رواية الحب كما ينبغي – الفصل الخامس والخمسون
الفصل الخامس والخمسون
توضيح صغننون عشان الأغلبية متفقين أن آخر تلت فصول نزلوا كانوا صغيرين على غير العادة، فأنا حبيت أوضح وأقول أني كنت تعبانة جدًا وفاقدة الشغف والقدرة أني اكتب وده أنا قولته طب الجديد واللي اتسبب أني الفصل يبقى صغير برضو إيه هقولكم أني نزلت شغل فـ مكنتش ملاحقة حرفيا اتنفس وفي نفس الوقت مرضتش الغي أو أجل حاجة فكنت بكتب اللي بقدر عليه وأنزله، وإن شاء الله أحاول أعوضكم بدءًا من الفصل الجاي❤
__________________________
الحب كما ينبغي.
فاطمة محمد.
الفصل الخامس والخمسون:
تنفرد جهاد بنفسها داخل غرفتها، موصدة للباب، مغلقة للأنوار، رافضة تواجد أي من شقيقاتها بجوارها فقد طلبت منهم رحيلهم وتركها بمفردها بعدما اهتموا بها وقاموا بدهن جسدها بمرهم يخفف من آلالامها، رافضة أخذ مسكن يسكن لها وجعها…
فقط ترغب وتريد الجلوس مع نفسها قليلًا ربما لتهدأ وربما تفكر فيما حدث اليوم من أحداث كبيرة وصراعات لم تتوقع أو يأتي بجالها أن تحدث معها.
كل جزء من جسدها يؤلمها أثر الضربات التي تلقتها من والدها ولكن تلك الآلآم لا تأتي شيء أمام وجع قلبها.
والغريب المريب في الأمر أنها مع هذا الكم من الآلآم لا تبكي..لا تذرف دمعة واحدة.
فقط ساكنة سكون يثير الريبة في النفوس.
تجهل ما عليها فعله…هل تستجيب وتوافق على العمل مع المدعو عـادل أم ترفضه…
تفكر في قرار والدها الحاسم الذي لم ينطق بـه بعد ولكنها تتذكر جيدًا كلماته الأخيرة مع عـادل وأخباره بأنه سيفكر في حديثه.
أخبره أنه سيفكر…ويمنحه قراره… كيف لـه أن يفكر ويقرر عنها دون الرجوع إليها.
ولكن لن تندهش هذا هو والدها ولن يتغير سيبقى كما هو قاسي القلب لن يحنو عليهم يومـًا.
وعلى حين غرة فُتح باب غرفتها ورفعت عيونها تبصر من داهم وهاجم عزلتها في ذات الوقت الذي خرج بـه صوت بـرق القلق المرعوب عليها ما أن علمت ما حدث معها، مشعلة للأنوار، تاركة الباب مفتوح خلفها:
-جهاد أنتِ كويسة؟؟؟
قالتها وعيونها تتحرك عليها تتأكد من أنها بخير ولكن تلك الكدمات وأثار الضرب على وجهها والممتدد على يديها المكشوف نصفها، أخبرتها بما لم ينطق به لسان جهاد ونفته تمامًا:
-الحمدلله…أنا كويسة.
أكبر كاذبة قد رأتها عيونها يومًا.
كيف لها أن تكون بخير وهي على هذا الحال.
وبغيظ من ردها وعدم تعبيرها عما تشعر به قالت باستنكار:
-والله!! ده منظر واحدة كويسة؟؟! أنت بتضحكي على مين!!! مكلمتيناش ليه يا جهاد!!
-هكلمك فين وأمتى، هقولـه معلش يا بابا سبني بس دقيقة وبطل ضرب فيا عقبال ما أروح أكلم أخواتي اشتكيلهم وأحكيلهم!! أنتِ بتقولي إيـه! اعقلي الكلام قبل ما تقوليه يا بـرق.
أدركت بالفعل مدى حماقتها والتي نتجت عن شدة رعبها عليها.
ابتلعت ريقها وقالت بعدما أطلقت تنهيدة:
-معاكي حق…طب حسة بوجع؟؟ تيجي نروح أي مستشفى؟
وقبل أن تجيبها، وصل صوت عالي إلى مسامعهم وذلك الصوت لم يكن بالغريب بل كان صوت إسلام والتي أتت هي الأخرى ما أن عرفت من ضياء كل شيء حدث و ما حدث بجهاد وهي من جاءت بـ بـرق بعد أن أخبرتها.
