رواية كارثة الحي الشعبي – الفصل التاسع والسبعون
الفصل التاسع والسبعون
أنظر جيدًا.
كارثة الحي الشعبي.
فاطمة محمد.
الفصل التاسع والسبعون:
أبعد «جابر» حدقتاه عن الطريق من أمامه لثواني مختلس النظرات نحو زاهر الجالس بالخلف ولا يخرج له صوت..
اخفض عينيه وعاد ينظر أمامه مرة أخرى ويده تعرف طريقها نحو علبة «المناديل» الورقية ملتقطًا واحدًا تلو الآخر..ثم مد يده للخلف متمتم:
-خد امسح وشك اللي بقى مش باينله معالم ده..
التقط زاهر المناديل من يده بصعوبة مطلقًا أنينًا يعكس ألمه..فصاح جابر عقب اخذه لهم:
-شوفت اخرة الافترا إيه..والله انا لو عليا كنت سبتك تضرب..بس مع الاسف ضميري مسمحليش اعمل كدة..قولي هببت ايه لـ بنتهم؟؟؟
لم يجيب زاهر..فقط يمسح وجهه بهدوء والم يكسو وجهه وجسده بأكمله..
طالعه جابر من خلال المرآة ثم قال مستنكرًا:
-أنت مبتردش عليا؟؟؟ ده ايه تناكة أهلك دي.. وربنا ارجع واسيبك ليهم.. اتلم..
هنا ورد عليه بصعوبة:
-مش قادر اتكلم..انا مفيش حتة في جسمي سليمة…
-معلش استحمل..اديني وخدك على المستشفى اهو..
استوعب جابر ما قاله..فصاح مصححًا :
-لا معلش إيه..مفيش معلش.. احسن..بتتعرض لبنتهم ليه ها؟؟ دول ناس شكلهم طيب وعلى نياتهم خالص ولو مكنوش كدة مكنوش صدقوني ودخل عليهم تمثيلي …
تنهد وهو يتذكر ما فعله..فابتسم باتساع ثم قال:
-ولا أنا اللي تمثيلي خطير..ده انا طلع عندي موهبة مدفونة بس طلعت انهاردة..خمسة عليك ياض يا جابر..لا خمسة ايه عشرة حلو..
صمت للحظات..اعلن خلالهم هاتفه عن اتصال من أروى..
التقط الهاتف وقبل أن يجيب عليها صوب حديثه لـ زاهر:
-اختك بتتصل..اقولها أنك ادشدشت..واطحنت..واتعملت كفتة ولا استر عليك؟؟
وعندما هم زاهر بالإيجاب عليه كان جابر يسبقه مغمغم بمرح:
-لا أنا جدع وراجل..والرجالة مش بتفضح بعض…سرك في بير ياض يا زاهر..
فتح المكالمة فوصل إليه صوتها وهي تستفسر بدهشة:
-أنت فين يا جابر؟؟ انا كل ده قاعدة ومستنياك..
حدج بـ زاهر عبر المرآة يجيب عليها بمكر وعبث:
-انا كنت جايلك في الطريق..بس لقيت واحد لا انا اعرفه ولا أنتِ حتى تعرفيه بيضرب وبيطحن..اسكت؟؟؟
مسكتش طبعًا شهامتي و رجولتي..وضميري نقحوا عليا ونزلت ساعدته ودلوقتي واخده على المستشفى اطمن عليه….وخلي بالك احنا منعرفهوش خالص..آه..
قطبت حاجبيها وتعجبت من طريقته بالحديث..لكنها لم تطيل عليه وقالت:
-طيب خلاص تمام..نبقى نخرج بكرة بقى..وابقى طمني عملت إيه..
-ماشي..يلا سلام..لا إله إلا الله…
-سيدنا محمد رسول الله.
اغلق معها وقال وهو يضع الهاتف امامه:
-دي أختك.. واديك سمعت مقولتلهاش حاجة زي ما قولتلك..
هز زاهر رأسه مردد بنبرة متألمة:
-أيوة فعلًا..انت مقولتش حاجة خالص..كان ناقص بس تقولها ده زاهر…بقولك إيه نزلني..او رجعني اضرب تاني..اهو ارحم منك..
