رواية رحماك الجزء الثالث الفصل الخامس 5 – بقلم أسما السيد

رواية رحماك الجزء الثالث – الفصل الخامس

ــــــــــــــــــــــــــــــ
بسم ♥ الله ♥ الرحمن ♥ الرحيم..
اللهمّ إنّى ظلمت نفسى ظلمًا كثيرًا، ولا يغفر الذّنوب إلا أنت فاغفر لى مغفرة من عندك، وإرحمنى إنّك أنت الغفور الرّحيم”.
ـــــــــــــــــــــــــ
ــ(لنا الله)
إستدار رضوان ليرحل بكسره وحسرة ملأت قلبه..
إلا أن صوتا أنثويا، حادا من خلفه أوقفه.
ـ إيه دا، مين دا؟
إلتف رضوان للصوت..
الحارس بسرعة لها….
ـ دا كان بيسأل علي البيه ياأنسه…
سألته وهي ترمق رضوان من الاعلي للاسفل بنظره دونيه..
ـ ودا عاوز إيه دا كمان؟
نظر رضوان لها، شك بأنها تلك التي إفترت علي إبنته..
فتح فمه ليحدثها..إلا أنه إبتلع كلامه سريعا..بعدما شعر بالحزن علي نفسه وبناته وما يحدث لهم..
عاد خطوتين للخلف بكبرياء..ولكن أي كبرياء، وإبنته علي حافة الضياع..قرر أن يحدثها ويضغط علي نفسه….
رضوان بهدوء..
ـ إنتي يابنتي لمار مش كده..؟
لمار بحنق..
ـ ايوا انا لمار..مين أنت بقي؟
إبتلع رضوان إهانته من ردها، وأجابها بحزن..
ـ أنا رضوان يابنتي ابو خلود اللي اتبليتي عليها، وإتهمتيها بالسرقة..
ردت بعنف وحده..
ـ أنا متبلتش علي بنتك، بنتك اخدته.بنتك حراميه وهسجنها وهخليها تندم عاليوم اللي فكرت تاخد فيه حاجه مش بتاعتها، وتبص لفوق للاعلي منها..
صدم رضوان من ردها الحاد، وعاد خطوتين للوراء
بينما دخلت هي بعدما رمته بنظره حقد وكره، لم يفسر مصدرها.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
إسبانيا
جلس معاذ علي فراشه بالفندق بعدما إنتهي من توقيع عقد تلك الصفقه مع إدوارد الذي فاجأه بقدومه للفندق بحوزته أوراق الصفقه، تقديرا لحالة محمد ومرضه، وحينما سأل علي محمد وأخبره عودته للوطن، كان متفهما وبشده،
وكم سعد بالتعارف عليه.. إنتهي من توقيع عقد الصفقه وصعد سريعا قلبه يدق كمضخه قلقا، وخوفا، ،يحاول جاهدا أن يبث بقلبه الطمأنينه تجاهها…بالرغم من أنها لا تتحدث معه إلا بحده وغضب في معظم الأحيان إلا إنها كانت تجيبه..وتطمأن قلبه أنها بخير..
منذ البارحه ولم ترد علي أي من رسائله..كان يخفي قلقه ووجعه عن صديقه حتي لا يقلقه أكثر، ولكنه كان بالفعل مخنوقا، موجوعا من ما تفعله به..
لم تكن تتركه لظنونه، كل تلك الفترة، كانت ترد عليه برسالة، حتي لو أخبرته بها أنها تكرهه وأن يتركها وشأنها…
وكم كان يسعد قلبه ردها، وهو يعلم أنها كاذبه..
وتعشقه وهل نسي هو، لتنسي هي..!
إنتفض من مكانه يدور حول نفسه، ويشد بيده علي شعره بغيظ ، وهو يعيد الاتصال عليها مره بعد مره ولا رد..
ـ ردي ياخديجه، ردي، وإزهقي عليا وقوليلي مبحبكش بس ردي….
لم يعد قادرا علي الانتظار بعد..لم يعد هناك ما ينتظر لأجله هنا..سيعود..
ــــــــــــــــــــ
*تجلس بحزن أمام غرفة العناية التي بها والدتها، رغم إفتعالها القوه إلا إنها أضعف مايمكن..تنظر لهاتفها الذي يرن كل دقيقه بأسمه، وللمئات من الرسائل التي يبعث بها لها..
عقلها يصارعها أن تجيبه..هي بأمس الحاجة لوجوده بجانبها..أيعقل سيأتي من أجلها لو أخبرته انها تحتاجه بقربها ..
هي بالفعل تحتاج مساعده منه..لما لا تختبر وجوده بجانبها..؟
لما لا تعطي لنفسها فرصة، فهي تعشقه بكل جوارحها.
