رواية الحب كما ينبغي – الفصل السابع والعشرون
الفصل السابع والعشرون
الحب كما ينبغي.
فاطمة محمد.
الفصل السابع والعشرون:
تعجب “صابـر” من حالهم والذي تبدل إلى السكون التام محملقين بالشاشة لا تخرج أصواتهم.
تقدم خطوة واحدة وهو يستفسر منهم:
-في إيـه مالكم متنحين كدة لية؟.
لم يرد عليه أي منهم، مما جعله يردد بعزم وهو يدنو منهم لـ يرأى سبب تلك الحالة:
-لا ده أنا اشوف بقى وسعلي كدة أنت وهو.
أزاح “يوسف” ليحل محله محدقًا بهاتف محمد في ذات اللحظة التي خرج بها صوت فريـد يخبرهم:
-في إيـه مالكم… دي هيفاء صديقتي اتعرفت عليها هنا.
انهى كلماته مبصرًا تلك الفتاة التي كانت ترافقه في تناول الطعام بإحدى المطاعم جالسة أمامه ولكن ما أن بدأ حديثه معهم حتى شعرت بالفضول و رغبت بالتعرف عليهم لتبدل مقعدها وتجلس بجواره لتظهر بوضوح لعائلتـه.
فقد كانت فائقة الجمال تتسم ببشرة برونزية خصلات سوداء كثيفة مموجة عيونها بلون السماء واسعة ذات رموش طويلة قادرة على أسر وسحر من يراها وتقع عينه عليها.
وقبل أن تتحدث الفتاة وترحب بهم كان مروان يسبقها موافقًا على حديث فريـد:
-هي هيفاء فعلًا أنت مبتكدبش، لازم تبقى هيفاء، منين دي يا واد و وقعت عليها فين انطق بسرعـــة.
ابتسمت الفتاة وقالت مرحبة بهم:
-هاي جدو..هاي شباب..أنا هيفاء من أب مصري و أم إيطالية ومقيمة هنا.
فارق صابـر مكانه مبتعدًا عنهم مثبتًا بصره على أحمد.
ومن جديد علق مروان سابقًا الجميع متمتم:
-جدو إيـه ده أنتي اللي جدو..قوليلي مروان ولا أقولك قوليلي ميرو أنا بحب اللي يقولي يا ميرو.
ضحكت الفتاة واستجابت لطلبه مرددة:
-أوك يا ميرو…أحمد ألف سلامة عليك فريـد كان قلقان جدًا عليك من أول ما سمع اللي حصلك وهو قاعد على أعصابه مهديش غير لما شافك دلوقتي فـ ألف حمد الله على سلامتك.
اخفض أحمد بصره عنها مجيبًا على سؤالها عن حالته بتلجلج بسيط:
-السلام عليكم و رحمة الله وبركاته أختاه هيفاء، الله يسلمك تسلمي يارب..ربنا يخليكي شكرًا على ذوقك.
رفع آسـر يديه وهو يبتسم يعرف نفسه :
-هـاي هيفاء أنا آسر ابن عمه أكيد حكالك عني صح.
نفت الفتاة حدوث هذا قائلة:
-بصراحة لا أعرف اسمك بس، فيرو محكليش عنك حكالي بس على يوسف مين فيكم يوسف.
ارتفع حاجب آسـر وقال معجبًا بما يحدث مخمنًا وجود شيء بينها وبين ابن عمه رُبما قصة حب قد نشأت بينهم بتلك الفترة القصيرة أو ربما على وشك أن تبدأ.
صُدم يوسف ورفع رأسه الذي كان يطرقها للأسفل أثناء تحدثهم وبعدما ابعده صابـر.
كذلك لم يختلف حال فريـد عنه وقبل أن يفعل أو يقول أي شيء، كان مروان يتدخل مصوب حديثه لـ يوسف:
-يوسف أهو تعالى يا يوسف اتعرف على هيفاء….وسع كده ياض يا آسـر متبقاش لازقة وتنح وأنت يا محمد يا حبيبي هات الموبايل ريح أيدك أكيد وجعتك ناولني التليفون ده.
انتشل الهاتف بالفعل من يد محمد والذي انسحب هو الآخر و ذهب واقفًا بجوار صابـر أما يوسف فلم يتحرك من مكانه وظل واقفًا متسمرًا يعجز عن فهم ما عليه فعله.
انتهز آسـر تلك الفرصة للإصلاح بين يوسف وفريـد فسارع بالتحرك كي يأتي بـ يوسف..
فـ ابتسم مروان من ابتعاده ظنًا من أنه قد استمع لكلماته وابتعد بالفعل.
آتى آسـر بـ يوسف وهو يحاوط عنقه مصوبًا حديثه إلى هيفاء:
-هو ده يوسف يا هيفاء.
ابتسمت له هيفاء و رفعت يديها ترحب به بحفاوة شديدة:
-هـاي يا يوسف فريـد حكالي عنك كتير أوي متتخيلش بيحبك إزاي وأنا مبسوطة أني اتعرفت عليك.
احتج مروان وسألها:
-طب وأنا يا هيفاء؟؟محكلكيش عني ؟؟ إزاي يا زفت أنت قصدي يا فريـد يا حبيبي متحكلهاش عن مروان وشقاوة مروان وخفة دم مروان.
كان فريـد بعالم آخر يطالع يوسف مطرق الرأس والذي سلبه مروان حقه بالإيجاب مسبقا إياه في الحديث.
وعلى حين غرة وبحركة غير متوقعة بالمرة خرج سؤال فريـد مصوبًا إليه :
-أزيك يا يوسف عامل إيـه واحشني يا صاحبي.
