رواية عازف بنيران قلبي الفصل السادس والثلاثون 36 – بقلم سيلا وليد

رواية عازف بنيران قلبي – الفصل السادس والثلاثون

البارت السادس والثلاثون

البارت السادس والثلاثون

وَ مَن قآل أنني أُحبك !

أنآ فَقط أخشى الحيآة دُونك ,,

وَ أكره الوطَن بلآ عَينيك ,,

وَ أُفتش في كُل الأشيآء عَنك ,,

وَ لآ أحبُ الغَزلَ إلآ مِنْ شَفتيك ,,

وأغآر من الهَوى الذي تُدخله لِ رِئتيك ,,

أنآ لآ انتمي لِنفسي أنا أنتمي إليك !احببتك

حتي اصبحتي

روح تسكن روحي

ونبض يسكن جار وتيني

ودم يجري ف شرياني ووريدي

وطيف يلازمني كحارس ٍامينِ

احببتك وكانك كل نساء الكون

احببتك. وكانك شمس. شتاء

وليله مطر. دافئه

احببتك وقضي الامر

رفعت الجلسة

❈-❈-❈

بمنزل المزرعة قبل قليلٍ

استيقظت على ألمٍ تشعر به أسفل بطنها، تأوّهت بخفوتٍ وهي تضع كفّها على أحشائها، وجدته يحاوط بطنها بكفه، فتحت عيناها بتثاقلٍ وجدت نفسها محاطةً بحصن أمانه بذراعٍ يحتضنها به، والأخر يحضن أحشائها، فتحت أهدابها وأغلقتها لعدّة مراتٍ فاعتدلت بهدوء بعدما وجدت نفسها مكبلةً بدفئ أنفاسه، تراجعت بجسدها بهدوء، حتى أصبحت بمقابلة أنفاسه، لمعت عيناها ببريق العشق، ودنت تضع كفيها بخصلاته تتخلّلها بأناملها الرقيقة

اقتربت حتى تشربت أنفاسه وهي مغمضة العينين، ابتسامةٌ غزت جسدها وسعادةٌ شملت كيانها من مجرد دفئ أحضانه

مسدت على وجنتيه تتذكر منذ ساعات كيف كان الحمل الوديع الذي يغفو بأحضانها كجنديّ محاربٍ في العشق..تسلّلت لأحضانه تضمّه بقوّةٍ تتمسح بأحضانه

-أنا كدا مبقتش عايزة حاجة تانية خلاص، كفاية وجودك وحبك ليا..رفعت رأسها تنظر إلى هدوئه بنومه ودنت منه

مما جعلته يشعر بما تفعله، ورغم استيقاظه إلا أنه تركها حتى يتمتع بذاك القرب المغذي لروحه

جاهد بسيطرته على اعتصارها بأحضانه، رفعت كفيها تضعه موضع نبضه، توسّعت عيناها عندما شعرت باستيقاظه، بسبب ارتفاع دقات قلبه، فتجمّدت حركاتها وحاولت الابتعاد عنه، ولكن كأنه قرأ حبل أفكارها فرفع ذراعه يجذبها لصدره ثم حاوطها بجسده حتى اختفت بداخل أحضانه

-كنتِ هربانة رايحة فين، ارتبكت بإيجابه، وضعت رأسها بصدره وتحدّثت بتقطعٍ

-راكان عايزة أقوم ، أخرجها يتعمق بسواد عيناها

-وأهون عليكي تبعدي عني، استمعت لصوت الرعد بالخارج وصوت مياه المطر الشديد

لمست وجنتيه وتحدّثت طالبةً

-حبيبي ادعِ الجو بيمطر، والدعوات بتستجاب دلوقتي

دنى يداعب وجهها

-أنا معنديش غير دعوة واحدة وبتمنى ربنا يتقبلها مني

أطبقت على جفنيها مستمتعةً بهمسه المذيب لقلبها، تنتظر حديثه

-ربنا مايحرمني منك أبدًا، وتنوري حياتي على طول..لامست كلماته حواف قلبها، فهمست :

-ربنا يخليك ليا ومايحرمنيش منك أبدًا أبدًا

داعب وجهها بشفتيه هامسًا

-أبدًا، أبدًا ..ارتفعت دقاتها كالطبول وعيناها تعانق عيناه، وتهزّ رأسها مصدرةً صوتًا من شفتيها:

-أبدًا، أبدًا..احتضنها بقوةٍ ..الجو بيمطر شديد أوي برة..قالتها بهمسٍ، شقّ ثغره ابتسامةً متسائلًا بمكرٍ تجلّى بعينيه

-إيه بردانة، أجبلك حاجة تلبسيها..ابتعدت بنظرها حينما أحسّت بالحرارة تزحف لوجنتيها الملتهبتين خجلًا من مغذى كلماته، رفع ذقنها ونظر إليها بأعينٍ تفيض حبًا

-لو بردانة أدفيكي برموش عيني..ضغطت على خصره وأغمضت عيناها تستمتع بدفئ كلماته..لامس وجنتيها بإبهامه ودنى من أذنها يهمس ببحته الرجولية

-مولاتي مبتردش عليا ليه..فتحت عيناها سريعًا وتمتمت بتقطعٍ

-أر..د، أق.ول ايه؟!

تعلق بعيناها قائلًا

-بتحبيني..قالها وهو يفترس ملامح وجهها بشمسه، حتى رسمها قلبه فأصبحت لوحة مرسومة بأبدع ريشة لفنانيها

تراجعت برأسها تحاوط عيناه

-حقيقي بتسأل بحبك ولا لأ؟!

ابتسمت عندما وجدته صامتًا وإن دلّ صمته فيدلّ على انتظار إجابتها بشغفٍ وكأنه لم يسمعها من قبل، لما لا ونطق شفتيها بها لقلبه عزفٌ موسيقيٌّ

لم تحاوره بل دنت تعزف له إجابتها هامسةً له :

-“بحبك معذبي”

تلك النبرة الشّجية التي أرسلت ذبذباتٍ جعلته عاشقٌ بلاحدود، عاشقٌ مجنونٌ حدّ الثّمالة، جعلت الزمن يتوقّف حوله ،فنطقها له بتلك الطّريقة وقربها الذي أصبح قرب الدم بالوريد، لم تكف عن ذاك بل همست باسمه لتروي قلبه الحالك، وحياته الضائعة

-راكاني ماهو إلا عشق الليالي..

تسارعت أنفاسه عندما شعر بتوقف الدم بشريانه وآه لو تعلم مايتحمله الآن حتى لا يتحول لحيوانٍ بريٍّ شرسٍ ينقضّ عليها ولا يتركها سوى مضغةٍ بفمه.

طبعت قبلة أخرى على وجنتيه قائلةً :

-يدوم حبك ليا ويدوم حبي ليك

معنديش غير دا لأقوله

آهةٌ طويلةٌ كانت أبلغ ردّ على كلماتها التي لامست حواف قلبه فلم يتبقى من صبره سوى اسمه، فتعانقت روحه بروحها بنغمٍ موسيقيٍّ يغرس بأعماقهما نبض الحبّ ، ونيران العشق تتأجّج بداخلهما حتى أصبحت أنفاسهما العاشقة دفئ البرد الذي يحاوطهما، مرّت دقائقٌ والعشق متواصلٌ دون فصال حتّى أنُهكت الأجساد فلم يتبقى سوى دقات القلوب التي تعزف بلحنها الأثير ملحمة العشق الطّاغية لتصل لبرّ الأمان.

فردت جسدها تنظّم دقات قلبها التي كادت تخرج من جسدها ، أغمضت جفنيها بابتسامةٍ عذبةٍ حينما وجدته يطبع قبلةً مطولةً على جبينها متحدثًا بنبرته الرّجولية الهادئة:

-آسف، مكنش قصدي أتعبك كدا، عارف إنك تعبانة، ودوستي على نفسك علشان مزعلش .

استدارت تنظر إليه تضع كفيها على وجنتيه مردفةً بصوتها الهامس المعذّب لروحه :

-ليه بتقول كدا؟! دنت تدفن رأسها بأحضانه تغمض عيناها مستنشقةً رائحته التي أصبحت جرعتها اليومية

-لو أطول ابقى طول الوقت في حضنك هعملها، راكان إنت متعرفش إنت بالنسبالي إيه

خرجت من أحضانه وتعمقت ببريق عيناه التي تحتضنها قائلةً:

-إنت روحي، هو فيه جسم يفضل من غير روح

ظلّ يطالعها للحظاتٍ دون حديث، نظراتٍ فقط تحتوي كلّ إنشٍ بوجهها حتى أخرج تنهيدةً طويلةً ودنى مغمض العينين

-ناوية على إيه ياليلى ؟

بقيتي خطر أوي عليا، دا لو سحرتيلي مش هتعملي فيا كدا .

رفع كفيه يمسح بهما رأسه ممررًا أصابعه بين خصلاته، ثمّ سحب نفسًا عميقًا داخل رئتيه واتّجه يفرد جسده على الفراش يجذبها لأحضانه، ثم حاوطها بذراعيه قائلًا:

-أول مرة أخاف من ال جاي، اعتدلت تضع ذقنها على صدره متسائلةً:

-خايف مني ياراكان، خايف أخذلك

وضع أنامله عند شفتيها يتلمسها

-الشفايف الحلوة دي بقت بتعك ولا إيه، اعتدل يتكأ على ذراعه ينظر إليها جاذبًا رأسها يضع جبينه فوق خاصتيها قائلًا

-خايف عليكي، ممكن يأذوني فيكي، ليلى لو حصلك حاجة هموت، دقاتٌ عنيفةٌ داخل قفصه الصدري عندما تخيّل أذيّتها حتى لم يشعر بنفسه .

رفعت كفيها على وجهه عندما شعرت بانسحاب أنفاسها مطبقة جفنيها بقوة، إلى أن تركها والألم يتسلل ليسكن روحه، يضمّها بقوةٍ يمسّد على ظهرها

-آسف، آسف..

قالها راكان بحزن..

شهقةٌ عاليةٌ خرجت من فمها تحاول تنظيم أنفاسها

نظر عليها بألمٍ مغلقًا جفونه بحزنٍ:

-شوفتي خوفي عمل إيه، دا مجرد خوف بس، لازم أزود عليكي الحراسة، ولازم تاخدي بالك وتحاولي ماتخرجيش غير معايا، تعثّرت الكلمات عند شفتيها حينما وجدت الذعر على ملامحه، فخفّفت من حدّة ذعره

واقتربت تحتضن وجهه:

-كان فيه أم بتخاف على ابنها أوي، المهمّ الأم سمعت في الأخبار إن الجوّ فيه عواصف وكدا يعني وابنها عنده سفر، ففالت أنا مش هخلّيه يسافر، ف نامت وحلمت ان ابنها عمل حادثة ومات، صحيت تستعيذ من الشّيطان وقامت جهزت الفطار وهي بتسمع الأخبار إن الطيارة ال ابنها كان حاجز فيها وقعت في البحر،

جلست تحمد ربّها إنها ماصحتوش ، بعد فترة خلّصت تجهيز الأكل وراحت تصحّيه علشان يفطر وهي مقرّرة تقوله إنه مش هيسافر ويبعد عنها

دخلت وفضلت تصحي فيه الولد مبيردش، حطّت إيدها على وشه لقيته ميت، المهم ياحبيبي عايزة أقولك مش أمنك وحرسك، ال ربنا كاتبه هنشوفه .