أغمضت عينيها، وهبطت دمعه من عينيها علي كف يدها وهي تقرأ برسائله واحده تلو الأخري..يترجاها أن تجيبه..
محت دمعتها علي الفور حتي لا يلمح احد ضعفها…ووقعت عينها علي آخر ما أرسله لها…
ـ قلبي واجعني أوي ياخديجه، وحاسس إنك مش بخير.. ردي بس عليا ومتكلميش، طمني قلبي، أنا راضي منك بالقليل…
كانت هذه آخر مقاومه منها قبل أن تنفجر ببكاء مرير وهي تضغط علي زر الإجابة علي مكالمته..
ـــــــــــــــــــــــ
كان يقف أمام موظف الإستقبال ينهي إجراءات المغادره..
وهاتفه علي أذنه علها تريح قلبه وتجيبه..
فجأه انتفض جسده، وهو يستمع لبكاءها..
معاذ بصدمه..
ـ خديجه.!
ـ معاذ، أنا محتجالك أوي …
ــــــــــــــــــــــــــــــ
(حصري لجروب ولنا في الخيال حياه..)
لا يعلم لما غير وجهته، وبدلا من أن يعود للوطن..ذهب لأرض الراحه، والنعيم، لأرض الحبيب المصطفي….
منذ رحلت وافترقا وهو كلما إشتد عليه الحنين، يذهب لأداء العمره، ويغيب كثيرا بعدها..حتي يلهمه الصبر علي فراقها..
زفر براحه، فبعد أسبوع سيبدأ شهر رمضان المبارك، ستكون فرصه للابتعاد عن الدنيا وهمومها..سيطلب من الله بتضرع أن يهون عليه فراقها، وأن يرزقه قربها عاجلا لا آجلاا، أن يقرب المسافات ويعودا معا تحت سقف لطالما آواهم جميعا معا..
ليغفر الله ذنبه وجريمته في حقها..
إستمع للمذياع يأمرهم بغلق هواتفهم، أرسل رساله لصديقه وشقيقته، أخبرهم بها وجهته..
واغلق هاتفه..وأراح ظهره للخلف، وعلي ثغره إبتسامه، حينما تذكرها، لقد كبرت حبيبته، وأصبحت أما، وكم صارت اجمل..!
تذكر هيئتها وتبرجها في زينتها، وحجاابها الذي لا يمت للإسلام بصله..أي حجاب هذا إذا.؟
إشتعلت نار الغيره بقلبه، وتغيرت ملامحه الهادئه الي الحده
نفض رأسه وهو يسب نفسه، لقد وعد نفسه أنه سينسي، يجب أن ينسي إذن…
عاد يتهكم علي نفسه، بنفسه…
وهل سيستطيع؟، لطالما كان عشقها سبب ضعفه…
تمتم بمراره..
ـ ااه ياسولاف، ربنا يقدرني وأقدر أتحمل اللي جاي لوحدي، وماجيش زي العيل الصغير، وأترجاكي تسامحي..
يارب قويني.
رحماكي 3+دعني أراك✍️أسما السيد✍️
ــــــــــــــــــــــــــ
وصل علي آخر لحظة لأرض المطار، قبل ان تصعد الطائره، قلبه ينبض بجنون خوفا عليها، لأول مره تصرح بضعفها وخوفها هذا، لطالما كانت قويه صلبه أمامه..
لأول مره يلعن المسافات، والغربه التي أخذت من عمره الكثير، لقد أضاع عمره بعيدا عنها… ويلعن غطرسه أمه ونرجسيتها التي أضاعت حب عمره قديما، وشتت شمل العائله..
أين هو الان؟ وكيف أصبحت والدته، بعد كل تلك القوه التي كانت تتمتع بها، وأين أبيه؟ وشقيقته؟
وعلي ذكر أبيه تيبست قدميه، قبل أن يصعد درج الطائره..
أين تاه والده عنه..؟
وحده والده من يمكنه حل أزمه خلود، من دون أن يتدخل أحد..
بسرعه رن علي والده، وإنتظر الرد..حاسما أمره، مادام بكل الحالات تلك الامور تمشي علي نمط البقاء للأقوي، إذن ليمشيها هكذا؟..
ولن تبقي خلود بالقسم لدقائق أخري..
دقائق وكان يغلق الهاتف، بإنتصار حينما جاءه رد والده الحاسم….
بأنه سيحلها هو، ليتركها عليه..وينتبه لطريق عودته..
بعث لها برساله لتطمأن سريعا، والمضيفه تحسه علي الصعود قبل أن يغلق الكابتن، درج الطائره..
