رواية كارثة الحي الشعبي الفصل الخامس والعشرون 25 – بقلم فاطمة محمد

رواية كارثة الحي الشعبي – الفصل الخامس والعشرون

الفصل الخامس والعشرون

الفصل الخامس والعشرون

أنظر جيدًا.

كارثة الحي الشعبي.

فاطمة محمد.

الفصل الخامس والعشرون:

-أنتوا هُبل، هو انتوا لحقتوا يخربيتكم !!!!

نطقت “أبرار” كلماتها وهي تسير رفقة داليدا بالحديقة وقد استغلت تواجدهم بمفردهم وقصت عليها ما حدث بينها وبين نضال أمس..

أجابت “داليدا” وهي تعقد ساعديها بتذمر:

-والله لحقنا بقى ولا ملحقناش هو مكنش ينفع يكلم معايا كدة…واقولك على حاجة هو اللي اهبل وستين اهبل..اصلا ازاي يسمح لنفسه يسألني عن أخوه؟؟

ردت نافية مدافعة عنه:

-بس أنا مش شيفاه أهبل..وبصراحة بقى أنا احترمته اكتر…يعني غير أنه اتقدملك رغم أنه عارف اللي حصل..هو مكنش ينفع يسكت..انا مع أن الواحد يقول اللي جواه وميحبسهوش…

ظهر الامتعاض على وجهها تستنكر دفاعها المستميت عنه والذي لم ينتهي عند هذا الحد بل تابعت دفاعها مبررة له:

-أنا شايفة أنك تعدي الموضوع…بس في نفس الوقت تأخدي حذرك بعد كدة… وحاولي أنك تتجاهلي وجود اخوه مدام ده بيضايقه…

-لا يا شيخة وافرضي عديته و بعد كدة الموضوع كبر في دماغه اكتر واكتر وشكه زاد؟؟؟ قوليلي اعمل ايه ساعتها ؟

ردت بزفير بطيء:

-هو مش مجنون يا داليدا..وانا معاكي أن الشيطان شاطر وممكن يلعب في دماغه..بس ده ممكن ميحصلش في حالة واحدة..وهي أنه يحس انك بتحبيه هو…هو لحد دلوقتي ميعرفش….

ارتبكت ولاح عليها التوتر محاولة نفي ما تقوله:

-وأنتِ مين قالك أني بحبه..انا مبحبش حد..

-يا بت قولي كلام غير ده.. وبعدين أنتِ ممكن تضحكي عليه أو على اي حد الا انا عشان أنا اكتر واحدة فهماكي..وعارفة انك بتحبيه..

تشنجت مردفة بعصبية مفرطة:

-يووووه قولتلك مش بحبه..مش بحبه…

-اومال بتحبي جابر؟؟

-لا طبعا وانا هحب الزفت ده ليه..

-يبقى بتكرهي نضال؟

-لا طبعا بحبه…

ضحكت أبرار عاليًا بعدما أوقعتها في ذلك الفخ وجعلتها تعترف بحبها له…

أدركت ما نطق به لسانها وما فعلته ابرار للإيقاع بها مستغلة تلك العصبية وذلك التشنج…

لانت ملامحها بضيق فأشارت لها ابرار محاولة اشغال عقلها بشيء آخر وتغيير مجرى الحديث:

-تعالى نفك الكلب ونمشيه شوية في الجنينة يلا..

_______________

ولج الصغير من بوابة عائلة “الحلواني” بعدما سمح له الحارث بذلك..

تقدم عدة خطوات ثم بدأ التفاته من حوله..مبتلعًا ريقه ببطء…رافعًا يديه الصغيرة مهندمًا وضعيه نظارته…

وفجأة برقت عيناه هلع وخوف من نباح ذلك الكلب والذي يتضح من صوته اقترابه منه..

تسارعت دقاته وكاد يرحل لولا رؤيته لاثنين من الفتيات يرافقان الكلب…

وقعت عين أبرار عليه وتعرفت عليه على الفور…دنت منه تاركة داليدا خلفها…

جثت على ركبتيها مزينة وجهها ببسمة محبة:

-عامل إيه يا حلو أنت..

بلل شفتاه وعقب بتلعثم مختلسًا النظرات نحو الكلب:

-الحمدلله…هي..ثـ ثراء موجودة؟

قطبت حاجبيها ودهشت من سؤاله عنها..حتى انها تبادلت النظرات مع داليدا..