“يعني إيـه تمد إيدك عليها وتصدق عليها الكلام الفارغ ده من غير حتى ما تسمعها!!!! أنت إزاي تعمل كدة!!! إزاي بنهون عليك كدة… رد عليا..”
تبادلت جهاد وبـرق النظرات وسألتها جهاد وهي تهب وتنهض من جلستها على الفراش،تتغاضى عن وجعها:
-هي إسلام كمان جت!!
فارقت جهاد الغرفة وهي تنصت إلى رد بـرق السريع:
-آه هي اللي قالتلي أصلا بعد ما ضياء اتصلت حكتلها اللي حصل واللي عمله معاكي، كنتي احكيله الحقيقة يا جهاد واخلصي.
وصلت جهاد للصالون الذي تقف بـه إسلام و شكري جالس أمامها بكل برود قد يتواجد بهذا العالم..يجلس وكأنه لم يفعل شيء..يجلس وكأنه من الطبيعي أن يصدق أي ترهات أو أحاديث تُقال عن ابنته دون التحقق من صحتها حتى!!
استمع الثلاث فتيات إلى جوابه، قائلًا ببرود مميت ساخر في ذات الوقت:
-والمفروض كنت اعمل إيـه أقف أسقفلها وأقولها شاطرة يا حبيبتي أنك خليتي كله يتكلم عليكي..أنا كان المفروض اقتلها..ده الدبح حلال فيها، احمدوا ربنا أنها جت على قد كدة..وبعدين وطي حسك أهلك ده وأنتِ بتكلمي معايا مش عشان أتجوزتي تفتكري نفسك كبرتي عليا وتعلي صوتك، لا ده أنا ممكن أجيبك تحت رجلي وأعمل فيكي أضعاف اللي عملته فيها وهيبقى حقي ما أنا مش هقف اسمعك وأنتِ بتقلي أدبك وأقف أتفرج عليكي.
أثناء حديثه دنت إسلام منها تضمها إليها تشعر بكامل الأسف عليها….وبعد انتهائه كادت أن تفتح فمها و تجيب عليه وتتجادل معه، لولا تدخل جهاد قائلة بهدوء تفض ما يحدث بين الاثنان:
-خلاص يا إسلام…خلاص، اللي حصل حصل خلاص، كلامك ملوش فايدة، كلت العلقة واللي كان كان، وبعدين أستاذ عـادل جه وقاله أن مفيش بيني وبينه أي حاجة وأني بريئة من اللي بيتقال.
ابتسم شكري بسمة جانبية وهتف متابعًا استهزاءه:
-آه كان عايزها في شغل ولسة عايزها وبيقول أن الشغل ده بيكسب..بقولكم إيـه خشوا جوه بقى وسبوني أفكر كدة وأسال في الموضوع واتأكد من موضوع بيكسب ده.
ضاقت عين إسلام وصاحت بانفعال وأعصاب قد انفلتت:
-أيوة وأحنا مالنا بيكسب بيخسر ملناش فيه!! ولو سمحت بعد إذنك أنا هاخد جهاد النهاردة تبات عندي.
زفر شكري وقال موافقًا دون أدنى اعتراض:
-يختي خديها هي عاملالي إيـه يعني، على الله بس المحروس جوزك ميضايقش منها ومنك، والله ما عارف مستحملك على إيـه ولا شايف فيكي إيـه سواء أنتِ ولا هي..
قصد بكلماته كلا من إسلام وبـرق والتي طالعته بعدم تصديق.
نهض وترك إياهم خلفه، وبعد ذهابه همست جهاد للاثنان:
-متشغلوش بالكم باللي قاله، أهو بيحاول يضايقكم وخلاص..إسلام أنا مش عايزة انزل ولا أروح في حتة أنا مش قادرة أصلًا، وكمان مش حبة أتقل عليكي أنتِ ومحمد.
-أنتِ عبيطة تتقلي إيـه هو أحنا في بينا الكلام ده!!! وعشان بس تبقي عارفة محمد اللي قالي أخدك تباتي عندي النهاردة وخدي التقيلة بقى….بـرق هي كمان هتبات معانا في نفس ذات الشقة.
ضاقت عيون جهاد وسألت بعدم فهم واضح:
-طب ويوسف هيبات لوحده.