خللت أناملها بأنامله وضعت رأسها بصدره قائلةً :

-قل مايصيبنا إلا ماكتبه الله لنا ياحبيبي، يعني لو ربنا رايد يحصلّي حاجة وأنا في حضنك هيحصل..أطبق على جفنيه ومازالت ذراعيه تحاوط جسدها كيف يطمئن روحه، لم يتخيل حياته بدونه سوى حياة الأموات، ألا يكفي صموده وإخماد ثورة عشقه لها ببعض الأحيان، ناهيك عن مشاعره التي تفتك بثباته أمام الجميع وهو يتلظّى بنيران عشقها، ويريد ضمها أمام الجميع لينسبها لنفسه، فهي عشقه الضاري الذي انتظره منذ زمن .

-راكان..همست بها ليلى

فتح جفونه وأجابها بهمسه :

-حياته وروحه ..خرجت من أحضانه

-هنرجع إمتى على القصر..داعب وجنتيها

-زهقتي مني ولا ايه؟؟

رعش قلبها من كلمته، ورغم ذلك ابتسمت وحاولت استجماع كيانها الذي بعثره ذاك المحتال كما أطلقت عليه

-يعني مش اوي، بس أمير وحشني

رفع حاجبه بسخريةٍ متمتمًا

-لا والله..دنى يداعب وجهها

-ماشي هوديكي لأمير ال وحشك دا، وأنا أقعد هنا مع ذكرياتنا الحلوة هنا

رفرفت بأهدابها مستنكرةً حديثه

-أكيد بتهزر، يعني إيه تقعد هنا..أغمض عيناه وأجابها

-ماهو إنتِ ال عايزة تروحي القصر، وأنا عايز أفضل هنا، بتقولي زهقتِ مني

لفّت خصره بذراعها ووضعت رأسها على صدره -مقدرش أبعد عنك هو فيه حدّ يزهق من روحه .

علا رنين هاتفه، جذبه ينظر به وجده يونس اعتدل سريعًا

-فيه إيه؟؟

.على الطرف الآخر

-تعال ضروري للمستشفى

اعتدل وملامحه تحولت للذعر فتسائل بتقطعٍ :

-نوح حصلّه حاجة، اعتدلت ليلى تستمع باهتمامٍ ودقات قلبها تتقاذف بعنفٍ عندما شعرت بالخوف، ولكنها هدأت عندما استمعت إلى راكان

-لا خليها محبوسة عندك، وإياك حدّ يقرّب منها حتى لو دكتور، وركّز في الأوضة مايكونش فيها حاجة تموّت نفسها..وأنا ساعة وأكون عندك .

أمسكت ذراعيه بعدما وضع هاتفه يرجع خصلاته محاولًا السيطرة على ثباته الذي تذبذب بسبب مكالمة يونس،

-راكان إيه اللي حصل؟!

بلّل حلقه وابتلع ريقه عندما عجز عن كيفيّة إخبارها بما حدث، اتّجه إليها وحاول أن يبعدها عما صار فدنى منها لبعض الدّقائق، ثم اعتدل متجهًا سريعًا للمرحاض قائلًا:

-معرفش الواحد مالوش مزاج لحاجة ليه، تفتكري دا عيب فيكي ولا فيا يالولة، دفعت الوسادة به حتى اصطدمت بظهره وهو يقهقه، وصل المرحاض وأغلق باب المرحاض وتغيّرت ملامحه كاملةً حتى من يراه يقسم أنّه ليس ذاك الشخص الذي كان ينعم منذ لحظاتٍ بأحضان حبيبته.

كور قبضته يضغط بأنيابه يكتم صرخاته داخله حتى لا يرتكب خطأ أمامها ويخيفها، دقائق اغتسل وخرج وجدها ارتدت قميصه وتجلس على حافة الفراش تعبث بهاتفه

اقترب منها وهو يتمتم بصوتٍ خافتٍ

-لا كدا كتير على قلبي على فكرة، يعني عايزة أقفل علينا هنا وأمنع اي تواصل بالعالم الخارجي.

رفعت نظرها مستفهمةً عن حديثه

غمز بطرف عيناه عليها وأشار بيديه

-عجبك شكلك دا، ينفع تلبسي قميصي كدا..نهضت وتوجّهت إليه حافية الأقدام، عارية الساقين وطوّقت عنقه وابتسامةٌ شقّت ثغرها

-هو ينفع؟! أطلق ضحكةً رجوليةً جذابةً ورفعها من خصرها حتى أصبحت بمقابلة وجهه، أزال خصلاتها المتمردة على وجهها وابتسامةٌ حالمةٌ بات يتطلّع بانبهار لجمالها الآخّاذ بسحره،  قائلًا بنبرة رجلٍ عاشقٍ

-جننتيني يامولاتي، وعلى استعداد أحرق العالم كلّه عشان آخدك زي ما إنتِ كدا في حضني.

استرسل بعينان تهيم عشقًا بجمال ليلها وهدوء صفاء وجهها هائمًا بتفاصيلها

-ليلى بحبك أوي مهما أوصفلك إحساسي إيه وإنت هنا، أشار على نبض قلبه وأكمل حديثه:

حبي ليكي يوقف دوران الأرض حبيبي عايزك تثقي في دا، مهما عملت ومهما قولت، اعرفي إنك المحتل  لكل راكان البنداري احتلال القلب للجسم، يعني لو معادلة

دقات قلب راكان بتساوي حياته ليلى راكان البنداري، “قضي الأمر الذي فيه تستفيان”

قالها وهو يتوجه بها للفراش يدثّرها ثم أمال يطبع قبلةً مطولةً على جبينها

-عندي مشوار ساعتين وراجعلك، وزي ماقولتلك القصر مش هنرجعه لما أحس إني عايز أرجع هناك، البيت دا أكتر مكان بحبّه ، كفاية فيه أجمل لحظاتنا

أمسكت كفيه الذي يضم بها وجنتيها وطبعت قبلةًعليه

-أي مكان المهم تكون معايا وبس، حتى لو آخر العالم…وضع جبينه فوق خاصتها يحبس أنفاسه قائلا

-“ليلى بحبك” ابتسمت مردفة:

وليلى راكان البنداري بتعشق راكان البنداري .

قشعريرةٌ اختلجت كيانه تتملّكه عاطفة قويّةٌ وإحساس صادق من كلماتها التي غزت روحه..انفرجت شفتيه وانعقد لسانه ولم يستمع سوى لأنفاسها العطرة .

-لازم أمشي دلوقتي، كدا الموضوع زاد عن حدّه، وهكون قتيل الحب دلوقتي لو حد فكر بس مجرد تفكير يكلمني

أغمضت عيناها وإرهاق جسدها يسحبها لنومٍ قائلةً بصوتٍ متقطعٍ

-لا خلاص هنام أهو، وإنت متتأخرش عليا.

تحرك سريعًا لغرفة الملابس، أما هي ابتسامتها شقّت عنان السماء وهي تهمس لنفسها

-أحمدك وأشكر فضلك يارب، يارب متحرمنيش منه

❈-❈-❈

بالمشفى قبل ساعتين عند يونس وسيلين

ثارت جيوش غيرته العمياء ، ركلته بقوة حتى تأوه متألمًا فابتعد، ودموعها تسقط بقوة على وجنتيها صارخةً به :

-طول عمرك حيوان، غريزة بس ال بتحركك، أمسكت كنزتها وشقتها لنصفين وأشارت على صدرها

-تعالَ ياحيوان، ماهو طول عمرك حيوان يايونس، ال يضحك على بنت ويوهمها بالحب ويتجوّزها بطريقة مقرفة لا تمت للجواز بشئ هستنى منه إيه

لكمته بصدره بقوةٍ وتصيح بغضبٍ :

-حيوااان، ال يخلي بنت تنزل جنينها يكون حيوااان وحقييير، إنت حقييير وأنا بكرهك، إزاي إنت دكتور، المفروض يعدموك ياحقير

قالتها بقلب أنثى زُهقت روحها وتعثّرت نبضات قلبها من حبيب ظنته يومًا لها الطبيب المداوي لجروحها، ولكن كيف للقدر أن يجيبها بعدما صارقلبها أشلاءً محطّمةً .

مسحت دموعها بقوّةٍ آلمت خديها الرقيقين وهي تصيح وتثور لكرامتها

-بتحبني، ضربت كفّيها ببعضهما وهي تتحدّث من بين بكائها

-اديني عقل يقولي واحد بيحب واحدة من عشر سنين، ويروح يخونها ويتجوز ،وكمان مراته تحمل ،ولا وراجع يقولي بحبك، دنت تنظر لداخل مقلتيه ونيران قلبها قبل عينيها تريد أن تحرقه قائلة:

-بتحبني صح؟؟

وأنا الظالمة الحقيرة ال روحت اتخطبت لواحد تاني، وجاية أقرفك وأقولك إنتِ ملكي غصب عنك .

لكزته بكتفه بقوّةٍ حتى تراجع خطوةً للخلف يقف صامتًا مذهولًا من قوّتها و شراستها وأكملت جرائمه الشنعاء :

-تعال أوقف يامحترم، وخليك راجل مرة واحدة وقولي إيه الدليل إنك بتحبني، تعال قول..دنت حتى اختلطت أنفاسهما ثم طوّقت عنقه وهمست له بنبرةٍ يشوبها الاشمئزاز:

-شوية البوس؟ ، وشوية الكلام الحلو؟

رفعت كفيها تضعها بخصلاته وتوزع نظراتها على ملامحه التي شحبت بالكامل

-صح ياحبيبي، أصدرت صوتًا بشفتيها يدلّ على رفضها لحالته

-تؤ، لا مالك ياحبيبي اتصدمت من كلامي، جذبت خصلاته ورفعت نفسها تهمس بجوار أذنه :

-دي حقيقتك القذرة للأسف يايونس، وأنا الهبلة ال مكنتش شايفاها، أو تقدر تقول حبك عماني، ماهو مراية الحب عمية

تراجعت عنه لبعض الخطوات وأشارت على نفسها، ودلوقتي أنا قدامك أهو اعمل ال حقيقتك القذرة بتعمله مع غيري، وعادي آخر الليلة هنضرب ورقة عرفي، اقتربت مرّةً أخرى

وتعمّقت بداخل عينيه

-ماتتكسفش ياحبيبي علشان أنا بنت عمك يعني، اعتبرني بنت من الشارع زي ماكنت مصدق في الأول.

