رواية كارثة الحي الشعبي – الفصل الحادي والأربعون
الفصل الواحد والأربعون
تفاعل حلو يا بنات و وصلوا الفصل لـ ٦٠٠ فوت💜🙊
***************
أنظر جيدًا.
كارثة الحي الشعبي.
فاطمة محمد.
الفصل الواحد والأربعون:
تنحنح “أشرف” بتوتر
بسيطًا
للغاية، فلم يتوقع هذا السؤال قط..
التقطت هي حيرته
وتردده
بالإيجاب
،
فغمغمت
بترقب:
-يلا جاوبني انا مستنية.
أخذ نفسًا
عميقًا
متعمدًا
الإيجاب
على الجزء الأخير وتخطي البقية:
-اكيد خفت عليكي يا وعد.
ضاقت نظراتها بقليل من الضيق والاستنكار من جوابه، قائلة:
-أنت جاوبت على اخر سؤال يا أشرف، انا بجد عايزة اعرف ليه
وافقتهم
عليا…جاوبني عشان خاطري
وريحني
…وبعدين خفت عليا دي عشان مراتك ولا عشان وعد..
حول أنظاره نحو البقية وعلى الفور
أشاحوا
بوجوههم
بعيدًا عنهم..
عاد ينظر إليها مقتربًا من أذنيها يجيبها بخفوت لم يصل إلا
لسواها
:
-ما هي وعد هي مراتي.. الاتنين واحد..وعشان ترتاحي أنا
وافقتهم
عشان أنا عارفك.. يعني لو كانوا
رشحولي
واحدة تانية
وصمموا
عليها مكنتش هوافق..انا وافقت عشان العروسة وعد.. يعني لو مكنتش وعد كان زماني اعزب لحد دلوقتي..
لمعت عيناها و وجدت صعوبة في إبعاد
أنظارها
عنه
وابتلاع
ريقها، متابعة بخجل راق له:
-يعني افهم من كدة إيه؟
لم يزيح أو يحرك عيناه بعيدًا عنها..ونسى
الأثنان
تواجد الفتيات معهم داخل المطبخ..فلم يعد يرى أي منهم شيء سوى عين الآخر…
آتاها
صوته من الداخل مسببًا في تفاقم دقات قلبها:
-تفهمي أنك حاجة كبيرة..
وليكي
مكانة
ومعزة
خاصة يا وعد.. أنا كنت هموت عليكي..
هتجنن
..كنت بدعي ربنا
ميحصلكيش
حاجة..
وترجعلنا
بالسلامة..طب تصدقي أن حتى اشف وحشتني..أنتِ متخيلة..أن اشف وحشتني..
معأنها
بتخرج منك بطريقة
رخمة
وبتستفزني
بس برضو وحشتني..و وحشتني اوي كمان تقريبا جالي تخلف.
عضت على شفتيها
بأستيحاء
، قائلة بأعين تتهرب منه:
-يعني بعد كدة أقولك يا اشف عادي؟
استمع
لسؤالها
و وقعت عيناه بذات اللحظة على شفتيها…
فتمنى
أخذهم
بقبلة
ناعمة
شغوفة
تجعلها تدرك مدى
تلهفه
و اشتياقه إليها خلال تلك الساعات وكيف تألم من أجلها..
لم تنتهي أحلامه عند هذا الحد، بل زاد
طمعه
ورغب أيضًا بضمها له..وجعلها تستكين ويظل يتحدث ويتحدث حتى ينتهي من سرد ما شعر به
بغيابها
..مغمغم بهمس ماكر
متلاعب
بها:
-كنتي عايزاني احضنك مش كدة..
أدركت استماعه لها وقتها ورغبتها في احتضانه لها كما انتبهت
لعيناه
التى ظهر بها بريق غريب من المشاعر التي جهلت و
صُعب
عليها التعرف عليها ومعرفة ماهيتها…
أبعدت عيناها و
تحاشت
ذلك اللقاء تخجل منه..فلم يسمح لها و رفع أنامله
ممسكًا
بذقنها
يجبرها على النظر داخل عيناه..