ردت على الصغير وهي تعتدل بوقفتها كي تأخذه معها للداخل:

-موجودة تعالى معايا..

انتهت موجهه حديثها لـ داليدا:

-داليدا اربطي الكلب وحصلينا…

_______________

فتحت لهم صديقتهم مرحبة بهم..متحركة معهم نحو الصالون…

جلسوا الثلاث وانتبهت إلى نقاب “فجر” التي لم ترفعه عن وجهها..قائلة بمرح:

-ما ترفعي يا بنتي النقاب.. مفيش غيرنا في البيت…

جالت عين الاخيرة بمزاح انعكس على نبرتها على استعداد لرفع نقابها:

-متأكدة..ولا

قاطعتها تؤكد لها:

-يا بنتي عيب عليكي…قولولي تشربوا ايه؟؟

ردت وعد راغبة في مشروبها المفضل:

-انا بيبسي…

-وأنا قهوة..

ابتسمت لهم وغابت ثوانِ كي تأتي بهم…

في ذات الوقت..

تعالى رنين هاتف وعد.. أخرجته مطالعة هوية المتصل فوجدته هو…

كبحت بسمتها أمام فجر كي لا تفضح لهفتها للحديث معه..وردت بنبرة تعمدت خشونتها و صرامتها حتى باتت تشبه صوت الذكور:

-ألو..

علق بكلمات كثيرة الغرض منها مشاكستها ليس ألا مقلدًا طريقتها بالحديث معه:

-وبعدين بقى في برعي اللي أنا هتجوزها دي….بقولك ايه ما تبلعيني أحسن…ايه اللي الووو… اقولك رجعي عليا أحسن..

تجعد وجهها اشمئزازًا منتبهه لمتابعة فجر لمحادثتهم…مردفة ببرود:

-استغفر الله العظيم يارب على جر الشكل ده…وبعدين إيه برعي دي؟؟ ده رعد ارحم.

-ماشي يا رعد..

نفخت مطولًا ثم أضافت راغبة في استماع إجابته كي ترى مدى تمسكه بها:

-بقولك ايه احنا لسه على البر وانا بصراحة مرضلكش انك تجوز واحدة بتقولها رعد…اقولك شوفلك واحدة كدة تبقى أنوثتها م

قاطعها رافضًا اقتراحها:

-لا متشكرين على العرض.. انا مش عايز غيرك يا آنسة….

تسمرت مكانها صدمة..سعادة..لم يرف لها جفن حتى أن فجر بارحت مكانها واقتربت منها محركة يدها أمام وجهها هامسة لها:

-مالك يا بت بلمتي كدة ليه؟؟؟؟وعد..وعد…

ظهر شاب وسيمًا أمامهم بتلك اللحظة، مبتسمًا لهم بخفوت متسائلًا عن هويتهم، كما أن صوته الرجولي العذب قد وصل إلى مسامع أشرف:

-السلام عليكم..انتوا مين؟؟

حضرت شقيقته من خلفه حاملة بين يدها مشروباتهم معرفة إياه:

-دول وعد وفجر صحابي يا أنس..

ضاقت عين أشرف بكثير من السخط والنقم، مخرجًا كلمة بذيئة أوضحت غضبه لانصاته لصوت رجل آخر، مردفًا بلهجة قاسية صارمة:

-مـــيــــن ده؟؟؟؟؟؟؟؟!! أنتِ فين يا هانم؟؟

ردت عليه بخفوت قبل أن تغلق معه أو بوجهه إذا صح القول:

-انا مع فجر في بيت واحدة صاحبتنا..يلا هقفل دلوقتي سلام..

لم تسمع إجابته واسرعت بالاغلاق مما جعله يثور وتظلم عيناه…

اتسعت عين فجر وتذكرت أمر نقابها المرفوع الكاشف عن وجهها..فقامت بأسقاطه على الفور مبتلعة ريقها…مُبعدة مقلتيها عنه مطرقة رأسها للأسفل بخجل وحياء واضح…

رحب الشاب بهم باحترام وبسمة لم تغيب عن وجهه ماسحًا على ذقنه متوسطة الطول..متجنبًا النظر لهم بطريقة مباشرة أو مبادلة السلام بالأيدي:

-اهلا بيكم…خدوا راحتكم البيت بيتكم انا طالع اوضتي ومش هزعجكم عن إذنكم…

ردت وعد بمرح:

-اذنك معاك يا اخويا…

وقبل أن يغيب تمامًا التفت سارقًا نظرة سريعة نحو “فجر” التي لزمت الصمت بحضوره….

