رواية مغرم بك الفصل العاشر 10 – بقلم الهام رفعت

رواية مغرم بك – الفصل العاشر

الفصل العاشر

الفصل العاشر

الفصـل العـاشـر

مُغـرَم بـكِ

ــــــــــــــــــ

في الأسكنــدرية….

فتح خزانة ملابسه ليتفاجأ بها كلها ممزقة ومسكوب عليها ألوانًا مختلفة، شهق زين بصدمة وهو يوزع أنظاره المدهوشة على ما حدث لجميع ثيابة وخاصةً التي يخرج بها، سأل نفسه بعدم إستيعاب:

– مين اللي عمل في هدومي كده؟!

تحيّر في معرفة من فعل ذلك، استدار ليخرج من غرفة تبديل الملابس ليستفهم عن ما حدث، توقف منتصف الغرفة فجأةً حين جاءت على ذهنه فمن غيرها هي وهو من يدخل تلك الغرفة باستثناء الدادة، فورًا كان ملتفًا ناحية مكتبها بكامل جسده فوجدها تمسك بكتابٍ ما وتقرأ فيه، أظلم نظراته نحوها ثم تأملها جيدًا، كانت نور تدعي بأنها تدرس لكن فكرها مترقب ما سيفعله، وقلبها ينتفض برعب إذا علم بأنها من افتعلت ذلك متعمدة، انتبهت لخطواته نحوها فارتجفت وإزدادت إرتباكًا، وقف بالقّرب من مكتبها لبعض الوقت الذي جعل الرعب يدب في أوصالها، انتفضت بتوجسٍ حين خاطبها بنبرة أمر جافة:

– تعالي عاوزك!

رفعت نور رأسها لتنظر إليه بتماسكٍ زائف، فضحتها عيناها التي تهتز بتوتر، ردت بتعثر:

– نعم!

– قولت قومي عاوزك

صرخ بها بانفعال جعلها تنهض فورًا ذاهبة إليه، وقفت أمامه ثم أطرقت رأسها لتتفادى نظراته وهي مفزوعة منه، لم يسألها زين بل قال بنبرة مزعوجة وهو يحد إليها النظر:

– جتلك الجرأة منين علشان تعملي في هدومي كده!

ازدردت نور ريقها بصعوبة، هدر بصوت منفعل:

– إنطقي

اهتز بدنها بخوف وهي تعاود النظر إليه، ردت بتلعثم:

– علشان..متخرجش تقابل البنات

اندهش زين من ردة فعلها ثم سألها بتضايق:

– ومفكرة بكده هتمنعيني؟!

عبست كالأطفال فهي تفعل ما بوسعها لمنعه، دنا زين منها والغيظ يملكه فتراجعت مضطربة، هتف بتوبيخ:

– أعمل فيكي أيه بس، وشغلي يا غبية أروحه إزاي؟

ازدرت ريقها ولم تجد ما تقوله فقد اخطأت، بدت نظراتها تهتز بخوف منه فضمر زين تعنيفها، لمح بحسه غيرتها من ذلك، هي بالفعل كبقية النساء تقتلها الخيانة، لما لم يشعر بها، سألها بهدوء ظاهري:

– عملتي كده علشان بتحبيني؟

هزت رأسها وهي تجيب بابتسامة عريضة:

– باحبك قوي، متروحش للبنات دي يا زين، خليك معايا أنا حلوة ودمي خفيف

قالتها ببراءة كالأطفال فابتسم زين بخفوت ثم مد يده ليلامس وجنتها فارتعشت ظانة بأنه سيعنفها، هدأت حين وجده لطيفًا معها، دفعه هو إحساس ما للبقاء معها فقط، بدت نظراته المتيمة تجوب أنحاء وجهها وهو يتأمله باعجاب وحب، هذه اللعينة جميلة وجذابة، وجد نفسه ينحني عليها طامعًا في أخذ قبلة فهي من حقه، لما لا؟، لم تعي نور مقصده ولكن أحبت لطفه معها، قبل أن يأخذها أخرجه من حالة هيامه تلك دقات على الباب مصاحبة بمن ينادي عليه فتوتر زين، هتفت عزيزة من الخارج:

– الغدا جاهز يا زين بيه وكلهم تحت مستنينكوا

تجهمت تعابيره من قطعها خلوته بها، قالت نور ببراءة:

– أنا جعانة قوي، هروح آكل

ثم بمرح تحركت لتغذو في السير نحو الباب تاركة إياه من خلفها مصدومًا ومبعثر المشاعر، ردد ببؤس داخلي:

– أيه الحظ ده……!!