رفع يوسف رأسه يبصره بصدمة واضحة وما كاد مروان أن يتحدث ويقطع ما يحدث حتى اندفع آسـر وانتشل الهاتف من يد مروان وهو يردد:
-هات بقى التليفون ده علشان أنا زهقت منك يا جدو ولا بلاش جدو عشان بتزعلك خليها مروان.
اخذ الهاتف منه وقذفه لـ يوسف بالهواء وهو يحثه على التقاطه كي يأخذ راحته بالحديث مع فريـد وينتهي سوء الفهم بينهم ويتصالحان معًا بعد طول خصام.
اتسعت عين محمد وهوى قلبه مع هاتفه الذي كان يطير بالهواء……..
التقط يوسف الهاتف مما جعل محمد يتنفس الصعداء.
نظر يوسف بالشاشة محدقًا بـ فريـد وهو يجيب على سؤاله بسعادة:
-أنا بخير أنت أخبارك إيــه.
حاول مروان الوصول إلى يوسف كي يأخذ منه الهاتف ويسترسل حديثه مع تلك الفتاة الفاتنة ولكن وقف له آسـر وهو يردد:
-وربنا ما هتاخده هي خلاص عششت في دماغي واحترم نفسك يا مروان وإلا والله هفضحك عند تيتا وأقولها عمايلك المهببة.
-مروان تاني ها ده أنت مصمم تموت النهاردة.
-مين عالم أنا لسة في عز شبابي والدور والباقي على حضرتك فـ نصيحة مني اعمل لـ اخرتك وصون تيتا علشان أنا مقبلش الخيانة ليها.
-أنت هتديني مواعظ يــالا يا صايـع يا ضايــع يا بتاع البنات أنت يا اللي كل العيلة عارفة أنك خاربها والله لعضك يا ابن عابـد.
وبالفعل اقترب مروان من آسـر يلتهم المسافة التي تفصله عنه منحنيًا برأسه تجاه كتفيه ليغرز أسنانه بـه ويعضه بقوة.
لم يتحمل أحمد ومحمد هذا المنظر وانفجر الاثنان ضحكًا على ما يحدث بين مروان وآســر.
أما يوسف فـ أغلق مع فريـد وهو يخبره بأنه سيعاود الاتصال به مرة أخرى.
تأوه آسـر من عضة مروان بكتفيه فابتعد عنه مروان وهو ينظر له بشزر وما هي إلا ثواني وكان يعيد هجومه ويقوم بعضه تلك المرة في ذراعه.
نفذ صبر صابـر والتقط نفسًا طويلًا ثم زفره وعلى الفور اقترب من مروان ليقوم بمقاطعة عضته جاذبًا إياه بقوة مسببًا في مضاعفة ألم آسـر الذي كان يحاول الفكاك وإبعاد مروان عنه…
فتح صابـر باب الغرفة وهو لا يزال يسحب معه مروان وكأنه شرطي قد امسك باللص للتو ويأبى تركه أو الإفراج عنه.
لا يبالي أو يهتم بصراخ وصياح مروان لتحريره:
-سيبني ياض سيبني يــالا.
اخرجه من الغرفة مغلق الباب في وجهه مقتربًا من آسـر تلك المرة بسرعة البرق والذي كان يتألم من فعله مروان ليكرر فعلته و يضعه خارج الغرفة سريعًا لينشغل مروان مع آسر الذي خرج هو الآخر.
لم يقف الأمر أو ينتهي عند هذا الحد بل شمل محمد أيضًا ممسكًا به بذات الشكل يدفعه خارج الغرفة مما جعل محمد يتساءل:
-عملت إيـه أنا طيب مفتحتش بُقي على فكرة.
وبالأخير جاء دور يوسف والذي ما أن مسكه صابـر حتى قال له بهدوء:
-والله ما عملت حاجة يا صابـر أنا كنت ساكت مفتحتش بُقى جدك اللي عض آسـر وآسـر اللي اتخانق معاه.
انكمش وجه أحمد تعاطفًا مع يوسف فقال :
-خلاص يا صابـر سيبه صعب عليا يوسف أصلًا غلبان سيبه بليز.
لم ينصت إليه صابـر ومع خروج يوسف وصياح مروان الذي مسك بـ آسـر مجددًا.
اغلق الباب من جديد ثم دنا من أحمد والذي ضاقت عيناه وهو يقول بتردد:
-في إيـه هتطردني أنا كمان ولا إيـه والله أنا كنت حاسس أنك طمعان في السرير وعايز تستفرد بيه.
وقف صابـر أمامه قائلًا بجدية:
-أنت لازم ترتاح فـ متتعبش نفسك بالكلام دلوقتي، يلا نـام وأنا موجود جمبك مش هروح في حتة يلا.
لم يصدق أحمد ما يسمعه وراقبه بأعين كالصقر وهو يراه يهتم به ويقوم بجذب الغطاء عليه يهندمه له مبتسمًا له ابتسامة مشرقة حنونة لأقصى درجة………………….
أما بالخارج وأثناء شجار آسـر ومروان لم يتدخل يوسف أو محمد وابتعدا عن الاثنان فكان هاتف محمد لايزال يتواجد مع يوسف.
لحظات وكان يعلو صوت رنينه.
رفعه يوسف يبصر شاشته فقد ظن لوهلة أنـه فريـد وقد عاود الاتصال من جديد ولكن وجدها “إسلام”.
مما جعله يقترب من محمد ويمد يده بالهاتف وهو يخبره:
-محمد إسلام بتتصل.
تفاجئ محمد وتراقص قلبه من خبر اتصالها فـ انتشل الهاتف بسرعة البرق يجيب عليها بلهفة واضحة لم تخفى عنها:
-ألــو.
كان رده من كلمة واحدة ولكن نبرة صوته كانت تعبر وتعكس مدى اشتياقه وتوقه لها.
سعادته من اتصالها الغير متوقع بالمرة.
