رواية ملاذي و قسوتي – الفصل السابع والعشرون
لم تستوعب بعد ماذا حدث لها ولكن قلبها ارتجف بغضب وشعرت بجسدها بأكمله يحترق ..
شعورٍ قاسٍ تختبره الان….الغيرة كجذوة
في قلبها….
“بتكلمي مين ياحياة…. ”
تحدث سالم وهو يرمقها باستفسار… وكان يجفف شعره بالمنشفة و لا يرتدي إلا بنطال قطني مريح……
استدارت حياة له بقناع حجري وهي تمد له الهاتف قائلة ببنيتان تحتبسان الدموع….
“لمار الحسيني…واضح انك عارفها عشان
كده مسجل رقمها….. على العموم هي على الخط… ”
تناول الهاتف من يدها…. لتبتعد هي عنه سريعًا وتختبى داخل شرفة غرفتها حتى
تحرر تلك الدموع المتحجرة ..
كان سالم مذهول من ردة فعلها تصور انها ستطرح سؤال عن من تكون تلك المتصلة، لكنها لم تفعل ولم تبدي اي إهتمام ؟!…
يشعر أنها تود الصمت حتى لا تصدم من إجابته….هل تشك به ؟…
ام تخشى شيئاً ما ؟!…
أبتسم بسعادة وهو يرى عينيها تتوهج بهم الغيرة المجنونة….. ولكن أستغرب من انسحابها اثناء المكالمة…..
فتح الخط وهو يدلف الى الشرفة جالساً على مقعدًا بدخلها مراقب حبيبته التي توليه ظهرها وتقبض بيداها الصغيرتان على حاجز الشرفة… وتنظر الى البعيد بوجه محتقن…..
وضع الهاتف على المنضدة أمامه وفتح مكبر الصوت ليصل صوت( لمار) لكلاهما ….
تحدث سالم بهدوء…
“الو…… لمار عامله إيه… ”
ردت لمار عبر الهاتف بحبور….
“الحمد لله بخير …كويس انك سجلت الرقم زي ماتفقنا …على العموم المعدات والمكن اللي محتاجه للمصنع الجديد جهز وشحنه هتوصلك بعد أسبوعين ها مناسب ليك… ”
رد سالم وهو يتطلع على حياة التي توليه ظهرها بصمت مستمع !….
“ااه مناسب اوي شكراً يالمار تعبتك معايا… ”
ابتسمت لمار من الناحية الآخره لترد عليه بلطف..
“ولا تعب ولا حاجة …. المهم انت عامل إيه.. اااه عرفت من فارس انك اتجوزت…. مراتك عامله إيه حياة مش كده….. ”
استدارت حياة له بوجه مندهش وعيون
تُرسل له الكثير من الأسئلة …..
رد سالم وعيناه تفترس وجه حياة بدون رحمة..
“ااه أسمها حياة…. اجمل حياة ممكن
تقبليها يالمار…”
ابتعدت بُنيتاها عن مرمى عينا سالم بخجلا من حديث يُدغدغ الانثى داخلها ويرهق قلبها النابض بسعادة عشقه لها…..
هتفت لمار بسعادة…
“واوو…..لا اتحمست أوي اقابل الحورية اللي غيرتك لدرجادي ….على العموم انا هنزل انا
وعلاء ولاولاد وأكيد هعمل زيارة ليك ومش
هنسى اخد الادنجوان بتعنا ….”
ضحك سالم وركز أكثر بالمكالمه قائلاً
بمزاح..
“فارس…ما بلاش فارس …كفايه
العفريت ولادك..”
عضت حياة على شفتيها ليس فقط من ظنها بسالم ولكن بسبب احرج زوجها للمتصلة التي تُدعى لمار ! ..
“طب على فكرة بقا فارس جمبي وسامع كلامك …. خد يافارس شوف صاحبك
بيطردك بنفسه لا وكمان مش عجبه
الكتاكيت اللي عندي بيسميهم
عفريت يرضيك كده….”
