شمس الصقر (رواية صقر وشمس) – الفصل العاشر
[10]
وقفت أمامه بأنفاسها اللاهثة لتنظر حولها بدهشة كبيرة، نظرت ليديها التي تشع نورا لتجد انها ترتدي ذات الفستان الأبيض في كل منام يراودها، هبت نسمة هواء برد ارجفتها لتجعلها تضم جسدها بذراعيها و تنزل رأسها مغمضة العينان بسبب احساسها بالبرد، شعرت بشيء ينسدل و يلمس وجهها بلطف شديد لتفتح عينها ببطئ فتجد خصلات شقراء أمام كمونتيها التي بدت مصدومة لتمسك بسرعة بتلك الخصلات و تتحسسها ببطئ من آثر الصدمة، رفعت يدها نحو رأسها لتجد أن شعرها الذي قصته أصبح بطوله السابق لا!! يكاد يكون اطول من السابق أيضاً،لكن صياح الصقر اعلاها جعلها تترك شعرها و تنظر اليه يرفرف بجناحيه اعلاها في السماء المظلمة.
اصبحت تجري بقوة لتخرج من الغابة المظلمة متتبعة صياح الصقر تناظرت حولها بصدمة لتجد أن المكان يحفه الظلام من جميع النواحي إلا بعضا من نور القمر الذي تخلل من بين الاغصان اليابسة، هنا هي شعرت بالخوف لكن صياح طائر الصقر فوقها جعلها تنظر لاعلى و اصبحت تركض متتبعة صياحه، وصلت إلى نهاية الغابة المظلمة و استندت بيدها على جذع شجرة بينما تشعر بتعب من كثرة الركض، رفعت أنظارها ببطئ حينما رأت ظل شخصا ما أمامها على الأرض، ملابسه سوداء بأكملها تقدمت نحوه و هي عازمة على رؤية ملامحه هذه المرة.
تقدمت و تشعر بدقات قلبها تصبح اسرع فأسرع، مع تزايد وتيرة تنفسها أيضا توقفت أمامه و يفصل بينهما خطوتين فقط لترفع يدها و تقربها ببطئ نحو رأسه محاولة إزالة القبعة عن رأسه لكن عوضا عن هذا وجدت أنه أحكم قبضته على يدها و وضعها مكان قلبه الذي ينبض بسرعة مثل قلبها تماما، فصل الخطوتين بينهما متقدما نحوها و دفن رأسه في خصلات شعرها الشقراء، اشتعل وجهها خجلا و حاولت إبعاد كفها المنبسط فوق صدره و لكنها محكمة بين قبضته لثانية بينما تتنفس أشتمت رحيق عطره الرجولي لتتوقف عن المحاولة ببطئ شديد.
شعرت به يلف ساعديه حول خصرها لتتمسك بأكتافه و هي تشعر براحة غريبة رفعها هو لتلف يديها حول عنقه و وجهها يصبح في مقابل وجهه، رفع وجهه اكثر لتظهر لحيته الخفيفة و فكه الحاد و شفاهه الحمراء بخفة وفعت يدها اليمنى ثم أزاحت القبعة السوداء لتقابلها عيناه العسلية الحادة مع شعره الاسود الكثيف، كانت مصدومة لكنها سعيدة بذات الوقت، وجدته يحرك شفاهه أمامها كأنه يخبرها بشيئاً ما لكنها رددت بخفوت:
شمس: لا أستطيع سماعك!، تحدث بصوت أعلى قليلا.
ردد أمامها مرة أخرى لكن لا فائدة كانت ستتحدث مرة أخرى لكنها سمعت صوت صياح الصقر يضرب في أذنيها و جعلها تشعر كأنها صماء و أذنيها أصبحت تؤلمها بقوة لتغطيهم بكفيها صارخة، ليصدح صوته في عقلها و جعل آلم أذنيها يذهب تدريجيا:
صقر: لقد كنت أقول لكِ بأنني أخيراً قد وجدتكِ.
فتحت عيناها و نظرت لوجهه المشرق بإبتسامته الجميلة لتهمس:
شمس: و أنا أيضاً قد وجدتك.
صقر: أريد أن أخبرك بشيء مهم.
شمس: ما هو؟!.
صقر: ——-.
هزت رأسها بيأس لتقول:
شمس: لم أسمعك ماذا تقول؟!.
