رواية كارثة الحي الشعبي – الفصل الحادي والستون
الفصل الواحد والستون
أنظر جيدًا.
كارثة الحي الشعبي.
فاطمة محمد.
الفصل الواحد والستون:
اتسعت عين نضال ورفع يديه ماسحًا على خصلاته بقوة يفكر في حل ما..بينما طرحت “دلال” سؤالها قائلة:
-كشفتك في إيه وكدبت على مراتك في ايه يا ولا انطق؟؟؟
لم يجيب عليها وظل على حاله يفكر في طريقة يخرج بها من هذا المأزق..فـ اخر شيء يرغب به هو خسارتها…يا ليت الوقت يعود به وما كان ذهب مع أخيه لهذا المكان…..
كررت سؤالها بشيء من الحدة والصرامة:
-هو أنا مش بكلم وبسألك كدبت على مراتك في إيه؟؟؟ مبتردش ليه أنت؟؟ رد عليا هببت ايه؟؟؟
التفت إليها كلا من خليل وأشرف وتحدث خليل اولًا يقترح عليها:
-ماما ممكن نطلع دلوقتي وهو بعدين هيحكيلك؟؟
رفضت هذا الاقتراح وأصرت على معرفة ما يدور من حولها ومع ابنها وبـ ماذا كذب على زوجته:
-لا مش هطلع قبل ما اعرف في إيه…ما حد فيكم ينطق حصل إيه؟؟
زفر “أشرف” بضيق وقال وهو يجذبها معه للخارج بهدوء:
-حبيبتي متقلقيش مشكلة صغيرة بينه وبين داليدا.. وعابد وجابر هيفكروله في حل..يلا احنا نسيبهم بقى عشان ينقذوا الموقف..
وبتلقائية ونظرة خاطفة نحو نضال ردت عليه:
-طب ما انقذوا أنا…ده أنا دلال حلالة المشاكل…
تحدث معها أشرف مرة أخرى واقنعها بالانسحاب من الغرفة خارجًا معها هو وخليل تاركين نضال رفقة عابد وجابر…مغلقين الباب عليهم…
بعد ذهابها بارح نضال مكانه ومسكب بتلابيب أخيه متحدث بانفعال وخوف من خسارتها:
-انت السبب في اللي أنا فيه ده..وانت اللي هتحله…اعمل انا ايه دلوقتي..اقولها ايه؟؟ وانا إزاي غبي كدة ومجاش في دماغي انها داليدا.
علق جابر يحاول تهدئته:
-اللي حصل حصل خلاص..المهم دلوقتي هتعمل ايه…لازم نفكر في حل..
ترك نضال عابد واتجه بانظاره واهتمامه نحو جابر يستفسر منه بلهفة:
-اه اعمل ايه قولي…قولي اعمل ايه.. انا مش هستحمل اخسر داليدا…فكرلي في حل يا جابر….
رد عليه وهو يحك مقدمة رأسه:
-هو مفيش حل غير انك تقلب عليها الترابيزة..
وبلهفة شديدة تليح على محياه تساءل:
-اه اقلبها بس اعملها ازاي دي؟
آتاه صوت “عابد” من خلفه متمتم:
-تعملها بانك تعرفها انك عارف من اول ما بعتت انها هي..وطاوعتها في لعبتها..
تابع جابر ما توقف عنده عابد:
-بضبط.. المفروض اصلا انك قايلها أنك كنت عند الميكانيكي معانا.. والبت اللي بعتالك دي بتقولك كنت سهرانة معاكم..وانت يا غلبان يا قلب أمك مكنتش سهران مع حد..ومفيش غير مراتك هي اللي كانت شكه فيك…فـ بالتالي باين اوي انها داليدا…وانت عشان ذكي عرفت ده وجارتها في اللعبة عشان تشوف آخرها…وبعدين بقى انت اللي تضايق وتبقى متعصب عشان هي مش واثقة فيك وبتكلمك من اكونتات فيك..وتقولها أنتِ لو مش واثقة فيا يبقى كل واحد يروح في طريقه..انا مش هكمل مع واحدة شكاكه…
جحظت عين نضال وقال يرفض حديثه الأخير:
-لا طبعا أنا مش هقول كدة..افرض زعلت وقالتلي ماشي كل واحد من طريق اعمل انا ايه ساعتها….
