رواية الحب كما ينبغي – الفصل الثامن والثلاثون
الفصل الثامن والثلاثون
الحب كما ينبغي.
فاطمة محمد.
الفصل الثامن والثلاثون:
ردت عليه ضياء بصعوبة بالغة، جاهلة بما يريد ولكنها على يقين بأن ما يريده ويتصل من أجله ليس خير على الإطلاق.
-عايز إيـه مني يا طارق بتتصل ليه؟؟؟
رغبت بالمتابعة وأضافة حديث فوق الحديث.
أرادت سؤاله عن سبب عودته وظهوره من جديد بعد أن اختفى تمامًا ولم تعد تراه حتى الدروس لم يعد يأتي إليها.
-عايز أقولك أنا أسف على اللي عملتله معاكِ، أسف عشان مكنتش راجل معاكِ وعيل.. أنا أسف على الفلوس اللي كنت باخدها منك، وأسف على كل لحظه خوف سببتهالك، أنا هرجعلك كل جنية خدته منك.
دخلت في حالة من الصدمة، عقلها لا يستوعب بأن من يحدثها ويعتذر ويريد إرجاع أموالها هو نفسه من عايشها في خوف كل ثانية ودقيقة، خوفًا من أن ينفذ تهديده ويخبر والدها بكل شيء ويريه ما لديه من صور تجمعهم سويًا ومحادثات بينهم.
ازدردت غصة مريرة علقت بحلقها، تجيبه برفض يغلفه حالة من الذهول:
-أنا مش عايزة منك حاجة، كل اللي عايزاه أنك تفضل بعيد عني يا طارق، وأرجوك، عشان خاطري لو فاكرلي أي حاجة حلوة امسح الشات وصورنا عـ…….
قاطع حديثها يرغب ببثها الطمأنينة قائلًا:
-الشات اتمسح والصور كمان، كل حاجة اتمسحت ومش أنا اللي مسحتهم، صاحب يارا صاحبتك هو اللي عمل ده وهددني مقربش منك تاني وخد مني الموبايل ومسح اللي عليه وكسره وكسر عضمي أنا كمان بصراحة أيده كانت تقيلة أوي.
لانت ملامحها وشككت فيما استمعت إليه فسألته بترقب شديد:
-معلش أنت قولت مين اللي مسحهم وكسر موبايلك؟؟؟
-صاحب يارا صاحبتك الشاب اللي لما جيتلك أول الحارة جه وأحنا بنكلم و اتصدرلك هو ده….
شعرت بتلك اللحظة تحديدًا أنها داخل حلم..
طارق يهاتفها ويعتذر منها عما بدر منه بحقها ولا تدري سبب هذا التبدل والتغير الجذري.
رُبما راجع نفسه وأفعاله وشعر بالذنب وأدرك خطأه.
ولما لا فكثير من الناس يخطئون ويذنبون ليس هناك شخص معصوم من الخطأ.
ولكن ما يهم أن ندرك ذلك الخطأ والذنب مبكرًا وقبل فوات الآوان ونتوب عنه توبة نصوحة ولا نعود إليه مرة أخرى.
وندعو من الله أن يتقبل منا….
أما عن آسـر فكان آخر شخص تتوقع منه أن يفعل شيء لأجلها.
حتى أنه لم يفكر حتى الآن باخبارها بما فعل مع طارق.
لم يتفاخر أو يتباهى بأنقاذه لها من براثن طارق بل ظل صامتًا حتى بعدما رفضته واتهمته بالكثير والكثير………
~~~~♡♡♡♡~~~~
بحجرة الصالون حيث تجلس روضة وتقبع على كتبها و أوراق دروسها، اقتحمت جهاد وحدتها تمد لها يدها بالهاتف.
لوهلة عجزت روضة عن فهم ما تريده وسبب منحها لهاتفها.
فجاءت كلمات جهاد منقذة لها تجيب على الأسئلة التي دارت بذهنها:
-امسكي كلمي، أحمد متصل علشانك عايز يطمن الصداع راح ولا لسة، أنا كتمة الصوت افتحيه بعد ما امشي واتكلمي براحة عشان أبوكي ميطبش عليكي وخلصي معاه ورجعيلي الموبايل عايزة اعمل حاجة مهمة عليه.