مال قليلًا يرغب
بتقبيلها
وليس ضمها إلى صدره فقط عله
يطفي
تلك النيران التي اندلعت بقلبه..
اتسعت عين ثراء المتابعة لهم
وسعلت
بصوت عالي
وربكة
خوفًا من دخول أحد و رؤيتهم على هذا الحال….
برقت
عين وعد
واستوعبت
تلك الغيبة
والسبات
التي دخلت بهم معه وكيف تناسوا من حولهم و
أوشكوا
على التقرب دون خجل….
ولم يختلف حاله عنها كثيرًا وبات يسيطر عليه ربكة طفيفة
مذهول
مما حدث وكيف وصل إلى تلك الدرجة من التيه بها
وبعيونها
…..
تجنب النظر إلى الفتيات وخرج تاركًا إياها تصارع
دقاتها
ومشاعرها بمفردها….واجتماع الفتيات حولها
ساخرين
منها
منتشلين
إياها من تلك الحالة:
-سيدي يا سيدي..ده الحب ولع في الدرة خالص وكنا
كياس
جوافة
واقفة ولا كأننا
متشافين
.
****************
تضع “وئام” قدم فوق الأخرى تتجاهل عابد الذي لايزال يقبع جوارها…
لاتعريه
اهتمامًا فقط تقلب بهاتفها…
ولم يختلف حاله عنها
متحدثًا
مع خليل
ويمزح
معه وكأنه
لايراها
…
تأففت
وتكاظم
غيظها
منه…رغبت في الصراخ
وبطحه
بشيء ما..
فأنتشلها
اهتزاز هاتفها من خططها…
وجدت رقم غريب…
قطبت
حاجبيها ونهضت من جواره وابتعدت عنهم كي تجيب..
رآها وهي تبتعد ولم يعرف باتصال أحدهم بها…عاد ينظر لاخيه وتابع ما توقف عنده ولم يشغل ذاته بها…
ردت هي على هذا الرقم قائلة بهدوء:
-ألو..
-وحشتيني يا وئام..
لانت
تعابيرها
وتعرفت على صاحب الصوت…فهو “فادي” لم يكن أحد غيره..ابتلعت ريقها وهتفت باستنكار:
-بتتصل ليه يا فادي؟؟
-عشان وحشتيني..وعشان عرفت انك
اتجوزتي
يا وئام…انا من ساعة ما عرفت الخبر وأنا قلبي
بيتقطع
…حاسس اني
ضيعتك
من ايدي
بغبائي
…انا
مفتقدك
اووي..انا بحبك يا وئام..ومع الاسف اكتشفت ده متأخر أوي…
حقًا
صُدمت
لم تتوقع أن يعترف لها يومًا بأنه يعشقها ويكن لها مشاعر خاصة…
ضاقت عيناها
ونهرته
:
-انت بتقول إيه.. أنا
متجوزة
دلوقتي..وكلامك ده ملوش اي ستين لازمة…
متفتكرش
انك لما تقولي كدة اني
هترمي
عليك
وهقولك
وانا كمان بحبك…لا يا فادي..مش هعمل كدة…محدش يستاهل اني احبه غير عابد وبس..
كادت تغلق ليلحق بها مغمغم:
-طيب ممكن نبقى صحاب…صحاب وبس..بس احس انك في حياتي…عشان خاطري يا وئام…
كادت ترفض ما يتفوه به لولا متابعته
وإلحاحه
عليها:
-هنبقى فريند وبس..ومش
هجبلك
اي سيرة عن الموضوع ده تاني…بس خليكي في حياتي
متطلعيش
منها…عشان خاطري…
انزلت الهاتف عن أذنيها و وضعته أمام فمها تعلق بقوة:
-ملكش خاطر عندي بعد اللي عملته معايا….
انتهت مغلقة بوجهه مما
استثار
اعصابه وجعل عيناه تتحول للإظلام يتوعد لها بشر:
-لا ليا…و وحياة ابوكي لهتيجي وهتحني….
