رواية الحب كما ينبغي – الفصل السابع عشر
الفصل السابع عشر
الحب كما ينبغي.
فاطمة محمد.
الفصل السابع عشر:
وصل آسر إلى المكان المنشود وهبط من سيارته و دخل إلى المقهى، رافعًا عن عينيه نظارته الشمسية، يبحث بعينيه عن تلك الفتاة صاحبة الصوت العذب، شاعرًا بأنه يعرفه واستمع إليه من قبل و لكن لا يستطيع معرفة أو تذكر صاحبته.
فقد أخبرته أنها ستكن بانتظاره و ستتعرف عليه حين وصوله وتشير إليه حتى يعرفها وأثناء بحثه وقعت عيونه على يارا التي ابتلعت ريقها ونهضت من مجلسها راسمة الحزن والانكسار على ملامحها.
ارتفع إحدى حاجبيه واقترب منها ثم سألها بنبرة ذات مغزى:
-يارب يطلع اللي فكرت فيه وفهمته غلط ومتكونيش أنتِ اللي.
قاطعته وهي تهز رأسها تؤكد له:
-أيوة أنا يا آسر، أنت مسبتليش أي فرصة عشان اوصلك واعرف اتكلم معاك.
وبغضب أعمى واعين قد اسودت من الغضب قال:
-وكدة أنتِ وصلتيلي وهتعرفي تكلمي مش كدة، مع الأسف خطة فاشلة وأنا معنديش حاجة أقولها ولا عندي استعداد اسمعك أصلًا.
تحرك بخطوات سريعة مغادرًا المقهى فـلم تتركه ولحقت به حتى خرج الاثنان خارج المقهي متمتمة بصوت عالي وهي تلاحقه ولا تبالي إذا التفت أحد على صوتها المرتفع:
-افهمني بقى أنا بحبك وعملت كدة علشان بحبك بجد و مش قادرة ابعد عنك و لا اصدق اللي أنت عملته، اكونت فيك وعملت وكلمتك منه وبلكتني، رقم همسة و بلكته، روحتلك المطعم وملقتكش، مكنش قدامي غير الطريقة دي وأني اخلي ضياء تكلمك.
كان على وشك صعود سيارته ومغادرة المكان بأكمله تاركًا إياها خلفه تحدث نفسها، ولكن اوقفه اسمها و استطاعت جذب انتباهه ملتفتًا لها مستفهمًا بأعين قد ضاقت:
-ضيــــاء!.
كادت بسمة تتشكل على وجهها ظنًا منها أنه قد يستجيب لها تلك المرة و يتحدثان وتعود المياه لمجاريها.
هكذا كانت تفكر أما هو فـلم يمنع ظهور بسمة جانبية مدركًا سبب شعوره بأنه قد استمع لهذا الصوت مسبقًا.
والآن بات يملك رقم هاتفها و ستبدأ مغامرة لطيفة قصيرة معها لن تدوم طويلًا……….
أخرجته يارا من أفكاره الكثيرة التي تدور كلها حول ضياء ممسكه بيديه.
لا يدري متى اقتربت منه هكذا ولكن ما أن شعر بملمس يديها انتشل يده وقال:
-اسمعي الكلمتين دول وحطيهم حلقة في ودانك أنا وأنتِ خلاص بح، متحاوليش لا تكلميني و لا تلعبي عليا تاني عشان ساعتها هزعلك جامد وهندمك.
صعد سيارته و غادر تاركًا إياها تنظر في أثره بصدمة فكانت تتوقع وتجهز نفسها لعودتهم، لم تتوقع رحيله حتى دون الإستماع لما لديها……..
اخرج “آسر” هاتفه أثناء قيادته وجاء برقمها و قام بالاتصال عليها.
في ذات الوقت كانت تترك “طارق” بعدما اعطته النقود الذي طلبها رافضة الخروج معه و تمضية مزيد من الوقت برفقته متحججة بالدرس الذي من المفترض أن تذهب إليه فموعده قد اقترب، فلم يلح عليها و تركها ترحل.
وفي تلك الاثناء استمعت لرنين هاتفها و عندما تطلعت بالرقم لم تدرك صاحبه فـ عقب اتصالها به اليوم قامت بمسح رقمه دون حظره فلم يخطر بذهنها أنه سيعرف هويتها ويعاود الاتصال بها، فقد أكدت لها يارا بأنه لن يعرف بشأنها ولكن خالفت حديثها معها وأخبرته عنها.
أجابت على الرقم بصوت مترقب :
-ألـــو.
-لا حلوة الحركة يا ضياء عجبتني، بس عارفة إيه اللي عجبني اكثر من الحركة صوتك يا بنت الإيه.
-آســـر!.
رددت اسمه مدهوشة من معرفته بل واتصاله بها.
زادت ابتسامته اتساعًا وعلق على نطقها لـ إسمه:
-تصدقي بالله أنا أول مرة اعرف أن اسمي حلو اوي كدة، قوليلي..
لم تمنحه فرصة للحديث أكثر وقامت بإنهاء المكالمة و وضعه بقائمة الحظر كي لا يعاود محادثتها مجددًا وبالفعل عندما حاول الاتصال مرة أخرى علم ما فعلته من وضعه بقائمة الحظر.
والغريب أنه لم ينزعج تلك المرة من أسلوبها الفظ بل كان يظهر عليه تلذذه واستمتاعه بما حدث وسيحدث من بعد الآن فتلك فقط هي البداية.
~~~~♡♡♡♡~~~~
في المساء، تقف ريهام أمام الخزانة الخاصة بها حائرة فيما عليها ارتدائه غدًا في حفل زفاف صديق زوجها.
راغبة في أن تظهر معه بكامل أناقتها ولكن ليس لجذب أنظار الحضور، بل من أجل زوجها، كي ترى في عينيه مدى إعجابه وحبه لها و لجمالها.
وبعد حيرة كبيرة انتقت فستانين أحدهما باللون الأسود والآخر أحمر اللون.