أولتها ظهرها وكادت ترحل لولا تذكرها فالتفتت لها برأسها تخبرها بتلك الكلمات المرحة المازحة مصاحبة بغمزة من عينيها:
-آه كنت هنسى لما تجوزي أنتِ وهو إن شاء الله ابقوا افتكروا مين اللي وقفت معاكم وكانت بتغطي عليكم، وأول بت هتجيبوها هتسموها على كيفي آه ده حقي.
بعد رحيلها توقف عقل روضة عن التفكير.
ابتلعت ريقها وسعلت بخفة ثم الغت كاتم الصوت وردت عليه:
-ألو.
آتاها صوت أحمد القلق:
-رضوى، عاملة إيـه دلوقتي الصداع لسة موجود؟ أخبريني طمأنيني عليكِ رجاءًا.
شعرت بجفاف حلقها فابتلعت ريقها من جديد قبل أن تجيبه بهدوء وصوت خافض خوفًا من أن يستيقظ والدها ويأتي على حين غرة:
-الحمدلله مبقاش في صداع خلاص.
تنهد بصوت وصل إليها وهو يردد:
-طب الحمدلله ريحتيني كنت قلقان عليكِ بصراحة، وبصراحة تاني كنت عمال أفكر فيكي وأقول يا ترى يا هل ترى الصداع راح ولا لسة ولما حيرتي اشتدت قررت اكلم أخت جهاد واطمن عليكِ.
وبدون أن تشعر وبفضله وبفضل كلماته جعل البسمة ترتسم على محياها وبتلقائية سألته متبعة قلبها الذي رغب بالاطمئنان عليه أيضًا:
-وأنت عامل إيـه.
وبصراحة مطلقة وكلمات عفوية للغاية قال:
-قبل ما أكلمك مكنتش كويس كنت قلقان عليكِ، بس دلوقتي وبعد ما اتكلمت معاكِ واطمنت الحمدلله بقيت فل الفل وعال العال كمان.
شعرت بالخجل يغمرها من أعلاها لأسفلها، لم تجد ما تجيب به، انعقد لسانها وبشدة.
تدارك أحمد نفسه وانتبه لما قاله وهتف بـه دون أن يحسب حساب للعواقب.
توتر وظهر هذا التوتر عليه وتمنى بداخله ألا تكون قد اساءت فهمه أو تضايقت من كلماته.
ابتلع ريقه وهتف بتساءل وقلق واضح:
-روحتي فين يا رضوى؟؟
-معاك أهو.
ردت بصعوبة عليه.
حك مؤخرة رأسه وهتف يعتذر وبحرج:
-أنا أسف والله لو كلامي ضايقك بس أنا كدة اللي في قلبي على لساني، فـ اتمنى أن لا تسئ الظن بي.
-متقلقش أنا عارفة كويس أنت إيـه وعلى إيـه فمستحيل افهمك غلط.
من جديد تنهد براحة وقال:
-طيب أنا مش هطول عن كدة وابقى مزعج وقليل الذوق، وأنتِ كمان حاولي تنامي بدري النوم بدري مفيد وحلو عشانك وذاكري كويس عايزين نفرح بنجاحك.
-إن شاء الله، أكيد عايز جهاد ثواني هدخلها الموبايل.
رددت حديثها الأخير وهي لا تزال جالسة، تترقب رده على أحر من الجمر، تتوقع موافقته ورغبته بالحديث مع جهاد بعد انتهائه معها.
ولكن جاء رده مخالفًا لتوقعاتها، هاتفًا ببسمة وتلقائية:
-لا خلاص هعوز جهاد اعمل بيها إيـه أنا اطمنت عليكِ أنتِ، يلا استودعك الله.
بعد إغلاقه زادت حيرتها ولم تعد تفهم شيء، أفعاله و حديثه مؤخرًا شتتها وجعلها تعاود التفكير من جديد فيما ظنته بـه وبمشاعره نحو جهاد.
بعد تفكير لم يطول نهضت وتحركت نحو غرفة جهاد طرقت على الباب بخفة ثم فتحته و ولجت للداخل.
وقع نظرها على جهاد الممدة على الفراش والتي صاحت ما أن رأتها:
-هاتي الموبايل اتعطلت عن اللي بعمله بسببك أنتِ وهو.
تساءلت روضة بفضول:
-ليه كنتي بتعملي إيـه.