توقف جابر بالسيارة جانبًا..ملتفتًا إليه برأسه متمتم بانفعال بسيط :
-هي دي شكرًا يا قليل الرباية..ده انا كدبت عليهم عشان انقذك و
صمت واستوعب ما فعله وكيف كذب على الأربع رجال بشأن مهنته..
وضع يديه على فمه بصدمة مردد بعدم تصديق لما فعله من أجل هذا البغيض:
-احييه انا كدبت عليهم…!!!!!!! روح منك لله حسبي الله ونعم الوكيل فيك يا بعيد.
ثم نظر امامه وهو على وشك البكاء..رافعًا يديه للاعلى يدعو ربه :
-يارب سامحني يارب…كله بسببه هو…انا مبحبش اكدب وبحاول مكدبش بس الناس هي اللي وحشة وبيجبروني اكدب….
-يا بني آدم اطلع بقى مش قادر بموت..
التفت إليه جابر مردد:
-يارب يا اخويا يارب…وبعدين خلي بالك انا ساعدتك بس عشان..
قاطعه زاهر مغمغم بألم:
-رجولة..وشهم..وضميرك هيأنبك اطلع بقى..
-انت بتتأمر على ايه؟؟ طب مش طالع..وعلى فكرة زود على كل اللي قولته ده أختك الطيبة…
ضم زاهر شفتاه ورفع يديه قليلًا كي يفتح الباب ويترك له السيارة فغمغم جابر:
-رايح فين انت قادر تتحرك..اتنيل خليك هوصلك المستشفى وده مش لأجلك لا..ده لأجل أختك.. و شهامتي وضميري….ولأن توب الرجولة معمولة عمولة على مقاسي…ولاني ياما شوفت مآسي..
_______________________
قام «خالد » بإيصال ابنه إلى المنزل ثم شق طريقه نحو منزل أبرار كي يقوم بإيصالها..
وأثناء انهماكه بالطريق و رغم التزامه الصمت واتخاذه له رفيقًا له..كان يشعر بالفضول حول ما تريده منه..فعينيها تفضح امرها وتخبره بمحاولاتها لبدء الحديث والفصح عما تريد..
وبدون أن يحيد عينيه عن الطريق قرر إنهاء تلك الحالة من السكون الذي انتشر بإرجاء السيارة بعد نزول ابنه قائلًا:
-كنتي عايزة تشوفيني علشان تكلمي معايا ودلوقتي ساكتة..مش غريبة دي؟!
حررت شفتيها التي كانت تقوم بعضها من الداخل..مثبتة بصرها عليه مغمغمة بهدوء:
-ما انا هتكلم اهو..
-ماشي اتكلمي سامعك..
قالها بترقب..زادها توتر وتلعثم.. هاتفه:
-انا عارفة أنك زعلان مني عشان قولتلك نأجل الفرح لبعد الامتحانات..وعارفة انك ممكن تكون بتفكر دلوقتي في أني مبحبكش..او بتهرب منك..
ابتلعت ريقها ثم أضافت بصدق مفصحة عما يعتري قلبها وبدموع بدأت بالتجمع داخل مقلتيها:
-بس أنا خايفة..وفيه توتر مرافقني يا خالد بذات ما قولتلي أنك بتحبني…. كل ما كنت افتكر اننا قربنا نبقى مع بعض في بيت واحد بخاف..بس والله ما منك..الفكرة نفسها واني هسيب اهلي وهبقى مسؤولة عن بيت بترعبني…يمكن لسة مستوعبتش أن ده اللي المفروض يحصل..ومسير اي بنت تسيب بيت أهلها..ويمكن كمان عشان خايفة اني مبقاش قد المسؤلية وأقصر…يمكن كلامي مش مترتب..ومتلخبط..وانت مش فاهمه..بس انا مش عايزاك تفتكر اني مبحبكش..او اني مش عايزة ابقى معاك.. بالعكس….
وصل اليه ما يحدث معها من مشاعر متخبطة وخوف يزداد يومًا بعد يوم…
كما سعد بتلك الكلمة الأخيرة “بالعكس”..
فهو اعتراف غير مباشر بما تكنه وتشعر به نحوه..وعن رغبتها في أن تكون جواره..
