رواية كارثة الحي الشعبي – الفصل السادس عشر
الفصل السادس عشر
طبعا بعتذر عن التأخير وعدم نشري لاعتذار…بس غصب عني والله، وفصل بكرة هينزل عادي مش هيتأجل يعني بأذن الله❤️❤️💫
______________
أنظر جيدًا.
كارثة الحي الشعبي.
فاطمة محمد.
الفصل السادس عشر:
خرج “أشرف” من البوابة متجهًا نحو المكان الذي جاء منه صوتها
المستغيث
به….
راغبًا
في إحكام قبضته على عنقها وخنقها فهي لا تتوقف عن
استفزازه
…كما أنها لم تنفذ حديثها
واتفاقها
معه بالتوقف عن مناداته بذلك الأسم التي أطلقته عليه…
وصل للمكان المنشود فوجدها تتمدد على الأرض ويليح على وجهها الألم…
طرح سؤاله عليها بدهشة لم يخفيها:
-إيه ده؟؟؟ بتعملي ايه هنا؟ وايه اللي وقعك كدة…..
ردت عليه بصوت ضعيف
وأعين
تجمعت بها الدموع:
-مفيش كنت بهزر انا والشجرة مع بعض..بس هي هزارها تقيل شوية وقامت
زقاني
..فوقعت على بوزي…
استنشف
سخريتها منه…
فزفر
معقبًا:
-أنتِ
بتتريقي
؟؟؟
-اومال بكلم جد…واحدة صوتت ونادت عليك عشان تلحقها يبقى هتكون ايه اللي وقعها؟ اكيد يعني وقعت من على الشجرة مش محتاجة
فقاقة
…
أجابته بنبرة تئن ألمًا محاولة النهوض متخطية ذلك الالم
بذراعيها
……
لم يحاول مساعدتها والتوى جانب فمه
بغلاظة
والتفت برأسه فقط يطالع تلك الشجرة، معلقًا:
-وأنتِ بتعملي ايه فوق الشجرة؟؟؟ هو حضرتك قردة يا آنسة؟؟؟
نهضت أخيرًا مردفة بتهكم واحتجاج:
-قردة في عينك…ما تحسن ملافظك يا جدع مالك…هي دي الصفحة الجديدة؟؟
برقت عيناه باستنكار معقبًا بعدم تصديق:
-هو أنتِ طبيعية؟ صفحة جديدة ايه اللي
بتكلمي
عنها وأنتِ لسة من ثواني بضبط قيلالي اشف..اموت واعرف جبتيه منين…
قال الأخيرة من بين أسنانه….فما كان منها سوى أنها فتحت عيناها على اخرها..واضعة كف يدها على فمها تخفيه عن الأنظار..قائلة:
-قول والله قولت أشف…تصدق مخدتش بالي…
رد ببساطة يكذب حديثها:
-مش
مصدقك
…
انزلت يديها تضعها جوارها شاعرة بالألم يشتد عليها مدافعة عن ذاتها:
-وعد مش كدابة…وبعدين أنا كنت جاية عشان اشوفك…
عض شفتاه من الداخل، مغمغم:
–
واديكي
شوفتيني
خير؟؟
-ايه خير دي..انت بتكلمني كدة ليه يا أشرف….
رددتها بطفولية وهي على وشك تحرير تلك الدموع المتجمعة، لا تدري أكان مما تشعر به..أم من طريقته
الفظة
في حديثه معها…
التقطت عيناه تلك الدموع التي
حبستها
وذلك الحزن
المرتسم
على وجهها الذي انكمش بطفولية بحته…جعلته يلين رغمًا عنه..
مبررًا
لها:
-ما أنتِ اللي عصبتيني
ونرفزتيني
انا بسمع اشف دي بيركبني ميت عفريت…اسمي أشرف…
اشرررررف
…..
اغنيهالك
يا آنسة…
منحته ضحكه جميلة وهي تتذكر ذلك اليوم التي رأته به للمرة الأولى:
-فكرتني بيك في اليوم إياه اسمي أشرف…أ..ش..ر….ف..