حرك شفاهه مرة اخرى لكن لا فائدة، رفعت يدها اليسرى التي على صدره لتشعر بها مبتلة بسائل لزج بارد نظرت بتمعن لتجد أنها دمائه، نظرت بفزع له و عيناها تهتز من دمائه القانية لكنها شعرت بأحد أخر خلفها لتنظر خلفها و تجده يقف وحيداً و عيناه الصافية تملؤها الوحدة الشديدة، ذهبت راكضة إليه و احتضنته عائدة به إلى صقر الذي ينزف من صدره و كادت ان تلمس يده الممدة نحوها لكن عوضا عن ذلك وجدت رؤيتها تصبح مشوشة أكثر فأكثر و تشعر بصداع فتاك في رأسها و ألم رهيب في جميع انحاء جسدها.
صرخت بخوف بينما تستقيم من نومها و تتنفس بسرعة شديدة مع نبضات قلبها العنيف و ألم شديد في جميع أنحاء جسدها فجأة كانت تتصبب عرقا لتكنمش على نفسها لا إيراديا منها، شعر بها صقر ليستقيم بأعين ناعسة و ينظر لها جيدا لكن نعاسه طار حالما رأها تنكمش على نفسها بهذه الطريقة الفظيعة ليلمس كتفها فتثرخ مبتعدة عنه بقوة جعله مصدوما منها.
اردف بينما يمد يده لها لتبتعد:
صقر: شمس ماذا بكِ؟! لماذا تبتعدين عني؟!.
هزت برأسها بالنفي التام بدأت بالبكاء و صوتها المرتجف يقول بتلعثم:
شمس: جسـ جسدي يؤ…. يؤلمني!!.
حاول الاقتراب منها لتبتعد مجددا صارخة بقوة و زاد بكاءها، هنا فقد السيطرة على ذاته و احكم امساكها من اكتافها و نظر في عيناها الدامعة بقلق شديد و قال:
صقر: أين يؤلمكِ بالضبط؟!.
أعادت جملتها مرة اخرى:
شمس ببكاء: جسدي يؤلمني، يؤلمني بقوة.
صرخ بيأس لانه لا يفهم ماذا بها، كانت تنام بجانبه بهدوء لكنها استيقظت هكذا و تقول جسدها يؤلمها فجأة؟!:
صقر: من ماذا؟!
نفت بلا وعي ليكوب وجهها بين كفيه و نظر بقوة في عيناها و تنظر هي أيضاً في عيناه كأنها مخدرة او في حالة اللا وعي:
صقر: أنتي بخير تماما، فقط اهدئي و توقفي عن البكاء خذي أنفاسك بروية و اغمضي عيناكِ حسناً؟!.
أومئت له بهدوء لتبدأ بفعل ما طلبه منها، أغلقت عيناها و بدأت في ترتيب أنفاسها اللاهثة ببطئ و هدوء و هدأت نفسها من البكاء، استمرت على هذا الحال لمدة خمس دقائق أو أكثر و هو يقرأ بضع من المعوذات فوق رأسها و آيات قرآنية لتشعر بالطمأنينة و السكينة تجتاح جسدها و تبعد الألم الذي كانت تشعر به، أبعدت يديها عن جسدها ببطئ لتمسك بيده التي على رأسها و الاخرى التي على عنقها و تمسكهم بوهن.
توقف عن القرأءة و نظر إليها لتفتح عيناها ببطئ و تنظر له بخفة، هنا هدأ كيانه المشتت و أحتضنها بقوة لتتشبث به بأقوى ما لديها في صدره و هو تنهد أخيرا…..براحة.
مضت وهلة و هي في حضنه و تشتشعر دفئه ليسألها بهدوء:
صقر: ماذا حدث لكِ؟! لقد كنتِ نائمة بجانبي بهدوء لكن فجأة أصابك الألم هكذا!! ماذا حدث معكِ و اخبريني بكل صراحة.
صوته الهادئ بدى أمراً لها و حازما بشدة لتومئ ثم أبعدت رأسها و ترفعها نحو ليمسك يدها و ينتظر منها الاجابة على سؤالها:
شمس: لقد حلمت بك عدة مرات منذ زمن، لكن قبل أن أتزوج بك حلمت بك مرة واحدة، حينها كنت في مكان يشبه الغابة مظلم جدا لدرجة أن دربي أناره خطوط من شعاع البدر في ذلك الوقت، كنت حينها قد قصصت شعري لكن في الحلم كان طويل جداً اطول من ما كان عليه في الحقيقة سابقا، كنت ارتدي فستاناً ابيض اللون مع إكمام طويلة شفافة ثم….
توقفت محاولة الاستذكار ليردف صقر بفضول:
صقر: ثم ماذا؟!.
