رواية كارثة الحي الشعبي الفصل الخامس والستون 65 – بقلم فاطمة محمد

رواية كارثة الحي الشعبي – الفصل الخامس والستون

الفصل الخامس والستون

الفصل الخامس والستون

ينفع اقول ان الفصل ده لو وصل لـ ١٠٠٠ فوت هنزلكم فصل زيادة الاسبوع الجاي 🌚😂❤️❤️❤️

_______________

أنظر جيدًا.

كارثة الحي الشعبي.

فاطمة محمد.

الفصل الخامس والستون:

عاد “عابد” إلى المنزل

واطبق

الباب من خلفه…مما جعل دلال تدري بعودته..

فنادت

عليه بصوت جهوري

تحثه

على التقدم إلى الصالون..

-تعالى يا عابد…

وعلى مضض فعلها وغير مساره

فبدلًا

أن يصعد إلى حجرته ويلجأ إليها

وينعزل

عن الجميع..ولج حجرة الصالون..فوجد “دلال” تجلس على الأريكة…وبجوارها خليل..

وبالاريكة

الاخرى يجلس كلا من أشرف..ونضال..

وبمنتصف

الصالون قفص حديدي بداخله “النسناس”…

قطب حاجبيه وصاح بدهشة واضحة:

-ايه ده؟؟؟!

ردت عليه والدته بسخرية:

-ده أخوك جابر بعد ما

اتسخط

قرد..تعالى سلم عليه..

وقبل أن يتحدث أو يفعل أي شيء سارع نضال بالحديث من بين

ضحكاته

الذي لم يستطع

كبحها

:

-روح

هاتله

بقى شوية سوداني..وموز بدل ما انت داخل

بأيدك

فاضية كدة.

زاد انعقاد حاجب “عابد” وتحدث بذات الدهشة:

-انتوا

بتهرجوا

صح؟؟ ايه الهبل اللي

بتقولوه

ده..وبتاع مين القرد ده؟؟

كررت دلال ذات الكلمات تؤكد له:

-ما قولتلك جابر..اصلي

دعتله

دعوة جابت اجله

وسخطته

قالت الأخيرة وهي تلوي شفتيها

وتتعمد

ألقائها

بتلميح

لما فعله سلطان…

فتنهد

خليل وطالع كلا من نضال وأشرف الذي أدرك مؤخرًا ما حدث وسبب غضبها

ومغادرتها

اليوم من المطعم…

انكمش وجه عابد

ضيقًا

وقال

بزهق

وملل:

-لا أنا مش فايق

لهزاركم

بصراحة..انا طالع اوضتي..تصبحوا على خير…

وقبل أن يتحرك صرخت دلال عليه غاضبة منه ومما يفعله بذاته:

-هو ايه اللي طالع

اوضتك

..هو انت عايش في فندق..تيجي..تاكل وتنام

ومنشوفش

خلقتك مش فيه بني ادمين عايشين معاك وليهم حق عليك…

عقب نضال بمرح:

-لا وأنتِ

بتأكلينا

أوي..ده احنا بقالنا ساعة

بنحاول

نقنع فيكي

تعملنا

اي حاجة نأكلها..وفي الاخر قمتي

عملتلنا

سندوتشات جبنه..

اكدت احتجاجها عن طهي اي طعام لهم قائلة:

-إذا كان عجبكم…انا من النهاردة مش

هطبخ

ولا

هتعب

نفسي..كل واحد فيكم لسانه طول كدة…فـ

اتلحلحوا

انتوا

وابوكم

بقى

وصرفوا

نفسكم

وطولوا

ايدكم

زي لسانكم…

تدخل خليل وقال:

-طب يا امي حقك على رأسي أنا..متزعليش…

ردت بتهكم:

-بلا رأسك..بلا زفت..

