شمس الصقر (رواية صقر وشمس) الفصل الحادي عشر 11 – بقلم سيمو

شمس الصقر (رواية صقر وشمس) – الفصل الحادي عشر

[11]

[11]

حاولت إستيعاب الأمر بهدوء لكنها لم تفلح أبداً لتغضب و تمسك صقر من كتفيه دون أن تعي على نفسها و هزته بخفة:

شمس بغضب: هل أنت غبي أم أحمق يا صقر لتقول هذه المزحة في هذا الوقت!!.

تراجع الرعد عدة خطوات من صوت صراخ شمس و من ثم عاد تاركاً الثنائي في خناقهما الذي على وشك أن يبدأ؟!، حسناً نظر صقر في عينا شمس الكمونية الغاضبة ليمسك بيديها بخفة و نظر بحدة في خاصتيها ليجعلها تهدأ لكن ذلك زادها إصراراً أكثر لتكمل:

شمس: صقر، لا تمزح في هذا الموضوع!! إنه يتعلق ب آدم إولاً و آخراً، ماذا إن سمعك تتحدث في هذه المزحة السخيفة مع أحدا غيري هذا سيأثر سلباً عليه و يجعل حالته تنتكس أكثر.

ثانيتين مرت في صمت بينما هي تحاول أن تتنفس الصعداء من دقات قلبها الفازعة لكن صوته الوحيد أخرجها:

صقر: كان لدي شقيقة أصغر مني أسمها قمر، تزوجت من رجل أعمال أسمه ظافر أسامة….

قاطعته شمس شاهقة:

شمس: هذا الرجل لقد مات منذ ثلاثة سنوات و نصف.

أومئ لها بخفة مرة واحدة ثم أكمل:

صقر: لكنه كان يتيم الأب و الأم و من تولى رعايته كان جده من جهة والده، لكن بعد أن تزوج من أختي ب ثلاثة أشهر توفى جده بسبب جلطة قلبية، كان رجلا ناجح و الأهم من ذلك انه كان يحب قمر حباً جما، لكن منذ ثلاث سنوات و نصف كان آدم يبلغ من عمره سنتين فقط، كان يجيد التحدث بطلاقة لدرجة أنني كنت أتشاجر معه على أتفه الأسباب و أصغرها، لكن في ذلك الحادث ظافر لم يكن وحيداً لأنه كان بصحبة قمر و آدم، كان حادثاً عنيفا جداً ليموت كلاهما لكن آدم لم يخرج معافيا أيضًا، كانت ذراعه اليسرى مكسورة مع عدة رضوض في جسده هذا مع حالته النفسية أيضاً.

جلس أرضاً مسندا ظهره على السياج الخشبي خلفه و تنهد مغلقا عيناه براحة قليلاً، جثت أمامه شمس بعينان دامعة ليكمل مغمض العينين:

صقر: كانت قمر ذات شعراً أسود طويل، ناعم و حريري مع أعين زرقاء كانت قد أخذتها من والدتي و ملامح وجهها الصارمة من والدي، عندما سمعت والدتي بهذا الخبر أصبحت على هذا الحال، هي بالفعل بالكاد خرجت من الصدمة النفسية التي حصلت عليها من حادث والدي، لم أستطع فعل شيئا عندما حدث دفعة واحدة، وفاة شقيقتي و إصابة آدم و أمي بالصدمة النفسية، و وفاة والدي و إستقالتي من وظيفتي التي أضعت حياتي عليها أليس هذا قاسيا أن أبقى في هذه الدنيا الفانية وحيداً؟!!، صحيح انني أتعامل مع آدم و أتحدث معه بشكل طبيعي، لكن هذا ليس و كأنني في الماضي عندما كنت اتشاجر معه، ليس عندما أخذ منه مثلجاته المفضلة و يصرخ في وجهي بينما أغيظه، ليس كما يجعلني أستيقظ من نومي على أنهمار دلواً من الماء البارد فوق رأسي، ليس كما يجبرني على أخذه لمقر الشرطة عندما كنت هناك.

صمت لان الحديث هرب من طرف لسانه الذي شعر به ثقيلا جدا بعد خروج هذه الكلمات، فتح عيناه ليجد شمس تنظر له بأعين متسعة و يبدو عليها الذهول و أمتلئ وجهها بدموعها لتشهق بخفة مرتين قبل أن ترتمي في حضنه بقوة و تلف يديها على عنقه كأنها غريقة تستنجد به و تبدأ بالبكاء بقوة كبيرة، بادلها صقر الأحتضان بسرعة و من دون تردد ليشعر بها تشد عليه بقوة كأنها تريد إدخاله في أضلاعها ليهمس في أذنها بخفة:

صقر: أهدئي ي شمس لا تقلقي علي أنا بخير الأن بعد معرفتي بكِ، لا تبكي و توقفي.

