رواية ملاذ العاشق – الفصل السابع
البارت السابع
—
اتسمرت ملاذ في مكانها، مبهوتة من قربه، قلبها بيرقص في صدرها بخوف وتوتر.
سفيان كان مركز في عينيها، كأنه بيقرأ جواها سطر سطر. لأول مرة في حياته يشوف البراءة دي متجسدة في إنسانة، ولأول مرة يتسحر من نظرة.
مد إيده برفق، شال خصلة متمردة من شعرها، وقرب من ودنها، صوته واطي بس تقيل:
– “إيه يا قطة… لسانك اتاكل ولا إيه؟”
عينه سابت عنيها ونزلت لشفايفها، قرب منها خطوة بخطوة، وهي اتلخبطت. سيطرت عليها دوامة مشاعر غريبة… لحظة وافتكرت كل اللي حصل بسبب وجودها في حياته: أهلها اللي رفضوها، ماضيه المظلم اللي متعرفش عنه حاجه، وصورته قدامها كقاتل مايعرفش الرحمة.
فجأة زقته بعيد بكل قوتها، ووقفت قدامه لأول مرة من غير خوف، صوتها عالي ومرتجف مع بعض:
– “ممكن أفهم حضرتك عاوز إيه مني بالظبط؟! دخلتني في حكايات مالهاش أي علاقة بيا… واتجوّزتني غصب… وأهلي اتخلوا عني بسببك! أنا دلوقتي واقفة قصاد واحد غامض، معرفش عنه حاجة غير إنه قاتل!”
كانت بتتنفس بسرعة وكأنها بتغرق، أما سفيان… ماكانش سامع أي كلمة من اللي قالتها. كل تركيزه كان على تفاصيل، القميص الحريري اللي مغرق جسمها ومحدد كل تفاصيلو المهلكه.
ملاذ حست بنظراته اللي بتحاصرها، افتكرت فجأة إنها لابسة إيه. قلبها وقع وهي شايفة عيونه بتلتهمها.
في لحظة، سفيان اتحرك زي العاصفة… قام فجأة، مسكها وزقها على الحيطة.
صرخة صغيرة خرجت منها وهي بتحاول تبعده بإيديها، لكنه مسك إيديها الاتنين وثبتهم فوق راسها، جسمه ضاغط عليها، وبإيده التانية حاوط خصرها بقوة وقرّبها ليه أكتر.
قرب بشفايفه من شفايفها، ونبرته واطية بس مشتعلة:
– “هتعرفي دلوقتي… أنا عاوز منك إيه.”
وبعنف ممزوج برقة غريبة، انقض على شفايفها. قبلها قبلة مجنونة، فيها غضب ورغبة، فيها سيطرة وجوع، وهو مش بيدّيها فرصة تلتقط نفسها… أما هي فكانت مصدومة، محبوسة بين إيديه ونفسها
نهى كانت نايمة على الكنبة، صحيت على صوت جرس الباب بيرن. قامت متلخبطة لبست الإسدال بسرعة وفتحت… لقت كريم واقف قدامها بابتسامة دافية.
قال بهدوء:
– عاملة إيه دلوقتي؟ أحسن؟
ردت بخجل وهي مطرحة عينيها في الأرض:
– كويسة الحمدلله… وشكرًا على اللي حضرتك عملته معايا امبارح. دلوقتي هلبس وامشي.
مجرّد ما خلصت جملتها، ملامح كريم اتبدلت، قرب منها وقال بلهفة مش قادر يخفيها:
– تمشي؟ تروحي فين؟! ده أنا مصدقت لقيتك…
بلع ريقه واتنحنح، حاول يخفي اندفاعه وقال بنبرة غاضبة شوية:
– وبعدين تمشي تروحي فين؟ مستحيل أسيبك ترجعي لبيت أبوكي اللي قاعد مع شوية خمورجية!
نهى رفعت عينيها عليه بضيق:
– طب وأنا هقعد هنا في شقتك أعمل إيه؟! إيه الرابط اللي يربطني بيك؟
كريم اتنفس بعمق، قرب خطوة منها وصوته بقى أهدى لكنه واضح:
– أنا هخرج دلوقتي… وبعد العصر تكوني جاهزة. هنخرج سوا.
وسابها وخرج وهي اتنهدت وقعدت ب قله حيله
عند ملاذ وسفيان:
بعد ما خلّاها تتجمد بين إيديه… فجأة سابها، وهو نفسه مش فاهم إزاي قدر يعمل كده.
رجع خطوتين لورا، عينه متعلقة بيها كأنه شايف جواه حاجة مش عايز يبينها.