******************
ضاقت عين “مروان” التي وقعت على جابر الجالس على مقربة منه ..تحديدًا على المقعد المجاور لنضال الذي يستنجد به…كي يجد طريقة ويجعل مروان ينهض من جواره ويترك له مساحة مع زوجته…كانت نظرة سريعة لوهلة فقط…وهلة كانت كافية كي يلتقط ما بدأ يظهر على وجهه من آثار وعلامات تدل على اشتباكه مع أحدهم..
ابتسم مروان بشماته يتساءل:
-ده مين اللي شلفطلك وشك كدة؟؟
رمقه جابر يجيب عليه وهو يتحسس ويمرر يده على وجهه الذي بدأ يؤلمه أكثر:
-واحد ابن حرام..بس انت مشفتش هو حصل فيه ايه.
ده انا خليت وشه شوارع.
سخر منه، يغمغم بهزل متعمد:
-لا ما هو واضح..لو شوفته تاني ابقى قوله تسلم ايدك وتسلم اللي خلفتك..عمل اللي نفسي فيه دلوقتي.
أطرق جابر رأسه للاسفل قليلًا يجز على أسنانه بغيظ محاولًا التمالك وعدم التطاول عليه…لكنه فشل ورفع رأسه متمتم بخفوت لم يسمعه إلا مروان ونضال:
-أنا آسف على اللي هقوله بس دمك يلطش….
عقب مروان بذات الغيظ:
-مش اكتر منك يا معفن يا جربوع…وبعدين انت قاعد معانا ليه يالا..قوم من هنا ومن جمب الواد نضال بدل ما تعديه ويبقى عندنا منك اتنين..
-وبعدين بقى في جر الشكل ده..هو انا كلمتك يا عم انت..بتجر شكلي ليه؟
كاد مروان يجيب لولا نضال الذي فض هذا مغمغم:
-خلاص يا جدعان..انا اللي دمي يلطش..وانا اللي معفن وجربوع..ارتحتوا كدة..خلاص اتبطيتوا..هديتوا..
حضرت أبرار بتلك اللحظة واقتربت من داليدا تخبرها وهي تشير للأعلى راغبة في إنقاذها مما هي فيه:
-داليدا تليفونك عمال يرن اطلعي اوضتك شوفي مين..
-ايه ده بجد…قايمة اهو.
قالتها وهي تسرع بالنهوض هاربة من تلك الجلسة وهؤلاء المجانين التي تجلس معهم وتتابع ما يحدث بينهم بضجر….غافلة عن متابعة نضال لها وهي تصعد الدرجات متحركة صوب غرفتها…
بعد لحظات من نهوضها خطر ببال نضال فكرة شيطانية ستجعله يحظى بدقائق معها..نعم لن تكون كافية لاشباع شوقه نحوها…ولكنها حتمًا ستسعده وتجعل قلبه يرفرف…
ارخى ملامحه وتساءل:
-هو الحمام فين انا نسيت؟
أشار مروان له يرشده..فابتسم له نضال ونهض أخيرًا تاركًا كلا من جابر ومروان معًا..
فتمتم بشر وهو يتحرك صوب المرحاض على يقين بأن مروان يتابعه الآن ويتأكد من تحركه صوبه…
-يلا ايكش تولعوا في بعض واخلص منكم.
ولج دورة المياه وانتظر دقيقة كاملة ثم خرج يتسلل وبحركات سريعة..خفيفة…يتلفت حوله يتأكد من عدم رؤية أحد له…
ملتهمًا الدرجات بسرعة البرق قاصدًا غرفتها…
دفعت “داليدا” جسدها على الفراش ممدة عليه…حادقة بالسقف ببسمة حالمة…حقًا تعشقه… وتعشق صوته…وملامحه التي تحفظها عن ظهر قلب…وشغفه بها…و
قطع تفكيرها مع ذاتها وبه اقتحامه الغرفة وغلقة الباب من خلفه بالمفتاح بهدوء…
نهضت بجذعها العلوي ترى المقتحم فاتسعت عيناها خوفًا من تواجده مرة أخرى…
انتفضت مقتربة منه تغمغم بنبرة سريعة خائفة:
-يخربيتك… يخربيتك…اطلع برة…
-على جثتي…ده عابد هايص وأشرف برضو هايص وانا الوحيد اللي لايص وعايز اهيص وابقى هايص زيهم…بقولك ايه هاتي بوسة…
قالها بمرح اقتحم قلبها وجعلها تبتسم رغمًا عنها، فقالت من بين بسمتها وهي تتراجع تبتعد عنه:
-انت متقولش انت تطلع برة يلا يا نضال..