دارت حوله وتحرّكت بشموخٍ تمنحه نظراتٍ احتقاريةٍ

-علشان لما أولع في نفسي بعد ماتلمسني يبقى أكون مرتاحة، ماهو مش معقولة هسيب جسمي بعد ماإيدك القذرة لمسته، وقربت منه .

خمدت ثورتها وجلست تضع ساقًا فوق الأخرى تنظر حولها بالغرفة، تسأله بجرأة

-ايه مفيش كاس هنا ولا ايه؟

شكلك مكنتش عامل حساب لاحتفالنا بس ملحوقة، ممكن سيجارتين عادي هي هتكون صعبة في الأول بس هتعود بعد كدا.

وقف مذهولًا وكلماتها كأشواكٍ تخربش صدره بطريقةٍ مؤلمةٍ ومؤذيةٍ لروحه، أطبق جفنيه، وابتلع مرارة كلماتها مقتربًا من خزانة نوح دون حديث يجلب لها جاكيته، ثم استدار إليها يجذبها من كفيها ويضعه على جسدها، يغلق زره، ثم اتجه لمرحاضه لدقائق معدودةٍ وهي واقفة متصنمة، كانت تظنّ أنّه سيثور عليها ،ولكن صمته أزهق روحها أكثر، خرج يضع قميصه ببنطاله وتحرّك يجذبها من كفيها، بعدما جذب مفاتيحه وهبط للأسفل متوجهًا لجراج سيارته، فتح باب السيارة وأركبها بهدوء ثم اتجه لمكان القيادة متحركًا بسرعةٍ جنونيةٍ، كانت تراقب حركاته الصّامتة، وسرعته الجنونية، هدأت قليلًا عندما توقّف بالسيارة ظنًا أنه سيحادثها ولكنها تفاجأت به يقول :

-انزلي وصلنا، نظرت حولها وجدت نفسها أمام القصر، فتحت باب السيارة ونزلت بهدوء متحركةً للداخل، ظلّ يراقبها حتى فُتح باب القصر ودلفت وأغلق بعد دلوفها .

استدار بالسيارة يعود سريعًا كما أتى، سحب نفسًا قويًا حتى لا يدخل بنوبة بكاءٍ، ورغم ذلك شعر بانسحاب أنفاسه وكأن الهواء سحب من حوله، ركن سيارته يدلّك صدره لدقائقٍ، ويسحب أنفاسًا ولكن كيف وكأنّ الهواء يحرق صدره من فرط وجعه، اليوم عرّت حقيقته النكراء أمام نفسه، أرجع رأسه على المقعد وهنا انفجرت برك دموعه كلّما تذكّر مافعله بها، تحوّلها من طفلةٍ وديعةٍ إلى امرأةٍ متجبرةٍ، انجرحت بقلبها العاشق.

رغم كلماتها النارية التي سقطت على قلبه مزقته إلا أنه حزن لكسرها، تألم لألمها، شعر بانكسار عموده الفقري عندما شقّت ثيابها بتلك الطريقة، أهو بالفعل مثلما وصفته، ماذا كان عليه فعله وهي ترفض حبه وعدم نزولها، ماذا على رجل يفعل لإهدار رجولته من فتاة لم تبلغ من العمر عشرون عامًا وهي تهينه بتلك الطريقة.

فلاش باك

منذ خمس سنواتٍ بإدى زيارته لها بألمانيا مع راكان..توقف يونس أمامها

-بت ياسيلي لازم تنزلي مصر، كفاية قعدتك هنا، عايزين نجوّزك ونطمن عليكي .

-أنا مش بفكّر في الجواز دلوقتي خالص ياآبيه، ولا عايزة اتجوز..

تهكّم راكان وهو يرتشف من قهوته :

-بطل غباء يايونس، مين قالك أنا هوافق أجوّزها دلوقتي حبيبة أخوها لسة صغيرة، مش كدا حبيبتي؟

اقتربت تطوّق راكان بجلوسه من الخلف

-أنا بموووت في أبيه راكان علشان بيحب سيلين، ومستحيل يزعلها، قاطعهما رنين هاتف راكان فتحرّك يجب عليه، جذبها يونس مبتعدًا إلى غرفتها يدفعها بقوّةٍ

-هتستهبلي يابت، يعني إيه مش هتنزلي مصر؟

سيلين أنا كملت تلاتين سنة ولازم أتجوز وأعمل عيلة، عقدت ذراعيها أمام صدرها وأجابته :

-وأنا مالي، ماتتجوز، هو أنا ال هختار العروسة ولا إيه؟

عقد ذراعها خلف ظهرها يهمس بفحيحٍ :

-عارفة لو متلمتيش ونزلتي معانا وحياة ربنا لأتجوز ولا هعبرك، قطّبت حاجبيها تحاول الخلاص من قبضته

-إيدي يايونس، أنا مالي ماتروح تتجوز؟

دفعها بقوّةٍ حتى سقطت على الفراش وأشار بسبابته :

-دا آخر كلام؟

تراجعت على الفراش قائلةً :

-معنديش غيره، إنت حرّ بحياتك، هو أنا مالي يابن عمي؟

هزّ رأسه عدّة مرّات وأجابها :

-تمام ياسيلين، افتكري إني جتلك.

توقفت مستغربةً حديثه ،فتسائلت :

-ليه بتقولي كدا يايونس؟ ، عايزني أحضر فرحك يعني، قصدك لازم أكون موجودة

تسمّر بوقفته، ثم استدار ينظر إليها بصدمةٍ متسائلًا :

-حقيقي متعرفيش ياسيلين؟

متعرفيش إنتِ بالنسبالي إيه؟

اقتربت ورجفةٌ قويةٌ بسائر جسدها تنتظر حديثه بشقّ الأنفس قائلةً :

-إنت أخويا زيّك زيّ راكان وابن عمي مش كدا ولا ايه؟

هزّ رأسه بالرفض، وفتح فمه للحديث قاطعهما دلوف راكان يوزّع نظراته بينهما

-بتعملوا ايه هنا؟

ياله يابني هنتأخّر على الطّيارة، وإنتِ يا حبيبة أخوكي خلّي بالك من نفسك، وبلاش تطلعي من غير بودي جارد علشان مزعلش منك، اقترب يطبع قبلة على جبينها وتحرّك ينظر ليونس الصامت

-ياله يابني..اتجه بنظره إلى سيلين يقترب منها، ثم احتضن وجهها ينظر لموج عيناها ونزل يطبع قبلة على جبينها هامسًا لها :

-هستناكي آخر الأسبوع لو جيتي هعرف أنا أهمّك ولا لا..

يونس صاح بها راكان الذي توجّه للسيارة.

تنهّد وهو يسحب نفسًا يتذكر تلك الأيام مرّت شهور وشهور ولم تعود، ومكالمته التي رفضتها، بعد خمس شهور تعرّف على طالبةٍ بالفرقة السّادسة بكليّة الطّب كانت تحت تدريبه لفترةِ سنةٍ كاملةٍ ، وهو ينتظر تلك القاسيةُ القلب ، ولكن كأنّ القدر له رأي آخر، ظلّت العلاقة بينه وبين تلك الفتاة حتّى وصلت لسنة الامتياز وعملت بعيادته، ودلفت لحياته، وأصبحت تشغل ركنا بحياته، ورغم ذلك قلبه أغلق لتلك المتجبّرة

❈-❈-❈

بإحدى الليالي وصل إليه رسالةٌ يكتب عليها :

-دكتور ..سيلين هانم سهرانة مع شاب بترقص معاه في ديسكو، ثم أرسل صورتها، ثار شيطانه وهاتفه يصرخ به

-رجعها البيت فورًا حتى لو بالغصب، واتصل بركان وعرّفه أخته المحترمة بتعمل إيه، ظلّ يثور ويثور كالبركان الذي أصبح على وشك الانفجار، حتى استمع لرنين هاتفه يسمعها تصرخ به

-مش معنى إنك ابن عمي تتحكم فيا، مالكش دعوة بحياتي ارقص ولا مرقصش .

بت احترمي نفسك، أقسم بالله لو مالميتي نفسك لتلاقيني في أول طيارة عندك وأجرك من شعرك زي الحيوانة، إمشي روحي مع البودي جارد، وإياكي أسمع نفسك .

استمع لشجار بجوارها

-اترك حبيبتي أيها المتخلف..

تحرّكت سيلين ووقفت أمام البودي جارد مردفة :

-لا تفعل له شيئًا إنه صديقي وحبيبي .

هنا انهار عالم يونس بالكامل وشعر بأن الأرض تسحب من تحت قدميه، وشعوره بفقدان وعيه يجتاح جسده بالكامل، جلس على المقعد عندما فقد اتزانه فتحدّث بصوتٍ متقطعٍ إلى الرجل :

-خلي بالك منها متخليش حدّ يقرب منها، قالها وأغلق الاتصال..رجع بظهره إلى المقعد، ينظر بتشتّت لمكتبه حوله، حاول أن يهدأ من روعه ولكن كيف ونيران الغيرة تتشعّب بداخله كنيرانٍ تلتهم سنابل القمح..هبّ إلى الغرفة يحطّم كلّ مايقابله كفّيه ويركل كل شيئٍ، حتى أصبحت الغرفة أشلاءَ متناثرةً ..

استمعت تلك الفتاة التي تجاوره بالمكتب وتدعى ضحى فدلفت إليه سريعًا

جحظت عيناها وهي ترى الغرفة التي تحطمت بالكامل، وكفيه الذي ينزف الدماء بغزارة.

هرولت إليه تحتضن كفيه قائلةً بنبرةٍ يشوبها الذعر عليه:

-دكتور إيدك بتنزف.. سحب كفيه سريعًا واتجه للخارج لغرفة استراحته، وألقى بنفسه على الأريكة يضع كفّيه النازفة على وجهه حتى لا يرى أحدٌ ضعفه، أطبق على جفنيه وأنفاسه تتسارع كالحرب حتى استمع لطرقات على الباب صاح غاضبًا

-مش عايز أشوف حد..دلفت ولم تستمع إلى كلماته وبيديها عُلبة الاسعافات وجثت بجواره :

-لازم أطهر الجروح حضرتك دكتور وعارف ممكن يحصل ايه، تركها تنظف جرحه، كانت تراقبه بنظراتها الحالمة تتمنّى قربه، استمعت لهمهماتٍ من شفتيه :

-اطفي النور واطلعي وروحي ، وخلي أمين يودي الكشوفات لدكتور تاني

-حاضر، قالتها ونهضت .

