رواية كارثة الحي الشعبي الفصل الثاني والستون 62 – بقلم فاطمة محمد

رواية كارثة الحي الشعبي – الفصل الثاني والستون

الفصل الثاني والستون

الفصل الثاني والستون

أنظر جيدًا.

كارثة الحي الشعبي.

فاطمة محمد.

الفصل الثاني والستون:

في صباح اليوم التالي…ولجت ثراء حجرة نوم “وعد” كي توقظها وتذهب رفقتهم إلى الجامعة…

دنت من الفراش و وقفت بجوارها ثم انحنت ومدت يدها تهزها برفق وهي تهتف حروف إسمها:

-وعد…وعد قومي يلا عشان وراكي محاضرات..يلا..

وبهدوء شديد كانت تجيبها بصوت متحشرج متقلبة بنومتها مولية إياها ظهرها:

-مش هروح..سبيني أنام…

قطبت “ثراء” حاجبيها واستشعرت وجود شيء..لم تستجيب لحديثها وتحركت واقفة بالاتجاه الآخر كي تصبح بمواجهتها وجهًا لوجه قائلة بشك:

-في إيه مالك؟؟ زعلانة مع اشرف ولا إيه؟؟

وبذات الهدوء ردت عليها تخبرها برغبتها بالنوم:

-سبيني يا ثراء..عايزة أنام..هطيري النوم من عيني..سبيني لو سمحتي…..

وعلى مضض رضخت لها وتركتها وانطلقت من الحجرة…وعلى الفور وبعد ذهابها واستماع وعد لصوت اغلاق الباب…تململت بنومتها وجاءت بهاتفها التي وضعته أسفل الوسادة وحاولت محادثة ذلك الغاضب منها الساخط من أفعالها الغير مسؤولة والطائشة…

لكنها وجدت الهاتف مغلقًا…أوصدت جفونها ورغمًا عنها هبطت دموعها…ندمًا على ما فعلته والتي لم تكن تنتبه إليها وتراه بهذا الشكل…..

بالخارج وعلى مقربة من حجرتها وقفت ثراء رفقة أبرار و وئام تخبرهم بما حدث بالداخل وعدم رغبتها بالذهاب اليوم إلى الجامعة….

جاءت فجر أثناء حديثهم واستفسرت بهدوء عما يحدث:

-في إيه واقفين كدة لية؟؟

اخبرتها أبرار بضيق وحنق :

-وعد بتدلع ومش عايزة تقوم..وبصراحة أحسن انا مضايقة منها من امبارح…ومنك أنتِ كمان..

قالت الأخيرة وهي تلكز ثراء التي ظهر امتعاضها وتذمرها على وجهها..بينما قطبت فجر حاجبيها متسائلة عما حدث:

-عملوا ايه؟؟

ابتسمت وئام بسمة ساخرة وقالت:

-ده حصل بلاوي بعد ما أنتِ نمتي…واكبر بلوة فيهم ان الهوانم وعد وثراء ولعوا الدنيا بين نضال وداليدا..وكانوا ممكن يبقوا سبب في طلاقهم..يعني بجد العيال الصغيرة اللي لسة مبيفهموش مكنوش هيعملوا كدة….

ازداد فضول فجر وقلقها متمتمة:

-لا براحة كدة واحكيلي حصل ايه عشان مش فاهمة حاجة منك…

***************

بعد معرفة “فجر” بما حدث معهم عقب نومها وكيف كانت الامور على وشك التصاعد بين نضال وداليدا…طرقت على باب غرفة وعد مرتان متتاليان…ودون أن تسمع الأذن بالدخول..فتحت الباب وطلت برأسها أولًا..فوجدتها تتمدد على الفراش…

وطأت بقدميها داخل الغرفة ثم اوصدت الباب…وتقدمت من الفراش ومع مراقبتها لوجه وعد و رؤيتها لاثار دموعها على وجهها ادركت استيقاظها وتزيفها للنوم…

تنهدت وتحدثت بحنو بالغ:

-وعد..انا عارفة أنك صاحية..يلا قومي كدة وفوقي عشان تنزلي معانا..يلا.