-لوحده إيـه يا جهاد ركزي، أحنا التلاتة هنبات سوا، ومحمد هنفلسعه على يوسف يبات عنده، يسلوا بعض.
-لا يا جدعان متعملوش كدة مش عايزة ألخبطلكم الدنيا وأضايق يوسف ومحمد أنـ…
-أنتِ عبيطة!! فيها إيـه يعني لما يباتوا ويقعدوا سوا يوم إيـه اللي يضايق في الموضوع! أومال لو مكنوش قرايب بقى…وبعدين يوسف ومحمد بيموتوا في بعض متقلقيش.
_____________________________
-مبيردش..مبيردش…صابـر مبيردش يا صابـر….صابـر مبيردش يا آسـر…حسبي الله ونعم الوكيل فيك أنت السبب، قولتلك صابـر مش لازم يعرف حوار جهاد ده.
صوب أحمد كلماتـه الأخيرة لـ آسـر والذي لا يزال يجلس معه بغرفته ممدد على الفراش لا يفعل شيء..فقط يراقب أحمد بعيون فاقدة للشغف والحياة.
وبدون أن تتغير تعابير وجهه علق على حديثه، هاتفًا:
-بتحسبن عليا ليه، هو أنا اللي قولتله ولا أنت اللي أنسحبت من لسانك وقريت بكل حاجة أول ما زعق وشخط فيك وقالك تنجز! ده أنت غريب جدًا.
-وهو مين كان السبب في أني أقول ويسمعنا أساسًا وأحنا بنكلم في الموضوع مش أنت!! يبقى أنت السبب ولا لا يا ناصح؟؟ بقولك إيـه ما تجرب تتصل عليه كدة يمكن يرد عليك.
تأفف آسـر وقال بنبرة يملؤها السخرية:
-يعني مردش عليك أنت هيرد عليا أنا؟؟ بقولك إيـه يا بن خالتي.
-قول يا بن عمي.
-نقطني بسكاتك أنا صدعت أنت إيـه مبتتعبش!!! مبتفصلش!!!
ضاقت عين أحمد وسأله:
-ده قـر ولا حسد!!!
-يا جدع لا قر ولا حسد ده استغراب وفضول بس مش أكتر، شد بلستر بقى وخمسة هدوء.
-حاضر بس جرب تتصل على صابـر، بليـز.. من فضلك إذا سمحت، القلق ينهش قلبي عليه.
استجاب آسـر إلى طلبه والتقط هاتفه وجاء برقمه واتصل عليه.
وأحمد يقف بجواره يترقب ما سيحدث متأملًا أن يجيب تلك المرة… لا يهم على من سيجيب سواء هو أو غيره.
فقط يرغب أن يطمئن قلبه على توأمه والذي يفهمه أكثر من الجميع وحتى أكتر من نفسه.
نما إلى سمعهم صوت رنين الهاتف والذي يقترب ويرتفع صوته أكثر فـ أكثر..تبادل الاثنان النظرات وقبل أن يصدر أي رد فعل منهما كان الباب يُفتح ويطل من خلاله صابـر رافعًا هاتفه أمام عيونهم يسألهم بضيق يليح على قسماته المتشنجة:
-في إيـه!؟؟؟ شغال زن ورن أنت وهو عايزين إيـه ما أنا متنيل قاعد في الأوضة؟
اندهش أحمد من تواجده بل ومجيئه وبقائه في غرفته طوال هذا الوقت دون أن يدري أو يشعر.
كذلك اعترت الدهشة آسـر والذي صاح يتساءل عن مجيئه:
-أنت رجعت أمتى؟؟ ولما أنت هنا مبتنيلش ترد ليه!! وسايب أخوك وسايبني قلقانين عليك؟
وبجمود وكأن شيء لم يحدث وجهاد لا تعني لـه شيء هتف:
-ويقلق عليا ليه؟ إيه اللي حصل يستدعي القلق؟
حتى تلك اللحظة كان أحمد يلتزم الصمت تمامًا، فقط يحدق ويطول النظر بأخيه يحاول فهم ما يدور داخل عقله ويفكر بـه.
وأخيرًا وبعد صمت، قال بترقب:
-أنت كويس؟
-شايف إيـه؟
وبكل صدق أجاب أحمد:
-شايفك متعصب وأعصابك مشدودة.
نفى صابـر كلماته رغم صدقها وإدراكه بأنه مع كامل الحق:
-مفيش منه الكلام ده، المهم متوهناش، كنتوا بتتصلوا عليا ليه برضو؟
رد آسـر تلك المرة ببساطة:
-عادي كنا بنشوفك فين، ممنوع ولا إيـه.
