رواية عازف بنيران قلبي – الفصل الخامس والثلاثون
البارت الخامس والثلاثون
الفصل الخامس والثلاثون
ان كان قدري الحب ❣
فحبك انتِ يكفيني
وان كان قدري الحياااه
فـ.دقة قلبك تحييني
وان كان قدري دمعة
عين فبعدك عني يبكيني
وان كان قدري لغيرك
فلا غير الموت يكفيني
❈-❈-❈
دنى بـجسده لـ.عايدة وهو يرمقها بـشماتة:
-ايه مش تباركي لـ.ضُرتك يامرات عمي؟!! دار حولها وهو يرمقها بـنظراتٍ احتقارية:
-طبعًا مكنتيش تعرفي!! ولا كنتي حاسة بـحاجة، ماهو ال زيك هيحس ازاي وانتِ مش فاضية غير للخطط والتكويش على الدنيا؟!!!
لوّح بـ.يديه أمام وجهها واسترسل مكتملًا بـ.احتقار:
-واحدة عندها فلوس اد كدا!! غير أراضي وعمارات!! ومش مكفيها!!
الطمع! وما أدراك ما الطمع!!!
لـدرجة استخدمت بناتها ووصلت لـ.مستوى أدنى من أي ست منحرفة!!!
هز رأسه يمينًا ويسارًا مستنكرًا فعلتها الشنعاء قائلًا:
-أنا بـ.اتكلم مع مين؟!!! واحدة نزلت للحقارة واستخدمت بنتها في القرف عشان شوية فلوس!!! ياشيخة دا لو اتربوا يتامى أحسن من إن يكونوا ليهم أم زيك!!
كانت تطالعه بـنظراتٍ صامتة فقط، ملامح جامدة وعقلٌ مشوش لما استمعت إليه منذ قليل، عيناها تتعلق بـ.تلك التي تجلس على الأرضية تضم نفسها، وصلت فرح تقف أمام راكان وتحدثت مستفهمة:
-ايه اللي بيحصل؟!! وليه حلا قاعدة كدا؟ قالتها وهي تنظر لليلى التي تُحاول جذب راكان:
-راكان كفاية بقى يلا..
استدار بـجسده إليها :
-إنتِ مالك بتدخلي ليه؟!! موضوع مايخصكيش، روحي شوفي ابنك!!
نكّست رأسها أسفًا وقالت بـصوتٍ متقطع:
-آسفة، قالتها وتحركت بـخطواتٍ متعثرة، كانت تطالعها فرح، فـ.اتجهت إليه :
-طبعًا أنا معرفش ايه ال حصل علشان تتعصب عليها كدا وتهينها قدامنا!! بس كـالعادة راكان باشا محدش يقدر يقوله لا!!!
وزّع نظرات مشمئزة عليهم، حتى توقفت نظراته على حلا قائلًا:
-يبقى فكري كويس قبل ماتيجي تتبجحي قدامي، وردًا لـ.طعن كرامتي مالكيش عيال عندي، مش دا ابني وجيتي بـ.عين بجحة ووقفتي قدامي وقولتي ابني، وكله صوت وصورة، قربي تاني من البيت وشوفي هـعمل فيكي ايه، اتجه بـنظره إلى فرح وابتسم بـسخرية :
-وانتِ ياحضرة الخضرة الشريفة متتعديش حدودك معايا، وإلا هــاقطع لسانك دا، وروحي نضفي نفسك وتعالي يابت علميني الأدب، وآه نسيت أفهمّك حاجة ياريت تعرّفيها لـمامي ال شكلها انجلطت ولسانها وقف ابنك مش هياخد قرش إلا لمّا يوصل السن القانوني، أنا متكفل بـكل ال يخصه، يعني تقدري تقولي حقه انا الواصي عليه، بدل عقلكم الفاسد دا مش راحمني، لوّح بـيديه إلى حلا قائلًا:
-إجازة سعيدة مع ضرتك يامدام حلا، قالها ثم تحرك للخارج…
عند يونس بـالمشفى الخاصة به..
جلس بعد انتهاء عملتيه، استمع لـطرق الباب سمح بالدخول..
دلفت سارة إليه ووقفت أمامه منتظرة حديثه، أشار بـيديه ثم مسح على وجهه :
– اقعدي ياسارة فيه حاجة عايز أقولهالك ونتفق عليها..
جلست منكسة الرأس وتحدثت بـصوتٍ متقطع :
-عملت ال وعدك بيه، نزلت الجامعة مع سلمى وبعِدت عن كل المؤمرات الخبيثة، رفعت نظرها إليه وأردفت بـدموع محتجزة:
-وحياة ربنا ماعملت حاجة تانية..
نصب عوده وتوقف متجهًا إليها، ثم جلس بـمقابلتها وهو يُشعل تبغه قائلًا:
-عارف، أنا متصلتش علشان كدا، عايز اتفق معاكي على اتفاق..
فركت كفيها منتظرة حديثه، كان يتابع حركاتها بـهدوء فـتحدث :
-ايه رأيك تسافري عند بابا أمريكا، وتكملي تعليمك هناك؟؟ انتِ شاطرة مش غبية، واهو هـتكوني مع عاليا بنت عمتك وتبعدي عن هنا شوية، مش دا ال كنتِ عايزاه؟!
نظرت بـتشتت وتسائلت:
-تفتكر ماما هـتوافق انها تخليني أسافر؟؟..
نفث دخان تبغه ثم طالعها بـهدوء قائلًا:
– ماهو هـنعمل لعبة إنتِ هـتستفادي وأنا كمان هـستفاد، بس قبل أي حاجة، انتِ من اللحظة دي أختي، يعني مش عايز الهبل بتاعك وبحبك والكلام الفاضي دا؛ انحنى بـجسده يحتضن وجهها ونظر لـداخل مقلتيها وأردف بــبحته الرجولية :
-سارة عايزك تتأكدي إن حب سيلين بـيجري في دمي، يعني مستحيل اتجوز وأحب غيرها، حاولت وجربت وفشلت، دي طفلتي ويمكن انتِ عارفة انا وسيلين زي السمك والمية منقدرش نعيش بعيد عن بعض..
انسدلت عبراتها وتحدثت بـصوتٍ مفعم بـالبكاء:
-بس انت طلقتها!!
أزال بــإبهامه دموعها وتحدث بـهدوء، رغم حزنه الكامن بـداخل قلبه:
-مش معنى كدا إني كرهتها، أنا طلقتها علشان أأدبها، اتأكدي لو وصل بيا الحال أموتها علشان متفكرش في حد تاني هـعملها ومش هتأخر!!