ابتلعت ريقها وهي تستجمع شتاتها وكامل قوتها قائلة بصوت مبحوح:
-أحمد عامل إيـه دلوقتي ممكن تطمنا عليه؟؟.
خابت آماله وتحطم سقف توقعاته فلم تتصل للسؤال عنه فـ لوهلة تناسى ما حدث مع أحمد وانشغل عقله بها تمامًا كـ قلبه.
ولكن سرعان ما نهر نفسه وهو يخبر نفسه بـ أنـه لا بأس بالوقت الحالي ويكفي اتصالها.
فصوتها كفيل ليصنع يومه ويجعله سعيدًا لنهاية اليوم.
أجاب على سؤالها و طمأنها عليه وما أن نالت مرادها من الاتصال وهو معرفة حالته وبأي مستشفى يتواجد أنهت المكالمة معه.
بعد إغلاقها اقترب يوسف منه بعدما ابتعد وترك له مساحة للتحدث براحة.
سأله وهو يتفحص وجهه:
-أنت كويس يا محمد؟
أكد له محمد وهو يبتسم له :
-الحمدلله بخير.
أطال النظر داخل عيناه وبعد دقيقة هتف نافيًا كلماته:
-بس عينك مش بتقول كدة في حاجة حصلت معاك؟
رفع يديه و ربت على ذراعيه يخبره بهدوء:
-مش وقته يا يوسف بعدين نبقى نتكلم.
~~~~♡♡♡♡~~~~
سحب “صابـر” المقعد وجلس بجوار أحمد الذي غط سريعًا في النوم.
أطال النظر إليه وفي مراقبته أثناء نومـه.
تعتريه و تتملكه رغبة قوية بالبقاء جواره وعدم تركه وحيدًا حتى ولو كان نائمًا.
لا يريد أن يجعله يشعر بالوحدة أو أن الجميع قد تركه و ذهب بل يريده أن يراه بمجرد استيقاظه من تلك الغفوة.
ومع استمرار مراقبته له بدأ يشعر بالغضب و السخط من نفسه ومن معاملته القاسية السابقة له.
متوعدًا بينه وبينه نفسه أن يجعله ينسى كل هذا ويبدأ معه من جديد.
زفر أنفاسه ثم مد يده ملتقطًا يد أحمد بين كفيه ممسكًا بهم بقوة وكأنه يمنحه شعور بالراحة والطمأنينة هامسًا له بتلك الكلمات:
-أنا أسف، أسف على كل لحظة وثانية ضايقتك فيها وقسيت عليك فيها بس أنا عايزك تعرف أني بحبك يا أحمد.
صمت لوهلة ثم تابع بذات الصوت الهامس ولكن بدموع تلفح بشرته:
-عُمري ما كرهتك ولو وصلتلك الشعور أو الإحساس ده فـ أنا أسف سامحني يا أحمد أنا بحبك على فكرة بحبك أوي ويمكن كمان أكون أنا أكتر بني آدم في الدنيا دي بيحبك، أكتر حتى من ماما و بابا و زهر مكانتك عندي مختلفة وفوق أوي مستحيل يجي حد ياخد مكانتك في قلبي.
فعل صابـر للتو مثلما فعل أحمد مسبقًا وتحدث معه أثناء نومه بجواره بمنزل يوسف معترفًا بكل ما يجتاح صدره من مشاعر وحب صادق تجاه أخيه الحبيب العزيز.
ولكن ليس بمفرده الذي فعل هذا، فهو الآخر فعل مثل صابـر.
لم يكن نائمًا و استطاع بمهارة فائقة في التمثيل والتزييف أن يخدعه ويقنعه بأنه بات نائمًا.
انتبه صابـر لتلك الدموع التي هبطت من عين أحمد أثناء نومه وقبل أن يخطو لفعل أو قول شيء خرج صوت أحمد متمتم بأعين مغلقة:
-أسامحك دي لو أنا زعلان منك بس أنا مبعرفش ازعل منك يا صابـر أنت أخويا، توأمي……..لما بتزعل بزعل لزعلك ولما بتفرح بفرح لفرحك وبكره نفسي لما بضايقك بقعد ألوم نفسي كتير و بندم والله.
مع انتهائه من قول ما لديه معقبًا على كلمات صابـر فتح عينيه يبصر صابـر والذي لم يكن أفضل حال منه بل كان أسوء بمراحل.
اكفهر وجه وعبس بشدة وهو يراه بتلك الحالة من الحزن والبكاء.
لأول مرة يتحول من صابـر لوح الثلج إلى آخر يشبه الأطفال في بكائهم وحزنهم.
احتله الضيق واعتدل قليلًا مستندًا بظهره بظهر الفراش ضاغطًا على يد صابـر مستعينًا بيده الأخرى يحاوط يداه الاثنان الممسكه بيده من بداية حديثه قائلًا بجدية امتزجت بشيء من العتاب:
-متعيطش، صابـر أخويا ميعيطش ولو في حد لازم يعتذر فـ أكيد مش أنت أنا اللي كنت بضايقك وانرفزك أنا اللي كنت لا أطاق ومحدش يستحملني المشكلة كانت فيا أنا مش فيك أنت صدقني يا صابـر.
هز صابـر رأسه ينفى تلك الإتهامات التي صوبها أحمد إلى نفسه قائلًا:
-لا عُمر المشكلة ما كانت فيك، أنت بتقول كدة علشاني كل ما كنت بتحاول تقرب مني كنت بصدك وببعدك بس أنت رغم صدي وبعدي عنك مكنتش بتمل أو بتوقف محاولات كنت بتكمل وكل ما ابعدك تقرب أكتر وأنا كنت بفرح لما بشوف ده أو احس أنك متمسك بيا أوقات كتير كنت ببقى عايز أتكلم معاك ارغي افضفض بس كنت بتراجع في آخر لحظة، سمعتك لما قولت أنك عارف سري واحتفظت بيه ومقولتوش لحد واحترمت رغبتي في ده وده خلاني وقتها معرفش انام و اراجع نفسي طول الليل في كل حاجة حصلت واعرف قد إيـه أنا كنت وحش معاك.