هزت رأسها بيأس في جوف عنقه الذي تبلل من دموعها سريعة الانهمار، أراح رأسه على خاصتها و أبتسم مرددا:

صقر: أيتها الطفلة الغبية توقفي عن البكاء هذا لا يليق بكِ لانك إمرأة الصقر.

أستمرت في البكاء اكثر داخل احضانه ترفض التوقف، تفكر كيف كان حاله عندما تلقى تلك الصدمات العصيبة التي بالكاد يتحملها أي شخص سوى القوي فكريا، لو هي في مكانه لكانت انهارت منذ زمن، هو فقد والده، ترك عمله من أجله، وفاة شقيقه، مرض والدته و آدم!!، هي بالكاد تستطيع تحمل فكرة هروبها من المنزل و تعلم جيدا ان آسر يلاحقها لكي يقتلها بيديه، لم يسعها سوى ان تحتضنه فقط.

بعد مدة طويلة، نعم طويلة جدا إلى أن غربت الشمس بالفعل كانت ما تزال بين احضانه لم تتحرك أنشاً واحداً، كان صقر هادئاً ينظر للسماء الملونة من غروب الشمس الجميلة، مسد ظهرها بخفة ثم اعتدل في جلسته و همس:

صقر: حسنا يكفي هكذا هيا بنا ندلف إلى الداخل قبل أن يصيبني البرد، ف أنتي في النهاية السبب في تبلل قميصي.

شعر باهتزاز جسدها من الضحك الذي تحاول كتمه لكنها لم تستطع لتبعد رأسها ببطئ عنه و تمسح وجهها من أثار البكاء التي أصبحت واضحة بالفعل، كانت ابتسامتها عفوية بشكل كبير لكن هو نظر بأنزعاج نحو وجهها و قال بنبرة تغيظها:

صقر: أنت قبيحة جدا الأن بسبب البكاء، يا اللهي أنظري إلى وجهك في المرآة بعد ان ندخل القصر.

تحولت إبتسامتها إلى إنزعاج مفرط و بدأت تلكم صدره مردفة:

شمس: أنا هي القبيحة الأن؟!، أيها البارد يا غبي!!، انت لا تستحقني حتى أنظر إلى جمالي الخلاب و عيناي الجميلة قبل أن تتحدث!، (همبف) أنا راحلة.

أستقامت بسرعة بينما كان يضحك عليها بخفة من انزعاجها، لكنها بدل أن تكمل سيرها رأت محيطها يصتبغ بالأسود في معظم مساحة رؤيتها، اغلقت عيناها عدة مرات بالفعل لكن الحال يزداد سوءاً و عتمة أيضاً ليهاجمها الدوار فجأة و كادت تتعثر لكن صقر وقف بسرعة ممسكاً يدها اليسرى و كتفها الأيمن سألاً بقلق:

صقر: شمس ماذا بكِ؟! لماذا أنتي ترمشين كثيراً؟!.

أستجمعت شتات نفسها و ضغطت على يد صقر عدة مرات تردف:

شمس بخمول: لا تقلق أنه مجرد دوار بسيط سوف اصبح بخير بعد قليلا.

صقر بعصبية: كيف تريدين مني الهدوء و أنتي في هذه الحالة؟!.

نظرت شمس بسرعة نحو وجهه الغاضب ليزداد دوارها أكثر لتشهق بقوة مع شعورها بالأرض تنزلق من أسفل قدميها ليحملها بين ذراعيه بسرعة و نظر بقلق اكثر نحو وجهها و رأسها الذي يترنح ليسمعها تتمتم:

شمس: لابد أن هذا بسبب البكاء الشديد، لانني لم ابكي بهذه القوة منذ فترة طويلة جداً.

قهقهت بخفة في أخر حديثها لينظر نحوها صقر بأنزعاج و هزها بعنف بين يديه مردفا:

صقر: يا فتاة انني إكره هذه التصرفات!، لا تجعلينني اقلق عليكي كثيراً مرة أخرى.

شمس تومئ: حسناً يا حضرة النقيب أوامرك مطاعة، لكن لندخل إلى القصر الجو بدأ يصبح بارداً أكثر و أكثر مع الوقت.