اكفهر وجهه من جديد وهو يعود
بذاكرته
لذلك اليوم…
لاحظت ما بدى عليه من ضيق فقالت:
-أنا دراعي مش حسه بيه واتعورت وحالتي بقت حالة….وكل ده ليه عشان اشوفك…وكل ده ليه برضو عشان البيه مفكرش يديني رقمه…جرا ايه يا أشرف هو لازم انا اللي اعمل كل حاجة ولا إيه، دي مش طريقة دي!
–
وتاخدي
رقمي ليه
لمؤاخذه
؟؟
ردد سؤاله بتعجب…فأجابته:
-اكيد عشان نكلم.. اطمن مش
هعاكسك
…وبعدين احنا بقينا صحاب…يعني متفهمش غلط……يلا…
-يلا ايه؟
-هات الرقم….
اخرجت هاتفها
وأملى
عليها رقمه على مضض
منتبهًا
بتلك الاثناء على قسماتها التي تتبدل من حين لآخر دلالة على ما يعتريها…
خرج سؤاله مستفسرًا:
-أنتِ كويسة تحبي اخدك لدكتور….
لم تستطع منع ابتسامتها من اعتلاء شفتيها..رافضة اقتراحه…سعيدة
باهتمامه
:
-لا مفيش داعي..انا موقعتش من عاشر دور دي حتة شجرة..يدوب بس شوية جروح…
ودراعي
هخلي ماما تدهنه بأي مرهم…
اماء لها بتفهم…معلق ببسمة جانبية:
-ويا ترى هتقولي لـ ماما سبب الوجع ايه..وقعت من على شجرة… اصلي كنت فاكرة نفسي قرد؟؟
-لا عادي.. ماما مش
هتستغرب
….دي الشجرة دي اهون حاجة..ده انا اسم الشهرة بتاعي وعد
مصايب
….المهم هكلمك ……
قطعت جملتها ولم تسترسلها متوقفة عن الحديث…
فكادت
أن تخبره بأنها ستستفسر منه عن حياته…لكنها تراجعت…مانحة إياه بسمة أخيرة
متجهه
نحو منزلها
ممسدة
على ذراعها الذي
يؤلمها
….تاركة إياه يتابعها حتى اختفت تمامًا عن أنظاره.
ولجت المنزل باحثة عن والدتها كي تجد لها
دهانًا
مناسبًا يخفف من حدة الألم….
وبالفعل وجدتها وجاءت لها به وأثناء وضعها له على ذراعيها وتلك الجروح الطفيفة
بذراعها
الآخر…حاولت أن تعرف ماهية الأمر
فأختلقت
لها قصة….ثم أخبرتها بحاجتها إلى قسط من النوم….
______________
تتسامر
مع اختها على الهاتف تنوي تنفيذ ما أخبرت نضال به…كي لا تتأمل شقيقتها كثيرًا وتهدم العلاقة بينهما
مستقبلًا
…
-بيني وبينك يا نجلاء انا بفكر
اجوز
العيال…من ساعة ما شوفت البنات ولاد
جيرنا
وانا عيني
هتطلع
عليهم
ومستخسراهم
…بفكر اخد
للواد
أشرف البت اللي إسمها وعد..بت إيه عسلية كدة وشخصية
هتنسيه
اللي ما
تتسمى
…
سكنت مبتلعة ريقها متابعة:
-نضال بفكر
اخدله
البت اللي اسمها أبرار…عابد بقى داليدا…وخليل عروسته موجودة وانا عارفة مش
هيقول
لا عشان البت متدينة زيه ومحترمة أوي…
ارتفع حاجبي نجلاء وعلقت
بغيظ
وغل لعدم تفكيرها في أخذ ابنتها:
-طب وجابر ؟؟
-جابر بقى اللي مش عارفة ليه
حيرانة
في عروسته بفكر في البت اللي مش
بتنزلي
من زور اللي اسمها معرفش ابصر ايه وئام دي..واهي تربيه..او
يولعوا
في بعض…اصل الواد جابر ده
ميتعاشرش
ده محدش
طايقه
لا اخواته ولا أبوه..والله لولا أني امه كنت
حصلتهم
ومطقتوش
أنا كمان…..
عضت اختها على شفتيها ثم قالت
متحكمة
في أعصابها:
-وهما
هيرضوا
يدوكي
الخمس بنات مرة واحدة….
-اه عادي دي أمهات البنات
بيعشقوني
….بس انا
حيرانة
مش عارفة أخطب لمين فيهم الاول..بفكر في أشرف و وعد الأول أنتِ إيه رأيك….