قال بصوت متحشرج شوية، فيه قسوة لكن وراها وجع:
“أنا مش هأذيكي يا ملاذ… بس إوعى تفكري إنك تعرفيني. أنا دنيتي سكة تانية، سكة سودة ماينفعش تمشي فيها معايا.”
ملاذ واقفة قدامه، أنفاسها متلخبطة، عينيها كلها دموع بس في نفس الوقت فيهم فضول:
“طب لو مش عايزني… ليه دخلتني حياتك أصلاً؟ ليه أخدتني من أهلي؟”
هو سكت، بص ناحيتها للحظة كأنه عايز يقول “لإني حبيتك”، بس ابتسم ابتسامة باااردة وقال:
“اعتبري نفسك مجرد ورقة في لعبة أكبر منك… وأكبر مني.”
وبعدين اتجه للباب، بس قبل ما يخرج وقف ثانية، بص عليها وهي لسه واقفة متوترة، وقال بهدوء شبه همس:
“نامي يا ملاذ…
وخرج وقفل الباب وراه، سايبها محتارة بين حنيته وكلماتو الاخيره اللي قالها
🩺 عند أدهم
كان قاعد في مكتبه في المستشفى، عينيه محمرة من السهر والتفكير، إيده بتخبط بالقلم على الترابيزة بشكل هستيري، شكله بجد بقى شبه المجانين.
ملاذ غايبة بقالها فترة، وتليفونها مقفول… حتى نهى، أقرب صاحبة ليها، اختفت هي كمان من يومين. القلق واكل قلبه.
الباب اتفتح فجأة، دخل الراجل اللي معينو يسأل ويجيبله أخبار ملاذ. شكله مرتبك، وصوته واطي مليان رهبة:
– “دكتور أدهم… أنا سمعت خبر… بس مش عارف أقوله لحضرتك إزاي.”
أدهم هب واقف، مسكه من ياقة قميصه بقوة عينه كلها جنون:
– “انطق… في إيه؟! ملاذ حصلها إيه؟”
الراجل بلع ريقه وقال متردد:
– “الآنسة ملاذ… اتجوزت.”
الكلمة وقعت زي السهم في قلب أدهم. وشه احمر من الغليان، نفسه اتقطع، رجليه خانته وقعد على الكرسي وهو ماسك راسه بين إيديه.
همس بصوت مبحوح:
– “يعني إيه اتجوزت؟ يعني راحت مني خلاص؟! مين… مين دا اللي خطفها مني؟”
رفع راسه فجأة، عينيه كلها نار، وقال للراجل بنبرة غضب هادي يخوف:
– “عاوزك تعرفلي مين الكلب اللي خدها مني… إزاي… وليه. وترجع تقولي كل حاجه.”
👨👩👧 عند أهل ملاذ
في بيت بسيط بس مليان حزن… أم ملاذ قاعدة على الكنبة، عينيها منتفخة من كتر العياط، ووشها باين عليه الهزال. بتبص حواليها كأنها بتدور على بنتها اللي ما بقتش معاهم.
الأب واقف عند الشباك، سجارة منوّرة في إيده، بس ما بيسحبش منها نفس… واقف ساكت وعينيه تايهة، صوته مبحوح وهو بيقول:
– “البنت دي وحشتني… وحشتني يا أم ملاذ. دي ملاذ روحنا… معندناش غيرها.”
الأم انفجرت في العياط أكتر، مسحت دموعها وهي بتقول:
– “ازاي يا رب… ازاي آخدها في حضني تاني؟! دي راحت مني، ! إزاي أعيش من غيرها وهي دمي ولحمي؟”
الأب مسك راسه بإيده، صوته مليان وجع وكسر:
– “البيت بقى فاضي… ملوش طعم من غيرها. كل ضحكتها، كل خطواتها… راحت.”
دموعه نزلت غصب عنه، وده كان نادر جدًا منه… لأنه عمره ما اتكسر بالشكل ده.
وقالها انا متأكد ان بنتك اتغصبت علي الجوازه دي بس مش ب ايدي اعمل حاجه قالت موافقه حته مقالتش مكانها فين انا هتجنن عليها لازم اشوف مكانها واروحلها واتكلم معاها.
🏠 بيت نهى – الصبح
كريم طلع السلم بخطوات تقيلة، قلبه ثابت بس في عينيه نار. خبط على الباب جامد، لحد ما فتح له صبحي الغباشي… راجل تخين، ، عينه مليانة طمع، وصوته ناشف.