هتف بذات المرح ولا يتوقف عن التقرب منها ملتهمًا ما تبتعده وتصنعه من مسافات بينهم:
-يا بت ده انتِ مراتي يا بت…متحسسنيش أني مصاحبك وبكلمك من ورا ابوكي..
-يا نضال بقى.. أمشي…طالع ورايا ليه؟؟
رد بقلب يلتاع واعين تهيم بها:
-عايز بوسة..صغنونة……لا الكدب حرام…بصي انا عايز بوسة وخلاص…يلا..
بالاسفل…
لزم كل من جابر ومروان الصمت وكلما نظر واحدًا منهم للاخر ينظر إليه الآخر وعلى الفور يبعدان أنظارهم ويتطلعون أمامهم متأففين…
نظر جابر بساعة معصمه والتفت برأسه ينظر مكان ذهاب أخيه..
وما أن فعلها وشعر بتاخره هناك..حتى ابتسم بمكر و وصل إليه ما حدث وما فعله أخيه…
لاح المكر على وجهه ونظر لمروان وقال:
-على فكرة داليدا طلعت فوق…
ارتفع جانب فم مروان باشمئزاز معلق:
-لا حدق وجبت الداهية..ما أنا عارف أنها طلعت فوق..
-لا من ناحية حدق فـ أنا حدق…وبلقطها وهي طايرة..حتى لو تلاحظ نضال اتاخر في الحمام..وعلى ما اظن كدة أن الخلبوص ده طل
لم يتابع فقد وصل ما يريد قوله إلى مروان ونهض مسرعًا للأعلى…
-يا بنتي متتعبنيش معاكي ده انا زي جوزك برضو…
قالها نضال وهو يلحق بها فقد ابتعدت ترفض تقربه تلك المرة فلا تريد ان يفضح أمرها أمامه اكثر متذكرة نصائح وعد إليهم بألا يسمحون لهم بالتقرب منهم:
-قولت لا يعني لا احترم نفسك بقى…
صعد على الفراش واقفًا عليه يهلل لها:
-دي بوسة..هي البوسة قلة أدب!!! أنتِ هتجنيني يا بت…
ردت بإصرار وهي تنظر إليه ولوقوفة أعلى الفراش:
-بت في عينك وانزل من على سريري..
كاد يهبط كي ينول منها ما أراد لولا محاولة أحدهم بالخارج لفتح الباب..اتسعت عين الاثنان فصاح :
-الله يخربيتك مخدتش البوسة..مخدتهاش…حتى في دي منشفين ريقي..يا شيخة حسبي الله…
انكمش وجهها وردت بخفوت:
-الله يخريتك هنعمل ايه..
هنا وخرج صوت مروان الذي لا يكف عن محاولة فتح الباب:
-بت يا داليدا افتحي..أنتِ يا بت..
مرر نضال يده على ذقنه يتوعد لها وهو يتحرك تجاه الشرفة كي يغادر مثلما غادر المرة السابقة ويعود جالسًا معهم من الخارج….