-متقولش كدة أنت مش وحش يا صابـر أخويا مش وحش أنت سامع متقولش على نفسك كدة علشان مزعلكش مني…
-لا وحش وأوي كمان…أقولك على حاجة كمان، أنا كنت بغير لما اشوفك قريب من يوسف أو محمد أو فريد، كنت بغير لما تهزر و تضحك مع آسـر كنت ببقى عايز امسكه اعجنه كنت بمسك نفسي عنكم بالعافية.
ابتسم أحمد وازدادت لمعة عينيه وهو يعقب بسعادة من تلك التصريحات التي ادخلت البهجة إلى قلبه:
-أيوة خدت بالي من شوية لما وقفتله ومرضتش تخليه يحضني كنت سيبه هي جت عليه أما بصحيح قطاع ارزاق و………..
تصنم وتسمر أحمد من فعلة صابـر المفاجئة والتي جعلت دقات قلبه تتزايد.
وأخيرًا اندفع نحوه وعانقه أثناء حديثه مسببًا في ابتلاعه باقي حديثه مصدومًا بل سعيدًا بطريقة لا يمكن وصفها.
فاق من صدمته ليبادله عناقه بقوة وحب فقد حظى بعناق منه بعد طول غياب و انتظار.
لم يلتزم صابـر بالسكون أثناء احتضانه له بل تابع مصرحًا له وهو يربت على ظهره بحنان شديد ونبرة دافئة لمست قلب أحمد:
-طول ما أنا فيا نفس محدش هيزعلك تاني ولا هيجي عليك لا أنا ولا أي بني آدم خلقه ربنا…
~~~~♡♡♡♡~~~~
في منزل عائلة ريهـام، تجاور والدها في جلسته على الأريكة فـ منذ تلك اللحظة التي فارق بها ياسين المنزل وهما يرفضان تركها إلا للنوم يتحدثان ويمزحان معها، فقد تبدل رأي والدتها هي الأخرى بعدما رأت تصرفات ياسين الوقحة معها أمام عيونهم.
كذلك لم يتناسى زوجها الحديث معها فـ بالنهاية لا يرغبان ولا يطمحان سوى بسعادتها.
وطالما لا تجد تلك السعادة معه فمفارقته هي القرار الأفضل و الصائب.
فقد كانت تتابع فيلم ما معهم ولكنها شعرت بملل وضجر ولم تعد ترغب بإكماله.
اخذت الهاتف القابع بجوارها على الأريكة وبجوار قدميها لتعبث به وتقلب به لعلها تكسر ذلك الشعور بالحزن والتعاسة والضجر.
مرت دقائق ولم تشعر بمرور الوقت..
دقائق مرت بسلام كانت تشاهد المقاطع التي تأتي أمامها ولكن قاطع ما تفعله طلب الصداقة الذي وصل إليها.
ضاقت عينيها بعض الشيء وهي تفتح الحساب لترى صاحبته فقد كان الحساب باسم (ياسمين) فقط.
رأت صور الفتاة ولكن لم تتعرف عليها و شعرت بالريبة والإشمئزاز من صورها و طريقتها بهم…
وبتلك الأثناء انتبهت إلى أشعار آخر يخبرها بأنها ترغب بالتواصل معها من خلال المراسلة.
فتحت المحادثة لتجد تلك الرسالة:
«شقتك حلوة أوي يا ريهام ذوقك عالي يا بنت الإيـه بس عارفة إيـه أكتر حاجة عجبتني…أوضة النوم ياريت تتخانقي مع ياسين كدة كتير أو أقولك مترجعيش احسن.»
قبلت ريهام أن تحادثها كي تتمكن من الرد عليها و بعد أن قبلت وأثناء كتابتها لردها توقفت وهي ترى تلك الصور التي وصلت إليها والتي كانت لتلك الفتاة بصحبة زوجها…
صور بشعة لهما معًا لم تتحملها.
لم تتوقف ياسمين عند إرسال صورهم التي التقتطها قبل وقت ليس ببعيد، بل تابعت مرسلة صور أخرى وهي تتواجد بمنزلها…منزل الزوجية…
تتواجد داخل غرفة نومها حقًا.
لم تكن تكذب!!
لم تكتفي ياسمين بتلك الصورة بل تابعت إرسال صور لها وهي تتواجد بكل زواية بمنزلها.
بل و وصلت وقاحتها إلى التصوير مع تلك الصور التي تعود لإيام خطوبتهم وحفل زفافهم والتي قامت ريهام بتعليقهم على حائط منزلها..
تجمدت مكانهـا…..
لم تظلمه كانت محقة لم يكذب إحساسها فهو بالفعل خائن لم يكتفي بخيانته لها ببداية زواجهم بل وصل به الحد إلى جلب عشيقته إلى منزلها أثناء غيابها.
ابتسمت بمرارة بالبادئ…
وتدريجيًا بدأ يعلو صوت ضحكاتها تحت دهشة والدها و والدتها..
اقترب عصام منها مدهوشًا من حالتها يسألها:
-بتضحكي على إيـه يا ريهام!!
لم تجيب وظلت تضحك تعلو ضحكاتها بطريقة جنونية.
ضحكات سرعان ما تحولت لبكاء عنيف وانهيار.
على الرغم من إدراكها وإحساسها بخيانته إلا أن رؤيتها لهذا الأمر بعينيها كان صعبًا للغاية.
