رواية همسات الحوافر الفصل الثالث 3 – بقلم فونا

رواية همسات الحوافر – الفصل الثالث

_أغمي عليها وسط النا.ر

إيدها محرو.قة والدخان مالي المكان. چون جري شالها بعيد عن النار، والناس بدأت تتجمع وتطفي.

مريم بدأت تفوق شوية وچون صوته كان مليان غضب وخوف في نفس الوقت:
ــ إنتِ مجنونة؟! كنتي هتتحر.قي عشان الحصان!

بس مريم ما ردتش، عينيها بس بتدور تدور على كوكو وهي مطمنة إنه بخير… حتى لو إيدها وجعتها، المهم إنه هو اتنقذ.

چون كان ماسكها وهو قلبه مولّع أكتر من النار اللي اتطفت، مش فاهم ليه حسّ بخوف عمره ما حسه قبل كده.

چون كان لسه ماسك مريم بإيده، ملامحه مشدودة والقلق مالي وشه. كانت إيدها متحمرّة من الحريق، عينيها نصها دموع من الدخان ونصها خوف على كوكو اللي كان بعيد شوية بيتنفس بصعوبة لكنه سليم.

جون بص حواليه على الناس اللي اتلمّت بعد ما النار بدأت تهدى وقال بصوت مليان غضب:
ــ مين اللي عمل كده؟! مين ال*** اللي ولّع النار؟!

محدش رد، الكل كان باصص لمريم وهي بتسعل، صوتها مخنوق:
ــ أنا كويسة… بس شوفوا كوكو، طمّنوني عليه.

في اللحظة دي، الحج عبده وصل، وشه كان أحمر من الغضب والخوف لما شاف مريم قاعدة على الأرض وإيدها محروقة. جري عليها بسرعة:
ــ يا ساتر يا رب! مريم، إيه اللي حصل هنا؟!

جون رد قبلها، صوته حاد:
ــ حد جبان ولّع في الحظيرة بالليل، ومريم كانت أول واحدة تجري عشان تنقذ الحصان، إيدها اتحر.قت وهي بتحاول تفكّه!

الحج عبده وشه تغيّر، بقى مزيج بين الخوف على بنته والغضب من اللي عمل كده. قعد جنبها على الأرض، شال إيدها يبص عليها:
ــ يا بنتي، دماغك ناشفة زي أبوك… بدل ما تجيبي حد يساعدك، تنطي جوه النا.ر بنفسك؟!

مريم ابتسمت ابتسامة باهتة وهي بتوجع:
ــ ماقدرتش أسيبه يا بابا… كان هيمو.ت.

الحج عبده بص لجون، ولأول مرة عينه كان فيها شكر صامت، خصوصًا إنه شافه ماسكها كأنه خايف عليها من أي نسمة هوا.

جون قال بهدوء بس صوته فيه وعد:
ــ اللي عمل كده مش هيعدي منها… أنا هعرفه وأجيب حقكم.

الحج عبده وقف وهو شايل بنته، وقال للناس حوالينه:
ــ حد يجيب عربية بسرعة، لازم تروح تتعالج فورًا.

جون مشي معاهم، وعينه ما سابتش مريم لحظة، وكأن النا.ر ولّعت جوا قلبه هو كمان، بس مش من الغضب… من الخوف عليها.

ـــــ

ــ كوكو… كوكو بخير، صح؟!
كانت بتسأل والدموع في عينيها، مغمية من الدخان بس مش شايفة غير الحصان.

جون مسك إيدها المحروقة بسرعة:
ــ مريم، لازم نروح المستشفى فورًا.

هزّت راسها بعناد وهي بتحاول تقوم:
ــ لأ… مش هتحرك غير لما أطمن عليه بنفسي.

جون اتعصب، صوته علي لأول مرة عليها:
ــ إنتي مجنونة؟! إيدك محرو.قة وأنتي لسه واقفة هنا!

ــ سيبني، مش همشي وهو واقف مرعوب كده… مش هسيبه لوحده.

