رواية الحب كما ينبغي الفصل الخامس والعشرون 25 – بقلم فاطمة محمد

رواية الحب كما ينبغي – الفصل الخامس والعشرون

الفصل الخامس والعشرون

الفصل الخامس والعشرون

الحب كما ينبغي.

فاطمة محمد.

الفصل الخامس والعشرون:

لم يمنحها صابر أي اهتمام حتى لم يلتفت إليها رغم استماعه لصوتها الذي بات بمقدرته التعرف عليه وتميزه بسهوله فقد بات يحفظه عن ظهر قلب…

أما عن أحمد فقد انتبه إليها وإلى كلماتها قائلًا ببسمة بشوشة:

-السلام عليكم أخت جهاد كيف حالك؟.

اقتربت حتى باتت واقفة على مقربة من صابر والذي لم يصعد سيارته بل كان واقفًا مثلما هو ويبصر أحمد الذي القى تحيته عليها.

أجابت جهاد على أحمد دون النظر إليه بل كانت أنظارها مصوبة كليًا على صابر:

-الحمدلله فـ أنا على ما يرام..وأنت هو أنا مش بتكلم معاك ؟؟؟

عقد أحمد حاجبيه بعدما ظن أنها تحدثه هو وتقصده بكلماتها الأخيرة:

-أنــــا؟!!!!

-لا مش أنت بكلمه هو، جاي تضرب مين المرة دي ها، وبعدين أنت إزاي تيجي كدة من غير لا أحم ولا دستور، ده مش اتيكيت الضيوف على فكرة المفروض لما تيجي منطقة غريب عنها تسلم على كل سكانها وأهلها بني آدم بني آدم ونفر نفر وإنسان إنسان…

ارتفع حاجبي صابر وعض على شفتاه السفلية وهو يبتسم بسمة صغيرة لم تستمر كثيرًا على وجهه لذلك لم يلاحظها أي منهما فلا يغيب عنه طريقة حديثها التي تشابه طريقة أخيه بدرجة كبيرة للغاية…

التفت إليها أخيرًا ونظر داخل عينيها بطريقة اربكتها…وبشدة قائلًا بصوته العذب والذي يسحرها ويأسرها بمجرد سماعه:

-ومين بقى قالك أني ضيف؟؟؟

لم تجيب عليه بل ظلت تبصره بطريقة هائمة وكأنها مسحورة به لا تقوي على النطق أو قول حرف واحد..

لاحظ أحمد ما حدث معها فقال بينه وبين نفسه قبل أن يتحرك من مكانه كي يلحق بها قبل أن ينفضح أمر حبها وإعجابها بـ أخيه:

“بتعملي إيه هـ تفضحينا..”

وقف بجوارها مشيرًا بيده أمام عينيها يحاول إيفاقتها من تلك الحالة التي تمكنت منها :

-أخت جهاد أخي يحدثك على فكرة.

وأخيرًا فاقت من سحره الطاغي فسألته:

-إيه ده بجد قال إيه ؟؟

لمح أحمد إسلام أثناء تحدث جهاد بتلك اللحظة وهي تلج البناية ولكن لا يعنيه الأمر فـ ابتسم ونظر لأخيه يبرر له سبب كلمات جهاد الأخيرة:

-معلش أصلها واقعة على ودانها وسماعها تقيل.

وقبل أن يكرر أحمد كلمات صابر على مسامعها مرة أخرى فعلها هو بنفسه:

-بقولك ومين بقى اللي قالك أني ضيف؟

-ما أنت مش من هنا يبقى ضيف ملهاش مسمى تاني.

نفى أحمد وعقب بهدوء وهو يضع يديه بجيبه :

-لا ممكن يبقى ليها مسمى تاني عادي يعني ممكن يبقى زائر، بس هو لا زائر ولا ضيف صابر خلاص بقى من أهل المنطقة وهيقعد معانا هنا في شقة يوسف.

أعجبت جهاد بتعليقه الأول فابتسمت وقالت غير منتبهه بعد لـ بقيه حديثه عن إقامته من بعد الآن هنا:

-صح..مضبوط..إيــــه؟؟؟؟؟ أنت قولت إيه؟ مين اللي هيقعد هنا!!

اكتفى صابر بهذا القدر، وقرر التلاعب مع الاثنان فرفع يديه وأشار نحو أذنيه وهو يردد بطريقة مدهوشة:

-الصوت ده مش غريب عليا؟!!!!!!!! حاسس أني عارفه وسمعه قبل كدة!! يا ترى سمعته فيــن، سمعته فين يا صابر افتكر.

ارتبك كل من أحمد وجهاد وتبادلا النظرات السريعة فسارع أحمد بالرد لإنقاذها خوفًا من أن يتعرف صابر عليها:

-صح أنا برضو كنت حاسس أني عارفه وسمعه برضو في الأول بس لو ركزت هتلاقي صوتها شبه صوت الفنانة نانسي عجرم علشان كدة الصوت مألوف.

ارتفع حاجبي صابر و ررد بذهول:

-يا راجل بقى صوتها شبه صوت نانسي عجرم ؟؟؟

هزت جهاد رأسها فلم تعد لديها رغبة بالتحدث أكثر نادمة على ما فعلته و كيف كادت تفضح نفسها أمامه ويكتشف بأنها نفس الفتاة التي تحدثه وتحبه حبًا كبيرًا.