زفر براحه حينما تأكد من وصولها…وصعد الدرج سريعا،مبتسما سعيدا..
ـــــــــــــــــــــــ
الإسكندريه..
ببيت حسين وإيمان..
إقتربت إيمان منه..تسأله..
ـ مالك ياحسين..معاذ ماله، جراله حاجه؟
حسين بسرعه، وهو يضع هاتفه علي أذنه، يحدث أحدهم..
أشار لها، بيده أن تنتظر..
إقتربت سادين ببطنها المنتفخه من أبيها وخالتها..بعدما إستمعت لحديثهم
ـ ماله معاذ يابابا، جراله حاجه..؟
حاوطتها خالتها بحنان..
ـ استني ياقلب خالتك أبوكي يخلص ويحكي لنا..إقعدي انتي بس عشان متتعبيش..
زفرت سادين بتعب وجلست تتحسس بطنها المنتفخه بتوأميها الذي حملت بهم، بعد عناء سنوات من عدم الخلفه..، كم كانت حياتها بائسه، رغم أن عيسي لم يتركها لحزنها يوما، كان حنونا متفهما….
أغلق والدها الهاتف سريعا بعدما هاتف أحدهم ذو مكانه عاليه بالشرطه.،.علي وعد بأنه سينهي الأمر بمعرفته..
وجلس بحزن..
إيمان بقلق..في إيه ياحسين وشك قلب ليه كده؟
حسين بتنهيده..
أبدا..أصل..
حكي لهم ما أخبره به معاذ..
سادين بلهفه..خديجه وخلود بجد يابابا..بجد معاذ عرف طريقهم..وطريق خالتو زينب..دي وحشتني اووي..
نفسي اشوفهم اووي…
دخل عيسي، ومعه تيم الذي أصبح بالمرحله الإبتدائيه
هاتفا بغيره..
ـ الله مين اللي هتموتي وتشوفيه ياقلب عيسي..
تيم بخبث وهو يجلس بجانب سادين يتحسس بطنها المنتفخه، ليغيظها….أكيد مش إنت يعني..أكيد عروستي…
تأففت سادين من افعال تيم المجنونه، وأزاحت يد ه بحنق..
ـ بس يابابا، هو أنا إتجننت أجوزك بنتي، دا إنت عندك صياعه مبكره..
تيم بحنق..وأنتي تطولي أجوزها، بكره تبور، وتتحايلي عليا أشيلها….
سادين بغيظ..سامع ياسي بابا ، تيم بيقولي إيه؟
حسين بحب خالص بقلبه لتيم….ااه سامع، حبيب قلبي، اللي عاوزه ياخده، ومن دلوقت بنتك لتيم..، وإلا مش هيحصل طيب..
نظرت لهم بغيظ من حديثهم..
يعني بنتي تصوم، تصوم وتفطر علي تيم..
تيم بحنق..وماله تيم بقي، دا أنا قمور وعسل..ما تكلم مراتك دي….
عيسي بحنان وهو يكتم ضحكه علي تيم وسادين، فهم طوال الوقت يتناقران كالقط والفأر، حاوطها بذراعه غامزا لتيم..
ـ بس تقوم بالسلامه، وأجوزهالك ياعم..
سادين بدلال..عيسي كده بردو..بتنصفه عليا..
إقترب دن أذنها وهمس..
طب بذمتك ياشيخه، هتلاقي حد بجمال تيم تجوزيه بنتك..وتطلعي عينه، محدش هيطيقك غيره صدقيني..
ضحكت بسعاده.. وهي تنظر لتيم بحب، طوال سنوات عدم إنجابها، كان إبنا لها، ومازال، رغم شجارهم وغيرتهم من بعضهم البعض علي حب عيسي، إلا أن هذا لا يغير من عشقها لذلك الطفل الذي كان وجهه خير عليهم جميعا..
همست بتنهيده له..
ـ بصراحه لا..عمري ما أطمنت علي بنتي غير معاه..تربيتي.
تيم بغيظ وهو يحاول دفن نفسه بينهم..
ـ بتقولو إيه، هااا..بتقولو إيه..؟
سادين بغيظ..أمسكته من أذنه..
بقولو هجوزك بنتي، وأعمل فيك نفس عمايلك دي، مش مهنيني علي جوزي أبدا..
نفض تيم يدها بحنق منها، فهي دائمه التذمر من أفعاله..
ـ ياشيخه بقي، إوعي مش كفايه بسيبه نايم جنبك بالليل..
سادين بصدمه..وإنت كنت عاوز تنام جمبنا كمان..ياجبروتك.