-يا ستي بعمل اللي بعمله يلا طرقيني واقفلي الباب ومتسهريش جامد عشان تعرفي تصحي الصبح ومتغلبنيش أنتِ و ضياء.
-طيب..
أوشكت على الرحيل بعد ردها لكن هناك شيء داخلها أخبرها بالتراجع وإنهاء هذا الشك بداخلها.
استجابت لنداء قلبها الذي يرغب ويطمح ويتوق للاطمئنان فسألتها دون مقدمات:
-هو أنتِ في حاجة بينك وبين أحمد؟؟؟ يعني حسة أنكم قرايبين زيادة من بعض وبتكلموا كتير وبيتصل عليكِ و
لاح الاستنكار على جهاد التي صاحت بصدمة تقاطعها وهي تهب من نومتها وتصبح جالسة:
-نعــــم يختي؟؟ أنتِ هبلة يا بت؟؟ يعني هو مش باين أنه معجب بيكِ أنتِ وبيحبك أنتِ؟؟ مشوفتيش كان قلقان عليكِ إزاي النهاردة و وقف ونزل جبلك دوا للصداع وكمان جبلك ماية وباتية وبليل اتصل يطمن عليكي وفي الآخر تسأليني سؤال أهبل زي ده؟ أنتِ غيرانة يا بت عليه؟ عمومًا أحمد زي اخويا وبعزه وأنا كمان بالنسباله زي اخته زهـر ومفيش بيني وبينه أي حاجة.
صمتت روضة في تلك اللحظة وكل شيء فعله معها من البداية يتكرر أمام عيونها بدءًا من دفاعه عنها و وقوفه بوجه طـه، حتى تلك اللحظة.
شعرت بأنها قد عادت تتنفس من جديد بل ولدت من جديد……
بعد رحيلها من الغرفة، عادت جهاد تستلقى على الفراش وهاتفها أخيرًا بين يداها…
فتحته ورفعته أمام بصرها وهي تأتي بتلك الصورة التي تجمعها بـه حتى ولو كان بعيدًا عنها والتي ظهر بها أثناء محاولة رضا لالتقاطها لها…
تنهدت تنهيدة تحمل ما يكفي من العشق والشوق لـه، متحدثه مع صورته:
-ماشي يا صابـر، يا أنا يا أنت.
~~~~♡♡♡♡~~~~
مع حلول يوم وصباح جديد، داخل شقة محمد وإسلام.
يجلس محمد على طاولة السفرة أمامه ورقة بيضاء فارغة آتى بها، وبيده قلم يكتب شيء ما..
خرجت إسلام من الغرفة وهي تتثاءب واضعة يدها أمام فمها.
دنت منه بعد أن رأته منشغلًا بكتابة شيء ما ولم ينتبه لاستيقاظها.
انتشله صوتها من انشغاله متحدثة بنعومة:
-صباح الخير يا حبيبي.
رفع بصره مجيبًا عليها باخرى:
-يا صباح السعادة على اللي جماله فوق العادة.
ابتسمت له واستمرت بالاقتراب تسأله:
-إيـه اللي شغلك أوي كدة، وبتكتب إيـه قولي!!
رد بعد أن اطلق تنهيدة:
-دي ورقة هعلقها على باب الشقة اقريها كدة.
وضعها أمامها يطلب منها قراءتها..
وضعت عيونها على الكلمة الأولى وهمت بالقراءة:
“رسالة موجهة لـيوسف ابن عمي أشرف الحبيب، أرجو منك عدم إزعاجنا بأي شكل من الأشكال خاصة الطرق على بابنا لمدة لا تقل عن شهر، وذلك حفاظًا على سلامتك أنت…”
انتهت من قراءتها لتتسع بسمتها قائلة بمزاح:
-ده أكيد أحمد اللي كاتب الرسالة دي مش أنت.
هز رأسه ينفي:
-لا مش أحمد ده أنا بس تقمصت طريقة حديث ابن عمي، هقوم بقى احطها على الباب لحسن نلاقي يوسف بيخبط دلوقتي.
نفت وهي تبتسم وتتابعه بعيونها وهو يتجه صوب الباب:
-لا هو بيجي بليل بس دلوقتي ميعاد بـرق.
-مروحتش بعيد هي وجوزها واحد.
فتح محمد الباب وبالفعل قام بلصق الورقة جيدًا على الباب منعًا لأي ازعاج.
وبعد أن انتهى عاد للداخل وأغلق الباب من بعده.