ارتعب عصام من حالة ابنته فسألها برعب عليها:
-مالك يا ريهام متقلقنيش في إيـه..
نظرت إليه بعينيها الباكية الحمراء ومدت يديها بالهاتف بوهن وضعف مستسلمة لوجعها وألمها.
أخذ عصام الهاتف من يديها ليسقط بصره على صور تعود لزوج ابنته برهان على خيانته وصدق إحساسها.
خرج صوت عبلة المذهولة من الموقف بأكمله:
-في إيـه يا عصام.
غضب عصام كما لم يحدث معه من قبل ترك الهاتف و أوشك على الرحيل لولا إمسكاها به وارتمائها داخل أحضانه تخبره بوجع ومن بين بكائها :
-خليك معايا يا بابا متسبنيش ميستاهلش مترحلوش خليك بس معايا..
التقطت عبلة الهاتف الذي تركه عصام وسرعان ما خرجت شهقة منها من هول ما رأت مرددة بصدمة……………
-يا مصيبتي…
~~~~♡♡♡♡~~~~
عاد الشباب مرة أخرى إلى غرفة أحمد بعدما جاءت عائلة والدته للإطمئنان عليه وما أن فعلوا و وجدوه بخير غادروا برفقة مروان الذي لم يكن يريد الذهاب ويرغب بالبقاء وبالتأكيد لم تتوقف مشاحناته مع آسـر خلال وجود العائلة.
أما عن وسام و زهر وبعد سؤال أحمد عنهم أخبره صابـر بأنه لم يخبرهم بشيء وأخبر الجميع بألا يخبرهم أحد ويخرب عليهم رحلتهم فـ استحسن أحمد فعلته وتصرفه.
بعد رحيل العائلة هتف محمد هو الآخر:
-أحمد أنا هروح أغير هدومي وأنام شوية واجيلك بكرة بأذن الله.
هتف أحمد مجيبًا عليه يشجعه على الذهاب:
-أيوة روح وأنتوا كمان روحوا ارتاحوا.
صوب كلماته الأخيرة الى يوسف، آسـر، قُصي…
وافق آسـر أولًا قائلًا باستحسان لحديثه:
-أيوة أنا محتاج أروح فعلًا واريح حبة جدك مروان فرهدني، بس مش هتأخر عليك يا حمادة هجيلك علطول.
اندفع صابـر وعقب على كلمات آسـر بغيرة طفيفة:
-ولا تجيله على طول ولا تجيله على عرض أنت متجيش أصلًا بقولكم إيه محدش يجي هنا تاني خلاص هو خلاص بقى كويس مش أنت كويس يا أحمد هزلهم رأسك كدة علشان البهوات يطمنوا ويرحمونا من طلتهم البهية.
انعقد حاجبي يوسف وهو يسأله بهدوء:
-يعني إيـه يا صابـر؟ مينفعش طبعًا نعمل كدة حتى لو بقى كويس مينفعش منجيش، أحنا عيلة واحدة، والعيلة الواحدة لازم تقف وتساند بعضها في الحزن قبل الفرح.
أعجب أحمد بحديث يوسف فمنحه بسمة وهو يوافق على كلماته التي نالت إعجابه:
-صح يا يوسف كلام مية مية.
مع نطقه الأخيرة أبصر صابـر لتتبخر بسمته وهو يستشعر غيرته فصاح مغيرًا حديثه:
-غلط يا يوسف كلام زيرو زيرو.
بعد انتهائه لاحقه صابـر معقبًا على حديث يوسف:
-أنا نفعته خلاص واللي بقول عليه هو اللي هيحصل يلا من غير مطرود بقى أنت وهو وهو متصدعوناش.
عقب آسـر معترضًا على طريقته وأسلوبه بالحديث معهم:
-في إيـه يا جدع أنت مالك مش مضبوط ليه وعايز تسربنا ليه أنا شامم ريحة مش حلوة.
رد صابر يسخر منه:
-ريحتك أكيد روح بقى علشان تستحمى.
مجددًا احتلت البسمة وجه أحمد وهو يردد محدثًا آسـر:
-شايف طلع عايزك تروح علشان مصلحتك خايف عليك الناس تشمك.
هنا وبدأ يوسف يقرب أنفه من نفسه ثم من آسر فلم يشم أي شيء.
وأثناء تفحصه ذلك هتف قُصي وهو يسبقهم:
-أنا هروح سلام عليكم يا شباب.
رد آسـر عليه وهو يلحقه:
-وأنا كمان خدني في إيدك مش قادر اقف ولا اقعد أكتر من كدة محتاج أنام وأفرد جسمي اللي مدغدغ ده.
فتح قُصي الباب في ذات اللحظة التي كانت ترفع جهاد يديها وعلى مشارف الطرق.
ومن خلفها كل من روضة وضياء التي لم ترغب بترك توأمتها وأصرت على القدوم معهم، رافضين أخذ رضا معهم والتي ظلت تبكي لتذهب رفقتهم ولكنهم رفضوا وثبتوا على موقفهم معها.
تواجد آسـر خلف قُصي على وشك الرحيل ولكن وقع بصره على الثلاث شقيقات.
وتحديدًا تلك الذي تهرب من عينيها في آخر لقاء بينهما.
ابتلع ريقه وكرر فعلته بالتهرب من عيونها ليخرج صوت جهاد وهي تسألهم:
-أحمد صاحي؟
استمع كل من يوسف ومحمد إلى صوت جهاد مما جعلهما يتحركان ويبصران جهاد أو ما خلف جهاد إذا صح القول..
بحثت أعين محمد عن إسلام ولكنه لم يراها أو يجدها مما جعل سعادته تذهب في مهب الريح.
لم يختلف حال يوسف عنه وكان مشابهًا له باحثًا عن برق ولكنها لم تأتي هي الآخرى مما جعله يعود لمحله واقفًا خائب الأمل.