نهض بعد خروجها يمسح على وجهه يحدّث حاله

-أحسن تستاهل، علشان تحبّ عيلة، مرمطتك..خلع معطفه الطّبي يلقيه بعنفٍ وتسطّح مرّةً أخرى محاولًا النّوم، ولكن كيف النّوم وهو يجافيه كلّما تذكّر صورها، وملامسة غيره لها.

فتح خزانته وأخرج مشروبًا خالٍ من الكحول ولكن بحالته يحتاج ليمحي ندوبه التي تحوّلت إلى قيحٍ يغزو جسده .

بعد فترة دلفت إليه تلك الفتاة المدعوة بضحى

كان متسطّح بنومه ولم يشعر بها ، جثت بجواره تطالعه بهيامٍ ، حتى رفعت كفيها على خصلاته تتخلّل أناملها بخصلاته الفحمية .

فتح جفونه عندما شعر بها فهمس بدون تركيز

-إنتِ هنا حبيبتي..ابتسمت له وأجابته تهزّ رأسها

-هنا ياحبيبي، اعتدل يجذبها لأحضانه ، ولكن فاق بعدما استمع لصوتها الذي أوضح له أن مشروبه أخرجه عن شعوره

-أنا ضحى يايونس مش سيلين..جلس يمسح على وجهه غاضبا وتحدّث

-إيه ال جابك هنا دلوقتي..أجابته بعبراتٍ تغرق وجهها.

-خوفت عليك جيت أطمن..رفع كفيه يصيح بغضبٍ

-ليه تطمني أعيش أموت إنتِ مالك

-يونس أنا بحبك أوي، قالتها له حتى اعتدل سريعًا يدفعها بعيدًا عنه

-إنتِ مين، اقتربت منه تلمس وجهه

-أنا بحبك ومش عايزة غير قلبك بس..ثارت ثورته عليها وظهر على وجهه الغضب فتوجه بنظره إليها

-امشي ياضحى ربنا يهديكي..

نظر لشفتيها التي جرحت بسببه فتنهد غاضبًا من نفسه قائلًا

-أنا شكلي شربت كتير، آسف محستش بنفسي، ممكن تسبيني لو سمحتِ ..نهضت متأسفةً وعيناها مترقرقة بالدموع

كور قبضته ضاغطًا عليها حتى ابيضت مفاصله من فرط غضبه.

باليوم التالي اتجه لمكتبها وهو كلّه عزيمة وإصرار أن يدعس على قلبه دلف مبتسمًا يسأل عنها أشارت الممرضة إليه

-في مكتبك يادكتور كان فيه كشف وقفت مع دكتورة هنا، أومأ برأسه واتجه إليها، وجدها تقف بجوار النافذة تستند برأسها عليها، حمحم يخطو إليها، اعتدلت تمسح عبراتها

-آسفة يادكتور، محستش بوجودك، قالولي حضرتك مش جاي النهاردة.

سحبها من كفيها وأجلسها بجواره، سحب نفسًا وزفره بهدوء متجهًا بنظره إليها

-ضحى عايزك تسمعيني للآخر وبعد كدا فكري وخدي وقتك، إنتِ بنت جميلة ومنكرش إنك معجبتنيش، بس أنا كنت بحب واحدة، هي مش واحدة دي بنت عمي، بس افترقنا ودلوقتي أنا مش جاهز أدخل علاقة جديدة، ورغم كدا عندي اقتراح

رفعت نظرها إليه منتظرة إجابته

-نتجوز عرفي لفترة، ولو قدرنا نتعايش مع بعض وقدرتي تنسي هنكمل مع بعض، أما إذا..

نهضت من جواره

-يبقى ترميني، ماهو هكون مكان فاضي لبنت عمك، آسفة يادكتور، مقدرش أعمل كدا، أنا بعد شهرين هتخرج وأكون دكتورة وليا احترامي، إيه ال يخليني أحط نفسي بمكانه زي دي وأتجوز من ورا اهلي، ليه مش متربية ؟؟

أمسك كفيها وأجلسها بجواره مرة أخرى

-ضحى إحنا هنتجوز بعلم أهلك يعني مش بالسر ولا حاجة، وكمان حقوقك كلها عندك، وعقد جواز.

استدارت تنظر إليه

-وايه ال يجبرني على كدا؟

اقترب يحتضن وجهها وفرض سيطرته على قلبها هامسًا ببحته الرجولية

-قلوبنا ياضحى،.. إنتِ بتحبيني، وأنا كمان عايز أخرج من سيطرة سيلين عليا، إحنا بقينا سنتين مع بعض أكيد عرفتي كل حاجة عني، وأنا كمان قربت منك وعرفت الكتير عنك، ليه منديش فرصة لبعض.

أمسكت ذراعيه الذي يحتضنها متسائلةً :

-وليه منتجوزش قدام الكل بدل أهلي هيعرفوا؟

ابتعد عدة خطوات وأخرج سيجاره ينفثه قائلًا:

-مش دلوقتي فيه مشاكل الأيام دي في العيلة مقدرش اتجوزك دلوقتي، فكري وردي عليا، لو وافقتي هعملك عيادة لوحدك ، هأسسلك حياة حلوة أي بنت تتمناها .

أومأت برأسها وأجابته

-هفكر وأرد عليك.

مر أسبوع ينتظر جوابها، متناسيًا سيلين، كما وهم نفسه، ذات ليلة استمع لطرقاتٍ على باب مكتبه ودلفت تجيبه:

-أنا موافقة، ممكن تيجي تقابل بابا النهاردة.

بعد عدة أيام دلف بجوار حمزة ونوح لمنزل والدها وتم كتابة عقد الزواج كما اتفقا، همس له حمزة :

-عارف لما راكان يعرف هيهد الدنيا على راسك.

تهكم نوح قائلًا :

-دا لو معرفش وهو في ألمانيا دلوقتي، اجهز للرد ياحبيب أخوك .

أسبوعٌ فقط مرّ على زواجهم، وأصبح لا يتحمل قربها ، تذكّر بأوّل ليلةٍ له معها  ، دلفت إليه بعدما تأخر بالخارج، وجدته يجلس ويتجرّع الكثير من الكحول، اقتربت منه :

-يونس إنت بتشرب خمرة، نهض وهو يضحك يهز رأسه

-لا دي شامبانيا ايه بلاش نحتفل، جذبت الكأس من كفيه ودلفت للمرحاض وفتحت صنبور المياه

-اغسل وشك يادكتور مالوش لازمة طريقتك دي، عادي إحنا كبار ومش مجبورين ، جذبها بقوةٍ  لعالمه، عالم رسمه مع الذي يتمناه لحبيبته فقط ،ولكن هناك من النصيب مايؤلم الروح .

باك

خرج من شروده على رنين هاتفه فتح الخط دون حديث

-يونس يبقى راقب أوضة نوح من الكاميرا عندك، خلي بالك مش عايز حدّ غير ال نعرفهم يدخلوله.

-تمام ياراكان، إنت روحت..تحرك راكان وهو يحمل المشروبات الدافئة وأجابه:

-لا أنا مع ليلى ببيت المزرعة، ابتسم يونس من بين آلامه قائلًا :

-ليلة سعيدة حبيبي، وكل سنة وإنتو مع بعض وربنا مايحرمك منها، اتذكر الوقت الحلو مابيتعوضش يارااكي باشا .

قهقه راكان قائلا :

– مين ال بيتكلم؟!

-دكتور الستات..

أجابه يونس وهو يتحرك بسيارته :

-لا دكتور الوجع..

توقف راكان على الدرج متسائلًا:

-يونس مالك فيه إيه؟ ، وإنت برة ليه؟ ، إنت سبت نوح لوحده ؟

أرجع خصلاته بكفه قائلًا:

-كنت بشتري سجاير، وياله روح استمتع بليلتك، قالها يونس وأغلق الهاتف، وصل إلى المشفى صعد سريعًا لغرفة نوح.

بالداخل

دلفت الممرضة ووضعت تلك الإبرة بمحلوله، وخرجت سريعًا، اصطدمت به

-إنتِ مين ، وبتعملي ايه هنا؟! ارتبكت في بادئ الأمر ثم أجابته بتقطع :

-كنت بشوف الدكتور صحي وعنده مواعيد دوا ولا لا، جذبها من ذراعيها عندما وجد ارتباكها والذعر بعينيها متجهًا لغرفة نوح ينظر بالكاميرات، جحظت عيناه عندما وجدها تدلف تنظر حولها بخوف، وأخرجت تلك الإبرة من ملابسها تحقنه بها، دفعها بقوةٍ حتى ارتطمت بالحائط، يصيح بقوةٍ على أمن المشفى، البت دي ماتخرجش من الأوضة، ثم اتجه سريعًا لغرفة نوح، ينزع عنه المحاليل، استيقظ نوح على حركة يونس فتحدث بصوتٍ متألمٍ

-فيه إيه؟!

ابتسم يونس :

-فيه عايز أوتك وأخلص منك، دمّك سم ومضايقني..

ابتسم نوح

-يبقى عملت معروف، وأهو تتجوز أسما وتربي العيال..

تجمد جسده وتوقف عما يفعله ينظر بوجعٍ ورغم ذلك تحدث بصعوبةٍ:

-بعيد الشر عليا ياخويا، ليه حد قالك إني أهبل، واحد أهبل حتة علقة خلته هيموت خلاص، طيب فوق وأنا أضربك علقة كمان، فاكر علقة الثانوية، ياحمار نفسي أرجع أضربك وإنت تعيط وتروح تشكيني للبغل التاني .

أطلق نوح ضحكةً خافتةً حتى شعر بتألم صدره مما جعله يضع كفيه على صدره

-بس يلاَ، مش قادر، قام بحقنه بمحلول آخر، طالبًا أدويته من الممرضة الخاصة به .

جلس بجواره يرفع ذقنه ويغمز بعينيه :

-خليك اعمل عيان ومش قادر تتحرك، وكل شوية ممرضة تيجي تتحرش بيك .

ارتفعت ضحكات نوح حتى أدمعت عيناه

-بس ياحمار والله صدري مش قادر اتكلم

لكزه بهدوء بذراعه :

-ألف سلامة إن شاءالله راكان دلوقتي وهو هايص، غمز بطرف عينيه

-صاحبك هايص الليلة، وإنت خليك هنا زي الست الوالدة ال كل شوية تتأوه

تحركت أنامل نوح حتى أمسك كفيه يضغط عليها متألمًا، تركها عندما شعر بعدم قدرته

قهقه يونس وهو يلاعب حاجبه

-يابني بدالك مش أد اللعب بتلعب ليه، مش عارف هفضل أعلم فيك لحد إمتى

أقولك حاجة تعالى نرخم على راكان، ونمثل عليه إنك بتموت، هو الصراحة مش تمثيل لأنك شكلك هتودع وأنا جنبك يخربيت فقرك.