-لا يا ظريف مش ممنوع، هو أنتوا قاعدين كدة ليه وأحنا ليه في البيت أصلًا.. قوموا اجهزوا خلينا ننزل.
كاد آسـر أن يعترض لولا أحمد الذي سبقه وأبدى موافقته:
-لما لا، فكرة هايلة أنا موافق يلا يا آسـر وكلم الواد قُصي الصايع الضايع يجي معانا يلا.
بعد وقت انتهى أحمد وآسـر من الاستعداد وقام آسـر بالفعل بمحادثة قُصي كي يأتي معهما ويتقابلا في إحدى المقاهي والذي تم الإتفاق على الذهاب إليها.
أما عن صابـر فقد تأخر ولم يخرج بعد من غرفته.
تقدم أحمد من باب الغرفة وطرق عليه بخفة وحرك يده ومسك بها المقبض وقبل أن يفتح الباب كان صابـر يفعل ويفتح له يمنع الآخر من الدخول، مغلقًا الباب من خلفه، قائلًا بهدوء:
-يلا أنا جاهز.
هز أحمد رأسه بشرود فيما رآه بتلك الثواني من فوضى تملأ أركان الغرفة ويجهل سببها…فقد التقطت عيونه حالة الهرج والمرج وكأن هناك حرب قد دارت… ربما نالت الغرفة نصيبها من انفجاره وغضبه ولكن السؤال هنا كيف لم يشعر… يلوم نفسه لجلوسه في غرفته وعدم إقدامه على فعل شيء والوقوف جوار أخيه…ولكن الآوان لم يفوت بعد وسيتحدث معه اليوم سواء شاء هذا أم رفض.
______________________________
يجلس محمد رفقة يوسف وبجواره على الأريكة، عاقدًا ساعديه أمام صدره يسأله بتفكير فيما عليهم فعله مع شكري:
-وبعدين يا يوسف في الراجل ده، ده أنت مشوفتش وش جهاد عامل إزاي بجد حرام عليه، ليه في أب ممكن يعمل كدة في ابنته؟؟ أنا مش متخيل أني ممكن أخلف وأكبر وأتعامل مع بنتي بالشكل ده، ده أنا هخاف عليها من النسمة، هو إزاي بجد كدة أعوذ بالله بجد.
زم يوسف شفتاه بأسف حقيقي ثم قال يجيب على كلمات محمد:
-مش عارف والله…بقولك إيـه أنا حاسس أن روح البلطجي بدأت تحتضر وبتقولي نخطفه ونعذب فيه شوية، يعني مثلا ممكن نكهربه إيـه رأيك؟
وبتفكير اقترح محمد:
-لا ممكن نخلعله في ضوافره دي أحلى.
-لا صعبة دي أوي وبتوجع.
-يا راجل على أساس الكهربا هي اللي مش بتوجع.
اقتنع يوسف ثم هتف من جديد:
-طب هقولك إيـه رأيك نـ…
-بس يا يوسف متقترحش ومتفكرش، أحنا لسة هنخطف ونعذب أحنا نخلص عليه علطول.
اتسعت عيون يوسف وقال مازحًا:
-نقتله يعني!! لا طبعًا أنا مقتلش جد ولادي، أعذبه آه اقتله لا.
وبعدم فهم قال محمد يستفسر منه:
-ولادك إيـه هي بـرق حامل ومقولتوش ولا إيـه.
-لا لسة بس إن شاء الله في اعتبار ما سيكون، أصل مينفعش يا محمد نقتل جد أولادنا حتى لو هو يستحق ويستاهل القتل، وحتى حوار نخطفه ونعذبه ده عيب، آه نفسي بس عيب ومينفعش حتى نفكر في كدة، يعني ممكن تفتكرله الحسنة الوحيدة اللي عملها واللي هي أنـه خلفلنا بـرق وإسلام.
-معاك حق، هي دي فعلًا الحسنة الوحيدة اللي عملها… بقولك إيـه ما تيجي نكلم الشباب يجوا يسهروا معانا ونعمل سهرة صباحي.
_____________________________
يجلس كل من أحمد، صابـر، آسـر، وقُصي معًا على طاولـة مخصصة لأربع أفراد في إحدى المقاهي….