بالشقة المقابلة ومع إغلاقه للباب كان باب الشقة يُفتح وتطل بـرق التي ترتدي إسدال صلاة فوق ملابسها.
مستمعة لصوت الباب وهو يغلق فسارعت بالاقتراب وانتبهت لتلك الورقة المعلقة.
لم تمنع ضحكتها من الإنفلات وقبل أن ترفع يدها وتقرع الجرس وتكون حجتها وقتها أنه لم يتم ذكر اسمها.
فُتح الباب وطلت إسلام تلك المرة فوجدتها قبالتها.
ابتسمت لها برق وقبل أن تنطق كانت ترفع إسلام يدها وتعدل على رسالة زوجها الحبيب وتكتب اسمها هى الآخرى بجانب زوجها……
وما أن انتهت حتى قالت باحترام لا يليق بالموقف:
-بعد إذنك.
اغلقت الباب بهدوء تاركة الأخرى تردد بسخرية:
-ولازمتها إيـه بعد إذنك والله ما ليها لازمة، أومال لو مكنتش أختك كنتي عملتي فيا إيـه.
~~~~♡♡♡♡~~~~
أتخذ أحمد قرارًا هامًا مصيريًا…
هكذا أطلق عليه.
متجهًا نحو صالة الألعاب التي تعود لـ وسام.
صف سيارته بالخارج ثم ولج الصالة..
خطى بضعة خطوات يبحث عن وسـام بعينيه.
لحظات وكان يجد ضالته.
ابتسم باتساع وهو يعجل من خطواته متقدمًا من وسـام الذي يوليه ظهره لم يراه بعد.
“صباح التوت على جوز أختي الكتكوت.”
التفت وسـام على صوته الذي يحفظه.
لم يبتسم بوجهه بل ظل واجمًا تاركًا محله مقتربًا منه.
أثار قلق أحمد مما جعله يتساءل أثناء اقترابه منه:
-إيـه في إيـه هتبلعني ولا إيـه؟؟ طب بالأذن أنا بقى هروح أجيبلك أزازة ماية عشان تعرف تبلعني ومقفش في زورك.
ابتسم وسام بسمة لم تصل لعينيه معلقًا على مزحته:
-دمك تقيل ومتهزرش معايـا تاني وتعالالي هنا أنت إزاي أنت وأخوك والحيوان التالت آسـر متكلمنونيش امبارح بعد اللي حصل معاكم واعرف لما ارجع ولا كأن حاجة حصلت.
رد أحمد يعترض على كلمة “الحيوان الثالث.”
قائلًا:
-لا معلش عذرًا كدة قصدك إيـه بالحيوان التالت، قصدك أن أنا الأول وصابـر التاني؟؟؟
لا معلش تغلط في آسـر ماشي، تغلط فيا عادي، تغلط في يوسف نعديها، تغلط في محمد مفيش مشكلة، تغلط في فريد أوك، لكن أخويا صابـر واستوب.. توقف.. صابـر خط أحمر، ويكون في علمك هعرفه.
-يا أحمد متعصبنيش شوف أنـا بكلمك في إيـه وأنت بتكلم في إيـه؟؟
أنت ليه امبارح مكلمتنيش كنت جيت عجنته وسويت وشه بالاسفلت مكلمتونيش ليه يا جدعان.
تحدث بعصبية مفرطة جعلت أنظار البعض تلتفت إليهم.
لاحظ أحمد عيون من حولهم المثبته عليهم فقال يحاول إيقاف وسـام:
-بس هش وطي صوتك فرجت علينا الجيم يا فضيحة أنت، وبعدين أنت أوفر ليـه ما خلاص الموضوع خلص وأنا وصابـر وآسـر اللي مش عجبينك علمناه الأدب، وصابر هدده ميهوبش من البنات تاني، ولما اتكلم عنك وقال أنك خاربها برة وعايشها بالطول والعرض برضو مسكتش لا أنا ولا زهـر، إيـه اللي أنت كنت هتعمله زيادة نحن لم نفعله؟؟؟ هيا أخبرني.
ضاقت عين وسـام قليلًا بعد كلمات أحمد الأخيرة.
