رواية رحماك الجزء الثالث – الفصل الثالث
ـــــــــــــــــــــــــــــ
عن شداد بن أوس رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال.. سيد الاستغفار أن تقول
{ اللهم أنت ربي لا إله إلا أنت خلقتني وأنا عبدك وأنا على عهدك ووعدك ما استطعت أعوذ بك من شر ما صنعت أبوء لك بنعمتك علي وأبوء لك بذنبي فاغفر لي فإنه لا يغفر الذنوب إلا أنت}
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
بسم الله الرحمن الرحيم..
( أعشقها، وأغار)
خرج كالمجنون يدور حول نفسه، بمكان ما كانت تقف تنظر لكيها التي دوما ما كانت ومازالت تسيطر عليه..ينادي عليها كطفل صغير فقد أمه وسط الزحام..
مره بعد مره..ولا تستجيب لنداءه الملهوف عليها..لا رد.
كانت هنا، أيعقل أن يكون هذا حلما، لقياها، وإغماءته كانت مجرد تخيلات إخترعها عقله، ولم تكن هي…
ولكن كيف يخطئ القلب إحساسه بها، حتى لو أخطأت رؤياها العين.. كانت هنا…حبيبته الذي يظل الليل بأكمله شاردا في ذكراها، يتخيل قربها، وكيف سيكون شكل لقياها..؟
أقترب معاذ منه سريعا، قلبه يؤلمه علي منظر صديقه العاشق..وبدأت تتضح له الرؤيه الآن..
يدعو بقلبه أن لا يكون ما توصل له صحيحا، وأنه بغباءه أضاع علي صديق العمر فرصه ذهبيه بالبقاء معها ولو قليلا..حتي لو كانت عباره عن حرب نظرات، لن ولم تغني من جوع..
أمسك معاذ بيده بقوه، يمنعه من الهروله للخارج، خلفها كالمجنون
ـ محمد، سولاف مشيت..إستني بس..
لم يكترث بترهاته، أزاح يده الممسكه بذراعه بقوه، وخرج يهرول خلفها…
محمد…استني بس..محمد…
خرج غير مكترثا بالمطر الذي اغرق جسده تماما ولم يبقي إنشا منه جافا..
يبحث عليها بين قطرات المطر..المطر غزير والرؤيه أصبحت منعدمة..يناديها بصوتا راجيا…
ولكن…
ـ لا أثر لها..
علق بالخواء، لا أحد هنا غيره وبعض من عشاق أخذهم الشوق ليلهوا معا تحت قطرات المطر.. يدور حول نفسه بالمكان ينادي عليها..علها تستمع لنحيب قلبه قبل عينيه..
عاد يهرول مره أخري باحثا عنها..خانته قدميه، وإبتعدت عن المشفي، ولم ينتبه..
يد قويه جذبته لينظر له..
ـ إنت اتجننت يامحمد، قولتلك مشيت..
تيبست قدميه بالأرض، وهو ينظر لمعاذ بأعين متسعه علي آخرها…
ـ مشيت..إزاي..أنا شفتها هنا..اكيد هنا؟
أخذ معاذ نفساً قويا، وخفض رأسه بخجل وحزن علي ما فعله بصديقه….
ـ أنا قولتلها إنك مش عاوز تقابل حد..بس والله ماعارف أنا قولت كده إزاي، لو كنت أعرف إنك هتنزلها، كنت وقفتها غصب عنها ياصاحبي..لو هحبسها غصب عنها كنت خليتك تشوفها..
توسعت عينيه مصدوما مما يسمعه..
وعاد خطوه للخلف…
حاول إخراج صوته..ليسأله..لما؟
لم يتركه معاذ للتفكير كثيرا..وجاوبه خجلا..
ـ اقسم بالله ياصاحبي ماعارف قولتلها كده إزاي، أنا فعلا مفكرتش، أنا غلطان يامحمد..
لم يتركه محمد للندم يتآكله كثيرا..
فلم يعد للكلام أهمية.. عاد للخلف لذلك المقعد الذي لمحه بعينيه، وإرتمي عليه مستندا بيديه علي المقعد ومائلا برأسه قليلا للأمام…. يحاول التقاط أنفاسه..