حملتهم على ذراعيها وخرجت بهم إلى الصالون قائلة بصوت عالي وحماس كبير:
-البس الفستان ده ولا ده بكرة ؟؟
لم يجيب عليها فقد كان منشغلًا بهاتفه ومن الواضح أنه يراسل أحدهم.
انتبهت لما يفعله ومدى اندماجه مع الهاتف لتلك الدرجة التي جعلته لا ينتبه لها.
بدأت بسمتها بالاختفاء تدريجيًا وهي تعيد عليه ذات السؤال ولكن بحماس قد انطفئ و شك قد ملئ قلبها وحدسها:
-ياسين بقولك البس الفستان ده ولا ده بكرة ؟؟؟
كانت البسمة تغزو وجهه وبدون أن يرفع عينيه أجاب بلامبالاه:
-البسي أي حاجة يا حبيبي، كدة كدة أنتِ قمر.
ما حدث صباحًا وكذبه بموعد عودته يجعل أي امرأة تشك بزوجها و لكنها حينها نفت هذا واقنعت نفسها وكذبت عينيها مخبرة نفسها أنه يعشقها.
فكيف يخونها وهما لا يزالان عروسان لم يمضي على زواجهم الكثير.
من سابع المستحيلات أن يكون خائنًا ويعرف عليها امرأه أخرى.
ولكن اهتمامه بهاتفه وبمن يراسله أثناء حديثها معه، بل و تلك البسمة ولمعة عينيه وعدم مبالاته لها جعل الشكوك تغزوها من جديد.
انسحبت من أمامه و دخلت الغرفة واغلقت الباب خلفها، واضعة الفساتين مرة أخرى داخل الخزانة، ثم اتجهت نحو الفراش وجلست على طرف الفراش وهي تفكر.
تفكير لم يقاطعه سواه بعدما دخل الغرفة و قال كاذبًا وهو يتجهه نحو خزانته:
-ريري أنا نازل الشباب عاملين حفلة مفاجأة لـ وسام.
تطلعت إليه بنظرات تبدو جامدة لا تعكس حقيقة مشاعرها وكيف يرتجف جسدها تدعو ربها أن يخيب ظنونها ويكون صادقًا معها و لا يكذب عليها.
لاحظ صمتها أخيرًا فـ التفت إليها وقال مازحًا:
-ساكته ليه، مش عايزاني انزل أنا عارف بس معلش هحاول مطولش متقلبيش وشك بقى.
~~~~♡♡♡♡~~~~
جاء اليوم المنتظر أخيرًا وحل المساء وبدأ حفل زفاف كل من “وسام و زهر” بمنزل عائلة سلطان فقد احترم وسام رغبتهم في أقامه حفل الزفاف بحديقة منزلهم الكبير، وبعد رقص البعض معهم يشاركونهم سعادتهم ابتعد الجميع عنهم وجلسوا بأماكنهم، وانفرد بها بعد طول أنتظار.
حيث كانت تقف أمامه وبين يديه، عينيه تتقابل مع عينيها الساحرة السالبة لقلبه وكيانه بأكمله، يديه تحيط خصرها، يتراقص معها على الموسيقى التي اختاراها معًا، لا يبعد بصره عنها، محاولًا إشباع عينيه من جمالها بفستان الزفاف، وحجابها الابيض، و زينتها البسيطة البارزة لجمال ملامحها، وابتسامتها المشرقة التي تجعله يذوب بها أكثر وأكثر.
لا يصدق بعد أن هذا اليوم الذي انتظره سنوات قد أتى وأنها بين يديه حقًا، يكاد يشعر بأنه يحلم، لا يصدق أن ما يعايشه الآن حقيقة وليس حلم.
مال على أذنيها قليلًا يهمس لها:
-أنا لسة مش مصدق أن أنا مش بحلم، أنتي عارفة اجلتي الفرح كام مرة، تعرفي أني كنت فقدت الأمل.
اجابته دون أن تبعد عينيها معتذرة له:
-أنا آسفة بس والله غصب عني.
-متتأسفيش مش عايز اسمع أسف منك، أنا مبسوط ومهما عملتي أو هتعملي أنا مسامحك على أي حاجة..
تتنهد ثم استطرد حديثه هائمًا بها:
-اعمل إيه بقى بحبك يا ستي.
لكزته بخفه على صدره تعاتبه:
-إيه ستك دي فين زهرتي.
ضحك عاليًا ثم قال معدلًا حديثه من بين ضحكاته:
-بس كدة طب بحبك يا زهرتي ويا أحلى زهر في الكون والوجود.
على الجانب الآخر، كان جابر يقف يحملق بهم يشعر بالغيرة تنهش قلبه على ابنته الوحيدة، المدلله والأقرب لقلبه.
وبجواره يقف صديقه خالد مبصرًا هو الآخر الاثنان، مبتسمًا بسمة واسعة سعيدًا لسعادة ابنه، ثم وقع بصره على جابر فـ مال عليه قائلًا:
-في إيه أنت مش فرحان ولا إيه.
وقبل أن يجيبه جاء مروان والانفعال يتضح عليه مشيرًا نحو وسام متحدث بصوت عالي كي يستمعوا إليه :
-شايف الواد بيرقص معاها إزاي وحاطط ايده على وسطها قدامنا إزاي، مفيش إحترام ولا تربية ولا أدب ولا أخلاق.
اعترض خالد وتذمر من حديثه مدافعًا عن ابنه:
-ده جوزها يا أستاذ مروان لو حضرتك مش واخد بالك وأنت في فرحهم.
-يا نهار أبيض معقول أنا في فرحهم دلوقتي تصدق جبت التايهة أنا كنت فاكر نفسي في فرح الجيران.
تلك المرة آتى أحمد مباغتًا مروان محاوطًا عنقه بمرح قائلًا:
-جدو، كيف حالك يا رجل، لك وحشة.