متعصبونيش

بقى بدل ما اقوم

واطفش

واسبلكم

البيت انتوا

وابوكم

…و والله ما

هتعرفولي

طريق…

حضر جابر بتلك اللحظة وقال يستفسر:

-في إيه؟

أشار له نضال

مقربًا

سبابته

من فمه يحثه على التزام الصمت…..بينما التقطت دلال جهاز التحكم وقامت بتشغيل الشاشة….

تحرك عابد وتسلل للأعلى بهدوء ضاربًا بحديثها وبما حدث عرض الحائط… أما جابر

فأقترب

من أشرف ونضال وقال بهمس:

-زيح ياض انت وهو

قعدوني

تحرك نضال من مكانه وجلس بالطرف تاركًا المنتصف لجابر…فجلس دون تعليق مستمعًا لسؤال أشرف:

-كنت فين ياض؟

ابتسم له وقال مشيرًا نحو النسناس:

-كنت بكلم خالد..

وقولتله

يجي ويجيب وسام معاه عشان نلعب مع أشرف شوية ونضحك….

لكزه

أشرف بغضب وصاح

مزمجرًا

:

-ايه يالا تلعبوا مع اشرف دي ..ده مش أشرف..سميه اي اسم

مهبب

على دماغك ودماغ اللي جابته بس بلاش أشرف عشان

الجنونة

متطلعش

عليك.

أما دلال

فتناهت

كلمات جابر إليها مما جعلها تصيح بحنق:

-هو وابنه اهلا وسهلا..لكن أمه لا.. عشان وربي لو جت

لهنسى

اني بقيت دلال هانم..

وهرجع

دلال

الشرشوحة

وهمسح

بكرامة اللي

خلفوها

الأرض…

نفى جابر على الفور مغمغم:

-لا متقلقيش هو خالد و وسام بس اللي جايين اطمني ياما وحطي في بطنك

بطيختين

صيفي مش بطيخة واحدة….

*************

-ماما..ما تقومي تلبسي ونقوم نخرج..انا

اتخانقت

..مش متعودة على

حبسة

البيت دي..

تلفظت “هدير” ملقية كلماتها على مسامع والدتها والتي كانت تنشغل بوضع مانيكير باللون الأحمر..وتجلس بجوارها على الأريكة.. أمام التلفاز الذي لا يشاهده أحد…

و وسام يجلس على الأرض أمام الطاولة الزجاجية ينهي واجباته المدرسية…

-لا مش قادرة أخرج..قومي اخرجي أنتِ لو عايزة.

تأففت هدير بصوت عالى متحدثة

بضجر

:

اووف

بجد..بقيتي مملة اوي يا ماما بجد.

ناظر وسام عمته وصاح

بطفولية

يعقب على فعلتها

وتأففها

بوجه والدتها:

-عيب تقولي

اووف

..لـ تيتا..

الميس

قالتلنا

ان ربنا

بيزعل

مننا لو عملنا كدة..

ابتسمت له ناهد وقالت:

-قولها يا حبيبي قولها بدل ما اضربها…

خرج خالد من غرفته بعد انتهاء مكالمته مع جابر

مصوبًا

حديثه لابنه:

-وسام لو خلصت الـ

Home

work

قوم عشان تلبس ونخرج نروح بيت عمو سلطان ونشوف جابر صاحبك….

تهللت اسارير الصغير وصاح بسعادة وهو يهب من جلسته على الأرض:

-مخلصتش..بس قربت… ممكن اخلصه لما نرجع..خلينا نروح نشوف جابر يا بابي….

أكدت ناهد وقالت:

-اه لما ترجع خلصه..قوم يلا عشان منتأخرش..

تسمر خالد لوهله ثم ضحك بخفوت وأضاف يوضح لها:

-ماما حبيبتي..انا و وسام بس اللي هنروح…ايه منتأخرش دي؟

نفت واحتجت قائلة:

-لا..انت قولت هنخرج نروح بيت سلطان نشوف جابر….

-اه ما قبليها قولت وسام بس…ومقولتش ماما ولا ذكرت اسمك حتى؟!