أطبق على جفنيه متألمًا

-اخرص ياحيوان بطني وجعتني من الضحك، رفع حاجبه متهكمًا :

-شوف إزاي وأنا أراجوز قدامك، دي حقايق يا أهبل، والله مش مصدق الليلة عيد جواز المعلم الكبير التنين والتنينة، دنى وتحدث بتصنع :

-إنما لما تنين يحب تنينة يخلفوا تنين برضو..دفعه نوح وتحدث :

-فين الواد حمزة حد يبعت لحمزة سيبلي مجنون دا ليه ..نهض يونس يقهقه بصوتٍ مرتفعٍ من يراه يقسم أنه لم يذق طعم الألم .

وضع كفيه بجيب بنطاله

-يابني دي مواهب، إنتوا مش عارفين قمتي والله، دلفت أسما تكاد تتحرك من شدة إرهاقها .

نوح ايه ال حصل وليه الأمن برة ؟

ضيق عيناه متسائلًا :

-ايه اللي حصل؟!

استدار يونس لأسما وأجابها :

-لا دول جاين عايزين الدكتور نوح يعملهم عملية تجميل، اطلعي قوليلهم هو نايم شوية مش فاضي..تحرك للباب وهو يضرب كفيه ببعضهما

-أمن يابنتي في المستشفى عادي، واحد مضروب علقة ما أكلهاش كلب جربان، فضروري نعمل احتياطات ونعمل حركة رئيس الوزرا، ونحرصه، علشان ميجيش حد يضرب فيه تاني، أصل جوزك دا من صغره وهو بياكل كل علقة وعلقة، وأنا أكبر دليل.

-أسما حد ياخد الواد دا من قدامي هموته، أقسم بالله هموته..

وقفت أسما تحاول أن تسيطر على نوبة الضحكات.

تراجع يونس إليه مضيقًا عيناه :

-طب احلف بحياة ولادك ال معرفش اتجرأت وجبتهم إزاي إن كلامي غلط..وبعدين عايزك تقوم كدا وتوريني عضلاتك وقتها أحلفلك بمراتك ال معرفش بحلف بيها ليه لأنط من الشباك زي الحرامي، والأمن يجري ورايا، يعمل حرمة قدام التنين ويقول أمسك حرامي.

.رفع نوح كفيه على وجهه يمسحه بغضب حتى نزع الكانولا من كفيه

تحرك يونس سريعًا ، ومازالت ضحكات أسما عليهما إلى أن وصل إلى الباب يفتحه وغمز بعينيه

-إنت يادوك لو سمحت خلي بالك أنا مراقبك من الكاميرا، يعني بلاش شقاوة ماشي، قالها غامزًا له ثم خرج .

❈-❈-❈

أغلق الباب مستندًا عليه محاولًا سحب نفسٍ بعدما شعر باختناقه، اتّجه بنظره إلى رئيس الأمن الذي ينتظره قائلًا :

-البنت ال في مكتب دكتور نوح احبسها في أوضة لحدّ ماراكان يجي، قالها وتحرك يتصل بحمزة .

عند حمزة ودرة

كان يتسطح على الأريكة يتوسّد ساقيها، جلست تتكأ بظهرها على الأريكة وأناملها تتخلّل خصلاته ،تستمع لكلماته

-قولتي لبابا زي ما قولتلك يادرة

تنهّدت ثم ملست على وجهه :

-إنت ليه رافض ياحمزة؟

إحنا كدا كدا مكتوب كتابنا مش لازم فرح، ليه رفضت كلام بابا ؟

اعتدل يجلس بمقابلتها ويحتضن كفيها :

-درة قلبي، أنا عايز أعملك فرح الكل يتكلّم عنه، إنت جميلة وتستاهلي كلّ حاجة حلوة، ليه تيجي من غير فرح، وبعدين مش هقدر أكون طبيعي معاكي ونوح تعبان، رفع ذقنها ينظر لمقلتيها :

فهماني حبيبي ؟

أومأت له متفهمةً

-ال شايفه صح اعمله.

جذبها لأحضانه قائلًا :

-بحبك أوي جميلتي ،وعايز أعملك كل ماهو حلو .

حاوطت خصره مبتسمةً :

-أنا مش عايزة غيرك ياحمزة، مش فارق معايا فرح ولا غيره.

رفع رأسها يحتضن وجهها بين راحتيه :

-وأنا مش عايز غيرك، بس بردو لازم تاخدي حقك.

ابتسمت تحاوطه بنظراتها

-إنت حقّي وبس مش عايزة غيرك.

قاطعهما رنين هاتفه، ابتعدت عنه بوجنتيها التي غزتها الحمرة

-أيوة يايونس فيه إيه.. استمع إلى يونس، فنهض واقفًا يستمع إليه بتركيزٍ ثم أجابه :

-احبسها في مكان يكون مقفول حلو، ومفهوش أدوات تستخدمها، وأنا جاي في الطريق،أغلق الهاتف ينظر إليها

-جهزي نفسك حبيبي هروحك علشان رايح المستشفى، وزي ماقولتلك محدش يعرف حاجة .

قبل قليل بقصر البنداري

اتجهت عايدة تمسك سلاح زوجها ترفعه أمام أسعد وزينب

-الولد فين يازينب، اتجهت لأسعد

-أخوك يتجوز عليا أنا؟ ، وكمان يخلّف، أقسم بالله لأندمه، وآخد ال قدامه وال وراه، أنا عايدة عطوان يتعمل فيها كدا ؟

أنا في الأخر يتجوز عليا لمامة ابنك كان متجوزها ورماها زي الكلبة؟

دفعت التمثال الذي بجوارها حتى تهشّم

اقترب أسعد يقف أمام زينب خائفًا من تهور عايدة قائلًا :

-عايدة اهدي، نزلي السلاح، الولد راكان أخده منعرفش وداه فين .

نظرت إليه ثم إلى زينب وأشارت عليها :

-خايف عليها يا أسعد بتحميها بنفسك؟

طول عمرك بتخاف عليها أكتر حتّى من ولادك، عملتلك ايه للحبّ دا كله ؟

حاوط زينب بذراعيه ينظر إليها :

-زينب دي حياتي ياعايدة، ال بنا محدّش يفهمه

وصلت فريال بجوار جلال

-نزلي المسدس يامجنونة

اتجهت إليه تطالعه بغضبٍ واشمئزازٍ :

-إنت تخرص خالص، لازم أندمك وأعرفك إزاي تتجوز على عايدة، ال ياما حفيت وراها ياباشمهندس.

اقتربت فريال

-هاتي المسدس ياعايدة، عايزة تضيعي نفسك في حاجة متستهلش، وبعدين أسعد ذنبه ايه ؟

رفعت بصرها لأسعد وتحدّثت

-أسعد سبب كل حاجة يافريال، المفروض العتب كله عليه مش على جلال، هو السبب

وضعت فريال كفّها على فمها وجذبت منها السلاح

-اسكتي ياعايدة وتعالي معايا..

اتجهت لأسعد وتحدّثت :

-معلش اعذروها الصدمة كبيرة عليها، ثم اتجهت لجلال وتحدّثت :

-ياريت ياجلال تبعد حلا عن البيت، إحنا مش ناقصين وجع قلب كفاية ال حصل وياريت تسأل نفسك ليه حلا جت لراكان تقوله خد ابنك؟ ، ولا انتوا متفقين مع بعض ؟

قالتها تسحب عايدة التي تحركت بجوارها كإنسان آلي .

اتجه أسعد إلى جلال

-ايه اللي بيحصل هنا، إنت إزاي تتجوز على مراتك؟

٠اقترب جلال قائلًا:

-إيه مش مرتاح مع مراتي ماليش حق اتجوز؟

ولا انت علشان اخويا الكبير هتستخسر فيا الفرحة، أنا حرّ محدّش له دعوة، وعلى فكرة أبوك كان عارف، أنا متجوزها من بعد طلاقها من راكان .

ضغط أسعد على ذراعه يجزُّ على أسنانه :

-غبي ياجلال غبي، البنت دي جاية عشان تدمرك، مفكّرتش ليه راكان طلقها؟ ، حتى منسبهاش لنفسه زي ليلى، فرق بين دي ودي وإنت تعرف، دا محدّش عرف إنّه اتجوزها غيرنا وبس، ليه ياترى؟

-مسألتش نفسك ليه جت ورمت ابنك لراكان ،وقالت خد ابنك؟

صرخ جلال به :

-عشان دا ابن راكان يا أسعد مش ابني، أنا اتجوزتها وهي حامل .

توسّعت أعين أسعد من حديثه وأمسكه بعنفٍ

-إنت مجنون هو ينفع واحد يتجوز واحدة وهي حامل يامتخلف ؟

ارتبك جلال وشعر بأنّ هناك مايخفى فنظر إلى أخيه

-أيوة هي قالتلي حامل لسة بقالها شهر واحد، وخايفة إن راكان ياخد منها الولد، فأنا اتجوزتها، لما اتحامت فيا .

دفعه أسعد صارخًا :

-راكان مقربش منها ياباشمهندس إزاي حملت منه؟

راكان طلقها قبل فرح سليم ، هزّ رأسه رافضًا حديث أسعد

-يعني ايه؟

دنى أسعد منه قائلًا :

-يعني البنت دي مكنتش حامل وعملت لعبة عليك علشان تتجوزها بس الولد بقى ابن مين ياترى؟

عند راكان

خرج متجهًا لسيارته وقف بجوار بهاء مرتديًا نظارته

-عملت إيه؟ مسكته؟

-أيوة وهو جوا..رفع نظره يشير بيديه

-مش عايز غلطة يابهاء، هاتهولي

اتجه بعد قليل وهو يجذب الرجل إليه

-الواد دا ياباشا لقينه واقف بيراقب البيت

خلع راكان نظارته يطالعه بغموضٍ فتسائل :

-بتراقبنا ليه يابني؟!.

ارتبك الرجل وهو يهزّ رأسه قائلًا :

-والله ياباشا أنا كنت معدّي، وبكلّم واحد صاحبي، لقيته هاجمني وحبسني

أشار راكان إلى بهاء

-إنت عبيط يابهاء،، أي واحد يقف يتكلم في التليفون تاخده

أجابه بهاء ..أصل أصل..

رفع راكان كفيه

-اسكت، وسيبه يروح إديله تليفونه وبطّل غباء

فتح باب سيارته وتحدّث بمغذى :

– الست ال فوق دي ممنوع تخرج برة، وإياك حدّ يدخلها، قالها واستقل سيارته وخرج .