ردت عليها بشيء من الضيق:
-أنا مليش رأي الرأي رأيك يا دلال…وبعدين أنتِ
اساسًا
مقررة…
شعرت دلال بضيق اختها فحاولت أن تمرح معها مردفة بما زاد من غضب الأخرى:
-اومال البت اسماء حبيبة قلبي فين…اوعي تكون زعلانة من اللي جابر عمله معاها اخر مرة..ده
بيحبها
وبيعتبرها
أخته بضبط…اه والله..اساسا ولادي كلهم
بيعتبروا
اسماء
اختهم
.
ودايما
يقولولي
اسماء اختنا اللي أنتِ
مخلفتيهاش
ياما….
______________
ينتظر “مروان” داخل سيارة قام
باستئجارها
واقفًا بعيدًا بها عن بوابة الجامعة..عيناه لا تنزاح من أعلاها..ينتظر خروجها…لا ينوي أبعادها عن انظاره من بعد الآن….مقررًا مراقبتها حتى ترجع السكينة قلبه…..
رفع يده ونظر بساعة معصمه سريعًا منتظرًا خروجها فمن المفترض أن وقت
محاضراتها
قد انتهى….فقد جاء بالجدول الخاص بها….كي يدرك موعد خروجها……
لحظات مضت حتى رأى السيارة التي تعود إليهم تخرج…حاول إخفاء وجهه قليلًا عدا عيناه كي لا يراه السائق أو تراه أحدهم..
وتتعرف
عليه…
والمريب
بالأمر وما أثار
ذعره
هو غياب وئام التي لا تستخدم سيارتها اليوم ومن المفترض أنها تذهب وتعود
رفقتهم
……إذن أين هي؟؟..ولماذا لا ترافقهم؟….وتتواجد معهم..!!!!!
ظل منتظرًا متابعًا البوابة محاولًا التفكير بشكل سليم….لا يرغب
بظُلمها
…..
ربما رغبت بالتواجد مع اصدقائها قليلًا…
اخرج هاتفه وجاء برقم “ثراء”
مهاتفًا
إياها..
أجابت بعد لحظات فقال على الفور
متلهفًا
لاستماع الجواب:
–
أنتوا
فين يا ثراء ؟؟
خلصتوا
محاضرات ولا لسة؟
-ايوة يا بابي خلصنا وانا و أبرار وفجر في الطريق اهو و وئام قعدت شوية مع
صحابها
..وبالنسبة بقى لـ تاليا
وسديم
والعيال النونو دي لسة
مخلصوش
…
وفجأة
ثلجت
أطرافه…
وتصنم
مكانه
كالتمثال
…وهو يراها تغادر من البوابة وتخطي عدة خطوات واقفة مكانها تنتظر أحدهم وهي تنظر بهاتفها…..
تلاها وصول شاب بدراجة نارية…واقفًا أمامها…
خالعًا
خوذته
مبتسمًا لها
متحدثًا
ببعض الكلمات وعلى ما يبدو أن ابنته حزينة منه لسبب ما…وهو يحاول إصلاح ما
افسده
معها بتركه لـ عابد يفعل ما يشاء
وياخذها
من أمامه….
ازداد
تصنمه
….
وصدمته
…وهو يراها تبتسم له وتأخذ منه الخوذة الأخرى
واستقلت
خلفه..
رغب
بالترجل
من السيارة كي يأتي بها..لكنه لم يستطع فقد
راخت
اعصابه من خوفه
وصدمته
بها….
شعر
بوجزه
بقلبه وهو يراهم يغادرون بعد أن ضمت خصره
وانطلقا
في طريقهم…
حرك يداه بصعوبة…وكل ما سيطر عليه بتلك اللحظة هو أن عليه ملاحقة ابنته فلا يدري إلى اين يذهبون!!!!!!!!
تحرك خلفهم وحاول ألا تبتعد عن أنظاره……ومن سوء حظها أن فادي لم يكن يمكث بعيدًا….
وقف فادي أسفل البناية
وترجل
عن الدراجة
خالعًا
خوذته
…فـ فعلت هي الاخرى المثل….