-يعني ايه؟! ما أنا كمان زهقت من قاعدة البيت وحبسته وعايزة أخرج معاكم.

ارتفع حاجبي هدير وقالت باستهجان:

-لا والله!!! مش كان من شوية اخرجي أنتِ ومش قادرة اخرج..دلوقتي بقيتي قادرة؟

-سبحانه…ايه هنعترض؟ يلا أنا هقوم البس وانت يا دودي البس انت و وسام..

وبالفعل نهضت من مكانها فلحق بها خالد واقفًا أمامها وجهًا لوجه متمتم:

-ماما بعد إذنك بلاش تيجي…أنتِ عارفة كويس أن مدام دلال مش بتحبك..وبعدين جابر عزمني انا و وسام بس..فـ أكيد مش هاخدك معايا…

اعترضت وقالت بترجي:

-بس أنا عايزة اجي..وحياتي يا خالد ما تقولي لا…

زفر أولا..ثم عقب ثانيًا:

-ماما انا خايف عليكي والله..ام جابر دي ست بلدي ودمها حامي..وبتغير على جوزها..ومتنسيش أنتِ عملتي ايه اخر مرة..واستفزتيها إزاي !

-لا متقلقش على امك.. امك بطل يا ولا….

ارتفع حاجبيه و اتسعت عيناه مغمغم بصدمة:

-امك بطل ؟!!!! ما تحترمي نفسك يا أمي في إيه؟؟؟ ايه امك بطل دي…

تبدلت ملامحها للجدية قائلة:

-وايه لزمتها أمي شيلها يا قليل الأدب…وبعدين بطل بمعنى يا جبل ما يهزك ريح..انا رايحة البس…وانتوا كمان يلا…

تحركت والجة حجرتها… فضرب كفيه ببعضهم البعض وعقب بهزل:

-ما انا لازم ابقى قليل الادب……يلا يا بني نلبس..يلا..ربنا يصبرني على ما بلاني..

*************

-وئام..ولا ثراء…ثراء ولا وئام؟

تحدثت وعد بخفوت مع نفسها بحيرة واضحة..حيرة لم تدم طويلًا مقررة دخول حجرة وئام…. عضت على شفتيها بحماس شديد واتجهت نحوها واضعة يدها على مقبض باب الحجرة مقتحمة إياها على حين غرة..

مبتسمة باتساع وعيناها تبحث عنها..فسقط بصرها عليها وهي تجلس على الفراش وبجانبها “ثراء” والتي كانت على مشارف قص طلب زاهر عليها..والتحدث عن جابر…

فقالت بفرحة من تواجد الاثنان معًا:

-يعني كنت لسة حيرانة اقسم بالله..وعمالة اقول..ثراء ولا وئام..وئام ولا ثراء…وفي الاخر القيكم سوا…

تبادلت ثراء و وئام النظرات القلقة حيال ما تريده منهم…وتحدثت ثراء اولًا بدهشة:

-ليه في إيه؟

ومن جديد عضت على شفتيها قافزة على الفراش بحماس طفولي تخبرهم بصوت عالي:

-في كتير..وعد اللي هي أنا وبعد ما غيرت لون شعري..لـ اللون القمر ده…عايزة ابقى ليدي…يعني عايزاكم تساعدوني اني اتغير…وعايزاكم تعلموني احط ميكب إزاي…وعايزة ابطل البس اللبس الصبياني والبس لبس بناتي…وعايزة ابطل البس كوتشيهات..عايزة كعب وبس…وعايزة ابقى دلوعة..واتعلم الرقص..باختصار انا عايزة ابقى كوكتيل منكم انتوا الاتنين…أنتِ

قالتها وهي تنظر لـ وئام قائلة:

-هتعلميني البس واحط ميكب إزاي…وأنتِ.