قطبت جبينها ورفعت كفيها على وجهه:
-للـدرجادي بتحبها؟!! أنا بـحسدها على الحب دا…
تراجع للخلف وأنزل كفها من على وجهه، ثم أخرج تنهيدة طويلة متعبة ومهمومة على ماأصاب قلبه فأردف بـهدوء رغم نيرانِ قلبه المستعيرة:
-وأكتر ياسارة، بـعشقها بـجنون، مكنتش مستني الفترة دي كلها من غير جواز إلا علشانها..
مسحت دموعها بـظهر كفها وأخرجت شهقة منتظرة حديثه:
-سيلين اتخطت حدودها معايا، ولازم أربيها وأعرّفها تفكر مليون مرة قبل ماتدوس على قلبي!!
تهكمت سارة مردفة:
-غبية متعرفش قيمة النعمة!!!
أطلق ضحكة حتى أدمعت عيناه ورغم الضحكة إلا أن القلب يأن، هدّأ من ضحكاته التي تدُل على وجعه المستميت، ابتعد بـنظره عنها :
-دا نصيب مش غباء، المهم اسمعيني كويس، وسيبك من غبائها دا، هي مش غبية هي مجروحة وشعنونة، بس مهما تعمل مقدرش أكرهها، دي ساكنة روحي وكياني، فهماني ياسارة متزعليش مني لو سمحتي…
اومأت بـعبراتها قائلة:
-ربنا يسعدك يايونس، سيلين فعلا تستاهل الحب دا، بس أنا مطلوب مني إيه؟؟
– عايزك تخرجي من هنا عليها، ولو قدرتي تعملي ال هـقوله، صدقيني هـتلاقيني دايما جانبك ومستحيل حد يقرب منك..
بالمشفى وخاصة بـغرفة نوح..
كانت تتسطح بـالفراش بـجواره، تمسد على خصلاته مبتسمة من بينِ بكائها، تحمد الله على ماوصل إليه، أهمها وجوده بـحياتها، تذكرت ذاك اليوم عندما زارها والدها:
-انتِ لازم تعرفي نوح عنده ايه، عشان وقت مايدفنوه ميضحكوش عليكي وتعرفي تاخدي حقك..
وضعت كفيها على أُذِنها وصرخت حتى دلفت ليلى إليها تضمها لأحضانها:
-أسما حبيبتي اهدي، ظلت تصرخ وهي تهز رأسها قائلة:
-نوح عايش نوح مامتش، ضمّتها ليلى بـقوة تُنادي على راكان الذي دلف سريعًا مع الطبيبة :
-مالها ايه اللي حصل؟؟
هبت واقفة تتشبث بـذراعيه :
-نوح عايش مامتش صح؟ هو عايش ياراكان؟ طمني وقولي جوزي عايش..
اتجه بــأنظاره إلى والدها الذي انكمش بـوقوفه متسائلًا:
-مين قالك نوح مات، نوح كويس ياباشمهندسة، اطمني، يوم ولا حاجة ويفوق، ثم اتجه بـنظره للطبيبة:
-ممكن تديها مهدئ، حضرتك شايفة حالتها ازاي!! تراجعت للخلف وصوت شهقاتها بالارتفاع:
-لا، عايزة أشوف جوزي، طمنوني عليه، بــ.وجه راسخ من الحزن والألم وقلب مُثقل بـعلامات الموت اتجهت بـأنظارها لليلى:
-عايزة أشوف جوزي، وديني عنده ياليلى..
وصلت الطبيبة حتى تحقنها ولكنها تراجعت تهز رأسها وتحدثت لــراكان :
-هشوفه شوية صغيرين بس!!
-خديها ياليلى خليها تشوفه دقيقة واحدة متخلهاش تطول عنده، بلاش نتعبها أكتر ماهي تعبانة، همس بها راكان ثم جذب منير العشري والدها وتحرك للخارج، دفعه بـغضب:
-عارف لو ملمتش نفسك واتهدّيت هـسجنك، مش ناقص قرف، قالها وتحرك للخارج..
خرجت من شرودها على همسه بــ.اسمها، اعتدلت تنظر إليه :
-حبيبي حاسس بإيه؟..
فتح جفونه بـتثاقل وتحدث بـصوتٍ ثقيل :
-راكان جه؟؟
انخفضت لـمستوى نومه وأردفت:
-لسة، معرفش ليلى كلمتني من ساعتين وقالت إنهم جايين، أغمض عيناه وتسائل:
-حمزة بره؟ لو بره نادِيه..
نزلت بـهدوء واتجهت للخارج؛ وجدت حمزة جالسًا بـجوار زوج لميا أخت نوح فـتحدثت:
-أستاذ حمزة، نوح عايزك..
نهض متسائلًا:
-فيه حاجة؟ هزت رأسها قائلةً:
-معرفش ادخل شوفه، أنا هنا لو احتاج حاجة، قالتها واتجهت تجلس بـجوار أسامة زوج لميا تطبق على جفنيها:
-الحمدلله، الحمدلله، كررتها عدة مرات،
-إن شاءالله هـيبقى كويس، قولي يارب
رفعت أنظارها للأعلى هامسة:
-ياااارب
قاطعها وصول لميا، ووالدة نوح ناهد:
-أسما قاعدة هنا ليه؟! نوح حصله حاجة؟
هزت رأسها بـالنفي وأجابت:
-لا بيتكلم مع حمزة جوا، سبتهم براحتهم..
تحركت ناهد تربت على كتفها:
-أنا هـروح أشوف يحيى وأرجع له، وانتِ ارتاحي شوية، متنسيش إنك حامل!!
توقفت تنظر إليها :
-نوح عرف إنك حامل؟؟
هزت رأسها بالإيجاب:
-عرف وكان فرحان اوي..
جلست لميا بـجوارها:
-ربنا يكمّل حملك على خير حبيبتي، اتجهت تسأل عن كريم :
-كريم لسه مجاش من الجامعة؟؟..
همست أسما التي أطبقت جفنيها:
-كان هنا، وقال هـ.انزل أشرب قهوة تحت..
بـالداخل جلس حمزة بـمقابلته :
-عامل ايه النهاردة أحسن؟! تسائل بها حمزة..
أومأ بـرأسه وأجابه وهو يطبق على جفنيه متألمًا :
-الحمدلله أحسن، نفسي ضيق بس مكان الضرب في ضلوعي..
-قادر تحكي لي ال حصل؟ ولا لأ؟
تابعه بـنظراتٍ تائهة ومعالم الصدمة تُلون وجهه :
-ليه هو راكان معرفش مين ال عمل كدا؟؟!
