رواية كارثة الحي الشعبي الفصل الثمانون 80 – بقلم فاطمة محمد

رواية كارثة الحي الشعبي – الفصل الثمانون

الفصل الثمانون

الفصل الثمانون

أنظر جيدًا.

كارثة الحي الشعبي.

فاطمة محمد.

الفصل الثمانون:

إتهام بشع..خطير…وجارح كالسكين مزق قلبها أربًا…ولم يتركه سليمًا ويُصعب ترميمه…كما جعله ينزف الدماء..بل و زاد الأمر سوءًا ولم يكتفي بقلبها وتسلل لباقي جسدها والذي بات مثل الثلج..باردًا..

مصدومة من كلمات تلك المرأة الواقفة بينهم و ترمقها بنظرات كارهة..متهمة..حاكمة عليها بالموت دون أن تدري أو تبحث عن الحقيقة..بل سمعت فقط والان تصدر الحكم.

كما فعل عابد سابقًا وأصدر حكمه عليها…ولكن تلك المرة لن تصمت ستدافع عن ذاتها..

ستصرخ بوجه الجميع ولن تقبل بهذا الاتهام، هي مخطئة وتعترف بهذا لكن ترفض هذا الإتهام المسئ إليها…

وقبل أن تفعلها كان عابد المصدوم..صدمة ليست بهينة..بل صعبة عليه..فأحاديث والدته و ثرثرتها معها لا تعرف حدود..

بل وصل الأمر بها أن تقص شيء خطير كهذا دون حسبان لنتائجه ولما يمكن أن يفعله..

وبنبرة قوية..مخيفة نطق عابد:

-ايه اللي بتقوليه ده؟؟ كلامك خطير اوي يا خالتي ومش مقبول نهائي..

ورغم هذا الخوف الذي تسلل إليها إلا أنها تعارضت معه وأصرت على صدق كلماتها :

-مش مقبول إيه هو انا جايبة حاجة من عندي يا بني..ما هي أمك اللي قايلالي و

اقترب نضال ورغب في اخذها وانهاء هذا الحديث..في ذات الوقت لم يدعها عابد تتابع وصرخ عليها بقوة مضاعفة:

-امي متعرفش حاجة..و وئام معملتش حاجة..

هنا وصمت لثواني نظر خلالهم لـ وئام والتي كانت تحدج نجلاء بكره وغضب..واسترسل بحسم:

-امي متعرفش حاجة ومتعرفش ايه اللي حصل..ولو عايزة تعرفي فـ احب اقولك أن انا اللي مش سايبها وبحاول ارجعلها..عارفة ليه يا خالتي؟؟؟ عشان أنا مش عارف اعيش من غيرها..وانا اللي ضيعتها من أيدي..

صمت قليلًا حاسمًا امره بتلك اللحظة مقرر أن يحسن صورتها التي ساءت بفضل والدته وإخراج نفسه هو السيء..والخائن:

-هي اللي سبتني مش انا.. عارفة ليه؟؟ عشان كنت بعرف عليها غيرها…

اعتذريلها يا خالتي….

تلجلجت المرأة وقالت بصوت خافت:

-حقك عليا بنتي..متزعليش مني.. انا..

قاطعها عابد يرفض تلك النبرة الخافضة مقارنة بـ نبرتها أثناء اتهامها:

-لا صوتك يعلى زي ما كان عالي من شوية..

وقبل أن تنطق تحدثت وئام بملامح وجهه يئن ألمًا فلو كان هناك فرصة لعودتهم..فتلك الفرصة الان ومن بعد حديث شقيقة والدته قد تبخرت:

-لا صوتها يعلى ولا تقول حاجة تاني.. كفاية أوي اللي قالته..والحق مش عليها..الحق كله عليا أنا…..

أولتهم ظهرها واندفعت نحو منزلها فلم يتركها بل ركض خلفها ينادي عليها…

لم تستجيب لندائه فلا ترغب في الاستماع إليه..ويكفيها ما حدث الآن..