رددت مكملة:
شمس: لقد سمعت صياح صقر في السماء، يصيح و ينطلق للأمام كأنه يطلب مني أن أتبعه من إجل أن أخرج إلى بر الأمان، بالفعل لم أنتظر و لم أفكر حتى و بدأت بالركض خلفه بكل ما أوتيت من قوة حتى لا أفقد آثره و نجحت، كان قد أخرجني من الغابة ذات الأغصان اليابسة و الجافة كانت تبث الرعب داخلي و تجعلني خائفة، عندما توقفت عن الركض خلف صياح الصقر الذي أختفى كأنه لم يكن موجودا من الأساس كنت أقف على بعد من جرف الهاوية الذي ينيره ضوء البدر بشكلا كامل، توقفت أتنفس جيدا حينما تعبت من كثرة الركض لكن ظلا طويل ظهر أمامي و حجب الضوء عني، للحظة دب الرعب في قلبي لدرجة انني كنت سوف أشعر به سوف يتوقف في أي لحظة.
حقيقة قلبه هو الذي كاد أن يتوقف من سردها الغامض شدد بخفة على يدها لتكمل:
شمس: رفعت رأسي و وجدته ظلا ل شخص طوييل بملابس سوداء تحفه من كل جانب، حتى وجهه كان مظلم بسبب الطاقية الخاصة بسترته السوداء، تقدمت نحوه و مددت يدي نحوه من أجل أن إكتشف وجهه و أعرف من هو لكن عوضاً عن هذا أمسك يدي و وضعها على قلبه الذي يخفق بشدة.
بيدها اليسرى جعلت يده اليمنى تمسك خاصتها من المعصم و وضعتها على قلبه الذي كان بالفعل يخفق بقوة جداً، مثلت الأمر كأن صقر هو من أمسك يدها و وضعها على مكان قلبه، هذا جعله منصدما بشدة أعتلت وجهها أبتسامة هادئة:
شمس: بعد أن شعرت بنبضات قلبه أنزل رأسه و دفنه في شعري بهدوء جعلني أشعر بحياء شديد لم أشعر به أبداً في حياتي.
أنزلت رأسه رويدا رويدا نحو عنقها الذي يغطيه شعرها القصير و كان صقر مطيعا لدرجة الجنون و تائه بشكل أشد و أكملت:
شمس مبتسمة: بعد ثواني حملني بين ذراعيه و جعل وجهي في مستوى وجهه المظلم الذي ظهر منه لحيته الخفيفة و شفتيه مع فكه الحاد و كانت هناك إبتسامة على وجهه مما جعلني أبعد الغطاء عن رأسه و أجدك أنت.
لفت يديه حول خصرها و جثت على ركبتيها أمامه كانت فيه قد وصلت إلى مستوى ناظري وجه صقر بعد أن رفعته عن كتفها و مررت يدها على شعره و ما أن أنهت حديثها بأبتسامة بعد ان اخبرته أنه كان ذلك الرجل الذي في حلم ليقول بصدمة:
صقر: من؟! أنا؟!!!!.
أومئت برأسها مع إبتسامة سعيدة كالتي أحتلت وجهه، كان سيعدا لانه هو الرجل الذي وجد في حلمها و كان جيدا في ذات الوقت انه لم يكن كابوساً، أكملت لينتبه لها:
شمس: بدأت في التحدث لكنني لم أسمعك و اخبرتك انني لم أسمعك و أعدت ما قلته لي لكن كان صياح الصقر عاد فجأة و جعل آذاني تؤلمني لدرجة أنني صرخت من شدة الألم، كان هذا في الحلم الذي قبل أن اتزوجك بومين او ثلاث على ما اعتقد.
سألها بفضول:
صقر: و الثاني؟!.
بدأت في السرد مجدداً:
شمس: في الحلم الثاني بدأ مثلما بدأ الحلم الأول و عندما كنت تتحدث و لم أسمعك شعرت بذات الألم من صياح الصقر لكن صوتك ظهر فجأة قائلا ( لقد كنت أقول لكِ بأنني أخيراً قد وجدتكِ) ثم رددت أنا بدوري و أنا أخيرا قد وجدتك كذلك، ثم أردفت بجدية أنك تريد أخباري شيئاً مهماً و أجبتك ما هو لتبدأ بالتحدث مرة أخرى لكنني لم أسمعك مجدداً و نفيت إخبرك بأنني لم أسمعك، كان لا فائدة من الحديث معك لأنني لم أسمعك.