اقترب حمزة وجلس بـجواره على الفراش:
-راكان حبس البحيري، وهو بينكر إنه ورا دا، وأخد ١٥ يوم احتياطي وآخرهم بكرة، يعني لو مفيش دليل قوي هـيطلع، ال مخليه لحد دلوقتي، المكالمة التليفونية، وكمان التحليل ال عمله دكتور يحيى، صمت للحظات متسائلًا:
-هو فعلًا الولد مش ابنك؟؟..
بلع غُصة بـطعم الصدأ وابتعد بـنظره عن حمزة قائلًا:
-الحاجات دي مينفعش نتكلم فيها ياحمزة من غير دليل، وطالما راندا ولدت أنا هـعرف هل حقيقي ال بابا قاله ولا لا؟ ورغم إني محبتهاش بس متمناش ال سمعته، صعب تخيل الفكرة، المهم كنت عايزك تجهزلي أوضة بـالمزرعة، مش عايز أروح الفيلا عند بابا، مش عايز أسيب بيتي لـحد ماأقدر أقف على رجلي تاني!!
ربت حمزة على كتفه قائلًا:
-اعتبره حصل ياحبيبي، وكمان الممرضة..
رفع نوح كفيه يربت على يديه قائلًا:
-عايزك تكتب المزرعة بــ.اسم أسما، جهز الورق وهاته ، عايز كل حاجة تخلص قبل ما أسافر للعملية..
اومأ بـرأسه :
-حاضر، هـعمل كل ال عايزه، فكر بس في صحتك عايزك تخف بـسرعة، متبقاش غلس عايز أعمل الفرح ال بوظته دا!!
ابتسم من بين آلامه :
-ودا كمان عايزك في أقرب وقت تعمل فرح، مالوش داعي التأخير…
قاطعه حمزة مستنكرًا حديثه:
-أكيد بتهزر صح!!..قاطعه وهو يرفع كفيه المنغرز به الإبر قائلًا:
-لو فعلًا بـتحبني، اعمل الفرح في أقرب وقت ياحمزة، متخلنيش أزعل منك، أنا كويس، وهـكون كويس لما أشوفك عريس..
دلفت لميا مقاطعة حديثهما:
-عامل ايه النهاردة حبيبي؟؟
رفع كفه إليها:
-تعالي يالولو، اقتربت وانحنت بـجسدها تطبع قبلة على جبينه
-ربنا يخليك لينا ياحبيبي..
رفع بصره مبتسمًا :
-بابا عامل إيه النهاردة؟! ..جلست بـجواره :
-لسه زي ماهو، بس متقلقش بكرة يفوق ويبقى كويس، المهم انك كويس وبابا لما يفوق ويعرف هـيتحسن إن شاء الله..
دلف راكان رافعًا حاجبه بـطريقة مستفزة قائلًا بـابتسامة باردة :
-قام وهــ.يقرفنا كنا مرتاحين!! بس كويس انه قام علشان عندنا حساب متصفاش..
إلتوت زاوية فمه بـشبه ابتسامة عابثة:
-الحساب لأهل الحساب ياحضرة المستشار، دفع حمزة من جواره وجلس يربت بـقوة آلمته على كتفه :
-مرحب بـ.سبع البورمبة، كنت وحشنا ياخويا!!
-لميا سبيني شوية مع حمزة وراكان..
احتوت كفيه:
-حاضر، بس متتكلمش كتير عشان متتعبش، قالتها وتحركت للخارج..
تنفس بـتثاقل ثم اتجه بـنظره إلى راكان :
-عملت ايه مع البحيري؟ ومين أكدلك إنه ورا دا؟؟
نظر إليه بـحزن ؛
-مش وقته الكلام دا، فُوق الأول واتحسن وبعدين نتكلم..
ضغط نوح على كفيه بـقوة أنا سامعك:
-نوح مفيش غيره، بعد ماباباك راح هدده بال بنته عملته، وبعدين أنا مش غبي علشان أحبسه من غير دليل، مكالماته كلها عندي، وكمان ..صمت للحظات قائلًا :
-اتفاقه مع الناس ال خطفوا أسما قبل كدا، ولسه كل ما التهمة تثبت عليه هـنكتشف بلاوي، وايه ال ربطه بـ.قاسم الشربيني؟!!!
اعتدل واسترسل بإبانة:
-التحليل والمقابلة وتهديده الواضح، دي كلها تثبت التهمة عليه..
أغمض عيناه رُغمًا عنه وأصدر زفرة محملة بـزفيره الحار قائلًا:
-عرفوا إن أسما حامل، ودا جننهم وعلشان كدا حبوا يتخلصوا منك ويتهموني بـموتك بسبب ال حصل بينا، أسما كانت حاجزة عند الدكتور على أساس لما ترجع تروحوا بس طبعا هما سبقوها..
أنهى حديثه ونهض يضع كفيه بـ.جيب بنطاله :
-يعني من الآخر كانوا بيرتبوا لحاجة تانية لأسما كمان، لولا وجود والدك عند أسما وعرفوا طبعًا بـالحادثة فبـالتالي أسما خرجت مع والدك مالقوش وقت لـينفردوا بيها..
غضب نوح حتى شعر بألمٍ بـجسده مما جعله يضع كفيه على صدره من شدة الآلام، اتجه راكان إليه سريعًا:
-نوح اهدى، آسف مكنش قصدي إنك تتعب كدا..
اعدله حمزة واضعًا ماسك التنفس على وجهه :
-اهدى واسحب نفس بـهدوء، ومتقلقش، مراتك كويسة، وولادك كمان، واهو راكان محاوط المكان كله بـالأمن حتى الدكاترة ال بيدخلوا بعيد عن محل شك؛ هدأ قليلًا وذهب بـالنُعاس وهو يتمتم :
-أسما وولادي أمانة عندكم، أنا بقيت عاجز لـحد ما أرجع أقف تاني!!
احتضنه راكان يصرخ به :
-متقولش كدا يلا سامعني؟!!! هـتقوم وتوقف على رجلك وهـتربي عيالك كمان سمعتني، لازم تقوى علشان مراتك وولادك يانوح بلاش نظرة الضعف دي تاني..
انزلقت دمعة شريدة وهو يتحدث بـصوتٍ متألم:
-هم مش غرضهم يموتوني ياراكان، عايزين يعجزوني بس!!!، معرفش رجلي مش قادرة احركها خالص، حاسس فيها حاجة، اتجه راكان لـحمزة :
-الدكتور قالك ايه؟؟..