أما عن أشرف فحاول الوصول إلى وعد من جديد كي يعنفها ويخرج ذلك الغضب الذي سكنه..ويخبرها بضرورة عودتها إلى منزلها وعدم الخروج مرة أخرى دون أذنه..لكنها لم تجيب عليه وتجاهلت اتصالاته منهمكة بالحديث مع صديقتها وفجر…

_______________

دقائق مرت هبطت خلالهم “ثراء” رامقة وسام بنظرات مستفهمة؟؟؟

-مين ده؟

ردت ابرار عليها:

-ده وسام ابن خالد المحامي اللي شغال مع عيلة عمو سلطان..بس عسل خالص وكان بيسأل عليكي..

هزت رأسها بتفهم تزامنًا مع سؤاله المطروح عليها:

-حضرتك ثراء؟

منحته بسمة وهي تجاوره في جلسته مؤكدة له هويتها:

-أيوة انا ثراء، أنت تعرفني منين؟؟

مال عليها يهمس لها كي لا تصل كلماته لكلا من ابرار وداليدا:

-اونكل جابر بعتني لحضرتك وقالي اقولك أنه آسف وبعتلك معايا شوكلت..

تجمدت ملامحها وهي تنصت لإسمه متابعة حركة الصغير ومحاولته لإخراج شيء من جيب بنطاله..

تنهد بسعادة مخرجًا لها قطعة صغيرة مغلفة من الشوكولاتة..

لم ترغب في حرجه واخذتها منه ببسمة لم تصل لعيناها غافلة عن أعين ابرار وداليدا عنها واللتان تسللتهم الشكوك والريبة…

تناهى إليهم صوت دقات على الباب..فـ نهضت ثراء كي تفتح هاربة من تلك الجلسة…بينما عقبت أبرار مضيقة عيناها مازحة معه:

-وانا مليش شوكلت ؟

مط شفتاه بأسف معتذرًا منها بأسلوب خطف قلبها:

-مش معايا غير واحدة والله..بس متزعليش ليكو عندي شوكلت..

لم يصدر أي رد فعل من داليدا فقط كانت هادئة…تفكر فيما عليها فعله لإبعاد جابر عن ثراء..فقد باتت الظروف تضعها في مواقف لا تحسد عليها..

فتحت ثراء الباب وسرعان ما ثارت أعصابها فاشلة في كبحها بعد أن وجدته يقف أمامها كأنه لم يفعل شيء…

-أنت بتعمل ايه هنا؟؟؟؟؟؟

نظر بعمق في عينيها قبل أن يمنحها جواب على سؤالها…

بادلته تلك النظرة حتى أنها قد فشلت في استخلاص معاني تلك النظرة، ولم تدري ما الذي يريده منها ؟؟!!!!!!

-أنا آسف…عارف أن اللي عملته ده جنون..وتخلف مني..بس ملقتش طريقة تانية تقربني منك غير كدة…انا معجب بيكِ يا ثراء من اول مرة شوفتك فيها وأنتِ مبتغبيش من دماغي…والله اعلم يمكن اكون بحبك…

حدقته بنظرات ساحقة متمنية صفعه على وجهه، معقبة على كلماته:

-ده مش مبرر للي انت عملته وحطتني فيه…انت نزلت اوي من نظري بعد الحركة دي…ومبقتش طايقة اشوفك واسفك ده مش مقبول…. وحكاية معجب بيكي وبحبك دي شيلها من دماغك..

انتهت منتشلة يده واضعة بها قطعة الشوكولاتة…

تابع ما فعلته وكاد يتحدث كي ينتهي هذا، لكنها لم تعطيه فرصته واغلقت في وجهه بقسوة لم تبدي عليها من قبل…فـ على ما يبدو بأنه جبرها على تلك المعاملة التي لا تتناسب مع شخصيتها….او سلوكها بتاتًا…

حك مؤخرة رأسه بندم شديد، مردد بهمس حاسم قبل أن يغادر تاركًا وسام رفقتهم:

-برضو مش هسيبك..