-ماشي والله لوريكي يا داليدا يا بنت ام داليدا…
قالها وهو يختفي عن انظارها مفارقًا الغرفة…
اخذت نفسًا عميقًا تهدأ انفاسها تجيب على مروان وهي تعيد الستارة مرة أخرى على الشرفة:
-ايوة يا عمو ثواني…
انتهت متحركة بهدوء نحو الباب وقامت بفتحه له…
ازاحها من طريقه والجًا الحجرة بأعين تجوب بحثًا عن نضال:
-بتعملي إيه هنا؟؟
ردت بتوتر طفيف:
-كنت برد على التليفون…وخلاص كنت نازلة…
ردد بترقب:
-وكنتي قفلة الباب ليه؟؟
-اصلي كنت في الحمام…
لم يقتنع بتلك الإجابة الحمقاء الساذجة التي كشفت أمرها وجعلته يتقن من تواجده هنا…
لم يرغب بإحراجها أكثر وقال:
-طب يلا الاكل جهز…
-حاضر.
*****************
وضعت الفتيات السجاد على الأرض موزعين الطعام بعدما جاءوا به من المطبخ…
وجلس الجميع حول الطعام وبدأ كل منهم بتناول الطعام…فكانت الأكثر التهامًا وسرعة بالطعام هي وعد التي كانت تلقي عليهم من حين لآخر بفمها الممتلئ ما فعلته وتراه بطولة تستحق التصفيق عليه…
وبعد انتهائها وانشغالها بالطعام تحدثت دلال مندهشة:
-بس أنا مستغربة ازاي طلب الاول خمس أرانب وبعد ما قفل اتصل تاني وطلب عشرة…
ضحكت وعد وهي تخبرهم بفخر:
-اه شوفتي الاهطل…بس متستغربيش انا اللي قولتله خمسة أرانب ميجبوش فيلا وعربية عشان كدة اتصل تاني وبدل ما يطلب عشرين ولا حاجة طلب عشرة بس.. اهبل اوي بجد…
هنا ولم يستطع كلا من جابر ومروان ومؤنس كتم ضحكاتهم وانفجروا بالضحك عليها بذات الوقت…
توقفت هي عن مضغ الطعام ورددت:
-انتوا بتضحكوا على ايه؟؟؟
-على هبلك وهطلك طبعا…
هكذا ردد مروان فأشارت نحو الثلاث محدثة أبيها:
-شايف يا بابا..بيتريقوا عليا إزاي..
ثم نظرت إليهم قائلة:
-طب والله اقوم انفخ في وشكم انا وكلة بصل أخضر….اخليكم تقوموا تجروا..
توقفوا بعد لحظات وتحاشت هي النظر لـ أشرف طوال الوقت تخجل مما حدث بينهم واوشكوا على ارتكابه…
أما جابر فأنتبه لنظرات ثراء من حين لآخر نحو مؤنس وتلك اللمعة الحزينة التي تتواجد بمقلتيها..مما جعله يتقن مشاعرها نحو هذا الشاب وهذا ما جعله يتضايق ويتوقف عن الأكل ولا يدري سبب ما حدث معه……
أما عن وئام فتجاهلت عابد تمامًا مثلما كان يفعل…منزعجة بشدة من اسلوبة الذي يتبعه معها…وكيف قام بتكبير وتضخيم الأمور بينهم.
هنا ولاحت فكرة بجال وعد وصاحت مقترحة على أبيها:
-بابا ما تيجي نطلع الساحل قبل الترم التاني ما يبدأ ونغير جو..
رد أيهم على الفور يرفض هذا الجنون:
-انتِ مجنونة يا وعد حد يطلع الساحل في الجو ده…
-ده احلى جو وبعدين احنا مش هننزل البحر احنا بس هنغير جو..وكمان عمتو مهرة تيجي معانا….
استحسنت الفتيات تلك الفكرة و وافقوا عليها داعمين وعد مما أجبر أيهم والبقية على الموافقة مخبرين إياهم بموافقتهم على السفر….غافلين عن أشرف..ونضال اللذان على وشك الانفجار…فهذا البغيض مؤنس سيكون معهم..وسيقضون أوقاتهم معه….أما عابد فكان سبب غضبه هو سفرها وبقائها بعيدًا عنه…
صاحت وعد بتهليل:
-يعيش بابا وعمامي وجدوا يعيشوا…ايه رأيكم نسافر بكرة بليل..سفر بليل حلو..