عقب عابد ببسمة بسيطة:
-مش هيحصل..لأن بكلام أخوك جابر موقفك انت اللي هيبقى الاقوى ولو شهدت اي حد هيقولها انها هي اللي غلطانة من ساسها لرأسها…
هز جابر رأسه يؤكد هذا له مغمغم:
-وخلي بالك لازم متتهاونش معاها خالص وتديها على دماغها بسبب اللي عملته يعني سهوكة.. ونحنحة بلاش منها لو عايز تكمل معاها وتعدي الموقف ده..
تنهد نضال بشيء من الراحة مستحسنًا تلك الفكرة… وبتلك الأثناء خرج صوت جابر من جديد هاتفًا:
-اتمنى انك تكون اتعلمت انك بعد كدة لما تتخانق أو تزعل مع مراتك متروحش تسهر في الاماكن دي.. عشان بتيجي على دماغك في الآخر.. ومش كل مرة هنلاقيلك حل..
اماء له برأسه بموافقة على حديثه مدركًا بأنه محقًا بهذا فالشجار والخلاف مع المرأة الذي يحب لا يعني ذهابه لمثل تلك الاماكن……
**************
-بابا ممكن اتكلم مع حضرتك.
هكذا أردفت زينة راغبة بالحديث مع والدها مستغلة تواجد والدتها داخل المطبخ..كي تبدي موافقتها على تلك الزيجة التي تبدل شعورها نحوها..فبعد أن كانت تشعر بالنفور الان ترحب بها…وهذا لم يحدث إلا بعد تأديتها لصلاة الاستخارة..
وافق أسامة على هذا بل ورحب كثيرًا:
-اكيد يا حبيبتي تعالي اقعدي جمبي..
جلست بالفعل ورضخت لطلبه مانحة إياه بسمه سبقت موافقتها التي كانت على طرف لسانها:
-أنا موافقة يا بابا على حسن..تقدر تبلغه بموافقتي و تقوله يجي هو وأمه…
ضحك أسامة وسعد بهذا الخبر متمتم بفرحة:
-بتكلمي جد..أخيرًا يا بنتي..ربنا يتمملك على خير يارب ويسعدك….يا ام زينة…تعالي افرحي معايا…..
آتت عفاف من المطبخ وهي تلوح بيدها بحنق من مناداته لها:
-في ايه يا راجل؟؟
-زينة موافقة تجوز حسن….
تهللت اساريرها وبدون أن تشعر أطلقت الزغاريد…وعند توقفها تحدثت مع ابنتها:
-اخيرًا فرحتي قلبي…روحي ربنا يسعدك يارب..هو ابن حلال ويستاهلك…
*************
-بتعملي ايه يا مجنونة أنتِ اهدي مش كدة..
تلفظت “أبرار” محاولة ردع داليدا التي اندفعت والتقطت هاتفها وجاءت برقمه و وضعت الهاتف على أذنيها منتظرة إجابته..
لم تجيب عليها ومسحت دموعها…
أجاب عليها نضال بتلك اللحظة بهدوء مفتعل وكأنه لا يدري شيء..او يفعل شيء:
-أيوة يا داليدا..لسة فاكرة تردي؟
وبقلب يتمزق من خيانته وكذبه عليها قالت:
-تعالى البيت دلوقتي حالًا…
لم تعطيه أو تمنحه فرصة للرد منهية المكالمة…ثم أولت الفتيات ظهرها كي تهبط للأسفل..
لحقت بها ابرار وقالت بانفعال كان طفيف:
-انتِ ناوية على إيه..متخربيش حياتك بإيدك يا داليدا..
أوشكت وعد على الحديث فقامت ابرار برمقها بنظرة مشتعلة صارخة عليها:
-اسكتي انتِ ومتدخليش في الكلام بيني وبينها….