و من دون ان يتحدث هز رأسه بيأس منها و شق خطواته نحو القصر، صعد سريعا نحو جناحه ليضعها على السرير لتمسك يده و تمتمت بقهقهة:

شمس: إلى أين أنت ذاهب هكذا سريعا؟!.

نظر نحوها بحاجب مرفوع ثم ضرب منتصف جبينها بأصبعه السبابة فتتألم صارخة:

شمس: حضرة النقيب ماذا بك؟!.

صقر بأنزعاج: غبية تسألينني إلى أين أنا ذاهب!!، سوف أذهب لكي أجهز لكِ الحمام حتى يذهب الدوار عنكِ.

شعرت بالخجل الشديد لترفع يده التي تمسكها و تعض كف يده بكل ما أوتي لها من قوة فكيها، لكن صقر نظر نحوها ببرود و نزع كف يده من فكيها و نظر إلى علامة عضتها التي كادت أن تمزق جلده بالفعل ليردف:

صقر ببرود: محاولاتك فاشلة يا فتاة، ثم ما الذي جعلكِ تتحولين إلى كلبة فجأة!!، هل أجلب لكِ بقرة سمينة تأكلين فيها بمفردك عوضاً عن عضي؟!.

شهقت شمس بعد أن سمعت نبرة أستفزازه لتتضح الرؤية أمامها قليلا و تراه هو لكن ليس بوضوح ايضا، وقفت ولا تعلم كيف ف الغضب تملكها في جميع أنحاء جسدها رغما عنها، أنقضت عليه ليتفاجأ من فعلتها و إدارت ظهره نحو السرير ثم جعلته رغما عنه يعود خطوة للوراء و تضع قدمها اليمنى خلف قدمه اليسرى و هكذا سقط هو على ظهره بصدمة و هي تعتليه، أجتاحها الدوار مرة أخرى لكنها أمسكت كتفه بقوة لكي ترسل أشعارات إلى دماغها بأنها متوازنة فيهدأ الدوار.

ملاحظة: عندما تشعري بالدوار فجأة أمسكي بأي شيء ثابت مثل طاولة خشبية، ظهر كرسي، مقبض الباب إو حافة الحائط و إضغطي عدة مرات حتى ترسلي إشعارات بأنك ثابتة و هكذا سوف يخف الدوار تدريجيا.( معلومة طبية).

تحدثت بغضب مكشرة عن أنيابها بينما هو ينظر نحوها بصدمة يريد أن يعرف كيف أتتها القوة لفعل هذا:

شمس: أنت الأن يا حضرة النقيب قلت أنني كلبة صحيح؟! سأريك الآن ماذا سوف تفعل هذه الكلبة بك.

صقر بصدمة: ماذا سوف تفعلين؟!.

و من دون أن ترد عليه أبعدت عنق تيشرته و أنقضت على عنقه بقوة لتعضه عدة عضات جعله يقهقه من قوتها بشدة، لم تهدأ حتى بسبب وصول قهقاته إلى مسامعها غضبت أكثر و مزقت كتف التيشرت بقوة لم تعلم كيف أتتها و أنقضت على كتفه، نظر بأندهاش مقهقهاً نحوها لأنها إستطاعت تمزيق تيشرته، للحق أصبح يشعر بوخزات آلم في عنقه و كتفه و التي طبعت كل علامات عضها بالأزرق و الأخضر مثل الكدمات، صرخ بها في يأس:

صقر: يا مجنونة كفى هكذا!!.

تنفست الصعداء ثم أدارت وجهه للجهة الاخرى سامحة لعنقه من الجهة اليسرى أن يظهر و أكملت خريطة عضها عليه، قهقه أكثر ثم أمسك وجهها لكنها سبقته و أمسكت يده اليسرى و بدأت من معصمه تعضه إلى أن وصلت أعلى كتفه، صمت و أصبح ينظر لها كاتما ضحكاته بصعوبة ليسمع صوت أنفتاح الباب ببطئ و ينظر بأستغراب نحوه، ليجد آدم دالفا الجناح و ينظر بصدمة نحو والده أم خاله؟!، أياً كان فمظهره هو و على السرير بينما شمس تعتليه و تعضه في جميع أنحاء يده اليسرى و الأخر صامت لم يفعل أي شيء، جعله رغماً عنه يشعر بالأحراج و الخجل الشديد.