فتحت جفونها وطالعتها بأعين على وشك ذرف الدموع المتجمعة بداخلهم..ناطقة بحزن لاح بنبرتها وجعل فجر تشعر بالحزن عليها:

-مش عايزة انزل ولا أخرج ولا أشوف حد من البنات بذات داليدا…عايزة افضل في اوضتي….

جلست بجاورها على الفراش ممسدة على خصلاتها بحنان وكأنها والدتها وهي صغيرتها:

-ليه يعني كل ده؟

نهضت من نومتها وجلست قبالتها مستندة بظهرها بظهر الفراش…تقص عليها بوجه انكمش بكاءًا ودموع هبطت بالفعل ولامست بشرتها الدافئة:

-عشان أنا طلعت وحشة أوي يا فجر…ومش هعرف ابص في وش داليدا..لا مش هي بس…ده كله..انا بحبها… اوي…وبخاف عليها…ومش هي بس ده كلكم..عشان كدة مش بحبكم زعلانين ولا حد يدسلكم على طرف…وامبارح حصل مشكلة بين داليدا ونضال وأنا بكل غباء وهبل بدل ما اهدي الدنيا واهديها كنت بشعللها…كنت هخرب عليها وهخليها تعيسة من غير ما اخد بالي اني هبقى سبب في تعاستها..

التقطت أنفاسها وابتلعت ريقها ثم تابعت:

-ماما بتقولي انها شافت العيلة بصتلي إزاي…انا بقيت وحشة في نظرهم يا فجر..ومش هما بس حتى أشرف كمان شايفني وحشة وكنت هتسبب في طلاقهم وقالي كلام تاني عرفت أنه بيشيل جواه واني برضو بضايقه من غير ما اخد بالي..وبتكلم زي الهبلة……

رفعت فجر يديها ومسدت على وجهها ثم مسحت لها دموعها وهي تخبرها بهدوء وبصدق:

-انتِ مش وحشة…وكلنا بنحبك زي ما أنتِ بتحبينا بضبط…وبعدين احنا بني ادمين طبيعي نغلط..وأنتِ غلطي اكيد…مش هضحك عليكي واقولك انك صح…لا هقولك أنك غلط فعلا…ومدام اعترفتي بغلطك ده تأكدي انك حد حلو اوي ونضيفة من جوه..والتغيير مش صعب ولا مستحيل…مدام في مصلحتك ومصلحة اللي بتحبيهم…اقولك على سر…..

وبوجهه يتلهف لمعرفة هذا السر قالت بمرح بسيط:

-اوعي تقوليلي اني مش بنت العيلة دي..وانكم لقتوني على باب جامع..واني لقيطة….

ضحكت فجر بخفوت وصححت لها:

-لا يختي مش هقولك كدة…كنت هقولك أن ساعات اندفاعك وتسرعك بيخليني نفسي امسك في زمارة رقبتك…وكنت واثقة أن هيجي يوم وهتتغيري خصوصًا بعد ما أشرف دخل حياتك وعينك بقت بتلمع بذات وأنتِ بتبصيله…

انكمش وجهها مجددًا وبكت من جديد قائلة من بين دموعها:

-وهو فين أشرف ده..ما أنا زعلته…اكيد عرف من نضال الفتان…ربنا يسامحه مش هقول غير كدة….

ضحكت فجر مرة أخرى وقالت :

-تصدقي انك مفترية..يعني انتِ كمان اللي مضايقة أنه فتن لـ أشرف..اومال هو يعمل فيكي إيه..يولع فيكي يا بنتي؟؟ ده أنتِ كنتي هتخليه يطلق البت…

-لا بعد الشر عليا..انا لسة مدخلتش دنيا…. قوليلي اعمل ايه مع اشرف؟؟

تنهدت قبل أن تجيبها بجدية:

-اتغيري يا وعد…حسني من طريقتك ومعاملتك مع اللي حواليكي…وريه انك اتغيرتي وندمانة..مش عيب أن الواحد يغلط..العيب والغلط أنه يفضل يقاوح في غلطه وميشوفش نفسه غلطان..ومدام انتِ اعترفتي بانك غلط يبقى خلاص ده بداية التغيير اللي هيكون في مصلحتك أنتِ قبل اي حد…….