تساءل بترقب شديد وأعين تطلق شرار:
-لا استنى عليا كدة مين ده اللي خاربها وعايشها بالطول والعرض؟؟
أجابه أحمد ببساطة:
-لا بصراحة خاربها دي أضافة من عندي، بس هو قال عليك أنت اللي أشباه رجال باين لما زهـر هزقته وقالتله فيما يعنيه يعني أنه شبه راجل وليس راجل، وقال باين أنك مخلي حياتها وردي وأنك برة عايش حياتك بالطول والعرض، يعني باختصار كدة عايز يقول أنك بتخونها بس أنا مسكتلوش… إيـه ده أنت رايح فين؟؟؟ مين هيدربني خد يا وسـام هنا أنا بكلمك أنا عايز اعمل فورمة خد هنـــا.
لم يجد استجابه بعدما هرول وسـام وتركه يقف بمفرده يحدث طيفه..
فقد تركه بالأمس ورضخ لمطلب زهـر بتركه ولكن الآن لن ينقذه أحد من بين يديه.
سيجعله يدفع ثمن أفعاله.
لم يكتفي بكل اتهاماته المسبقة، طامحًا الآن في الإيقاع بينه وبين زهـر وتخريب زواجه….
~~~~♡♡♡♡~~~~
دخول مفاجئ أشبه برياح عاصفة قد هبت وحلت.
ارتفع حاجب ياسين المتواجد داخل متجر الملابس الذي يملكه ويديره يحملق بـ وسـام القادم من بعيد و الذي يظهر على تعابير وجهه ما هو على وشك فعله وارتكابه.
لم يحاول ياسين الفرار أو التراجع من أمامه بل سار باتجاهه مستقبلًا تلك العاصفة الهوجاء بصدر رحب، فاتحًا لذراعيه بشكل ساخر.
ملقيًا تلك الكلمات على مسمعه والتي زادته نيرانًا واشتعالًا.
-كنت مستني الزيارة دي سبحان الله قلبي كان حاسس والله وقـ……..
لم يتابع وتوقف عن الحديث مصدرًا تأوه بسيط مما تلاقاه من وسـام الساخط.
مسك به وسـام لا يتركه..
بالمقابل أشار ياسين للعاملين بالمتجر بعدم الاقتراب أو الاهتمام وأن يعود الجميع إلى العمل.
-أنت عايز مني إيـه؟؟ أنا عملتلك إيـه استاهل عليه كل القرف ده!! يا شيخ طب راعي العيش والملح اللي كان بينا…
تحدث ياسين من بين أسنانه:
-طيب مش هنتكلم هنا أكيد تعالى مـ….
-لا يا روح أمك هنكلم هنا وقدام الكل خليهم يعرفوا قد إيـه أنت قذر ومريض، بتتشطر على البنات وهما لوحدهم يا ياسين؟!! بتتشطر على الأضعف منك!! فاكرها شطارة ورجولة.
رد ياسين بطريقة مندفعة:
-أنا لا اتشطرت على بنات ولاغيره، طليقتي وكنت عايز اتكلم معاها ومراتك وقفتلي زي اللقمة في الزور وهي اللي كبرت الموضوع وعلت صوتها وفرجت ولمت الناس علينا بدل ما تتشطر عليا روح اتشطر عليها ولا احكمها كدة واشكمها.
كاد يبلع ريقه بعد إنتهائه من الحديث، لولا كف وسـام الذي أطبق على عنقه ودفعته له الذي أجبرت الآخر على التراجع والتحرك معه حتى التصق ظهره بحائط خلفه، أراح وسـام قبضته عن عنقه كي يستطع التنفس.
تزامنًا مع وقوع عين ياسين على إحدى العاملين الذي كان هاتفه بين يده وعلى وشك التحرك والإبتعاد كي يستدعي الشرطة.
لولا انتباهه قبل تحركه لنظرة ياسين التحذيرية المخيفة المحثة على عدم ارتكاب هذا الفعل.
ظل كف وسـام مطبقًا على عنق الآخر بخفة قائلًا بنبرة محذرة:
-ميخصكش، واللي أنت بتكلم عنها دي تبقى مراتي، ومسمحش لمخلوق مين ما كان يكون يغلط فيها ولا يجي عليها والأهم من ده كله هي مغلطتش أنا مراتي مبتغلطش، شافت واحد غريب بيتعرضلها هي وصاحبتها وكمان بيغلط في جوزها وبيشككها فيه مستني منها إيـه تقف تسقفلك وتقولك برافو كمل وأنا هفضل حطة الجزمة في بُقي وساكتة!