“- أيه يا بنتي سرحانة في أيه وبتبتسمي كده؟!

سألت لين بتعجب نور حينما دخلت الغرفة عليها ووجدتها شاردة بذهنها، ردت نور وهي تنظر لها بتنهيدة حارة مُعربة عن أحاسيسٍ منكودة تخالجها:

– كنت بافتكر طنط نور لما كانت بتحكيلي عنها هي وأنكل زين

اقتربت لين لتجلس بجوارها على الأريكة مستفهمة:

– كانت بتحكيلك أيه؟

نظرت نور أمامها بابتسامة حالمة وهي تُجيب:

– حبيت قوي جوازها من أنكل زين وهي صغيرة كده، كان نفسي اتجوز في سنها وآلاقي حد يحبني زيها

ثم وجهت بصره لـ لين متابعة بحسرة:

– أوقات باحسد ماريان هي وأخويا على حياتهم مع بعض، قد أيه حلوين ويجننوا!

ردت لين بتفهم:

– طنط نور هي اللي جوزتهم صغيرين لما عرفت إنهم متعلقين ببعض، ومتستعجليش هيجي اليوم اللي هتتجوز فيه اللي بتحبيه، وحاسة إنه هیحصل قريب

قالتها بغمزة من عينيها جعلت نور تبتسم بحرج فهي تدرك بأنها تقصد زين، ردت نور بتردد:

– لو تقصدي زين هو زي أخويا

لم تقتنع لين بل رمقتها بظلمة اربكتها، ردت بخبث:

– طيب ما علينا نتكلم بعدين، يلا علشان الأكل جاهز…..!!

__________________________________

أثناء وقوفها في المضمار ممسكة بسلاح خاص وعينيها مركزة للتصويب على الهدف، صُدمت حين وجدت من يضمها من الخلف ورأسه مستندة على كتفها، ناهيك عن يده التي امسكت بيدها وهي تحمل السلاح، اضطربت زينة حين وجدته يقول:

– شكلك لسه جديدة، تعالي أعلمك

شهقت بفزعٍ ثم ادارت رأسها للجانب فتقابل وجهيهما الذي لم يبعدهما سوى القليل، تشنج جسدها بغيظ ونظراتها النارية قد توهجت بغضب وهو يستبيح لمسها دون حياءٍ، بكل قوتها دفعته زينة بعنف ليتراجع آيان متعمدًا ويعلو ثغره ابتسامة لم تتفهمها، هدرت بعصبية:

– إنت يا حيوان إزاي تحط إيدك عليا!

تجاهل آيان سبّها له ثم عاود التقرّب منها فتراجعت مرعوبة فحتمًا سينتقم منها، رفعت سريعًا السلاح للتسديد عليه ثم هددته:

– لو قرّبت مني مش هيحصلك كويس

وجه آيان بصره ليدها فوجدها ترتعش فابتسم بخبث وهو يقول بنظراتٍ اغاظتها:

– متأكدة إنك جربتي النشان قبل كده، ولا هتتعلميه مخصوص علشاني

ازدردت ريقها في توتر فهي لم تفعلها من قبل، بغتةً دنا منها دون مقدمات فاخرجت صرخة منخفضة مذعورة حين الصقها بحائط المضمار الخشبي ويده تمسك معصم يدها حتى نزع السلاح، ألقاه أرضًا ثم كتف يديها خلف ظهرها فهتفت وهي تنتفض:

– إزاي تقربلي كده، عاوز مني أيه؟

رد بمكرٍ وهو ناظرًا وجهها حتى لفحت أنفاسها المرتعبة وجهه رغم قصرها عنه:

– عاوز آخد حقي منك!

جف حلقها وهي ترد:

– أنا معملتلكش حاجة، إنت اللي اتريقت عليا

رد باقتراحٍ وقح:

– خلاص لو عايزاني أسيبك إخلعي البتاع ده شوية!