وجال
بصرها على تلك البناية السكنية من أمامها…
عقدت حاجبيها مردفة بتعجب:
-بيت مين ده يا فادي؟؟
رد عليها ببسمة ماكرة:
-بيتي…يلا انزلي
هنطلع
افرجكك
عليه ونشرب حاجة مع بعض على
رواقة
وبعدين ننزل……
ترددت
وطالعت
البناية ببعض القلق، ثم هتفت رافضة:
-لا خلينا نروح أي مكان تاني…وبعدين من امتى وأنا بقعد معاك في شقتك؟ وكمان لوحدينا!! انت
اتجننت
..
شعر
بالسخط
من رفضها مردد:
-وايه المشكلة لما نقعد لوحدينا..متخافيش مش
هأكلك
…
-لا…مش عايزة خلينا نروح اي مكان تاني….
قهقه
عاليًا، مغمغم بهزل:
-بقى مش عايزة
ورافضة
تطلعي معايا الشقة وموافقة تكلميني و تروحي
وتيجي
معايا..أصلها فرقت مش كدة، ده ايه التناقض ده !
حضر مروان بتلك اللحظة وجاء صوته من خلفها تمامًا معلق على حديث الشاب بمرارة:
-معلش اصلي معرفتش أربي….
التفتت على الفور لوالدها
وترجلت
من أعلى الدراجة بخوف شديد…..شاعرة بأن قلبها لم يعد في محله وقد هوى بين قدميها
ارتعابًا
لما هو قادم…..
–
بـابـا
…أنا
خرج صوتها
ضعيفًا
مهزوزًا
محاولة تبرير تواجدها مع شاب غريب أسفل بناية سكنية…
لم يمنحها مروان فرصتها…واقترب منها
قابضًا
على
معصمها
بقوة
آلمتها
…وقبل أن يغادر وقف قبالة فادي
محكمًا
قبضة يده الأخرى على ملابسه ثم نظر بتمعن بعيناه
مهددًا
إياه بصوت لا ينذر إلا بالشر والخطر:
-لو
مبعدتش
عنها هزعل اهلك عليك….
ومتخافش
مش هاجي جمبك ولا همد ايدي…عشان العيب مش عليك..العيب والغلط عندي انا….
انتهى مفارقًا مكانه يسحبها خلفه بقوة لا يبالي
ببكائها
ودموعها التي تسابقت على وجهها
جابرًا
إياها على الجلوس بالسيارة…..
جلس
بمقعده
وتحرك بالسيارة
ملتزمًا
الصمت…..لكنها اصرت على البكاء والتوضيح له
بنبرتها
المتألمة
الباكية
:
-بابي…أنا والله ما طلعت معاه الشقة….انا مردتش اكيد حضرتك
سمعتني
مش كدة…..
لم يجيب عليها وظل ينظر أمامه وتلك
الوجزة
بقلبه تزداد
رويدًا
رويدًا
……
_____________
يقف “خالد” بالمطبخ يعد
طعامًا
صحيًا
من أجل ابنه…هاتفه على أذنيه محاولًا الوصول إليها دون جدوى
فهاتفها
مغلقًا
..ولا يستطع أن يصل إليها….لكنه لن يندهش أو يتعجب مخمنًا انشغالها بعملها الذي كان ولايزال يحظى على اهتمامها و وقتها بأكمله….فكان من المفترض أن تقضي ذلك الأسبوع رفقة وسام…لكنها لن تتغير يومًا وجاءت به قبل نهاية الأسبوع وتركته له مع
غريبًا
…..
اخفض الهاتف عن اذنيه والتقط ملعقة خشبية
مقلبًا
الطعام
ذاهبًا
بذهنه
لـ يوم مر عليه أكثر من تسع أشهر….
عاد من عمله في تمام الخامسة
مساءًا
والجًا
منزله تاركًا حقيبته التي تحوي على بعض الأوراق الخاصة بعمله….
تقدم عدة خطوات من الصالون فوجد صغيره يجلس على الأرضية ويتابع التلفاز
ويليح
على وجهه التعب الشديد….مع
ارتجاف
جسده
وشفتاه
وكأنه يشعر بالبرودة…
هلع قلبه…واقترب من ابنه
ممسدًا
على وجهه مستفسرًا منه:
-مالك يا حبيبي… أنت
تـ
ابتلع باقي حديثه شاعرًا بتلك الحرارة التي تنبثق من وجهه…فنهض على الفور
مناديًا
على زوجته باحثًا عنها في غرفتهم..