ثم عادت تنظر إلى داليدا متمتمة بهدوء:
-حبيبتي متستعجليش وتاخدي قرار في لحظة غضب…الغضب بيبقى ثواني…دقايق..ساعات..لكن الندم بيفضل ملازم صاحبه..وانا مش عايزاك تندمي على تسرعك ده…
-وانا مش هندم يا أبرار..نضال خاني..وكدب عليا..قالي أنه عند الميكانيكي وهو في الحقيقة كان قاعد ومقضيها مع بنات…ومش أنا اللي اتخان ويداس على كرامتي واسكت….
تحدثت بحسم ونبرة قوية منطلقة من الغرفة هابطة للأسفل كي تتحدث مع أبيها وتخبره برغبتها بالانفصال عنه………..
تحركت وعد كي تلحق بها فمسكت ابرار مرفقيها وقالت بحنق وغضب وهي تطالعها وتطالع ثراء:
-عجبكم كدة..انبسطوا باللي حصل وأنه الموضوع هيكبر…انا مش عارفة انتوا بتفكروا ازاي..انتوا لو بتكرهوها مش هتعملوا كدة..
دفعت وعد يديها متحدثة بتشنج من القاء اللوم عليهم بدلًا من القائه على ذلك الخائن:
-احنا لو بنكرها بجد هنقبل عادي أنه يخونها ويجي على كرامتها ونسكت….انا اللي مش فاهمة أنتِ بتفكري ازاي أنتِ وهي..
قالت الأخيرة مشيرة نحو وئام الصامتة والتي ترمقهم بنظرات تشع لومًا وعتابًا مما فعلوه مع داليدا….
وعقب قولها الأخيرة تحركت ومن خلفها ثراء…ثم تابعتهم كلا من ابرار و وئام….
أما نضال فكان لا يزال بغرفة عابد يتحرك كالمجنون يحاول جمع شتاته وتحضير كلماته لما سيحدث بعد الآن…..
مستمعًا لكلمات جابر ونصائحه التالية:
-عايزك تبقى تقيل..و رزين..واثق من نفسك وانك مغلطش..الغلط من عندها هي…وتقلب التربيزة عليها…شوفت كلمتها ازاي في التليفون عايزك تثبت على كدة…..و ربنا معاك ويقدرني على فعل الخير وحسبي الله ونعمه الوكيل فيكم كلكم….
***************
تجهم وجه “سليم” ونهض من جلسته جوار زوجته والتي لم تقل أو تختلف حالتها عنه بشيء ناطقًا بصدمة ممزوجة بدهشة غير محببة بالمرة:
-بتقولي ايه ؟؟ سمعيني كدة تاني !!
بللت شفتيها وقالت بهدوء ودموع تهبط على وجنتيها:
-بقول لـ حضرتك نضال جاي دلوقتي ياريت تقوله اني عايزة اطلق واني مش هكمل معاه…
رد عليها بإنفعال واضح من طريقتها بالحديث وعدم إيضاحها أو قولها لسبب قوي يجعلها ترغب بهذا:
-هو لعب عيال يعني ولا ايه؟؟ ده جواز..قوليلي عملك إيه..ولا ايه اللي حصل عشان يوصلك انك تطلبي الطلب ده؟
دنا منه أبناء اعمامه من أيهم..إياس..بسام..مروان..وأخيه آدم يهدأون روعه..فقال أيهم :
-اهدا يا سليم.. وانتِ يا داليدا ايه اللي حصل يا بنتي..احكيلنا…
هنا واعلن جرس المنزل عن حضور نضال أخذت نفسًا عميقًا واسرعت ثراء بالفتح له….
وبعدما فعلتها اغلقت الباب وتحرك الاثنان معًا نحو حجرة الصالون…
تحولت الأنظار نحو نضال وبتلك اللحظة صدح صوت داليدا تخبرهم بدموع تتجدد داخل مقلتيها وقلب يتقطع أربًا..:
-عايزين تعرفوا عايزة اطلق ليه؟؟ هقولكم وقدامه..انا عايزة اطلق علشان معنديش استعداد اكمل مع واحد كداب وخاين زيه…ضحك عليا وقالي أنه كان مع اخواته عابد وجابر عند الميكانيكي وهو في الحقيقة بيخوني..