رد عليها قُصي وهو يتراجع للخلف هو وآسر يفسحان مجالًا لهم بالمرور.
دخل الثلاث فتيات وعلى الفور وقعت عين صابر على جهاد وتابع بهدوء تقدمها من الفراش القابع عليه شقيقه.
شقيقه الذي تسبب في بكاء روضة طوال الليل لتدرك حقيقة ما تكنه له بداخلها وبداخل قلبها.
ثبتت عينيها التي كانت تتلهف لرؤياه من جديد سالمًا غانمًا تحتضن تلك الباقة من الورود البيضاء التي آتت له بها.
فها هي تراه بخير وينظر لها لتتقابل عيونهم بنظرة سريعة خاطفة أثناء حديث جهاد وهي تسأله:
-عامل إيـه دلوقتي.
-الحمدللـه يا أخت جهاد.
-اتجدعن بقى كدة وخف بسرعة وقوم واجري واتنطط واتشقلب والله يا أحمد وما ليك عليا حلفان افتقدت الفصحى بتاعتك وطريقتك العجيبة الغريبة المريبة في الكلام.
رد عليها أحمد يمزح معها:
-مش قادر أفهم ده حاجة حلوة ولا وحشة بس أنا حسيتها حاجة حلوة فـ هعتمد أنها حلوة.
أثنـاء حديثهم عاد آسـر من مكانه عند الباب واقفًا بجوار صابـر عاقدًا ساعديه أمام صدره مما جعل صابـر يناظره بدهشة ويسأله على مسمع ومرآى من الجميع:
-هو أنت مش كنت ماشي؟
-مين أنا؟!!
-أومال أنا؟
تنحنح آسـر وهو يجيبه بهدوء يتحلى به ظاهريًا فلا يدري أحد عما حدث به منذ أن آتت ورآها:
-أكيد مش همشي يعني وأسيب أحمد لوحده أنا عندي دم برضو وبحس.
شعر محمد بالإختناق من عدم مجئ إسلام فقال وهو على أتم استعداد للرحيل:
-أنا ماشي هجيلك بكرة يا أحمد.
وافقه يوسف وكذلك قُصي ورحل الثلاث.
لم يعد يتبقى سوى أحمد وصابـر وآسـر والثلاث فتيات…..
اقتربت روضة من أحمد بعد تشجيع من جهاد وإشارة من عينيها تحثها على الاقتراب والتحدث.
مدت يدها التي تحمل باقة الورد وهي تردف بهدوء:
-ألف سلامة عليك وحمدالله على سلامتك، أتفضل.
ابتسم أحمد ونال منها الورود وهو يمزح معها:
-الله يخليكي، والله افتكرته مش ليا، إيـه ده أنتي معيطة ولا إيـه.!!
هتف أحمد حديثه الأخير بعدما لاحظ عينيها والتي يتضح عليها أثر البكاء فقد كانت منتفخة مما يدل ويفضح أمر بكائها وأنهيارها.
صُدمت من معرفته فقد تحاشت النظر داخل عينيه مباشرة، ولكنه استطاع وبكل سهولة إدراك بكائها.
نظرت إليه وتقابلت عيونهم من جديد ولكن تلك المرة لم تكن النظرة خاطفة.
قد كانت قلقة حنونه من تجاهه..
ومصدومة تحوى العديد من الأسئلة منها هي.
كيف يسمح لنفسه أن يكون متفهمًا لتلك الدرجة!؟
كيف يجعل قلبها يخفق له بتلك البساطة!!!
كيف له أن يفعل كل هذا بها وبقلبها الصغير!!!
وقبل أن تنكر سبقتها ضياء تجيب على أستفسار أحمد مدركة بأن روضة على وشك الكذب:
-أيـوة من ساعة اللي حصلك مبطلتش عياط.
تدخل آسـر مضيفًا على حديث ضياء دون أن ينظر إليها بل كان صاببًا كافة أنظاره تجاه أحمد متحدثًا بتلميح:
-أيوة وأمبارح أول ما شافتني أنا وصابر سألت عليك واضح أنها قلقانة عليك جدًا بس أطمني وحطي في بطنك بطيخة صيفي هو الحمدلله كويس.
اغتاظت روضة منه ومن تلميحه وندمت للحظة على اندفاعها وسؤالها فنظرت إليه قائلة:
-ممكن تخليك في حالك بعد إذنك يعني محدش طلب منك رأيك.
تسببت في إحراجه مما جعله يرفع حاجبيه ويتأكد أكثر من مشاعر تلك الفتاة تجاه أحمد.
وبالحقيقة لم يغضب مما حدث بل سعد وفرح لـ أحمد متيقنًا بأن هناك قصة حب على وشك النشوب بين الاثنان….
تدخل أحمد مازحًا بعد إحراج روضة لـ آسـر يعقب على كلماتها:
-ولو مفيش بطيخ ممكن تحط برتقال أو يوسفي.
خرج صوت جهاد تخبر أحمد بجدية بعد أن تذكرت:
-صحيح البوليس قبض على الروش امبارح وسمعت أنهم فتشوا بيته ولقوا المطوة اللي ضربك بيها وسمعت كمان أنه قر واعترف.
تدخل صابر في حديثها متحدث بسخرية:
-بسم الله ما شاء الله بقى كل ده عرفتيه وسمعتيه.
أكدت وهي تنظر له ولا ترى غيره:
-أومال ده أنا جهاد برضو.
التوى ثغر صابـر ببسمة جانبية ينظر لـ أحمد قائلًا:
-كنت قولت أن صوتها شبة صوت نانسي عجرم علشان كدة مألوف بالنسبالي بس حاليًا لسة عند كلامي والصوت ده أنا عارفه ومتقوليش شبه صوت نانسي تاني.