وافق مؤنس، هاتفًا بحماس متناسيًا تمامًا أمر أشرف وغيرته:
-فكرة تجنن…ونبقى نلعب ماتش كورة…
فصاحت داليدا مقترحة بحماس هي الأخرى:
-ونبقى نلعب الشايب كمان..
كز نضال على اسنانه يردد مع نفسه:
-ده انا اللي هلعب في عداد عمرك…
*****************
بالمساء…
رحبت “عفاف” بابنتها “زينة” التي عادت من عملها للتو..لاحقة بها إلى غرفتها تقترح عليها ببسمة واسعة على غير العادة:
-غيري هدومك يلا وتعالي يا حبيبة أمك..عملتلك صينية المكرونة بالبشاميل اللي بتحبيها..وخليت ابوكي نزل جبلك عصير الرومان اللي بتحبيه.
طالعتها ابنتها بشك، مضيقة حدقتاها تعلق على هذا التبدل والدلال المفرط:
-وده من امتى الرضا ده كله..مش كنتي قالبة وشك في وشي الصبح؟؟
-ده كان الصبح بقى..وخلاص راح في حاله..يلا غيري وادخلي اغسلي ايدك كدة عقبال ما احضر السفرة…
انتهت من كلماتها مفارقة مكانها..غير منتظرة اي إجابة أو تعقيب منها..
هزت زينة كتفيها بدهشة وتعجب ولم تهتم مبدلة ملابسها إلى أخرى…ثم خرجت وتحركت صوب المرحاض…
بعد لحظات كانت تخرج فتناهى إليها نداء والدتها، مغمغمة:
-يلا يا زوزة الصينية هتبرد..
توقفت مكانها تكرر ذلك الاسم التي رددته بذهول:
-زوزة !!
ارتخت قسماتها وبدأ الشك يتسلل قلبها ويخبرها بأن هناك أمر ما يخفي عليها..لكنها ستدركه عاجلًا ام أجلًا..
دنت من السفرة الجالس والدها على إحدى مقاعدها و والدتها على آخر…وبين يدها السكين تقطع المكرونة وتضعها بالصحون..
سحبت زينة مقعدًا فوضعت عفاف الصحن أمامها ببسمة لا تستطع اخفائها…
ابعدت انظارها عنها وطالعت أبيها فوجدته متجهم الوجه يطالع الصحن من أمامه…
رفعت حاجبيها وكثير من التساؤلات تدور بداخلها..
بدأت زينة بوضع الطعام بفمها..وما كادت تشرع بمضغه حتى صاحت عفاف تخبرها بسعادة:
-شوفتي اللي حصل النهاردة؟
مضغت ما علق بفمها بصعوبة، متمتمة بقلق:
-خير إيه اللي حصل؟
أخبرتها عفاف بسعادة مفرطة:
-حسن ابن محمد اللي عندهم سوبر ماركت على اول الحارة كلم ابوكي انهاردة وعايز يجوزك..يعني يا سعدك يا هناكي.
تركت زينة “شوكة الطعام” من يدها، صارخة بهدر:
-أنتِ بتقولي إيه؟ ومين قالك اني هوافق عليه !!!
ردت عليها بحنو تحاول إقناعها:
-هتبقي عبيطة لو رفضتي الواد متريش..وعنده سوبر ماركت كل اللي في الحارة داخلين خارجين عليه…يعني بيكسب ياما..واخوه عايش برة وملوش أخوات بنات هيقرفوكي..وامه طيبة مش زي دلال المخفية…وحطي فوق كل ده هيجبلك الشقة اللي تشاوري عليها وهيجهزهالك على ذوقك..ومش هيقولك لا على حاجة.
هبت من جلستها ترفض بقوة:
-وانا قولت مش موافقة يا ماما…
اندفعت والدتها هي الأخرى تضيف بحنق وسخط من رفضها لمثل هذا الشاب:
-ما هو أنتِ لو فاكرة أن لسة ليكي فرصة مع اشرف تبقى هبلة وتبقى بضيعي عريس ميتعوضش..عيشي حياتك وشوفي نفسك بقى زي ما هو شافها..