زفرت وعد تفكر في حديثها….وبتلك الاثناء خرج صوت فجر تحثها على النهوض:

-يلا بقى قومي عشان نروح الجامعة…

نفت وهي تتمدد مرة أخرى على الفراش:

-لا عايزة أنام…منمتش كويس بليل..كنت بعيط….

ابتسمت لها فجر وقبلتها على وجنتيها متمتمة:

-طيب نامي وأنا هجبلك المحاضرات ولما تصحي كلميني ولو عرفت ارد عليكي هرد ولو مردتش اعرفي أني في محاضرة……

**************

بمنزل سلطان تحديدًا مائدة الإفطار…مال “جابر” على أذن نضال يهمس له راغبًا في تنفيذ ما ينوي كي يتم رفض زاهر ولا تقبل به ثراء…فمخاوفه بفقدانها ظلت ترافقة طوال الليل…مدركًا مدى عشقه نحوها….. فالحب قد كُتب عليه مع تلك المدللة الناعمة…ولا يدري إذا كان سيذوق حلاوته… أم مراره فقط…

-نضال..عايز منك خدمة…مسألة حياة أو موت.

نظر إليه وهو يمضغ ما بفمه يستفسر منه:

-خير؟

ابتلع ريقه وتابع همسه خاطفًا نظرة نحو عائلته يتأكد من عدم انتباهم..لكنه وجد أعين دلال تترصده…فابتسم لها ثم همس له بنبرة سريعة:

-عايزك تيجي معايا بيت الحلواني بعد ما نفطر..وتعمل نفسك عايز تشوف داليدا وتكلموا..انتوا كدة كدة لازم تكلموا..وانا لازم اكلم مع ثراء….

ابتسم له بسماجة وقال ببرود:

-لا…مش هروح في حتة..صرف نفسك بعيد عني…

عاد جابر ينظر لوالدته مبتسمًا لها بسمة أكثر اتساعًا…منتشلًا قطعة خيار من صحن الخضار المقطع إلى دوائر…واضعًا إياها بفمه…ثم همس له من جديد:

-مفيش لا..فيه اه وبس.. وإلا وربنا هروح افضحك عند داليدا واقولها انك مكنتش عند الميكانيكي وكنتوا قاعدين مع بيبي وأشكالها….

توقف الطعام بحلق نضال ثم ابتسم رغمًا عنه يخبره بخفوت:

-انت ليه قفوش كدة..ده انا كنت بهزر..يخربيت اللي يهزر معاك يا جدع….

في ذات الوقت نهض عابد بعدما انهى طعامه فتحدث أشرف ذو الوجه الحانق مصوبًا حديثه له:

-خدني معاك في طريقك يا عابد…

حدق به عابد وقال وهو يشير نحو جابر:

-طب ما تروح مع جابر..ما كدة كدة هو كمان رايح المطعم…ولا انت مش رايح المطعم اصلا؟؟؟

وقبل أن يتحدث أشرف ويؤكد ذهابه للمطعم كان جابر يتدخل ويسبقه بالحديث متمتم:

-لا أنا مش رايح المطعم…انا ونضال ورانا مشوار…

نهض سلطان هو الآخر منهيًا طعامه قائلًا:

-طيب حيث كدة بقى…خدوني أنا وخليل كمان معاكم…

لحظات وكان يغادر الأربعة تاركين جابر ونضال رفقة دلال والتي خرج صوتها أخيرًا بعد ذهاب زوجها:

-عارفين أخوكم أشرف اتخانق مع مراته امبارح..وزعق فيها جامد اوي…تستاهل..اكيد هببت حاجة..انا ابني مبينفجرش كدة الا لما بيكون جاب اخره…

ارتفع حاجبي جابر وتساءل من اين علمت بأمر هذا الشجار:

-وانتِ عرفتي منين يا شقية؟؟

كتمت ضحكتها قائلة بخفوت خوفًا من أن يسمعها أحد رغم ذهابهم جميعًا:

-كنت معدية من قدام اوضته.. وبالصدفة كدة سمعته بيزعق فيها…

وبهمس مماثل استفسر نضال:

-بذمتك صدفة..ولا تنصت؟؟

لكزه جابر وصاح معنفًا إياه:

-ما تلم نفسك يالا هي أمك بتاعة تنصت برضو؟؟ وبعدين انتوا موطين صوتكم ليه..مفيش غيرنا…قوم يا بني خلينا نشوف اللي ورانا الله يباركلك..وأنتِ يا أمي بارك الله فيكي..