يتبادلون أطراف الحديث ويتسامرون معًا، ولا تخلو الجلسة من المزاح والأجواء اللطيفة والذي حاول أحمد جعلها هكذا قدر الإمكان وذلك كي يتحسن مزاج أخيه والذي يعلم جيدًا بأنه متعكر وليس جيد على الإطلاق ورغم ذلك يخفي ما يكمن داخله من مشاعر سيئة لم تنتهي حتى الآن.
ظلت الجلسة على هذا المنوال حتى فتح قُصي الحديث وهتف يسألهم:
-شوفتوا صحيح الصور اللي نزلت لجهاد مع الواد اللي اسمه عـادل ده.
شرق أحمد أثناء ارتشافه من العصير الخاص بـه، وعلى الفور نظر نحو آسـر ومال عليه يهمس لـه وهو يترك العصير أعلى الطاولة:
-ما قولتلك قُصي بلاش، ده مبيتبلش في بوقه فولة.
اتسعت عيون آسـر من كذبه الواضح، وعلق بهدوء:
-أنت قولت بلاش قُصي! أنا مش عارف مناخيرك هتكبر من كدبك أكتر من كدة إيـه..
تلمس أحمد أنفه وعلق بخفوت:
-مناخيري بتكبر ليه شايفني بينوكيو ما مناخيري صغيرة أهى قدامك.
أثناء حديثه مع آسـر وعقب استماع صابـر لكلمات قُصي التي تخصها، انقلب حال وجهه وأصبح مثل حال قلبه والذي رغب في الهروب من التفكير والإنشغال بها ولكن في جميع الأحوال يفشل في فعلها وإخراجها من عقله والتفكير فيما حدث.
لم يجيب أحد على قُصي فعقد حاجبيه وسألهم بتذمر:
-أنتوا مبتردوش على أمي ليه!! استنوا كدة.
قلب بهاتفه وجاء بتلك الصور وعلى الفور رفع الهاتف أمامهم يجبرهم على مشاهدة الصور، محسنًا الاختيار بادئًا بصابـر واضعًا للهاتف أمام بصره:
-أهو بص يا صابـر.
ابتسم أحمد بسمة خفيفة ومد يده يخفض يد قُصي يخبره بهدوء:
-نزل ايدك يا حبيبي مش عايزين نشوف حاجة… واسمع مني ومتقاوحش معايا أنا خايف عليك وعلى موبايلك الغالي ده.
ضاقت عيون قُصي وتابع كأن أحمد لم يقول شيء:
-أنا مش عارف الواد ده اتلم عليهم إزاي مرة يصور مع إحسان ومرة ينزله صور مع جهاد، في حاجة غريبة بتحصل.
لم يفهم الثلاث عما يتحدث وارتسمت علامات الاستفهام على وجه الثلاث، وكان صابـر أول من تحدث وسأله:
-أنت بتكلم عن إيـه؟
-شكلكوا مشفتوش الفيديو لما نزل ادي فايدة أني ماسك موبايلي اربعة وعشرين ساعة، مش عارف من غيري كنتوا هتعملوا إيـه.
وفي ذات اللحظة، نطق أحمد وصابـر معًا:
-انطـق وأنجز.
ارتفع حاجبي قُصي وابتسم قائلًا:
-الله ده أنتوا توأم جدًا… المهم خلينا في المهم، في فيديو نزل لـ إحسان أخت جهاد مع الواد عادل ده يعني نقدر نقول زي فيلم قصير كدة بيكلم عن قصة حب هابطة، والبت إحسان عاملة دور البطلة قدامه.
تساءل آسـر بهدوء:
-ده فين الفيديو ده..
هنا وتذكر قُصي حينما رغب في أن يجعله يشاهده لكنه وقتها رفض وظل ملتصقًا بـ ضياء رافضًا أن يبرح مكانـه:
-والله!! ما أنا أول ما شوفته يوم الافتتاح جيت عشان أوريهولك مرضتش تتحرك معايا وفضلت لازق فيها ولا كأنكم توأم ملتصق.
سأل أحمد مجددًا:
-أيوة يعني فين برضو الفيديو ده.
-لا ما هو اتمسح…بس عادي ممكن أوريهولكم أصلي حملته أول ما شوفته، معرفش حملته ليه بس تقريبًا دي بقت متلازمة عندي.. استنوا هجيبه أوريكوا.