تجعد وجه مروان اشمئزازًا ثم هتف وهو يزيح يديه:
-وكيف اكون يا ترى بعد أن رأيتك أمامي، بالتأكيد ليس بخير، ولن اكون حتى تختفي عن انظاري، وبمناسبة لك وحشة فأحب اقولك أنت اوحش.
ارتفع حاجبي جابر وصاح يدافع هو الآخر عن ابنه:
-وما به ابني؟؟؟ ميشبهش ولا ميشبهش، هل نسيت يا مروان يا حلواني أنه حفيدك !!
أجابه مروان يسخر منه ومن ابنه:
-يا مروان يا حلواني كدة حاف؟؟ شكلك كدة عايز عاركة وتقلب فرح بنتك جنازة.
زفر خالد وصاح بالاثنان:
-هو في إيه انتوا الاتنين، أنتوا عايزين تبوظوا فرح ابني لا معلش ده على جثتي الواد مستني اليوم ده من بدري اوي ا
لم ينصت جابر لباقي الحديث واندفع متحركًا نحو وسام وابنته، فلم يعد يتحمل.
راقبه أحمد وتحرك خلفه ثم تبعه مروان ولاحقهم خالد.
وصل جابر وقال راسمًا بسمة زائفة على وجهه مزيحًا يد وسام عن ابنته:
-ما كفاية رقص ومسخرة بقى احترمنا يا أخي شوية وراعي مشاعرنا برضك إيه مش عاجبينك.
اعترض وسام وقال ببسمة هو الآخر لم تصل لعينيه كي لا يلفت الأنظار إليهم:
-وأنا عملت إيه يعني وبعدين نسيت أنها مراتي، اتكل يا جابر خلي اليوم يعدي على خير.
-أنت بتهددني، هتعمل إيه يعني لو متكلتش هتديني بوكسين.
جز وسام على اسنانه ثم رمق أحمد بنظرات فهمها جيدًا، فاماء له برأسه ثم قال وهو يأخذ والده بعيدًا:
-هيا يا أبي، هيا بنا فلتتركه يفعل ما يشاء فاليوم يومه.
عقب مروان على حديث أحمد قائلًا:
-يفعل ما يشاء إزاي يعني بقرون أحنا ولا إيه، لا يا بابا المسخرة دي أحنا منعرفهاش، يعني إيه يرقص مع البت عيني عينك كدة وعمال يتنحنح كدة.
انزعجت زهر وقالت مدافعة عن زوجها:
-يا بابا بقى وأنت يا جدو.
-بلا بابا بلا جدو، يلا كفاية رقص واحترم مشاعرنا يا اخي.
وقبل أن يوافق وسام على كلمات جابر الأخيرة عاد ينظر لـ أحمد الذي اماء له بإيجاب.
عاد جالسًا هو و زهر منتظرًا أن ينفذ أحمد مخططه لإبعاد جابر ومروان عنه، فقد اتفق على مساعدته فيما يخص يوسف مقابل إبعاد مروان وجابر عنه، فقد خمن وتوقع ردود أفعالهم، فوافق أحمد وأخبره بأن لديه مخطط، ولكنه لم يخبره به فقط اخبره ألا يقلق وأنه سيتولى تلك المهمة.
ولكن بالحقيقة كان عليه أن يقلق.
بعد دقائق معدودة، اخذ أحمد نفسًا طويلًا قبل البدء بتنفيذ مخططه والذي فكر به بمفرده، زفر عاليًا وانتهز اختفاء آسر و تواجد كل من مروان و جابر بجوار بعضهم ويتضح عليهم أنهما يتشاجران كعادتهم.
دنا منهم راسمًا الفزع على وجهه وهو يردد:
-أبي، جدو، انقذوا الموقف، سمعة العيلة هتبوظ.
تساءل جابر على الفور:
-مـاذا حـدث يـا بنـي؟؟؟
كذلك هتف مروان بقلق واضح:
-في إيه يا زفت انطق.
تحدث أحمد كاذبًا مستعينًا بابن عمه بالمخطط:
-آسر الفلاتي بتاع الفتيات.
تساءل جابر سريعًا:
-عمل إيه آسر انطق ياض؟؟؟؟
مال يهمس لكل منهما.
اتسعت عين الاثنان وعلى الفور سارعا بالذهاب لداخل المنزل متجهين نحو غرفة آسر وخلفهم أحمد الذي يبتسم باتساع وسعادة لنجاح مخططه.
وصل الثلاثة أمام الغرفة بأنفاس لاهثة وعلى الفور طرق جابر الباب وهو يصيح:
-افتح يا آســــــــر.
هتف أحمد من خلفه:
-أنت لسة هتقوله افتح، افتح أنت علطول.
مع نطقه الأخيرة فتح أحمد الباب لهما ودخل كلا من مروان وجابر وهما يبحثان عنه وعن الفتاة الذي أخبرهم أحمد أنه رآها برفقته، وأثناء بحثهم استغل أحمد هذا وقام بإغلاق الباب عليهم من الخارج بالمفتاح والذي قد آتى به من قبل وأخذه سرًا دون أن يعرف آسر، قائلًا بصوت عالي:
-آسف يا أبي، آسف يا جدو، وآسف لافترائي على ابن عمي وابن خالتي ولكن عليّ إنقاذ فرح شقيقتي وصديقي فأنتما على وشك خربه.
سيطر الغضب على جابر ومروان واقتربا من الباب سريعًا يطرقان عليه بانفعال:
-افتح الباب يا زفت، افتح، وربنا ما هسيبك لما اطلع، افتح الزفت ده.
لم ينصت إليهم وتناسى أمر المفتاح وتركه بالباب ثم غادر عائدًا إلى الحفل كأنه لم يفعل شيء.
~~~~♡♡♡♡~~~~
تقف “ريهام” أمام المرآة تتأمل فستانها الأسود الطويل بعدما ارتدته.
اخذت نفسًا عميقًا ثم تحركت والتقطت حجاب رأسها والذي كان مماثلا للون الفستان.