شهقت متفاجئة من بذائته حين وجدته يلمح على حجابها، شحذت قواها لتبعده عنها ولكنه كان متمكنًا منها، صرخت بهياجٍ وهي تحاولت التملّص منه:

– إنت واحد حقير، إبعد عني

لم يعطيها الفرصة للتحرك إنشًا واحدًا حيث شدّد من تكتيفها، لمعت العبرات في مقلتيها وهي تهتف بازدراء:

– كان لازم أعرف كده من الأول إنك واحد سافل، ومش متربي

اغاظته كلماتها فرد بترهيب:

– لسه مشوفتيش سفالة!

ثم بخفة يدٍ نزع حجابها فجحظت عيناها بصدمة ورهبة معًا حين كشف عن شعرها، تأمل شعرها قائلاً باعجاب اضرم هياجها:

– طلع حلو، وعاجبني

هنا صرخت زينة بصوتٍ عالٍ فقد وصلت لقمتها حتى لو استنجدت بأحدهم، أسرع آيان بتكميم فمها لتبتلع صراخاتها المعتوهة حتى تشنجت بالكامل، سحبها ليتوارى بها في زاوية ما بعيدة عن الأعين، همس لها بتنبيهٍ:

– وطي صوتك أحسن لك، فيه حد جاي، ولا عاوزاهم يشوفونا كده، أنا معنديش مانع يفتكروا إن فيه حاجة بينا

قال ذلك ببسمةٍ ماكرة جعلتها تصمت مجبرة فأبعد يده حين اطمئن بأنها اختارت الصواب، لكن رغمًا عنها فلتت دموعها المستاءة ونظراتها المحتقرة عليه، تفاجأ الإثنان بصوت مايا تنادي عليها:

– زينة!

نظر لها آيان بتحذير ليذكرها بكلماته، همست باستهجان:

– حيوان

ابتلع آيان كلمتها ليهمس بتوعد:

– قولتلك لسه مشوفتيش مني حاجة!

قالت “لما” بغرابة حين استمعا إليها:

– هي راحت فين دي، مش قالت هتيجي هنا!

تذكرت زينة بأن رأسها مكشوفة وحجابها ملقي على الأرضية، همست بتوجس:

– أنا حجابي على الأرض هناك، ممكن يشوفوه!

رد بابتسامة مثيرة للحنق:

– يا ريت

كزت على أسنانها بقوة تريد في نفسها الإنتقام منه، لكنه لم يبالي فهو يعرف مكانته جيدًا وهذا البادي في نظراته الواثقة، انتبه آيان بأن الفتاتان قد رحلن، قال باستفزاز:

– يا خسارة مشفهوش

ثارت زينة كليًا ثم دنت منه لتعض كتفه كمحاولة للثأر لنفسها، تألم آيان فابتعد عنها، في غضون ثوانٍ كانت مُسرعة في التحرك من أمامه ثم توجهت لتنحني ساحبة حجابها، أخذته ثم غطت شعرها وهي ما زالت تركض هاربة، تنبه لها آيان ولكنه لم يلحق بها، تعامل مع ما حدث ببرودٍ مرددًا:

– مفكرة نفسك كده هربتي مني، ممكن أجيبك عندي في أي وقت…..!!

ركضت زينة مغادرة المكان بأكمله حتى تقابلت مع الفتيات، هندمت حجابها ثم تنفّست بهدوء وهي تقترب منهن، خاطبتهن مزيفة ابتسامة:

– أستنوني

تحدثهن كمن تستغيث، لكن لم ينتبهن لنبرتها، التفتن الفتيات لها ثم نظرن لها بدهشة، انضمت زينة لهن وهي تنهج بضعف، سألتها “لما” بتعجب:

– مالك؟، شكلك خايفة من حاجة!

ارتبكت زينة داخليًا، ردت مختلقة توضيح:

– لأ أنا روحت أجري شوية

نظرن لها بشيءٍ من الإقتناع، تابعت باختناق:

– طيب يلا أنا عاوزة اروح جعانة وشكلي مصدعة

ردت “لما” بتأففٍ وضجر:

– وكمان مامة آيان مشيت وآيان نفسه باينله مشي ولا أيه هو كمان، يلا نمشي انا متضايقة……!!