لاحظت شمس هدوء صقر فجأة لتنظر له بتشوش لتجده ينظر نحو الباب، أدارت رأسها بسرعة نحو الباب لتجد آدم يقف هناك بصدمة و كانت ما تزال يد صقر عالقة بين فكيها، رمشت بعيناها عدة مرات قبل أن تلوح يدها ل آدم بغباء و يرد لها آدم ملوحاً يده هو أيضاً بغباء مفرط ثم من دون وعي منه أستدار و خرج من الجناح مغلقا الباب خلفه حاملاً نظرات الصدمة و الاحراج على ملامح وجهه الطفولية.

أدارت رأسها نحو صقر و سألته بأستغراب مبعدة يده عن فمها:

شمس: ماذا به؟!.

نفى صقر برأسه مردفا:

صقر: لا أعلم، لكن أظن إنه أعتقد بأننا سوف نفعل شيئًا مثير للشبهة.

شمس: أتعتقد ذلك حقا؟!.

صقر: نعم.

هزت كتفيها:

شمس: لا يهني ماذا يعتقد.

صقر بصدمة: ماذا؟!.

و مجددا لم ترد عليه بل بدأت في عضه لينزعج منها و يبدل الوضع ليعتليها سريعاً فتنصدم هي من أنقلاب الوضع عليها، همس في أذنها مثل فحيح الافاعي و بخبث شديد:

صقر: يبدو أنه أنني سوف أفعل ما فعلته بي بنفس الطريقة، هل تعلمين أنني لأول مرة منذ وقت طويل أشعر بنغزات مؤلمة بهذا الشكل!!.

أبعد رأسه عن خاصتها و نظر بخبث بارد في وجهها ليقترب نحو عنقها لكنها حاولت أن تفكر سريعاً بتوتر، فكرت بأن تعترض طريقه بوضع يدها على فمه لكنه سوف يفتح فكيه و يعضها ببساطة، لم يكن أمامها سوى طريقة واحدة، أحاطت عنقه بساعديها سريعا و جذبت رأسه نحو رأسها ثم قبلته قبلة على جبينه و أخرى على وجنته اليمنى ثم اليسرى و أبتعدت مردفة:

شمس: لقد أعطيتك راتبك اليومي، اصفح عني أرجوك!!.

نظر نحوها بتشوش و سألها ذات السؤال:

صقر: إذا طلبت منكِ أن تصفحي عني و تتوقفي عن عضي هل كنتِ سوف تتوقفين أم لا؟!.

كذبت بسرعة:

شمس: كنت سأصفح عنك بالتأكيد، لكنك لم تطلب هذا لأتوقف!!.

صقر: حقاً؟.

أومئت بشدة مردفة:

شمس: حقاً.

أبتعد من فوقها ثم أتجه نحو الحمام و أعد حماماً دافئاً لها ثم خرج ليجدها بذات الوضعية التي تركها بها سابقاً لكن مغمضة العينين، أتجه نحوها و نادى أسمها ببطئ:

صقر: شمس؟!.

شمس مهمهمة: همممم.

صقر براحة: هيا لقد جهزت لكِ الحمام أستخدميه أولاً و من ثم أنا بعدك.

شمس: حسناً.

وقفت و سارت نحو الحمام على مهلها تحت أنظار صقر، دلفت الحمام لتغلق الباب خلفها ثم بدأت بنزع ثيابها و غطست في المياه الدافئة تشعر بالراحة في جميع أنحاء جسدها، غمرت رأسها في الماء عدة مرات ثم توقفت بعد أن عادت رؤيتها واضحة كما في السابق، تنهدت براحة ثم أكملت أستحمامها المعتاد، ثم خرجت من حوض الاستحمام و أفرغت المياه و كانت ستعبد تعبأته لكنها توقفت عن ذلك عندما فكرت بأنه يفضل أستخدام الدُش بدلاً من الحوض، توضأت و أرتدت روب الأستحمام الأبيض يليه خروجها من الحمام.

لم تجده في أرجاء الجناح لتذهب نحو غرفة الملابس لتجده يقف أمام المرآة عاري الصدر ينظر بتعجب رافعاً حاجبيه من علامات العض من فك شمس الحاد، تخيلوا مظهره معي، عنقه من الجهتين كتفه الأيمن من الأمام و الخلف مع ذراعه اليسرى بداية من عضده، معصمه، ساعده و أخيراً كتفه من الأمام فقط.