ارتبك قليلًا وحاول السيطرة قائلًا:
-أعصابه من الضرب مش أكتر، أسبوع ولا حاجة وهـيعمل العملية ويفوق بإذن الله..
داعب راكان خصلاته بـقوة ورسم ابتسامة :
-مش قولتلك مش هـيقدروا، سمعت مش هيقدروا، انت مش ضعيف، اتجه راكان إلى حمزة الذي جلس واضعًا رأسه بين كفيه، يمنع دموعه فـتحدث قائلًا:
-ماتقوله ياحمزة، قوله إنهم مش هـيقدروا يكسروا حد فينا، حتى يونس، دا مقدروش على يونس هيقدروا عليك يانوح؟!!!
نهض حمزة بعد شعوره بـالاختناق يعيق خروج زفراته متجهًا للخارج:
-عندي شغل، أنا هـمشي ويونس هـيجي بعد شوية؛ راقب راكان خروجه مستغربًا حالته التي أصبح عليها منذ حادثة نوح؛ قابلته ليلى فتوقفت أمامه مستغربة حالته:
-حمزة فيه حاجة؟ نوح حصله حاجة؟..
هز رأسه بـالنفي وأخرج صوته بـصعوبة:
-لا هو كويس بس عندي شغل، راكان جوا ادخلي..
بالداخل عند راكان ونوح..
-هي ليلى فين مجتش معاك ولا إيه؟! تسائل بها نوح..
وقفت بـجوار الباب عندما استمعت لسؤال نوح، وانتظرت إجابة راكان..
مكث بـجواره مرة أخرى وأخرج تنهيدة حارة وأجابه:
-عند والدك قالت هـتشوفه الأول..
رفع نوح نظره يُدقق النظر إليه:
-مبروك عرفت إنك رجعتها..
ابتسم رغم ثورته الغاضبة واتجه بـبصره إليه:
-تفتكر يانوح بعد الوجع ال شوفته في حياتي، وبعد ماربنا أنعم عليا بيها أفرط فيها بسهولة!!! وضع كفيه يدلك صدره عندما شعر بألمٍ يجتاحه واسترسل
-أنا رديتها بعد كام ساعة، مجرد ماقولتلها إنتِ طالق وتخيلت إنها مش ملكي، حسيت إن روحي فارقت جسمي، مقدرتش أتحمل الفكرة ولا أتخيلها، ابتسم واتجه بنظره إليه:
-وحياتك هما ساعتين بس ومقدرتش، بس حبيت أأدب نفسي بــبُعدها وكمان أأدبها معايا؛ ورغم كدا ضعفت ورحت لـعندها ومقدرتش..
ابتسم نوح وهو يُغمض عينيه:
-كنت عارف إنك رديتها، بس حبيت ألعب معاك شوية، قالها وذهب بــنومه بسبب العقاقير التي أخذها…
شعرت بـالفراشات تطير بـمعدتها من فرط سعادتها حتى وضعت يدها فوق قلبها عندما أحسّت بـارتفاع دقاتها التي أصبحت كـالطبول، ونظرت إليه وعيناها التي لمعت بـالسعادة..
ربت راكان على ذراعه :
-مهما تقول هـحاسبك بس قوم على رجلك وشوف هـعمل فيك ايه ياغبي؟!..
ابتسم نوح ما بين النوم واليقظة، ظلت نظراته عليه، حتى غفى تمامًا، هنا حرّر عبراته من ضعف حالة صديقه هامسًا:
-وحياة رقدتك دي لأخليهم يكرهوا اليوم الل فكروا يقربوا منك فيه، أنا كفاية عليا فراق سليم، مش هـقدر أفقد حد تاني منكم يانوح، وقتها هـقع بجد، ميغركوش الجسم ال واقف بـيضحك ويتكلم قدامكم؛ آهة خفيضة حرّرها من بين شفتيه مستندًا بـظهرهِ على المقعد، وأطبق جفنيه حتى شعر بـقبلة على وجنتيه هامسة :
-وأنا هـموت لو حصلك حاجة حبيبي.. تلقاها بين ذراعيه بعدما جذبها بـقوة كادت أن تسقط :
-حبيبك طول ماانتِ جنبه شديد وقوي، وضعت رأسها بـصدره:
-زعلان مني، أخرجها يضم وجهها وينظر لليلها الدامس وهو يهز رأسه قائلًا:
-تؤ، مقدرش أزعل منك..
طوّقت عنقه وتحدثت بـدلال:
-يعني لما جيتلك المستشفى كنت مراتك؟! وعملت فيها دراكولا!!!
اقترب منها هامسًا:
-مش فاكر، هو ايه ال حصل؟!
-إحنا في المستشفى يامجنون!!..
أرجع خصلاته يمسح على وجهه محاولًا السيطرة على دقات قلبه فـتحدث:
– ضيعتي الهيبة ياليلي!..بقيت مش بـ.افرق الصح من الغلط..
جلست بـجواره، واحتضنت كفه
-انتَ ضيعت ليلى كلها مش الهيبة بس! حاوطها بـذراعه:
-تدوم لي ليلى في حياتي وأضيعها كمان وكمان..
وصلت إليهم أسما، فـاعتدل راكان يبتعد عن ليلى بـبعض السنتيمترات، اقتربت أسما ونظراتها المتألمة لم تفارقه متسائلة: -هو نام؟؟
أجابها راكان :
-ااه الممرضة جت وأخد العلاج ونام..
اومأت بـرأسها وجلست بـجواره تنظر إليه متسائلة:
-عملت ايه في راندا؟؟ وليه مظهرتش من اليوم إياه؟؟
نهض واتجه للنافذة:
-ولا حاجة متشغليش بالك، المهم خلي بالك من نفسك كويس، ومتخرجيش من المستشفى من غير ماتعرفيني، يومين تلاتة والوضع يهدى..
اتجهت إلى نوح بـنظراتها ثم اتجهت له:
-نوح عايز يروَّح، حتى طلب من حمزة ينقله للمزرعة..
-لأ..أجابها راكان سريعًا ثم أكمل:
-نوح لو خرج من المستشفى هـيروح عند الدكتور يحيى، أو عندي، ومعتقدش إن دكتور يحيى هـيوافق ان ابنه الوحيد يبعد عنه،!! فبالتالي أقلمي نفسك على كدا يامدام أسما، نهضت حتى وقفت بـالقرب منه وتحدثت:
-نوح هـيرفض، ولو أصريت هـيحس بـعجزه، وأنا مش عايزة كدا لو سمحت..