__________________________________

يتناولون طعامهم بألفةٍ دارجة بينهم، كانت مريم فرحة بوجود نور فهي تحبها وتسعى لتزويجها بزين، وذلك حتى تثبت عكس تلميحات اختها سلمى بتعثر علاقتهما كمان كان أخيها وابنة عمها، وأنه لا يوجد ما يعيق ذلك الإرتباط، بخفة خبطت على يد حسام هامسة وهي تميل عليه:

– شايف نظرات زين ونور لبعض

انتبه لها حسام ثم وزع انظاره عليهما، لم يلاحظ ما تقول عليه فنظر لها هامسًا بعدم إقتناع:

– مافيش حاجة باين بتتخيلي!

لوت مريم شفتيها هامسة بسخط:

– دي حاجات متعرفهاش إنت، باين في بينهم انجذاب

تفهم حسام لما ترمي إليه فهمس لها محذرًا:

– خليكي بعيد يا مريم، زين لو عاوزها هيقول، مش عاوزين ندخل الولاد في مشاكل بسبب شوية أوهام

نظرت له مريم شزرًا ثم قالت:

– أنا بعيد، بس بكرة تقول مريم قالت!

نفض حسام حديثها فهو لم يُحبذ هكذا ارتباط مطلقًا، بينما هتفت لين بحماسٍ مخاطبة أخيها:

– عاوزين يا زين نخرج شوية نتفسح، تلاقي نور وحشتها اسكندرية، إن شالله حتى نروح عند آيان

نطقت جملتها الأخيرة بشغفٍ فهي تريد رؤيته كونه يتعمد تجاهلها، نظر زين لنور فوجدها تترقب رده، زيف ابتسامة قائلاً:

– خلاص أخدكم بعد الغدا

تدخلت مريم قائلة باندفاع:

– وممكن كمان تكلموا آيان وتخرجوا إنتوا الاربعة برة وتتفسحوا

نظر لها حسام بضيق وغيظ فلم تبالي به لتتحمس فقط من أجل ارتباط ابناءها، مدحت لين فكرة والدتها بتصفيقٍ وفرح قائلة:

– صح يا مامي، فكرة تجنن

ثم وجهت بصرها لاخيها مردفة:

– يلا زين كلمه ونخرج كلنا!

نظرت نور لزين مبتسمة برقة فشعر بأنها تريد الخروج، تردد زين في القبول لكن نظراتهم المسلطة عليه جعلته يرد بإذعان:

– طيب اللي تشوفوه…..!!

__________________________________

نزعت عنه سترة بدلته ثم علقتها بداخل خزانة الملابس، ابتسم لها زين بود من اهتمامها به، ففور علم نور بعودته للمنزل حين اخبرها تركت ابنها ثم عادت للفيلا، بدّل ثيابه بأخرى ثم توجه للتخت ليريح بدنه قليلاً، تحركت نور نحوه لتجلس بجواره قائلة بحنان:

– بتتعب قوي، بالراحة على نفسك شوية، إحنا الحمد لله مستوانا كويس

نظر لها زين مدركًا طيبة قلبها وحُسن نيتها، رد بعقلانية:

– نور المال السايب يعلم السرقة، تعرفي النهاردة كان فيه واحد عاوز يشاركني بالعافية في المنتجع

اندهشت نور فكيف ذلك؟، اكد زين بتهكمٍ:

– مستغل إنه معروف، وعاوز يشاركني من غير ما يدفع حاجة

هتفت نور بامتعاض:

– أيه البجاحة دي، هو مش عارف إنت مين!

رد زين بقلق:

– هو ميقدرش يعملي حاجة، يخاف، بس خوفي علی زين، كانت نظراته ليه قلقاني، خايف يعمله حاجة وحشة

توجست نور هي الأخرى فقالت باستياء:

– يعني أيه؟، ممكن يأذوه، يتجرأ ويعملها، دا أنا مش هاسكت

ابتسم زين قائلاً:

– عارف إنك بتحبي زين، وعلشان كده أنا مخلي بالي منه وباهتم بيه، ولو حصله حاجة أنا اللي هطربق الدنيا

تنهدت نور براحة، ردت بحب:

– أصلاً باحبه علشان على اسمك، غالي عندي بس إنت اللي في القلب

نظر لها زين بتتيمٍ ثم قرّبها منه ليضمها لصدره فابتسمت نور بشدة وهي تحتضنه، قالت بلطافة:

– انا وصيت الخدامين يعملولك كل الأكل اللي بتحبه

رد زين بنبرة متيمة:

– خلينا في اللي أهم من الأكل…….!!