لكنها تحتاج فقط إلى بعض الوقت..وقت قد يكون كفيل لتعتاد عليه أكثر..و وقتها تطمح هي في أن يكونا قريبان وتحت سقف واحد…
توقف جانبًا..واعطى لها كامل تركيزه وانتباهه …
تقابلت عينيهم والتقط هذا الخوف بداخلهم..
التقط يدها التى ارتجفت قليلًا..و ربت عليها يخبرها بحنو:
-اهدي يا أبرار..بتعيطي وبتترعشي ليه؟؟ مفيش حاجة مستاهلة اللي أنتِ عملاه ده..انا مش هسيبك ولا هبطل احبك.. أنا بس كنت مضايق لاني مش فاهم سبب اللي عملتيه معايا..يمكن لو كنتي وضحتي وقولتيلي أسبابك مكنتش هدي نفس رد الفعل..بس حصل خير..انا دلوقتي فهمت.
-لا يا خالد..انت زعلان مني..بس انا والله..
قاطعها رافعًا يديه يزيل لها دموعها:
-من غير حلفان..ومن غير ما تكملي انا فهمت خلاص..ومش زعلان..ولا عندي مشكلة أننا نستنى ونأجل..وبعدين هو احنا هناجل كتير ولا بعد سنة…دول يدوبك شهرين تلاتة…هيعدوا بالطول أو بالعرض..و فرصة انك تعرفيني اكتر وتتعودي عليا..
أحبت حديثه وتفهمه لرغبتها ولخوفها..أما هو فتوعد مع ذاته أن يجعلها تعتاد عليه وتعشق وجوده خلال تلك المدة مثلما أخبرها………
تحرك بالسيارة مرة أخرى وتابع طريقه نحو منزلها..
وقبل أن يصل إلى البوابة رأى سيارة عابد المتواجدة بالقرب من منزلها…وقف بجواره وتحدث معه:
-ايه اللي مقعدك كدة؟؟
ارتبك عابد وخطف نظرة نحو أبرار المترقبة لجوابه مدهوشة من جلسته داخل السيارة:
-مفيش بشم هوا..
ارتفع حاجبي خالد وقال:
-أيوة فعلا هوا العربية غير اي هوا..انا لما ببقى زهقان وبحب اشم هوا بقعد في العربية برضو..
كبحت ابرار بسمتها خاصة بعد رؤيتها لـ نضال يجلس على البوابة من الخارج…في حين لم يبالي عابد بسخرية خالد..والذي تابع:
-جابر موجود ولا لا؟؟
-لا خرج من شوية..
اومأ إليه وتحرك مرة اخرى ورأى هو الآخر نضال لكنه لم يهتم.. ومر من بوابة منزلها..فقامت بتوديعه مظهرة امتنانها لموافقته وتفهمه..فابتسم لها واخبرها بانه سيحادثها ما أن يعاود لمكتبه…دخلت هي وغادر هو..
اخرج هاتفه وقام بالاتصال على «جابر» لكنه لم يجيب..وهذا لم يجعله يمل او يتوقف..بل ظل يحاول…ويحاول……….
______________________
يتواجد جابر داخل إحدى المستشفيات وبرفقته زاهر…والذي قام أحد الأطباء بفحصه وإجراء اللازم معه للتأكد من سلامته…
وبعد الاطمئنان و تطهير جروحه..و وضع بعض اللاصقات على وجهه..
نهض بمساعدة جابر الذي لم يتوقف عن الثرثرة وإبداء تذمره..
-أنت تقيل كدة ليه..ده انت عجل..او بغل..او حلوف..او الثلاثة معًا…
رمقه زاهر من جانب عيناه ولم يعلق لعدم قدرته على الحديث بالوقت الحالي….
التقط جابر تلك النظرة فصاح بتذمر:
– ما تحترم نفسك بقى..و راعي اني ممكن ارميك ولا أسأل فيك..انا بس شهامتي مش سمحالي…
هنا و رد عليه زاهر بغضب مكتوم:
-على فكرة خنقتني..بأمانة خنقتني و شوية وهولع فيك وفي روحي..