خرج الرجل وقاد سيارته سريعًا يتصل بنورسين

-أيوة ياهانم ..

أجابته تصيح بصوتٍ مرتفعٍ

-كنت فين يازفت ؟

تليفونك فصل شحن ولا إيه ؟

أجابها سريعًا وقصّ لها ماصار .

ضيّقت عيناها متسائلةً :

-يعني إيه قاله متخليش الست دي تطلع برة؟

هو ايه ال بيحصل بالضبط؟

طيب هو راح فين؟

أنا وراه ياهانم بس بعيد شوية علشان ميشكش.

-تمام إياك يكشفك.

أجابها:

-لا متخافيش ياهانم كلّه هيكون تمام .

عند راكان

قاد السيارة وهو ينظر من تحت نظارته، يستمع إلى مكالمتها

ضغط على المقود حتى ابيضّت مفاصله

-ناوية على إيه ياحقيرة؟!

تنهّد يسحب أنفاسًا ويطلقها بهدوءٍ ، ثم رفع هاتفه واتصل بحمزة

-حمزة في رقم هبعتهولك عايزك تراقبه أربعة وعشرين ساعة، الرقم دا مهم، قالها وأغلق هاتفه .

بالمنزل كانت تغفو بعمق

تجلس على حافة المسبح تنظر بابتسامة مؤلمةٍ لابنها الذي يسبح،

-أمير اطلع بقى كفايه..ثم صاحت غاضبةً بالراحة

وقف يتأمّل ملامحها الحنونة وهي تصيح عليه بأن يهدأ، لوّح بيديه له، اتجهت تنظر للخلف وجدته يقف خلفها يضع كفيه بجيب بنطاله، استقبلته بابتسامتها السّاحرة رغم شدّة حزنها منه ، تحرّك بعدما خلع حذائه وجوربه، يرفع بنطاله يجلس بجوارها محاوطًا جسدها ..

أسرعت المربية تخرج أمير من المياه عندما أشار لها، خرج متجهًا له

-ماما مش قالتلك اطلع من شوية؟ مسمعتش الكلام ليه؟

-سوري بابي، حبيت أسبح كمان شوية صغيرين، غمز بطرف عينيه عليها، فاتجه أمير إليها

-سوري مامي، أمالت تطبع قبلة على وجنتيه، اطلع مع أنطي، وشوف زين لسة نايم عشان ميتعبش نَانَا ..

-حاضر، قالها أمير متحركًا.

جذبها لأحضانه يعانقها بدفءٍ،دافنًا وجهه بين خصلاتها :

-لسة زعلانة مني؟

ابتعدت بأنظارها قائلةً بهدوءٍ

-هزعل منك ليه!! حقّك ومقدرش أقولّك لا ..

أبعدها عنه قليلًا يحتوي وجهها الشاحب بين راحتيه، وهو يضع خصلةً من شعرها المتمرد على وجهها خلف أذنها يهمس بجوارها :

-آسف مكنش قصدي

اعتصرت عيناها تمنع عبراتها أمامه، ورفعت كتفها للأعلى

-كالعادة ياراكان، آسف والوجع يتكرر تاني.

نزل لحمام السباحة وجذبها فجأةً حتى سقطت بالمياه تصرخ.

أحاط خصرها بذراعه يرفعها وأمسك كفّها ورفعه ليستقر عند موضع قلبه .

رفعت نظرها وترقرق الدّمع بعيناها، فاقتربت تضع رأسها بصدره وأجهشت بالبكاء

-عارفة إني غلطت بس مكنش عندي حل تاني، كانوا هيموتوك لو معملتش كدا، غير زين ، عارفة هتقولي دايمًا متسرعة في القرارت، عندك مبقدرش أهدى صدقني، إنت وابني كتير عليا أوي وأنا لوحدي، أنا من غيرك بكون يتيمة في كلّ حاجة، حاولت أعمل زي ماقولت مقدرتش، كفاية ال حصل لحمزة، تراجع يخرج من المسبح وتركها يهزّ رأسه قائلًا :

-دا من قلّة ثقتك فيا للأسف، كل ما أقرب إنت بتبعديني عنك، قالها وتحرك

استدارت له وصاحت بغضبٍ :

-هتسبني أغرق ياراكان..

تحرّك ولم ينظر خلفه.

بدأت تختفي تحت الماء، ف نادته بصوتها الذي شعرت باختناقه كأنّها تحت الأرض .

❈-❈-❈

نهضت من نومها تضع كفيها على صدرها

-أعوذ بالله إيه دا، ومين زين، مسحت على وجهها تنظر حولها بذعرٍ استمعت لصوت آذان الفجر، تحرّكت إلى مرحاضها لتغتسل، بعد قليل خرجت تؤدّي فرضها..وجلست لفترة كعادتها تتلو آيات الذكر الحكيم، وقراءتها للأذكار، حتى أشرقت الشمس ، توجهت للشرفة تنظر لتلك المزارع الواسعة حولها، تستنشق رائحة المطر، ظلّت لبعض الوقت ثم تحرّكت للداخل وأدت صلاة الضحى ،ثم اتجهت للأسفل تعدّ الطعام تنتظر حبيبها

بعد قليل استمعت لصوت قرع جرس الباب، اتّجهت تفتحه سريعًا ظنًا منها راكان ،ولكن وجدتها سيلين التي يظهر على وجهها آثار الدموع وعيونها المنتفخة، ووجهها المتورّم .

أخذتها للداخل ، وأتت للحديث ولكن قاطعهما دلوف راكان بجوار يونس، اتجه يونس إليها بعدما وجدها

-ايه ال جابك هنا ؟

أنا مش وصلتك البيت، إزاي تطلعي منه من غير علمي؟

دفعته بقوّةٍ و اقتربت تصرخ بوجهه :

-مليون مرّة أقولك ماتلمسنيش إنت هتفضل حيوان لحد إمتى .

صاعقةٌ نزلت على راكان من حدّة أخته وصراخها بتلك الطريقة، جذب يونس متوجهًا إليها

-مالك فيه إيه، من إمتى وإنتِ بتعلي صوتك على ابن عمك، بلاش أقولك بوجودي، احترمي واحد أكبر منك بعشر سنين ياهانم .

تراجعت تمسح عبراتها قائلةً بصوتٍ متألمٍ :

-ما إنت شبهه هتقول إيه غير كدا؟؟

أنا بكرهكم إنتم الاتنين ، عارف ليه؟

علشان حبيته علشان هو شبهك، أعمل إيه كان نفسي في واحد شبهك، بس مكنتش أعرف إنكم شبه بعض في الحقارة كدا.

صفعة نزلت على خديها حتى شعرت بتخدر وجنتيها وانسدلت عبراتها بقوةٍ، وهي تضع يدها على وجنتيها تنظر إليه متألمةً

شهقة خرجت من فم ليلى تصرخ باسمه

اقترب يضغط على ذراعها بقوّةٍ

-شكلي اتهاونت في تربيتك، واحدة قليلة الأدب واقفة تتبجح في أخوها الكبير، امشي من قدامي..

مسحت دموعها بقوّةٍ واقتربت منه تنظر إليه بغضبٍ :

-إنت مش أخويا سمعتني، ولا عمرك كنت أخويا، سليم بس ال أخويا، ليه هو ال مات؟.

شعر بأنّ روحه فارقت جسده، وأنيابٌ حادةٌ نهشت صدره وهو يهمس لها :

-انا مش اخوكي؟

صاحت ببكاءٍ : محدّش له حكم عليا

جنّ راكان واقترب منها يجذبها من خصلاتها

-إنتِ شاربه حاجة يابت، ابتعدت تبكي

-سيب شعري ياراكان، شوف ابن عمك المحترم عمل ايه وبعدين تعالَ حاسبني.

جذبها يقربها منه

-ابن عمي دا جوزك ياهانم، وجهزي نفسك يوم الخميس هنجوزكم ، ودا غصب عنك مش برضاكي، بدل الدلع ال دلعتهولك .

-راكان قولتلك سبها، إنت إزاي تضربها؟ إنت اتجننت ؟

اتجه بنظره إلى يونس :

-اسكت مش عايز أسمع صوتك، قال سارة، سارة مين دي ال هتتجوزها، دا أنا أدفنك وأدفنها.. وإنت ياباربي هانم ملكيش رأي بعد كدا، دا هتموتي يابت لو اتجوز غيرك

صرخت بوجهه لأوّل مرّةٍ

-أنا مش ضعيفة وأقدر أتحكم في مشاعري كويس، تحرّكت ليلى إليها عندما وجدت نظرات راكان الجحيمية

-سيلين ممكن تهدي، إنت مش عارفة بتقولي إيه

دفعت ليلى وصاحت بقلبٍ ممزّقٍ :

-ليلى أنا مش زيك ولا مكسورة عشان أرضى أشوف جوزي ولا حبيبي كل شوّية في حضن واحدة، لا دا بالناقص الحبّ ال يذلني، ثم اتجهت إلى يونس :

-لو ترضى بواحدة ماكرهتش أدك تعال واتجوزني ووقتها افتكر أنا حذرتك وقولت إيه .

جحظت أعين راكان وشعر وكأنها أطلقت طلقاتٍ ناريةٍ حتى اخترقت صدره فاقترب منها وكلُّ إنشٍ بجسده ينتفض من كلماتها المؤلمةِ ، ولكن توقف يونس أمامه قائلًا  :

-لحدّ هنا وخلصنا ياراكان، مراتي وهعرف أتصرف معاها، ملكش إنك تتدخل بينا..

دفعته وصاحت بهم :

-مرات مين إنت اتجننت ، إنت طلقتني ومتنفعش ترجعني إلا بعقد جديد، وبما إن مفيش حد سألني فالجواز باطل.

دفع راكان يونس بعيدًا عنها ، وجذبها يجرّها للغرفة قائلًا بفحيح :

-أنا هعرفك ياحيوانة توقفي تبجحي فيّا إزاي.

هرول يونس خلفه يخلصها منه

-قولتلك مالكش دعوة بيها، دي مراتي أنا وأنا الوحيد ال له الحق عليها .

تجمدت وشعرت ببرودة جسدها عندما اتجهت بأنظارها لليلى التي شحب وجهها ،وشعرت بدوران الأرض حولها حتّى هوت ساقطةً على الأرضية الصلبة، استدار راكان ينظر بذهولٍ لصوت الارتطام، هرول إليها بقلبٍ منتفضٍ يرفعها ودقات قلبه تصمّ الآذان

-ليلى، حبيبي افتحي عيونك

أمسك يونس كفيها يقيس نبضها، ثم تحدّث :

-طلعها أوضتها، متخفش مفهاش حاجة، ممكن يكون انخفاض في مستوى السكر .