بينما علق أحمد يؤكد له :

-أنت مش مصدقني ولا إيه اخليها تغنيلك علشان تصدق؟ جهاد غني كدة يا طبطب يا دلع علشان البيه يصدق..

وللمرة الثانية هزت جهاد رأسها رفضًا لطلبه.

أبصرها صابر يسألها باستمتاع مما يحدث:

-ياريت أحب اسمع علشان اتأكد.

ومن جديد هزت جهاد رأسها رفضًا فـ عقد صابر حاجبيه وصاح بتذمر:

-اللـه!!!!!!! أنتي سكتي ليه ما تغني يا فنانة اطربينا.

نظرت جهاد لـ أحمد وبدون أن تنطق بحرف إضافي اندفعت من مكانها والجة إلى البناية عائدة لمنزلها تحت أنظار صابر وأحمد…

بعد ذهابها اقترب أحمد من صابر يعانق كتفيه وهو يخبره:

-البنت دي جدعة أوي و أصيلة أوي ومتربية مرتين لا تلاتة، لا وخد التقيلة بقى..سنجل مش مرتبطة.

-بجد سنجل مش مرتبطة وبتقولي ليه أنا مالي هو أنا هخطبها.

استحسن أحمد الفكرة وقال:

-وليه لا أنت ناوي تفضل قاعدلي كدة كتير؟ ناقصك إيه يا أستاذ علشان تتجوز؟؟؟؟ولا أي حاجة يبقى ليه لا.

وببسمة لم يعتادها أحمد منه سأله صابر:

-أنت هتقلب خاطبة ولا إيه ؟

-والله لو علشانك ليه لا، أنت لو طلبت عيوني ميغلوش عليك والله.

لم تكن مجرد كلمات بل كانت حقيقة…واقع فـ أحمد على أتم استعداد لفعل أي شيء من أجل صابر والآن بات صابر يدرك هذا الشئ فقد اثبت له أحمد بالأمس مدى حبه نحوه وما الذي بإمكانه فعله لأجله….

وعلى سبيل الصدمة رد صابر قائلًا:

-وأنا كمان لو طلبتهم هديهوملك يا أحمد..

لم يصدق أحمد ما سمعه فصاح بتعابير لا تصدق:

-أنت قولت إيه قول كده تاني.

وبمزاح أيضًا لم يعتاده تابع صابر:

-شيل إيدك بقى هتصاحبني ولا إيه وسع كدة أقولك مش رايح في حتة أنا طالع البيت تاني.

ابتعد عنه وتحرك على مشارف الصعود للمنزل فصرخ أحمد بسعادة قائلًا بفرحة لا يبالي بنظرات من حوله متبعًا إياه :

-أنت قولت إيه تعالى هنا متسبنيش كدة…….

على الطرف الآخر وبعدما دخلت جهاد المنزل وضعت يديها على قلبها تشعر بالسعادة والقلق والخوف في آن واحد..

فالسعادة كان سببها إقامته بالمنزل المقابل لها مما يعني بأنها ستراه أكثر وأكثر بالفترة القادمة.

أما القلق والخوف فكان سببهما أن يتعرف عليها بالوقت الحالي إذا تحدثت معه وسمع صوتها مرة أخرى ويدرك بأنها هي.

خرجت “إسلام” من غرفتها بعدما أبدلت ملابسها وأخذت حقيبة يديها.

اندهشت جهاد من هيئتها وسألتها بأعين متفحصة:

-أنتي رايحة فين؟؟

~~~~♡♡♡♡~~~~

يتمدد يوسف كما هو رافضًا فعل أي شيء أو لنكون أكثر دقة فاقدًا للشغف لفعل أي شيء وممارسة يومه بصورة طبيعية وكأن شيء لم يكن بعدما انهارت آماله وأحلامه وكرهته فتاته والذي رسم بمخيلته حياته معها مستقبلًا فلم يتخيل نفسه مع امرأه سواها والآن ضاع و تحطم وكل شيء……………..

رن الجرس وفتح آسر باب المنزل فوجد أمامه صابر أفسح له مجالًا للدخول وقبل أن يغلق الباب كان أحمد يلحق به وهو يردد محاولًا إيقاف صابر:

-قولت إيه تعالى هنا سمعني تاني علشان شكلي بسمع غلط النهاردة خد يا صابر توقف وتحدث مع أخيك الأكبر سنًا وجهًا لوجه، خد يــــاض.

التفت صابر إليه قائلًا بنفاذ صبر:

-عايز إيه أنت دلوقتي.

-عايزك تعيد اللي قولته تحت كدة.

هنا و وقف آسر بالمنتصف ينظر لصابر تارة و لـ أحمد تارة أخرى متمتم بهدوء:

-عذرًا على المقاطعة بس ممكن تشوفوا الأخ النايم ده علشان مش عايز يقوم ولا ياكل أي حاجة وكدة مش صح.

انتبه صابر إلى يوسف متهربًا من أحمد متقدمًا منه جالسًا بجواره على طرف الكنبة فقد سرد آسر وأحمد مسبقا ما يحدث سواء كان مع محمد أو يوسف أمام قُصي و صابر فلم يعد هناك ما يخفى عنهم:

-أنت بتعمل إيه بضبط أنت كدة مستفيد إيه، اجمد كدة وقوم وفوق لنفسك وابدا من جديد معاها بس بطريقة صح من غير لا تصنع و لا تزييف و لا كدب، وبعدين أنت بتغير من نفسك ليه أصلا علشان حد المفروض لو عايز تتغير يبقى ده نابع من جواك أنت و يبقى لنفسك مش لحد تاني، مش علشان تعجب أو تخلي حد يحبك أساسًا لو عملت ده فـ أنت كدة بتخدع نفسك قبل أي حد تاني واللي قدامك مش هيحبك عشان نفسك ولا علشان أنت يوسف وبالتالي العلاقة دي هتبقى مؤقتة مش دايمة عايز علاقتك بيها تبقى مؤقتة يا يوسف قوم كدة و رد عليا و كلمني زي ما بكلمك.

أستجاب يوسف لحديث صابر و بات جالسًا أمامه ولكنه مطرق الرأس وكأنه طفل صغير، أخذ صابر نفسًا عميقًا قبل أن يرفع يديه و يربت على كتفيه مضيفًا على حديثه السابق:

-عايزها تفضل معاك طول العُمر ولا تنخدع فيك وتحب حد مش موجود وتكتشف ده مع الوقت و وقتها تسيبك ؟؟

خرج صوت يوسف مبحوح لا يتخيل أن تضيع من بين يداه:

-مش عايزها تسبني أنا بحبها يا صابر عايزها تفضل جمبي علطول لو ضاعت مني أنا كمان هضيع.

-يبقى متكدبش لو هتحاول معاها حاول وأنت نفسك مش حد تاني وهي لو بتفهم هتقدر حبك ومش هتسيبك تضيع من إيدها ولو سابتك تبقى هي اللي خسرانة وخسرت راجل بيحبها بجد واستحالة تلاقي زيه تاني.

لم يتحدث يوسف واكتفى بهز رأسه بتفهم.

تدخل أحمد والذي كان معجبًا بحديث أخيه، يخبره بهدوء يحاول مساعدته:

-على فكرة لمحت إسلام وهي طالعة البيت وجهاد كمان مش موجودة وطلعت البيت قوم غير هدومك وانزل ولو لسة لوحدها أتكلم معاها و ابعتلنا محمد.

نهض يوسف بعدما استجمع شتات نفسه، اخرج ملابس له وارتداها متخليًا عن الأساور و السلاسل الفضية مهندم خصلاته بطريقة لطيفة تليق به وبلطفه وشخصيته الحقيقية بعيدًا عن تلك الزائفة الذي رسمها وحاول أن يتحلى بها.

هبط من البناية ودخل المطعم مسلطًا بصره عليها فوجدها تنشغل ولا تلحق على العمل بمفردها وتحاول بكامل قوتها التركيز لتلبية طلبات الجميع. بحث بعينيه عن محمد ولكنه لم يجده..

دنا منها واقفًا أمامها وهو يردد بهدوء وطريقة لبقة:

-أنتي شغالة لوحدك ليه؟؟

طالعته ولم تجيبه واكملت ما تفعله طالع حوله ورأى كم الزبائن التي لا تلاحق عليهم بمفردها فسارع لإحدى الطاولات والتي كان الجالسين عليها ينتظرون مجئ أحد لأخذ طلبهم.

لم يتردد بمباشرة عمل محمد الغائب فقام بحفظ طلبهم ثم اتجه نحوها و وقف بجوارها طالعته بدهشة من فعلته بينما كانت عينيه ترتكز على ما تفعله فقام بتقليدها كمحاولة منه لمساعدتها يخبرها بطلب الطاولة..

تركت ما تفعله تسأله بذهول:

-أنت بتعمل إيه ؟؟؟

وببساطة أجابها و هو يهز كتفيه :

-بساعدك مش هتلاحقي على الشغل وأنتي لوحدك كدة.

-لا شكرًا مش..

قاطعها متمتم بنبرة هادئة غلفها شيء من الترجي لتركه يساعدها ومنحه تلك الفرصة:

-لو سمحتي بعد إذنك سبيني أساعدك و أول ما حد يجي من أخواتك أو محمد همشي و أوعدك مش هفتح بوقي بأي حاجة و لا هضايقك وعد، و وعد الحر دين عليه.

لم تتفوه بحرف زائد واكتفت بالنظر أمامها و تعبئة الطلبات و هو بالطبع فهم أن صمتها دلالة على موافقتها فسارع بالعمل ولم تخفى مهارته و التقاطه لما تفعل ليفعل مثلها عنها بل فاقم إعجابها به………

أما بالأعلى فقد جاء صابر بهاتفه وقام بفتحه وقرر الاتصال على زهر كي يسأل عنها ويطمئن عليها…….

~~~~♡♡♡♡~~~~

داخل سيارة وسام الجالس خلف المقود و زهر بجواره سعيدة بطريقة لا توصف تاركة النافذة مفتوحة تاركة مجال للهواء البارد أن يلمس بشرتها  الناعمة يستمعان للأغاني التي قامت بإنتقائها تردد بصوت عالي من فرط الفرحة مع كلمات الأغنية…

“كنا في أواخر الشتا قبل اللي فات زي اليومين دول عيشنا مع بعض حكايات أنا كنت لما أحب اتونس معاك أنا كنت باخد بعضي واروحله من سكات”

أوشكت على المتابعة لولا مقاطعة وسام لها قائلًا بمرح :

-أواخر الشتا إيه يا حبيبتي أحنا لسة بنقول يا هادي الشتا لسة داخل…

-والناس في عز البرد يجروا ويستخبوا وأنا كنت بجري وخبي نفسي قوام في قلبه…….إيه ده صابر بيتصل.