لمس عنقه من الجهة اليمنى بخفة لكنه غمز بعينه من وخزات الألم المفاجأة، رأى أنعكاس هيأتها في المرآة ليستدير نحوها و سأل:

صقر: أفضل الأن؟؟.

أومئت له برأسها تحاول أن تشيح أنظارها عن تلك الخريطة التي صنعتها على معالم جسده، تقدم منها و أشار لنفسه:

صقر: أنظري ماذا فعلتي بي!، أنتِ أثبتِ بالفعل أنكِ كلبة تعض و بقوة أيضاً.

عقدت يديها أسفل صدرها و نظرت له بأنزعاج مكشرة عن أنيابها بلطف:

شمس: تستحق ذلك عندما نعتني بالكلبة.

صقر: هذا الحديث لن يجدي معكِ فائدة لهذا سوف أستحم لكن قبل أن أستحم سوف أخذ منكِ شيئاً يخصني.

شمس بتعجب: ما هو؟!.

صقر: هذا.

أقترب منها بسرعة لم تلحظها ثم كوب وجهها بين كفيه و قبلها على شفتيها قبلة قصيرة ليتركها مصدومة راحلاً نحو الحمام لكِ يأخذ دوره.

صفعت وجهها عدة مرات ثم أتجهت نحو ملابسها و أرتدت عبائة بيتية جميلة و بسيطة باللون الاخضر التركوازي مع حجاب أبيض اللون و أستدارت خارج الغرفة، أستقرت بجانب الكوميدينو لمسك هاتفها بعد أن أكتمل شحن بطاريته لتفتحه ببصمة أصبعها الأوسط ثم بحثت في جهات الأتصال لتجد رقم يسرا و تضغط عليه، شغلت تطبيق عدم التعقب و أنتظرت رد الأخرى:

يسرا: السلام عليكم.

شمس بسعادة: و عليكم السلام و رحمة الله و بركاته.

أنصدمت يسرا لتقول بصدمة أكثر:

يسرا: خمسة عفاريت، الاول في المطبخ….

شمس: محتجز في الثلاجة.

يسرا: الثاني في الحمام….

شمس: خلف الباب.

يسرا: الثالث في الصالة….

شمس: على شكل ڤازة.

يسرا: الرابع في غرفة النوم…

شمس: عند النافذة.

يسرا: الخامس في الباحة…

شمس: يلتقط التفاحة.

أستقامت يسرا من على سريرها و صرخت بسعادة:

يسرا: أيتها الخرقاء لماذا لم تتحدثي معي طيلة هذه الفترة، كنت أعتقد بأن خطتك قد فشلت و أنتِ في عداد الموت الأن.

قهقهت شمس:

شمس: لا لم يحدث هذا بعد اللهم لا حسد.

يسرا: كيف حالك؟ لقد أشتقت لكِ جداً يا شمس!!.

صمتت شمس لوهلة لأنها تعلم عندما تناديها يسرا بأسمها فهذا يعني بأنها فعلا مشتاقة لها:

شمس: أنا الحمد لله بخير كما أنني أشتقت لكِ أيضا و بهية كذلك، كيف حالها هي و أنتِ؟!.

رمت جثتها المتحركة على السرير و قالت بملل:

يسرا: لا تسألي عن حال تلك البقرة أبداً بل أسألي عن حالي أنا يا معتوهة.

شمس بقهقهة: لماذا؟؟ ماذا فعلت؟.

يسرا بيأس: كل يوم تأتي عندي عندما يقترب موعد رحيلي و تكون هي قد عادت من عملها، تجبرني على شراء الأشياء الطفولية بحجة أنها مفلسة و لم تأخذ راتبها و عندما أفتش جيب بنطالها أسفل ملابسها أجد الملاييين فيها الملايييين، ضعف ما أشتريه لها عشر مرات و في النهاية تقول لي بصوت الببغاء ” أنني مفلسة هذا ليس مالي بل مال شقيقي الأكبر”.

قلدت صوتها بأحترافية جعلها تنفجر ضحكاً هي و شمس لتستلقي الأخيرة على ظهر السرير و قالت بعد مدة:

شمس: يسرا.

يسرا بشك: نعم؟!.

شمس: لقد تزوجت منذ مدة ليست ببعيدة.

يسرا بصراخ: هل تمزحين يا أبنة محمد الأن؟!.

شمس بصدق: أقسم لكِ برأس جدتي الخبيثة بأنني أقول الحقيقة ولا أمزح.