***************

مر نضال وجابر من البوابة وتفاجئ الاثنان من تواجد خالد داخل سيارته ويتضح عليه بانه ينتظر أبرار….

ابتسم جابر واقترب منه…متحدثًا معه من خلف النافذة:

-خاين..والخيانة بتجري في دمك..بقى يا راجل مش عارف تعدي علينا..ولا من لقى احبابه نسي صحابه؟

ضحك خالد وهبط من السيارة يغمغم بمزاح:

-لا يا اخويا منستكوش…وكنت هعدي عليكم انهاردة…وبعدين أنا مش هخرج معاها اتفسح..ده انا يدوب هوصلها الجامعة بس…

تقوس فم نضال ببسمة وعقب:

-ماشية معاك إيه..عشرة على عشرة..لا في خناق..ولا مشاكل..ولا اي حاجة…عيني علينا إحنا..يارب انا مش طماع انا عايز نص حظه بس يارب…

خرجت بتلك الأثناء.. أبرار رفقة ثراء..وئام..فجر…داليدا..

تفاجئت داليدا من تواجد نضال وتحاشت النظر إليه خجلًا مما فعلته معه.. بينما ابتسمت أبرار لـ خالد مما جعله يمنحها بسمة أكثر اتساعًا كشفت عن أسنانه…فقد حادثها بهذا الصباح وايقظها واخبرها بأنه سيمر عليها ويقوم بإيصالها اليوم إلى الجامعة…

خرج صوته حنونًا دافئًا ملقيًا عليها تحية الصباح:

-صباح الخير..

وبخجل فطري ردت عليه:

-صباح النور.

تابع حديثه وهو يشير نحو السيارة:

-يلا عشان منتأخرش.

هزت رأسها بموافقة…فصدح صوت جابر بذات الوقت متمتم بأقتراح قد جال بذهنه:

-طيب بما أن خالد هياخد أبرار ايه رأيكم احنا نوصلكم بعربيتي…

وافقت وئام فقد أحبت تلك الفكرة خاصة أنه سيمنح لـ نضال وداليدا فرصة الحديث:

-مفيش مشكلة..ولا ايه يا بنات؟

فهمت البقية سبب موافقتها مما جعلهم يوافقون أيضًا…

فأسرع جابر بالذهاب لجلب سيارته…

بينما اقترحت ابرار بمجئ واحدة منهم معهم…فلا ترغب بالتواجد معه بمفردها..مدركة بأن وجهها سيصتبغ ويجعلها اضحوكة…

اغتاظ خالد من هذا الاقتراح لكنه لم يظهر و وافقها:

-أيوة واحدة فيكم تركب معانا عشان تقعدوا براحتكم….

وبالفعل وافقوا وقررت فجر الصعود معهم..وهذا ما حدث وانطلق بهم…وبذات الوقت جاء جابر وصعد نضال بالمقعد المجاور له..بينما استقلت بالخلف كلا من وئام.. ثراء…داليدا…

وقبل أن ينطلق جابر تساءل عن سبب غياب وعد وباقي الفتيات:

-اومال فين وعد وباقي البنات؟؟

ردت عليه وئام بهدوء:

-وعد نايمة..محبتش تنزل انهاردة..والبنات مش هينزلوا الجامعة انهاردة.

****************

تنظر “أبرار” من نافذة السيارة تخفي وتواري بسمتها عن انظاره..فـ هيئته تعكس ما يشعر به لما فعلته من جعل فجر تأتي معهم وتجلس بالخلف مسببة في الزامه الصمت وعدم تمكنه بالحديث في أي شيء…..

حركت رأسها تختلس النظرات إليه بعدما محت تلك البسمة عن وجهها…قائلة بهدوء وكانها لم تفعل شيء به:

-وسام بيخلص مدرسة الساعة كام؟؟

وبدون أن ينظر إليها ويزيل عيناه عن الطريق رد عليها:

-الساعة واحدة.