رد ياسين ساخرًا:
-عايز تفهمني أن عينك مبتروحش كدة ولا كدة وأنك مش مقضيها برة؟؟ مش مصدقك بصراحة.
-عن أهلك ما صدقت، مش مهم تصدق ميفرقش معايا أساسًا أنا اللي يفرق معايا زهـر وبس، زهـر اللي أنت عايز تدخل الشك قلبها عشان جوازنا يبوظ زي ما أنت بوظت جوازتك بايدك.
ضاقت عين وسـام وطال النظر داخل عين ياسين التي تشع بالحقد والكراهية والتوعد.
انزل يده بجواره وهو يسأله بترقب وبسمة ساخرة مخمنًا ما يفكر بـه أو خطوته القادمة لتخريب زواجه:
-قولي إيـه هي الخطوة التانية بعد ما رميت كلام وحاولت تشككها فيا!!!!
يا ترى هتعمل إيـه يا ياسين تاني!
إيـه هتزق واحدة عليا مثلًا تشاغلني فـ أنا زي الأهبل والعبيط أريل عليها وانسى مراتي واخرب بيتي بأيدي؟؟ ارمي كل تعب وانتظار السنين ورا ضهري واللي اتحقق بعد صبر طويل يبوظ في لحظة…
كز ياسين على أسنانه بقوة لتوقعه ما يكمن داخله وما كان ينوي عليه بالفعل.
ابتسم وسـام ورفع يده الموضوعة بجواره ليربت على كتفيه يهمس له بكلمات أخيرة جعلت الآخر على وشك الإنفجار:
-انسى أن اسمحلك تخربلي حياتي وجوازي أنا متجوزتهاش علشان استغنى عنها ولا اسيبها بالسهولة دي، ونصيحة مني ابعد عني تمامًا وعن عيلتي وده أحسنلك أنت صدقني….
~~~~♡♡♡♡~~~~
عاد وسـام في وقت مبكر على غير عادته، ينادي عليها بصوت وصل إليها أثناء وقوفها بالمطبخ تعد الطعام لهما.
كان الهاتف مثبت أمامها تحدث والدتها مكالمة فيديو.
فقالت زهـر تنهي المكالمة:
-إيـه ده وسـام جه بدري، اقفلي يا مامتي دلوقتي وهرجع اكلمك تاني أشوف بس جاي بدري ليه.
-ماشي يا حبيبتي وابقي طمنيني.
-حاضر.
أغلقت معها وقبل أن تستدير بجسدها وتتحرك للخروج كان يسبقها ويلج المطبخ.
قائلًا:
-أنتِ إزاي متعرفنيش يا زهـر؟!
كانت قد التفتت بالفعل، نظرت داخل عينه تحاول المعرفة من خلالها عما يدور معه.
وبشك واضح سألته:
-قصدك إيـه؟ إيـه اللي أنا خبيته عليك؟
اقترب منها خطوتان يخبرها بما أدركه وعرفه اليوم:
-أحمد حكالي على اللي حصل واللي ياسين قالـه عليا، أنتِ بقى معرفتنيش ليه؟؟ ليه أعرف من أحمد مش منك أنتِ.
وبقوة ودون أن يرمش لها جفن قالت:
-علشان كلام عبيط مستحيل اصدقه ومحبتش أضايقك بيـه ومعتقدش أني غلط.
وبأصرار قال بضيق وغضب:
-لا غلطي، المفروض كنت اعرف منك أول واحدة، أعرف من مراتي مش من أخوها.
-ومراتك مصدقتش كلمة عليك وكانت بترد الكلمة بعشرة عارف ليه؟؟ علشان أنا واثقة فيك ثقتي فيك ملهاش حدود، أصلًا مكنش ينفع اصدقه، اصدق واحد غريب عارفه غرضه إيـه واتغاضى عن معرفتي بيك وبأخلاقك وحبك ليا، أنا مينفعش أشك فيك ولا اسمح للشك يدخل قلبي وافتح باب للشيطان، وكنت عارفة أنك لو عرفت مش هتسكت عشان كدة سكت.. أنت روحتله مش كدة؟
سألته بالأخير بترقب، فصاح يؤكد لها:
-كان لازم اروحله مكنش ينفع اسكتله، اللي زيـه لو اتسكتله هيتمادي فيها والله أعلم ممكن الأمور توصل لفين..زهر عشان خاطري متخبيش عليا حاجة تاني، أي حاجة تحصل حتى لو صغيرة عرفيني بيها عشان خاطري.