صمتت يسرا لوهلة تفكر لأنه عندما تحلف شمس و برأس جدتها الخبيثة بالذات تكون صادقة أكثر من أي وقت مضى، تنهدت بهدوء و سألت:

يسرا: من هو؟!.

شمس بسرعة: رجل أعمال مشهور.

يسرا: هل أعرفه أنا؟!.

شمس: لا.

يسرا: ما أسمه؟!.

شمس: صقر.

نطقت أسمه هكذا ليخرج هو من الحمام في اللحظة التي تليها لتنظر نحوه بينما يخرج كعادته عاري الصدر لا يرتدي سوى بنطال قطني فقط، أتجه نحو غرفة الملابس و بدأ أنتقاء ملابسه لتسمع صوت يسرا:

يسرا: هل هو وسيم؟!.

شمس: جداً جداً.

يسرا بتعجب: صفيه لي بسرعة؟!.

خرج من الغرفة و وقف أمام المرآة ليجفف شعره بالمنشفة الصغيرة لتتحدث:

شمس: هو طويل جداً لدرجة أن رأسه يكاد يصتطدم في سقف الباب، ذو شعر أسود جميل و ناعم مع وجه بملامح حادة باردة جداً، عينان حادة باللون العسلي أو الاصفر الذهبي لا أدري لكنها جميلة، بشرته سمراء شرقية ملفتة للنظر، جسد مفتول العضلات بشدة مع كتفين عريضين و صلب مثل الحديد، هل تعلمين شيئا ما؟!.

يسرا بقهقهة: لا، ماذا هو؟.

شمس: الناس مخلوقة من طين و هو من ثلج و حديد.

أنفجرت يسرا من الضحك لينظر صقر نحوها بأعين ضيقة جعلتها تنظر إلى السقف بتمعن مزيف و تخفي شفتيها داخل فمها و أردفت:

شمس: حسناً، سوف أحادثكِ في وقت لاحق لكن عندما يحدد زفافك أخبريني بالموعد في رسالة و انا سوف اتحدث معكِ لكِ تعطيني العنوان.

يسرا: حسنا حبيبتي، مع السلامة.

شمس: مع السلامة.

أغلقت الهاتف و نظرت إلى صقر لتجده يخرج من الجناح متجها لأسفل لتوقفه شمس:

شمس: صقر أذهب لكِ ترى أمي و تحدث معها لعلها تتحدث معك أو تستجيب لك أفضل مني.

أومئ لها بصمت و أغلق الباب خلفه، أما هي أدت فرضها و خرجت من الجناح ذاهبة لأسفل حتى ترى أن كان العشاء جاهزاً أم لا، وجدت الخادمات بدأن في وضع الطعام على طاولة السفرة لتردف شمس بأبتسامة:

شمس: ليعطيكم الله العافية.

رددن الخادمات واحدة تلو الأخرى بأبتسامة أيضاً لتطلب شمس من إحداهن:

شمس: لو سمحتِ إجلبي لي صينية الطعام المخصصة لأمي سريعاً.

الخادمة: حاضر، سوف أذهب حالاً.

و في ثواني معدودة كانت الخادمة قد جلبت الصينية لتعطيها ل شمس التي شكرتها سريعاً و عادت لاعلى صاعدة درجات السلم و أتجهت نحو اليسار إلى أن وصلت جناح ميس الذي فتحت بابه بعد أن طرقت مرتين، نظر صقر نحوها ليجدها تحمل صينية الطعام الذي قدمته له مردفة:

شمس: هيا أطعمها يا صقر.

نظر متردداً لكنه أمسك الصينية و بدأ يطعم والدته بهدوء، مسدت شمس على ظهرها و تحدثت:

شمس: أمي، صقر يشتاق لكِ لدرجة الجنون، ألا يمكنك أن تنظري له و لحاله؟!.

توقفت يد صقر في الهواء و ينقل نظراته من ميس ل شمس التي أومئت له لكن كلاهما أدار رأسه نحو باب الجناح الذي فتح ليظهر من خلفه آدم الذي أغلق الباب و تقدم سريعاً نحو ميس مقبلاً وجنتها اليسرى كعادته كل مساء، أردف صقر منزلاً يده:

صقر بأشتياق: أمي، أنظري إلى حفيدك آدم كيف أصبح كبيرا منذ أخر مرة رأيته بها، إنه يشبه قمر بشدة بل إنه النسخة المصغرة عنها و عني أيضاً كما تمنيتي أنتِ منذ زمن، و أنا بالفعل أشتاق لكِ لدرجة الجنون كما أخبرتكِ كنتك، ثم أليس كنتِ تطوقين لرؤيتي متزوجاً و أنشىء عائلتي الخاصة، و ها أنا بالفعل قد حققت أمنيتكِ.