هتفت بها وهي تنظر لـ ثراء متابعة:

-هتعلميني ازاي ابقى دلوعة ونحنوحة زيك..وتعلميني الرقص……

ظهر الاستياء الممزوج بالاستنكار على وجه الاثنان…وصاحت وئام تعقب على طلباتها شبه المستحيلة بوجهة نظرهم:

-أنتِ مجنونة..ولا عبيطة..كل ده عايزاه..أنتِ فاكرانا مصباح علاء الدين يا بت؟؟؟ ايه اللي عايزة ابقى دلوعة وارقص…دلوعة من انهي اتجاه قوليلي…ده كفاية نطة القرد اللي نطتيها على السرير دي…

هنا وبعد أن كان العبوس يتملك منها ويظهر على محياها.. تبدل لآخر فرح عند ذكر وئام للقرد مغمغمة بحماس:

-صحيح مش انا جبت لـ أشرف نسناس….

وبصوت واحد قال الاثنان بصدمة:

-نسناس !!!!!!

أكدت بفرحة وهي تصفق كالأطفال:

-اه..هدية كريتف صح؟

ردت ثراء تؤكد:

-هي من ناحية كريتف..فهي كريتف..بس اشمعنا نسناس يعني..عشان مثلا تخليه يفتكرك لما تغيبي عن عينه…

ضحكت وئام وقالت:

-يعني مش كفاية عليه قردة واحدة..لا رايحة تجبله نسناس..لا وتقولك عايزة تتغير وتبقى نحنوحة…دي نحنوحة بتسلم عليكي وبتقولك مش هتشوفيها …

تبخرت بسمتها وفرحتها وقالت:

-اومال كنت اجبله ايه؟ انا بجد عجبني اوي..

ردت ثراء عليها:

-حبيبتي المفروض تجبيله حاجة شيك..ساعة غالية…نظارة…في حاجات كان ممكن تجاب غير النسناس !

شعرت وئام بالأسف والأسى على حزنها مما جعلها تردف بمرح:

-بس هي فعلا كريتف…يعني تقريبا مبتحصلش..بس اقولك مدام خدي خطوة انك تجبيله هدية يبقى فيه منك امل انك تتغيري.. قوليلي التغيير ده عشان أشرف مش كدة…

تسللها الحرج وقالت بتهرب:

-بصي هو مش بضبط..بس انا ساعات بحس أنه مفيش فرق بيني وبين أحمد !! انتوا متخيلين؟ وبناءًا على ده عايزة من هنا ورايح اوريهم واطلعلهم الانثى اللي جوايا…….

صمتت ولم يتحدث أي من التوأمتان فصاحت ببسمة بسيطة:

-ها هتساعدوني ولا لا؟

تبادلوا النظرات من جديد ثم صاحوا معًا:

-هنساعدك…..

صفقت مرة أخرى قائلة بتهليل وهي تكاد تقفز من مكانها:

-طب يلا…دلوقتى ناخد اول درس.

رفض الاثنان وقالت وئام:

-لا من بكرة نبدء ونعلمك طول اليوم مش هنسيبك…حتى نكون خططنا هنعمل معاكي إيه..اصل أنتِ مش سهلة برضو….واكيد هطلعي عينا…..

**************

أنهى “سلطان” قراءة ورده اليومي..وهبط للاسفل فـ قابله ابنائه ببسمة عدا دلال والتي زاد عبوس وجهها..وكلماته الفظة يتردد صداها بأذنيها وتزيدها غضبًا فوق غضبها..

زيفت انشغالها بالتلفاز وتجاهلت حضوره… أما هو وبدون أن يتقدم اي خطوات منهم سأل عن عابد فأخبره خليل بتواجده بغرفته….

اماء له وأولاهم ظهره وتحرك قاصدًا حجرته….مستمرًا في تجاهله لـ زوجته..مقررًا تنفيذ اقتراح خليل السابق والذي نال إعجابه…وقرر جعله حقيقيًا ومن وقتها بدأ بحثه عن مكان يصلح أن يكون فرع ثاني لمطعمهم كي يكون صادقًا عندما يتحدث مع عابد ويشغله معهم بالعمل ويبعده عن عمله الآخر والذي يثير غضبه….