______________

استقل “عابد” سيارته بعد أن استلمها من ورشة التصليح…

وقبل أن يتحرك بها اتصل عليها كي يستمع لصوتها الذي يجعل قلبه يرفرف وينسيه كل شيء..

ردت عليه بخنوع ورقة:

-صباح الخير..

نظر في ساعة معصمه معقب بمرح وحب:

-معأننا بعد الظهر بس مش مشكلة صباح الجمال..صاحية من امتى؟

-من بدري ونزلت الجامعة وحضرت المحاضرات كمان…

انزعج قليلًا وانعكس هذا على نبرته متمتم:

-مقولتيش ليه طيب كنت وصلتك الصبح..انا كمان صاحي من بدري..

هزت كتفيها بعدم معرفة، مردفة بصدق:

-ما انا معرفش أنك صاحي…

سكنت قليلًا ثم قالت مقترحة عليه:

-بس مش مشكلة انا فاضلي محاضرة واحدة بس بصراحة مش قادرة…تحب تيجي تاخدني؟

نال ذلك العرض استحسانه وبدون تفكير كان يخبرها بموافقته…

_______________

يقبع بالمقعد الخلفي لإحدى سيارات الأجرة عائدًا لمنزله كي ينتظرها ويترقب عودتها متوعدًا لها بالكثير والكثير…

فحتى الآن صوت ذلك الرجل لا يفارق ذهنه…وشيء ما بداخله ينهشه ويخنقه….

وضع هاتفه على أذنيه يحاول مجددًا رغم يأسه من إجابتها….

وعلى غير المتوقع ردت تلك المرة بعد أن فارقت الجلسة و ولجت إحدى الغرف…مرددة بتشنج زائف:

-إيه في إيه !!!!!!!!!

تحولت تعابيره لأخرى مخيفة فـ بالله لو كان أمامها ورأتها لـ لزمت الصمت واتخذته رفيقًا لها…

-ده أنتِ نهارك مش معدي اقسم بالله…الهانم فين ومش عايز رغي كتير..عايز جواب على سؤالي..وقسمًا عظمًا لو قفلتي في وشي تاني لكون موريكي يا وعد…

زيفت جمودها وبرودها جاعلة غضبه يتفاقم بردها وفعلتها الذي تخيلها بعقله:

-يامي يامي…أخاف انا ولا اعمل إيه..انت بتزعق كدة ليه..في ايه لكل ده انا مش فاهمة؟؟؟

-وعد بلاش استعباط…انا مش قرني ولا لمؤاخذه مركبهم عشان اسمع صوت دكر بيكلم مع خطيبتي اللي كمان شوية هتبقى مراتي وفي بيتي واسكت..لا يا ماما مش أنا…

أسبلت جفنيها وعضت على شفتيها بسعادة مغمغمة باستفزاز:

-لا متقولش انك غيران عليا..انت بتغير يا اشف؟؟

أوصد جفونه مستغفرًا ربه محاولًا التحكم بذاته وخاصة لسانه:

-بلاش استفزاز يا بنت الناس…ويلا قومي روحي احسنلك..واحمدي ربنا انك مش قدامي..

تساءلت بذات البرود:

-ليه كنت هتعمل ايه؟

-لا ولا حاجة كنت هسلم على وشك أصله واحشني من امبارح مشفتوش…قومي روحي يا وعد وخروج تاني من غير اذني مفيش…سامعة!!

قطبت حاجبيها معلقة:

-ليه يعني هو أنا في سجن…وبعدين مامي وبابي عارفين..

استهزء من طريقتها بالحديث مردد:

-مامي وبابي الله يرحم باطك اللي قولتيها…

انتهى مطالعًا ساعته متجاهلًا نظرات السائق نحوه متمتم بحسم:

-معاكي ساعة…ساعة بضبط والاقيكي وصلتي…

اغلق هو تلك المرة في وجهها فلم تبالي فقد ظلت تقفز على الأرض مدندنه بفرحة:

-بيغير عليا…بيغير عليا…

________________

-أنا مستنيكي برة..يلا اخرجي.

كانت تلك كلمات عابد على مسامع وئام الذي هاتفها ما أن وصل وصف سيارته.