اتسعت أعين البعض وقدحت شرارًا…بينما ابتلع نضال ريقه وتحدث بقوة استجمعها بصعوبة شديدة:
-وانتِ عرفتي منين اني بخونك ها؟؟؟ ما تقوليلهم عرفتي منين وعلى أي أساس بتتهميني باني كداب وخاين ها؟؟؟
تدخل مروان وصوب سؤاله لـ داليدا:
-ردي يا داليدا عرفتي منين انه بيخونك..حد شافه وقالك..ولا عرفتي من انهي داهية؟؟
ردت بتشنج مفرط و دموع لا تتوقف بل تزداد:
-عرفت مكان ما عرفت..مش مهم عرفت منين المهم الفعل..وأنه فعلا خاني..
رمقت وعد نضال بنظرة كارهه لما سببه وفعله بـ داليدا وقالت تؤيدها:
-بضبط..وبعدين مدام بيخونها دلوقتي هيعمل ايه قدام؟…
اقتربت روفان من ابنتها واخذتها باحضانها..بينما اقترب سليم من نضال و وقف بمواجهته وتساءل بترقب:
-الكلام اللي بتقوله داليدا ده مضبوط يا نضال؟؟
وقبل أن يجيب كانت هي تسبقه متحدثة من بين شهقاتها:
-انت لسة بتسأله يا بابا..لو سمحت خليه يطلقني ومشيه مش طايقة اشوفه…
خرج صوت نضال أخيرًا وقال بخذلان وعدم تصديق لما تفعله:
-أنا بجد مش مصدق اللي أنتِ بتعمليه..وفوق انك غلطانة لسة بتكلمي…
صمت ثواني ناظرته خلالهم بنظرات مشتعلة وقالت وعد بهذا الوقت:
-تكلم براحتها بلاش بجاحة الله يباركلك..
كز على اسنانه من تدخل زوجة اخيه بلسانها السليط وبدلًا من إصلاحها للأمور بينهم تزيدها سوءًا….
بلل شفتاه وقال بعصبية مشيرًا نحو زوجته وعيناه تنظر داخل عيون والدها:
-الكلام اللي هي بتقوله ده محصلش وانا مخنتهاش ولا حتى كدبت…بالعكس هي اللي غلطانة في حقي ومعندهاش ثقة فيا….فيها ايه لما اروح مع اخواتي عند الميكانيكي ها؟؟؟ وفيها لو مردتش على التليفون؟؟ هو ده معناه اني بخونك….انا مش مصدق بجد وفوق كل ده دخلة تكلميني من اكونت فيك..كنتي مستنية مني ايه ها؟؟ قوليلي مستنية مني اقول إيه؟؟
توقفت عن البكاء وطالعته بدهشه وصدمة من إدراكه لأمر هذا الحساب المزيف…بينما ابتلع هو ريقه وتابع وهو يخرج هاتفه ويأتي بتلك المحادثة بينهم ثم وضع الهاتف بين يد سليم وجعله يقرأها:
-انا معملتش حاجة..لا خونتها ولا كدبت يا عمي…ومن شوية اتصلت عليها مردتش عليا وبعديها بفتح التليفون لقيت اكونت غريب باعتلي وصاحبته بتقولي أن هي اللي كانت سهرانه معانا…ممكن اعرف ازاي الكلام ده وانا مكنتش سهران مع حد؟؟؟؟ عرفت علطول انها داليدا عشان هي كانت شكة فيا..وثقتها مع الأسف معدومة..فقولت ارد عليها واشوف آخرها ايه..هو ده كل اللي حصل…
نظر مروان نحو داليدا وقال بأسى مما فعلته:
-يخربيتك..ده الشيطان بيعيط منك وبيقولك شابوه..وبعدين ما قالك كان مع اخواته في ايه بقى !