-نيفين…نيفين……
قطب حاجبيه عندما لم يجدها….فتحرك نحو المرحاض فـ أيضًا لم يجدها…
نادى على العاملة فلم تجيب…..
اتجه صوب المطبخ فوجدها تجلس واضعة سماعة الأذن تتابع إحدى المسلسلات على هاتفها…..
انتفضت ما أن رأته أمامها
وابتلعت
ريقها مبتسمة له بتوتر وارتباك جلي….وكادت ترحب به لولا صراخه بوجهها:
-أنتِ قاعدة هنا والولد برة تعبان؟؟؟ فين نيفين….
ردت بخوف
متصنعة
الصدمة:
-ليه بس ده كان كويس والله…
صرخ عليها من جديد مستفسرًا عن زوجته:
-بقولك فين نيفين…
-سافرت..جت من الشغل وحضرت
شنطتها
وسافرت وقالتلي ابلغ
جنابك
لما تيجي انها اتصلت عليك وان تليفونك مقفول….
اشتعل وجهه بالغضب واسرع للخارج
مجلبًا
مقياس الحرارة..واضعًا إياه أمام جبين ابنه فظهرت له أن حرارته تتخطى التاسعة والثلاثون….
تفاقم
رعبه
وحمل ابنه سريعًا وخرج به واضعًا إياه بسيارته كي يأخذه للطبيب….
بعد مضي ساعة تقريبًا..
كان الطبيب يطمئنه بعد أن أعطى الصغير
دواءًا
يساعد على خفض حرارته كذلك كتبه له واخبره أن عليه
تجرعه
مرة أخرى…مع عمل بعض الكمادات الباردة كي تساعد أكثر على خفض الحرارة……
وبالصباح
سيكن
بصحة أفضل…
عاد للمنزل من جديد واضعًا ابنه على فراشه
مدثرًا
إياه بالغطاء ثم تحرك للمطبخ فوجد العاملة لا تزال موجودة فتحدث ببعض العصبية:
-أنتِ بتعملي ايه هنا ؟؟
ابتسمت بتوتر موضحة له:
-هكون بعمل ايه يا بيه..ما حضرتك عارف أني مش بروح غير في اخر الاسبوع…
-لا معلش مبقاش ينفع تكملي…انا ابني كان تعبان وأنتِ ولا
دريانة
….
-معلش يعني يا خالد بيه..انا مكنتش اعرف انه تعبان….وان شاء الله هبقى اخد بالي منه بعد كدة…
تنهد معلقًا وهو يتحرك باحثًا عن صحن عميق:
-مفيش بعد كدة…كلامي مش
بكرره
….
التوى
جانب فمها
ورمقته
بضيق مرددة بصوت خافت وهي تتحرك للخارج كي تلملم أغراضها:
-يعني إذا كان أمه ذات نفسها سابته وسافرت…. أنا هقعد
جمبه
اعمل ايه..وبعدين بشم على ظهر أيدي انا…هعرف منين أنه تعبان…
تناهى إليه كلماتها….فـ تسمر مكانه
مستشعرًا
بمرارة ليس لها مثيل….فقد أصابه حديثها بمقتل…ومعها كامل الحق…
فوالدته
التي
انجبته
تركته معها وسافرت…..
عاد يتابع ما يفعله ثم جلس جوار ابنه
مهتمًا
به طوال الليل….
وعندما حل الصباح كان يغط بجانبه في نوم عميق…ولم
يقظه
سوى شعوره بحركه من حوله…
فتح جفونه فوجد صغيره نهض عن الفراش ويضع عليه الغطاء….
ابتسم له خالد ونهض على الفور متسائلًا بلهفة
متحسسًا
جبينه:
-أنت كويس يا حبيبي…عامل ايه دلوقتي….
طمأنه
الصغير بأنه في أفضل حال…
فألتقط
مقياس الحرارة متفحصًا حرارته فوجدها قد عادت لطبيعتها….
قبل أعلى جبينه وحمد ربه
ضاممًا
إياه
لاحضانه
……
وبعد ثلاثة أيام..