ذهبت تجاه التسريحة و لملمت خصلاتها الطويلة ثم بدأت بممارسة ما تحب أن تفعل فقد كانت تعمل قبل أن تتزوج “ميكب ارتست” و استغنت عن عملها قبل الزواج منه امتثالًا لطلبه.
دقائق معدودة وكانت تنتهي فلم تضع الكثير وعلى غير المعتاد لم تأخذ وقتًا نظرًا لمزاجها المتعكر.
وضعت حجابها وأنهت في ذات اللحظة الذي كان يخرج فيها من دورة المياه وهو يرتدي ملابسه ممسكًا بمنشفه يجفف خصلاته المبللة.
تأملها بابتسامة واسعة فقد نالت إطلالاتها إعجابه وبشدة.
قائلًا بإعجاب واضح :
-إيه الجمال ده؟؟
رسمت بسمة مزيفة ولم تجيب عليه وقالت بنبرة تحمل بين طياتها الغموض والذي لم يصل إليه:
-بسرعة بقى علشان منتأخرش على صاحبك ويزعل منك.
رد ممازحًا لا يشعر بنيران قلبها :
-لا متقلقيش وسام مش هيبقى في مود أنه يفكر في حد.
لم تجيب فانتبه ونظر إليها واقترب منها واخيرًا انتبه لوجهها الذي يشرح ما يحدث معها:
-أنتِ كويسة؟ حاسس أن فيكي حاجة.
كذبت عليه وادعت سلامتها، قائلة:
-لا خالص أنا كويسة جدًا، انجز أنت بس يلا.
~~~~♡♡♡♡~~~~
-يا عريس، ألف ألف مبروك، ده أنا كنت خلاص فقدت الأمل فيك أنك تجوز.
-يا راجل شوف مين بيكلم، ده أنا اللي كنت فقدت الأمل فيك، وحشتني يا ياسين يخربيتك عاش من شافك، هو كل اللي بيتجوزوا بيختفوا كدة.
كانت تلك كلمات “وسام” و التي وقعت كالدلو البارد على رأس كلا من ياسين الذي يخبرها منذ يومان أنه يذهب للسهر معه، و ريهام الذي تأكدت من كذبه عليها.
سارع ياسين بإنقاذ الموقف قائلًا ببسمة زائفة وهو يحتضن وسام ويلكزه في ظهره دون أن ينتبه أحد:
-يالهوي على هزارك يا جدع، كدة ريهام هتصدقك وهتفتكر أني من ساعة ما اتجوزتها مشوفتكش وأنا لسة شايفك امبارح وأول امبارح.
أدرك وسام كذب صديقه على زوجته ولإنقاذ زواجه قال مازحًا:
-يا جدع، لا مدام هتصدقني خلاص بلاه الهزار التقيل ده.
ورغم اصلاح الاثنان لما حدث إلا أن ريهام احتفظت بملامحها الجامدة واكتفت بالمباركة لوسام ثم التفتت إلى زهر وهنئتها:
-ألف مبروك، وربنا يسعدكم يارب.
ابتسمت لها زهر وقالت:
-الله يبارك فيكي نورتينا.
بعد تحرك الاثنان مالت زهر على وسام وسألته:
-مكنش معاك ولا حاجة مش كدة.
هز رأسه بايجاب متمتم بتأكيد:
-مش كدة بس اعمل إيه صاحبي وأنا عارفه أكيد بيعك ومراته لو عرفت مش هيحصل طيب، هكلم معاه بس مش انهاردة أكيد هحاول كدة أعقله وانصحه خد بالنصيحة كان بها مخدش هو حر بقى ويحصد اللي هيزرعه.
عادت زهر بانظارها تجاه ريهام تجوب بعينيها عليها، مدهوشة من خيانة زوجها لها و هي تتحلى بهذا الجمال.
ما الذي ينقصها كي يعرف زوجها عليها أخريات.
على الطرف الآخر.
حاول ياسين قلب الطاولة عليها، قائلًا بضيق واضح:
-هو في إيه، حد قالك أنك جاية عزا، إيه الوش ده، ما تفردي وشك شوية.
حركت رأسها وسلطت عينيها عليه، ثم سألته بأسلوب مباشر:
-كنت فين امبارح وأول امبارح يا ياسين.
-يعني إيه كنت فين، على أساس أنك متعرفيش مش كدة؟
سحبت نفسًا ثم زفرته، متابعة ما توقفت عنده:
-اعتبرني معرفش ورد عليا.
-هكون فين يعني كنت مع وسام.
ابتسمت له بسمة بسيطة لم تصل لعينها ثم سألته:
-متأكد ؟
رد على الفور و بدون تفكير:
-إيه متأكد دي هو أنا كداب يعني، من أمتى بكدب عليكي، ولا تكوني صدقتي هزار وسام، بجد أنا مش مصدقك ومش مصدق أنك شكة فيا، بجد مصدوم فيكي.
-شكيت ودلوقتي خلاص مبقتش شكة علشان أنا سألتك وأنت جاوبت وأنا هعتمد جوابك ومش هسأل ومش هشك تاني، بس عايزاك تعرف أنك لو فكرت تخوني في يوم يا ياسين عُمري ما هسامحك.
ابتلع ريقه وابتعد بعينيه عنها محاولًا الثبات.
فهو ليس مخلصًا بل خائنًا.
والآن تخبره بما سيحدث إذا اكتشفت خيانته.
ولكنه سرعان ما طرد خوفه وقلقه من خسارتها مدركًا عشقها له والذي لن يجعلها تتخلى عنه بتلك السهولة التي تتحدث بها فالحديث سهل للغاية أم الفعل يُصعب تنفيذه.
~~~~♡♡♡♡~~~~
-تعالى معايا يا يوسف، عايزة اتكلم معاك.