رُبما هذا عقابها على خطأها وتحدثها مع رجل آخر فهي من فعلت هذا لولا ردها عليها وتركها للباب مواربًا مثلما أخبرها والدها لما حدث كل هذا..

هكذا كانت تفكر ودموعها تسيل على وجنتيها…

وبحركة مباغتة وقبل أن تلج من بوابة منزلهم كان يقف أمامها يمسك بذراعيها يعتذر لها:

-انا آسف ليكي..متزعليش حقك عليا..

نفضت يديه التي تلمسها قائلة بوجع وأعين ذو رؤية مشوشة من الدموع التي تملئها:

-متلمسنيش..وخلي اسفك ليك مبقاش يلزمني…وعشان تبقى عارف لو كان في فرصة اننا نرجع دلوقتي الفرصة بح……وانساني عشان أنا كمان هعمل كدة وهدوس على قلبي…….

تخطته و دخلت من البوابة فلم يهمه ذلك وأتبعها يقف أمامها مرة أخرى يرجوها:

-وئام أنا مش هقدر ومش هعرف..متعمليش فيا كدة.. أنا هموت لو سبتيني…

وبقسوة تحلت بها ربما من قسوة الكلمات التي استمعت إليها كانت تجيب عليه:

-مُوت يا عابد…انت مش أحسن مني…..انا كمان موت بس ده مش غلطك لوحدك…غلطي انا كمان….واديني بدفع التمن أهو…بس التمن هو شرفي وسمعتي…..

وهقولهالك تاني انساني..ومتظهرش قدامي.. عشان كل ما هشوفك هفتكر وهكره نفسي وهكرهك……

______________

مر «نضال» من بوابتهم رفقة «نجلاء» بملامح وجهه متجهمة..ونبرة معاتبة:

-ليه يا خالتي بس كدة؟؟ ليه خربتيها اكتر ما هي خربانة؟!

وبضيق من ذاتها ومن لسانها ومن هذا الوضع التي وُضعت به:

-مش قصدي والله يا نضال يا بني..أنا دمي محروق منها بسبب اللي أمك حكتهولي..ومهنش عليا أشوفها بتلف على أخوك تاني..وبعدين امك هي اللي قالتلي..مجبتش حاجة من عندي…

هز نضال رأسه بنفاذ صبر وهو يشير نحو الباب الذي بات على مسافة ليست ببعيدة:

-اتفضلي اتفضلي..الغلط مش عليكي..

وقبل أن يصل الاثنان إلى الباب وجدوا من يمر بجوارهم بسرعة فائقة وكأنه في سباق…

وصل قبلهم وفتح الباب و دخل المنزل وهو يصرخ مناديًا على والدته:

-مـــامـــا…..يا مـــامـــا…

نما صوته إلى دلال والتي أسرعت بخطاها راكضة نحوه تسأله بقلق من نبرته العالية والحاملة بين طياتها غضب ليس بقليل:

-إيه في إيه؟؟؟؟؟

وقف بمواجهتها متحدث بألم ارتسم على وجهه كما سيطر على نبرته المرتفعة:

-انا انتهيت…ادمرت بسببك…لو كان في أمل أنها ترجعلي فـ بسببك وبسبب كلامك و رغيك عن حياتي واللي يخصني الأمل ده ضاع…مــات…والفضل يعود ليكِ…

انتهى مبتلعًا غصة عالقة..لا يبالي بمتابعة نجلاء..ونضال لما يحدث..وخروج والده من غرفته أخيرًا على صوته وصراخه…

لم يكتفي بهذا القدر من إلقاء اللوم عليها في إنهاء أي فرصة للعودة الى حبيبته…مضيفًا:

-ضيعتيني…عايزك بقى تتفرجي عليا وانا بتعذب…وبموت قدامك في اليوم ميت مرة..بسبب اللي عملتيه..

هنا وارتخت قسماته وخطر على جاله تلك الفكرة…

التوى ثغره وقال ساخرًا:

-ولا على إيه..كدة كدة مش هفرق معاكي ببصلة…وأقولك على حاجة انا هريحك مني خالص..وهسبلك البيت ومش هتعرفيلي طريق وخلي كلامك وحكيك لاسرارنا ومشاكلنا ينفعك….….