حامدا الله علي نعمه المطر.. لولا وجوده الآن لم أجاد إخفاء دموعه التي تسيل بلا إرادة منه كالنساء..بئسا له أي الرجال هو..
من يبكي من أجل عشق إمرأه منذ سنوات.. عار هو علي الرجوله..
كان سيفتضح أمر ضعفه الآن، ويصبح مثالا حيا لرجل سقطت هيبته في عشق إمرأه..وليست كأي إمرأه..
إخترق أذنه صوت معاذ الحزين..مره أخري محملا بذنب لم يقصده..ولكنه جاء بموعده..
ـ حقك عليا ياصاحبي.. قاطعه محمد سريعا، وهو يرفع كف يده أمام وجهه..، وخرج صوته مغلفا بالمراره والألم….
ـ متعتذرش، ملناش نصيب نتقابل ياصاحبي..كويس إنك عملت كده..كويس أووي يامعاذ..
لو فضلت عمري كله أتشكرك مش هوفيك حق إللي عملته معايا دلوقت….
جحظت عينا معاذ، وبانت علي وجهه معالم الصدمه…
ـ تتشكرني..؟!، محمد إنت بتقول إيه….؟
إبتسم محمد بمراره..ورفع وجهه للسماء الذي بدأت غيومها تتبدد ويحل محلها ضوء النجوم.. مغمض العينين
والدموع تسيل من عينيه..
ـ ااه بتشكرك.. إنت أنقذتني من نفسي، إنت لو معملتش كده كان زماني مرمي عالأرض، بتوسلها زي العيل الصغير عشان تسامحني وترجعلي متسبنيش ضايع كدا..
اتوسلها ترجعلي نفسي..، إنت أنقذتني من ضعفي..أنقذتني إني أذل نفسي، شكرا ياصاحبي..
اإستقام من مكانه سريعا..
معاذ بخوف..
ـ رايح فين يامحمد، إنت لسه تعبان، لازم ترجع المستشفي؟
أغمض عينيه بألم..
ـ مخنوق، عاوز أمشي..من هنا..سيبني ياصاحبي..
معاذ بقلق، وهو يدورحول نفسه..
ـ إنت اتجننت أسيبك إزاي، مش شايف الجو عامل إزاي؟
إرتسمت علي شفتيه بسمه حزينه..
ـ مش مهم..متقلقش..
معاذ بحسم..
ـ مش هسيبك..
نظر له محمد بحده..
انا مش عيل صغير…عشان تلحقني..
ابتسم معاذ له بحنان ..
ـ ياسيدي أنا إللي صغير..أهو أمشي معاك أواسي نفسي مش كفايه بنت النكديه خديجه إللي مطلعه عين أمي..هيبقي انت وهي عليا…
فلتت بسمه حقيقيه من محمد علي صديقه…
ـ ماشي يااخويا بس هتمشي وأنت ساكت..
ـ ماشي..
نظر له محمد وعاد يضحك بقوه..
معاذ بصدمه..
ـ بتضحك ليه يااد كده..ماكنت بعقلك..وقالبها مناحه..
محمد بمكر..
ـ أصل إفتكرت إن أصلا خديجه مبتكلمكش..
معاذ بغيظ..
ـ محمد، متهزرش..أحسن أنزل دلوقت أتجوزها..
ـ وإيه اللي ماسكك ماتنزل…!
حك معاذ رأسه..
ـ عشان نحس، وبحب نحس وبومه علي رأيي أمها..
ـ نظر له محمد والتقت نظراتهم معا..وإنفجرا معا بالضحك..
صمت معاذ ولكذه..
ـ النحس ملازمنا، مش هينفك أبدا..
ـــــــــــــــــــــــــــــــــ
أخيرا هدأت العاصفة..ولم يتبقي منها إلا بضعا من قطرات تنزل كل حدا..بعد نصف ساعه متواصله من السيول..
خرجت تحمل حقيبتها علي يديها وتجر أخري خلفها..
عيونها منتفخه من كثره البكاء ووجهها متجهما….
تشعر وأنها راحله والي الأبد للسجن..ولن تبصر النور بعينيها مره أخري..
نزل مسرعا من السياره..والتقط الحقيبه، منها..
أشاحت بوجهها بعيدا عنه، تتحاشي نظراته لها..