هكذا ألقت وعد كلماتها على ابنها، منتبه جيدًا لذلك التغيير الواضح على وجهه، فقد استغنى عن نظارته الطبية، كما قام بتقصير خصلاته و……
وقف أمامها وتفحصته جيدًا من رأسه لاخمص قدميه، فقد كان يرتدي بدلة سوداء أنيقة للغاية ولكن اتسعت عينيها وهي ترى حاجبه الذي قام بشقه من المنتصف، فخرج صوتها مصدوم:
-إيه اللي أنت عاملة في نفسك ده؟؟؟ إيه حاجبك ده، و فين نظارتك، وليه قصيت شعرك؟؟؟”
-حبيت اقصه وقصيته، وحاجبي حبيت اغير شكله وغيرته ونظارتي استغنيت عنها وخلعتها، كدة شكلي أحلى كتير.
-فين الاحلى ده؟؟؟ أنت أعمى يا يوسف، أنت بتعمل كدة عند فيا وخلاص أنا عارفة.
-لا يا ماما أنا آخر حاجة ممكن أفكر فيها أني اعند معاكي، أنا بس عملت حاجة حاببها وعجباني.
كزت على أسنانها ثم قالت كارهه هذا التبدل:
-أنت إيه اللي غيرك كدة ؟؟؟ مين اللي لعب في دماغك؟؟ آسر مش كدة هو اللي قواك على أمك؟
نفى يوسف تلك الاتهامات عن ابن عمه متمتم:
-آسر ملوش علاقة يا ماما، وملوش دخل في أي حاجة، ومحدش لعب في دماغي، أنا بس فوقت لنفسي وبعيش حياتي بالطريقة اللي أنا شايفها صح وحابب اعيشها، يعني نقدر نقول فكرت في نفسي شوية.
-طيب مش وقته الكلام ده نبقى نكلم فيه على رواقه، انا عايزاك ترجع البيت أنت قاعد فين دلوقتي أصلًا.
-مش مهم قاعد فين مش هيفرق، المهم أني مش هرجع أعيش هنا تاني، أنا عاوز استقل.
يعني إيه الكلام ده؟؟؟؟ هتسبني وتبعد عني للأبد بتعاقبني يا يوسف؟!
-لا طبعا مينفعش اعاقبك، حضرتك في الأول والأخر أمي وحضرتك أكتر واحدة عارفة أنا بحبك وبحترمك قد إيه.
التوى جانب فمها ساخرة من كلماته عن احترامه وحبه لها:
-لا ما هو الاحترام والحب باين، انا غلطانة إني بسأل فيك، براحتك يا يوسف، براحتك على الآخر.
تركته وذهبت تمنع دموعها من الأنهمار وتمنع نفسها من الانهيار، فهي لا تتحمل غيابه وبُعده عنها
القلق والخوف عليه ينهشان قلبها.
ترغب بتواجده أمام عينيها دائمًا، لا تراه كبير بالعُمر بل تراه طفلها الصغير، والتي تخشى عليه من الجميع ولكنها تراه لا يفهم ولا يقدر مقدار حبها وخوفها عليه واختار الابتعاد والعيش بعيدًا عنها وعن انظارها.
جاء آسر و وقف جوار يوسف مطلقًا صفيرًا معجبًا بهيئته الجديدة :
-لا ده أحنا بقينا جامدين على الآخر، إيه التغيير ده؟؟ وإيه البدلة الشياكة أوي دي، هو اللي بيطلع من البيت ده بيتغير اوي كدة.
ابتسم له يوسف وسأله:
-عامل إيه يا آسر وحشتني جدًا على فكرة.
-وأنت والله ليك وحشة، من ساعة ما مشيت من البيت وأمك كل شوية تمسك في خناقي نقرها من نقري معرفش ليه يا أخي.
قال كلماته يمزح معه، وقبل أن يجيبه هتف مستفسر منه:
-صحيح أحمد قالي أنك خدت شقة ونقلت فيها، مبروك يا بن عمي، من قلبي فرحنلك.
-الله يبارك فيك.
رد عليه وعلى الفور سأله عن فريد والذي يفتقده كثيرًا:
-فريد عامل إيه أحمد قالي أنه سافر دبي، بيكلمكم؟ هو كويس؟
هز آسر رأسه يؤكد له:
-آه كويس وبيتكلم آه مش كل يوم بس بيتصل وكان المفروض هينزل على الفرح بس معرفش مجاش ليه.
~~~~♡♡♡♡~~~~
قرب إنتهاء حفل الزفاف وعلى مشارف مغادرة وسام و زهر، التقطت عين أحمد مروان وجابر اللذان تحررا من حبسهم بغرفة آسر.
اتسعت عينيه وتملكه الفزع من رؤيتهم، واندفع من مكانه هربًا منهما قبل أن يراه.
فقد قام جابر بالاتصال على صابر واخبره بتواجدهم داخل غرفة آسر فجاء صابر وفتح لهم، عقب خروجهم اندفعا بحثًا عن أحمد يرغبان في النيل منه عما فعل بهم.
لكنهم فشلوا في إيجاده وكأن الأرض قد انشقت وبلعته.
أما وسام و زهر فاستقلا السيارة وشقوا طريقهم إلى منزلهم الجديد.
بعد انتهاء الحفل واختباء أحمد كثيرًا من والده جيدًا خارج المنزل، عاد مرة أخرى فوجد الظلام الدامس يحل بالمنزل من الخارج.
تنهد براحة وقال بصوت خافض:
-الحمدلله شكله نام.
تسلل بهدوء شديد، فتح الباب و دخل بقدماه، وما أن ولج حتى وجد من يمسك به من تلابيبه بقوة وهو يغمغم:
-مرحبًا بعودتك أيها الابن الضال.
فزع أحمد من ظهور جابر من العدم، وقال بخوف بسيط وتلجلج واضح:
-أبي!! لماذا تمسك بتلابيبي، ولماذا تنعتني بالابن الضال فـ أنا بار لـ
قاطعه جابر وهو يهزه غضبًا وسخطًا من فعلته:
-بار !! بار من أنهي اتجاه بضبط، ده أنت يا ابن الكلب حبستني أنا وجدك في اوضة واحدة، إيه مصعبتش عليك تحطني معاه في اوضة واحدة…يلا يا ولا غور من هنا، مش عايز اشوف وشك قصادي، لو شوفتك هيركبني ميت عفريت.