تيم بضحك..لا ما أنا سيبهولك..عشان تسيبلي، بنتك اللي جايه دي..أنا مقدرش اسيب تيته أصلا، بنام جمبها….
حسين برجاء..لا والنبي سيبها..
إنفجروا جميعا بالضحك.إلا هي شردت بعيدآ..
لاحظ حسين شرودها..فإقترب هامسا لها بأذنها..
ـ مالك إيمان..في إيه؟
إيمان بتنهيده..
خايفه علي معاذ، أوي…خايفه أماني تكون زي ماهي متغيرتش، وتدمر من تاني سعادة معاذ..
حسين بصدمه، فهو قد تناسي أماني تماما، وأنها خرجت من السجن قريبا..ولكن سرعان ما تلاشي خوفه وهو يزفر براحه..
ـ مظنش عادت تقدر تعمل حاجه، أماني حالتها الصحيه سيئه جدا، وعشان كدا صدر قرار العفو عنها
إيمان بصدمه من عدم علمها بحاله أختها..
ـ أزاي، وليه مقولتليش..؟
حسين بتنهيده..
أماني كانوا أعلنو موتها فعلا اليوم إللي مسكوها فيه.. كانت خلاص ماتت، بعد ما بلعت جرعه زياده من الهيروين عشان تموت نفسها..، بس الجرعه اللي خدتها كانت مغشوشه أصلا،جوزها كان بيغشها عشان يكسب أكتر، كانت نسبه بسيطه مخلوطه بدقيق وشويه حاجات من عند العطار مكنتش قويه أوي، عملتلها أعراض زي اعراض الجرعه الزايده، وقالو ماتت، بس الظابط كان عامل حسابه إن ممكن يحصل حاجه كده ولا كده، وكان معاهم إسعاف، عشان كده لحقوها، بس كانت الجرعه أثرت علي جسمها، وعملتلها زي جلطه، فضلت فتره طويله مش حاسه بحاجه حواليها، ومكانتش بتقدر تتحرك خالص..واحده واحده بالعلاج بقت ترجع تاني ولما إستقرت حالتها نوعا ما، خدوها عالسجن تقضي فتره عقوبتها..
ـ كنت بتزورها..؟
ـ كنت بطمن علي حالتها الصحيه،واوفرها كل الادويه إللي محتجاها، بشويه وساطه في السجن، بعد ما معاذ طلب مني ده، في النهاية، هي أم معاذ وسادين، ياإيمان؟
ـ سادين تعرف؟
هز رأسه بقوه وهو يرمق إبنته بقلق..
ـ لا متعرفش، غير إنها حاولت تنتحر ولحقوها، عيسي بس إللي يعرف لأنه كان ساعات كتير ببعته هو بالزياره ليها..
ـ وحالتها دلوقت عامله إيه؟
نظر لها بقلق من ملامحها الجامده..
ـ بعد خروجها معاذ عرضها علي طبيب مختص، وسفرها بره، بقت بتقدر تتحرك بسيط، وبقت تقدر تتكلم بعد ما كانت مبتقدرش تنطق..
نكست إيمان رأسها وصمتت…
حسين بقلق..من صمتها، حاول التبرير لها..
ـ إيمان انا؟
قاطعته بسرعه..
ـ متقولش حاجه، عارف لو مكنتش عملت كده، كنت هزعل منك اووي..ياحسين..أنا فخوره بيك
زفر براحه..وحاوطها بذراعه غير واعيا لمن يتهامسون عليهم..
ـ طول عمرك عاقله ياايمان..ربنا يخليكي ليا..
مالت برأسها علي كتفه..تمتم..
ـ ويخليك ليا يارب..
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــ
عاد رضوان كسيرا حزينا لقسم الشرطه، بعدما أدارت تلك المتعجرفه ظهرها له، وأمرت الحارس ان يغلق الباب الحديدي .. بوجهه..
نظر الحارس له، أسفا عليه وعلي حاله ، وأغلق الباب الحديدي..
طوال الطريق وهو يدعو بقلب مكلوم، داق مرارة الظلم في أقرب الاقربين لقلبه..أن يذيقها الله مثلما اذاقتهم ذلا وهوانا..
وقف أمام مكتب الظابط، ينتظر الأمر بالدخول..
دقائق وكان يجلس أمام الظابط، يقص عليه ما حدث..
إبتسم الظابط بوقار له..
نظر له رضوان بحزن، ونو يفكر، فمن هو حتي يحزن علي ماصابه، ولكنه فاجأه بما قال..
ـ قوم ياحاج خد بنتك وروح..
رضوان، بصدمه..
إزاي، بجد!
الظابط بهدوء..آه ياحاج، أنت متوصي عليك من فوق ياحاج..والمحضر إتقفل قبل ما تيجي..