وبالفعل آتى بالفيديو وشاهده الثلاث، وعلى الفور صاح أحمد:
-بس كدة أنا فهمت ولقطها، جهاد راحت تقابل الواد ده عشان خاطر أختها والدليل أن الفيديو اتمسح فـ أكيد هي اللي اقنعته يمسحه.
رن هاتف أحمد مقاطعًا حديثه الذي كان على وشك متابعته..
زين اسم يوسف هاتفه فأجاب على الفور متمتم:
-إيـه يا چو يا حبيبي.
-أنتوا فين؟ ما تجيب صابـر وآسـر وقُصي وتيجوا عندي البيت.
كرر أحمد كلمات يوسف كي يسمع الشباب طلبه:
-عايزنا نيجي نقعد عندك في البيت.. لا طبعًا ميصحش عشان مراتك موجودة أحنا ناس تفهم في الأصول برضو والصح والغلط والحلال والحرام.
-ما هو أكيد لو بـرق موجودة مش هقولكم تعالوا… بـرق بايته عند إسلام النهاردة ومحمد بايت عندي.
اتسعت عيون أحمد وسأله بقلق عليه هو الآخر:
-ليه!! اتخانقتوا ولا إيـه.
-لا بعد الشر، كل الحكاية أن حصل مشكلة بين جهاد وأبوها وإسلام خدتها تبات عندها النهاردة وبـرق كمان عايزة تبات معاهم، ومحمد جه عندي واقترح اكلمكم نسهر سوا وتباتوا عندي، إيـه رأيكم..كلم الشباب وبلغهم وشوف كدة.
-طب استنى كدة.
ازاح أحمد الهاتف عن أذنيه وقال منتشلًا صابـر من شروده:
-يا رجالة يوسف ومحمد عايزين نروح نسهر معاهم ونبات عندهم.
وبدون تفكير هز صابـر رأسه رافضًا، فلم يعد لديه أي مزاج لفعل أي شيء، خاصة بعد تفكيره بأنه قد يكون ظلمها وأنها قد ذهبت وقابلت ذلك الشاب فقط من أجل شقيقتها الصغرى.
وقبل أن يمنح أحمد جوابـه إلى يوسف، أخبره بهدوء:
-متأكد؟ طب جهاد بايته عند إسلام، برضو لا ولا إيـه الدنيا؟؟
__________________________
في منزل إسلام، حيث تجلس هي وبـرق رفقة جهاد لا يتركونها للحظة، يشاهدون التلفاز، ويضعون أمامها على الطاولة الكثير من الأشياء التي قد تكون قادرة على إسعاد أي فتاة من تسالي وشيكولاتة وعصائر طبيعية وغيرها.
جارتهم جهاد و زيفت أنها أضحت بخير و قد باتت طبيعية.
ولكن كيف لها أن تكون طبيعية وكأن شيء لم يكن!!!
هي ليست بتلك القوة ولكن على الأقل تحاول ألا تقلقهم عليها.
تبتسم وتتساير معهم وهما يحاولان إرضاءها وإشغالها بكافة الطرق الممكنة والمتوفرة.
والآن وبعد أن قارب الوقت على منتصف الليل، بدأت تشعر بالنعاس، فأخبرتهم على الفور برغبتها:
-أنا خلاص مش قادرة أقعد أكتر من كدة، هدخل أنام وبجد مش عارفة أقولكم إيـه على اللي بتعملوه معايا أنا بحبكم أوي، ربنا يخليكم ليا.
أنهت حديثها مقتربة من الاثنان محتضنة إياهم معًا ليصبح عناق ثلاثي، كل منهما تضم الأخرى بقوة.
لم يكن عناق عاديًا بل كان يحمل الكثير من مشاعر الإمتنان، الحب، والخوف على بعضهم البعض.
لم تصمت إسلام وقالت تخبرها بمشاعر صادقة:
-وأحنا كمان بنحبك أوي وهنفضل جمبك علطول ومش هنسمح للي حصل النهاردة يحصل تاني ويمد أيده عليكي لا أنتِ ولا أي واحدة من أخواتك، وإحسان ليا كلام وحساب معاها بعدين.
دقائق معدودة وكانت تلج غرفة أعدتها لها إسلام.
تركت الهاتف أعلى التسريحة، ثم ذهبت نحو الفراش ودفعت جسدها عليه وأغمضت عيونها، تتمنى أن تذهب في النوم سريعًا ولا تستهلك طاقتها في التفكير وألا تسوء حالتها أكثر.