عينيه باتت تخيفها..وتعبيراته لم تعد تستطع تفسيرها..
أخذت نفسا طويلا وجاورته، بالسياره..
انتهي من وضع الحقائب..وجلس بجانبها..ونظر لها بتمعن
كانت تنظر للخارج بشرود من خلف الزجاج..لم تشأ أن تواجه بعينيها الباكيه عينيه الواثقه….
توقف عقلها علي كلمات عزالدين..لها..حينما هاتفته..أخبرها
أنها بأمان معه، ولا تقلق أبدا..
من أين لهم كل هذه الثقه..؟
هناك شئ لم تعد تعرفه، يخفونه عنها.. ولكن ما طمأن قلبها أن عز بجوارها تثق به، كما تثق بنفسها، رغم عشقها لرائد..إلا أنها لا تتحرك إنشا واحدا قبل إستشارة ابن عمها عزالدين..لطالما كان هينا لينا معها بالكلام عكس الجميع..
لم ينقطع عن التواصل معها يوما..عز وڤيرا هم مرايتها التي تعكس لها تصرفاتها ويوجهونها، للصواب بكل الحب والاهتمام..
لقد نشأت وحيده الأبوان..لم ينجبا غيرها والدتها ووالدتها كانو يعشقون بعضهم البعض..، تزوجا ولم يمن الله عليهم الا بها، جدها دوما ما كان يطلب من أبيها الزواج لكنه لم يرضخ له يوما..أكتفي بهما..
وهذا سبب كره جدها لها ولوالدتها..وكره الجميع لهم..حتي أنهم قدموها هي كبش فداء لثأر إبنهم، تعلم أنه قتل بسبب دفاعه عنها، ولكن..لما يحملها الجميع ذنب اخطاءهم..
لاحت لذاكرتها ذكري والدها..الحبيب..هل سيسامحها؟
منذ سنوات لم تستمع لصوته..يالله كم اشتاقت له..
كيف فعلت بنفسها ذلك..؟
كيف استطاعت أن تحط بقدر والدها، الذي لو أرادت لجلب لها الدنيا تحت قدميها..
دائما ما تسأل عنه والدتها..وتكتفي بإخبارها انه بخير.. ولم تجرؤ أن تتحدث له، لكن لما لا يشعر قلبها بذلك..
أنتبهت علي صوته وهو يمد يده لها بمنديلا ورقيا..
ـ بطلي بكا، عشان خاطري..
أخذته منه من دون أن تلتفت له..
ـ شكرا..
ردد خلفها..بسخريه..
ـ شكرا.
استدارت له بحده من بروده…
ـ انت عاوز إيه دلوقت..عاوزني أقولك إيه يعني.؟
انا ليه حاسه إنك بارد ومش مقدر حجم المصيبه اللي انا فيها..
نظر لها بغيظ..وفتح فمه ليتكلم..ولكنه تذكرالوعد الذي قطعه لعز منذ قليل..
أن لا يقسو عليها، حتي يسلمها له بيديه بأرض المطار..
وهل يستطيع أصلا..دموعها وخوفها هذا يقتله،يشعره بالعجز..
زفر بحده..وأعاد نظره للطريق..متمتما..
ـ ماشي ياميسم، هانت صبرت سنين، مش هصبر الشويه دول يعني..
ـ انت بتقول ايه؟
ابتسم لها ابتسامة صفراء…
ـ مبقولش..انتي كويسه ياحبيبتي..؟
رمشت بعينها قليلا بصدمه..
وأشاحت وجهها بعيدا عنه..
ـ مش معقول..إيه البرود ده..
بعد ساعتين..
كانت تجلس بجواره بالطائره تنظر حولها يمينا ويسارا بصدمه..
ـ أومال فين الركاب…؟
رائد ببرود وهو يضع عصابة العين علي عينه
ـ عشان دي طياره خاصه..
ـ فتحت فمها لتتكلم..ولكنها عادت واغلقته مره أخري..لا يهم..أن كانت في الحالتين ستنتهي حياتها..
فلما ستكترث..
عادت بظهرها للخلف وزفرت بتعب..بلا اهتمام..
رفع عصابه عينه وتوسعت عينيه وهو ينظر لها..كان يتوقع أن تعترض.ولكنها قابلت بروده ببرود أكبر..