أنزلت يدها اليسرى و وضعتها فوق صدره من الجهة اليمنى و أردفت بخوف خفيف:
شمس: عندما وضت يدي على صدرك شعرت بشيء بارد يلتصق بكف يدي و صدرك كان سائل لزج و قاني اللون، كان دمك يا صقر لقد كنت تنزف من صدرك لم أعلم لماذا بالضبط هل كان جرح أم طعنة لكنك كنت تنزف بغزارة ثم فجأة سعرت بأحد أخر يقف على بعد مسافة مني نظرت بسرعة نحوه، كان ينظر لك أو لي!! او كلانا معاً لم أعلم لمن تلك النظرات كانت موجهة بالتحديد لكنني وجدتها مليئة بالوحدة، عيناه الزرقاء الصافية و شعره الأسود الفحمي الذي يشبهك كان نسخة مصغرة عنك!! كان آدم!، ذهبت نحوه و تأكد من سلامته ليحدق بعيناها المليئة بالوحدة شعرت بالضعف أمامه حقا، أحتضنته حاملة إياه و أتجهت نحوك و حالما إقتربت منك رأسي أصابه الصداع فجأة مع ألم أنتشر في جميع أنحاء جسدي و من ثم أستيقظت.
نظرت له:
شمس: حالما أستيقظت شعرت بذات الألم في جسدي، لا أعلم هل هو حقيقي أم ألم وهمي صنع من خيالي لمجرد أنني حلمت به لكنني كنت أتألم لدرجة مخيفة إلى أن أستيقظت أنت و أنتشلتني منه بسرعة.
أبتسمت في وجهه كأنه لم يحدث شيء لها منذ نصف ساعة، نظر لها صقر و تنهد منزلا رأسه و أردف:
صقر: بالفعل كنت أريد أن إخبرك موضوع مهم لكنني إجلته إلى وقت سابق فعلا.
مرر يده على عنقه بخفة لبهز رأسه خاطفا إياها في أحضانه:
صقر: غداً سوف أخبرك بكل شيء لكن الأن لننم و نأخذ قسطا من الراحة حتى نستيقظ بنشاط في الصباح لأننا الأن في منتصف الليل.
هزت رأسها بصمت تبادله الأحتضان بقوة ليسلقيا على السرير مجدداً و هذه المرة يجعلها تنام قبل أن ينام هو.
•°•°•°•°•°•°•°•°•°•°•°•°•°•°•°•
في الصباح*
أستيقظ الجميع ليبدأ الروتين اليومي للجميع، الذي عليه مهمة التنظيف حسب جدول الخدم بدأ بالتنظيف، الطباخين بدأوا بأعداد وجبة الفطور و بعد ذلك أعداد مكونات وجبة الغداء، الحراس يبدلون من المنوابة الليلية إلى الصباحية، و صقر يأخذ جولة من الهرولة الصباحية كعادته مثل كل يوم.
شمس أمسكت المنشفة البيضاء و بدأت بتجفيف شعر آدم المبتل لأنه كان قد أنهى حمامه منذ دقيقة، رتبت له شعره بطريقة عصرية مرفوعة نحو الجانب لتمسكه من وجهه و تقبله بقوة لأنها لم تستطع تحمل لطافته،أردفت بأبتسامة حماسية:
شمس: هيا بنا لكي نطعم الجدة وجبة فطورها و نبدأ معها العلاج الطبيعي و اليوم يوف إجعل تلعب كرة القدم ما رأيك؟؟.
قفز آدم بحماس بعد أن أومئ لها عدة مرات لتأخذ يده المرفوعة على حين غرة مما جعله يسحب كأنه أرتكب جريمة بشكل مضحك.
خرجا من غرفته الخاصة و أتجها نحو جناح ميس لتفتح شمس الباب و تدلف هي و آدم ثم تغلقه، تقدمت نحو ميس بخطى سريعة و أجلستها على الكرسي المتحرك و رتبت شعرها قم لفت الحجاب حول رأسها بخفة و من ثم دفعت الكرسي نحو الشرفة التي تستطع عليها أشعة الشمس الدافئة، بالفعل كانوا على حافة أبواب الشتاء لهذا شمس يجب أن تستفيد من كل أشعة شمس الصباح الدافئة لأن هذا يساعدها.
دقيقة و كانت الخادمة دلفت الجناح و معها صينية تحمل عليها الدواء و كأس من العصير الطبيعي و الافطار الذي أخبرت عنه شمس للطهاة بأن يعدوه، نظرت نحو آدم بعد أن أمسكت الصينية:
شمس: آدم أذهب لأسفل من أجل أن تتناول فطورك ثم بعد ذلك أنا سوف ألحق بك و بوالدك.