بللت شفتيها وقالت:

-طيب لو المحاضرة الأخيرة اتلغت هكلمك تعدي عليا ونروح نجيبه سوا من المدرسة ايه رأيك؟

نظر إليها تلك المرة…معلقًا بغضب قام بإظهاره تلك المرة:

-وماله.

لحظات مرت لم تخلو من الصمت والنظرات المقتطفة سواء منها نحوه..او منه نحوها…بينما فجر فكانت تعقد ذراعيها مستشعرة ضيقه من تواجدها معهم…

قطب “خالد” حاجبيه وهو يتابع سيره ويرى هذا الازدحام..وتوقف السيارات بسبب حادث مروري وقع على الطريق…

تنهد بعدما وقف هو الآخر مخمنًا وقوع حادث بفضل التفاف بعض الاشخاص حول شيء عجز عن رؤيته…

طالعها متمتم بغيظ ازداد أكثر فلولا فعلتها لكان الان يجلس معها هي فقط ويتحدث بأريحية شديدة:

-شكلنا مطولين…وشكلها حادثة.

زمت فجر شفتيها وقالت بصوت وصل إليهم وهي تنظر من خلال زجاج السيارة الأمامي محاولة رؤية هذا الحادث لكنها فشلت:

-ربنا يسترها معاهم وتطلع حادثة بسيطة…

عقبت أبرار:

-يارب..ويارب منتاخرش على المحاضرة…

استنكر خالد كلماتها وصاح معلقًا:

-محاضرة!! كل اللي همك المحاضرة..

وبحاجب معقود تساءلت:

-اومال ايه اللي هيهمني؟

-أنا مثلا..ولا انا هوا؟؟

ضحكت وقالت تنفي هذا:

-لا انت مش هوا انت خالد…خطيبي…

تبسم وجهه بطريقة جذابة وتناسى تواجد فجر معهم قائلًا بأعين تشرد بجمال عيناها:

-وجوزك في القريب العاجل..وأبو عيالك..و

حمحمت ابرار وأشارت له بعيناها نحو فجر..فأبتلع باقي ريقه وتابع باحترام:

-ولمي نفسك بقى ها..لمي نفسك واتقي الله……

انهى حديثه رامقًا فجر بالمرآة الصغيرة الامامية متمتم ببسمة وكلمات لم تكن نابعة من قلبه:

-منورة يا آنسة فجر.

وبحرج ودون أن تنظر له قالت:

-بنور حضرتك….

تنهد و نظر أمامه…وجذبه تلك المجموعة من الفتيات واللواتي يمرون بزيهم المدرسي ويبدون من قصر قامتهم وملامحهم أنهم صغار بالعُمر مقارنة به…فـ رُبما يكونون في إحدى مراحل الثانوية العامة ولم يذهبوا الى المدرسة..وربما هربوا منها….

لم يطيل النظر إليهم بل كانت نظرة واحدة ثم ابعد عينه عنهم فهو لا يهتم بأمرهم…عكسهم تمامًا فقد جذبهم هذا الرجل الثلاثيني..الوسيم..الثري…واللواتي لا يرونه كثيرًا بحياتهم العادية والطبيعية…مما جعلهم يتبطأون ويعلقون واحدة تلو الأخرى:

-يخربيته قمر..خارج من رواية ولا من فيلم اجنبي..

لاحقتها الأخرى متمتمة وعيناها تراقبه من خلف الزجاج:

-اموت في الراجل الثلاثيني.

بينما عقبت الأخيرة مصوبة حديثها لـ ابرار الجالسة جواره:

-احلى منك على فكرة.

غابوا أخيرًا عن نظراتهم بتعليقاتهم السريعة ونظراتهم الطويلة اثناء تبطأهم بالمرور من جوار السيارة..ثم أمامها..لا يبالون باستماع أحد لهم…فهم لا يتحلون الا بالوقاحة…

ظلت ابرار تتابع أثرهم…حتى بعدما غابوا ولم تعد تراهم..ولاصلاح ما هتفوا به..تحدث خالد بهدوء:

-على فكرة أنتِ احلى..ولو مكنتيش أحلى مكنوش قالولك كدة..غيرانين..وعيال سيبك منهم…ولا ايه يا فجر…

أكدت فجر هذا وأيدته متمتمة:

-أيوة..مش عارفة ايه اللي جرا للبنات…ده احنا في سنهم كنا بنتخانق على كيس الشيبسى…وهما عيني عينك بيتغزلوا في واحد غريب عنهم…مش عارفة فين حيائهم بصراحة..ولا فين الأهل..