رضوان بصدمه..
ـ مين يابني اللي عمل كده..؟
رن هاتف رضوان، برقم يحفظه عن ظهر قلب..لم ينساه أبدا..
نظر للظابط يستأذنه بعينيه أن يجيب..
ـ رد ياحاج، براحتك..
أجاب رضوان بدهشه..
ـ حسين بيه.؟
حسين بإشتياق لذلك الرجل..إزيك ياراجل ياطيب، مكنتش عشره دي يارضوان..
رضوان بخجل…
ـ أاااانا..
قاطعه برفق .. بعدين نتكلم وليا عتب جامد عليك..
دلوقت يالا خد بنتك وروح، وأنتظر مني زياره قريب..
قريب أوي..
نظر رضوان لإبنته بصدمه، وعاد ينظر للظابط المبتسم علي حال الرجل..
ـ بنتي، إزاي؟
تهاوي رضوان علي المقعد خلفه، وهو يسأله بإصرار.. وقد امتلأت الدموع بعينيه، أنت اللي عملت كده، وعرفت إزاي؟
إبتسم حسين عليه..
ـ إسأل خديجه وهي تقولك..
ـ خديجه بنتي؟
ـ اه يارضوان،خديجه.. أشوفك علي خير، ياراجل ياطيب
أغلق الهاتف، وهو يتمتم بالحمدلله وهو يحارب دموع عينيه..
إقترب من إبنته وأخذها بأحضانه..
بعد قليل
كان يودع الظابط الذي ينظر له بإبتسامه..
وهو يلقي بالمحضر بداخل الصندوق..حينما أتاه صوت العسكري المصدوم يسأله..
أول مره تعملها ياباشا، وتقبل الوساطه لحد..عمرك ماخالفت القوانين..
زفر بهم، وهو ينظر للعسكري..
ـ وانت فاكر يامسعد إني كنت هعمل كده من غير ما أتأكد انه فعلا مظلوم.. الراجل ده وبنته مظلومين بجد، ومن لخبطته، ماافتكرش أنه كان شغال سواق لواحد من اكبر رجال الاعمال في البلد..وهو اللي اتوصلته عشان يخرج من هنا..
وحتي لو مكنش حد إتوسطله، انا بنفسي كنت هقطع المحضر وأرميه..
هي كده الدنيا يامسعد ، عامله زي الغابه، الكبير بياكل في الصغير..
ـ طب واهل البنت التاانيه اللي عملو البلاغ، أكيد هيسالو..
ـ مظنش هيسألو تاني، البنت جايه من غير أخوها أصلا..
إللي المفروض هو ولي أمرها الوحيد..
يالا انا ماشي، وربنا يسترها مع ولايانا..يارب..
ـ يارب.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
بالبلد..
إستقبال بارد، فاتر من الجميع إلا من والدتها التي جذبتها لأحضانها تبكي وهي تبكي معها..
وجدها التي لم تلتقيه إلي الآن..اكتر ما كانت تخشاه كانت رؤية جدها..
البعض كان ينظر لها ببرود، وآخرون بنظره عرفتها عالفور..فإنكمشت بأحضان والدتها..تحتمي بها..
وكأن والدتها، سمعت نداءها المستغيث، فسحبتها للبيت الذي بجوار بيت جدها، والذي بناه والدها قبل رحيلها، بعيدا عن بيت العائله ومشاكلها، وخصوصا مع كره والده لزوجته وإبنته..
صدمت بمنظر والدها كانت تشعر بأنه ليس بخير، وأن به خطب ما..
أصيب بجلطه حزنا عليها، وأثرت علي يده وقدمه..تعافت قدمه وأصبح يمشي ببطء مستندا علي عصا..
كان لقاء حارا عنيفا..كم بكت تحت قدميه، وهي تتوسله أن يغفر لها..
وكم حزن لعلمه ما ستلقاه بعد يومين..لم يحزن يومآ علي هروبها، ولكن ما أحزنه انها لم تثق به..لو إعترضت وقالت لا..لكان تحدي الجميع وأخذها بعيدا من هنا.
ولكنها وافقت، بإرادتها بعد عناء ليالي، في أن يشرح لها أن ما ستفعله ثوابا كبيرا..
ليست إبنته من خططت.. لقد شك دوما بإحداهن.. ولكن..
زفر وهو ينظر لإبنته..و إبتسم براحه، بعدما إجتمعت عائلته ولو مؤقتا….
كانت تنام بعمق علي قدم والدتها..من تعب السفر..
سامي بحزن، همس لزوجته..تفتكري هتسامحنا لما تعرف؟ …
سوميه بحنان..وهي تميل تقبل رأس إبنتها..
