التالي اضغط هنا
يتبع.. (رواية رحماك الجزء الثالث) اضغط على اسم الرواية لتجد الفهرس كاملاً بجميع الفصول.