بقي ينظر لها قليلا..ولدموعها التي تسيل من عيونها، وتمحيها سريعا..بمنديلها..
ضغط علي شفتيه..بقوه..وعاد قلبه يؤلمه عليها..
ـ ميسم..
التفت بوجهها له..
ـ نعم..
مد يده ومحي دموعها بإصبعه..
ـ متبكيش..اقسم لك طول ما أنا عايش ماحد هيلمس شعره منك..
ـ إنت ليه واثق كده..؟
إلتف بوجهه للجهه الاخري..حتي لا تفضحه عيناه وتقرأ ما يخبأه عنها..
ابتسمت بوجع..
ـ عموما في الحالتين سواء كنت جمبي ولا لا..أنا كان لازم أرجع، حتي لو قتلوني مش فارقه..أنا استحق أصلا..
بحده أمسكها من ذراعها
ـ محدش يقدر يلمسك طول ماانا عايش مش هسمحلهم، إنتي فاهمه..
ـ إنت مصدق نفسك اصلا..
إبتسم لها تلك الإبتسامه الساحره التي تعشقها..
ـ أنا بصدقك إنتي، ياميسم..دا كفايه عندي..
اشاحت وجهها عنه ونظرت للخارج بشرود..لم تعد تشعر بطعم أي شئ…الا أن الموت أصبح وشيكا جدا..
وهي تستحق…لما إقترفته في حق نفسها وعائلتها منذ زمن..
ــــــــــــــــــــــــــــــــ
ببيت سولاف..
وضع إدوارد معتز النائم علي الفراش، وتبعته هي ووضعت شقيقته بجانبه..
دموعها تجري بلا حيله منها وتسارع كل دقيقه لتمحيها حتي لا يلمحها إدوارد…
خرج إدوارد..ينتظرها بالخارج….
تبعته هي بعدما استعادت نفسها قليلا..
باغتها إدوارد بسؤاله سريعا..
ـ أنتي بخير سولاف؟
هزت رأسها..وحاولت إخراج صوتها..فخرج همسا ضعيفا..
ـ بخير..لا تقلق..
نظر لها قليلا..وقال.
ـ كان هو إذن؟
أشاحت وجهها للجهه الأخري..
ـ من تقصد؟
ـ لا تتهربي مني سولاف..أنتي تعلمين من أقصد جيدا؟
محمد هذا..هو ذاك أليس كذلك؟
جلست علي الأريكه بوهن، ووضعت وجهها بين كفيها ولم تستطع تمثيل القوه اكثر، إنفجرت بالبكاء..
أقترب منها سريعا، وجثي أرضا بجانبها..
ـ سولاف إهدأي،، لا تبكي عزيزتي..أن كان حديثي يزعجك سأصمت..لقد علمت منذ النظرة الأولي ياصديقتي..منذ إرتعشت يديك وألقت مابهما..
رفعت وجهها الذي أصبح كحبه طماطم ناضجه من كثرة البكاء..
ـ كنت أظن أننا حين نلتقي مره أخري بعد كل تلك السنوات..لن يؤثر لقياه بي..لن أكترث له، ولن يتفتت قلبي لرؤية ضعفه وتعبه..
كنت أظن أنني تخطيته منذ سنوات..ولم يؤثر صوته ولا عيناه بي..
فجأه وجدت نفسي أعود لتلك الطفله التي تركتها خلفي منذ سنوات..أشعر بأني خائنه لعينه ..ناكره للمعروف ولما فعله معتز معي..
أشعر وكأني ضائعه مشتته بين الإثنين..؟
رد إدوارد بسرعه علي كلامها..
ـ أي إثنين سولاف؟…معتز رحل منذ سنوات..لا تقسي علي نفسك هكذا..يحق لك أن تعيش حياتك، لا ان تدفنيها هكذا
لقد أخبرتك أنكي مازالت واقعه في عشق هذا المغفل الذي وقع بين يديكي اليوم.
هزت رأسها بقوه..لالا لا تقل هذا..قل من تأثير الصدفه فقط..
لقد نسيته منذ سنوات..
ـ أنتي كاذبه سولاف..لما تبكين إذن.؟
لما تركتي كل شئ خلفك، حتي أولادك، ورحلتي خلفه كالمجنونه…
ألم تري كيف كنتي؟وكيف كانت دموعك تسيل خوفا عليه..؟
كيف كنت تتمسكين به داخل أحضانك كطفل لك..