لم تعارضه أو تعند معه بتلك اللحظة، بل هزت رأسها بأيجاب توافق وترضخ لمطلبه ممتصة لغضبه:
-حاضر يا وسـام أنا أسفة متزعلش.
وبتلك الكلمات التي قد تراها بسيطة إلا أنها لم تكن كذلك بل كانت كبير استطاعت بها اخماد نيرانه.
شعر بالسكون يعود إليه وهدأت ضربات قلبه..
مد يده والتقط ذراعيها يقربها يعانقها بقوة لا يتحمل فكرة فقدانها أو خسارتها.
هي من تعطي حياته طعمًا ولونًا وحبًا لا حدود لـه.
والآن تحمل قطعة منه ومنها في آن واحد.
~~~~♡♡♡♡~~~~
-شوفتي الصور اللي ضياء نزلتها من فرح أخواتها مهانش عليها حتى تعزمنا، طلعت مش سهلة البت دي هتلاقي عينها من آسـر ولا قُصي والدنيا بقت متسهلة دلوقتي وأكيد هيشوفوا بعض كتير بعد كدة.
طرحت “همسة” كلماتها على مسمع يارا….
تلك الشريدة، الحزينة، الزاهقة من تلك الحياة.
بعد ما مرت به بفضل والدتها والتي بدلًا من أن ترشدها لما يصب بمصلحتها شجعتها على ما يضر بهـا..
رافضة الذهاب للدروس منذ ما حدث وباتت وحيدة بغرفتها ترفض الخروج منها ومن حين لآخر تذاكر قليلًا.
على يقين حديثًا أن أمر آسـر انتهى تمامًا وأنه لن يأتي لخطبتها والزواج منها.
على النقيض تمامًا بوالدتها التي لا تزال تنتظر مجيئه بصحبه أهله لطلب ابنتها.
ولا تبالي بأمر تعليم ابنتها فبالنهاية ستصبح زوجة وأم ولن تفيدها الشهادة بشيء.
مكانها ونهايتها معلومة.
هكذا تفكر وهكذا توصلت الأمور.
انزعجت همسة مما اضحت عليه يارا فقالت متأففة:
-يـوه بقى أنتِ هتفضلي كدة لحد أمتى، أنتِ بقيتي كئيبة كدة ليه، أنتِ المفروض تعملي حاجة هتسيبي حتة بت مفعوصة زي دي تاخد مننا آسـر وقُصي!!
خرج صوتها أخيرًا تخبرها:
-مننا!! فوقي يا همسة آسـر وقُصي مش لينا، وحتى لو خدت واحد منهم يتهنوا ببعض، لا هي ولا هما يفرقوا معايا يكش كلهم يولعوا في بعض..
-من أمتى وأنتِ كدة يا يارا أنتِ مكنتيش كدة، بقولك إيـه فوقي كدة وقومي ننزل نغير جو ونشوف صرفه ونرجع الماية لمجاريها مع قُصي وآسـر.
قالتها وهي تنزع الغطاء عنها.
رفضت يارا التحرك وجذبت الغطاء عليها هاتفة برفض:
-لا مش عايزة انزل، مش كل ما تيجي تكرري نفس الكلام هو هو، أنا مش هتحرك من مكاني ومتجبيش سيرتهم تاني قدامي……
~~~~♡♡♡♡~~~~
يجلس أحمد داخل سيارته يصفها أمام المطعم، يراقب عن كثب تلك الواقفة رفقة شقيقاتها تعمل معهم.
اعتراه شعور بالضيق وهو يراها تعمل تاركة مذاكرتها على يقين بأن والدها هو من وراء هذا.
زفر بضيق وترجل من السيارة.
ولج المطعم وهو يلقي التحية بصوت عالي وصل إليها تسبب في علو دقات قلبها المتيم:
-السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
رد الثلاث معًا وفي نفس واحد وهم يباشرون عملهم لا يتوقفون.
تجنبت روضة النظر إليه وتابعت ما تفعله لتظهر بصورة التي لا تعيره اهتمامًا.