قاطعهما دلوف يونس
-مساء الخير، مالكم واقفين كدا ليه؟ إيه نوح نايم؟..قالها وهو يتوجه لأسما، نهض راكان يمد يده لليلى:
-يلا طالما يونس جه، هـيفضل مع أسما..
أجابته أسما :
-هو نايم دلوقتي يادكتور، وأسامة موجود هنا، أنا هـروح الليلة دي ولميا وأسامة موجودين، تحرك راكان وهو يسحب ليلى قائلًا:
-خلي بالك يادكتور، جلس يونس يمسح على وجهه بـغضب:
-مغرور ومتعجرف، يخربيت تناكتك!
-دكتور يونس! أردفت بها أسما، اتجه بـنظره إليها بـدخول لميا متسائلًا:
-فيه حاجة؟..
اقتربت منه قائلة :
-مالوش داعي وجودك، كريم واسامة موجودين معانا، شكلك مرهق ممكن تروح ترتاح..
رفع يده قائلًا:
-أنا كويس، مينفعش أسيبكم لوحدكم، لحد ماالدكتور يحيى يفوق..
-روّح يايونس، إحنا هنا متقلقش، وكمان علشان أسما تاخد راحتها فاهمني..
اومأ رأسه متفهمًا ونهض قائلًا:
-طيب أنا تحت، ولو فيه حاجة اتصلي على طول..
أمسكت لميا ذراعه:
-روّح يايونس، نوح كويس وأحنا معاه..
هز رأسه رافضًا وتحرك:
-أنا تحت..اتجه للطابق الأسفل حيث غرفة نوح، دلف وخلع جاكيت بدلته، وجلس على المقعد يمسح على وجهه شعر بـالنُعاس يداعب جفنيه بـسبب ارهاقه، فاق على رنين هاتفه، اتجه يمسكه فـابتسم عندما وجدها طفلته، لم يجيبها وتركها للمرة الثانية بـالرنين، حتى رفعه وهو ينفث سيجاره:
-مالك فيه ايه؟؟ ماردتش اعرفي مش عايز أكلمك..
انزعجت من كلماته فـتحدثت :
-بـقولك ايه أنا مش شغالة عندك، إنت فين؟!
-في مستشفى الكومي، ليه وحشتك؟!!! قالها بـسخرية..
توقفت فجأة غير قادرة على السير من فرط آلامها، حتى سحبت نفسًا تنظم ضربات قلبها وتحدثت:
-عايزة اتكلم معاك، عشر دقايق وأكون عندك..
نفث دخانه حتى اختفى خلفه، وأجابها
-وماله، تعالي أنا في أوضة نوح، الاستراحة، قالها وأغلق هاتفه، يرفع قدميه فوق المقعد وقام بإطلاق صفير بـسعادة :
-قطتي حبيبة قلبي، جيتي لـقدرك..
عند حمزة..
خرج يتحرك بـخطواتٍ متعثرة، يكاد يتنفس بـصعوبة كلما تذكر حديث الطبيب؛
-مش هــخبي عليك، الإشاعات بـتبين كسر في ضلعين، وكمان الضرب كان شديد في العمود الفقري، يعني ممكن يؤثر بـالسلب على حركته مرة تانية!!..
استقل سيارته وتحرك، وعيناه الدامعة حجبت رؤيته:
-معقول هـيفضل عاجز!!! معقول مش هـشوفه تاني وهو راكب حصانه!!
آآه حارقة خرجت من جوفه وكـأنها تكوي جوفه وشهقات مرتفعة حتى توقف بـجانبِ الطريق يضع رأسه على المقود، استمع إلى رنين هاتفه:
-أيوه يادرة، قالها بـصوتٍ باكي، شعرت به فـأردفت :
-إنت فين ياحمزة؟؟ ليلى قالتلي شكل فيك حاجة!!
-أنا جاي لك انزلي، محتاجك..
اتجهت لـغرفتها قائلة :
-حاضر هـلبس وانزلك حالا..
وصل بعد دقائق كانت تهبط درجات السُّلم سريعًا، هـرولت إليه عندما وجدته واقفًا ينظر بـضياعٍ حوله، أنظار مشتتة ضائعة، أحس بـوجودها، فتح ذراعيه إليها حتى ألقت بـنفسها داخل أحضانه، أطبق على جفنيه، يتنهد بـألمٍ قائلًا:
-أنا تعبان اوي يادرة، ومحتاجك اوي حبيبتي..
خرجت من أحضانه، واحتوت كفيه:
-ايه ال حصل أول مرة أشوفك كدا؟؟! فتح باب سيارته وأشار إليها:
-اركبي، هـنروح شقتنا، ونبات هناك، اتصلي بباكي واستأذني، مش عايز اتكلم مع حد..
اومأت بـرأسها دون حديث واتجهت للسيارة تتحدث مع والدها..
وصلا بعد قليل إلى منزلهما الذي جُهز لهما، ترجل أولًا ثم اتجه يسحبها من كفيها متجهين للداخل، دلفوا للداخل وأشعل الإضاءة، ثم توجه وألقى نفسه على الأريكة مغمض العينين:
-مش قادر أشوف نوح كدا، أنا تعبان اوي يادرة تعبان أوي، كل ما اتخيله ممكن يفضل على كرسي طول حياته..
جثت أمامه مضيقة عيناها وتسائلت:
-يعني ايه ياحمزة؟؟ يعني نوح هـيفضل عاجز!!! وخالتو عرفت الكلام دا؟؟
وضع يده على وجهه مبتعدًا بـنظراته عنها :
-محدش يعرف لسه، ولا حتى راكان، أنا اتفقت مع الدكتور ميعرفش حد دلوقتي، عايزه يفوق الأول وبعد كدا نقوله بـهدوء، هو فاكر فيه حاجة في عصب رجله، ميعرفش إنه من العمود الفقري اللي آذوه ولاد الكلب!!!
شعرت بـدوار حتى اهتز جسدها هامسة :
-معقول نوح هـيفضل عاجز!! وضعت كفيها على وجهها وأجهشت بالبكاء:
-مش قادرة أصدق دا!! ليه يعملوا فيه كدا؟!! دا مراته حامل، ياحبيبي يانوح ميستهلش أبدًا!!!
اعتدل جالسًا، يسحبها لـتجلس بـجواره، ثم احتواها بـذراعيه :
-درة متوجعيش قلبي، أنا مخنوق، مش قادر اتكلم مع حد، ملقتش غيرك افضفض معاه، مش قادر أعرّف يونس وراكان، بلاش أوجعهم دلوقتي، معرفش ردهم هـيكون ايه!!