تبادل أحمد وجهاد النظرات سريعًا ثم ضحك أحمد يجيبه تحت أنظار الجميع:
-مين قالك كدة أنت بيجيلك زهايمر زي جدو ميرو ولا إيـه ده أنا قولتلك في حتة من شيرين..
علق صابر بمرح كبير:
-يا راجــــل!!!! بقى أنت قولت شيرين يعني مقولتش نانسي مش كدة.
-محصلش قولت شيرين حتى قولتلها وقتها لو تفتكر غنيلة يا جهاد آه يا ليل أو…
خرج صوت جهاد ترمي بتلميح تحت أنظار روضة وضياء المتابعان لحديثهم ولا يفقهان شيء مما يدور:
-أو على بالــي..
-أهو شوفت جبت أنا حاجة من عندي.
نظر صابـر إليها ثم قال:
-طب ما تطربينا كدة وتسمعينا.
هنا والتزمت جهاد الصمت التام لم تعد تجيب مثل المرة السابقة…..
رفع أحمد رأسه وصاح يدافع عنها:
-تغني إيـه بس ده وقته يعني أنا تعبان ومطعون ومغدور بيا وأنت عايز تسمع أغاني وتهيص.. لا لا مصدوم فيك بجد وبحق وحقيقي.
انتهز آسـر حديثهم وتركيز ضياء معهم مما جعله يثبت بصره عليها للحظات وهو يفكر..
لايتوقف عقله عن التفكير وعن سبب تلك الخفقات المتزايدة بحضورها أو بمجرد رؤيتها.
ما الذي فعلته به!!
ولما يحدث معه كل هذا بحضورها ومعها هي فقط دونًا عن البقية!!!
لما تراجع عن الذهاب رغم شعوره بالتعب الشديد، لما فضل البقاء دقائق أضافية فقط كي يحظى ويظفر ببعض النظرات والتي تجعل فؤاده يسكن تمامًا كمغترب يشعر بالغربة والوحدة ولا يشعر بالسكون سوى بموطنه……….
~~~~♡♡♡♡~~~~
داخل إحدى غرف الفندق الذي نزل به بالأمس وسام و زهر كان الاثنان لا يزالان ينامان بعمق فقد كانت ليلة أمس شاقة مرهقة لأقصى حد فبعد دخولهم الغرفة دفعا بأجسادهم على الفراش لم يشعران بشيء وذهبا في نوم عميق.
وحتى الآن وقرب غروب الشمس لا يزالان نائمان..
لم يقظهم إلا تلك الأصوات بالخارج والتي كانت عالية و وصلت إليهم وقلقت نومهم.
انتفضت زهر من نومتها وعن الفراش وهي تردد بفزع سالبة الغطاء عن وسام:
-إيـــــــــــه في إيه!!!! القيامة هتقوم ولا إيه؟؟ إيه الأصوات دي.
حدق بها وسام وهو يجيبها بجهل:
-اهدي يا زهر دي شكلها بتمطر.
-بتمطر إيــه بقو….
لم تتابع حديثها بفضل أصوات الرعد والبرق التي وصلت إليها فصرخت قائلة:
-دي بتبرق وترعد يا وسام… بتبرق وترعد..
طالعها وسام بعدم فهم:
-أيوة فين السؤال.. استني لما افتح اشوف.
اقترب من الشرفة المتواجدة داخل الغرفة وقام بفتحها ليلفحه هواء بارد قوي..
ضيق عيناه وهو ينظر للسماء ليرأى المطر يتساقط بغزاره وأوراق الشجر من حولهم تهتز بقوة أثر الهواء القوي.
انتبهت زهر لحالة الجو فصاحت تخبره بقلق:
-خش يا وسام بدل ما تطير وعضلاتك هي كمان تطير والفورمة تبوظ وشقى وتعب السنين فيهم يروح مش مستغنية عنك أنا تعالى خش.
اغلق الشرفة بالفعل والتفت يطالعها قائلًا:
-أنتي بتهزري صح؟ ده وقت هزار يا حبيبتي أنتي مش واخدة بالك أن الوقت أتاخر و راحت علينا نومة وكمان الجو مش مستقر.
أجابته تمزح معه:
-طب وأنت عايزه يستقر ليه؟ عندك عروسة ليه؟
حك جبينه من مزحتها السخيفة فعندما رأت تعابير وجهه صاحت تهندم الأجواء:
-دمي تقيل وسخيفة أنا أسفة أنا بحاول افرفش عليك.
-أرجوكي متحاوليش أنا حاسس أن في حاجة غلط بتحصل أو في أفورة مش طبيعية في كل اللي بيحصل.
ضاقت عينيها وقالت بتفكير تطرحه على مسامعه:
-تفتكر دي الكاميرا الخفية ولا يكونش حد عامل فينا مقلب يا ترى مين؟؟ يكونش بابا الحاج جابر على سنح ورمح.
-زهر حبيبتي اسكتي، أنا بتكلم في حتة وأنتي بتكلمي في حتة تانية خالص.
-أنت بتكلم في حتة وأنا في حتة تانية خالص، إيـه الحتت متخاصمين ولا إيـه طب نصالحهم على بعض يمكن يجمعوا في حتة واحدة بدل ما هما متفرقين كدة.
تلك المرة فلتت منه ضحكة..
لم تدوم طويلًا معقبًا على مزاحها التي لا تكف عنه منذ أن استيقظت:
-تاني بتهزري تاني، اروح فين طيب انط من الشباك…اطير مع الهوا… بس لقيتها أنا هروح للواد بتاع الريسبشن يشوفلي أوضة اقعد فيها وهو ما هيصدق كدة كدة الأوض كتير وفاضية وعلى قفا مين يشيل…اروح منك فين ادخل اقعد في الحمام طيب عشان اتلبس عشان ترتاحي.