اتنفس جون بغضب، بس في عينيه كان فيه خوف مش غضب وبس. مشي ناحية كوكو بسرعة، طمّنه بإيده وشافه كويس:
ــ بخير… الحصان بخير، خلاص، شوفيه بعينك.

مريم بصت لكوكو وهي بتشهق من العياط والراحة في نفس الوقت، كأنها اتخلّصت من جبل كان فوق قلبها.

جون رجع لها بسرعة:
ــ خلاص، شوفيه، طمنتي؟! يلا دلوقتي عشان تتعالجي بدل ما يحصل مصيبة في إيدك!

لما شافها لسه مترددة، مسكها من كتفها بنفاد صبر:
ــ مريم، كفاية عناد.

ــــ

اتحركت العربية بسرعة، وجون ماسك الدركسيون، إيده بتشد عليه كأنه بينفس غضبه في السواقة، وعينه في المراية كل شوية تبص ورا على مريم.

الحج عبده كان قاعد جنب مريم، ماسك إيدها المحروقة بإيده الكبيرة، صوته فيه قلق واضح:
ــ يا بنتي، وجعاكي جامد؟!

مريم ابتسمت ابتسامة ضعيفة وهي بتحاول تخبي دموعها:
ــ بسيطة يا بابا… أنا بخير.

جون شدّ نفسه بالعافية عشان مايتكلمش، بس ملامحه فضحت إن دمّه بيغلي. بصّ في المراية بعصبية:
ــ بخير إيه بس؟! إيدك كلها محروقة، وانتي واقفة بتبصي على الحصان كأنك مش شايفة النا.ر حواليك!

مريم ردّت ببرود وهي باصة من الشباك:
ــ ماكانش ذنبه يتحر.ق عشان حد حقود.

جون ضغط على الفرامل فجأة لما شاف واحد ماشي غلط في الطريق، وبص لها من المراية بنظرة مش فاهمة:
ــ وانتي ذنبك إيه تتحر.قي معاه؟!

الحج عبده بصله بحدة وقال:
ــ خلّيك سايق بس يا جون، إحنا عايزين نوصل بسرعة.

جون سكت، بس في عينيه كان فيه بركان غضب وخوف متلم، كأنه مش قادر يستوعب إزاي البنت دي ممكن تبقى عنيدة كده وقلوب الناس حواليها بتقع من الرعب.

مريم، رغم وجعها، فضلت باصة من الشباك ساكتة، ودماغها كله عند كوكو، مش حاسة إن فيه اتنين رجالة في العربية نص عمرهم راح من الخوف عليها.

——

بعد ما الدكتور طمّن الحج عبده إن الحرق سطحي وإنهم لحقوها في الوقت الصح، خرجت مريم ايدها ملفوفه بشاش، تعبانة شوية بس بتحاول تخبي ده بابتسامة صغيرة.

الحج عبده كان واقف مستنيها، أول ما شافها قام بسرعة وسندها من كتفها:
ــ ألف سلامة عليكِ يا بنتي… قلبي وقع في رجلي النهارده.

مريم ابتسمت وهي تبص للأرض:
ــ أنا آسفة يا بابا… خوّفتك.

جون كان واقف بعيد، ساكت، إيده في جيبه وعينه مش سايبة إيدها الملفوفة بالشاش. أول ما قربوا ناحية العربية، اتكلم بنبرة فيها عصبية مستخبية:
ــ تقدري تمشي كويس ولا أجيب كرسي؟

مريم رفعت عينيها عليه بنظرة مستغربة:
ــ لأ، أنا تمام. مش للدرجة دي يعني.

هو شد على سنانه وقال بصوت منخفض بس فيه غيظ:
ــ للدرجة دي إنك كنتي هتتحر.قي عشان حصان، أيوه.

مريم بصتله بحدّة:
ــ كوكو مش مجرد حصان… كوكو ده ابني!