و كما كان في تواصل بصري مع عينان والدته التي أهتزت عدة مرات قبل أن تستقر في عيناه التي تشبه والده الراحل، أتسعت عيناه لتقف شمس بجانبه كحال آدم المتوتر لكن شمس كانت تشاهد ردة فعل ميس بحماس و هدوء متناقض في ذات الوقت، شاهدت ميس تحاول رفع يدها ببطئ نحو وجه صقر و كاد أن يمسك يدها لكن شمس منعته برأسها سريعاً، أستمرت ميس في رفع يدها إلى أن أستقرت على وجه صقر تتحسه بهدوء كما حاولت رفع يدها اليمنى كذلك و نجحت بالفعل، بدأت الدموع تتجمع في مقلتبها بسرعة كحال أبنها الذي أنفجرت مشاعره سريعاً و أرتمى في حضنها يبكي مثل الطفل الصغير و هي كذلك لكن صوتها لم يخرج، بل كانت تبكي في صمت.

نظرت شمس نحو آدم و أحتضنته قائلة بأبتسامة حماسية:

شمس: لا تقلق يا حبيبي لقد تحسنت جدتك كثيراً الأن.

أومئ لها آدم و قبلها مرتمياً في حضنها يعانقها بقوة، لتبادله شمس الاحتضان فورا من دون تردد، لتركز على ردات فعل ميس التي تحسنت لدرجة لم تكن تتخيلها شمس بالفعل، رفعت حاجبيها مرة مع تقوس شفتيها بأعجاب من النتيجة المبهرة.

بعد عدة دقائق أبتعد صقر عن والدته ليمسح دموعه سريعاً ثم قبل رأس والدته عدة مرات فتبتسم ميس بينما تمسك ساعدي صقر، نظر صقر نحو شمس و أمسك يدها اليسرى و قربها منه لتصبح في مرمى بصر ميس و يردف:

صقر بسعادة: أمي، هذه شمس كنتك و هي نفس الفتاة التي أخبرتك عنها من الحادث منذ ذلك الوقت عندما كنت مع والدي، كما أنها هي من تعالجك طبيعياً الأن.

نظرت ميس ببطئ نحو شمس التي تحدثت بأبتسامة في وجهها:

شمس: مرحباً يا أمي، يسعدني أنكِ وصلتي إلى هذه النتيجة من العلاج و كل هذا بفضل الله أولا و ثانيا صقر و آدم، سنستمر في العلاج على قدميكِ أكثر من الغد حتى تستطيعِ أن تتحركِ و تقدري على المسي مجدداً.

أبتسمت ميس ببطئ نحو شمس ثم نظرت ل آدم الذي أترمى في حضنها فتبادله سريعاً، أردفت شمس:

شمس: أمي؟!.

نظرت نحوها ميس بأستغراب لوهلة لكنها ابتسمت بمعنى ماذا لتكمل شمس حديثها براحة:

شمس: آدم لديه مشكلة صغيرة في النطق مثلكِ تماماً لكنه في المستقبل القريب أعدكِ بأن أجعله يتحدث و يتلقى العلاج المناسب معكِ.

أومئت ميس بهدوء مجدداً ليبتعد آدم ليبدأ صقر بأطعام والدته مجدداً، أعطتها شمس جرعة الدواء المناسبة و من ثم خرج ثلاثتهم تاركين ميس ترتاح و تأخذ غفوتها، إتجه تلاثتهم نحو غرفة الطعام في الاسفل ليبدأوا بتناول الطعام، راقبت شمس علامات الفرحة و السعادة تحتل ملامح وجهه الحادة، كما أنها شعرت به يأكل وجبته بنفس شهية كأنه أول مرة يأكل.

أنتهى وقت العشاء ليذهب آدم إلى غرفته حتى يؤدي فرضه و كذلك صقر لكن في المكتب حتى ينتهي من عدة أوراق قليلة كان قد تركها منذ فترة مضت، صعدت شمس نحو الجناح مرة أخرى و كانت سعيدة جداً، دلفت غرفة الملابس و أخرجت بجامة شتوية لتبدل العباءة بها لكن في الحمام بعد أن توضأت و أدت فرضها مسبقا، أستلقت على السرير ليقفز في عقلها لحظة أمساكها بملابس صقر التي كانت تغطيها الدماء، أصبحت تفكر في هذا و ذاك إلى أن دلف صقر الجناح و لم تشعر به.