حك أنفه وقال راغبًا في مساعدتهم:
-اساعدكم في إيـه، إيـه اللي ممكن اعمله قولولي بس وأنا عنيا ليكم مش هتأخر.
كادت روضة ترفض عرضه لولا جهاد التي سبقتها موافقة.
ابتسم من موافقتها وبالفعل بدأ بالعمل معهم وشاركهم العمل ولكن من حين لآخر كان يسترق النظرات رغمًا عنه نحو روضة.
وانتبهت هي لهذا مما جعلها ترتبك أضعافًا مضاعفة.
لم تعد تتحمل بقائها معه بمكان واحد تشعر بأن أمرها مكشوف ومشاعرها واضحة وضوح الشمس.
ابتلعت ريقها وقالت لجهاد وضياء:
-أنا هطلع شوية وكدة كدة أحمد بيساعدكم والزباين مش كتير.
لم تعترض أي منهما على رحيلها..
تحركت وفارقت مكانها لتلتقطها عيونه.
وعلى الفور ترك المطعم هو الآخر تاركًا ضياء وجهاد خلف ظهره.
لايبالي أو يهتم إلا بهـا.
-رضوى.
توقفت عنوه تشعر بأن قلبها على وشك الخروج من موضعه.
رسمت بسمة هادئة واستدارت إليه تجيبه:
-نعم يا أحمد اتفضل.
ليتها لم تنطق اسمه بتلك الطريقة التي جعلته ينسى ما كاد على وشك قوله.
جعلت كلماته تتناثر ولا يستطع تجميعها.
ازدرد ريقه ثم قال ما جاء بذهنه:
-الصداع إيـه أخباره معاكِ؟ لسة مصدعة؟
-لا الحمدلله.
وبتلقائية يشوبها عتاب طفيف سألها متناسى غضبه أول ما رآها تعمل بالمطعم:
-اومال مشيتي ليه؟؟ اوعي تكوني تعبانة تحبي أخدك تكشفي واطمن عليكِ… قصدي يعني نطمن عليكِ كلنا.
-لا مفيش داعي أنا كويسة.
شعر بالراحة تتغلغله…
اتسعت بسمته وهو ينظر خلفها بعد رؤيته لشيء ما تجهله.
-يا خلاصي على القمر يا ناس…
تحرك من مكانه كما تحركت هي لترى بمن يتغزل….
سقط بصرها على قط شيرازي مشمشي اللون.
ابتسمت من جماله فهو كما وصفه تمامًا.
جلس أحمد كالقرفصاء يمد يده يداعب ذلك القط يسأله بطفولية وتعاطف وحبًا:
-أنت بتعمل إيه في الشارع، أنت اللي زيك يتبهدل وقطط الشارع يبهدلوه، أنت هربان ولا مطرود ولا إيـه حكايتك بظبط..
اخدك معايا طيب؟؟
اقتربت روضة منه وهي تحدث القط هي الآخرى:
-أنت جميل خالص بجد.
نظر أحمد إليها وهو يشعر بالتأثر ورغبة بالبكاء على هذا القط الذي يرمقه بنظرات مؤثرة بل ويتفاعل مع حركه يده ومداعبته لـه:
-تاخديه أنتِ ولا اخده أنا لحد ما يبان له صاحب، أصل بصراحة مش هسيبه في الشارع يتبهدل وهو شكله ابن ناس ومش هيعرف يتعامل مع الشارع وهيجوع وهيعطش وممكن يكتئب كمان.
وبأسف شديد قالت بتحسر:
-ياريت كان ينفع أخده بابا لو شافوا هيمشيه مش هيسيبوا في البيت.
تنهد أحمد وهو يعاود النظر لذلك القط يحمله ويضعه بأحضانه:
-خلاص أمري لله هأخده أنا يعيش معانـا………..
««يتبع»»…
فاطمة محمد.
اتمنى الفصل يكون عجبكم🩷🩷
وحبة أبلغكم أن الفصل الجديد هينزل يوم الأربع بأذن الله وطبعا اللغبطة دي عشان بس بنزل المعرض وحقيقي المشوار متعب ومرهق جدًا فتستحملوني بس الكام يوم دول وأنا وعد هدلعكم آخر دلع. 🥺🩷🩷🩷
الفصل التالي: اضغط هنا
يتبع.. (رواية الحب كما ينبغي) اضغط على اسم الرواية لتجد الفهرس كاملاً بجميع الفصول.