هز خالد رأسه وقال:

-بضبط..ده السؤال المضبوط..فين الأهل..وليه مش واخدين بالهم منهم..وايه اللي يوصل بنات زي دي متعرفش حاجة في الدنيا انهم يبقوا كدة..ده شكلهم مزوغين من المدرسة…

وبغيره تنهش وتفتك بقلب ابرار نظرت أمامها ملتزمة الصمت…تدري بأنه لا ذنب له..لكنها تغار..ماذا تفعل؟؟ فلا شيء بيدها وهذا خارج إرادتها….

****************

على الجانب الآخر داخل سيارة جابر…وبعدما وقف هو الآخر بفضل تلك الحادثة…حاول استجماع كلماته يفكر في طريقة ما..يفتح بها الحديث الذي سيجعلها من خلاله تبغض هذا المدعو “زاهر”…

وسرعان ما ارتسم الخبث على محياه بعدما برقت تلك الفكرة برأسه مقررًا استغلال ذلك الحادث لبدء حديثه..

أخذ نفسًا عميقًا قائلًا بأسى:

-كل يوم حادثة..كل يوم حادثة وحاجة استغفر الله العظيم يارب….ده الواحد بقى بيخاف والله…يعني مش كفاية حوادث الطريق لا كمان حوادث البني ادمين واللي بيعملوه في بعض…يعني مثلا زاهر اخو اروى ده نفسي أولع فيه…واد شراني اعوذ بالله منه….

توقف عن التكمله مطالعًا ثراء من خلال المرآة متمتم:

-فاكرة اللي اسمه زاهر يا ثراء؟؟

بادلته نظرته عبر المرآة محركة رأسها بإيجاب قائلة:

-ايوة… أصلا جالي في مرة الجامعة..هو يبقى اخو خطيبتك؟

اشتعل من ذهابه إليها داخل الحرم الجامعي..ومن بين اسنانه وتشنج نبع من غيرته وعشقه لها قال:

-اه ومقولكيش…واد صايع…وبتاع بنات..وبيشتم في أبوه وأمه..وبيمد ايده على اروى..وكذا مرة اتخانق معاه بسبب كدة مفيش فايدة..تخيلي بيعمل ايه؟؟ أساليني قوليلي بيعمل ايه يا واد يا جابر…

وبملامح مصدومة مما تسمعه تساءلت غافلة عن نظرات وئام و داليدا لتبادله الحديث معها هي دونًا عنهم:

-بيعمل ايه؟؟؟

تجاهل نظرات نضال المسلطة عليه والمدهوشة مما يتفوه به..على يقين تام بأنه يفعل هذا لسبب ما..وهناك ما يخفيه…

مضيفًا بعصبية مفرطة كاذبًا عليها :

-بيطفي السجاير تحت باطها ابن الكلب…بيطلع السيجارة ويولعها ويشربها وبدل ما يطفيها بالطفاية بيطفيها في باطها….وفي مرة قصلها شعرها ومرة تانية جلدها..انتِ متخيلة….ده حتى في مرة أبوه بيمنعه عنه..راح شاتم أبوه ومد ايده عليه…ده انا لسة متخانق معاه…ده مش بيشتم أهله بس …ده في مرة شتم ابويا..الحاج سلطان على سنح ورمح…

جحظت عين ثراء وكذلك داليدا و وئام لا يتوقعون بأن هناك شخص قد يفعل هذا مع أهله….

كذلك اتسعت عين نضال وصاح

مدهوشًا

:

-قول والكعبة عمل كدة…

رفض وقال يتهرب:

-حرام ياض نحلف بالكعبة ده شرك بالله………

يتبع.

فاطمة محمد.

رأيكم وتوقعاتكم.💜

واحب اقولكم احتمال انزلكم فصل بكرة عشان ده

صغنون

شوية.🫂

الفصل التالي: اضغط هنا

يتبع.. (رواية كارثة الحي الشعبي) اضغط على اسم الرواية لتجد الفهرس كاملاً بجميع الفصول.

أضف تعليق