رواية المتنقبة الحسناء – الفصل الثاني والعشرون
الفصل الثاني والعشرون
سبحان الله العظيم
الفصل الثاني والعشرون
قالت بإحراج: “ممكن أستعير كشكول صفية؟!! وأوعدك إني هرجعه تاني بعد أما أخلص قراءة فيه؟!”
صمتت قليلا؛ وأمسكت الكشكول ونظرت له بحنين؛ ثم قالت: “موافقة؛ بس بالله عليكِ يا بنتي تحافظي عليه؛ أنا لما باقرأ كلماتها بحس إنها بتكلمني وحاسة بيا”..
أومأت حسناء برأسها بالإيجاب؛ ثم قالت: “ما تقلقيش يا خالة؛ هاحافظ عليه وهارجعه لحضرتك في أقرب وقت”..
مريم بابتسامة: “يا ريت عشان نشوفك تاني؛ ما تتأخريش علينا يا حسناء”..
احتضنت مريم وقبلتها؛ ثم قالت بسعادة: “حاسة إني أعرفك من زمان أوي؛ أنتِ طيبة أوي يا مريم”..
ردت بخجل وتواضع: “جزاكِ الله خيرا, وأنتِ أطيب مني”..
******************
(أمسكت بهاتفها وظلت تبحث عن اسمه في دليل الهاتف؛ ثم ضغطت على زر الاتصال.)..حاولت أن تكون هادئة: “السلام عليكم؛ إزيك يا زياد.؟! عامل إيه؟!!”
ضغط زياد على أسنانه بغيظ: “الحمد لله كويس؛ إيه اللي بيحصل عندكم ده يا أمي؟!”
والدته بهدوء: “كل خير يا ابني؛ والدك طلع قاعد عند عمك ومريض؛ وما ينفعش حد غير أولاده يخدمه؛ ولا إيه؟”
قال بعصبية: “يعني بعد أما يسيبنا بصحته واحنا محتاجينه يرجع وهو مريض عشان نخدمه؟! ما ينفعش يا أمي؛ أنا رافض الوضع ده؛ يروح يقعد عند عمي تاني!!”
قالت بحدة: “ده موضوع ما فيهوش نقاش يا زياد؛ والدك هيفضل هنا؛ وانتم اللي هتخدموه؛ أنا ربيتكم على التسامح والعفو؛ إذا كنت أنت بأه عايز تغضب ربنا ساعتها مش هاقدر غير إني أدعيلك بالهداية والرجوع لطريق الله!!”
قال وعيناه تملؤها الدموع: “يا أمي أنتِ أكتر واحدة تعبتِ بعد ما سابنا؛ وكل واحد فينا طلع معقد بسبب النقطة دي؛ إزاي عايزة نتعامل معاه بكل بساطة كده.؟! صعب جدا!”
تنهدت بهدوء؛ ثم قالت: “عارفة إنه صعب؛ بس ليه ما تحاولش ترضي ربنا وتبقى بار بينا؟!”
استكملت كلامها بتنهيدة حزينة: “يا زياد سامح واصفح عشان ربنا يوفقك في حياتك”..
زياد بحزن: “خلاص يا أمي؛ اللي يرضيكِ اعمليه؛ أنا ما أقدرش أزعلك؛ بس ما تطلبيش مني أكلمه لأني مش هاقدر”..
ظهر على ملامحها الحزن؛ ثم قالت: “كنت فاكرة إني عرفت أربيكم وأطلعك أنت وأختك بقلب نضيف؛ بس يا خسارة تعبي طول السنين دي”.
قال بندم: “ما تقوليش كده يا أمي؛ أرجوكِ”..
قالت وقلبها يعتصر ألما: “عايزني أفرح لما أشوفك أنت وأختك بتعقوا والدكم؛ يا ابني عقوق الوالدين من الكبائر”..
زياد بضيق: “أعوذ بالله يا أمي؛ اللهم اغفر تقصيري”..
قالت بدهشة: “بتدعي ربنا وأنت بتعصيه؟! طيب ما أنت بإيدك ترضي ربنا عشان يغفرلك تقصيرك؛ اتعلم من أخوك علي؛ يااااه على طيبة قلبه وصفاء قلبه؛ نفسي تكون زيه أنت وأختك”..
تنهد بقوة: “أوعدك يا أمي إني أتغير؛ وصدقيني قريب أوي هرضيكي وأفرحك؛ بس أرجوكِ يا أمي ما تبطليش تدعيلي”..
قالت بهدوء: “ربنا يهديك يا ابني أنت وحسناء؛ ويحنن قلوبكم”..
زياد بصوت حزين: “اللهم آمين يا رب العالمين؛ هاستأذنك يا أمي؛ هاقفل عشان الحق أنام؛ عندي شغل الصبح”..
-تصبح على خير..
زياد بابتسامة: “وحضرتك من أهل الجنة يا غالية”..