انطلق من مكانه ينوي الصعود إلى غرفته ولملمة اغراضه وكل شيء يخصه ويترك لهم المنزل..

فـ أعاق استكماله لما ينوي «سلطان» الواقف في منتصف الدرج..يتابع وجه زوجته المصدوم مما يحدث ومن صراخ ابنها وغضبه…

كاد عابد أن يتخطيه ولا يستمر بوقوفه هذا لولا صوت سلطان المستفسر:

-ايه اللي حصل احكيلي !

لم يجيب عابد من شدة غضبه..فقام نضال بالحديث والإيجاب على والده أمام أمه وأختها:

-عابد كان واقف مع وئام وبيكلموا يا بابا وخالتي نجلاء جت وهما بيكلموا وقالت لوئام كلام صعب..زي انها تحل عن عابد و تروح للي خانته معاه….

فار دم سلطان مما فعلته وكيف لم تعد تفرق بما عليها الحديث به وبما عليها التوقف عنده ومعرفة حدودها…

لم يعد يتحمل فـ عيوبها باتت تخفي على مميزاتها.. حسم آمره وصوب حديثه إلى نجلاء مضاعفًا من صدمة دلال أضعافًا:

-خدي أختك يا أم أسماء واطلعوا الاوضة وساعديها في لم حاجتها عشان هتروح معاكي وتكلموا براحتكم بدل مكالمات التليفون دي…. وأنت يا عابد مش هتمشي من هنا ده بيتك وبيت أخواتك……..

______________

داخل حجرة «خليل وفجر» والذي كان يصل إليهم ما يحدث بالخارج من صراخ عابد وشجاره مع والدته.. أثناء توضيبهم لحقيبتهم ولملمة بعض الأغراض التي ستُأخذ معهم…

ورغم ضيق خليل وحزنه مما يسمعه و وصول الأمر لهذا الحد بين أخيه وأمه.. إلا أنه لم يرغب بإظهار ما يحدث معه أثناء تواجده معها..ونوى الخروج و رؤية ما يحدث..ابتسم لها كأنه لا يستمع إلى شيء..

-ولا كأنك سامعة حاجة..هما علطول صوتهم عالي..

عقب انتهائه سمع كلمات والده الذي قرر بها أن تفارقهم دلال وترحل مع شقيقتها….

هنا ولم يعد يتحمل السكون وملازمة مكانه…ابتسم لها بسمة لم تصل لعيناه..يخبرها:

-ثواني و راجع..وعقبال ما ارجع عايزك تلبسي عشان أنا مقرر نروح نقعد مع أهلك شوية وتشوفي والدك قبل ما نسافر وتشبعي منهم شوية و يشبعوا منك..

هزت رأسها له بموافقة مبتسمة له بهدوء..فلولا الظرف الجاري الآن لكانت سعدت كثيرًا ولم تترد بإظهار تلك السعادة لتفكيره بها…

______________

عاد «جابر» مرة أخرى إلى بناية «زاهر» الذي تركه ما أن قام بإيصاله وإدخاله منزله وإلى غرفته كي يذهب إلى خالد..

استقل المصعد وضغط على الزر الخاص بالطابق الذي يمكث به..وبيده الأخرى يحمل حقيبة بلاستيكية شفافة يظهر ما بها من علبة دواء.. وآخر دهان طبي..

لحظات وكان المصعد يصل إلى الطابق…فتح الباب وخرج منه..مقتربًا من باب منزله..وقف أمامه ثم رفع يده وقرع الجرس..

انفرج الباب بعد لحظات وكادت بسمة تشق ثغره لولا ما رآه أمامه..فلم يكن هو من فتح له…بل كانت فتاة..تبدو في أوائل الثلاثينات….وترتدي ملابس غير محتشمة..وتلتصق على جسدها بطريقة مثيرة للاشمئزاز..