اومئ لها آدم بخفة و خرج من الجناح بصحبة الخادمة، بدأت شمس بأطعام ميس التي كانت أستجابتها ليست بطيئة و ليست سريعة كانت في متوسط الجيد و هذا كان تحسن ممتاز لها، بعد فترة زمنية أنهت فيها وجبة الأفطار و أعطتها الدواء مع كأس العصير الذي أنهته.
جثت على ركبتيها أمام قدميها لتمسك اليمنى رافعة إياها قليلا و بدأت تحركهما بخفة و بقوة بسيطة، و فعلت ذات الأمر مع القدم اليسرى ثم أعادتها إلى الداخل لكنها جعلتها تكون بمحاذاة الشرفة حتى يكون مستوى بصرها نحو السماء الزرقاء الصافية.
تركتها و خرجت من الجناح لتجد ظهر صقر أمامها و كان متجها نحو جناحه و فتح الباب لتركض خلفه بأقوى سرعة لها لدرجة انها جعلت قدميها تنزلق بأحترافية و كادت أن تتجاوز إطار الباب لكنها أمسكته بيسارها و أسندت الباب بيدها عندما كاد أن يغلقه فينظر لها ببرود عكس ابتسامتها التي تبددت شيئا فشيئا من برودة نظرته تلك، أمعنت النظر في ملامح وجهه قبل أن يستدير مكملا سيره نحو الحمام حتى يأخذ حماما باردا رغم برودة الجو بالفعل، استاقمت بسرعة بعد ان ادركت رحيله من امام ناظريها و اتجهت خلفه نحو الحمام دون ان تدري لكن م أن كادت تمسكه من كتفه العريض أعترض الباب المصفوق منه بقوة أمام أطراف أناملها.
أنفتحت عيناها بصدمة لوهلة فقط لكن الصدمة تحولت الى أنزعاج محتقن بسرعة بالفعل، ضربت الارضية المسكينة بغضب قوي و قفزت فوق السرير لكنها تذكرت هاتفها فجأة توقفت عن القفز و بدأت تبحث عنه في كل مكان، لكن لا وجود له لتذهب نحو السرير مرة أخرى و تجثي على ركبتيها ناظرة إلى أسفل السرير لتبتسم بسعادة عندما وجدته، أمتدت يدها اليسرى تحاول الوصول إليه و تنجح ثم تنسحب عن السيرير مرتمية على ظهرها و تحتضن الهاتف بشدة.
رفعته عن صدرها و قبلته بقوة ثم حاولت فتحه لكنه آبى ذلك، تلقائيا عرفت أنه يريد الطاقة لتسرع نحو الشاحن المخصص له و أوصلته به لكي يعمل من جديد، جلست على طرف السرير في النهاية و من ثم نظرت إلى يديها بتشوش، تدريجيا بدأت تفكر داخليا:
شمس: ما الأمر معي الأن؟!، أنا قررت بالفعل أن أقحم نفسي في هذه الدوامة على أقل تقدير هذا سوف يحميني لمدة لا تقل عن شهرين او حتى شهر و نصف، و بالفعل مضت فترة ثلاثة أسابيع منذ أن أتيت إلى هنا!!، لكن هناك شيئا ناقص قطعة من الأحجية ليس في مكانه السليم و هذا ليس بسببي بل بسببه!! نعم يجب علي أن أجعله يعترف حتى أتفادى أي مشكلة قد تصيبه من ذلك الاذى الذي راودني في حلمي سابقا.
و هكذا عزمت أمرها على أن تعرف تلك القطعة الناقصة من الأحجية، قبضت على يديها بقوة شديدة و هي تنظر إلى الأمام لتغمض عيناها و تتنفس الصعداء مرارا ثم وقفت لكي تغادر الجناح لكنها أصتدمت بصدره العالي بقوة لتتراجع إلى الخلف ممسكة بأنفها و أصدرت أنيناً قوياً، ألم قوي أستمر من مقدمة أنفها وصولا إلى منتصف رأسها جعلها تشعر بالدوار لوهلة قصيرة قبل أن تفتح مقلتيها بهدوء لتتمتم:
شمس: يا الله!!.
جلست في مكانها السابق بلا حيلة و تمسد أنفها بخفة قبل أن تشعر بكفه الباردة تتحسس أنفها و وجنتها، فتحت عيناها ببطئ و نظرت نحوه لتجده بملامح باردة و بدون تعبير مطلقا و يمسد أنفها الساخن المحمر بشدة بلا مبالاة تماما.