أعاد سليم له الهاتف…فالتوى ثغر نضال ببسمة غير مصدقة..وقال بخيبة أمل:
-حقيقي مصدوم فيكي…مكنتش اتصور أنك شايفاني كدة..وثقتك فيا زيرو…ولو مش واثقة فيا يبقى الأحسن فعلا أن كل واحد يروح في طريق لأن معنديش استعداد بصراحة اتجوز واحدة شكاكة….عن إذنك يا عمي..عن إذنكم يا جماعة…
غادر.. لم ينتظر سماع جوابها خوفًا من أن يتطور الأمر ويصل إلى الانفصال الفعلي……
بعد ذهابه كانت وعد اول من يتحدث قائلة بتهكم:
-انتوا صدقتوه؟؟ ده الكدب بيطلع من عينه…وبيقلب التربيزة عليها…
اتسعت عين مروان مما تفعله تلك الفتاة وصاح عليها:
-انتِ مالك يا شيطانة أنتِ…بتتحشري ليه يا خرابة
ما تحطي جزمة قديمة في بُقك… وأنتِ يا داليدا ايه الافورة دي؟؟ انتوا نكديين ليه ؟ ما تلموا نفسكم بقى ولموا الدور بدل والله اقلع الجزمة واطيح فيكم….انا اخري جاب اخره منكم..
-الله !! ما تهدأ يا مروان..وبعدين أنا قريت عينه وبقولك ده كداب…
تحدثت وعد من جديد فسارع مروان بالانحناء وخلع حذائه واندفع نحوها…
اتسعت عيناها بعد رؤيتها لرغبته في النيل منها مغتاظًا من أفعالها غير العقلانية والتي لا تدري ما سيأتي من خلفها وينتج عنها:
-خدي يا بت…ولما أنتِ بتفهمي اوي كدة يختي مفهمتيش ومقرتيش عيني ليه اني هجري وراكي بالجزمة…….كتك القرف…..
*************
-طمني وقولي عملت إيه؟؟ كله تمام ولا عكيت الدنيا؟
تساءل جابر الذي استقبل نضال بحديقة منزلهم متلهفًا لاستماع جوابه…
تنهد نضال براحة وتحدث :
-كله تمام.. قلبت عليها التربيزة..وهي اتصدمت..وانا اتصدمت في نفسي…انت واخوك دماغكم دي داهية..بس الحمدلله…يلا ندخل..عشان لسة مغلول من أخوك عابد..وحاسس اني عايز اتخانق معاه..
تحرك بعد قوله الأخيرة والجًا المنزل و جابر من خلفه…
وقبل أن يستفسر عن مكان عابد سواء كان بغرفته أو هنا بالاسفل..وجد أشرف وخليل يظهران ويستفسران منه عما فعله:
-عملت إيه؟
اماء لهم يطمئنهم:
-كله تمام…متقلقوش…
وقبل أن يتحرك حدق بـ أشرف وقال بغيظ وغل:
-على فكرة مراتك دي اللي حايشني عنها انها مراتك..ما تطلقها..ايه رأيك؟؟؟
وبحاجب مرفوع استفسر:
-عملتلك إيه؟
-لا ولا حاجة..كانت بتولع الدنيا بس…وبتقوم داليدا عليا..بس الحمدلله ربنا ستر…هو فين عابد؟
-أنا اهو..عملت ايه؟
حدقه بنظرة شمولية من أعلاه لاسفله ثم قال بأشمئزاز:
-ملكش دعوة واخفي عن وشي عشان ممسكش فيك انا مش طايقك..عشان كله منك وبسببك….
خرجت دلال من حجرة الصالون بتلك اللحظة وهاتفها على أذنيها وتثرثر مع شقيقتها وهي ترمقهم بسخط:
-لا سلطان نايم…وهما اهو عايزين يمسكوا في بعض اصلي مربتش…انا لو كنت ربيت كان طمر فيهم.. يارتني كنت ربيت فراخ وحمام كان هيبقى احسنلي…
وجدت أنظار الأربعة مسلطة عليها عدا أشرف الغاضب من وعد فصاحت بهم:
-بص ياض قدامك انت وهو.. انتوا هتصوروني…..بقولك ايه يا أشرف..