__________________________________

في القـــرية…..

حمل ابنها على فخذه وهو جالس في الصالون برفقة أخته وحماتها، مازحه ماجد بلطفٍ ومحبة، وجه بصره لاخته قائلاً بتمنٍ:

– ربنا يحفظهولك يا خلود

ردت بهدوءٍ حزين:

– يا رب

أحس ماجد بها وذلك لفقدانها طفلها الصغير، واساها قائلاً:

– قولي الحمد لله، يمكن ربنا شايفلك الخير بعدين

التوى فم رئيفة بضيق ونظراتها الكارهة عليها، نظرت له خلود بتزعزعٍ مفطنة شعورها العدائي ناحيتها فكبتت في نفسها وصمتت، لاحظت ملك ذلك فهي كمعتادة على المعيشة هنا ادركت ذلك، همست لماجد بمفهوم:

– خلود مش مريحني وجودها هنا، خليها تسافر تقعد معانا شوية

نظر ماجد لاخته فبالفعل هيئتها باهتة وجلوسها كأنه ليست على راحتها وهناك من يرهبها، تحمّس في قول ما اقترحته لما قائلاً:

– تعالي يا خلود معانا غيري جو، طالما مازن مسافر اقعديلك يومين و….

تدخلت رئيفة لتقاطعه بنبرةٍ فظة:

– كفاية المرة اللي فاتت، وكمان بقينا بتشائم من العيال لما يبعدوا عن هنا

هتف ماجد باعتراض:

– اسمه أيه الكلام ده، الأعمار بيد الله، هو إحنا هنكفر

ردت لاوية فمها بانزعاج:

– جوزها مش هنا، ومتقدرش تخرج من غير أذنه، ومتأكدة إنه مش هيوافق

ارتعبت خلود من انتهاء المسألة بتشاجرٍ بينهما، تدخلت رافضة:

– معلش يا ماجد مرة تانية، أنا هنا كويسة الحمد لله

نظر ماجد لملك فحرکت رأسها له بعدم اقتناع، خشي بأن تكون تتلقى الأذية منهم بعد وفاة ابنها، ثار داخليًا فهتف بنبرة حازمة حادة:

– طيب يا خلود براحتك، بس لو فيه أي حاجة مزعلاكي بلغيني بس، أنا أخوكي واوعي تخبي عني

لم ترتاح رئيفة لحديثه وأيضًا لم تعلق، لم يعجبه ماجد هيئتها فنهض كي يرحل، ألقى جملة واثقة جعلت رئيفة تقلق على النقيض خلود التي تهللت داخليًا:

– أصلاً محدش يقدر يزعلك، واللي يعملها يبقى حكم على نفسه خلاص……!!

__________________________________

في مكـــة بإحدى الفنــادق…..

دلفت من المرحاض بعدما اغتسلت لتنصدم بجميع ابنائها على التخت فوق أبيهم منهم من يقفز ومنهم يدلك ظهره، تحركت رسيل نحوهم مذهولة مما يفعلونه به، هتفت باستفهام:

– أيه اللي بتعملوه ده؟

رد مروان وهو يدلك ظهر أيهم التي ظنت رسيل بأنه نائمًا:

– دادي طلب مننا نعمله نشاز!

كبح أيهم ضحكته حيث كان وجهه للناحية الأخرى، بينما هتفت رسيل عاقدة بين حاجبيها:

– يعني أيه تعمله نشاز، قصدك مساج!

انفرجت شفتي الطفل وهو يؤكد بشغف:

– صح يا مامي هو ده!

تنهدت رسيل بضيق ثم وزعت انظارها على البقية، كانوا يعملون بجد في تدليك قدميه بايديهم الصغيرة، لم يعجبها ما يحدث فأمرتهم بحزم:

– يلا كلكم على اوضتكم، هناك ألعاب كتير روحوا افتحوها وإلعبوا بيها

صرخ الاطفال بتهليلٍ ثم نزلوا من على التخت راكضين للخارج، توجهت رسيل ناحية التخت لتصعد عليه، نكزته في ظهره بغيظٍ قائلة:

– قوم إنت صاحي

التفت أيهم برأسه ناحيتها وهو يضحك في صمت، هتفت رسيل بعدم رضى:

– بتشغل العيال وعاوزهم يدلكوك

اعتدل أيهم ليجلس مدافعًا عن نفسه ببراءةٍ مُخادعة:

– أنا لقيتك اتأخرتي في الحمام قولت اخليهم يعملولي مساج بدل ما هما عملينلي صداع

ردت بحنق وهي تخبطه في صدره:

– تقوم تهد حيلهم علشان ترتاح من دوشتهم

تجاهل أيهم حديثها ليتأمل ملابسها المبتلة عليها والتي زادتها إغراءً، رد بمكرٍ وهو يسحبها لترتطم بصدره:

– طيب ما تعمليلي إنتي

تملصت منه قائلة باستياء:

– اوعي كده، أنا فيا حيل أعمل حاجة!