-يا شيخ اتلهي انت قادر تسند طولك.. وبعدين قول لا إله إلا الله..ومتحلفش بغير الله عشان حرام…ماشي..
ما لبث أن يعلق حتى استمعوا لصوت انثوي يظهر أمامهم من العدم مرددة اسم جابر:
-ايه ده جابر !!! ازيك..
رفع عينيه و التقط تلك المدعوة «زينة» فابتسم لها بسماجة مغمغم بتلقائية وعفوية:
-ازيك أنتِ وازي امك؟؟ قصدي الوالدة يعني..أنتِ بتعملي ايه هنا.
ارتفع حاجبيها من رده الفظ وندمت على توقفها والحديث معه..فقررت الرد عليه بفظاظة مماثلة:
-بتفسح..
قالتها ورحلت دون أن تنطق بحرف زائد…تكاد تأكل اصابعها ندمًا من الحديث مع وقح مثله…
التفت زاهر بوجهه الذي لا يظهر به أي معالم..يتابعها ويحملق بها.
انتبه جابر لما يفعله فصاح:
-تصدق بالله انت كان حلال فيك اللي بيحصل فيك..يعني مدغدغ ومش راحم نفسك حرام يا بني غض بصرك..هتتشوي في نار جهنم..اتقي الله…
هنا وبرق بعقله تلك الفكرة فـ تابع:
-هي عجبتك ولا ايه؟؟
وقبل أن يجيب زاهر غمغم جابر بمزاح:
-شكلها عجبتك..وهي بنت حلال..طيبة اوي..ومتواضعة…اوي.. بصراحة اكتر دكتورة شوفتها متواضعة في حياتي..بس سمعت أنها اتخطبت للواد حسن معرفش ده بجد ولا لا… بس هو واد شرير اوي و وحش اوي..ما تنقذها منه لو لسة متخطبوش..وتكسب ثواب فيه..قصدي فيها…وصدقني مش هتندم…
لم ينطق زاهر الا بكلمات بسيطة تعبر عن مدى استيائه من تواجده معه:
-ده انت كلت دماغ أمي….بس انا ابن كلب واستاهل…اوعى…
ابتعد عنه وحاول السير بمفرده..فلم يتركه جابر ولحق به ممسكًا به رغمًا عنه متمتم:
-لا مش هوعى..ومش لأجلك ده لأجل..
لم يكمل وتابع زاهر وهو يدفعه:
-يخربيت ام شهامتك وضميرك اللي فلقتني بيهم..هو انت حد مسلطك عليا؟؟؟؟؟
-لا..ومتزقنيش تاني عشان وربنا زقه كمان وهسيبك بجد واتفلق بقى…
قالها وهو يمسك به ويتحرك معه للخارج…ساعده على الاستقلال بالمقعد الامامي وبجواره..ثم التفت وصعد بمقعده الخاص…
واثناء اغلاقه للباب استمع لرنين هاتفه الذي ارتفع وتناساه داخل السيارة..التقطته ورأى اسم خالد يزين الشاشة..ولم يطيل بالايجاب عليه..
-ايوة يا خلودة…
-خلودة في عينك..انت فين ومبتردش ليه.
رد عليه بمزاح:
-ايه شغل المخطوبين ده..أنتِ بتغيري عليا يا بيضا ولا ايه؟؟
ومن بين أسنانه عقب خالد:
-انجز يا جابر.
-يا سيدي انا في مشوار كدة مع واد معرفهوش خالص..ولا عُمري احتكيت بيه..وكان بيضرب عشان عاكس بت..فـ انا بشهامتي انقذته..وشغلت مخي..عارف لو كنت معايا كنت استفدت منك بجسمك المعضل ده..
انتهى مخفضًا الهاتف متحدث بصوت خافض:
-خدت بالك وأنا بحكي بس مبقولش اسمك؟؟
عض زاهر على شفتيه بغيظ وعاد برأسه إلى الخلف..بينما عاد جابر بالحديث مع خالد:
-خير يا خلودة حاجة حصلت ولا إيه؟؟؟
-عايزك تجيلي على البيت ودلوقتي..موضوع ضروري..