جاءت “نيفين” من سفرها والقلق والغضب يتمكنون منها فلم يجيبها خلال الثلاث أيام…
تركت حقيبة السفر بعدما وقع بصرها عليه يجلس على الأريكة ويتابع التلفاز بتركيز شديد حتى أنه لم ينتبه
لعودتها
….
او هكذا ظنت….فقد يوحي إليها المشهد بأنه منشغل
بالتلفاز
ولكن بالحقيقة هو
منشغلًا
بقراره الذي توصل إليه…
أطفأت الشاشة و وقفت أمامه مرددة بعصبية مفرطة:
-في ايه يا خالد من ساعة ما سافرت وانا بحاول اكلمك وانت
مبتردش
..
قلقتني
..حتى وسام م
قاطعها بحدة وقسوة دون أن ينظر إليها:
–
خدتي
من مين الاذن عشان تسافري يا هانم….
انزوى ما بين حاجبيها معقبة:
-ايه خدته من مين دي؟؟؟ هو أنا مسافرة
اتفسح
ده شغل…وبعدين اتصلت عليك وانت اللي مردتش وكان لازم أحضر..ده شغلي وتعبت فيه وميعاد العرض اتقدم……
-وسام تعب في الليلة اللي
سافرتي
فيها وحرارته كانت عالية
والشغالة
كانت
سيباه
وقاعدة في المطبخ تتفرج على مسلسل….
كادت تهرول نحو غرفة صغيرها لولا إحكام كفه على
معصمها
مردد:
-نيفين النظام ده كدة مش هينفع…
-نظام ايه؟؟؟
-يعني شغلك
مخليكي
مأثرة
في حق ابنك…
مظنش
اني
منعتك
قبل كدة عن شغلك ولا فكرت حتى اني
أخليكي
تسبيه
…بس لما شغلك يخليكي تسافري من غير ما تقوليلي كاني كرسي…ويخليكي تسيبي ابنك مع الشغالة يبقى كدة لازم
تسبيه
….
صُدمت
بالبداية واكتفت بتسليط بصرها عليه….
تخطت تلك الحالة قائلة:
-أنت بتقول إيه أنا مستحيل
اسيب
شغلي يا خالد…شغلي هو حياتي وكياني….
زمجر
بها بشراسة مردفًا:
-لا يا نيفين….ابنك اهم من شغلك…ومن غير ما أنا اقولك المفروض لما تلاقي أن شغلك أثر على ابنك
تسبيه
وتهتمي
بابنك
…ابنك
بيشوفك
كام ساعة في اليوم تقدري تقوليلي؟؟؟
-قولي انت
بيشوفك
كام ساعة؟؟؟
–
متقارنيش
نفسك بيا….ودلوقتي
هتقرري
يا احنا يا شغلك….
وبدون تفكير أجابت
بغيظ
:
-شغلي يا خالد..
هختار
شغلي….انا
مدرستش
السنين دي كلها عشان اقعد في الاخر
واسيب
شغلي
واضيع
كل اللي أنا عملته….ولو مش موافق
اخبط
رأسك في الحيط أو اقولك طلقني احسن….
اماء لها وظهر عليه
الخزى
من إجابتها ولم ينطق سوى ببضعة كلمات
صعقتها
:
-يبقى أنتِ طالق…
فاق من تلك الذكريات على صوت ابنه مردفًا:
-بابي..هي مامي فين….
انحنى لمستواه واخبره بأنها منشغلة قليلًا ثم قام بحمله ومرح معه قليلًا حتى ينضج الطعام..
خافيًا
ما يشعر به عن ابنه
راسمًا
قناع من السعادة على وجهه….
______________
دخل
رفقتها
إلى غرفتها موصدًا الباب خلفه..وعلى الفور هوى
بصفعات
متتالية على وجهها
دافعًا
إياها أعلى الفراش…
جالسًا
أمامها على ركبتيه
متحدثًا
بقوة وتوعد وهو يقبض على فكها:
-رجلك لو خطت برة البيت ده…او بس فكرتي مجرد تفكير انك
تقابلي
الزبالة ده تاني يا بنت الكلب
هوريكي
وش عمرك ما تحبي تشوفيه ولا تتمنى اصلا انك تشوفيه…انا بنتي مش شمال..ولا
ربيتك
على كدة….