دق على الباب بهدوء وبدلًا من أن يستمع بسماحه له بالدخول استمع لصوته ينهر الطارق:

-متدخلش يا جابر..او اي كان انت مين فيهم..محدش يخش…..

لم ينصت إليه سلطان وفتح الباب فتحة صغيرة وطل برأسه فقط يحادثة بطريقة مرحة:

-طب وأنا..اخش ولا اغور؟؟

تلجلج “عابد” المستلقي على الفراش ونهض جالسًا اعلاه قائلًا بهدوء واحترام لوالده:

-لا طبعا..اتفضل يا بابا.

تنهد سلطان براحة و ولج بالفعل…اغلق الباب واقترب منه وجلس أمامه ملقيًا على أذنيه تلك الكلمات:

-عامل إيه..واخبار شغلك إيه؟

ذُهل عابد من سؤاله عن عمله…مدركًا ببغضه وعدم اعترافه بهذا العمل الذي تمسك به..واحبه كثيرًا رغمًا عنه….

-كويس يا بابا…

هز سلطان راسه يمينًا ويسارًا يخبره بهدوء وحنو وهو يربت على ساقيه:

-متقولش كويس..قول الحمدلله…

انصاع عابد له وقال بهدوء:

-الحمدلله يا بابا..

-أيوة كدة…..بص يا سيدي عايز اتكلم معاك في موضوع مهم وضروري بالنسبالي…

هز رأسه يستفسر بقلق:

-خير يا بابا؟

-خير إن شاء الله…دلوقتي انا واخواتك ماسكين المطعم وهو الحمدلله شغال كويس جدا…عشان كدة فكرت افتح فرع كمان ..بس في منطقة تانية وفعلا بدأت ادور وفي قدامي كذا واحد لسة هبص عليهم بكرة…وهخلي أشرف وخليل ونضال يبقوا المسؤولين عن تشطيبه لما استقر على واحد فيهم…وأنت وجابر هتمسكوا المطعم…

عبس وجه عابد وقال محتجًا:

-بس أنا مبفهمش في شغل المطعم ومليش فيه اصلا يا بابا..هعمل ايه هناك..ومع جابر؟؟؟

أكد سلطان:

-اه مع جابر وبالنسبة لـ مبتفهمش..فـ ده عادي مش غريب ولا عجيب…وبعدين أنا وجابر هنبقى معاك متقلقش….

-بس أنا…

لم يدعه يسترسل اعتراضه و رفضه العمل معهم والذي يعني ترك عمله الذي يحبه…متحدث بهدوء ومكر داخلي:

-عارف أنك بتحب شغلك ومش عايز تسيبه..بس انت تقدر تمسك اي حد مكانك…وبعدين حد قالك انك هتفضل شغال معانا ده هيبقى لفترة مؤقتة بس…

اوشك على التحدث من جديد..فشعر سلطان بالقلق ولكي لا يترك له فرصة للرفض قال:

-ابوك محتاجك وعايزك جمبه في الشغل الفترة دي..معقول هتقولي لا يا بني؟

شعر عابد بالضيق والحنق مما يحدث معه الآن..لكنه بذات الوقت لا يستطع رفض طلبًا لوالده الحبيب….