ورغم أن النوم تسلل إليها أثناء جلوسها في الخارج إلا أنها منذ أن وطأت قدميها الغرفة وجسدها الفراش، فارقها النوم وحدث ما خافت منه وبدأت حالتها أن تتفاقم سوءًا.
ترغب في البكاء ولكنها لا تستطع حتى فعلها.. الأمر مرهق وشاق للغاية عليها.
ابتلعت ريقها وفتحت عيونها مستمعة إلى رنين هاتفها.
زفرت ولا تشعر برغبة حتى في الإيجاب، ولكنها فكرت في أن من المحتمل أن يكون المتصل واحدة من شقيقاتها ترغب في الاطمئنان عليها.
نهضت عن الفراش لا تريد أن تثير ريبتهم، ولكن وجدت المتصل عـادل والذي ألح اليوم في أخذ رقمها كثيرًا في حضور شكري متحججًا بأنه قد يرغب في معرفة قرارهم، والمريب أن شكري لم يمنع هذا وحتى لم يخبره أن يأخذ رقمه عوضًا عنها، بل تركه يأخذ رقمها ويمنحها رقمه وهذا ما ترك لها الكثير من علامات الإستفهام.
ردت على عادل بجمود تنوي التحدث بأسلوب يليق بـه وبمحادثته لها في مثل هذا الوقت المتأخر:
-نعم.
وصل إليها صوته متمتم بهدوء:
-يا مساء الخير.
-مساء النور، نعم؟ في حاجة؟
حمحم عـادل ثم هتف بهدوء يتصنع القلق عليها:
-بصراحة آه فيه، حبيت اطمن عليكي، عاملة إيـه دلوقتي؟
عقدت حاجبيها وقالت باسلوب رآه فظ للغاية:
-وأنت متصل عليا في نص الليل عشان تسألني عاملة إيـه ليه؟ يهمك في إيـه تعرفك.
ضاقت عيونه يكبح أعصابه من قول ما قد يندم عليه لاحقًا، فهي الآن بالنسبة لـه كطوق نجاة:
-يهمني أكيد مش أحنا هنشتغل مع بعض ولا إيـه؟ أوعى تكوني ناوية ترفضي.
-أنا قولتلك سبني أفكر على فكرة؟ أنت كدة بتحاول تضغط عليا أني أوافق يعني ولا إيـه لو أنت فاكر أنك كدة بتضغط عليا عشان أوافق فـ أحب أقولك أنك غلطان، وياريت مرة تانية متتصلش عليا وخصوصًا في وقت متأخر زي كدة.
-حاضر، أنا أسف وهقفل حالًا، بس قبل ما أقفل حابب أقولك أني فعلًا بتمنى من كل قلبي أنك توافقي وصدقيني مش هتندمي وهنقلك في حتة تانية خالص لا تانية إيـه قولي عاشرة، هتخليكي تقدري تنقلي أخواتك معاكي وتعيشي مبسوطة مش شايلة هم بكرة وأي حاجة نفسك فيها تقدري تجبيها… الفرصة مش بتيجي غير مرة واحدة في العُمر يا آنسة جهاد يا نستغلها ونمسكها بأيدنا وسنانا ومنسبهاش يا نضيعها ونعيش نندم أننا ضيعناها العُمر كله وأنا هنا بقدملك فرصة عُمرك، ولو أنتِ ذكية وبتحسبيها صح مش هتقولي لا وهتكلميني تقوليلي أنا موافقة يا عـادل اشتغل معاك ونكسر الدنيا ونركب التريند.
في الحقيقة كان لديها الكثير من الاستفسارات التي لا تملك جوابًا لها.
كيف لـه أن يكون واثقًا لتلك الدرجة بأنه سيحدث ما ينطق بـه ربما يحدث العكس.
لكنها لم تنطق بأي من تساؤلاتها فهي لم توافق بعد، وإذا بدأت في طرح أسئلتها قد يظن أن تلك موافقة مبدائية ويزيد من ضغطه عليها حتى يحصل على موافقتها وهذا ما لا ترغب بـه بتاتـًا.
انتهت المكالمة بينهما و وضعت الهاتف محله وشعور بالتيه يكبر بداخلها أكثر من ذي قبل.
تحركت مجددًا نحو الفراش وتلك المرة جلست عليه، وعقلها لم يصمت لثانية واحدة.