ضحك
بأستهزاء
على
كلمتة
الأخيرة “تربية” مردد بتهكم لا يبالي بدموعها والذي يراها مزيفة:
-تربية ايه بقى..ده انا طلعت اب فاشل..معرفتش أربي…لما بنتي
تقرطسني
وتخرج في
انصاص
الليالي وتدخل كباريهات
وتشتغلني
وتكدب
وعينها في عيني تبقى شمال..لما تبقى بتكلم واحد
وبتقابله
من ورايا برضو تبقى شمال…وانا بقى هعرف
اخليكي
ازاي
تحودي
يمين…
بللت شفتيها مبتلعة
غصتها
هاتفه بحروف خرجت مبعثرة حزينة على ما وصلت إليه:
-بابا أنا و
قبض على خصلاتها وهو يهزها بقوة شاعرًا بحاجته
لقتلها
كي يتخلص منها ومما فعلته به:
–
متكمليش
ومتكدبيش
عشان أنا بطلت
اصدقك
..
وبطلت
اثق…البيت ده مش
هتخرجي
منه غير على بيت جوزك..اللي أنا
هختاره
…ويا ويلك..يا ويلك يا وئام لو فكرتي بس مجرد تفكير تخرجي تاني…….
دفعها تاركًا إياها واقفًا
قبالتها
وصدره يعلو ويهبط بقوة..متمتم بقسوة
وجمود
:
-فين موبايلك؟
أشارت نحو الحقيبة فأسرع نحوها مخرجًا إياه ثم وضعه بجيب بنطاله….ولم يكتفي بذلك بل
أنتشل
مفاتيح سيارتها… وكذلك الحاسب المحمول….مفارقًا الغرفة تاركًا إياها مع
ندمها
وبكائها
مما فعلته في حقه….
_____________
استيقظ جابر للتو…فقام بتبديل ملابسه ثم خرج من الغرفة يبحث عن عابد الذي تلاعب به أمس..وجعله
كاذبًا
في نظر ذلك الرجل الفظ المدعو “مروان”.
فتح باب الغرفة يبحث عنه فلم يجده…تلوى بداخله من الغيظ واغلق الباب بعنف وهبط
للأسفل
مستفسرًا من والدته عن مكانه…
ضربت دلال على صدرها ما أن رأته ورأت تلك
الكدمة
جانب عيناه:
-مين اللي
زرقلك
وشك كدة يا واد؟؟
وضع يده على عيناه متذكرًا لكمة مروان التي هوت على وجهه متمتم:
-سيبك بس من اللي في وشي ده
وقوليلي
عابد ابنك فين…
لوت دلال شفتيها تارة يمينًا وتارة
يسارًا
وهي
تجيبه
بتهكم:
-ملقتش غيري انا تسألني..هو أنا أعرف حاجة عنكم…
علق بنفاذ صبر:
-ايوة مفهمتش برضو يعني هو هنا ولا خرج…
-لا خرج هو ونضال الصبح..ونضال رجع وهو لسة
ومتسألنيش
راح فين عشان معرفش و وسع كدة…
غادرت مكانها تاركة إياه يتوعد لـ عابد متمتم بخفوت وهو
يومأ
برأسه:
-هتروح مني فين يعني..
طوق “نضال” عنقه وهو
يجاوره
بوقفته هامسًا له بصوت
تقافز
منه الشر:
-صح هتروح مني فين يعني..ده البيت اوضة وصالة….
رسم جابر بسمة
صفراءعلى
وجهه وقال:
-كداب في أصل وشك..ده بيتنا الاولاني
الكحيان
مكنش اوضة وصالة….وبعدين انت
حاضني
كدة ليه للدرجة دي وحشتك…
-وحشتك
عقربة
انا لو عليا مش عايز اشوف وشك تاني….اساسا مش
طايقك
..مش عارف كسبت ايه لما ضحكت عليها
واشتغلتها
وجرحتها
…
قالها وهو يبتعد عنه واقفًا أمامه
وجهًا
لوجه..ربت جابر على صدره كرد فعل ساخره من الاخر مجيب:
-صلي على النبي بس كدة…
واهدا
ومتقولش
جرحتها
انا
موعدتهاش
بحاجة…والغلط راكبها من
ساسها
لرأسها
…وبعدين أنا كنت
بتسلى
..اكيد مفيش واحد
هيحب
ويتقدم
ويتجوز
واحدة كلمته من ورا أهلها..ومن غير ما تعرفه…
رفض ما يتفوه به…متسائلًا بصدمة طفيفة:
-أنت ازاي مش شايف نفسك غلطان؟؟ يعني تكلم البنت وتقولها كام كلمة حلوين
وتعلقها
بيك وتلعب بمشاعرها؟ وكل ده ومش شايف نفسك غلطان..وكمان
بتبعتلها
صوري على أساس أنه أنت..ولما زهقت سبتها؟؟ كل ده ومش غلطان…انت
بجح
اوي يالا وكل يوم بتزيد
بجاحة
واستفزاز..