نفخت وجنتيها مجددا بأنزعاج ثم أبعدت يده و أستقامت مردفة:
شمس: لا أعلم سبب ملامحك الباردة تلك، لكنني سوف أنتظرك بعد أن تنهي عملك في المكتب، و بعد صلاة العصر سوف أنتظرك في الحديقة الخلفية لكي تخبرني بذلك الموضوع المهم.
أتجه نحو غرفة الملابس و هو يومئ لها ببرود ولا مبالاة مطلقة، هدأت ذاتها و خرجت من الجناح تنزل لأسفل، دلفت غرفة الطعام و جلست مقابل آدم الذي كان ينتظرها لتبتسم بينما تسحب الكرسي و تجلس:
شمس: يمكنك أن تبدأ ب فطورك ي شقي لا بد و أنك جائع.
سحب التابلت خاصته و كتب:
آدم: و أنتي ألن تأكلي معي؟!.
شمس بأبتسامة: سوف أنتظر والدك عزيزي لا تهتم لأمري فأنت طفل صغير و لا يجب عليك الأنتظار عندما تكون جائعا.
نفخ وجنتيه بأنزعاج و رفع التابلت مرة أخرى:
آدم: أنا لست صغيرا أبدا أبدا حسناً!!، أنا في الخامسة من عمري 😒.
استفزته بمتعة:
شمس: لا زلت طفلا صغيرا في وجهة نظري، عندما تصل إلى سن البلوغ و الذي هو السادس عشر عندها سوف أراك ك رجل و ليس كـ طفل حتى و إن كان هناك فرق ثانية واحدة فقط كي تكمل السادس عشر من عمرك.
أخرجت لسانها بطفولية له ليدور آدم عيناه بلا مبالاة و كان سيمسك الملعقة و يبدأ تناول فطوره و لكن صوت صقر البارد شتته حينما قال:
صقر ببرود: شمس، لا تستفزي آدم كثيراً و إلا سوف يحدث لكِ شيئا لن يعجبك.
أومئت له شمس بصمت بينما لمحها بنظرة باردة أرجفت جسدها رغما عنها لتنزل رأسها قليلا فقط و تمسك الملعقة بصمت، أدار صقر رأسه نحو آدم ليبتسم في وجهه بخفة بينما ينحني أمامه و يحتضنه ليعطيه آدم قبلة صغيرة سريعة على وجنته اليمنى ثم أدار وجهه بسرعة و أعلى وجنتيه حمراء قليلا من الخجل، بينما تشاهدهم شمس من أسفل لأسفل كانت تبتسم بشدة على هذه المحبة الكبيرة بين أب و أبن، تماما مثلها عندما كانت صغيرة لكن محبتها كانت بين شقيقاتها و والديها و أخيرا جدها، شعرت بالحزن كون آدم بدون أشقاء أو والدة على الاقل و التي يجب أن تكون أقرب شخص له عن والده و أجداده.
جلس صقر ليبدأ بتناول الفطور و من ثم يليه آدم و شمس، بعد فترة ليست ب طويلة أو قصيرة أستقام صقر مردفا:
صقر: أنا ذاهب إلى المكتب إن أحتاج أحدا ما شيئا مني سوف أكون هناك.
ردت شمس: حسناً.
اومئ له آدم ثم أدار ظهره لهما و ذهب نحو المكتب لتقف شمس و تمد يدها لآدم الذي نزل عن كرسيه و تشابكت كفه بخاصتها و صعدوا نحو جناح الجدة، ساعدوها على الاسلتقاء على السرير و أعطتها شمس الدواء المناسب و بدأت جلسة التدليك لقدميها.
دلف صقر مكتب والده سابقا و مكتبه الأن بنظرة باردة و هو ينظر إلى ذلك الكرسي الفخم، أشاح وجهه و أمسك عدة ملفات و أوراق بين كفيه الكبيران و توجه بخطواته نحو الطاولة الخشبية المسطحة مقابل أريكة جلدية سوداء اللون ليضعهم فوقها و يجلس على الأريكة، أمسك القلم الذي كان مسبقا على الطاولة و تناولت يده ملفا أحمر اللون و بدأ يدرسه جيداً.
مضت نصف ساعة ليقاطعه عن عمله رنين هاتفه فتتناوله يده دون النظر إليه و يقبل المكالمة مردفا ببرود:
صقر: محمد متى هو موعد زفافك؟!.
تنهد الطرف الأخر بيأس من رئيسه شارحا:
محمد: تحدثت معهم على الهاتف و سوف يتفقون أن حفلة الزفاف بعد 15 يومًا من اليوم، و كذلك خالد معي لهذا سوف نسافر اليوم من أجل الترتيبات للنقل لأننا قررنا أن نقيم حفلتي زفافنا معاً في فندق النجمة لأن قاعتها جميلة و منظمة.