-ضروري اوي يعني؟؟؟
-اه…انا قريب من البيت دلوقتي اكتر من المكتب يلا..
-طيب شوية و هتلاقيني عندك سلام..
اغلق معه مطالعًا زاهر مغمغم:
-هنوديك فين دلوقتي بوشك ده؟؟ لو خدتك على البيت اختك هتعرف اني كدبت عليها..
تحدث زاهر بهدوء:
-مش عايز اروح على البيت..مش ناقص صداع.. أنا عندي شقة خدني عليها..
-اه يا خلبوص..مش بقولك هتتشوي في نار جهنم….
_______________________
قام جابر بإيصال زاهر إلى منزله الذي املى عليه عنوانه…ثم تركه ورحل..قاصدًا منزل خالد.
هبط من السيارة واتجه نحو الباب وقرع الجرس..
فتح له خالد ببسمة واسعة مزيفة ينوي صب غضبه عليه منتهزًا غياب والدته وشقيقته عن المنزل….
-أهلا أهلا..كل ده بتيجي؟؟؟؟ تعالالي..
قالها وهو يجذبه عنوة من ملابسه ويدخله المنزل ويغلق الباب من خلفه..
ذُهل جابر مما حدث وصاح بدهشة:
-ايه ده في ايه؟؟؟؟
بدأ خالد برفع و طي أكمام قميصه وهو يجيب عليه بتوعد:
-حالًا هتعرف في إيه…حالًا…
خرج وسام راكضًا من غرفته بعد أن استمع لصوت جابر بالخارج راكضًا نحوه يحتضنه..تلفقه جابر مغمغم معه بمرح:
-حبيبي اللي معشش جوه قلبي…عامل إيه ياض؟؟
-الحمدلله شوفت انهاردة حصل إيه؟؟؟
ما لبث جابر أن يستفسر حتى دوى صوت خالد مردد بشراسة:
-اه..قوله يلا حصل إيه..وقولت ايه انهاردة..
هز الصغير رأسه ثم عاد يناظر لجابر متمتم:
-انهاردة قولت لـ سارة صاحبتي في الـ class ده الكل فيك إلا أنتِ كب كيك؟؟؟
ضيق جابر عينيه وصاح بتفكير:
-كلاس ؟؟؟ ايه كلاس دي ياض؟؟
كاد خالد أن يضرب على وجهه مغمغم بانفعال ولسان قد انفلت:
-احييييه..لا احيييه بجد..سبت اللي قاله ومسكت في الـ class..
هنا وحاول خلع حذائه متمتم بضيق:
-انا مش عارف ايه اللي مسكتني عليك…
كاد ينهال عليه لولا حديث جابر المصوب لـ وسام:
-ايه ياض يا وسام ده..ازاي تقول كدة ها..
-قوله…..اخرة قعدته معاك…الواد باظ..
لم يهتم جابر لحديث خالد وتابع بهدوء:
-ليه يا وسام يا حبيبي قولتلها كدة؟؟ لية مقولتلهاش انا قلبي بيفور ما تحن يا بيتيفور..ولا هي مش بيتيفور…و
لم يتابع وحمل وسام وركض به لهجوم خالد عليه وهو يصيح بوجهه الاثنان:
-الطم..هتشلني..بتقوله واحدة أنيل من اللي قبلها…جابر الواد بيلقط منك..بلاش الكلام ده قدامه مفهموم ولا مش مفهموم؟؟؟ انا مش عايز ابطل اخليه يشوفك..
شدد جابر من احتضان وسام متمتم:
-محدش يقدر يفرقنا عن بعض أبدًا يا عُمري..
مش كدة يا عُمري..
ضحك وسام وهو يعلق:
-انا مش عُمري يا جابر.. أنا وسام…
-ياض ما أنا عارف..بقولك ايه اسمع كلام بابا وبلاش تقول الكلام ده في المدرسة تاني..قوله برة لو عايز لكن مدرسة لا ماشي…
-ماشي..بس سارة حلوة اوي يا جابر..