جون اتنفس بعمق، كأنه بيحاول يمسك أعصابه، وبص بعيد وهو بيقول:
ــ مش فاهم إزاي ممكن تبقي عنيدة كده، بتوجعي اللي حواليكي وإنتي مش واخدة بالك.

سكتوا لحظة، مفيش غير صوت عربيات رايحة جاية، قبل ما الحج عبده يقول بحزم:
ــ يلا نروح، البنت محتاجة ترتاح.

مريم ركبت العربية، وجون طلع يسوق تاني، بس طول الطريق ماقالش ولا كلمة، وإيده شادة على الدركسيون، كأنه بيحارب نفسه عشان ماينفجرش من القلق اللي جواه.

ـــــ

بعد ما اطمّنت على كوكو وقعدت معاه شوية، رجعت البيت، إيدها بتوجعها بس مش قادرة تخفي فضولها. جون بقاله يومين موجود، سايب الدنيا كلها وقاعد عندهم، وسايب شغله ومدينته، كأنه جاي لهدف محدد.

في المساء، كانت قاعدة جنب الحج عبده وهو بيشرب الشاي في الساحة، القمر منور، والجو هادي بعد اليوم الطويل.

مريم قالت وهي بتحرك المعلقة في الكوباية:
ــ بابا… جون هيقعد هنا لحد إمتى؟

الحج عبده بص لها بسرعة قبل ما يرد، كأنه بيختار كلماته:
ــ على راحته… ده ابن الغالي، بيتنا بيته.

مريم رفعت حاجبها باستغراب:
ــ بس هو ليه سايب شغله ومدينته وقاعد هنا كده؟ يعني، هو ملوش بيت غير عندنا؟

الحج عبده ضحك ضحكة صغيرة يحاول يخفي بيها توتره:
ــ يمكن تعب من دوشة المدينة، وجاي يغيّر جو.

مريم ما اقتنعتش قوي، خصوصًا لما افتكرت مواقفه معاها… خوفه عليها من النار، صوته لما اتعصب عشان الحصان، ونظرته اللي مش فاهمة سببها.

سكتت شوية وبصت لوالدها بتركيز:
ــ بابا… هو وإنتوا تعرفوا بعض من زمان قوي، صح؟

الحج عبده ابتسم ابتسامة فيها حنية بس عينه قالت حاجة غير اللي نطقها لسانه:
ــ آه يا بنتي… زمان أوي.

مريم عضّت شفايفها، مستغربة أكتر من الأول، بس قررت ماتسألش زيادة دلوقتي، خصوصًا وهي شايفة باباها مش عايز يفتح الكلام.

—–

بعد ما خلصت مريم كلامها مع والدها، دخلت المطبخ تجهز شاي تاني. ما كانتش واخدة بالها إن جون كان واقف قريب وسمعها وهي بتسأل عن سبب وجوده عندهم.

هو ما قالش حاجة وقتها، بس لما لقاها واقفة لوحدها في المطبخ بعدها بدقايق، دخل بهدوء وقال بصوته العميق:
ــ شكلك مش مرتاحة لوجودي هنا.

مريم اتفاجئت، التفتت له بسرعة وهي ماسكة الكوباية:
ــ لا… أنا بس كنت بسأل بابا، يعني… وجودك طول قوي.

جون ابتسم ابتسامة صغيرة، بس فيها لمسة غموض:
ــ يمكن وجودي ليه سبب… يمكن أكتر من سبب كمان.

مريم رفعت حاجبها، باصة له باستغراب:
ــ سبب إيه يعني؟

هو ضحك ضحكة خفيفة، مش باين فيها لا جد ولا هزار، وقال وهو ماشي ناحية الباب:
ــ هتعرفي في وقتها.

مريم فضلت واقفة مكانها، قلبها بيدق بسرعة من نبرته الهادية الغريبة، وكأن كل حاجة حواليها بقت لغز كبير مش فاهمة منه حاجة.