رد فارس من عبر الهاتف وهو ياخذه منها
“عفاريت اي يابني ملافظ السعد….دول شياطين…”
صرخت لمار به بحنق عبر الهاتف ثم
ابتعدت عنه..
“الو ياشبح ينفع تشمت فين لمار…”
ضحك سالم من قلبه وهو يتحدث الى فارس
تطلعت عليه حياة بعشق فهو حين يضحك
يعود أصغر سنًا وكأنه شاب في أوائل
العشرينات…..
“طب هتيجي امتى ياعم المهم مش كفاية سفر… ”
رد فارس باختصار….
“هو كفايه انا كدا كده راجع…. واول مانزل مصر هنزل على النجع عشان أشوفك واشوف خطيبتي الصغيرة …”ضحك فارس بمزاح……
رد سالم بعد تنهيدة…
“ماشي يافارس مستنيك….. في حفظ الله..
مع سلامة … ”
اغلق سالم الخط وهو ينظر الى حياة التي نظرت له بصمت….
تحدث سالم وهو يحدق في عمق عينيها…
“دي لمار الحسيني…. مرات ابن عم فارس….و في بينا شغل بقاله اكتر من أربع سنين بستورد عن طريق تعاملتها برا مصر معدات ومكن للمصنع عندي سوى آلقديم او المصنع اللي بجهزه ليه دلوقتي… ”
تنهدت وهي توليه ظهرها لتخفي عيناها عنه…فنهض هو ووقف خلفها مباشرةٍ مُلصق صدره العاري بظهره من الخلف، شعرت بعدها بسخونة جسده خلفها…..
مالى على عنقها بانفاسه الساخنة…. كانت
تضع الحجاب فوق راسها دون أحكامه منذ
ان دخلت الغرفة…
أبعد الحجاب قليلاً ليقبل عنقها ببطء…
أغمضت حياة عينيها بضعف وسارت الرجفة على طول عمودها الفقري…فشعرت ببرودة بجسدها على غير العادة..
لصق وجهه بوجهها جانباً وهو يتطلع الى الشمس الناصعة أمامهما…والهواء الرطب المداعب كلاهما وتلك الصحراء التي تطغى على المكان بالرغم من وجود الحياة بها ! …
بعد صمت طويل كان الحديث قد مات في تلك اللحظة… لكن الأجساد ولمشاعر وخفقات قلوبهما يسمعون صوتها ويشعرون بها بوضوح…..
“عارفه.. الغيرة حاجة حلو ويمكن تكون
دليل عن الحب…. ”
همهمت بحرج… ولم تقدر على الرد….
فابتسم من زواية واحده بعد ان أدرك
ما يدور داخلها الآن….
“ليه مكنتيش حبه تسأليني عليها قبل ماتسمعي المكالمة ….”
اكتفت بالصمت هاربة من إجابة تحرق قلبها
على جمار مخاوفها…..أنه كشف امرها !!…
رد بدلا منها بصوتٍ خشن متيقن….
“كنتي خايفه اصدمك مثلاً وتطلع مراتي…”
انسابت دمعتين على خدها مكتفية بايماءة
بسيطة والغصة تتجمع في حلقها بقساوة…
مسك كتفها وادارها إليه لتواجه عينيه ناظرة له بحرج وخوف من ان ينغمس سالم في عادة من عادات هذا النجع وهي… تعدد الزوجات !
تمعن بالنظر اليها أكثر ثم بدا يمسح خديها
متحدثًا بحنوًا…
“والله انتي مجنونة… وعايزه تنكدي على نفسك وخلاص.. ”
نظر لها أكثر ثم أكمل بجدية…..
“المفروض تكوني أكتر واحده عارفه ومتاكده اني استحاله أفكر في واحده تانيه غيرك… المفروض تكوني عارفه انك أول واحده في حياتي وأول حب يدخل قلبي …. المفروض تكوني عارفه ومتأكده اني مستكفي بيكي زوجه في الدنيا وفي الآخره ان أراد آلله….”