دخل كريم وقعد قصاده من غير ما يرمش. صوته جه واطي بس فيه قوة:
– “أنا جاي النهارده أقولك كلام واضح… أنا عايز أتجوز بنتك نهى.”
صبحي قعد يتفرج عليه لحظه وبعدين مالت شفايفه بضحكة رخمة:
– “تتجوز بنتي؟… طيب، تدفع كام يا باشا؟”
كريم شد نفسه، نظراته كلها قرف من الكلمة. رفع حاجبه وقال ببرود:
– “جواز إيه اللي ليه تمن؟ أنا جاي أطلبها مش أشتريها.”
صبحي مال لقدام، صوته غليظ ومليان جشع:
– “اسمعني كويس… بنتي مش هتطلع من هنا غير بمليون جنيه. معاك… تبقى مراتك.”
كريم مسك كباية الميه اللي قدامه، ضربها بقوة على الترابيزة، الميه اتناثرت وهو عينه ولعت غضب:
– “مليون؟… هديك المليون. بس مش علشانك إنت… علشان بنتك تعيش مكرمة حتى لو أبوها باعها زي السلعة.”
صبحي اتوتر فجأة، حس إن الكلام جد بزيادة. بدأ يتهته وهو يحاول يعدل جلسته:
– “أصل… أصل نهى مش هنا دلوقتي… كانت من امبارح بالليل عند عمّها… يعني يعني مش موجودة.”
ضحكة باردة خرجت من كريم، ابتسامة كلها سخرية وهو بيبصله بنظرة قاسية:
– “بنتك أنا عارف مكانها كويس… وهي في أمان. ما تقلقش عليها… والنهارده بعد العصر، أنا راجع ومعايا المأذون…وهي ومعايا الفلوس اللي نفسك فيها.”
صبحي عينه لمعت بالطمع رغم توتره، حاول يخفي ارتباكه، وقال بسرعة:
– “عيوني يا باشا… المأذون والفلوس تيجي، والباقي عليّا.”
كريم وقف، عدل جاكيتُه وبصله من فوق لتحت، صوته مليان اشمئزاز:
– “أنا هاخدها عشان تبقى في حضن راجل يحافظ عليها… مش في حضن واحد باعها من غير ما يسأل حتى راحت فين.”
🔹 عند سفيان في الشركه
سفيان وهو قاعد في مكتبه بالشركة خلص آخر ورقة قدامه، نفخ وهو بيبص في الساعه
رن على واحد من الخدم وقال بصوت حازم:
– “اسمع… حد يطلع يقول لملاذ تجهز، أنا معدّي عليها دلوقتي.”
الخادمه راحت لملاذ، خبطت على الباب، ملاذ قامت مفزوعة من النوم، لسه بتفوق. لبست الروب بسرعة فوق هدومها وقالت بصوت مبحوح:
– “اتفضل…”
دخلت الخادمة بابتسامة هادية:
– “سفيان بيه بيقول لحضرتك تلبسي… علشان معدّي ياخدك.”
ملاذ غمضت عينيها لحظة، قلبها دق بسرعة، ابتسمت بصعوبة وقالت:
– “ماشي يا حبيبتي، شكراً.”
الخادمة ابتسمت لها بحنية وخرجت.
ملاذ وقفت قدام المرايا، عينيها مليانة قلق، دخلت تاخد شاور سريع، لبست طقم شيك، لفت طرحتها، وقعدت مستنيا سفيان وهي من جواها حاسة بخوف مش مفهوم
المشهد عند نُهى
نهى كانت قاعدة في شقه كريم ملامحها متوترة وقلبها مليان قلق. فجأة سمعت خبط على الباب، قامت بسرعة تفتحه، ولقت كريم واقف قدامها.
نهي بصتلو وقالتلو انا هفضل هنا ل حد امتي
كريم ابتسم ابتسامة صغيرة وهو بيحاول يطمنها:
– “اطمني… انا روحت لبباكي دلوقتي
نهى فتحت عينيها بصدمة:
– “رُحت له؟! وقلتله إيه؟”
كريم قرب منها خطوة، صوته هادي لكنه مليان جدية:
– “طلبتك للجواز… ووافق.”
نهى دموعها لمعت وهي بتبص له بذهول:
– “وافق؟! إزاي؟!”
كريم مسك إيدها برفق، عينيه كلها حنان:
– “ماتفكريش في إزاي دلوقتي… المهم إنه حصل.