سارعت بالرد على أخيها مغلقة الأغاني قائلة بنبرة محبة:

-يـا صابر وحشتني.

-وحشتيني أكتر عاملة إيه و وسام عامل إيه وعامل معاكي إيه.

-وسام الحمدلله حلو أهو..

خطف وسام نظرة إليها وهو يخبرها:

-سلميلي عليه.

اماءت له وأخبرت صابر وبتلك الأثناء آتى أحمد وخطف الهاتف من أخيه متحدث معها:

-بت يا زهر اشتقت إليكِ با بت.

ابتسمت زهر وقالت معلقة بذات طريقته:

-اشتقت إليك أكتر والله بكتير.

التفت وسام إليها سريعًا ما أن استمع لحديثها الأخير فسارع بالتحدث بهمس معها:

-ده أحمد؟ لو أحمد متعرفيهوش أننا مسافرين عينه هتجيبنا الأرض.

في ذات الوقت انتبه أحمد لذلك الضجيج من حولها والذي كان بفضل الهواء فلم يتردد في سؤالها عن مصدر هذا الضجيج:

-إيه الصوت ده أنتوا برة ولا إيه ؟

لم تمتثل زهر لحديث وسام وصاحت تخبره بسعادة:

-آه مسافرين بالعربية أنا و وسام.

ضرب وسام المقود من أمامه بغيظ متمتم :

-بتقوليله ليه؟؟ ليه بتقوليله ابقي تفي على وشي لو وصلنا النهاردة.

طالعته زهر بضيق من أجل أخيها مستمعة لكلمات أحمد الأخيرة:

-طب افتحيلي الاسبيكر خليني اسلم عليه .

استجابت له وقامت بفتح مكبر الصوت وسريعًا ما هتف :

-أيوة يا وسام يا جوز أختي والعة معاك جواز وسفر ومغامرات عقبالنا يارب، يارب اوعدنا.

-والعة آه هي شكلها هتولع فعلًا بقولك إيه يا أحمد عارف لو حصل حاجة والله لـ……………..إيه ده إيه اللي حصل ده!!

ارتسمت الدهشة على وجه زهر و هي تتساءل:

-إيه ده في إيه أنت بتوقف العربية ليه وإيه الصوت ده.

رد وسام وهو يحاول أن يقف بها جانبًا بعيدًا عن منتصف الطريق:

-لا مش أنا اللي بوقفها العربية شكلها بتعطل دي بركة أخوكي حلت اقفلي بقى معاه الله يحرقك يا أحمد قولتلك يا زهر قولتلك يا حبيبتي متعرفيهوش حاجة…

استمع أحمد لكلماته فصاح معترضًا محتجًا على إتهامات وسام له:

-قصدك إيه هـــا؟؟؟ ماذا تقصد بهذا الحديث السخيف وما ذنبي أنا في تعطيل سيارتك.

أغلقت زهر المكبر وقالت بعدما وضعت الهاتف على أذنيها:

-طب أقفل يا أحمد دلوقتي معلش.

بعد إغلاقها معه و وقوف وسام جانبًا هبط من السيارة كي يتفحصها ويرى ما سبب العطل المفاجئ….

أخرجت رأسها من النافذة وهي تتساءل:

-هو إيه اللي حصل عطلت ليه دي؟؟؟

-يا روحي ما قولنا البركة في أخوكي وفي عين أخوكي ربنا يباركله أو ياخده إن شاء الله.

~~~~♡♡♡♡~~~~

بمنزل ياسين وريهام تحديدًا غرفة الصالون كان يجلس بمنتصف الأريكة يدخن بشراهة وبوجه عابس باردًا كـ لوح الثلج، غاضبًا منها كما لم يغضب من قبل، تعتريه رغبة شديدة للإمساك بها وتعنيفها ضربًا كنوع من العقاب على ما فعلته اليوم به وكيف عكرت يومه ومزاجه…

أنهى سيجارته وقام باطفائها ثم اخرج هاتفه وجاء برقم ما، وضع الهاتف على أذنيه وانتظر رد الطرف الآخر..

ثواني فقط وكانت تجيب فهتف سريعًا يخبرها:

-مراتي سابت البيت هبعتلك لوكيشن البيت تعاليلي اقعدي معايا بس بلاش لكاعة علشان مخنوق.

وبالطبع لم تعترض الفتاة و وافقت على المجئ له متتبعة العنوان الذي أرسله لها.

بعد مرور ساعة تقريبًا وصلت الفتاة وفتح لها تاركًا إياها على أعتاب الباب عائدًا لمكانه مجددًا وهو يخبرها ويحثها على الدخول:

-تعالي خشي.

وما أن خطت بقدميها لداخل المنزل حتى اتسعت عينيها بإعجاب كبير فقد نال منزله إعجابها منذ الوهلة الأولى.

لم تخفي هذا الإعجاب و واصلت تدقيقه وفحصه قائلة بنعومة مفتعلة:

-إيه البيت الحلو ده يخربيت جماله والله خسارة في مراتك كنت خليه للفرفشة.

-متجبليش سيرتها بقى غيري أم السيرة العكرة دي.

تركت حقيبة يديها جانبًا وهي تجلس بجواره تسأله بفضول:

-هو في إيه بضبط ده أنت أول مرة تعملها وتجيبني هنا، راحت فين ست الحسن والجمال.

تشنج وصرخ بها غضبًا من التحدث عنها وتذكيره بها:

-يــوه هو أنا مش قولت غيري أم السيرة دي… ياسمين متعصبنيش أنا مش ناقص قرف لو هتقرفيني قومي غوري أنتي كمان أنا قرفان لوحدي.

ردت عليه تحاول تهدأته:

-طب خلاص حقك عليا، مش هتكلم عنها تاني بقولك إيه..

نطقت الأخيرة وهي تلتفت برأسها من حولها تسأله:

-هو الحمام فين؟

أخبرها بمكانه فنهضت على الفور وتركته وما أن دخلت دورة المياه وأغلقت الباب حتى ارتسم الذهول على محياها وهي تردد:

-بقى ده حمام ؟؟؟؟ده أحلى من حياتي، لا وسيباله البيت وغضبانة، صحيح نسوان مبتقدرش النعمة خسارة فيها العز ده كله.