“انتي اول واحده المسها ونام جمبها على سرير واحد…. انتي الوحيده اللي بصبر عليها وبسامحها مهم عملت ومهم قالت….. ”
نهت من شدة تضخم صدره بالمشاعر
نحوها مضيفًا….
“المفروض تكوني عارفه اني بحبك..وان مفيش واحده تقدر تاخد مكانك او تعوضني عنك… ”
” سالم….. “اقتربت منه وغرزت اصابعها في شعره الغزير وهي تهتف بحب…
“اوعدني إنك عمرك ما هتفكـ…”
وضع أصابعه على شفتيها وهو يقول بنبرة جادة…
“من غير ماتقولي….انا عمري ما هكون
لوحده غيرك ياحياة…”
احاطت بكلتا يداها وجهه وهي تقول
بحب…
“انا بحبك اوي ياسالم بحبك أوي…”
بادلها العناق محاولا لجم مخاوفها بكلامه وافعاله لعل عقلها الصلب يستوعب مكانتها
بقلبه….قلب مدله بحبها….
دفن وجهه في جيدها هامسًا بلوعة
المحب….
“آآه…. ياحياه يارتني قبلتك وحبيتك من زمان يارتني …… بحبك ياحياة بحبك ومش عايز من الدنيا دي غيرك…..بلاش تشكي في حبي ليكي صدقيني محدش ملك قلبي غيرك ومستحيل أقبل ببديل مهما كان…..”
ابعدها عنه وقبلها من قمة رأسها وهو
يقول بنبرة صوتٍ لا تعرف إلا الصدق…..
“اطمني ياحياة.. انتي الأولى ولاخيره في حياتي اطمني …. ”
نظرت لعينيه ومن ثم لشفتيه ثم هتفت بحموج عاشقه….
“مطمنه طول مانت جمبي….”
تلك المرة كانت المبادرة هي في تقبيلة فـقاد
هو القبلة مبادلها الحب بالعشق والضياع
بالتملك…..
—————-
كانت تجلس في شرفة غرفتها شاردة في حديثه باستمتاع قلبًا يهوى بجنون ! …
كانت تمسك بين يداها العقد الذي اهدها لها في بداية زواجهما والتي وضعت بها صورته وصورة ابنتها ورد…. كانت تمرر أطراف اصابعها على الإسم المفحور خارجها …
(ملاذ الحياة)….
“لازم النهاردة يكون يوم مميز … ”
قالتها وهي ترتب لأمرًا ما في رأسها ثم ابتسمت وهي تفتح القلب وتقبل صورته هامسة بعشق….
“كل سنه وانت جمبي…. ”
في المساء كانت تقف امام المرآة تضع المسات الاخيرة بعد ان ارتدت فستان أحمر قصير كانت تحتفظ به من ضمن مشترياتها الجديدة وقد ان أوان ارتداءه.. وكما توقعت كان يلائمها بشكلا يفوق الوصف….
يلتف على قدها الممشوق يكشف نصف ظهرها الأبيض وذراعيها قصير فوق الركبة….
ومعه تركت شعرها الاسود منسابًا على ظهرها….اتكات على شفتيها المغرية بالحمرة الصريحة وكانتى عينيها الكحيلة تتفقد هيئتها الخلابة…
هيئة تحبس الانفاس وتسيل لعاب رجلًا
واحد هو من تجهزت لأجله هكذا كي تجعل اليوم يومًا خاصٍ…..
إبتسمت حياة برضا تام عن مظهرها الخلاب..
ثم استدارت لترمق الغرفة بنظرة شاملة فقد نالت هي أيضا ما تستحق من زينة تليق بهذا الجو الشاعري….
فكانت الغرفة يملأها البلونات الحمراء والشموع الساهرة على شكل قلوب حمراء اللون…. واوراق من الورود الحمراء والبيضاء مُتناثرة على الفراش على شكل قلب كبير
اما الاضاءة الغرفة فكانت خافته تلائم
الجو الحميمي…. وكان أيضاً يحتل المنضدة طعام العشاء وبجانبه بعض الشموع الساهرة….