هنا وتذكر جابر.. ارتفع حاجبيه وقال :
-ايه ده يالا ده أنت بتخون بنتي اللي لسة متولدتش؟؟؟ نهارك مش معدي…الحق يا خالد ابنك بيخون بنتي وهي لسة متولدتش..اومال لما تتولد هيعمل إيه؟؟ واد يا وسام انا جوز بنتي لازم يبقى مخلص ليها…مش كفاية اني هقبل بيك وأنت اسمك مش ولابد كدة..ومشكوك في أمره..مش معروف هو اسم واد من بت…
اغمض خالد عينيه وذهب جالسًا على الأريكة بنفاذ صبر…فتحرك جابر الحامل لوسام وجلس هو الآخر و الصغير على قدميه…
أخذ نفسًا عميقًا ثم قال مازحًا:
-بص يا وسام يا حبيبي..بلاش تقول الكلام ده تاني مدام ابوك بيضايق منه..وبذات لو في الفصل..برة الفصل اعمل اللي انت عايزه.. إن شاء الله حتى تبوسها…
اندفع خالد من مكانه يصرخ في وجهه بغضب حقيقي:
-أنت بتنيل ايه يا عم انت…اخرس يا جابر..اقولك…قوم اطلع برة…يلا…
-ايه ده انت بتطردني؟؟؟؟
-امشي يا جابر برة..انا ابن كلب اصلا أني قولتلك تعالى……
كتم جابر ضحكته وقال بمرح لا يتوقف:
-على فكرة اللي بتعمله ده عيب…وبعدين المفروض تفرح بيا ابنك هيبقى ليه مستقبل كدة…
-مستقبل مين يا ابو مستقبل برة يالا..بــــــرة….
______________________
-اعمله ايه يعني يا أبرار ؟؟ سبيه قاعد إن شاء الله يقعد للصبح أنا لا هخرج ولا هتكلم معاه ولا عايزة اشوفه اصلا…
تلك كانت كلمات «داليدا» والتي أخبرتها أبرار عن تواجد نضال وجلوسه على مقعد أمام بوابته…
حاولت إقناعها وجعلها تعدل عن هذا القرار وترأف به وبحاله مضيفة:
-يا حبيبتي ده بيحبك..ومعاكي أنه غلط بس هو دلوقتي ندمان..عارفة لو وحش عُمره ما هيشوف نفسه غلطان..بل هيتمادى في الغلط اكتر واكتر..وهو بني ادم مش ملاك..اخرجي عشان خاطري يا داليدا واتكلموا….
وبإصرار شديد كانت تجيب داليدا:
-قولتلك لا يا أبرار سبيه يتفلق….
فقدت أبرار الأمل في إقناعها وقررت النهوض و الذهاب إلى وئام وأخبارها هي الأخرى..بتواجد عابد بالخارج…
وكما حدث مع داليدا لم تقابل سوى الرفض من تجاه وئام قائلة:
“مليش دعوة بيه..كل واحد فينا بقى من طريق..الله يسهله….”
وبعد محاولات شبيهة بمحاولاتها مع داليدا..تكللت أيضًا بالفشل..وفارقت الحجرة تاركة إياها…
بعد مغادرتها ظلت وئام تحاول الكف عن التفكير به..ونفضه من رأسها..
لكن لو فعلتها وأخرجته من رأسها هل ستستطع إخراجه من قلبها؟؟؟؟؟
اغمضت عينيها بتحسر على حالها وحال قلبها الذي وقع بعشقه دون أن تشعر والآن تذوق مرارة و وجع هذا الحب..
فهو ليس جميلًا كما يبدو بالافلام..بل موجعًا للغاية..وجع تشعر في بعض الأحيان أنها لا تقدر على تحمله………
ذرفت الدموع وقررت الخروج ومواجهته..الصراخ بوجهه وقول كل ما تريد وتحب علها تهدأ وتبرد نيرانها ولو قليلًا….
فتحت الخزانة الخاصة بها…وجاءت بالاسدال وارتدته فوق ملابسها..وأحكمت حجابها وانطلقت من غرفتها للخارج…….
خرجت من البوابة وبحثت بعينيها عنه وسرعان ما رأته…كما رآها هو وتفاقمت ضربات قلبه من رؤيتها فقط…فما بال بالحديث معها والعودة إليها !!!!
ترجل من السيارة وهو يراها تقترب منه…وبدون أن يشعر ابتسم بفرحة..