احتضن وجهها ونظر لـمقلتيها :
-متخلنيش أندم إني قولتلك، عايزك تقويني أتحمل الكام يوم دول، لـحد ما يسافر ألمانيا ويعمل فحوصات كاملة، وقتها أكيد كلهم هـيعرفوا، بس حاليًا محدش ناقص وجع؛ شايفة راكان ومصايبه من كل حتة!! ويونس وطلاقه، يعني محدش متحمل وجع تاني، أوعديني حبيبي محدش يعرف حتى والدتك، وإياكِ تعرّفي ليلى…
وضعت رأسها بـأحضانه وبكت بـشهقات :
-مش قادرة استوعب كلامك ياحمزة، بـالراحة عليا لو سمحت..
عند راكان وليلى بـالسيارة:
ضمّها بـذراعيه واضعة رأسها بـصدره، تُشاهد بعض صوره مع نوح وحمزة ويونس ويتحدث عن كل صورة وتلك الأيام التي قضوها بــ.عامهم الجامعي،
وصلت السيارة إلى منزل المزرعة، فـنظرت حولها ثم اتجهت بـنظرها إليه:
-حبيبي جايبنا هنا ليه؟!
طبع قبلة على كفيها وتحدث بـبحته الرجولية :
-عايز انفرد مع مراتي شوية، إيه بلاش!!..التمعت عيناها بـالسعادة، فـترجلت من السيارة، استمعت لـصوت الرعد بـالسماء فـابتسمت :
-شكل الجو هـيمطر، حلو أوي..
حاوط خصرها متحركًا للداخل، وغمز بـطرف عينيه :
-حلو عشان تلاقي ال يدفيكي..
دلفت للداخل وجدت المنزل محاط بـالأمن كاملًا فـتسائلت:
-هو لسه معرفتش مين ال دخل البيت ولا إيه؟؟
دلف للداخل ومازال محاوط خصرها:
-دول مش عشان كدا، عادي ماهو القصر عليه أمن..
توقفت أمامه :
-لا أكيد فيه حاجة تانية!! البيت مفيش فيه حاجة!!..
اتجه يُشعل المدفأة :
-اطلعي غيري هدومك يالولة، ومتشغليش بالك، فيه طقم فوق يارب يعجبك، وأنا هـجهز السفرة عشان جعان جدًا، واطّمن على أمير :
لاحت على ثغرها ابتسامة متلاعبة فـاقتربت تطوق عنقه متسائلة:
-ياترى ايه المناسبة؟ لا وكمان فستان! دا ايه المفاجأة الحلوة!..
وضع إصبعه يمسح أنفها ثم أمال يزيل حجابها، حتى انسدل شلال خصلاتها الفحمية فــ.جمعها على جنب، وقام بـفتح سحاب فستانها مقتربًا يهمس بجوار أُذنها عندما شعر بـرجفة جسدها:
-اطلعي فوق وإنتِ تعرفي..
رجفة قوية سرت بـجسدها عندما لامست أنامله عنقها، فـاستدارت بـخطواتٍ أقرب إلى الركض رغم تعثُرها وأنفاسها تتصارع، ظلت نظراته تراقب مغادرتها، حتى اختفت فاتجه إلى المدفأة…
دلفت للداخل وجدت غرفتهما مزينة بـبعض الشموع بـالروائح العبقة، تحركت متجهة إلى الفراش، وجدت رداء حريري ناعم بـاللون الأحمر، ويوضع بـجواره حذاء ذو كعبٍ مرتفع من نفس اللون، وبه بعض الأربطة التي تلتف حول الساقين..
أمسكت تلك الورقة التي يكتب بها؛
-“قدامك ربع ساعة، عايز أشوف مولاتي بــ.طَلْتها الجذابة، متتأخريش، لقد تعذّب القلب وذاب..”
اكتفت بـتنهيدة حالمة تضع كفيها على موضع نبضاتِ قلبها العازفة بـعشقهِ، تحركت متجهة للـمرحاض، دقائق وخرجت تجلس أمام مرآتها وقامت بـوضع بعض اللمسات التجميلية الخفيفة، ارتدت حذائها، وجمعت خصلاتها للأعلى حتى ظهر جمال عنقها وزاد جمالًا بــ.ارتدائها ذاك العقد الذي أهداها إياه سابقًا..
ألقت نظرة أخيرة على نفسها بـالمرآة، وتحركت بـالهبوط، كان يقوم بـإشعالِ الشموع ذات الروائح الرائعة، التي جعلت المكان يحلو بــالعاشقين..
استمع لـصوتِ حذائها، ورغم دقات قلبه التي أجزم أنها ستخرُج من صدره من لهفته بــ.النظر لــصفحات وجهها إلا أنه مازال يولِّيها ظهره، وقفت خلفه بـبعضِ الخُطوات تنظر لـهيأتهِ، كان يرتدي قميصه الأبيض ويقوم بــ.ثنيّ أكمامه، ناهيك عن زرّه الأول الذي تركه مفتوحًا فـظهر جسده الممشوق الذي تعشق كل ما يُميّزه به، اقتربت وهي تخطو بــ.نعلها حتى شعر بـأنها تخطو فوق قلبه الذي أصبح كــ.فوهةٍ بركانية، لم يصمد أكثر من ذلك فــاستدار لــ.رؤيتها لــيُشبع روحه بـجمال طَلْتها، تعانقت نظراتهما، كما تعانقت دقات قلبيهما..
دنى منها وسار نحوها بـخُطواتٍ متمهلة، عندما توقفت، جعلت أنفاسه تتعثر بـصدره بكل ماتحمله من أنوثة،
أمسك كفيها ثم طبع قبلة مطوّلة، وهو ينظر لـبريق ليلها الساحر، قرّبها منه وبـحركة دائرية جعلها تلتف حول نفسها تتطاير بـ.فستانها القصير، وخصلاتها التي تطايرت بــ.عشوائية على وجهها، أطلقت ضحكة ناعمة عندما شعرت بـالدوار:
-راكان دوخت وهـقع! ..حاوطها يضُمّها بـقوة لـصدره هامسًا بـعذوبة وجمال اللحظة بينهما :
-تُقَعِي؟! وأنا موجود!! مش عيب حبيبي تغلطي في جوزك؟!!..
طوّقت عنقه تنظر لـشمسه:
-تؤ، مش جوزي بس حبيبي وروحي وكل كياني..