والدته: “في حفظ الله يا ابني، السلام عليكم”..
– يا رب, وعليكم السلام..
******************
“علي شكله إنسان محترم أوي يا أم صفية وملتزم كده ما شاء الله؛ وأكيد حسناء أخته كده بردو بغض النظر عن لبسها”.
نظرت له والدة صفية بابتسامة: “فعلا حسناء طيبة أوي؛ بس ربنا يهديها وهي واحدة واحدة هتتغير؛ وفاة صفية أثر فينا كلنا وأكيد أثر فيها هي كمان!!”
دق قلب مريم فرحا؛ ونظرت لوالدها ثم قالت بابتسامة: “أنا حبيت حسناء جدا؛ وأسلوبها جميل؛ دي طلعت بتكتب خواطر وقصايد زي صفية بالضبط؛ وعندها صفحة على الفيس كمان!”
والدها بدهشة: “ما شاء الله”..
نظرت مريم لوالدتها بتعجب وقالت: “بس غريبة يا ماما إنك وافقتِ إنها تستعير الكشكول؟!”
التفتت إليها والدتها؛ وقالت: “حسيت إن خواطر صفية هتفيدها كتير؛ وبكده صفية تكسب ثواب بعد وفاتها كمان؛ وتكون كلماتها صدقة جارية لكل اللي يقرأها”
مريم بدهشة: “أنا كده فهمت؛ ده أنا كنت مستغربة جداً لأنك مش بتبطلي قراءة في الكشكول كل شوية!!”
والد صفية نظر لزوجته بابتسامة: “جزاكِ الله خيرا؛ ربنا يبارك فيكِ”..
والدة صفية بابتسامة حزينة: “وجزاكَ مثله؛ كان نفسي مريم هي اللي تلبس فستان زفاف صفية؛ بس أعمل إيه؟ صفية قالتلي أعطيه لحسناء..
اغرورقت عين مريم بالدموع: “ما تزعليش يا ماما؛ بكرة أجيب فستان؛ بس لما ربنا يرزقني الزوج الصالح الأول”..
تنهدت بهدوء وقالت: “نفسي أفرح بيكي والله يا بنتي؛ ربنا يرزقك الزوج الصالح يا رب”..
والد صفية: “آمين يا رب”..
والدة صفية: “يلا يا مريم قومي نامي عشان تصحي بدري ومتتأخريش على شغلك”..
نهضت ثم قبلت يد والدها ووالدتها وهي تقول بابتسامة: “حاضر؛ يلا تصبحوا على خير”..
والديها في نفس واحد: “وأنتِ من أهله يا بنتي”..
(دخلت مريم غرفتها وهي في قمة سعادتها؛ هذه أول مرة تشعر بالسعادة بعد وفاة أختها صفية؛ ذهبت إلى سريرها واستعدت للنوم؛ وظلت تدعو كثيرا أن يرزقها الله بعلي زوجا لها..)
(بعد أن خرجا من بيت صفية؛ استقلا المترو.)
علي بابتسامة: “سمسمة؛ ممكن أتكلم معاكي شوية.؟!”
حسناء بمكر: “عارفة؛ البنت زي القمر ومؤدبة”..
علي بدهشة: “بنت مين؟!”
غمزت له وهي تقول: “مريم أخت صفية؛ وزميلتك في الشغل! لحقت تنسى؟!”
علي باستغراب: “مالها؟ وإيه جاب سيرتها أصلا؟!”
رفعت حاجبها وقالت بدهشة: “ده أنت في الطراوة؛ أومال موضوع إيه اللي عايز تكلمني فيه؟!”
ضحك وقال: “آآآه؛ هو أنتِ افتكرتيني هاكلمك عن مريم؟!”
أومأت برأسها بالإيجاب: “أيوه!”
علي بابتسامة: “مع إني ما كنتش هاجيب سيرتها؛ بس بصراحة البنت وأهلها ملتزمين جدا ومحترمين”..
حسناء بفرح: “جدا ما شاء الله عليهم؛ ما هو أنا أقصد ليه ما تخطبش مريم.؟! أنت شايف أخلاقها واحترامها أهو؛ وكمان أنت عايز بنت يكون عندها النية في لبس النقاب؛ هي منى عينها تلبسه؛ بس بتقول إنه ممنوع في الشركة؛ ده اللي مانعها!”
علي بحزن: “بصراحة البنت كويسة جدا؛ بس للأسف ما ينفعش؛ هي حاصلة على كلية وأنا ثانوية عامة؛ ومكملتش الكلية؛ ما أنفعش؛ هابقى أقل منها وأكيد هترفضني”..
حسناء بحيرة: “لا ما أعتقدتش؛ هما بيبصوا للزوج الصالح ومش مهم عندهم الشهادة”..
– “لا ما ينفعش؛ هيبقى في فرق تعليم وما احبش أكون أقل من زوجتي”..