نهي بس انا مش عاوزه اتجوز ب الطريقه دي
كريم اتنهد وقرب منها أكتر، وحط إيديه على خدها بلطف: انا عاوزك وشاريكي والله وانتي كمان محتجاني علشان تبعدي عن ابوكي وتحسي ب الامان
–
نهى عينيها دمعت أكتر، وقالت بصوت مكسور:
– “أنا خايفة يا كريم… خايفة ييجي يوم وأندم.”
كريم بسرعة مسح دموعها بإبهامه، وصوته كان كله حنية:
– “لا يا نهي، مش هتندمي طول ما أنا جنبك.
ابتسامة صغيرة طلعت على وش نهى رغم دموعها، وحست للحظة إن خوفها ومطمنه علشان هتكون بعيد عن ابوها
كريم قالها جوازنا هيكون ف السر لفتره وصدقيني هيجي يوم واعلنو متخافيش اومأت نهي وقالت طلاما باباها موافق مش مشكله
سفيان روح علي القصر خد ملاذ ومشي قال بصوت هادي فيه حنية غريبة:
– “تعالي معايا… هوديك عند أغلى حد في حياتي، لازم يشوفك.”
ملاذ اتفاجئت من طريقته، بس فضولها غلبها، نفسها تعرف هو رايح بيها لمين. الطريق خدهم لبيت ريفي شكله فخم، مليان هيبة وهدوء.
ركن سفيان العربية ونزل، ماسك إيد ملاذ كأنه مش عايز يسيبها. خبط على الباب، فتحت ست كبيرة في السن بابتسامة:
– “سفيان بيه! أهلا وسهلا، اتفضل.”
رد عليها باحترام:
– “إزيك يا مدام صفية؟ عاملة إيه؟ وجدتي أخبارها إيه؟”
– “الحمد لله يا بني، صحتها بقت أحسن كتير… هي في الصالون مستنياك.”
مسك إيد ملاذ ودخل بيها. هناك، شافت ست كبيرة قاعده على كرسي متحرك، ملامحها مليانة وقار وحنان، ماسكة مصحف وبتقرأ فيه. أول ما شافت سفيان، قفلت المصحف وقالت بصوت مليان شوق:
– “صدق الله العظيم… سفيان! حبيبي.”
سفيان ساب إيد ملاذ، جري عليها، باس إيدها وارتمى في حضنها:
– “وحشتيني أوي يا جدتي.”
ضحكت بدموع:
– “وانت كمان، يا حتة من قلبي.”
ملاذ وقفت محروجة، لكن الجدة لاحظتها وقالت بابتسامة دافية:
– “مين البنوته الحلوة دي يا حبيبي؟”
سفيان رجع لها، خد إيد ملاذ وقال بابتسامة هادية:
– “دي ملاذ… مراتي.”
عيني الجدة لمعت، رحبت بيها بحرارة:
– “أهلا يا بنتي… نورتينا.”
قعدوا شوية يتكلموا، وسفيان قام يعمل تليفون. الجدة مسكت إيد ملاذ وقالت لها بصوت مليان رجاء:
– “تعرفي يا بنتي… أول مرة أشوف في عيون سفيان أمل بعد ما اتكسر من اللي حصله. مش هسألك اتجوزتوه إزاي ولا ليه… بس بطلب منك حاجة واحدة: تقفي جنبه وتساعديه، هو هيحكيلك كل حاجة في وقته.”
ملاذ هزت راسها موافقة، بس عقلها تايه… مش قادرة تفهم هو إزاي بيجمع بين الغموض والقسوة، وفي نفس الوقت الحنية دي.
رجع سفيان وقال بهدوء:
– “يلا يا جدتي، لازم نمشي دلوقتي، وأوعدك أجيلك أنا وملاذ تاني قريب.”
قبل إيدها بحب، وقال:
– “مش هتيجي تعيشي معايا بقى؟”
ضحكت وهزت راسها:
– “لا يا حبيبي… أنا مرتاحة هنا. خلي بالك من مراتك، شكلها بنت حلال وطيبة.”
سفيان أومأ باحترام، وخد ملاذ وخرج.
ركبوا العربية، والهدوء سيطر عليهم لحد ما سفيان لاحظ إن في عربيات وراهم. مسك تليفونه بسرعة، بيكلم الحراسة تيجي في الحال… فجأة دوّى صوت رصاص يضرب العربية من كل ناحية!
صرخة ملاذ ملأت المكان، وسفيان مسك إيدها وهو بيحاول يسيطر على الموقف…
الفصل التالي: اضغط هنا
يتبع.. (رواية ملاذ العاشق) اضغط على اسم الرواية لتجد الفهرس كاملاً بجميع الفصول.