رد بمغزى وهو يُعيد جذبها إليه:

– طيب تعالي أعملك أنا

تلوت بجسدها قائلة برفض:

– لأ مش عاوزة

رد باشتياقٍ وهو يشدّد من ضمها:

– يا بت تعالي هاعملك مساح علشان تشدي حيلك وتنشفي كده!

كتمت رسيل بسمتها معارضة:

– قولت مش عاوزة

رد بتبرم:

– يعني مش هنعمل حاجة في يومنا المنيل ده!

فتحت شفتيها لترد لكن ولوج الأطفال ثانيةً منعوها، هللوا جميعًا ثم هتف بعضهم وهم يركضون ناحية الفراش:

– إحنا بنعرف نعمل!

ثم صعدوا على الفراش فشهقت رسيل متفاجئة، هتف أيهم بمكرٍ جعل رسيل تصرخ:

– تعالوا كلنا نعمل لماما …….!!

_________________________________

في الأسكنــدرية….

جلس على تخته مستندًا بظهره على الوسادة، رفع ذلك السلسال أمام أعينه ثم حدق به بابتسامة خبيثة، لفه آيان في جميع الإتجاهات متفحصًا إياه عن قربٍ فهو من الذهب الخالص ويتدلى منه فص ألماس على شكل قلب، قد انفلت من عنقها وهي تركض، تقوس فمه بابتسامة منتشية فسوف يستغل وجوده معه، فتح القلب الصغير المتدلي منه فوجد صورة لها والأخرى لوالدتها وهذا ما استنبطه بحدسه، تنهد بعُمقٍ فهي ستترجاه لتستعيده منه، لكنه سيُماطلها بالتأكيد، قال بمغزى:

– عارف إنك هتعملي المستحيل علشان ترجعيها، بس مش بسهولة كده هتخديها مني

ثم سحب هاتفه من على الكومود ليلتقط له صورة، بنفس بسمته الماكرة بعث تلك الصورة على هاتفها الذي جلبه بكل سهولة، ثم بعث لها بعدة كلماتٍ مستفزة ليجبرها على الرد، نفخ بهدوء لينتظر ردة فعلها حين تراه، بعد لحظاتٍ رن هاتفه فوجده زين، أجاب فورًا فابلغه الأخير دون ترحيبٍ:

– زين إحنا شوية وهنجيلك علشان هنخرج كلنا

استفهم آيان بجهل:

– كلنا اللي هو مين يعني؟!

رد زين موضحًا بتجهم وهو ينتقي ثيابًا ليرتديها:

– أصل نور جات النهاردة من شرم الشيح، وماما اقترحت نخرج أنا وإنت ولين وهي

رد آيان بتأففٍ ونفور:

– أنا ماليش نفس أخرج، متعديش عليا!

ترك زين ما بيده قائلاً بمعنى:

– على فكرة عمتك هتزعل علشان دا قرارها، وكمان أنا نفسي مبحبش السهر بس مقدرتش أقولها لأ

زفر آيان بضيق وقد اكفهرت قسماته، انتبه لوصول رسالة ما فتوتر فجأة، أبعد الهاتف ليتفحصها متجاهلاً الأخير على الناحيةِ الأخرى، ضحك في صمت حين بعثت له بسبابٍ لاذع أبان منه مدى ثورة غضبها الآن، لم يعلق على ذلك بل كتب لها ليثيرها هياجًا أكثر:

– لو عاوزاها تعالي العوامة خديها!!………………….

________________________

___________________

_____________

الفصل التالي: اضغط هنا

يتبع.. (رواية مغرم بك) اضغط على اسم الرواية لتجد الفهرس كاملاً بجميع الفصول.

أضف تعليق