ـ لما تعرف أن اللي بتعشقه هو نفسه، إللي هربت منه، هتسامحنا ياحاج..بس ربنا يبعد عنها شياطين الإنس اللي كانو السبب..
سامي بقلق..
ـ بردو مقالتلكيش مين؟
هزت رأسها بيأس..
ـ سألتها وإترجتها، مفيش فايده..قالت انا لوحدي اللي هربت، محدش ساعدني..
سامي بتنهيده..مسيرنا نعرف..كل شئ بأوان يا سوميه…
تملمت في نومتها، علي قدم والدها..وهي تتمتم بإسم سولاف..
دقائق وإنتفضت مفزوعه تنادي سولاف..
سوميه بخوف..مالك يابتي، فيكي إيه.؟
سولاف ياماما..انا نسيت أعرفها إني رجعت، وأكيد قلقانه عليا دلوقتي..
أنا لازم اكلمها..
سامي..طب علي مهلك يابتي..الدونيا ماطارتش..
ـــــــــــــــــــــــــــ
إسبانيا..
تدق الباب بقوه..وتنادي عليها..بجانبها إدوارد وأبناءها يلهون حولهم، غير واعين لما يحدث حولهم…
إدوارد بنفاذ صبر وهو يضع الهاتف بجيبه..
لا تجيب سولاف، ماذا سنفعل الان؟
ـ ليست هنا إدوارد ميسم لا تغيب عني ساعه واحده، دوما تحادثني، ماذا حدث؟
ـ أليس معكي أي رقم لعائلتها او لرائد..
تذكرت سولاف رائد وضربت علي رأسها..
ـ نعم معي، رقم عزالدين، سأهاتفه إذن..
ـ هيا أسرعي..
أخرجت هاتفها لتحدثه، فوجدت هاتفها يدق برقم صديقتها..
اجابتها بلهفه…
ـ ميسم، إنتي فين، احنا قلبنا عليكي الدنيا..
بعد دقائق كانت تفتح سولاف فمها من الخوف علي صديقتها..
سولاف بخوف حقيقي..
ـ هجيبلك ياميسم..
ميسم بحسم..
ـ لا إوعي، مصيري هواجهه بنفسي..
سولاف بخوف..
ـ إحكيلهم ياميسم الحقيقه، قوليلهم مين هددك وساعدك تهربي..ولا أقسم بالله أجي أحكيلهم أنا
كانت والدتها تقف خلفها، ولم تنتبه عليها ميسم..
شهقت ميسم بخوف، وعادت ترجو سولاف
ـ لا ياسولاف، أرجوكي أنتي وعدتيني محدش يعرف، هي دي الامانه اللي امنتهالك..
إنتي وعدتيني..
سولاف بحزن..
ـ ميسم بس..
ـ مبسش، إقفلي ياسولاف، وأول ماعرف أكلمك، هكلمك، إطمني، أنا بخير لحد دلوقت، طول ماعز معايا، أنا بخير..
ميسم بهدوء..طب إحكي لعز، أو رائد..حتي
ميسم بقوه..
ـ قولت لا..ولو عاوزه تخسريني، قوليلهم ياسولاف..
سولاف بسرعه..
ـ لا ياميسم خلاص..
اغلقت شارده في ذلك الذي لم يهاتفها منذ تركها بالمطار، غير واعيه لمن تقف خلفها، واضعه يدها علي قلبها، وتبكي بمراره..
ـ كنت عارفه ياقلب امك انت مهتعمليهاش، واصل..ياتري مين يابنتي اللي هددك، وعمل فيكي إكده..
زفرت سولاف بحزن وعادت لبيتها برفقه إدوارد، تتذكر ما حدث صباحا، بعدما تاكدت من انه محمد كان هنا بالفعل، ومكالمه كيان لها، وقرار جدها المفاجئ، بأن تعود لتقضي شهر رمضان برفقتهم بالبيت الكبير..
وبعد محاايلات منها، أغلقت علي وعد بالقدوم ليله العيد..
وماكانت تخشاه، بات قريب جدا منها، كان إدوارد محقا، كل الطرق تؤدي إليه.
فهما عائله..جزء لن يتجزء من بعضهم..
زفرت بحزن، فجاءها صوت إدوارد الحنون..
ـ سولاف، أنتي بخير..؟
إبتسمت له إبتسامه هادئه..
ـ بخير إدوارد، لا تقلق..
أشار طفلها علي عربة البوظه القريبه..بحماس
فحمله إدوارد علي كتفه ..سريعا ليجلب له..