خمن سلطان من تعابير وجهه أنه على وشك الموافقة فأبتسم بسمة بسيطة سعيدًا…فـ اولى خطواته لابعاد ابنه عن هذا العمل الذي يغضب ربه لملامسته للنساء..على مشارف النجاح..فـ أضاف بنبرة ذات مغزى:

-صدقني هتبقى فترة مؤقتة…

تنهد عابد وقال مجبرًا:

-حاضر يا بابا…بس فترة مؤقتة زي ما بتقول لأن مينفعش اسيب الصالون كتير…انا بحب شغلي…

وبذات النبرة الماكرة التي تحمل بين طياتها الكثير قال:

-طبعا..طبعا..عيب عليك…

ثم تابع مع ذاته:

-ابقى سلملي على مؤقتة…………

انتهى مبتسمًا له بأتساع يخبره:

-يلا ننزل ونطلب أكل من المطعم بتاعنا.. أمك معملتش اكل وفاكرة انها بتلوي دراعنا..متعرفش أننا ولا بيهمنا……ده احنا رجالة اوي…

*************

استطاع “زاهر” المرور من بوابة قصر الحلواني بسيارته بعد أن أخبر البواب بأسمه و رغبته في رؤية مروان……ذلك الفظ الذي رفضه اليوم واغلق المكالمة بوجهه..ولذلك لم يجد حلًا لفظاظته سوى المجيء رفقة والده و وضعه أمام الأمر الواقع…حتمًا لن يرفض تلك المرة….

أوقف السيارة وهبط منها..وكذلك منتصر…فكلا منهما كان يرتدان بدلة سوداء…جعلتهم أكثر أناقة…

اغلق الباب الأمامي عقب ترجله..ثم فتح الباب الخلفي وحمل باقة الزهور الذي جاء بها…

ثم اغلق الباب وتحرك مع والده والابتسامة تزين ثغر الاثنان..وكيف لا يحدث هذا..فهما على وشك دخول عائلة من اثرى العائلات…

قرع الجرس و بسمته في اتساع مستمر…يحضر كلماته الذي عليه القائها..وذلك القناع الذي سيرتديه كي ينال الرضا وينول المراد…

لحظات وكان الباب يفتح لهم بواسطة “سليم”..تهلل وجه منتصر وصاح يرحب به متذكرًا إياه فقد سبق ورأى له العديد من الصور…ماددًا يده كي يبادله السلام:

-سليم بيه الحلواني..انا مش مصدق عنيا والله اني شايفك…حقيقي انا نولت الشرف…

بادله سليم سلامه بالأيدي وهو يجهل هويته هو ومن يقف بجواره مخمنًا بأنه ابنه..مطالعًا تلك الباقة الذي يحملها بدهشة!!

وضع منتصر يده بجوار ليأتي دور زاهر والذي عرف ذاته متمتم:

-اهلا بحضرتك انا زاهر منتصر..وده والدي..يا ترى مروان بيه موجود؟؟

جاء صوت مروان من الخلف والذي كان على وشك صعود غرفته..فأستوقفه استماعه لاسمه…

مما جعله يغير مساره ويقترب من الباب قائلًا:

-أنا اهو مين بيسال عليا؟

زيف زاهر ارتباكه وقال:

-أنا زاهر منتصر اللي كلم حضرتك انهاردة و

حل العبوس على وجه مروان وقام على الفور بمقاطعته قائلًا بفظاظة:

-بقى انت المهزق اللي كلمتني انهاردة مش كدة؟؟ جاي ليه ياض انت عايز تتهزق انت وابوك؟

طالعه سليم بصدمة وغضب متحدث من بين أسنانه:

-مروان عيب كدة اتكلم عدل..

-عيب مين يابا…مفيش عيب مع الاشكال دي..ده راح لـ بنتي الجامعة..ده حاول يشقطها…..ولما معرفش جاي عايز يتقدم..ومش بعيد يكون داخل دلوقتي على طمع…

انتهى مطالعًا زاهر قائلًا:

-ولا غور ياض انت وابوك من هنا..هو أنا اتجننت على اخر الزمن ادي بنتي لأي حد….

انتهى غالقًا الباب في وجهه مثلما اغلق الهاتف….مما جعل الآخر على وشك الانفجار هو وابيه الذي حدق به بأعين مشتعلة صارخًا عليه:

-ولما هو رفض يا حيوان بتجرني معاك ليه لـ هنا…ارتحت لما جبتلي التهزيق على كبر..