صقر: حسناً، سوف يخصم نصف الراتب منكما.
صرخ محمد بهلع و صدمة:
محمد: مااااذا؟!، أنتظر أياك أن تغلق الهاتف في وجهي صقر؟!.
لكن فات الآون لأن صقر أغلق الهاتف في وجهه و لم يهتم، أمسك القلم مجددا و بدأ بالعمل مجددا و كأن شيئا لم يكن من الاساس.
عند شمس التي تركت ميس و جعلت آدم يلعب لانه قرر ذلك بمفرده بينما هي أتجهت نحو الجناح و دلفته مغلقة الباب خلفها، أنتابها الفضول قليلا لتذهب نحو غرفة الملابس و أتجهت بنظربها نحو الجهة المخصصة ل صقر، عقدت يديها أسفل صدرها لتخرج و تبدل ثيابها إلى بيجامة قطيفة باللون الوردي و الأبيض ثم عادت نحو الغرفة مجددا، أمعنت النظر لتجد رفا كبير جدا مملوء بالصناديق بنية اللون و سوداء أيضا.
أستعانت بكرسي لتقف عليه و تصل إلى الرف، بدأت تنزل جميع الصناديق إلى أن أمتلئت أرضية الغرفة من المساحة المتبقية، جلست بجانب الصناديق و بدأت ب تفقدها، أحيانا تجد صندوق مملوء بالساعات الفخمة السوداء، أحزمة جلدية، قمصان بيضاء قديمة، بذلات رجالية رمادية اللون قديمة أيضا، جزمات رجالية، زجاجات عطور فواحة الرائحة، و أخيرا أشتمت رائحة غير مرغوب فيها من قبلها كانت صادرة من أخر صندوق أسود متوسط الحجم، أمسكته مقربة إياه منها و فتحت الغطاء لتجد كيساً بلاستيكياً شفاف يحتوي على ملابس سوداء و قد أزدادت الرائحة الشبيهة للدماء الفاسدة ليتجعد أنفها بأنزعاج و ملامح وجهها أيضا من الرائحة.
فتحت الكيس الشفاف و أخرجت سترة سوداء مع طاقيتها و بنطال جينز أيضا، تركت البنطال و أعادته في الكيس مرة أخرى و إمعنت النظر في السترة لتحدق بها، أدارتها يسارا و يمينا لتجدها مقطوعة في أعلى الجهة اليمنى حيث كانت مكرمشة بسبب شيئا ما، أمعنت النظر جيداً و تحسست بأناملها مكافحة الرائحة لتنصدم متمتة:
شمس: هذه اليترة مغطاة بدماء فاسدة منذ فترة…
تحسست المنطقة جيدا و أجبرت أنفها على أستنشاق الرائحة الفاسدة للدماء و أكملت:
شمس: منذ ثلاثة أشهر، كما أنها تبدو ذات السترة التي كان يرتديها صقر في الحلم الذي راودني و أيضا ذات المنطقة التي كان ينزف منها!!.
حدقت بصدمة لبعض الوقت لينبض قلبها بسرعة و خوف لتبدأ بإعادته داخل الكيس الشفاف و أغلقت الكيس كما كان ثم أغلقت الصندوق، بدأت بترتيب الصناديق مرة أخرى بذات الترتيب السابق و من ثم أمسكت بمعطر الجو و رشت منه بكمية لا بأس بها في الغرفة حتى تذهب الرائحة النتنة للدم الفاسد و خرجت معيدة الكرسي لمكانه السابق و أتجهت نحو الحمام لكي تغسل يدها بينما رأسها قد أصبح مشوشا بالفعل.
هدأت ذاتها بينما تجلس في منتصف السرير و تحك رأسها بين الحين و الاخر عندما تشعر بغرابة الموضوع متمتة:
شمس: كيف حدث هذا؟!، لما أحلم حتى به عندما أصابه مكروها في الماضي البعيد؟!.
أمالت برأسها جانبا و نظرت للفراغ متحدثة بغباء:
شمس: حسنا ليس ماضي بعيد بعد كل شيء أنها منذ ثلاثة أشهر ليس ألا!!.