نظرت لهم بحب، فرب أشخاص قذفتهم الصدفه بطريقك خير من الف، الف قريب وحبيب.
وإدوارد كان من أجمل الناس التي إلتقتهم صدفه هنا بإسبانيا بأول يوم لها هنا..بالجامعه..
تتذكر كيف وبخته بأول لقاء لهم معا، حينما القي قشره موز امامها غير قاصدا، وكادت تنزلق بسببها وتفقد اجنتها، وكيف إستقام مسرعا ليمسك بها قبل السقوط، كم وبخته وسبته وأخبرته أنها حامل، وكادت تفقد ابنائها بسببه، يومها أصر عليها أن يصطحبها للمشفي، وكم توسل لها..أن تسامحه ومن وقتها وهو جزء لا يتجزأ من حياتها..
أفاقت من شرودها علي يده التي سحبتها لتقترب هي وطفلتها، ليتناولا البوظه التي يعشقونها..
ـ هيا سولاف..لما تمشين كالسلحفاه هكذا..؟
ضربته علي كتفه بغيظ..
ـ إصمت ..أيها السخيف.
ـــــــــــــــــــــــــ
اليوم التالي..
مساء..
كان يقف بعيدا ينظر للحرم المكي، مرتديا زي الإحرام يستنشق رائحة المكان الذي يعشقه، هنا الجنه ونعيمها،
إقترب وصلي ركعتين، ناويا الإحرام بالعمرة..
إنتهي وإستقام يبدأ رحلته في أجمل بقاع الارض..
وفي كل طواف له كان يطلبها من الله بقلب وجل.. أن يرزقه الله قربها عاجلا غير آجلا..
ــــــــــــــــــــــــــــ
المشفي..
مازالو علي وقفتهم منذ الامس، لم تترك خديجه مكانها منذ أتي والدها برفقة خلود، فقط تختبأ بعينيها من والدها يمينا ويسارا..بينما والدها آثار الصمت، حتي يطمأن علي زوجته..
صوتا ملهوفا تعرف صاحبه جيدا من جعلها تنتفض تنظر برعب له، ولوالدها الذي وقف بوقار مرحبا به..
معاذ إزيك يابني، عامل إيه.؟
معاذ بحب وإشتياق لهذا الرجل..
ـ إزيك انت ياعم رضوان..وحشتني والله..
رمق معاذ خديجه بطرف عينه، فإبتلعت ريقها بخوف من والدها..وأشاحت بوجهها عنه، لقد طلبت مساعدته بلحظه ضعف منها، ولم تنتبه لما قد يحدث بعدها، كل ما رأته أمامها، هو قلقها علي والدتها وأختها..
إقتربت خلود ببطئ من معاذ..
ـ إزيك يامعاذ انت مش فاكرني..؟
معاذ بأبتسامه..
ـ هو في حد ينساكي ياخلود..ازيك عامله إيه..؟
ردت خلود بحزن..
ـ الحمدلله بخير..
نظر رضوان لابنته ولذلك الواقف ينظر لها بتوتر وفطن الحقيقه..
الآن تأكد أن ماقالته والدته منذ سنوات، كان حقيقه..
إبنته واقعه بعشق هذا الفتي..ويبدو هو أيضا
اخذ رضوان نفسا عميقا وربت علي كتف معاذ..
ـ تعالي يامعاذ عاوزك..
رمقها بطرف عينه..وسار بجانب والدها بهدوء..
إستدار ينظر لها خفيه..وغمز لها، وهمس بشفتيه
ـ بحبك.
وضعت يدها علي وجهها..متمتمه..
نهار أسود ومنيل..أنا كان فين عقلي، يختاااي..دا مجنون ويعملها..
إستر يارب
ـــــــــــــــــــــــــــــــ
يومان مروا عليها هنا..
لم تخرج بقدمها خارج بيت والدها، ولم يأتي أحد لهنا، منذ أخبرها والدها بقرار زواجها..حتي ڤيرا وعز صدمت من قرارهما..
الكون يدور من حولها..حتي هاتفها إنتشله والدها منها، يخبرها أن تسد دينها الذي تدين به له، ولعائلتها..
كم توسلت والدها وأخبرته انها عاشقه لغيره..
ولكن أتي قرار والدها الحاسم..
إما الزواج ممن هربت منه، أو يتركها لجدها ينفذ فيها عقابها وهو القتل..
كم توسلت لعز أن يهاتف رائد ولا فائده..صدمت بهم جميعا..
وضعت يدها علي أذنها تصمها بقوه..وهي تستمع لصوت الموسيقي الآتي من الاسفل..وصوت صهيل الأحصنه..
ـ كفايه، كفايه..