حملها يضمها إلى صدره كالطّفل الرّضيع وقلبه يأنُّ بما حدث لها

اقتربت سيلين تبكي

-يعني هي كويسة؟

توقف يرمقها بنظراتٍ تحذيريةٍ

-إياكي تقربي منها.

اتجه بها إلى غرفتهما وضعها على الفراش بهدوء

توقفت سيلين وعبراتها تنسدل بغزارةٍ ، توقّف يونس خلفها :

-تعالي علشان أوصلك، متخافيش مش هقرّب منك، استمع لصوت راكان

-تعالَ طمني على ليلى الأوّل ..تحرّك متجهًا للخارج

-هجيب شنطتي من العربية، توجّه بعد قليل للأعلى ، دلف وجدها تفتح عينيها تهمس :

-أنا كويسة، يمكن علشان مأكلتش بس..قام بالكشف عليها

-مفيش حاجة مبروك يامدام ليلى، رفع نظره لراكان

-تخبي عليا مراتك حامل، مكنش العشم يابو العيال ..

مسح على وجهه بغضبٍ قائلًا :

-يونس مش وقتك خالص، طمنّي عليها

نهض يجمع أشياؤه

-قلة غذى يابني مش أكتر، مش كدا يامدام ليلى؟

ابتعدت بنظرها عن عيونه التي تحاوطها وأردفت :

-أيوة وكمان عايزة أنام.

نهض يونس متحركًا للخارج بعدما أردف :

-إحنا هنمشي وفكر في ال قولته..

أغلق خلفه الباب بهدوء وتوقّف يتنهد بحزنٍ متجهًا للأسفل يبحث عن جنيته الصغيرة، لم يجدها خرج يسأل الأمن عليها

-خرجت من دقايق يادكتور ..استقل السيارة وقادها سريعًا خلفها .

❈-❈-❈

بالأعلى بغرفة ليلى وراكان

-حبيبي متناميش هجبلك أكل، دلف للمطبخ ينظر للأطعمة التي حضّرتها، اتجه يضع بعض الأطعمة على سرفيس مخصّص للأطعمة، وصعد للأعلى بها، فتح الباب ودلف يرسم ابتسامةً على شفتيه

-جبت الفطار لمامي ال بابي زعلان منها علشان مبتهتمش بأكلها ..أطبقت على جفنيها تجذب الغطاء

-اطفِ النور قولتلك عايزة أنام..

رفع الغطاء وقام باعتدالها يجذب الطعام

-لازم حبيبي ياكل الأول وبعد كدا ينام براحته، علشان ما أزعلش منها..ابتعدت برأسها عنه وعبراتها متحجرةً تحت اهدابها قائلةً بصوتٍ متقطعٍ

-ماليش نفس، مش عايزة ..

أدار وجهها يلمس وجنتيها

-حبيبي زعلان مني علشان اتأخرت ولا إيه، رفع كفيها يطبع قبلة مطولة عليه ثم رفع نظره إليها :

-آسف، دكتور يحيى فاق وكان ولازم يتواجه مع نوح، وطبعًا مش هقولك على الدكتور يحيى لما الموضوع يخصّ ابنه بيكون إزاي، فكان لازم ادأقعد معاه شوية .

انكمشت ملامحها مردفةً :

-يعني عمو يحيى فاق وبقى كويس..

اقترب يحاوطها بذراعه

-أيوة ونقلنا نوح للمزرعة كمان بعد حوار طويل عريض باعتراض الاتنين ، دا عايز يروح معاه وطبعًا نوح رفض خالص.

دنى يهمس لها

-آسف، كررها مرة آخرى

-آسف، مش عايز حبيبي يزعل مني ..وضعت رأسها بأحضانه وأجهشت بالبكاء

-أنا مش ضعيفة ياراكان ولا غبية أنا بس حبّيتك، مش ذنبي إن قلبي مقدرش يحبّ حدّ تاني، مش بإيدي أنساك، عارفة اتأذيت كتير من الحب دا.

رفعت وجهها وعيناها تسدل عبراتها كالأمطار

-حاولت أكرهك مقدرتش، معرفتش أكرهك، رغم ال حصل بينا كأن حبك لعنة واتوشمت بيها

احتضن وجهها وداعب أنفها

-وأنا بموت فيكِ، إنت سحرتيني، واتوشمتي بوريدي، بلاش الكلام ال يزعلنا من بعض دا، الهم دلوقتي إحنا مع بعض وبعد كام شهر هتكوني أم لابني ودي كفيلة إنك تنسي كل حاجة .

بمنزل عاصم المحجوب دلفت سمية تحمل طعام زوجها، وضعته بجواره عندما وجدته شاردًا فأردفت متسائلةً :

-مالك ياعاصم؟  وراكان كان عايز منك ايه ؟ ليه دخلتوا جوا وطولتوا كدا ؟

اتجه بجسده إليها وأردف :

-بلاش ليلى تعرف إنه جه هنا، وجهزي أوضة ليلى علشان هتيجي تقعد عندنا بعد فترة .

توسعت عيناها متسائلةً :

-ليه هو مسافر ولا لا..تنهد متألم وأجابها :

-لا، بس هو مش مرتاح معاها.

ضربت على صدرها وتحدثت بصوتٍ متقطعٍ:

-ليه ناوي يطلقها تاني ولا ايه؟ يابختك الأسود يابنتي..

ـ اتقي ربنا ياسمية، دا نصيب لا حول ولا قوة إلا بالله، مش عايز أسمع كلمة لو جت تاخديها في حضنك، وفيه خبر كمان، البنت حامل .

شهقة خرجت من فمها وهي تهزّ رأسها

-وإزاي هيطلقها وهي حامل، دا واحد مجنون فعلًا زي ماآسر قال، اخصي عليه طلع واطي .

-سمية..قالها عاصم محذرا اياها، بلاش نحكم على الناس، الراجل قالي إنه مش مرتاح معاها، وبنتك عنيدة، قالي هيبعدها شويّة عنه يمكن مشاكلهم تقل .

نهضت متجهةً إلى المطبخ قائلةً :

-أهي دي حجته كلّ شوية، أنا دلوقتي صدقت كلام آسر عليه وإنه بتاع ستات .

قام عاصم بجذب الطعام إليه قائلًا بتحذير :

-بلاش نرمي الناس بالباطل ياسمية.

……….

ببيت المزرعة دثّرها جيدًا بعدما ساعدها بتغيير ثيابها وإطعامها، غاصت بنومها

جلس بجوارها يمسد على خصلاتها يرسمها بقلبه قبل عينيه، يحفظ كلّ إنشٍ بها، تراجع للخلف يستند على الفراش ثمّ رفعها بين أحضانه يحاوطه بذراعيه الاثنين

-عايز أشبع منك ياروح راكان، زي مايكون مكتوب علينا الفراق طول حياتنا، ضمّها بقوّةٍ وآهةٌ خرجت بنيران قلبه وهو يطبق على جفنيه يتذكر اتصال جواد

-أمجد طلع من السجن، بعد ما أخفوا كلّ الأدلة ال تدينه، وفيه حاجة كمان، شريكهم الأجنبي دا نزل مصر، دا أكبر ضلع للمافيا، طبعًا كلّه من تحت الترابيزة محدّش قادر يمسك عليه حاجة ،

لازم تعرف إن الموضوع تخطّى قضية كدا، حافظ على هدوءك، وبلاش اللعب مع ابن الشربيني دلوقتي، وآااه  بنت النمساوي بلاش تحرقها علشان هتفيدك في الجاي، هتعرف كله عن طريقها، لأن البنت بتحبك فعلًا .

خرج من شروده وهو يستمع لصوت ليلى

-راكان أنا بردانة أوي، تسطح بجوارها يجذبها لحضنه بقوةٍ حتى اختفت داخل جسده يطبع قبلة على جبينها

-الجو برة برد أوي، شوية وهتدفي أنا شغلت الدفاية حبيبي

ابتسمت تحاوط خصره .

ساعاتٌ مرّت عليه وهو مازال على وضعه، وضعها بهدوءٍ على الفراش متجهًا للخارج يحادث يونس

-اتكلمت مع سيلين؟

كان يجلس بغرفته بفيلا والده

-لا خلاص ياراكان سبها براحتها، مش عايز أضغط عليها، أخرج زفيرا قويًا مردفًا :

-سيلين مبتجيش بالعند..

قاطعه يونس قائلًا :

-سيلين عرفت موضوع ضحى علشان كدا مجروحة..اتجه للمطبخ وقام بإعداد قهوته قائلًا :

-انس موضوع سيلين دلوقتي وركّز في ال هقوله كويس، أولًا مفيش حدّ يعرف إن ليلى حامل غيرك، وأنا محتاجك الأيام الجاية تصحصح معايا كويس، ونفّذ بالحرف ال هقوله .

استمع يونس لما قاله فهبّ من مكانه

-لا دا إنت مجنون..

جلس يرتشف من قهوته قائلًا :

-يونس اعمل ال بقولك عليه سمعتني

صرخ به يونس قائلًا :

-مراتك حامل إنت عارف ممكن يحصلها ايه؟  انت نسيت المرة ال فاتت ؟

نظر للبعيد وأجابه :

-يونس المرة ال فاتت عايدة كانت بتديلها دوا ينزل الجنين، المرادي ليلى هتخاف عليه، أنا متأكد.

أجابه مستنكرًا حديثه :

-مش موافق على كلامك، فكر في حاجة تانية، إنت ممكن تخسر مراتك ياراكان..

مسح على وجهه وحاول التحدّث بهدوءٍ

-يونس مش مهم هخسرها شوية أحسن ما أخسرها العمر كله، وضع يونس يديه بجيب بنطاله ينظر لقطرات المطر بالخارج وأجابه :

-غلطان يابن عمي، ليلى ممكن تكرهك بعد ال هتعمله.

مش مهم، أجابه راكان،ثم استرسل :

-يومين يايونس وكل حاجة تتم، المهم خلي بالك مش عايز حد يعرف، هزعل منك، حد تكون واثق فيه، ولو سيلين يكون أحسن

أغلق هاتفه وقام بفتح درج مكتبه وأخرج بعض الأوراق يضعها على مكتبه..

مساءً استيقظت تبحث عنه لم تجده، هبطت للأسفل ولكنه غير موجود، اتجهت للمطبخ وصنعت كعكة من الشيكولاتة وقامت بتزينها بعد فترة، ثم صعدت لغرفتها وأدت فرضها، ثم اتجهت تجهّز نفسها لقضاء ليلةٍ رومانسيةٍ مع معذب قلبها ،

انتهت من لمساتها وهبطت للأسفل وأعدت طاولةً لفردين وقامت بتزيينها بعد اتصالها بزينب والاطمئنان على ابنها ، استمعت لخطواته بالخلف، استدارت ترحّب به، أسرعت بقدميها الحافية وألقت نفسها بأحضانه

-وحشتني، رفعها يدور بها ، تعلقت بعنقه

-اتاخرت قولت هترجع تمانية والساعة دلوقتي تسعة.