وضع جبينه فوق خاصتها يحبسُ أنفاسه، ويسحب أنفاس عطرها يضغط بـقوة على خصرها:
-حبيبك ضاع في ليلك ياليلة قلبي.. رفعت نفسها ونظرت لـعينيه بحب:
-حبيبي أحسن راجل في الدنيا كلها، وعلشان كدا هـيقولي ايه المناسبة السعيدة دي؟
رفع سبابته يتلمس شفتيها قائلًا:
-النهاردة عيد جوازنا ياحياتي، أول عيد لـحياتي كلها، أول مرة أحسّ فيه بـسعادة حقيقية، من سنة زي النهاردة، رويت قلبي العطشان وروحي التايهة بـوجودك بـجانب قلبي، للـدرجة دي ناسية أجمل يوم في حياتي؟!!
ابتعدت تبلع ريقها بــصعوبة، ولمعت عيناها بـالعَبرات تنظر إليه بـأسف:
-آسفة والله نسيت، مش موضوع نسيت، موضوع نوح أصلا، مكنتش،..بدأت تتمتم بعض الكلمات، فـتحدث هو:
-أنا عندي اليوم دا يوم ميلادي ياليلي،
يوم سعادتي على الأرض، رفعت كفيها تلمِسُ وجنتيه وتنظر لـعيناه:
-حتى لو مقربناش من بعض فيه؟!! دفن وجهه بـحنايا عنقها :
-مين قالك السعادة بتكون في الأجساد؟!! السعادة بتكون بـتقارب الأرواح، السعادة بـقرب حبيبك منك بأي شكل حتى لو مجرد نظرة منه تدل على حبه، تمسحت بـصدره من كلماته الشافية لـروحها فـهمست بــ.اسمه:
-راكان.. أنا بحبك أوي، رفعها من خصرها متجهًا للمائدة التي أعدها، وبها جميع الأطعمة التي تحبها :
-راكان مش بيحبك بس ياليلي، راكان عايش علشان انتِ موجودة بـحياته.. ابتسامة رضا فقط تعبيرا لاحساسها بـكينوناتها وانتمائها له..
نظرت للمائدة مشدوهة ثم تركت ذراعه تدور حولها قائلة بــابتسامة:
-ايه دا كله؟! اوعى تقولي إنك الل طبخت؟؟..
جذبها بـقوة حتى ارتطمت بـصدره العريض ينظر لـمقلتيها التي تشبه ظلام الليل قائلًا:
-يعني عشان عارفة ماليش في المطبخ بــتتريقي سيادتك؟!!
رفعت أناملها الرقيقة وسط خصلاته مردفة :
-ربنا يخليك ليا..قالتها وفجأة وجدت نفسها بـالهواء عندما رفعها بين ذراعيه قائلًا:
-حاولت أصبر لحد ما ناكل، بس حضرتك نو إحساس!!..
قهقهت وهي تحرك ساقيها بـالهواء:
-وحياتي ياراكان عايزة آكل قبل الأكل ما يبرد، يرضيك مراتك حبيبتك تنام جعانة، ماهو أنا لو طلعت فوق وحياتك ما هـنزل تاني!!
توقف بعد عدة خطوات، وأنزلها بـهدوء متسائلًا:
-جعانة؟؟..
دنت تحاوط خصره:
-ابنك ولا بنتك معرفش جعانة ولازم تاكل دلوقتي..
سحبها متجهًا بـسرعة للمائدة:
– جلس وأجلسها بـجواره، يُحاوطها بـذراع ويطعمها بـذراعه الآخر..
كانت تراقبه بـنظراتها الحالمة فـأردفت:
-انت مش بتحب الجمبري، ولا أي نوع من السمك، جبته ليه؟؟!..
وضع بعض فصوص الجمبري بـ.فمها قائلًا:
-لازم أحبه، طالما انتِ بتحبيه، مفيش حاجة بتحبيها محبهاش..
ابتسمت بـرضا وتوقفت تجلس على ساقيه واستدارت تطعمه كما يفعل معها..
لم يشعرا بـالوقت وهما يجلسان يتحاوران في مواضيع عدة، حتى انتهيا، اتجهت للـمرحاض عندما شعرت بـالغثيان يجتاح جسدها، فتحرك خلفها سريعًا :
-ليلى رايحة فين؟!!..
رسمت ابتسامة قائلة :
-هـروح اغسل ايدي وراجعة، قالتها وتحركت سريعًا، قامت بإخراج مافي معدتها التي آلامتها بـشدة، هي لم تريد حزنه ولم ترفض الطعام رغم نفورها من رائحته..
شعرت بـالوهن الشديد، فـجلست بـأرضية المرحاض حتى تستعيد نشاطها، وتحجرت عبراتها عندما شعرت بـانتزاع ليلته التي حاول أن يُخرجها من حزنها بـسبب نوح
شعرت بـوجوده خلفها، فـحاولت النهوض سريعًا حتى لا يشعر بـآلامها، ولكنه انحنى يحملها متجهًا لحوض الغسيل وقام بـغسل وجهها وعنقها بـالكامل؛ أغمضت عيناها تضع رأسها بـعنقه مردفة بـصوتها الباكي:
-آسفة، نزعت الليلة منك، حملها يضمها لـصدره بـقوة كـأنها أغلى مايملك:
-فداكي مليون ليلة ياروح راكان..
صعد لـغرفتهما، ووضعها بـهدوء على الفراش، وقام بـخلع حذائها ودثرها:
-هـنزل أشوف حد من الرجالة ال تحت ياخد الأكل علشان يتعشوا، أنا دفيت الأوضة كويس مش هـتبردي..
أمسكت كفيه وهمست :
-متتأخرش ..أمال يطبع قبلة على جبينها مردفًا:
-مقدرش أتاخر، قالها وتحرك للخارج..
شهقة خرجت من فمها تضع كفيها على فمها :
-مكنش المفروض أتعب!! أعمل ايه دلوقتي؟؟
قامت تبحث عن هاتفها، كان جسدها يأن ألمًا حتى شعرت بــارتجاف ساقيها بسبب التقيئ، فـرجعت تجلس مرة أخرى، كانت تريد أن تفعل شيئًا يسعده..
بالأسفل جلس يشعل تبغه وينفثه بـحزنٍ كلما تذكر حالتها وسقوطها على الأرض بـتلك الطريقة يجعل قلبه يتألم، حبها يجري بـعروقه مجرى الدم، بل عشقه عنيف بـدرجة تخطت انفجار فوهة البركان..
انتهى وصعد للأعلى وهو يحمل بعض المشروبات الدافئة، دلف بـهدوء وجدها تجلس بـانتظاره، تعلقت نظراتهما بــابتسامة متسائلًا:
-لسه صاحية؟ فكرتك نمتي!..