تنهدت بشدة؛ ثم قالت بحنين: “عارف يا علي.؟! أنا باحبك أوي, أنت تعبت كتييير أوي عشاني أنا وزياد؛ أنا بجد نفسي أردلك الجميل وأحس إني قدرت أفرحك وأسعدك ولو بحاجة بسيطة!”
علي بابتسامة: “يااااااه؛ أنتِ فعلا فرحتيني بكلامك الجميل ده؛ وأنا كمان باحبك جداً”..
ابتسمت وقالت: “طيب إيه رأيك أنا أخدت رقم مريم أتكلم معاها لو وافقت يبقى على خيرة الله تروح تتقدم لها؛ لو مش وافقت يبقى خلاص كل شيء قسمة ونصيب.؟!”
صمت علي قليلا؛ ثم قال بتردد: “بصراحة البنت خسارة؛ خلاص على خيرة الله؛ بس لما نروح ناخد رأي الوالدين؛ واستني أصلي استخارة وأرد عليكِ؛ وبعدين توكلي على الله وكلميها!!”
حسناء بدهشة وغضب: “طيب ناخد رأي ماما وماشي؛ إنما ناخد رأيه هو ليه بأه؟!”
نظر لها؛ ثم قال بجدية: “تعالي هنا صحيح؛ أنتِ مش من شوية بتقولي نفسي أسعدك وأفرحك؟!”
أومأت حسناء برأسها إيجابا: “أيوة طبعا!!”
علي بعطف: “بالله عليكِ يا حسناء سامحي أبوكِ؛ لو بجد بتحبيني وعايزة تسعديني”..
حسناء بحزن: “أقولك سر يا علي؛ بس اوعدني ما تقولش لحد.؟!”
علي بجدية: “طبعا وعد..”
حسناء بحنين: “أنا أول لما شفته صعب عليا أوي؛ وحسيت إنه واحشني أوي؛ وافتكرت في لحظة قفص العصافير لما جابهولي لما فضلت أعيط وشبطت فيه..!”
علي بابتسامة: “ياااااه؛ أنتِ لسة فاكرة العصافير.؟!”
حسناء وقد اغرورقت عيناها بالدموع: “وعمري ما نسيت أي حاجة هو جبهالي؛ بس معرفش ليه قلت له الكلام ده واتعصبت ساعتها كده..؟”
قال بتفاؤل: “بس كلامك ده بيقول إنك ممكن تسامحيه؛ حاولي يا سمسمة وفرحيني زي ما قولتي!!”
تنهدت حسناء بحزن وتذكرت كلمات صفية التي قرأتها بالكشكول وهي تقول: “هاحاول؛ عشان بس أرضي ربنا”
تذكر علي شيئا؛ ثم نظر لحسناء وقال: “صحيح إيه حكاية الأحلام اللي بقيتي تشوفيها كتير دي؟!”
حسناء بخوف وقلق: “بصراحة مش عارفة؛ بس حاسة إنها رسايل من ربنا”..
قال بجدية: “مش عارف؛ بس بصراحة أنا فكرت آخدك ونروح لدكتور يشوفك!”
رفعت حاجبها ثم قالت بتعجب: “دكتور.؟!! مرة واحدة.؟!”
علي بقلق: “عشان بس نطمن عليكِ”..
حسناء بابتسامة: “مفيش داعي، ما تقلقش؛ أنا بدأت أفهم كل رؤيا باشوفها كويس”..
علي: “ربنا يهدي الأمور ويبعد عنك القلق ده”..
غمزت له قائلة: “متقلقش يا عريس”..
ابتسم بدهشة وقال: “خلاص خلتيني عريس.؟!”
حسناء بجدية: “وأجمل عريس في الدنيا؛ هو حد يطول يا ابني عريس زيك.؟!”
علي بقلق: “تفتكري ممكن توافق؟”
حسناء بابتسامة: “عندي إحساس إنها بتتمنى كده هي كمان.!!”
علي والحيرة تظهر على ملامحه: “بس فرق التعليم ده هيبقى عامل مشكلة بينا لو حصل نصيب واتجوزنا صح.؟! ولا إيه رأيك؟”
حسناء بطمأنينة: “لا طبعا مفيش مشكلة ولا حاجة؛ أهم شيء الحب والتفاهم؛ ومريم مع إني ما شفتهاش غير مرة واحدة بس حاسة إنها عاقلة جدا؛ أحب أطمنك ما تقلقش خالص”..
اطمئن قلبه قليلا ثم قال: “ربنا يقدم اللي فيه الخير؛ لما أروح هصلي استخارة بردو ونمشي في الموضوع؛ وربنا يسهل الأمور”..
وفجأة خطرت ببال حسناء فكرة؛ فنظرت إلى علي وقالت: “بقولك إيه يا علي؟”
******************
الفصل التالي: اضغط هنا
يتبع.. (رواية المتنقبة الحسناء) اضغط على اسم الرواية لتجد الفهرس كاملاً بجميع الفصول.