~~~~♡♡♡♡~~~~

وافقت إسلام على مقابلته لم تمانع رؤيته خارج المطعم بمكان عام اختارته بنفسها كي يتحدثان وتسمع ما لديه وأخبرها بأنه ضروري.

ترى ما هو الأمر الضروري؟..

هل قرر التحدث أخيرًا وأخبارها بحقيقته وكذبه؟…

هل تحلى بالجرأة لمواجهتها والقول بأنه كاذب!!!!!!!!!!!

هل أضحى مستعدًا لذلك؟؟؟؟……

العديد من التساؤلات دارت بعقلها لم تجد أجوبه لهم بل كانت أجوبتهم لديه هــو.

وصلت أمام إحدى المقاهي التقطت أنفاسها ثم زفرتهم ببطء قبل أن تتحرك و تدخل المقهى بحثت عنه بعينيها فلم تجده لتدرك بأنه لم يأتي بعد استقبلها أحد العاملين بالمقهى مشيرًا لها نحو الطاولات كي تختار واحدة فـ انتقت واحدة من الطاولات والتي كانت مخصصة لاثنان فقط.

سحبت المقعد قليلًا ثم جلست واضعة حقيبة يديها على سطح الطاولة وهي تخرج منها هاتفها كي تحادثه.

رن هاتفه فأجاب عليها قائلًا لها :

-وصلتي؟

-أيوة.

اماء برأسه وهو يخبرها بهدوء:

-خمس دقايق بضبط وأكون عندك.

-تمام.

هكذا كان جوابها بسيطًا مختصرًا من كلمة واحدة.

أغلق معها و تابع طريقه بقلب يتألم للغاية جاهلًا بما هو قادم وينتظره.

فقد أتخذ قراره وتلك المرة لن يتراجع عنه مهما حدث و كلف الأمر فقد أرهقه كذبه…..

أرهقه للغاية لم يعد بإمكانه تحمله..

يشعر بأن هناك عبئًا يجثو على صدره…

يضيق تنفسه..راغبًا بالتخلص منه والشعور بالراحة الذي اشتاق لطعمها، يتمنى من صميم قلبه أن تسامحه..تغفر له خطأه ويبدأ معها من جديد.

دقائق معدودة وكان يصل بالفعل صف السيارة ثم هبط منها وبدأ يخطو خطواته داخل المقهى.

سقط بصره عليها فوجدها شاردة جميلة كما عرفها دومًا.

ابتلع ريقه والتهم المسافة بينهم…

سحب المقعد الفارغ مسببًا خروجها من ذلك الشرود والتفكير منتبهه إليه ولكلماته المعتذرة على تأخره عليها وجعلها تنتظره.

-آسف على التأخير الطريق كان واقف و زحمة جدًا.

أبصرته بعينيها التي كانت تنطق بالكثير والكثير عكس لسانها الذي لم يتحدث بأي شيء.

هرب بعينيه منها مما جعلها تتحدث بترقب وهي تعقد ساعديها أمامها :

-مجتش النهاردة ليه يا محمد؟

خطف نظرة نحوها قبل أن يجيبها بصراحة مطلقة:

-علشان تعبت يا إسلام..تعبت بجد..أنا مش طايق نفسي…أنا بتنفس بالعافية وأنا السبب في اللي أنا فيه..أنا اللي عملت في نفسي كدة..وندمان والله العظيم ندمان…كنت علطول بسمع أن الندم مش بيفيد صاحبه بس أنا بقالي فترة عايش ده.

لم تتغير تعابير وجهها بل ظلت محتفظة ومتحلية بالهدوء والجدية الشديدة رغم اهتزازها كليًا من حديثه ونبرته المملوءة بالوجع….

قاطعهم قدوم العامل وهو يستفسر منهم عما يريدان طلبه..

استجمع محمد نفسه وسألها بهدوء:

-تشربي إيه ؟

-ممكن شاي.

نظر للعامل وقال طالبًا :

-اتنين شاي سكر برة.

غادر العامل بعد أخذ طلبهم فجاء دور إسلام تلك المرة قائلة بترقب:

-وإيه اللي مخليك ندمان ؟ وده إيه علاقته بيا أو بأنك مجتش النهاردة ؟

-هو أساسًا ملوش علاقة غير بيكِ يا إسلام…إسلام أنا بحبك…حبيتك من أول ما شوفتك..لغبطيلي كياني وحياتي..كنت عايز اقرب منك بأي شكل وأعرفك أكتر بس عملت ده بطريقة محسبتش حسابها ولا عرفت عواقبها غير متأخر…أنــا.