-الله أنت متعصب كدة لية؟ أنت غريب جدًا وبعدين لو مهزرتش معاك أنت يعني ههزر مع مين؟؟ يرضيك اهزر مع حد غيرك واسخف على حد غيرك؟؟ أيرضيك يا زوجي العزيز الحبيب الرفيق الصديق الصدوق.
اقنعته بكلماتها فصاح معبرًا عن أعجابه:
-برافو عليكي اقنعتيني أصل بالك لو فكرتي تهزري ولا تسخفي مع حد تاني هعمل إيـه؟؟
تساءلت بفضول وهي تعود ممددة على الفراش ترغب في استكمال نومها:
-قولي هتعمل إيـه.
تنهد وهو يجيبها ويدفع هو الآخر جسده يرغب في متابعة نومه فلا يزال يشعر بالإرهاق ويحتاج إلى مزيد من النوم:
-ولا أي حاجة نامي نامي هي كدة كدة خربانة.
~~~~♡♡♡♡~~~~
عاد يوسف إلى «منزلـه» توجه صوب غرفته وأخذ ملابس أخرى له ثم توجه صوب دورة المياة وأخذ حمامًا دافئًا بعد ذلك اليوم العسير.
خرج يشعر بالبرودة تتسلل إليه فسارع بالدخول إلى الفراش وتحت الغطاء مدثرًا به جيدًا…
وبعد دقائق شعر أخيرًا بالدفء، فـ أخذ هاتفه وظل ممسك به بضعة ثواني يفكر في تلك الخطوة الذي على وشك فعلها.
ولكن انتشله من أفكاره وخطوته الذي كان على مشارف تنفيذها رنين الهاتف معلنًا عن اتصال من “فريـد”.
تبسم وجه وأجاب على الفور بنبرة سعيدة قائلًا بصدق:
-لسة كنت بفكر فيك وبفكر أكلمك.
آتاه رد فريـد متحدث بمزاح وكأن شيء لم يحدث بينهما:
-طب ومتصلتش ليه مستني إيـه؟ اديني اتصلت أنا الأول عشان تعرف أني بحبك أكتر.
نفى يوسف هذا مغمغم بحب صادق:
-مش حقيقي أنا اللي بحبك أكتر يا فريـد، أنت وحشتني أوي على فكرة، زعلت لما سافرت واتحرمت منك، وزعلت أكتر أنك سافرت وأنت زعلان مني، فريـد أنا مكنش قصدي حاجة وحشة ولا كان قصدي مصونش سرك أنا خوفت عليك و….
أوقفه فريـد يمنعه من المتابعة، قائلًا:
-سيبك من اللي فات، اللي فات مات يا يوسف وأحنا ولاد النهاردة، وبعدين منكرش أني رد فعلي كان وحش وأكيد جرحك حقك عليا، بتمنى تسامحني وتنسى زي ما أنا نسيت خلاص.
-بس أنا…..
-مفيش بس، أنت خلاص متقولش حرف زيادة واحكيلي عامل إيـه أنا متابع أخبارك خلي بالك من بابا متفتكرش أن أحنا علشان مخصمين و زعلانين شوية يبقى مطمنش عليك.
ازدادت بسمة يوسف حتى كادت تصل لأذنيه وهو يسرد عليه ما حدث معه:
-أنا حكايتي حكاية أنا حبيت يا فريـد، عشقت ودق القلب.
سرد كل شيء حدث معه لـ فريـد، لم ينسى شيء…
ولم يتناسى أمر تلك الفتاة التي كانت برفقته اليوم وتحدثت معه ولكن قبل أن يقص عليه فريـد قصته معها..
رن جرس المنزل يقاطعهم فأغلق معه كي يفتح للطارق والذي خمن بأنه قد يكون أحد أبناء أعمامه.
نهض وهو يضع الغطاء عليه لا يتركه يفتح للطارق..
وجد آسـر أمامه فـ أفسح له عائدًا للغرفة من جديد وآسر من خلفه يسأله:
-سقعان ولا إيه؟؟
-أيوة، خدت شاور وبعدين طلعت رميت نفسي تحت اللحاف، منك لله رجلي كانت دفيت.
-طب ما تلبس شراب يا جدع الله!! بقولك إيه هدخل أخذ دش وأنت شوفلنا أي حاجة نأكلها ملقتش اطلبلنا دليفري ومتنزلش وتعمل زي أحمد اديك شوفت اللي حصله.
ولج آسـر الغرفة التي تتواجد بها أغراضه وملابسه أنتقى شيء ما وهو يستمع لكلمات يوسف:
-بقولك سقعان تقولي أنزل والله لو هتموت من الجوع مش هنزل برضو.
كاد يرد آسـر لولا تلك الأصوات والصرخات التي وصلت إلى مسامعهم.
عقد الاثنان حاجبيهم وهما ينظران لبعضهم لبعض.
تحدث يوسف أولًا بنبرة متسائلة:
-إيه الصويت ده مين بيصوت!!!!
تحرك الاثنان نحو مصدر الصوت وفتح آسـر باب المنزل ليجدا أن مصدر تلك الصرخات يأتي من المنزل المقابـــــل….
مستمعين إلى ذلك الصوت الرجولي الحاد وهو يزمجر بتلك الكلمات التي وصلت إليهم بوضوح مما جعلهم يدركون ما يحدث مع الفتيات وسبب تلك الصرخات المستغيثة:
-إيه اللي بينكم وبينهم يا ولاد الكلب انطقــوا………………………
««يتبع»»…….
فاطمة محمد.
الفصل التالي: اضغط هنا
يتبع.. (رواية الحب كما ينبغي) اضغط على اسم الرواية لتجد الفهرس كاملاً بجميع الفصول.