أما بالداخل تحرك مروان ولحق به سليم ينهره عما فعله:

-ايه اللي انت هببته ده..دي اسمها قلة ذوق…في طريقة للرفض تبقى محترمة عن كدة…

التفت وطالعه متمتم بتشنج:

-حاضر هروح ابوسه واحضنه واقوله معلش يا حبيبي مش هينفع اجوزك بنتي اللي انت ضايقتها وحاولت تشقطها…….

***************

شارك “سلطان” وعابد عائلته في جلستهم بعد أن طلبوا الطعام وينتظرون وصول خالد و وسام…..

كما أخبرهم أبيهم بنزول عابد من الغد معهم إلى المطعم…مما جعلهم يسعدون ويبتسم خليل لوالده لتنفيذ حديثهم السابق….

والآن يحدقون بأكملهم بهذا النسناس عدا “دلال” و “أشرف” والذي يرمقه من حين لآخر بحنق….

فتحدث جابر مشفقًا عليه:

-بقولكم ايه ما تيجو نطلعه صعبان عليا…

جاوبته دلال بتهكم:

-وهتدخل تقعد مكانه يعني ولا إيه مش فاهمة؟؟ بقولك ايه محدش هيخرجه..مش كفاية بروق وراكم وبطبخلكم..هيبقى انتوا والقرد عليا !

سخر سلطان متحدثًا بنظرات ثابتة عليها:

-وهو فين الاكل ده يا حسرة….

أغمضت عيناها وقالت:

-استغفر الله العظيم يارب…واد يا خليل..انا مش ناقصة جر شكل ها..عدوا الليلة على خير…

التوى ثغر سلطان في ذات الوقت الذي قرع الجرس وعلموا بقدوم ضيوفهم…صفق جابر وهو يهلل:

-وسام وخالد جم…..

فتح لهم وسرعان ما التقطت عيناه ناهد…فحافظ على ابتسامته وقال:

-يا مرحب يا مرحب.. اتفضلوا…

مع قوله الأخيرة حمل وسام على ذراعيه… وأشار لخالد وأمه و دخلوا بالفعل…

أغلق من خلفهم وقال بخفوت:

-الله يرحمني كنت طيب والله و دمي خفيف..

أما بالداخل طل خالد ملقيًا السلام عليهم:

-السلام عليكم…

ردوا عليه جميعهم عدا دلال التي تسمرت وظلت تسلط بصرها على ناهد التي ابتسمت لها وبادرت بالاقتراب مقبلة إياها متمتمة:

-ازيك يا دلال عاملة ايه يا حبيبتي؟؟

ثم اتجهت نحو سلطان قائلة بنبرة أكثر نعومة:

-سلطان بيه ازي حضرتك..علطول بسأل خالد عنك…

صكت دلال على اسنانها وهبت بحركة مباغتة قائلة:

-بقولك ايه يا حبيبتي هي دلال دي بتلعب معاكي في الطين… وبعدين هو بيه..انا فين هانم بتاعتي ها…ولا اكون مش قد المقام….

تجاهل جابر ما يحدث واصطحب النسناس و وسام خارج حجرة الصالون واضعًا إياه على الأرض ثم غاب داخل المطبخ وأحضر الكثير من الموز…جالسًا على الأرض رفقة وسام واضعًا الموز بجواره..قائلًا:

-ايه رأيك حلو صح؟

كان الصغير يبتسم وسرعان ما أكد له وعيناه لا تفارق النسناس:

-اوي يا جابر..هو اسمه إيه؟

-اشرف..على اسم أخويا حبيبي..

تساءل وسام بطفولية:

-طب ينفع نفتحله؟

مط جابر شفتاه وقال:

-بص هو مينفعش..ولو حصل هتنفخ..بس انا كدة كدة منفوخ والبركة في ستك ناهد..فـ نفخة بنفخة بقى……توكلنا على الله……….