-أنت كــداب يا محمد..مش ده اللي أنت عايز تقوله ؟ عايز تقولي أنك كداب كدبت عليا في كل حاجة عنك…تحب أقولك أنت مين وابن مين تحب أقولك أنت غني إزاي؟؟؟؟؟؟؟؟ تحب أقولك أنا كدبت عليا كام مرة وفي كام حاجة ؟

اتسعت عيناه ذهولًا بل صدمــــــة…..

صدمة لم يحسب لها حسبان…فـ آخر شيء قد تمناه أن تكون قد كشفته وكشفت كذبه من تلقاء نفسها وقبل أن يخبرها..

تمنى بمجرد أن أتت الفكرة له مسبقًا بأن تنشق الأرض و تبتلعه و الآن عندما وقع في هذا الموقف عاد يتمنى حدوث هذا……شعور بشع لا يتمناه لألد أعدائه وضع به الآن…..

جاء العامل من جديد واضعًا مطلبهم أمام كل منهما مرفقًا الطلب بزجاجة من المياه وكوب زجاجي فارغ….

بعد ذهابه تحدث بحرج واضح فـ عيناه كانت تفضحه وتعكس ما يحدث معه من ندم وطلب للغفران.

-عرفتي أمتى وإزاي؟؟؟

التوى جانب فمها بابتسامه ساخرة وهى تردد :

-ده اللي فارق معاك بجد؟؟ محمد أنت واحد كداب..كداب كبير كدبت عليا وعينك بصة في عيني…لا و الأنقح كملت في كدبك عليا..لسة فاكر تصارحني دلوقتي بعد إيه ها؟ بتصارحني بعد ايه؟؟؟؟؟ بعد ما نزلت من نظري….وبكل بجاحة بتقولي بحبك بأمارة إيه ها بتحبني بأمارة إيه عملت إيه يثبت حبك ليا لحد دلوقتي.

شارف على التحدث والرد على سؤالها فـ منعته قائلة بطريقة هجومية كارهة لفعلته:

-إياك إياك تقولي أنك كدبت علشاني..علشان أنت مكدبتش علشاني يا محمد أنت كدبت علشان نفسك وأنت اللي قولت ده بعضمة لسانك كنت عايز تتعرف عليا أكتر فتكدب عليا..استسهلت الكدب اسمها..معأن كان في طرق تانية عشان تتعرف بيها عليا..لو بتحبني زي ما بتقول كنت دخلت البيت من بابه كان ممكن نعرف بعض في فترة الخطوبة..

-مكنتيش هتوافقي يا إسلام مين قالك مفكرتش اعمل كده لا فكرت بس كنت خايف ترفضيني واخسرك..

رد عليها باندفاع يدافع عن نفسه وعن عشقه لها الذي لا حدود له..

عادت تبتسم بسخرية تسخر من حديثه ومن عشقه لها:

-وأنت كدة مخسرتنيش صح؟ لو بتفكر كدة فـ أنت غلطان أنت خسرتني يا محمد أنت واحد كداب وأنا مستحيل أوافق أو أعيش مع راجل كداب..وفوق أنك كداب جبان يا محمد.

التقطت حقيبتها وقبل أن تنهض قالت له بقسوة شديدة :

-متجيش المطعم تاني أنت مرفود وعلى الله توريني وشك مرة تانية..

كادت تغادر فنهض مسرعًا خائفًا من فقدانها يرجوها بعينيه قبل لسانه:

-إسلام اسمعيني متعمليش فيا كدة أنا بحبك مش عايز اخسرك مش هستحمل خسارتك والله ما هستحمل خليكي معايا أنا آسف خلينا نبدأ من جديد ونفتح صفحة جديدة.

وبقسوة أشد من سابقتها أجابت عليه :

-ملكش صفح عندي علشان نفتح واحدة جديدة…

كانت تلك كلماتها الأخيرة قبل أن تتركه وحيدًا يعاني من ألم خسارتها.