-أنا مش برفض عشان لسة بفكر في أشرف…انا اللي مش عايزة اتجوز وخرجي أشرف من دماغك بقى..
هنا وتدخل “أسامة” مصوبًا حديثه إلى ابنته:
-زينة أنتِ عارفة انا بحبك إزاي..وان محدش هيبقى عايز مصلحتك قدنا..عشان كدة انا عايزك تفكري تاني..حسن مش وحش..بالعكس الشاب محترم وشاريكي وجه كلمني ومستني مني كلمة عشان يجيب امه ويجي..انا مش هضغط عليكي خدي وقتك يا بنتي ولو رفضتي هحترم ده..
شارفت عفاف على التدخل والصياح بزوجها لولا نظراته النارية ويده التي أشارت لها بالتوقف مغمغم:
-ولا كلمة كمان الكلام خلص…
ثم حدق بابنته متابعاً بنبرة حنونة لا تشبه سابقتها بشيء:
-اقعدي يا بنتي كملي أكلك يلا عشان خاطر ابوكي..
*******************
دوى رنين هاتف “أبرار” بأركان غرفتها التي دخلتها عقب مغادرة عائلة سلطان وعائلة مهرة..
التقطته وأجابت عليه رغم عدم إدراكها لصاحب الرقم…
-ألو..
آتاها صوت “خالد” الهادئ المحب المسبب في ارتفاع وتزايد خفقاتها:
-اخبارك إيه..انا خالد…
دلكت عنقها وهي تزيف عدم إدراكها مغمغمة:
-ايه ده بجد…تصدق معرفتش صوتك..متغير كتير..
ابتسم بعدم تصديق مستنشفًا كذبها عليه، قائلًا بكذب هو الآخر:
-ده بجد!! على العموم أنا بتصل بيكي عشان وسام حابب انه يكلمك..ويسمع صوتك..اصلك وحشتيه يا ستي..
ردت عليه بصدق:
-وهو كمان وحشني اديهوني لو سمحت..
اعطى خالد الهاتف لوسام الذي تهللت أساريره وقال :
-ابرار I Miss you
اتسعت بسمتها تجيب:
-حبيبي وانت كمان وحشتني..عامل ايه..
-الحمدلله..تعرفي انك وحشتي بابي كمان مش انا بس وهو اللي قال نكلمك و
جحظت عين خالد وانتشل الهاتف كاتمًا الصوت كي لا يصل إليها:
-انت بتهبب إيه؟!!
-بقولها الحقيقة الكدب حرام يا بابي..وانت كدبت عليها…
صك على أسنانه وأمره بضيق:
-انت مش بتقول الحقيقة انت بتفتن وبطلعني كداب.. اتفضل قوم ادخل اوضتك يلا…
وقبل أن ينصاع الصغير إلى امره هتف:
-على فكرة جابر قالي الفتنة مش حرام…
ردد خالد اسم جابر بغيظ مغمغم:
-أنا كنت حاسس أنه زفت…ادخل اوضتك يلا..
دبدب الصغير بقدميه أرضا و اتجه لغرفته…أما أبيه فعاد لمحادثته معها قائلا:
-معاكي يا أبرار..
-ايه اللي حصل والصوت مبقاش طالع ليه..وفين وسام؟
-دخل نام..المهم والدك كلمك؟
ردت بصدق فحتى الآن لم يفاتحها والدها بشيء فقد استمعت لحديثه مع والدتها واخباره إياه بقدوم خالد كي يتقدم إليها وحتى الآن لم يقل لها شيء مخمنة استفساره حوله:
-لا لسه…
-تمام..انا اتكلمت معاه وفهمته ظروفي وكل حاجة..
عضت شفتيها بحماس وتساءلت بفضول:
-هو انت جبت رقمي منين؟؟
رد ببساطة:
-رقمك مش صعب اجيبه..
تنهدت راغبة بإنهاء تلك المكالمة:
-طيب تصبح على خير بقى وبوسلي وسام..