-اغــــور..!! اروح فين دلوقتي بس، أتدري كم الوقت الآن.
-يكون زي ما يكون غور.
وبالفعل أجبره جابر على المغادرة معاقبًا إياه على فعلته.
فارق أحمد المنزل وايماءات الحزن ترتسم على محياه.
حزن لم يدم طويلًا مبدلًا إياه ببسمة واسعة متجهًا صوب منزل الحلواني.
ولكن أثناء سيره بالحديقه وقبل أن يقترب من باب المنزل ويقرع الجرس وجد من يعترض طريقه ويقف أمامه ويبتسم له بشر واضح وهو ممسك بيده عصاه خشبية:
-شرفت، كنت مستنيك من بدري وسايبلك البوابة مفتوحة، كنت واثق أن جابر هيطردك ومش هتلاقي غير هنا يلمك.
ابتلع أحمد ريقه وقال محاولًا الشرح له:
-اسمع بس يا جدو.
-انا هسمع فعلا، بس مش حسك، لا هسمع صوت العصاية دي وهي بتنزل على جسمك تدشدشه وتكسره.
وقبل أن يفعلها ويهجم عليه كان أحمد يتمتم بتهديد:
-خلي بالك أنا ممكن افتن عادي وأقولهم حقيقتك اللي أنا ساكت عنها بقالي كتير.
لم يتوقف مروان أو يخشى تهديده تلك المرة بل سارع بالاندفاع نحوه يجبره على الركض أمامه وهو يقول:
-ولسة ليك عين تهدد يا ابن البجح، والله ما أنا عتقك وهوريك، تهديدك ليا مش هينفعك المرة دي.
ركض أحمد بأقصى سرعة مغادرًا المنزل، ومروان من خلفه يغلق البوابة كي لا يستطع الدخول مرة أخرى.
جلس أحمد على الأرض الصلبة يلتقط أنفاسه وهو يتمتم:
-منك لله يا وسام، حسبي الله ونعمه الوكيل فيك، أنت السبب، اعمل إيه أنا اتشردت واطردت، اروح فين واجي منين، ابات في العربية طيب.
هنا وبرقت عينيه بعدما خطر له أن يذهب ويقيم عند من كان سبب تلك الحالة واوصله إلى هذه النقطة.
آتى بسيارته والتي كان يصفها خارج المنزل وتحرك بها قاصدًا منزل “وســــام”
~~~~♡♡♡♡~~~~
يقف معها بمنتصف الحجرة، ينفرد بها أخيرًا بعيدًا عن عائلتها الكبيرة، خاصة أبيها وجدها واخيها الأكثر ازعاجًا بالنسبه له.
مد يده والتقط يدها بحب، قائلًا بنبرة عاشقة حد النخاع:
-مش مصدق يا جدعان، مش مصدق أن اليوم ده جه، أنتي خللتيني جمبك يا بنت جابر، اعمل فيكي ايه، اشتمك طيب على العذاب اللي ورتيهولي ده.
سحبت يد واحدة من يده وقامت بلكزه على صدره هاتفه بعتاب وطفولية شديدة:
-تشتمني إيه، والله ازعل واعيط وانكد عليك.
ضحك عاليًا على كلماتها فهي لم تتغير، منذ طفولتها وهي تتحلى بالرقة، الجمال، والحياء.
خرج صوته رافضًا فكرة بكائها:
-لا تعيطي ده إيه، هو أنا متجوزك اعيطك؟؟ ده أنا متجوزك علشان اسعدك، ابسطك، اخلي ضحكتك متفارقش وشك القمر ده، ألا صحيح هو انا قولتلك أنك زي القمر، والفستان هياكل منك حتة، وحجابك الله أكبر زادك جمال على جمالك.
كلماته بثتها السعادة، جعلت قلبها يتراقص، فلطالما كانت ثقتها بنفسها مهزوزة بسبب وزنها الزائد بعض الشيء والتي تبالغ بانزعاجها منه.
-بجد يا وسام شكلي كان حلو؟؟
-عندك شك ولا إيه، طب ده أنا عيني مكنتش شايفة حد غيرك انهاردة، أو في العموم مبشوفش غيرك علشان عرفك هتسيبي الحلو اللي بقوله وتمسكي في انهاردة وتقوليلي انهاردة بس يا وسام، طب وامبارح وبكرة واللي قبل كدة كنت بتشوف غيري.
تلك المرة انطلقت ضحكاتها على كلماته وإدراكه لما كانت على وشك التفوه به.
توقفت عن الضحك سريعًا قائلة ببسمة جذابة:
-أنت عرفت منين أني كنت هقول كدة.
-يعني هو أنا مش عارفك، جديد عليكي أنا ولا إيه، اش حال كنت لسة بقولك خللت جمبك، زهر أنا بعشقك، مشاعري ناحيتك تخطت كل الحدود، لو فضلت اقولك من انهاردة لعشر سنين قدام أنا حاسس بـ إيه ناحيتك هبقى بظلم عشقي مبنصفهوش.
أنهى حديثه وهو يميل نحو رأسها يقبل جبينها، يحمد ربه على تواجدها بحياته متمنيًا دوامها وبقائهم لنهاية العُمر سويًا.
متوعدًا بينه وبين نفسه بألا يحزنها أو يكن سبب في حزنها ونزول دموع من عينيها يومًا.
ابتعد عنها وبسمة تزين ثغره وقبل أن ينطق بحرف آخر، كان جرس المنزل يصدر صوته عاليًا.
اختفت بسمته على الفور وقطب حاجبيه دهشة، متبادلًا مع زهر النظرات فقالت بقلق :
-ده مين اللي بيخبط ده؟؟؟ يكونش بابا؟!