ملقيًا اللوم على نفسه فهو المذنب الأول والأخير ومن آذى نفسه بنفسه…………….

~~~~♡♡♡♡~~~~

-ما يلا بقى يا وســام..

نطقت زهر كلماتها المتذمرة فقد مر أكثر من نصف ساعة وحتى الآن لا يستطع وسام إصلاح العطل الحادث..

حرك وسام رأسه يبصرها وهو يردد بتشنج طفيف:

-يلا إيه يا زهر يلا إيه هو بأيدي يعني بمزاجي العربية عطلت ما أنا بحاول أهو فيها يكش تدور وتشتغل بعد كل ده..

-يــــــــــــوه.

ردت زهر وهي تعقد ساعديها أمامها بغضب طفولي بحت.

مر عشر دقائق فقامت بإخراج بعض الشطائر التي قامت بتحضيرها لأخذها معهم…

التقطت واحدًا وبدأت بالتهامه تزامنًا مع إنتهاء وسام وصعوده للسيارة خلف المقود قائلًا وهو يحاول تشغيلها:

-لما نشوف كدة يكش تدور و تشتغل.

دارت من جديد لتتسع ابتسامته متمتم وهو يخطف نظرة نحوها:

-الحمدلله اشتغلت أهي….أنتي بتعملي إيه يا حبيبتي…

وقع بصره عليها وهي تلتهم الشطيرة القابعة بيديها فأجابته وهي تضع القطعة الصغيرة التي تبقت منها داخل فمه:

-باكل يا قلب حبيبتك أنا قولت الموضوع شكله لسه مطول وأنا بصراحة حسيت بهبوط استني اجبلك عصير تشربه تبلع بيه…

أتت له بالعصير وشق طريقه من جديد….

لحظات وكان يهتف باسمها قائلًا:

-زهــر.

-عيون زهــر.

ابتسم على ردها العفوي متابعًا حديثه :

-مش ملاحظة حاجة ؟؟ أو مش ناسية حاجة بمعنى أصح !!!!!!

وضعت سبابتها بالقرب من جبهتها بعدما نجح في جذب انتباهها إليه…

وبعد حيرة وتفكير دام فقط لثواني سألته :

-صح معاك حق أنا إزاي نسيت اجيب شوكليت ناكلها يـوه، لو وقفت في أي بريك نبقى نجيب من أي ماركت.

-شوكليت إيه !!! زهر ركزي في حاجة مهمة أنتي نستيها..

عادت تفكر من جديد فلم تجد شيء قد تناست أمره فقالت :

-لا مش عارفة نسيت إيه اعتقد مفيش حاجة نسيتها غير الشوكليت.

زفر ثم قال مؤكدًا وعينيه لاتنزاح عن الطريق من أمامه :

-لا نسيتي نسيتي أهم حاجة .

-واللي هي؟؟

-مسألتنيش مسافرين على فين مستنيكي تسألي من بدري وأنتي ولا الهوا .

وبعفوية وتلقائية صادقة قالت مبررة عدم سؤالها:

-مش مهم رايحين فين المهم أننا سوا المكان ميفرقليش قد ما أنت تفرق معايا و أني بحقق معاك اللي كان نفسي فيه من زمان واللي هو أني اسافر معاك بالعربية لأي مكان ونشغل أغاني وناكل السندوتشات اللي عملتهالك بأيدي ونتصور صور كتير أوي ونضحك ونهزر ونقضي وقت حلو ومغامرات جميلة نحكيها لولادنا….

اهتز قلبه من كلماتها التي لامسته واستشعرها فهي معاها كامل الحق فالمكان والزمان لا يهمان بل ما يهم حقًا أنهما معًا….

منحها بسمة محبة معلقًا بحب وهو يلتقط كف يديها تاركًا قبله محبة حنونة عليها:

-غلبتيني مقدرش افتح بوقي تاني بصراحة…….

~~~~♡♡♡♡~~~~

خرج صابر من الشرفة بعد إنهائه المكالمة الذي كان يجريها مصوبًا حديثه إلى باقي الشباب والذين كانوا يتجمعون ويتشاجر كل من أحمد وآسر مثلما اعتادوا ليقاطع صابر ما يحدث متمتم:

-أنا وصيت على أوضتين امبارح و وصلوا بيهم تحت يلا عشان ننزل ننساعدهم.

فرح آسر وصاح معبرًا عن سعادته:

-بتهزر إيه السرعة دي يا جدع لا ده أنت واصل بقى..

رد أحمد ينفي هذا مغمغم بمرح :

-لا يا واد يا آسر ده الفانوس السحري بتاعنا نطلب و نتمنى وهو ينفذ و يحقق بس ليه اوضتين بس كنت وصي على اتنين كمان و نملى البيت أوض مين عارف يمكن العيلة كلها تيجي تقعد هنا.

استحسن قُصي تلك الفكرة وصاح:

-آه لو أبويا وأمي يوفقوا كنت جيت قعدت معاكم والله القعدة معاكم مسلية.

استنكر أحمد كلماته وقال:

-مسلية !!! ليه قاعد مع قــرود حضرتك.

تدخل صابر وفض الشجار قبل أن يبدأ قائلًا بجدية:

-آه سيبوا بقى الرجالة وقفة تحت و اقعدوا اتخانقوا.

التزموا الصمت وخرج صابر أولًا ثم قُصي ثم أحمد وبعده آسر..

ولسوء حظه و تزامنًا مع خروجه كانت تخرج هي الأخرى رفقة روضة.

ومن سوء حظه للمرة الثانية تقابلت عينه مع عينيها بنظرة خاطفة سريعًا ما تفاداها الاثنان..

والمريب أن آسر زير النساء ومحب الفتيات ارتبك وتوتر واهتز صدره من تلك النظرة البسيطة من عينيها فلم يجد نفسه إلا وهو يعود مرة أخرى داخل المنزل يغلق الباب من خلفه مستندا بظهره على الباب..

مطرقًا رأسه يطالع موضوع قلبه الذي يخفق بجنون متمتم بتلجلج:

-مفيش حاجة…مفيش حاجة…خير إن شاء الله.

التفت أحمد خلفه على صوت روضة وهي تلقي التحية عليه:

-أزيك عامل إيه؟

-الحمد لله بخير طول ما أنتي بخير أزيك يا آنسة ضياء؟ المذاكرة عاملة معاكم إيه..

ردت ضياء عليه بينما كانت روضة بعالم آخر بعد رده الذي خصها به وظل يتردد داخل ذهنها:

“الحمد لله بخير طول ما أنتي بخير……”

لاحظ أحمد أختفاء آسر وكذلك قُصى الذي لم يندهش من رؤية ضياء أو يتفاجئ فـ آسر قد أخبره كل شيء ليلة أمس.

لم يهتم صابر وتابع سيره وقبل أن يفعل أحمد أي شيء ويعود لجلب آسر والذي ظنه هرب من مساعدتهم خرج من جديد بمفرده..