هزت رأسها :
-معرفش أنام بعيد عن حضنك..
وضع الذي بيديه وجلس بـجوارها يضمّها لأحضانه :
-لسه تعبانة؟.
حاوطت خصره تهز رأسها بـالنفي:
-بـتعب لما بتبعد عني، رفعت رأسها تنظر لـعيناه:
-زعلان مني مش كدا؟
نظر لها بــ.عينان تهيم عشقًا بـجمال عيناها، يلامس وجنتيها :
-هزعل منك ليه؟! أنا زعلان على تعبك دا، وأنا واقف عاجز ومش عارف اعملك حاجة..
وضعت كفيه على أحشائها تحركها، وابتسامة عذبة تشق ثغرها تنظر لـعيناه:
-دا أجمل تعب، لو التعب دا هـيتعبني أنا عايزة أتعب على طول، كفاية بس يكون روح حبيبي جوا!!..
رعش قلبه من كلماتها، وشعر بـنفسه كـطالبٍ مجتهدٍ فاز بـالتخرج، لقد كرّمته حبيبته بــ.تكريمٍ مغلف بـدقاتِ قلبها، دنى منها ولف خصرها بـذراعيه يقربها منه، وصدره يعلو ويهبط كلما تذكر كلماتها، واضعًا رأسه بـعنقها وأنفاسه تتثاقل شيئًا فـ.شيئًا، خرج من أحضانها ونظراته التي تحاكي وتطلب الكثير والكثير، حتى شعرت به، فـ.دنت هامسة :
-كل سنة وانتَ في حضني ياحبيب عمري..
ماكان عليه سوىٰ أن يعقُد علاقة منفردة، لـيأخذها لـعالمه الساحر الخاص بهما وحدهما، خاطفًا أنفاسها وروحها لجنة عشقهما…
بـالمشفى عند يونس وصلت سيلين، قامت بـالطرق على باب الغرفة، دلفت للداخل عندما لم يجيبها أحد، وجدته يخرج من المرحاض عاري الصدر، ولم يرتدي سوى بنطالًا واسعًا، صرخت به مستديرة تضع كفيها على وجهها :
-ايه قلة الأدب دي؟ انت مش عارف اني جاية؟!!!
جلس كما هو ووضع قدميه فوق الطاولة قائلًا:
-ايه حران!! هو انتِ كمان مش حرانة؟! استدارت كـالقطة الشرسة ودفعته بـ.صدره بـقوة تجز على أسنانها :
-انتَ واحد حقير يايونس، ومتفكرش اني هـصدق لعبتك الحقيرة انت وبنت عمك المحترمة، أنا مسحتك من حياتي، تتجوز ولا متتجوزش ميهمنيش!!
نهض يجذها بـقوة حتى أصبحت بـأحضانه بـالكامل، وهمس بـجوار أُذنها:
-انتِ ماضي ومسحته ياسيلي هانم، مفيش مسرحية ولا حاجة، أنا وسارة هنتجوز قريب، فــ.إنتِ بح، كان فيه منه وخلص، مبقتيش تهميني!!
ركلته بـقدمها، واستدارت تلكمه صارخة به :
-ميهمنيش حتى لو فرحك بكرة، ضربت على صدرها بـقوة وانسدلت عبراتها:
-انا بكرهك وبكره قلبي ال كل مرة بـدوس عليه وبـيسامحك، اقتربت منه ونظرت داخل مقلتيه:
-أقسم بالله يايونس لأمحيك من حياتي، ومن اللحظة دي انتَ ماضي ومسحته بـأقذر مسّاحة..
جنّ جنونه فــالآن الألم بـداخله متحدًا مع غضبه من كلماتها التي أشعلت فتيل نيرانه، حتى شعر بـغيرته المجنونة ولم يرى سوىٰ نظرات ذاك المدعو يعقوب إليها، فـ.دفعها بـقوة على الفراش يحتويها بـجسده ولم يشعر بـحاله وهو ينقض عليها كــالحيوان المفترس يقتنص كل مايقابله..
بـ.فيلا النمساوي..
كانت تتسطح على بطنها تشاهد بعض الماركات العالمية، قاطعها رنين هاتفها:
-حضرة المستشار مع الباشمهندسة في بيت المزرعة ياهانم..
هبّت تجلس على الفراش:
-إمتى الكلام دا؟!!..أجابها الرجل
-من حوالي ساعتين وأكتر، من الساعة تسعة طلعوا من المستشفى على بيت المزرعة..
-لسة جاي تقولي يامتخلف!!! فيه حد تاني معاهم؟!
تحرك الرجل عندما شعر بـ.حركة خلفه، ولم يكمل حديثه عندما اُختِطف هاتفه، من يده:
-امشي قدامي ياحيوان، قالها بهاء وهو يسحبه متجهًا للداخل..
عند عايدة..
صارت كـالمجنونة بعدما وصل جلال واعترف أمامها :
-أيوه ابني، من حقي يكون عندي ولد، نسيتي إنك رفضتي تخلفي بعد البنات، ونسيتي إنك زوجة، كل همّك تخططي ازاي تتخلصي من زينب!! ونسيتي يا هانم إن جوزك له حق عليكي!!!
اتجهت كـالمجنون وهي تُمسك سلاحه، وتوقفت أمام زينب وأسعد تصرخ فيهما :
-فين الولد ال جه هنا النهاردة؟!!
عند راكان وليلى..
جلس بـجوارها يُراقب كل حركة حتى أنفاسها، يمسد على خصلاتها ويزيحها بعيدًا عن عينيها :
فَرَد جسده ومازالت نظراته تعانقها هامسًا بـالقرب منها :
-معقول الحب يغير الإنسان كدا؟!! ابتسمت من بين نومها هامسة له:
-بحبك أوي..جذبها لـصدرهِ وما زالت أنامله تتخلل خصلاتها مجيبًا عليها؛
-وأنا بعشقك اوي اوي
بـالمشفى عند نوح:
كان الجميع نيام، دلفت احدى الممرضات متجهة إلى محلوله، وغرزت تلك الإبرة بـمحلوله واتجهت للخارج سريعًا، إلا أنها اصطدمت به، نظر إليها بـنظرات جحيمية:
-أنتِ مين؟ وبتعملي ايه هنا؟!!!
الفصل التالي: اضغط هنا
يتبع.. (رواية عازف بنيران قلبي) اضغط على اسم الرواية لتجد الفهرس كاملاً بجميع الفصول.