فرحة لم تُكتمل وسُلبت منه في لحظات..من هجومها عليه…وتسديدها ضربات عنيفة له في صدره…تصرخ عليه:
-ليه ها…ليه…مدام ناوي تسبني وتبعد..ليه وجعت قلبي وخليته اتعلق بيك وحبك..ليه عملت فيا كدة مدام ناوي أنك متكملش معايا..مكنتش تقرب من الأول بقى..بتقرب ليه؟؟؟؟ انا مش عارفة اعمل إيه دلوقتي..مش عارفة اكرهك..مش عارفة…ليه مصدقتنيش انا لما حكتلك اللي حصل وصدقته هو..ليه طلقتني..ليه معاقبتنيش عقاب غير ده ليه؟؟؟؟؟؟
حاول نضال المتابع لما يحدث التقرب منهم..فأشار له عابد بيديه كي يبتعد ولا يقترب منهم ويتركها تفعل ما تشاء…
اقترب خطوة منها وهو يحاول الحديث معها ومحاوطة رأسها متمتم بندم:
-وئام.. حبيبتي أنا
رفضت أن يدعوها بـ “حبيبتي” مرددة بحسم وغضب واضح بعينيها:
-متقوليش حبيبتي متقولش..انا اصلا مش عايزة اسمع منك حاجة….ولا عايزة اسمع صوتك..ولا حتى اشوفك…..
انتهت من الحديث لتنكمش ملامحها بكاءًا متابعة:
-أنا والله عارفة أني غلط..بس اللي بيغلط بيتعاقب يا عابد…بيتعاقب مش بيتحكم عليه بالموت !!!!!
أوصد جفونه وبرزت عروق ذراعيه و عنقه غضبًا من ذاته كما أن كلماتها أصابت قلبه في مقتل…
فتح عينيه مرة أخرى مغمغم:
-افهميني عشان خاطري.. أنا
-مبفهمش..ومش عايزة اسمع…ومش هصدقك…زي ما انت عملت معايا بضبط…….
حل الصمت بين الطرفين فقط نظراتهم..وعينيهم هي من تنطق..تتحدث..فواحدة منهم كانت تُعاتب..وأخرى تطلب السماح والعفو….
وبالخلف كان يقف نضال يتابع ما يحدث بينهم مشفقًا على الاثنان…ويشعر بما يحدث معهم الآن…
وأثناء هذا العتاب القائم بعينيهم وليست ألسنتهم..وصلت سيارة أجرة و صفت جوار سيارة عابد وهبطت منها خالته “نجلاء”…..
وقفت بالمنتصف بينهم وقطعت تلك اللحظة متمتمة بأسلوب فظ ساخر للغاية منزعجة من وقوف ابن شقيقتها مع تلك الفتاة الخائنة كما وصفتها دلال:
-جرا ايه يا حبيبتي مش ناوية تحلي عن الواد بقى وتسبيه يشوف حياته..واهو بالمرة تشوفي حياتك أنتِ كمان وتروحي لحبيب القلب اللي خنتيه معاه………………….
يتبع.
فاطمة محمد.
إيه رأيكم في الفصل اللي كان برعاية شهامتي وضميري ده 😂😂😂
وختم باللي عملته نجلاء واللي طبعًا سببه الرئيسي دلال ولسانها الطويل اللي بيحكي كل حاجة ده🙂🙂🙂🙂🙂
نيجي بقى للمهم والسؤال اللي بتسأله كتير
الرواية هتخلص قبل رمضان؟؟؟
الرواية كأحداث اه هتخلص قبل رمضان..بس هتستمر كيوميات ليهم بعد الجواز ومشاهد عائلية كوميدية عشان مش بعد ما فرقنا العيال فوق العشرين فصل نكروتهم في فصلين تلاته مينفعش😂😂😂
فهي كأحداث اه هتخلص قبل رمضان لكن الكوميديا لسة هتيجي..❤️❤️❤️❤️❤️❤️❤️
الفصل التالي: اضغط هنا
يتبع.. (رواية كارثة الحي الشعبي) اضغط على اسم الرواية لتجد الفهرس كاملاً بجميع الفصول.