وقبل أن تكمل انطلق من مكانه كالسهم نحو غرفته و وجهه يبشر بالشر..ضربت على صدرها وغمغمت بحسرة:
-لا ده يا رتني كنت ربيت فراخ وحمام بجد….
*************
ولجت “رحمة” غرفة وعد والتي لجأت إليها للاختباء من مروان الثائر…
وجدتها تقف أمام المرآة وعلى مشارف تصفيف خصلاتها والضيق يرتسم على وجهها..
اغلقت الباب واقتربت منها تخبرها برغبتها بالحديث معها:
-عايزة اتكلم معاكي..تعالي نقعد..
قالتها وهي تجذبها من يدها نحو الفراش..جلسا الاثنان على طرفه وبدأت رحمة بالحديث:
-عايزة اعرف دلوقتي أنتِ راضية عن نفسك باللي عملتيه تحت ده؟؟
عقدت حاجبيها بعدم فهم وقالت:
-مش فاهمة غرض السؤال…بس انا اكيد راضية عن نفسي…هو في إيه؟
-في أن اللي تحت اضايقوا منك..مشوفتيش بيبصولك إزاي…سواء ابرار ولا وئام…ولا علياء…او حتى روفان.. وخالتك مريم..انا بس اللي شوفت ده…أنتِ ليه تعملي كدة؟؟
وبجهل عما فعلته تساءلت بقلق:
-عملت ايه انا فهميني عشان بجد مش فاهمة؟؟
ازدردت والدتها ريقها ثم حدثتها بهدوء:
-أنا عارفة انك بتحبي داليدا.. وبتحبي البنات كلها وعايزاهم مبسوطين وفرحانين..بس طريقتك غلط يا وعد…أنتِ شبهي واخده مني الوحش والحلو..وانا مش عايزة ده..انا عايزاكي أحسن مني..كل ام عايزة بنتها تبقى احسن منها…عارفة أن كلامي متأخر..بس كمان عارفة أن الوقت متأخرش..وأن بنتي الحلوة هتسمع من امها اللي بتحبها وعايزة مصلحتها…
بررت ودافعت عن ذاتها:
-أنا معملتش حاجة يا ماما أنا..
قاطعتها قائلة بذات الهدوء مرافقة إياه تلك المرة ببسمة بسيطة:
-لا يا وعد عملتي..ولو كنتي استمريتي كنتي هتخربي على داليدا وهتبقي السبب في تعاستها..رغم انك عايزاها مبسوطة..بس مش ده اللي كان هيحصل…وكله خد باله..أنتِ الوحيدة اللي كنتي بتكلمي وكلامك اتاخد على أنك بتولعي الدنيا..وده حقيقي أنتِ كنتي بتولعي الدنيا يا وعد…وممكن لو حد غريب موجود كان افتكر انك عايزة تخربي وتتعسي داليدا لسبب ما..يمكن غيرانه..يمكن مش عايزاها مبسوطة.. أفعالك واندفاعك غلط…
شردت وعد وفكرت بحديثها…فلم ترى الأمر هكذا…فقط كل ما فكرت به هو إنقاذ داليدا من هذا الخائن فهي تعشقها بتلك الدرجة التي تجعلها لا تتقبل أن يخونها زوجها وينظر لأخرى وهي معه….
لم تكتفي رحمة بهذا وتابعت متأمله أن تتغير ابنتها وتبات أفضل:
-حتى طريقتك مع اشرف مبتعجبنيش دي مش طريقة واحدة مع جوزها.. الراجل عايز واحدة حلوة..دلوعة..تدلعه..تهتم بيه و في نفس الوقت تبقى عاقلة..وتقف جمبه وتعرف تحتويه وتحب أهله وتحبلهم الخير… قوليلي أشرف كان هيبقى ايه موقفه منك لو كان واقف وشايفك وسامعك وأنتِ بتخربي على أخوه وهتتسببي في طلاقه بكلامك؟
وبنبرة يغلفها الضيق قالت:
-كان ممكن يزعل..بس برضو هيعذرني..