ثوانِ فقط وكانت تطل خاطفة أنفاسه وعيناه وجميع حواسه…

رغب بإبعاد عيناه ولكنه لم يستطع حقًا تفعل به الكثير بحضورها وتواجدها من حوله..

ابتسم قبل صعودها السيارة فقد جاء بذهنه اسمًا يليق بها ويلائم حالته معها…

“ساحرة”

فقد سحرته والقت تعويذتها عليه جعلته لا يريد…يرى أو يرغب بسواها…فقط هي…هي وكفى..

فتحت الباب وصعدت جالسة بالمقعد المجاور له..

جاءت عينه بعيناها مستمعًا لنبرتها العذبة وهي تلقي عليه التحية وتتساءل عن حالته:

-مساء الخير..عامل إيه؟

رد بما باغتها فلا يتردد بأظهار ما يعتريه:

-هكون عامل ازاي يعني…مبسوط وجدا كمان كفاية انك جمبي…

ازدردت ريقها وبللت شفتيها بخجل وارتباك جلي..

تلذذ بمطالعتها ومراقبة ذلك الخجل الجديد مستشعرًا بأنها قد باتت أخرى…

أنهى ذلك الصمت بينهم قائلًا:

-ايه رأيك نتغدا مع بعض الاول وبعدين اروحك؟؟

عقبت بهدوء:

-أنا موافقة..بس الاول هكلم بابا وأسأله؟

ارتفع حاجبيه مذهولًا وسعيدًا في آن واحد..مردفًا بإعجاب وعشق من الواضح بأنه سيصبح أضعاف مع ذلك التغيير المحب:

-أنا هكلمه….

وقبل أن يفعلها ويأخذ موافقة مروان على خروجهم سويًا ردد حروف اسمها جاذبًا انتباهها يجبرها على النظر داخل عيناه:

-وئام..

ردت بعفوية:

-نعم؟

التوى ثغره ببسمة جانبية هامسًا لها:

-بــحــبــك…..

_______________

ضربت دلال على صدرها صائحة بقلق:

-يا لهوي الواد فين يا جابر؟؟؟؟ اوعى تكون كلته ما أنا عرفاك طفس ابن طفسه..

تأفف مضيفًا بنفاذ صبر:

-جابر زهق وبعدين لاحظي كل مرة بتشتميني فيها بتجيبي الشتيمة لنفسك…و لو هتسألي على وسام تاني فـ احب اقولك انه في بيت الحلواني..وهتلاقيه هايص ابن المحظوظة…

حكت مقدمة رأسها متسائلة مع ارتفاع رنين هاتفه:

-وهو ايه اللي وداه هناك مش ابوه سابوا هنا يعني الراجل لما يجي ياخده اقوله ايه ؟؟؟ اقوله ابنك عند الجيران اللي بقوا نسايبي…

-ابقى أساليه…انا طالع اوضتي…

تركها تتذمر وتثرثر مع نفسها…ودلف غرفته مجيبًا على تلك المكالمة وبسمة واسعة متصنعة تزين وجهه:

-يا مساء الجمال والأناناس…وحشتيني يا نهال……..

استمع لجوابها وعتابها وهو يقلب عيناه بضجر …دافعًا جسده أعلى الفراش..منتظرًا انتهائها من تلك الوصلة من العتاب…مخرجًا قطعة الشوكولاتة من جيبه يتأملها بأعين شاردة…

وما أن حدث ذلك حتى أجاب:

-وربنا أنتِ ظالمة….وعشان يا ستي اراضيكي ليكي عندي خروجة بليل مقولكيش…..وفي المكان اللي تختاريه كمان..ده أنتِ وحشاني يا بت…

________________

دلف “نضال” المنزل كي يبدل ملابسه ويذهب إلى منزلها للحديث معها وينهي ذلك السوء الذي حدث بينهم…

وصل إليه صوت دلال التي نادت عليه، مردفة :

-جيت في وقتك..خالد ساب إبنه عندنا والواد معرفش راح ازاي بيت خطيبتك…فـ زي الشاطر كدة روح هاته قبل ما ابوه يجي ويبقى منظرنا زفت..يلا يا حبيب أمك انت…

احتضن وجهها مبتسمًا باتساع مقبلًا وجنتيها مستجيبًا لطلبها الذي جاء له على صحن من ذهب:

-ده أنتِ اللي حبيبتي يا دلال…هطلع اغير بسرعة واروح اجيبه…

تركها تتبع أثره مغمغمة بسخرية:

-بتحبني انا برضو…طيب هعمل نفسي مصدقاك…

بعد مرور خمسة عشر دقائق…

دق على الباب بحماس مشتاقًا لرؤيتها..وان تصبح الأمور بينهم طبيعية مثل أي شاب وفتاة…ولا يفعلان ما يفعلوه من تفاهات…

فتحت له “علياء” مبتسمة مشيرة له كي يلج رفقتها….