لا تنكري سولاف..كل ترهاتك طوال سنوات كشفت اليوم..
أنتي مازلت هناك..ببيتكم الكبير..مازلتي عالقه بعشق الطفوله والصبا..
أتعلمين شيئا..حينما عدت للبيت اليوم وجلست وحدي أتأمل حكايتك..علمت ان الله رحيم بعباده..تخيلي كان معتز مازال حيا..للان..
كيف كان سيكون شعوره…؟، وهل من الأساس كنتما ستظلا معا للآن زوجين..
انتي إمرأه لرجل واحد سولاف..مهما إفتعلتي القوه..كاذبه..
دفنت وجهها مره اخري بين كفيها وعادت تبكي بقوه..
ـ لقد كنت علي وشك أفتعال جريمه لا تغتفر بحق نفسي ياإدوارد..أقسم لو ما أيقظني معاذ من غفلتي لكنت صعدت له لهثا.. وارتميت بأحضانه..وأخبرته كم إشتقت له..؟
كنت سأفعلها بلا تردد..وماذا فعل هو..مازال كما هو..يقلل من شأني..ويتفنن بإذلالي..
استقام إدوارد من مكانه..وهو يلقي آخر كلامه عليها قبل أن يرحل..
ـ أنتي واهمه سولاف..ما رأيته اليوم..لا يخرج إلا من قلب رجل أرهقه العشق والفراق ياجميله..رجل لم يتحمل قلبه صدفه بسيطه..
وسقط بين يديكي..لا تتجبري..تمعني النظر جيدا..ولا تحكمي علي الكتاب من غلافه..
هناك حلقه مفقوده في حكايتك، إبحثي عنها جيدا..
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
اليوم التالي..
بالفندق..
إنت بتعمل ايه يامحمد؟
ـ زي ماانت شايف.
ـ ايوا اللي هو إيه؟، إنت أكيد بتهزر..إنت هتنزل مصر طب والصفقه..؟
ـ إنت هتخلصها. وأول ما ننزل هتنازل عنها لفهد وكيان..
ـ بتهزر..
ـ لا بتكلم جد..
ـ ليه؟
ـ عشان اللي حصل ميتكررش..
ـ لو فاكر انه مش هيتكرر تبقي غلطان..انت وسولاف هيجمعكم ألف رابط ورابط..لو مش الحب والجواز..في بينكم اهل وصله دم..وكان وارد إللي حصل ده في أي وقت..
مهما حاولت تبعد هترجع تاني..لنفس النقطه..وإللي حصل إنهارده وارد يتكرر تاني..
ـ مكنش وقته..
ـ وهيا الحاجات دي ليها وقت.. دي تدابير ربنا يامحمد.. مهما كدبت إنت وهي.. وقولتو مش فارق..
لا فارق.. أصلك مشوفتش لهفتها بعنيها لما وقعت إنت بين إيديها.. دموعها اللي كانت مغرقه وشها.. اللي اقسم لك انها نفسها مكنتش حاسه بيها..
وأنت مشوفتش نفسك وانت طالع تجري وراها زي العيل الصغير..
أزاح محمد ما أمامه بحده..
ـ ماهو المصيبه إني قدامها برجع عيل صغير.. برجع محمد اللي كان بيطلع عالشجره ورجله تتجرح وتبقي كلها دم ومايهتمش عشان يربطلها المرجيحه عشان ترضي عنه..
برجع محمد اللي مستعد يجبلها الدنيا تحت رجليها بس هي ترضي..
ببقي مش أنا يامعاذ..ببقي حد تاني فكرت أنه مات واندفن ببعدها عني..
برجع محمد المجنون اللي غيرته عمياه..
لما سمعت إدوارد بيناديها بإسم الدلع اللي كانت بتعشق اناديلها بيه انا بس..كنت هتجنن..يمكن من رحمه ربنا عليا إني أغمي عليا ورحت في غيبوبه..
انا مش بس بحبها..أنا مريض بيها..
مريض ودوايا معاها وبين إيديها..لو منزلتش حالا..