رد بتلميح ماكر:
-هوصلها…عقبال ما تبقى معانا وتبقي تبوسيه كل يوم…هو وأبوه…
ابتلعت ريقها وارتبكت ولم يخرج صوتها فقط اغلقت بوجهه واضعه يدها على قلبها…تاركة اياه يقهقه بصوت عالي…
فتح وسام الباب وقال بتذمر:
-بابي وحش بيضحك وهو مزعل وسام..وانا زعلان منه..ومش هكلمه…
انتهى صافعًا الباب في وجهه أبيه تاركًا ضحكاته تعلو على طريقته المرحة الجميلة الخاطفة للقلوب…منادي عليه وهو ينهض من مكانه ينوي مصالحته وعدم تركه هكذا:
-طب خد اقولك….
********************
دخل سلطان ودلال وأبنائهم المنزل..تحرك كل منهم قاصدين غرفهم…وقبل أن يتقدموا اي خطوة أخرى كان صوت سلطان يصدح بالأرجاء ينتشلهم من أفكارهم مرددًا اسم إبنه الفاشل الفظ:
-جــــــابـــر.
التفت إليه جابر يحدقة بنظرات مستفسرة، يجيب:
-ايوة يا يابا؟!
ظهرت شبه بسمة على وجه سلطان وعلق:
-اكتر حاجة بحبها فيك يا واد احترامك وادبك..
ابتلع جابر غصة مريرة علقت بحلقه وتحاشى النظر لاشقائه المتابعين بفضول لما يريده وسبب ندائه فحتى الآن يجهلون سبب تلك الكدمات على وجهه..
استرسل سلطان بنبرة باتت قوية صارمة:
-البنت اللي اسمها أروى اللي كنت بتلعب بيها وأخوها وأبوها جم اتخانقوا معاك…انا اتفقت مع ابوها اننا هنتقدملها وانك هتجوزها…
شحب وجهه وصاح بصدمة ليست هينة لا يصدق ما فعله:
-ايه الكلام ده ؟؟؟؟!!!!!! مين قال اني عايز اتجوز..وحضرتك بتقرر بدالي ليه ؟!!!
-مش بمزاجك…كفاية بقى مسخرة وقلة ادب وصياعة…خليك راجل بقى وأعرف أن البنات مش لعبة….
-لا بمزاجي عشان أنا اللي هتجوز مش أنت ولا اي حد تاني غيري…انا مش هتجوزها ولا هتجوز غيرها…وبدل ما كانوا جم واتشطروا عليا كانوا ربوها وخلوا بالهم منها..بدل ما هي ماشية على ح
قاطعه سلطان يزمجر به:
-هتتجوز ورجلك فوق رقبتك ولو قولت لا الباب يفوت ميت جمل…ومش عايز اشوفك لحد ما اموت….
-يعني إيه؟؟؟ انت بتهددني؟!!
-آه بهددك…لو مجتش معايا وطلبت البت هتبرأ منك وملكش مكان وسطنا….
ابتسم جابر بقهر، متحدث بثوران و ألم انعكس على نبرته يغفل عن النظرات المتبادلة بين اشقائه و والدته:
-أنا كدة كدة مليش مكان وسطكم…محدش فيكم بيحبني ولا بطيقوني..كلكم بتكرهوني…وجودي بالنسبالكم زي عدمه….عينك مش بتشوف غير خليل اللي قاعد ومربع جوه قلبك.. وأمي مفيش على حجرها غير أشرف…حتى اللي المفروض أنه توأمي يطيق العما وميطقنيش…حتى نضال..زيه زي عابد بضبط…ومدام انا كدة كدة مكروهة يبقى اكرهوني بزيادة بقى…………….
يتبع.
فاطمة محمد.
رأيكم وتوقعاتكم. ❤️💫
الفصل التالي: اضغط هنا
يتبع.. (رواية كارثة الحي الشعبي) اضغط على اسم الرواية لتجد الفهرس كاملاً بجميع الفصول.