أستلقى بجانبها و نظر إلى وجهها المهموم و سأل:

صقر: شمس ماذا بكِ الأن؟!.

نظرت نحوه بأندهاش ثم أعتدلت ليعتدل تلقائياً معها و أردفت بجدية:

شمس: صقر، أخبرني ماذا حدث معك منذ ثلاثة أشهر من الأن تحديداً؟!.

شعر من نبرة الجدية التي تخرج منها قليلاً أنها تعلم شيئا ما، تذكر الاحداث التي حدثت منذ ثلاثة أشهر ليقول ببرود:

صقر: ليس شيئاً جديراً بالذكر حتى.

شمس بأصرار: صقر أرجوك أخبرني ماذا حدث.

صقر ببرود: حسناً، منذ ثلاثة سنوات تعرض آدم لأختطاف من قبل أحدهم و كانوا أتباع لرجل عدوي بالفعل لكنني لم أكتشف هويته بعد، عندما كنت أنقذه تعرضت لطلقة نارية في صدري تحديدا ً هنا.

و أشار إلى أعلى صدره من الجهة اليمنى و قال مكملاً:

صقر:هنا في ذات المكان الذي وضعتي يدك عليه عندما كنتي تحلمين بذلك الحلم.

شمس مكملة: في وقتها كنت ترتدي سترة سوداء رياضية مع طاقية تغطي وجهك و رأسك و بنطال أسود جينز أيضاً.

أومئ مرة مردفا:

صقر: صحيح كنت أرتدي تلك الملابس.

شمس: لماذا تحتفظ بتلك الملابس و لم تحرقها بعد.

صقر: لقد وضعتها في ذلك الصندوق و كنت أريد أن احرقها لكنني نسيت، لأنني في ذلك الوقت لم أدع آدم يعلم أنني أصبت بينما كنت أحميه لكي لا يشعر بالذنب تجاهي.

إومئت شمس ثم كانت سوف تتحدث لكنها رأت علامات عضها التي على عنقه ظاهرة لتخجل من نفيها و تشيح بوجهها بعيداً فجأة ليعلم صقر السبب و قال مقهقهاً:

صقر: هل تخجلين الأن يا شمس حقاً؟!.

لم تتحدث شمس بأي حرف بل أحتضنته بسرعة و دفنت رأسها في عنقه ليبادلها بسرعة و أردف بأمتنان:

صقر: أنا ممتناً لكِ لما فعلته مع أمي يا شمس، هي بحال أفضل الأن بفضلك في النهاية.

شمس: لا داعي لأن تكون ممتناً لي، فمجرد رؤيتك تبكي بتلك الطريقة جعلتني سعيدة جداً.

و أنفجرت ضاحكة ليقهقه معها صقر بخفة ثم أستلقيا بجانب بعضهما ليسألها:

صقر: شمس ألا تشعرين بالأشتياق لوالدك و والدتك؟!.

شمس: و كيف لا أشعر بذلك.

أمسكت كف يده اليمنى التي ما زالت تحمل علامة عضها و أصبحت تمسدها بشرود:

شمس: أريد أن أتحدث معهم كل يوم و كل ليلة لكن هذا سوف يزيد الوضع سوءاً لهم و يعود عليهم بالسلب، أنا بالفعل طمأنت والدي عندما هربت و هو تلقائيا كان قد أخبر والدتي لهذا لست قلقة إلى تلك الدرجة، بل أنا في الحقيقة قلقة على ذاتي أخاف أن أرتكب خطأً يجعلنني أدفع الثمن غالياً.

أحتضنها صقر بسرعة و قال:

صقر: لا تقلقي أنا معك، لن يحدث لكِ أي شيء، و الأن نامي و لا تفكري في القادم.

شمس: حسناً، تصبح على خير.

صقر: و أنتِ من أهل الخير.

بقي مستيقظاً إلى أن شعر بها غطت في نوم عميق ثم لحق هو بها إلى مملكة سلطان النوم.


•°•°•°•°•°•°•°•°•°•°•°•°•°•°•°•°•°•°•°•°•



Semo





S.m

الفصل التالي: اضغط هنا

يتبع.. (شمس الصقر (رواية صقر وشمس)) اضغط على اسم الرواية لتجد الفهرس كاملاً بجميع الفصول.

أضف تعليق