اقسم لك اول ما أشوفها هترمي تحت رجليها وأقولها سامحيني..هخرب وأدمر حياتها..انا لعنه ليها..
علي قد ما عشت سنين أدعي بس إني ألمحها..علي قد ما وجعني اللقا..وكان كارثه..وفوق ده كله..
وعدي اللي عامل زي حبل المشنقه بيتلف حولين رقابتي..
وانا وعدت نفسي إني أبعد..أنا منفعش ليها..
دفعه معاذ بيده بحده..
ـ متنفعش.؟
ايه اللي قل نفعك..محمد فوق..الأوهام اللي في دماغك دي معدش ليها وجود..سولاف قدامك..مهما كدبت وقالت نسيتك كدابه.
اللهفه اللي شوفتها في عنيها تثبت..خوفها عليك ووقوفها في عز البرد مستنيه تطمن عليك..حب وحب قوي ياصاحبي..
محمد بوجع..
ـ أنا قربي منها أذيه يامعاذ..انا لسه زي ماانا محمد المتملك..متغيرتش..يمكن السنين غيرت من شكلي..بس مغيرتش من طبعي..
ولوفضلت هتكرهني..أنا خايف عليها من نفسي..أنا هنزل ياصاحبي..وأحاول انسي اني قبلتها من أصله..
معاذ بتهكم..
وهتقدر تنسي…
ـ مش عارف، بس إدعيلي انسي ياصاحبي..
ـ طب هاجي معاك المطار..
محمد بسرعه…
ـ لا.؟
ـ ليه؟
بشرود أجابه..
ـ هروح لوحدي..
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
بالقاهره..
(بيت كيان وفريده)
إنتفضت من مكانها علي صوت الهاتف..
نظرت به وجدته أخيها..فردت بلهفه..
ـ محمد حبيبي إنت كويس من الصبح برن عليك، إنت فين؟..
من بين كل الدنيا هي ملجأه الوحيده..تشعر به ولو فرقتهم أميال بعيده..
صمته دب الرعب بقلبها..
ـ محمد رد عليا انت كويس..؟
صوت نهنهات رجوليه جعلتها تضع يدها علي قلبها..
ـ رد عليا يامحمد مالك ياحبيبي..فيك إيه؟
صمت قليلا، وأجابها
ـ انا شوفتها يافريده..
ـ هي مين يامحمد.؟
محمد برجفه بصوته..
ـ سو..لاف.
عادت للخلف وجلست علي الفراش بصدمه..
ـ إنت فين يامحمد…؟.
ـ إسبانيا..
ـ محمد….انت..
ـ أنا تعبان يافريده..تعبان اووي…
ـ قلب فريده..هيعدي..كله هيعدي..
ـ انا هنزل مصر الليله يافريده..بس..
ـ بس إيه يامحمد..
صمت قليلا..ينظر للسماء لا يعلم ما سيفعله خطأ أم صواب..ولكن لا يعلم متي ستأتيه فرصه كهذه مره أخري..
ـ عاوز ايه يامحمد؟
ـ عنوان بيتها يافريده..وقبل ماتقولي لا..هشوفها بس وهمشي..عشان خاطري..مش عارف إمتا هشوفها تاني.
ـ لارد..منها
عاد يتوسلها بصوته…فريده؟
ـ حاضر يامحمد..هبعتهولك..أنا استنيتك تطلبه من سنين كتيرأوي..وحفظاه صم زي إسمي..عشان اليوم ده
ـ فريده..
ـ ايوه ياقلب فريده..
ـ ادعيلي ربنا يبرد علي قلبي..
ـ ربنا يراضي قلبك بيها..
ـــــــــــــــــــــــــــ
أمام قسم الشرطه..
ابتسمت لمار بإتساع وهي تحتضن خالتها سعاد بحب..
ـ أحلي خالتو في الدنيا بحالها بقي..
سعاد بضحك..يابت يامكاره إنتي..كل ده عشان طاوعتك..
لمار بخبث..وأنا يعني ليا غيرك ياخالتي..يرضيكي يعني حتته بت زي دي تسرق تليفوني عيني عينك كده..
سعاد بحسم..بت يالمار هسألك لأخر مره..إنتي متاكده انها سرقته لتكوني ظلماها..يابنتي..