-ومالك قلقانة ليه، إيه بابا يعني هو أنا شقطك، لا ده أنتي حلالي، وعلى الله يبقى أبوكي والله ما هفتحله ده بيهرج إيه التهريج ده.
تحرك من مكانه وذهب نحو الباب و زهر خلفه تسير بفستانها التي لم تبدله بعد.
نظر وسام من العين المتواجدة بالباب فوجد وجه أحمد أمامه.
التفت برأسه وقال يخبرها:
-مش ابوكي، ده اخوكي.
-أخويا مين فيهم صابر ولا أحمد.
-لا خليكي حدقة كدة زي جوزك أكيد مش صابر، صابر مش مجنون ومتخلف، يلا بينا.
قال الأخيرة وهو يبتعد عن الباب ويمسك بيدها ويحثها على التحرك معه.
عقدت حاجبيها وسألته:
-يلا بينا على فين مش هتفتحله؟؟
-افتحله ده إيه أنتي عبيطة؟؟؟ سبيه هو هيزهق دلوقتي وهيمشي، اكننا مش موجودين.
-إزاي يعني يا وسام ما هو عارف أننا موجودين، مينفعش.
-يعني هو ينفع يطب عليا يوم فرحي ما هو يا متخلف يا متخلف ملهاش تالت.
شعر أحمد بالضجر وبدأت قدميه تؤلمه، فقام بالضغط على الجرس مرة أخرى وهو يصيح تلك المرة ويديه الأخرى تُمد وتطرق على الباب:
-يا وسام، افتحلي، أرجوك، أبويا وجدي طردوني من البيت، وبقيت مشرد مليش غيرك، افتحلي، انجدني، ارجوك.
تحرك وسام وفتح له فتبسم وجه أحمد واوشك على الدخول لولا وسام الذي وقف له يمنعه من الدخول يسأله:
-هوب هوب على فين العزم.
-على جوه إن شاء الله.
-أنت عبيط يالا ولا متخلف ولا مجنون ولا إيه حكايتك بضبط هو في حد عاقل يطب على عريس يوم فرحه، أنت اهطل مش كدة؟؟
-الله يسامحك، ما هو كله بسببك، مش أنت اللي قولتلي حلق على ابوك وجدك وابعدهم عني وعن زهر علشان ميعملوش قلق في الفرح، وبسبب تحليقي عليهم وحبسهم في اوضة آسر اطردت من الييت، يعني كله بسببك وعلشان كدة حقي اقعد عندك وبعدين ده مش بيتك لوحدك ده بيت اختي برضك.
-لا معلش قولتلك حلق عليهم مقولتلكش احبسهم، أنا مش مسؤل عن هطلك، يلا اتكل بدل ما اعورك وتبقى مشرد ومتعور يلا اتكل بقولك.
اغلق الباب في وجهه فكادت زهر تتحدث فقاطعها وسام متمتم:
اوعك تنطقي وتقوليلى افتحله، والله ما يحصل.
أما بالخارج صاح أحمد مرة أخرى غاضبًا:
-تصدق خسارة فيك اللي عملته عشانك، صحيح خير تعمل شر تلقى، استفوخس عليك يا وسام، أروح فين دلوقتي، اعمل إيه ياربي بس.
تذكر يوسف وجاء بذهنه وعلى الفور عادت بسمته تضئ وجهه وتحرك من مكانه واستقل سيارته وانطلق نحو الحارة مقررًا اللجوء لـ يوسف.
~~~~♡♡♡♡~~~~
-في إيه، إيه اللي جابك دلوقتي؟
سأله يوسف بعدما لجأ إليه وفتح الآخر له ودعاه لدخول المنزل والآن يجلس أمامه على الأريكة:
-اطرد، وسام جوز اختي المحترم طلب مني خدمة مقابل أنه يشوفلنا واحد يساعدنا في الخطة اللي عملناها والمقابل ده كان اني احلق على جدي وابويا عشان محدش فيهم يعمله قلق.
جلس يوسف بجوار وهو يحثه على المتابعة:
-وبعدين؟
-أنا عملت كدة، وعشان بابا وجدي ميعملوش ده اشتغلتهم و جرتهم لاوضة آسر وقفلت عليهم، أنا كدة غلط.
ارتفع حاجبي يوسف صدمة من فعلته وقال:
-أنت عبيط؟؟ وبعدين إيه اللي حصل؟
أراح ظهره للخلف وهو يتابع سرد ما حدث:
-مفيش حد فاتحلهم وأنا فضلت مستخبي منهم وقولت ارجع لما ابويا ينام بس طلع مستنيني وعملي فخ ومصيدة وانا وقعت فيها زي الفأر.
-وبعدين؟
-ولا قبلين طردني، فملقتش غير بيت جدي، بس طلع هو كمان نفس دماغ ابويا وتوقع اني اطرد فكان مستنيني ومعاه عصاية اطول منه، فـ أنا هربت بصراحة، بعدين روحت لـ وسام قولت اخد اوضة اقعد فيها ما هو كدة كدة سبب المصائب كلها، بس مع الاسف اطرد لتالت مرة.
تشكلت الصدمة مرة أخرى على وجه يوسف ولكن تلك المرة كانت أكبر من سابقتها قائلًا بعدم تصديق لفعلته:
-عملت إيه؟؟ روحت تبات عند وسام أنت غبي يا أحمد، مجتش على هنا علطول ليه.
-ما انا لما ملقتش مكان تاني اروحوا جيت على هنا وامري لله، معلش هتقل عليك حبة لحد ما ارجع البيت وأشوف هعمل ايه معاهم.
تنهد يوسف وقال وهو ينهض ويقف أمامه:
-ماشي البيت بيتك يا ابن عمي.
-حبيبي هو ده العشم برضو، طول عُمرك اخلاق والله وعمي اشف مربيك مرتين.
-هو بس في مشكلة صغيرة.