أطرق رأسه على الفور مبعدًا عينيه..متسائلًا بشك:

-مش دي شقة زاهر برضو ولا أنا خبط غلط واتلخبط؟؟؟

خرج صوتها تؤكد له:

-لا مش غلط..دي شقة زاهر.. أنت مين؟؟

-صاحبه..انتيمه..توأمه الملتصق..هو نايم ولا صاحي؟؟

-لا صاحي خش..

أشارت له فـ ولج معها…أغلقت هي الباب..بينما لم ينتظرها هو وتحرك نحو الغرفة الذي تركه بها..

دخل الغرفة وسقط بصره عليه وهو يجلس على الفراش..عاري الصدر…

توقف و وضع يديه على عينيه متمتم بأشمئزاز:

-استغفر الله العظيم…استغفر الله العظيم…اللهم لا تؤاخذنا بما فعل السفهاء منا…..

قطب زاهر حاجبيه مما يقوله ومن عودته..فتجاهل حديثه وسأله بحنق:

-أنت إيه اللي رجعك تاني؟؟؟

أزال جابر يديه عن عينيه يرمقه بغضب مجيب عليه وهو يقترب ويرفع حقيبة الدواء أمام عينيه:

-جبتلك الدوا اللي في الروشتة…والحمدلله اني جيت عشان اشوف المسخرة دي….وانتشلك منها…

جلس بجواره..تزامنًا مع قدوم الفتاة و اقترابها من زاهر ملتقطة دهان طبي تركته على الكومود راغبة في متابعة ما أوقفها جابر عنه بفضل مجيئه فقد هاتفها زاهر وأخبرها بحالته وطلب منها المرور على أقرب صيدلية واخبار الواقف هناك بحالته كي يمنحها ما يناسب حالته…

ضغطت على أنبوبة الدهان لا تبالي بالحديث الدائر بين الاثنان.. وعندما أوشكت يدها على ملامسة ظهر زاهر العاري..كان صوت جابر يوقفها دون أن ينظر إليها:

-استني عندك….

اندهشت الفتاة وسألته:

-في إيه يا اسمك ايه أنت؟؟

-انتِ مالك بأسمي يا أختاه هتطلعيلي بطاقة..ثم أنك على مشارف ارتكاب جريمة ولمس رجل لا يحل لكِ.. قوليلي انتوا متجوزين…

ضيق زاهر عينيه ولم يجيب مستمعًا لجواب الفتاة النافي لهذا الأمر:

-لا طبعا…

اتسعت عين جابر والتي تنظر بعيدًا عنها…متابع بصدمة:

-ولا حتى عرفي؟؟؟؟

-لا..

-طب أخته في الرضاعة؟؟ أو قريبته..وعرفتي أنه تعبان وجايه تزوريه؟؟؟

-لا برضو !!!! انا اللي بفرفش عليه..انا الحضن الحنين…

هكذا ردت عليه بعبث..فصاح زاهر معلقًا بأنفعال بسيط:

-هو في إيه انت جاي تحقق معانا؟؟ كملي يا تقى فكك منه..

-تقى !!! اسمك تقى؟؟ يعني اسمك جاي من التقوى والإيمان وأنتِ بتعملي كدة…يا بت هتتشوي في نار جهنم..سمعتك هتبوظ يا منيلة..واهلك هيقتلوكي عشان يغسلوا عارهم..

تأففت الفتاة وقالت بزهق وضجر جلي:

-جرا ايه يا زاهر ما تشوف صاحبك اللي عاملنا فيها شيخ ده ونازل فينا تحقيق وبيدينا دروس في الأخلاق..

-اختاه اتلمي واتكلمي بطريقة احسن من كدة وبعدين أنا مش شيخ بس اتمنى والله..ثم انا بنصحك لوجه الله..عايزة تاخذي بالنصيحة كان بها..مش عايزة اتفقلي..هو أنا اللي هتشوي في نار جهنم ولا أنتِ؟؟ قال تقى قال..خسارة فيكي الاسم والله…

هنا ونظر لـ زاهر متمتم بتشنج وهو يوكزه في ذراعيه مسببًا في اطلاقه صرخة متألمة:

-بقولك إيه مشيها بدل والله اطلبلكم بوليس الآداب…

هنا وخرجت شقهة عالية مستنكرة من الفتاة مغمغمة:

-نـعـم نــعــم يا اخويا مين دول اللي تطلبلهم بوليس الآداب..ولا أنت متفكرنيش عشان بت هسكتلك..لا اقف عوج واتكلم عدل وربنا انزل عليك بالشبشب…

ما لبث زاهر أن يتحدث لكن سبقه جابر والذي هب من جلسته أعلى الفراش يجيب عليها بذات الطريقة وعينيه لا تنظر إليها:

-لا يا حـبيبتي..لا يا ماما…هتردحيلي هردحلك عادي…ميغركيش وسامتي وأناقتي واحترامي..انا أصلا معفن وصايع آه…و ردًا على كلامك البيئة ده يا بيئة احب اقولك انك بتردحي غلط..

ابتلع ريقه كي يستطع متابعة تلك الوصلة من “الردح” والتي أخرجت اسوء ما به:

-لأن أنا كنت قاعد مش واقف..وأنتِ قولتي اقف عوج واتكلم عدل وكان عليكي قول اقعد عوج واتكلم عدل…بس أنتِ اي كلمتين حفظاهم بتقوليهم وترشقيهم في الجملة وخلاص..ثم الشبشب ده بقي بيضرب بيه الحشرات اللي زيك يا صرصورة أنتِ…..

خرجت شقهة أخرى من فم الفتاة وكادت تتشاحن معه لولا زاهر الذي مسح على وجهه وقال كي ينهي ما يحدث:

-غوري يا بت من هنا…انا مش ناقص صداع يلا برة..

اغتاظت من طرده لها فكزت على أسنانها متمتمة بغضب وهي ترمق جابر بغل:

-بتطردني يا زاهر ماشي..بشوقك…

تحركت بانفعال ساحبة حقيبتها من أعلى طرف الفراش متجهة نحو الباب فوصل إليها كلمات جابر الساخرة:

-ما هو بشوقه يختي حد كان قالك أنه بشوقك أنتِ..

بعد مغادرتها ابتسم جابر وكاد يتحدث لولا زاهر الذي رفع ذراعيه يشير له نحو الباب هو الآخر:

-يلا برة انت كمان..برة…

-برة في عينك يا قليل الذوق والرباية..ده أنا عشان شهم روحت جبتلك الدوا اللي في الروشتة..بقولك ايه انا هقوم اجبلك كوباية ماية تاخد واحدة من المسكن شكلك تعبان…

وقبل أن ينهض مسك به زاهر يرفض هذا:

-لا شكرا انا زي القرد..خد بعضك وبالسلامة أنت بقى..

-وربنا ما يحصل شهامتي ورجولتي وضميري..وخاطر البت اروى أختك ميسمحوليش اني امشي واسيبك وانت متكسح كدة…

انتهى راسمًا الضيق على وجهه مطلقًا زفيرًا مردد:

-انا مش عارف العيال الغشيمة دي مزودوش العيار ليه..وكسرولك ضلع..ولا ذراع……..يلا ربنا يوفقهم في المرة القادمة انا هقوم اجبلك ماية تبلع بيها البرشام….

______________

غابت الشمس وحل المساء..وجاء كلا من«حسن و زينة» معًا بعد أن مر عليها بالمستشفى كي لا تأتي بمفردها..

فتحت لهم أنعام بوجه مبتسم مغمغمة بمودة وهي تستقبل زينة داخل أحضانها:

-اهلا اهلا..اللهم ما صلي على النبي ايه الحلاوة دي ..ايه الجمال ده..تعالوا..

ابتسم حسن وقال ممازحًا وهو يغلق الباب:

-جرا ياما هو من لقى احبابه نسي صحابه ولا إيه..

-بس يا واد يا حسن..يا ام زينة العيال جم…

قالتها بصوت عالي جعل وجه زينة ينكمش ضيقًا من ارتفاعه…مغمغمة:

-معلش بس ممكن توطي صوتك شوية ودني وجعتني…

لم تختفي بسمة أنعام بل حافظت عليها وقالت باعتذار كي يمر الأمر مرور الكرام:

-اه معلش حقك عليا..اكيد جاية من الشغل مصدعة وتعبانة..خشي اغسلي إيدك واقعدي أنتِ وحسن مع ابوكي..وانا وامك هنحط الاكل يلا…

ابتسمت لها على مضض وتحركت نحو دورة المياه..