ــــ
اليوم اللي بعده، مريم كانت واقفة في الساحة بتحاول تأكل كوكو، إيدها لسه بتوجعها، بس مصممة تعمل كل حاجة بنفسها كعادتها. جون كان راجع من برة، باين على وشه إنه مرهق.

أول ما شافها بتمد إيدها الملفوفة عشان تشيل الجردل، صوته طلع عالي من غير ما يحس:
ــ مريم! إنتي بتعملي إيه؟!

مريم اتخضت من نبرة صوته، بس ردت بعناد:
ــ بأكل كوكو… مش شايف يعني؟

جون تقدم بخطوات سريعة، خد منها الجردل بعصبية:
ــ مش شايف؟! لأ أنا شايف إنك مستهترة! إيدك لسه محرو.قة ومش عارفة ترتاحي دقيقة!

مريم عضّت شفايفها من الضيق:
ــ خلاص بقى، مش كل شوية تتعصب عليا كده… أنا عارفة بعمل إيه.

جون رمى الجردل على الأرض فجأة، صوته اتقل وبقى فيه حاجة جديدة:
ــ لأ… إنتي مش عارفة. مش عارفة إزاي ممكن أي حاجة فيكي تتأذي توجع…

سكت فجأة، كأنه قال حاجة زيادة، وبص بعيد بسرعة يخفي اللي طلع منه.

مريم وقفت مكانها، قلبها بيدق بسرعة، مش عارفة هو كان يقصد إيه بكلامه، ولا ليه صوته بقى مخنوق كده فجأة.

جون شد نفسه وقال بسرعة قبل ما تبصله:
ــ سيبي الشغل ده عليا… روحي ارتاحي.

مشي وهو سايبها واقفة في الساحة، مخنوقة من عصبيته… بس جواها حيرة جديدة: هو ليه بيقول كده؟ وليه كأنه بيخاف عليها أكتر من اللازم؟

ــــــ

في يوم الجو كان فيه ريح خفيفة، ومريم قاعدة في مكان جنب مكتب والدها، إيدها لسه ملفوفة، وكوب الشاي جنبها. كانت بتسمع صوت والدها وجون بيتكلموا جوة المكتب، الباب مش مقفول كويس، والكلام واصل ليها من غير ما يقصدوا.

جون صوته كان منخفض بس واضح:
ــ عم عبده، لحد إمتى هتفضل ساكت؟ البنت ليها حق تعرف.

مريم عقدت حواجبها، قلبها دقّ بسرعة.

والدها ردّ بعد صمت طويل:
ــ مش وقته، يا جون… مش عايز أضيّع سنين عيشتها في البيت ده. هي بنتي زي ما تكون من لحمي ودمي.

مريم جمدت مكانها… زي ما تكون؟!

جون بصوت هادي بس فيه إصرار:
ــ بس هي مش عارفة الحقيقة… وده هيجرحها أكتر بعدين.

مريم قامت واقفة من مكانها، رجليها تقيلة وكأن الأرض بتتهز تحتها. مش فاهمة نص الكلام، بس كلمة “الحقيقة” دي ضربت قلبها زي الرصاص.

والدها قال بسرعة، كأنه خايف حد يسمع:
ــ أنا لقيتها وهي بيبي… يومها كنت شايلها بإيديا، ومن ساعتها ماعرفتش أفرّقها عن بنتي الحقيقية.

وشها كان مصدوم… يعني إيه مش بنته الحقيقية؟ طب مين أهلها؟ وليه محدش قالها قبل كده؟

من كتر صدمتها كوب الشاي وقع من ايدها اتكسر علي الأرض!!

چون جري بسرعة عند الباب لقاها واقفه في وشه ودموعها نازله!
مهتمتش بوجوده وبصت لوالدها وقالت:
_يعني أنا مش بنتك؟!

الفصل التالي اضغط هنا

يتبع.. (رواية همسات الحوافر) اضغط على اسم الرواية لتجد الفهرس كاملاً بجميع الفصول.

أضف تعليق