نفت رحمة حديثها وتابعت:
-لا يا وعد متضحكيش على نفسك..مفيش راجل هيقبل أن مراته تخرب على اخوه وتتسبب في طلاقه هو ومراته…أنتِ جميلة يا وعد..بس لو طريقتك اتغيرت مع اللي حواليكي هتبقي اجمل بكتير…احتفظي بالحلو اللي خديه مني..وسيبي الوحش…لأن انا نفسي لو امي الله يرحمها كانت عايشة وقالتلي اعملي كذا ومتعمليش كذا مكنش ده بقى حالي..ولا كنتي طلعتي كدة..والحمدلله أن اختك هاديه عنك…
ابتسمت وعد بوجع فقامت رحمة بتقبيلها على جبينها متحدثة بحنو:
-مش عايزاكي تزعلي مني…بس انا عايزاكي مبسوطة ومش عايزة حد يبصلك بطريقة مش حلوة أو يفهمك غلط..
ابتلعت ريقها فمن الواضح أن حديث ابرار معها كان محق…وهي من اخطأت وتمسكت بخطأها هذا…
-حاضر يا ماما…هحاول والله…وصدقيني والله ما قصدي ولا فكرت فيها كدة خالص…
بعد ذهاب رحمة من غرفتها ارتفع رنين هاتفها معلنًا عن اتصال من زوجها ومعشوقها…ابتسمت بخفوت فقد كانت على وشك الاتصال به والإفصاح عما حدث بينها وبين والدتها وكيف تشعر بالذنب حيال ما فعلته وحيال حماقتها و رؤيتها السطحية للأمور…
ردت عليه وكاد يخرج صوتها لولا صوته الذي تناهى إليها غاضبًا مشتعلًا..فلم يسبق لها أن سمعته يتحدث بهذا الكم من الغضب والحنق الشديد:
-أنا عايز افهم أنتِ مبتفهميش ولا بتستعبطي ولا ايه حكايتك بضبط…..مالك ومال اخواتي ها؟؟؟؟ عايزة منهم إيه؟؟ هتفرحي وتحسي انك عملتي حاجة لما نضال يطلقها؟؟؟
صمت لثواني وداخله يتلوى من افعالها….لكن صمته لم يدوم طويلًا فقد تابع صياحه القاسي مغمغم:
-انهاردة قليتي ادبك على عابد وعلى أهلي..وحطيت صرمة في بُقى وسكت عشان مزعلكيش…بس انها توصل انك تولعي بين اخويا ومراته والموضوع كان ممكن يوصل لطلاقهم..فـ كدة كتير بصراحة وفوق طاقتي….ويا تبطلي عوق بمزاجك يا اما هخليكي تبطليه غصب عنك…………
قال الأخيرة مغلقًا المكالمة بوجهها يتنفس بسرعة شديدة وغضب لا مثيل له…أما هي فوجدت دموعها تتسابق على وجهها دون سابق أنذار…..دافنة وجهها بالوسادة تبكي من حماقتها التي أوصلتها لتلك الحالة وجعلت الأمور تسوء بينها وبين زوجها…………….
يتبع.
فاطمة محمد…
عايزة اقولكم أن طبيعي تحبوا شخصيات وتكرهوا شخصيات تانية ..لأن كل واحد فيه الحلو والوحش…+ اللي زهق من الرواية يقدر يحذفها من عنده..انا بحب الرواية وبحب الشخصيات فوق ما تتخيلوا ومتعلقة بيهم عشان كدة بحب اديهم حقهم…ولو في شخصيات معينة مظهرتش في بارت برضو ده عادي لان الرواية شخصياتها كتير..زي مثلا فجر و خليل دول لسة دورهم هيكبر وهيبقى ليهم مشاهد مع بعض..كذلك ابرار وخالد..وثراء وجابر..و زينة وحسن…وحتى عابد و وئام لو سرعت الأحداث انتوا نفسكم هتحسوا ان فيه حاجة غلط ومش هتعيشوا مع الشخصيات بحلوها وشرها….❤️
الفصل التالي: اضغط هنا
يتبع.. (رواية كارثة الحي الشعبي) اضغط على اسم الرواية لتجد الفهرس كاملاً بجميع الفصول.