أزاحت تلك الفتاه المسؤله عن زينتها يدها..بحنان
ـ بلاش يا ميسم دي تالت مره، احطلك مكياج ويبوظ..معدش وقت أهل العريس تحت..وشويه والفرح يخلص..
نظرت لها ميسم بقهر ودموعها تسيل علي خديها..
ـ حاضر يازهور حاضر..كملي..
إبتسمت زهور لها بحنان..
ـ أنا مش عارفه أنتي بتبكي ليه، دا العريس بيقولو زي القمر..ياريتني كنت أنا..دا ظابط أد الدنيا..
تذكرت رائد، ووضعت يدها علي قلبها..هامسه
ـ إتخليت عني يارائد زيهم..كنت فكراك مختلف..
انتهت زهور من زينتها والبستها ذلك الفستان الابيض البسيط المغلف منذ الأمس ولم تنظر له إلا الآن..،كانت تنظر لنفسها بالمرآه بصدمه..وتذكرت ذلك الفستان أو شبيه له، لا تعلم.
حينما كانت برفقة رائد إحدي المرات وأعجبها كثيرا..
تهز رأسها يمينا ويسارا..بصدمه..
ـ مش معقول…
ولكنها إنتفضت علي صوت زهور..
ـ يالا ياميسم العريس وصل..وجدك طالع عشان ياخدك له..
ارتعش جسدها والتصقت بالحائط خلفها، خوفا..

 

نصف ساعه وكانت تنظر له، بأعين متسعه علي آخرها، داميه من كثره البكاء، وبجسد ينتفض ..حينما صعد لها
ووجه ملطخ بزينه عرسها المزعوم..همست برعب من أن يكون ما توصل له عقلها، حقيقه..وهي تراه واقف أمامها..ينظر لها بعشق وشوق
قابلته بخوف وصدمه..
ـ إنت؟
أيوا أنت..أنا إزاي مخدتش بالي؟
ازاي ملحظتش إن أنت، مع أن كل حاجه قدامي كانت واضحه..
إزاي ملحظتش أن واحده تانيه غيري، لو عملت اللي عملته كان زمان مكانها القبر..
إزاي..كنت غبيه اوي كده؟
إزاي قدرت تخدعني..؟
صرخت بصوت أعلي خرج مبحوحا من كثره البكاء..جاء علي إثره جدها الذي يقف متأهبا لها، خارج غرفتها بعدما منعه رائد من الدخول لها..
ـ أنت كداب..كداب..وضحكت عليا..
دخل الجد علي صوتها سريعا، ولم ينتظر إذنا من أحد، وبغل إقترب منها، ورفع يده للاعلي في محاوله فاشله منه لصفعها..ولكن يد قويه ..أمسكت بيده..بحده..
موجها حديثه له، بقوه وغضب…
ـ إياك.. شوف إياك تفكر بس في خيالك، تحط إيدك عليها، وإلا شوفت مني إللي بقالي سنين محوشهولك..
ولولا إللي واقفه هناك دي..إسمك مكتوب ورا إسمها
كنت محيتك من علي وش الدنيا، وإنت عارف.
إللي قدامك دي خط أحمر، حذاري.
دارت بعينيها بالغرفه التي إمتلأت بالنسوه، منهم من تنظر لها بغيره وحقد ، ومنهم من لمعت عينها تنظر لها بشر تعرفه..
عادت بخوف ورعشه مرة أخري تلتصق بالحائط خلفها، حينما لمحتها تخرج شيئا من جيبها..
ثواني وكان يصرخ بهلع..
ـ ميسم..!
ـــــــــــــــــــــــــــــــ
عشت وحيده، أعاني ظلما من نفوس مريضه
ماذا أجرمت أنا، إذ ولدت بنتا لعائله عريقه
تقدس الولد، وتعامل البنت كخادمه لعينه..
كرهوني جميعا، وعاملوني، بحقد وغيره
كنت أميرة أبي، ووهبوني لإبن عمي صغيره
لم أعي أن حولي نفوسا مريضه، تكره ضحكي، ورؤيتي سعيده.
هربت قهرا، ظلما، خوفا وكنت وحيده
فإلتقيت بك، عرفت معني السعاده
عشقتك بكل كياني، فلما خدعتني، وإفتعلت بقلبي تلك الجريمه
يامن بالعشق وهمني إنتقاما..
أحبك، فوق الحب حبا..ولكن..
خداعك لي، كان أسوء حقيقه..

 

 

 

الفصل التالي اضغط هنا

يتبع.. (رواية رحماك الجزء الثالث) اضغط على اسم الرواية لتجد الفهرس كاملاً بجميع الفصول.

أضف تعليق