و أمضت التفكير هكذا بينما تصفعها الاحتمالات اللا نهائية عن هذا الموضوع حتى عندما صلت فرض الظهر و العصر، تنهدت بيأس بعد مرور هذا الوقت الطويل لتبدل ثيابها إلى أخرى طويلة و تلف الحجاب حول رأسها ثم خرجت من الجناح و من القصر كاملا متجهة نحو وجهتها الحديقة الخلفية، كانت المسافة بينها و بين المقاعد و الطاولة قصيرة لكن صهيل الحصان رعد جعلها تنتبه له و تلاحظه، أبتسمت بفضول و شغف ثم غيرت وجهتها من الحديقة إلى حلبة الرمل المتواجد بها رعد، لكنه لم يكن بمفرده ف صديقه و مالكه الوحيد كان يدرب به بينما يمسك حبلا جلديا طويل و يدور هو و رعد في حلقات.
نظرت بذهول نحو صقر الذي يدرب رعد لتتكئ بدون وعي على السياج الخشبي الذي يفصل بينها و بين أرض الحلبة الرملية، عندما مر من أمامها رعد مرتين أشتم رائحة صقر ممزوجة برائحة أنثوية، وقع نظر صقر على شمس التي تنظر إلى رعد بذهول و أعجاب في ذات ليبتسم بخبث و يترك حبل رعد الذي شعر بأرتخاء الحبل عن رأسه ليزيد من سرعته و يصهل بصوت أقوى و من ثم ذهب نحو شمس راكضا بقوة و قفز من فوق السياج الخشبي برشاقة لتنصدم شمس منه، أما صقر نظر نحو رعد بذهول لم يكن يعلم بأن ذلك الأصيل سوف يهتاج هكذا و يقفز من الحلبة و هو يعرف ما القادم بدأ بالركض نحو شمس و يصرخ بها:
صقر: شمس أبتعدي من أمامه حالا.
لم تسمعه صقر لأنها كانت مشغولة بقلبها الذي سقط في معدتها و هي تنظر إلى رعد الذي يستعد للركض نحوها، أنتظروا بل هو بدأ بالركض نحوها بالفعل لتبدأ بالقفز هنا و هناك محاولة التذكر بيأس:
شمس منفعلة: كانت توجد طريقة لكي تهدأ بها الحصان في حالة أهتياج مفاجئة له ما كانت؟!، يا الله ما هي؟!.
صرخت بيأس بينما صقر يحاول أن يسرع بأقصى سرعته و لانه كان في منتصف الحلبة ف المسافة بعيدة جدا عنه و عن السياج الخشبي، أقترب رعد من شمس لتتذكر الطريقة و تقف بأعتدال و تعطي لمظهرها القوة و الهيبة و ترفع يدها اليمنى و اليسرى أمامها مع وجه حازم و بارد تماما كـ صقر بينما هي في داخلها تكاد ان تبكي على نفسها، اقترب رعد أكثر و زاد معه أصطناعها للقوة و الهيبة و تنظر في عينا رعد الذي حالما شعر بهيبتها المشابهة ل صقر و تواصله في عيناها القوية المصطنعة أجبر نفسه على إبطاء سرعته و بدل الركض اصبح يهرول نحوها ببطئ أكثر فأكثر، إلى أن جعل رأسه المنحني يلمس يدها اليمنى، في هذه اللحظة وصل أليها صقر و أحتضنها من الخلف بسرعة و يجعل يده تمسك يدها و تبدأ بالتجول على رأس رعد الذي أصبح يهز ذيله بسعادة، بينما تشعر بسرعة نبضات قلبه و سرعة تنفسه من ملامسة ظهرها لصدره، تنهدت مردفة:
شمس: أتمنى أن لا تتهور هكذا مرة أخرى لانني كدت أن أفقد عقلي يا حضرة النقيب.
و من دون أن يتحدث ترك يدها التي تداعب رأس رعد و جعل ساعديه يحتضان خصرها بقوة أكبر و يدفن رأسه في جوف عنقها الذي يفصله الحجاب عن جلدها الأبيض الناعم لتمضي دقائق على هذا الحال ثم قال بصوت خافت:
صقر: أنا لست أباه.
أستدارت شمس بصدمة نحو صقر و قالت بأستغراب:
شمس: ماذا تقول؟!.
أمسكها من كتفيها و نظر في عيناها بقوة مرددا:
صقر: أنا لست أباه، آدم ليس أبني.
شمس بصراخ: مااااذاااا؟!.
لتنظر نحوه بتشوش كبير… كبيييير جدا!!.
°•°•°•°•°•°•°•°•°•°•°•°•°•°•°•°•°•°•°•°•°•°
Semo
S.m
الفصل التالي: اضغط هنا
يتبع.. (شمس الصقر (رواية صقر وشمس)) اضغط على اسم الرواية لتجد الفهرس كاملاً بجميع الفصول.