وبالفعل فتح وأخرجه..ثم مد يده له بإصبع الموز بعد أن اصبح حرًا فقام جابر بأخذ اصبع اخر ومد يده لـ وسام متمتم:

-كُل ياض..

أما بالداخل تحدث خالد على أمل أن يمنع حدوث مشاحنة بين امه و دلال….متمتم:

-لا طبعا ازاي الكلام ده..ده أنتِ الخير والبركة..طب تصدقي والله وحشاني..و وحشني الاكل من إيدك.

شقت البسمة البسيطة وجهها وقبل أن تعقب كان سلطان يسبقها مقررًا اللعب بالنيران:

-اسكت مبقتش تطبخ..عمله اضراب..وطلبنا الاكل من المطعم..واستنيناكم ناكل سوا…

ابتسمت له ناهد وقالت:

-طب على كدة حماتي كانت بتحبني ده انا جعانة أوي…

علقت دلال بغيرة واضحة مقررة الصعود للاعلى فلا تتحمل تواجد تلك المرأة و حتمًا ستقم بالاشتباك معها أو قتلها…وهذا ما لا تريده من أجل خالد:

-طب الف هنا بقى..انا طالعة انام..

ثم التفتت لزوجها وضربت على صدره متمتمة بنبرة ذات مغزى:

-تصبح على خير يا سلطان……

ضرب نضال على وجهه وهمس لـ أشرف وعابد وخليل:

-ادي دقني اهي لو ما نكدت علينا اكتر ما هي منكدة…انا طهقت يا جدعان…وعايز اتجوز واخلص بقى….

خرجت دلال من حجرة الصالون وعلى الفور جحظت عيناها من هذا المشهد…

جابر و وسام والنسناس..جوار بعضهم البعض ويتشاركون الموز بشراسة ومن حولهم على الأرضية يتواجد القشر…

شعرت بدوران طفيف وقالت بصوت وصل إليه:

-خلصتوا الـ ٢ كيلو موز…لا..لا ده انتوا عايزين تجيبوا اجلي…

أكد جابر ببسمة وبفم ممتلئ:

-لا لسة مخلصوش في صوابع كتير تاخدي صباع؟؟

لم تجيب وصعدت لغرفتها…في ذات الوقت انسحب خالد وأستأذن كي يجيب على مكالمة أبرار…..

مر من جوار جابر مطالعًا إياهم بصدمة..لم تدوم طويلًا مبتعدًا مجيبًا على مكالمة أبرار..أما جابر فقام بادخال النسناس إلى القفص مرة أخرى…ولحق بـ خالد بخطوات أشبه بالركض مستمعًا إلى رده:

-الو…

انتشل الهاتف عن اذنيه وكتم الصوت يخبره..

-الو ايه! في واحد يكلم خطيبته يقولها الو؟

التقط خالد الهاتف وقال بضيق:

-اومال اقول إيه يا ناصح؟

-تقولها يا مساء البطاطس ده انا قلبي فيكي غاطس…

يا مساء الكاجو يسعد ابوكي وانتاجه..

يا مساء الزبادي مفتقدني ولا عادي..

يا مساء الأناناس متسبش قلبي محتاس..

كز خالد على اسنانه وقال بغيظ:

-غور ياض يا بيئة انت من هنا…انا مقولش الكلام البيئة ده أبدًا….غور.

اكفهر وجه جابر وقال:

-تصدق أنا غلطان.. قولها الو يكش تسيبك بسببها…

غادر من امامه وعاد جالسًا جوار وسام أمام القفص…بينما وجد خالد بأنها قد انهت المكالمة وتتصل من جديد…أخذ نفسًا عيمقًا ثم أجاب بمرح:

-يا مساء البطاطس ده انا قلبي فيكي غاطس يا بت..

يتبع.

فاطمة محمد.

الفصل التالي: اضغط هنا

يتبع.. (رواية كارثة الحي الشعبي) اضغط على اسم الرواية لتجد الفهرس كاملاً بجميع الفصول.

أضف تعليق