مسلطًا بصره عليها حتى اختفت تمامًا هي و روضة جاهلًا بل مستنكرًا لما يحدث معه………..

~~~~♡♡♡♡~~~~

غابت الشمس وحل المساء ولم يصل وسام و زهر بعد إلى وجهتهم.

نظرت زهر إليه وهي تردف بإرهاق يليح على قسماتها:

-هو فاضل كتير لسة؟؟؟؟

-غالبـًا لا.

عقدت حاجبيها وطالعته باستنكار مكررة كلماته:

-غالبًا لا!!!! مصيبة لتكون مش عارف الطريق و توهنا.

طالعها وسام بطرف عينيه وهو ينفي تلك الحقيقة:

-توهنا إيه بس تفي من بقك إن شاء الله قربنا وبعدين عيب عليكي لما تقوليلي توهنا، ده أنتي معاكي وســام يعني جوجل ماب.

سألته بتردد:

-يعني احط في بطني بطيخة صيفي؟

-ده أنتي تحطي بطيختين تلاتة مش بطيخة واحدة يا روحي.

بعد مرور ثلاث ساعات إضافية يسيران بهذا الظالم الحالك والسكون الشديد والفراغ المحيط بهم.

توقف وسام بالسيارة وهو يحك جبينه مرددًا:

-زهـــر.

حدقت به بشك تحاول نفي هذا الشعور الذي يعتريها:

-أنت وقفت ليه إن شاء الله ما يكونش اللي في بالي.

-يا ستي إن شاء الله مش اللي في بالك أنا بس كنت عايز اقولك حاجة.

احتضنت وجهها وهي تسأله:

-حاجة إيه قول بسرعة من غير مقدمات.

أجاب عليها بطريقة آسفة:

-أحنا شكلنا توهنا يا زهـــــر…………

~~~~♡♡♡♡~~~~

بمنزل يوسف اجتمع الشباب بعدما انتهوا من أمر الغرف، ينتظرون حضور أحمد والذي أصر على النزول وجلب الطعام بذات نفسه معترضًا على طلبه هاتفيًا ومجيئه عن طريق أحد عاملين المطعم..

ولكن مر الكثير على غيابه وبدأ الجوع ينهش بهم وتصدر معدتهم بعض الأصوات.

جاء آسر بهاتفه وقام بالاتصال عليه فاتحًا مكبر الصوت.

رد أحمد وهو يردد بأسلوبه المرح:

-أنا خلاص أهو جايب الأكل وجاي أهو وداخل على العمارة.

-طب يلا انجز عصافير بطننا بتصوصو.

-طب وإيه يعني ما أنا كمان قطط بطني بتنونو.

-إيه يا واد خفة الدم دي غور بقى بتقل دمك ده.

اغلق آسر الهاتف في وجهه فطالعه صابر الذي كان يجلس بجوار يوسف وعقب انهائه للاتصال قال مصوب حديثه لـ آسر:

-أتكلم معاه عدل علشان مزعلكش.

ارتفع حاجبي آسر وهتف ساخرًا:

-لا يا راجل طب زعلني وبعدين أنت مالك ابن عمي وابن خالتي وحر معاه ليك فيه؟؟؟

-آه ليا وكلامي مش هكرره تاني يا آسر تتكلم معاه عدل من هنا و رايح فـاهم.

-وماله إن شاء الله قول يارب.

-طيب أنا عرفتك وقد اعذر من انذر.

بعد مرور بضعة دقائق إضافية لم يأتي أحمد بعد و تذمر الشباب من تأخره وحاول آسر وقُصي الوصول إليه..ولكنه لم يجيب عليهم..

حاول من جديد ولكن دون جدوى.

وعلى الفور هب صابر مستشعرًا حدوث شيء ما معه فمن المفترض أنه على مشارف الوصول فلماذا لم يأتي حتى الآن.

لما لا يجيب على هاتفه!!!!

هل كذب عليهم ولا يزال أمامه القليل كي يصل!!

قلبه يخبره بأن هناك شيء حدث معه..

خرج من المنزل دون الإستماع أو الأهتمام لـ اسئلتهم.

هبط صابر الدرجات حتى وصل للدور الأرضي وقبل أن يخرج من البناية جذب انتباه ذلك الجسد المستلقى أرضًا وبجواره بقعة من الدماء نتيجة عن تلك الطعنة الذي تلاقها غدرًا بجوفه…

تسمر جسده واتسعت عينيه و شعر وكأن قلبه قد هوى أرضًا مع رؤيته لهذا المشهد ألا وهو رؤيه جسد أخيه على الأرض يصارع بين الحياة والموت………

تدارك نفسه وأفاق من حالته واندفع ركضًا نحوه لا يشعر بتلك الدموع التي تهبط من عينيه وهو يردد اسمه بخوف لا نهاية له من خسارته و فقدانه للأبد:

أحمــــــــــــــــــد

….

««يتبع»»…….

فاطمة محمد.

اتمنى الفصل يكون عجبكم

وهستنى

رأيكم وتفاعل حلو زيكم

وميعادنا

مع الفصل الجديد يوم الجمعة بأمر الله. ❤

الفصل التالي: اضغط هنا

يتبع.. (رواية الحب كما ينبغي) اضغط على اسم الرواية لتجد الفهرس كاملاً بجميع الفصول.

أضف تعليق