وبعد وقت كانوا يجلسون جميعًا على طاولة الطعام..

فقالت عفاف بفم ممتلئ:

-مدي ايدك وقطعي الفرختين يا بت يا زينة وحطي لحماتك وخطيبك يلا…بتحبي ايه يا ام حسن الصدر و لا الورك…

-اي حاجة يا حبيبتي..

مدت زينة يدها وبدأت بتنفيذ كلام والدتها واضعة قطع الصدور أمام حسن و والدته…وبعد فعلها لهذا رددت انعام:

-تسلم ايدك يا حبيبتي..

ردت عليها بهدوء:

-بالهنا…

ابتسم حسن على ردها سعيدًا بتلك الاستجابة البسيطة..داعيًا ربه أن يهديها كي تعامل والدته بما يرضي الله..فهي لا تستحق إلا كل خير….

أما هي فكانت تسرق النظرات نحو أنعام تحتار بأمرها ترى هل تدعي كل هذا وترتدي قناع تخفي خلفه حقيقتها وستظهر فيما بعد..أم أنها تتعامل بحقيقتها…

هنا وتذكرت دلال..وكيف كانت لا تتردد بإظهار كرهها لها….

ابتسمت بسخرية وقالت مع ذاتها:

-كلكم واحد و وشك الحقيقي مصيره يبان…

______________

-ايه ده ؟؟ انت ايه اللي مقعدك هنا أنت معاقب يا بيه..اتفضل على اوضتك يلا..

طرح «خالد» حديثه على مسامع ابنه الجالس بمنتصف الأريكة بين والدته و شقيقته…

ويشاهد معهم إحدى الأفلام…

انكمش وجه «وسام» بحنق طفولي..معلق:

-بس أنا معملتش حاجة يا بابي…

نفى خالد برأسه يعدل على حديثه:

-لا بلاش بابي دي مبقتش لايقة عليك..قولي يابا احلى…

رد عليه وقال:

-طب انا معلمتش حاجة يابا…

اطلقت ناهد ضحكات مغمغمة بمرح:

-الله يابا طالعة منك قمر….قولهاله على طول بقى…

هنا ونفذ صبر خالد ولم يرد التحدث أكثر في حضور والدته..اقترب من وسام وقام بإمساكه من تلابيبه وكأنه لص قد أمسك به للتو..

مردد بغضب مكتوم:

-قوم معايا يلا..

تحرك معه نحو غرفته واستمع لصوت والدته من الخلف وهي تقول:

-الله!! ما براحة على الواد يا خالد مش كدة…

لم يجيب عليها وردت عليها ابنتها:

-مامي سبيه ده ابنه وهو اكيد عارف بيربيه إزاي.

-اتنيلي أنتِ…

داخل الغرفة..جلس وسام أعلى الفراش وهو يغمغم:

-انا عايزة اكمل الفيلم..

-مفيش زفت.. أنت معاقب قولت…

كان يتحدث وهو يضع يده على خصره…صمت قليلًا ثم تحرك نحو الكومود واخرج من أحد أدراجه نظاره ابنه والذي تخلى عنها منذ وقت..واضعًا إياها أعلاه..

فقال الصغير:

-بطلع النظارة ليه يابا؟؟

-عشان تلبسها يا قلب أبا..مش أنا وافقتك وخليتك مبقتش تلبسها..من هنا ورايح هترجع تلبسها عقابًا ليك…

وأفلام..واكل من برة..وخروج مفيش..أنا هعرف اربيك إزاي..

انتهى مقتربًا منه مقبلًا إياه قبلة تناقض ما يفعله ونبرته الغاضبة..مغمغم:

-يلا نام…

-مش عايز أنام..

-مش بمزاجك..يلا..