رفعها من خصرها متحركًا للأريكة يضمها لأحضانه

-تعرفي كان نفسي في الجو الشاعري دا كله، لا وموسيقى رومانسية بتسمعي مين

-بسمع نجاة ” عيون القلب ”

داعبها بأنفه قائلًا :

-أوووه عيون القلب حيرانة!!

ابتعدت عنه تنظر لمقلتيه

-إيه دا إنت ليك في الأغاني القديمة..

نهض يسحبها من كفيها متجها للطعام

-يعني مش أوي، بس بحب أسمع ميوزك هادية، مش بتاعة حسن شاكوش

قهقهت عليه مردفة :

-بنت الجيران..

غمز بطرف عينيه قائلًا :

-لا بنت قلبي والله..

رفعها على الطاولة وجلس أمامها

-عايز آكل جعان..ضيقت عيناها هامسة بصوتها الأنثوي:

-جعان أوي أوي.. حاوط وجهها بين راحتيه ينظر لعيناها

-فوق ماتتصوري.

استدارت تمسك بصحنه وتضع به الطعام، وهو يراقب كل حركة تفعلها حتى اتجهت تجلس أمامه

-اتفضل عاملة كل حاجة بتحبها، وكمان عاملة حلو

-أكليني، قالها وهو يتعمق بالنظر لليلها

ابتسمت وهي تقوم بقطع شرائح الستبرس بالسكين، ولكنه أمسك السكين والشوكة يبعدهم

-لا أكليني بإيدك، قطّعي الأكل كدا وأكليني عادي.

أمسكت قطع الفراخ وبدأت تقطعها قطعًا صغيرةً وتطعمه وهو يقبّل أناملها، حتى شعرت برجفةٍ بسائر جسدها ..فعل مثلما فعلت حتى انتهيا من الطعام، أتت لتحمل الصحون ولكنه جذبها يمسح فمها بهدوء، هزت رأسها رافضةً :

-لا هغسل إيدي وبوقي، لحظة وراجعة ..جذبها يرفع ذقنها

-إيه عايزة ترجعي ولا إيه؟

هزّت رأسها بالنفي ، وتحركت للداخل تهرب من نظراته التي تخترقها ،شعرت بوقوفه خلفها تعلّقت نظراتهما بالمرآة

-خايف لأكون برجع..

اقترب يحاوط جسدها من الخلف، وفتح صنبور المياه، يغسل فمها ويديها

ثم أمسك المنشفة يجفف المياه عنها، استدارت تجذبه

-اشمعنى أنا بس، إنت كمان تعالى أغسلك..

أطلق ضحكةً خافتةً يداعبها

-تغسلي إيه يامجنونة، لم يكمل حديثه عندما وجدها تضع الغسول على وجهه بالكامل وتضحك بصوتٍ مرتفعٍ

اقترب يشير إليها كدا غرقتيني؟

مسحت وجهه بالمياه، وقامت بتجفيفه، وهو يستند بذراعه على الحوض.

-حبيبي قمر وعايزة أعاكسه…حملها متجهًا للكعكة التي أعدتها، قامت بإشعال شمعة، وقامت بإغلاق جميع الأنوار إلا من نور الشمعة

أمسكت كفيه وقامت بتقطيعها

-دي علشان امبارح ملحقتش أعملها، أمسكت قطعة ووضعته بفمه وهمست :

-كل سنة وإنت حبيبي.

أمسك قطعة يضعها بفمها مثلما فعلت ولكن بالكثير من الشكيولاته .

جلس وجذبها وأجلسها على ساقيه يضع رأسه بحناياها، يهمس بأنفاسه الحارة

-بعشقك ياليلي، هفضل أحبك لآخر نفس جوايا، مستعد أبيع الدنيا دي كلها علشان أشوف ضحكتك الحلوة، وضع كفيه على أحشائها

-أكتر راجل محظوظ في الدنيا إن حبيبته حامل بابنه، رفع رأسه وتعانقت نظراتهما قائلًا :

-خليكي فاكرة إن راكان محبش في حياته غير ليلى وبس، تمسحت به كقطةٍ وديعةٍ

-روحي وقلبي إنت حبيبي، قالتها وهي تلمس وجنتيه..نهض يجذبها من كفيها

-تعالي نرقص..

أشارت على الأكل

-ايه مش هتاكل؟

حاوط خصرها بذراع والأخر يضع كفيها على نبض قلبه الذي يقفز داخل قفصه الصدري وتحرك مع الموسيقى يرفع قدميها لتصبح فوق أقدامه، هاتفًا لها: اجهزي هنسافر بكرة اسكندرية عندي قضية هناك وحابب أخدك معايا المرادي، مبقتش أقدر أبعد عنك ، أومأت بعيونٍ سعيدةٍ ثم وضعت رأسها بأحضانه تستمتع لترانيم قلبه باسمها مطبقة الجفنين دون حديث، فيكفي حالة كلٍّ منهما

ظلا لفترة طويلة من الوقت لم يشعرا بالوقت وهما يتمايلان على نغمات قلوبهما، حتى أرهقت من الرقص، فحملها بين ذراعيه ليقص لها ترنيمة جديدة من ترانيمه المقدسة لقلبه .

مرّ أسبوع والعشق بينهما يتزايد حتى شعرت بأنه أصبح لها كالهواء ، جلست تدوّن بعض أبيات الشعر

‏أأخبـرك ســراً..!!!؟

تهامسـنا أنا وقلبّي عنـك اليـوم….

فكانـت جلسّـة نمـيـمـة لطّيـفـة ..

استمعت إلى إشعار رسالةٍ ، فتحتها وإذ بها تنتفض وهي ترى مابها

-صعبانة عليا أوي ياليلى، راكان بيضحك عليكي متكونيش هبلة، متخلهوش يقضي عليكي، عارفة مش هتصدقيني، أنا آسفة إني كلمتك بأسلوب وحش بس دي الحقيقة ، ولو مش مصدّقة روحي الشاليه ال شريه من فترة علشان يقابل فيه نورسين، هبعتلك العنوان، وبراحتك، أكيد عارفة أنا بحبك أد إيه

برقت عيناها للحظة تشعر بتجمد الدم بأوردتها وهي تهزّ رأسها وكأنّ لسانها توقّف عن الحديث،

لم تشعر سوى بدموعها التي كوت وجنتيها وهي ترى صوره وهو يدلف يحاوط خصر نورسين ويدلف لذاك الشاليه ، صورةٌ تلو الأخرى بمواضع مختلفةٍ، حاولت عدم التصديق، وأنها صورٌ قديمةٌ ، ولكن كيف وملابسه التي خرج بها ،

اعتصرت عيناها الباكية، وبخطىً متعثرةٍ اندفعت خارجةً بثيابها البيتية، وخصلاتها المتمردة حول وجهها ركضت بلا هدىً حتى وصلت لسيارتها تستقلها سريعًا ، وشعورٌ قاسٍ وهي تشعر بأنّ ضلوعها تنقبض بقوّةٍ حتى كادت تموت من الألم .

ترجلت بخطواتٍ مرتعشةٍ وحاولت السيطرة على نفسها حتى لا تفقد وعيها عندما شعرت بالغثيان بمعدتها.. وهي تقود سيارتها وعبراتها تغزو وجنتيها وصلت لذاك المكان .

❈-❈-❈

بالداخل قبل قليلٍ

بنيران قلبٍ محترق أمسك هاتفه وأرسل رسالةً له قائلًا :

-يونس اتحرك..

نهض يونس يرجع خصلاته بغضب كاد أن يقتلعها من جذورها

-بلاش ، فكر تاني، اسمع ال بقولك عليه، قالها وأغلق هاتفه متجهًا لسيارته ..

أمسك يونس هاتفه ينظر لنوح الذي تساءل :

-ايه ال بيحصل؟

رفع كتفه للأعلى وأجابه :

-ال أقدر أوله وجع وحزن ومرار ..أيوة اعملي ال هبعتهولك

بإحدى الشاليهات بعروس البحر المتوسط..وقفت أمام باب الشالية ورفعت كفيها المرتعش، لا تعلم أترتعش من برودة الجو القاسية أم من برود روحها على ماهي قادمة نحوه، قامت بقرع الجرس

كان يتسطح بصدره العاري على الأريكة ينفث تبغه بشراسة، خرجت وهي تحادثه :

-مش سامع الباب، ممكن يكون الدليفري، وضع كفيه على عينيه ولم يعريها اهتمام.

فتحت الباب وإذ بها تنصدم من تلك الواقفة، تنظر بالداخل تتمنى ما رأته يكون ماهو إلا كابوسًا، دفعتها ودلفت للداخل، وجدته يتسطح بهيئته التي أدمت قلبها، بلعت غصةً مسنّنةً أوقفت مجرى تنفسها متسائلة بصوتٍ متقطعٍ ليه؟!..

اعتدل ينظر بذهول إليها..

لحظات مرت كالدهر وعيناها التي أزرفت عبراتها بغزارةٍ وكأنّها دفنت أحدهما

تراجعت للخلف تتمنى أن يصيبها الله بالعمى ،وتصبح كفيفة ولا تراه بذاك الوضع

شعرت بأن أقدامها تجمدت وكأن جسدها شل، فسقطت كمن تلقى ضربةً موجعةً هشّمت جسدها بالكامل، وصرخةٌ بآهةٍ عاليةٍ خرجت من جوف حسرتها ،وهي تصرخ باسمه وتلكم الأرض

-ليييييه، ليه تعمل فيا كدا ؟

اتجه بخطوات سلحفية يجثو أمامها

-مش عارفة ليه؟

رفعت نظرها وتشوشت الرؤية أمامها ،تهز رأسها رافضة مافعله .

-علشان أخد منك أمير، إنت إمبارح عملتي تنازل كامل على كل حاجة ومنهم أمير،

هنا انهار عالمها بالكامل، وشعرت بتوقف نبضها ، فكأن قلبها لم ينبض سوى نبضٍ يحرقها

انهمرت عبراتها ممتزجة بنزيف روحها واشتهت الموت بكل جوارحها في تلك اللحظة فاقشعر جسدها وشعرت بارتعاشه كاملًا وهي ترحب بتلك الغمامة السوداء وهي تهمس له :

-موتني معذبي ..ثم سقطت بين ذراعيه يتلقفها بلهفة قلبٍ متألّمٍ

الفصل التالي: اضغط هنا

يتبع.. (رواية عازف بنيران قلبي) اضغط على اسم الرواية لتجد الفهرس كاملاً بجميع الفصول.

أضف تعليق