-ها وايه كمان؟؟؟
قالها جابر بطريقة اثارت استفزاز الآخر….لكنه تمالك ذاته وهتف مبتسمًا:
-عشان تبقى عارف اللي بتعمله ده
هيقعدلك
…واللي بتعمله في البنات ده غيرك دلوقتي بيعمله مع اللي هتبقى مراتك….اصل انت
متلعبش
بـ بنات الناس وتبقى في الاخر عايز تاخد واحدة عفيفة..فوق يا جابر….الطيور على اشكالها تقع..
لم يهتم بحديثه وقال
مستمرًا
في
استفزازه
:
-خلاص خلصت؟ احب اقولك اني لا
هحب
ولا هتجوز..انا مبحبش وجع الدماغ
والنكد
…انا هعيش لنفسي وبس…
_____________
يجلس أمام “فاتن” على إحدى الطاولات المتواجدة بمقهى راقي
اصطحبها
إليه…
حيث أن ابتسامتها لم تفارق شفتيها منذ أن رأته…وقص عليها ذلك التبدل الذي حدث مع عائلته بين ليلة وضحاها….كما انه قص عليها إيجاده لصالون تجميل مناسب قبل رؤيته لها بساعة واحدة فقط….
وكم سعدت من أجله….وشعرت بأن فرصتها بالحصول عليه والظفر بعشقه قد باتت ممكنة…فقد تمكن منها اليأس والأسى بعد أن غادر صالون التجميل العائد
لعلياء
ولم يعد إليه مرة اخرى…..
تحدثت بنبرة سعيدة من أجله مانحة إياه بسمة جذابة:
-الف مبروك يا عابد بجد
انبسطلك
أوي..وان شاء الله الصالون ده يبقى أشهر صالون في مصر..انت تستاهل…
بادلها
بسمتها مغمغم:
-تسلمي يارب…
أخذت نفسًا عميقًا وهي تتأمل قسماته بحب واضح قائلة:
-تعرف انك من ساعة ما سبت الشغل وانا حسة اني مش
طايقة
المكان وانت مش فيه…انت وحشتني اوي يا عابد….
تنحنح
بجلسته
وحاول تغيير مجرى الحديث:
-طيب وبما أن وشك حلو عليا و عرفت اخد الصالون تحبي نروح فين؟؟ اي حتة أنتِ
عايزاها
هاخدك
عليها..؟؟؟
أدركت هروبه من حديثها وما اوشكت على فعله من حماقه فقامت
بمجاراته
مبتسمة من جديد، متمتمة بحماس:
-يعني اي مكان هقولك عليه
هتوديهوني
…
-جربي وأنتِ تشوفي…
اتسعت بسمتها وقالت بحماس:
-أنا عايزة اتعرف على مامتك..واهلك…..وكمان عايزة اشوف بيتكم الجديد.
كادت بسمته أن تتبخر صدمة من طلبها فلحق ذاته
مستجيبًا
لها:
-هو ده المكان اللي عايزة
تروحيه
..ده صعب خالص…
ضحك مع نطقه الأخيرة مشيرًا نحو النادل كي يأتي بالحساب….
جاء النادل له بالحساب…فترك النقود أعلى الطاولة ثم غادر
رفقتها
قاصدًا
قصرهم
الجديد……….
يتبع..
فاطمة محمد.
فصل بكرة هيبقى فيه
مفاجأت
واحداث جامدة استنوه ومتنسوش
الفوت
وكومنت
بتوقعاتكم
😘💫
الفصل التالي: اضغط هنا
يتبع.. (رواية كارثة الحي الشعبي) اضغط على اسم الرواية لتجد الفهرس كاملاً بجميع الفصول.