قالها وهو يجبره على التمدد والنوم على الفراش…

وقبل أن يبتعد طبع قبلة أخرى على وجنتيه ثم غادر الغرفة…بعد خروجه حدج وسام النظارة..وسرعان ما مط شفتيه بحنق وسخط..

وقبل أن ينفذ كلمات والده..كان يمد يده ويلتقط النظارة وعلى الفور قام بكسرها نصفين كي لا تصلح للارتداء قاذفًا إياها بالهواء بعيدًا عنه وبسمة ماكرة سعيدة تحتل وجهه……

_____________

وصل جابر منزله بعد أن ترك زاهر أخيرًا..وسرعان ما سقط بصره على أبيه الواقف رفقة خليل و زوجته ويقوم بتوديعهم..

فبعد أن علم سبب ما حدث ولما أبدى والده رد الفعل ذلك ذهبوا إلى منزل عائلتها وقضت بعض الوقت معهم وأخبرهم أبيها بأن سائقهم سيقوم بإيصالهم…

هبط جابر من السيارة وهو يرمق السائق القابع داخل السيارة الأخرى العائدة لعائلة فجر، فقال مستفسرًا:

-مسافرين خلاص؟

نظر إليه خليل وهو يومأ له:

-ايوة يلا اس

قاطعه جابر ببسمة:

-لا متودعنيش وبعدين مش الراجل ده سواق عند أهل مراتك ودي عربية أهل مراتك برضو..بيعملوا ايه هنا !

-هيوصلنا وبعدين يرجع..

-والله عيب وجابر موجود..ما تقول حاجة يابا..

ابتسم سلطان وقال:

-بعد يابا دي مش قايل حاجة…

بادله جابر بسمته وقال بمزاح:

-خلاص انا هقول..بص يا خليل يا أخويا انت مشي السواق ده بعربيته ومحدش موصلكم غيري يلا..

وبالفعل اعتذر خليل من السائق واخبره بأن اخيه سيتولى تلك المهمة…ذهب السائق بالسيارة…واتجه جابر نحو مقعده..وصعدت فجر بالخلف..وقبل أن يصعد خليل بجواره..همس له جابر كي لا تستمع فجر إليه:

-أنت هتقعد جمبي ولا إيه؟؟

-اكيد..اومال هقعد ورا؟

رد عليه بذات الهمس:

-اكيد هتقعد ورا..يلا يا اخويا..اقعد كدة وخليكي رومانتيكي..خدها في حضنك..وامسك أيدها..خليك رومانسي..

زفر خليل وقال يعترض:

-بس يا حبيبي..واركب يلا خلينا نتحرك…

رفض جابر الاستسلام وتحرك مقتربًا منه..حاوط عنقه تحت دهشة فجر وعدم إدراكها لشيء:

-ياض متبقاش فقري..اركب جمبها وخليها تنام على كتفك..ولو عليا فـ أنا هبقى اعمى..واطرش..واخرس كمان…

ابتسم له خليل بسماحة وقال:

-يا بني متخلنيش اغلط فيك واركب يلا قولت مش راكب ورا..

امتعض وجه جابر وصاح:

-تصدق انا غلطان..عنك ما ركبت..خليك جمبي اهو تسليني…كتك القرف عيل فقري……

صعد معه وانطلق جابر بعد أن قام سلطان بتوديعهم…

وبصوت عالي ردد خليل دعاء السفر و رددوه من خلفه..

وبعد فعل هذا أخرج هاتفه وقرر محادثتها والالتهاء معاها بدلًا من التفكير فيما حدث اليوم… وبالفعل أرسل إليها رسالة عبر “الواتس اب” تحوي تلك الكلمات التي نجحت في رسم البسمة على وجهها:

-مساء المحبة ما تيجي نتكلم هنا حبة………….

يتبع.

فاطمة محمد.

تفاعل حلو بقى وقولولي توقعاتكم للي جاي. 🫂❤️

الفصل التالي: اضغط هنا

يتبع.. (رواية كارثة الحي الشعبي) اضغط على اسم الرواية لتجد الفهرس كاملاً بجميع الفصول.

أضف تعليق