-مشكلة ايه؟؟
-انا مجبتش غير السرير اللي أنا حطيته في اوضتي مفيش سراير تانية، فـ أنت هتنام بقى هنا على الكنبة.
-يا شيخ خضتني، كنبة كنبة هو حد لاقي.
~~~~♡♡♡♡~~~~
في صباح يوم جديد، استيقظ “صابر” من نومه العميق باكرًا، ونهض عن الفراش وهو يرفع يديه ويضعها على جانب رأسه يشعر بصداع يكاد يقضي عليه.
رُبما كان سببه صوت الأغاني العالية والطبول التي كانت تضرب أمس في حفل زفاف “وسام و زهر ”
فـ تلك الأجواء لا يحبذها و يكرهها بشدة ولولا أنها شقيقته ولم يرغب في أحزانها بغيابه عن زفافها لما كان أستمر بتلك الأجواء، فعقب إنتهاء الحفل ولج المنزل و سارع بدخول غرفته و اخذ حمام دافئ والذهاب بنوم عميق، غافلًا عن تلك التي كانت تحاول الوصول إليه طوال الليل.
ولج دورة المياه، وبعد خروجه التقطت عينيه هاتفه الذي يضئ.
تحرك نحوه وامسك به فوجد العديد من المكالمات الفائتة منها.
رفع رأسه وتأفف بصوت عالي في ذات الوقت التي كانت تعاود الاتصال مرة أخرى.
لم يرتفع صوت الهاتف لجعله إياه صامتًا بالليلة الماضية.
ولأول مرة يشعر بحيرة
يجيب عليها أم لا يجيب.
حسم أمره و أجاب عليها بنبرة صارمة:
-عايزة إيــه.
-صباح النور، أنا الحمدلله كويسة، ممكن أنت بقى تقولي أنت فين ومبتردش عليا من امبارح ليه مش عارف أني بقلق وبخاف عليك.
-أنتِ ليه مصممة تخرجي اسوء ما فيا ؟؟ انا مش فاهم أنتِ مين وإيه اللي بتعمليه ده، بس اقدر اقولك اني خلاص بدأت اجيب أخري منك و من عمايلك.
-برضو بتتعصب، يا جدع انا مش عايزة لا اعصبك ولا اطلع اسوء ما فيك ولا حاجة، انا والله عذراك، يعني فرح أختك وأكيد مش فاضي و مشغول، أكيد مش هترد عليا يعني، صحيح ألف مبروك وعقبالك رغم أني زعلانة أني متعزمتش بس مش مشكلة.
ارتفع إحدى حاجبيه ثم عقب على معرفتها بحفل زفاف أخته:
-ده أنتِ عارفة عني كل حاجة بقى!!
-طبعًا، أنا اعرف عنك كل حاجة، اقدر أقولك بتحب ايه وبتكره ايه، اقدر اقولك روتين يومك ماشي إزاي، وشغال فين وساكن فين ومع مين، انا اعرف عنك كل حاجة يا صابر، طب اقولك على حاجة؟؟ ممكن اقولك أنك كنت امبارح لابس بنطلون اسود وحزام اسود برضو وقميص رمادي داكن كدة، وكنت آخر شياكة، ابعتلك صورة ليك؟
ارتخت ملامح وجهه بدهشة وصدمة كبيرة من معرفتها له بهذا القدر وتواجد صور تخصه لديها، خرجت تنهيدة من فمها ثم قالت:
-يلا أنا مضطره اقفل دلوقتي، هكلمك تاني.
عقب إغلاقها انزل الهاتف وظل ينظر أمامه في الفراغ والتفكير العميق يظهر عليه، لا يدري سبب كل هذا الإهتمام نحوه والذي اوصلها لمعرفه تفاصيل يومه وحياته الخاصة.
من هي تلك الغريبة؟
والأهم كيف وصلت وعرفت تلك التفاصيل الدقيقة.
~~~~♡♡♡♡~~~~
-يعني إيه الكلام ده يا بت؟؟؟ يعني أنا كنت سيباكي داخلة خارجة معاه على أساس فهمتيني أنك هتخليه يجي البيت ويتقدم ويتجوزك ونقب على وش الدنيا ورفعتيني سابع سما؟؟ دلوقتي جاية تقوليلي كدة وتنزليني سابع أرض ؟؟؟ مجتيش قولتيلي من بدري ليه؟؟؟ ساكتة ليه كل ده يا مضروبة.
كانت تلك كلمات شريفة والدة يارا، عقب استماعها لحديث ابنتها عن انفصال آسر عنها ورفضه الرجوع إليها رغم محاولاتها العديدة والتي باءت جميعها بالفشل الذريع.
-ما أنا قولت احاول اتصرف واحل الدنيا، بس مفيش فايدة حاولت كتير معاه وبرضو مش عايز يرجعلي.
-نعــــم !!!! هو بمزاجة ولا ايه، لا يا حبيبتي ده انتي بنت شريفة يعني متخلقش لسة اللي يجي يتسلى بـ بنتي واسكتله هو فاكر دخول الحمام زي خروجة، ولا يكونش فاكر موراكيش حد يوقفله، لا ده لو مش هيجي بمزاجة نجيبه غصب عنه وعن اللي خلفوه.
قطبت يارا حاجبيها وسألتها:
-إزاي يعني ياما، هنعملها إزاي دي؟!!
لمعت عينيها ببريق من المكر وهي تقص على ابنتها خططتها لايقاعه واسترجاعه إليها، وعقب سردها لمخططها قالت ببسمة توحى بمدى الشر التي على وشك ارتكابه:
-يلا قومي البسي، مش بيقولوا خير البر عاجله…
«يتبع»……………..
فاطمة محمد.
يارب يكون الفصل عجبكم ومتنسوش الفوت وكومنت برأيكم ونتقابل على خير يوم الجمعة إن شاء الله❤
الفصل التالي: اضغط هنا
يتبع.. (رواية الحب كما ينبغي) اضغط على اسم الرواية لتجد الفهرس كاملاً بجميع الفصول.