بدأت تشعر بالألم يجتاح رأسها كحال جسدها وقلبها تمامًا…الآن لم يبقى شيء سليمًا بها.
بعد وقت طويل فشلت خلاله في النوم، أعلن هاتفها مرة أخرى عن اتصال بهذا الوقت المتأخر.
نهضت باستسلام والتقطته، وجدته رقم غير مسجل.
بالبداية تجاهلته ولم تجيب ولكن صاحب الرقم ظل مُصرًا على الاتصال ولم يعرف لليأس طريقًا.
شعرت بالزهق وأجابت أخيرًا بانفعال واضح بنبرتها:
-ألــو.
-أنا واقف بـرة، ممكن تطلعي خمسة.
لم يتواجد داعي كي تسأله عن هويته، يمكنها التعرف على صوتـه وتميزه بسهولة…
أغلق دون أضافة أي حرف زائد، فقط أخبرها بوقوفه بالخارج و رغبته في الحديث معها لخمس دقائق لا أكثر أو أقل..تاركًا إياها في حيرة وعدم فهم عما يتحدث.
هل يقف خارج منزلها الآن ظنًا بأنها هناك، أم يعلم بتواجدها هنا ويقف أمام الباب الآن في انتظارها.
فارقت الغرفة وتسللت للخارج فوجدت الهدوء والظلام يعم الأرجاء مما يخبرها بنوم شقيقاتها.
اقتربت من الباب ونظرت من العين السحرية وبالفعل رأته يقف بالخارج.
ابتلعت ريقها وتسارعت خفقاتها رغمًا عنها.
تحركت سريعًا كي تأتي بحجاب رأسها وتضعه وتفتح لـه كي ينال هو الآخر نصيبه من عصبيتها وغضبها اليوم.
في الخارج، كان يقف في انتظارها، من يراه أو لا يعرفه حق المعرفة، قد يظنه هادئًا لا يدري بحقيقة ثورانه منذ أن جاء رفقة الشباب وعرف من يوسف ومحمد كل شيء حدث معها والسبب الحقيقي وراء لقائها لعادل، وكيف أيضًا أساء والدها الظن بها كما فعل هو تمامًا.
لم يفرق شيء عنه فعل المثل.
الفرق الوحيد هو تعنيف وتعدي والدها عليها بالضرب.
شيء ما يحثه على الذهاب لـه وفعل بـه ما فعله بها لكن بأي وجه وعين قد يفعل هذا وهو من فكر واساء الظن بها أيضًا.
لو كان يريد تعنيف وضرب أحدهم عليه فعل هذا مع نفسه أولًا.
كيف لـه أن يقر بحبه وعشقه لها ورغبته في الحصول على فرصة معها وهو صدق الافتراءات والأقاويل عنها.
لا يستحقها.
هكذا كان يخبر نفسه.
رمق الباب عدة ثواني ينتظر أن تطل عليه، يريد فقط أن يراها ويطمئن عليها.
لحظات وكانت تفعل بالفعل.
فتحت الباب وما أن أبصرها حتى أسودت عيونه وتجمع بها غضب وشر لا نهاية لـه، لم يحصل على مبتغاه ويطمئن عليها…
يرى أثار الضرب والتعنيف على وجهها..فإذا كان هذا حال وجهها كيف يكون حال جسدها…لا يوجد داعي كي يتساءل عن الفاعل أو لماذا الجواب يعرفه…كما أنه لم يجد داعي كي يسألها عما كانت تفعله رفقة عـادل أيضًا الجواب قد حصل عليه بمجرد رؤيته للفيديو الذي يعود لـ إحسان والتي تخلت بـه عن حجابها وأخلاقها.
نظرت داخل عيونه تنهره على هذا الجنون:
-أنت مجنون!! إيـه اللي موقفك كدة وعايز مني إيـه؟ إيـه الجنان ده!!!!
هل يعترف الآن بمشاعره رغم شعوره أنه لا يستحقها!!!
ما الذي عليه فعله!!
حيرة لا تنتهي.
لكن بالنهاية ترك عقله جانبًا وجعل قلبه يتولى زمام الأمر تلك المرة.
-أنا آسف، أنا….أنا…..أنا بحبك.
««يتبع»»…..
فاطمة محمد.
الفصل التالي: اضغط هنا
يتبع.. (رواية الحب كما ينبغي) اضغط على اسم الرواية لتجد الفهرس كاملاً بجميع الفصول.