رضخ لطلبها و أخبرها بتواجد الصغير لديهم و مجيئه لأخذه…

أكدت تواجده فمنذ ثوانِ فقط كانت تتعرف عليه وتمزح معه…

أشارت إليه تجاه الصالون…ولحسن حظه وقعت عيناه عليها هي اولًا…مدركة ما يبحث عنه مستجيبه لنداء قلبه…

لم تستوعب مجيئه وتواجده…أما هو فلم يترك فرصته واقترب منها يمد يده…

أُجبرت على مبادلته السلام وليتها لم تفعل..فقط ضغط بكافة قوته على يدها يعاقبها على حديث أمس…ورغبتها بتركه..والكثير…

كزت على أسنانها وانتشلت يدها بهدوء كي لا يظهرعليها شيء…

-أخبارك إيه؟؟؟

عقبت بغيظ:

-الحمدلله.. وأنت؟

-الحمدلله…انا جيت اخد وسام…انا لو عليا كنت داخل البيت أنام بس ماما مسكت فيا وقالتلي اجيب وسام..يلا يا وسام.

-يلا ايه استنى هجبلك حاجة تشربها..اوعى تمشي..

رددت علياء بتلك الكلمات راغبة بالترحيب به على اكمل وجه…

عقب تركها لهم..نفرت عروق داليدا صائحة عليه:

-أنت هتستعبط عايز تفهمني انك جاي عشان وسام؟؟؟

-يعني أنا كداب؟؟؟ طب يا شيخة إن شاء الله نتجوز لو كنت بكدب…

اتسعت عيناها من فظاظته..وقبل أن ترحل ألقت كلمات اخيره على مسامعه:

-بتحلم….

-مش بحلم ده الواقع يا انسه…قريب اوي هتبقى خطيبتي وبعديها مراتي…وبعديها ام عيالي…

التفتت إليه وهي تقف جوار باب الصالون ترمقه باشتعال من وقاحته أمام الصغير و أبرار التي كانت تكبح بسمتها على ما يحدث بينهم…

بعد مغادرتها حول أنظاره نحو أبرار مغمغم بصوت خافت:

-بقولك ايه ما تعملي معايا خدمة مش هنسهالك العمر كله…

هزت رأسها باستفهام:

-خدمة إيه؟؟

-تديني رقمها بدل الشات اللي كل شوية تبلكني عليه ده….

تنهدت موافقة على اعطائه رقم هاتفها…وبالفعل فعلتها وظفر هو بالرقم مدونًا إياها.

حضرت علياء وجلس رفقتهم يتساير معهم متناسيًا أمر العودة لمنزله خاصة عندما جاءت روفان وأخبرته بأنها ستنادي على ابنتها وسيراها مجددًا…..

_________________

-أيوة على جنب هنا يا سطا..

ترجلت من سيارة الأجرة عقب وقوفها قبالة بوابة منزلهم..دفعت له الاجرة…وما لبثت أن تلج وتعبر من خلال البوابة رفقة فجر حتى وجدت من ينادي عليها ونبرته تنذر بما يحمله نحوها..

-وعـــــــــــد.

ازدردت ريقها ببطء ثم طالعت فجر التي نظرت إليها قائلة بخفوت:

-قولي أن ده مش صوت اشف وأني

قاطعها همسه بالقرب من اذنيها متمتم بشر:

-اهلا يختي ما لسه بدري…

يتبع.

فاطمة محمد.

آسفة يا بنات النت كان قاطع عندي.🥺

رأيكم وتوقعاتكم ❤️💫

الفصل التالي: اضغط هنا

يتبع.. (رواية كارثة الحي الشعبي) اضغط على اسم الرواية لتجد الفهرس كاملاً بجميع الفصول.

أضف تعليق