لمار بمكر..أيوه طبعا واديكي شوفتي صحباتي شهدو معايا..دي بنت بييئه وأي حاجه بتشوفها بتسرقها..
سعاد بتنهيده..ماشي بس مقولتليش ليه جيتيلي أنا..مقولتيش لمراد..
ابتلعت لمار ريقها بخوف..
ـ أصله نبطشي من إمبارح ياخالتي مجاش..وكان لازم أبلغ انهاردة..
وبعدين سيبك بقي متيجي، تجيبي كريمه وتعيشي معانا البيت كبير وأهو تاخدو بحسي..أنا ومراد..مراد بيفضل بره طول اليوم وببقي قاعده لوحدي..
سعاد بفرحه مستتره..بس مينفعش يالمار يابنتي انتي ناسيه ان كريمه ومراد مينفعوش يقعدو مع بعض
ـ ليه بقي ياخالتي..دا حتي بيتكم آيل للسقوط في أي لحظه..
ـ انتي بتقولي فيها يابنتي..يالا بقي الحمدلله..
ـ خلاص أنا هقول لمراد وهو بنفسه يعرض عليكم وأنتي انتهزيها فرصه ووافقو..
سعاد بفرحه..ماشي موافقه..
ـ حبيبتي ياخالتو..
ـ قلب خالتو..
ـــــــــــــــــــــــــــــــــ
ببيت رضوان..
انتي يابت ياخلود.. انتي يازفته.. افتحي الباب..وسيبك من الروايات اللي كلت دماغك دي..
تأففت خلود وقذفت الهاتف بجانبها..
ـ يوووه هو مفيش غير خلود..خلود..مش عارفه اقرأ روايه علي بعضها
كل ما ادخل في المود تفصلوني كده..
ـ سمعتك ياسافله علي فكره..ولو مبطلتيش برطمه هقوملك..
ـ قايمه أهو قايمه..ياساتر..
اقتربت من الباب..الذي يدق بقوه..
ـ إيه في إيه ياللي بتخبط، جايه أهو..هي الدنيا طارت..
وضعت حجابها علي شعرها بسرعه من قوه الدق علي الباب..
جاءت خلفها والدتها تلهث من القلق..
ـ في إيه مين اللي بيخبط كده يابت..افتحي بسرعه البيت هيقع علينا..
ـ حاضر حاضر..
فتحت الباب..ورجعت للخلف بخوف مره أخري..
ـ إنتي خلود رضوان
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
خرجت تهرول خلف أولادها بالحديقه..بيدها طبق طعامهم
في محاولة فاشله منها لانهاء طعامهم..
جلست علي المقعد بالحديقه بتعب.. شعرها مبعثر وعينيها مرهقتين، متعبتين..لم يغمض لها جفن طوال الليل..
وضعت يدها تحت خدها، مستنده بكوعها علي المنضدة تنظر لأطفالها الذي يلهون بالكره أمامها و صوت ضحكاتهم وشجارهم يملأ المكان عليها ويشرح قلبها…
ماذا تريد اكثر؟…..كلما نظرت لاطفالها، شعرت بأن الله راض عنها..
فلتت قهقه عاليه منها حينما سقط معتز أرضا وتلطخ وجهه بالطين الذي يملأ المكان غافله عن عيون تراقبها من خلف ستار يشبع عينيه وقلبه من رؤياها..لآخر مره.
انتفضت سريعا من مكانها لتحمل معتز الذي إنفجر بالبكاء
تيبست قدميها بالأرض حينما لمحت عيون تعرفها وهل تخطأها يوما… عادت تنظر للخارج بلهفه..
وهي تهمس بإسمه..
ـ محمد..
ـــــــــــــــــــــــــــــــ
أعشقها وأغار..
إبتليت أنا بعشق من نار، لم يتركني إلا حطام..
عشق دام بالقلب أعوام، وأمامها فقط يتبخر و ينهار..
عشق لا أملك عليه حق الإختيار، دوما يجذبني اليها ليلا ونهار..
عشق مهما مرت الأعوام باقيا حيا، حتي ينهال علي جسدي الثري.. وأصبح حطام..
الفصل التالي اضغط هنا
يتبع.. (رواية رحماك الجزء الثالث) اضغط على اسم الرواية لتجد الفهرس كاملاً بجميع الفصول.