فعلت كل شيء لترى السعادة في عينا سالم
وتكون هي السبب في ذلك الشيء البسيط …
هو قدم لها الكثير حديثاً وفعلاً ولأن حان وقتها هي كي تقدم له بعض آلحب والراحة
في ليلة على ضوء القمر يسحرون مشاعرهما
بسحر خالص لم يُبطل أبداً بينهما !….
سمعت صوت السيارة بالاسفل فابتسمت
وتعرقل قلبها بالخفقات وهي تنظر لنفسها
مرة اخيرة للمرآة هامسة بلهفة…
” يترى هيحب المفاجأه…وهتعجبه.. ”
بعد لحظات دلف سالم بهدوء استدارت له ونظرت اليه تستقبله بأجمل وأرق إبتسامة لديها….
اغلق سالم الباب خلفه ثم ادار عيناه للمكان
ليشعر انه دلف الى مكانًا آخر يضج بالاحتفال
بالونات حمراء ورود شموع ورائحة عطرها
الناعم تداعب انفه وتتخلل الى رئتاه بمداعبة انثوية صريحة…..
تجولت عينا سالم على كل ركن من اركان الغرفة بدهشة وإعجاب من تخطيط ملاذه
لكل هذا من اجله فقط ! ….
لا ينكر أنها اسعدت قلبه وانعشت روحه بهذهِ اللحظة ، وحين استقرت عيناه عليها على هيئتها وتفصيلها المُغرية لعيناه ، و ما ترتدي من فستان يبرز انوثتها بسخاء ! و وجهها الصارخ جمالاً وفتنه له وشعرها العاشق له والى سواد ليله الطويل ….
استقرت عيناه اكثر على شفتيها المكتنزة قليلاً
والتي تطلى بالقرمزيّ الصارخ….
“معقول انا كنت اعمى اوي كده ”
ابتسمت حياة على شروده المبالغ فيه وجملته التي قالها وسط شروده بها…..
اقترب منها ببطء …وعيناه تفترس عينيها ووجهها بنهم شديد…..
وقف أمامها وأصبح لا يفصل بينهما شيء تحدث بعد.. لحظات من تأمله الناهم لها …
“انتي ازاي كده…. ”
ابتسمت بحب وهي ترد عليه ببراءة
زائفة…
“ازاي إيه مش فاهمه قصدك…. ”
مال برأسه عليها اكثر والصق جبهته بها
وقال بصوتٍ أجش دغدغ انوثتها بشدة….
“ازاي حلوه اوي كده…… ”
ابتسمت بخجلا وهي ترد عليه
بجفون مسبلة بنعومة….
“أنت أحلى ياحبيبي…. ”
“حياة …. انتي عملتي ده كله عشاني…. ”
همهمت بتأكيد وهي تعض على شفتيها بقوة ولم تفتح عيناها بَعد…..
نظر لها سالم والى خجلها فاستقرت عيناه
على شفتيها التي تقضمه بخجل تأوه
بضعف وهو يقول……
“مش كده ياحياة… المفروض كده…. ”
قبل ان تفهم ماذا يعني كان قد اخذ شفتيها من تحت اسنانها الى مكانهما المناسب….
قبلها بحب كانت القبلة ناعمة حانية وبرغم
من النيران التي اشعلتها داخله مُهلكة قلبه…
الا إنهُ حاول الإمساك بالصبر حتى لا تنتهي اليلة بسرعة ! ….
أبتعد عنها بصعوبة فقط حين شعر أن القبُلة ستأخذ طريقها المعتاد معه…..
ابتسمت حياة بحرج وأغمضت عينيها من فرط لذة المشاعر بينهما…… كان مزال على وضعه بالقرب منها وجهًا لوجه….
هتفت حياة وهي تبتعد عنه وتوليه ظهرها بحرج…
“انت على طول مستعجل كده … ”
وضع يده في جيب بنطاله وهو ينظر الى ظهرها وأبتسم بعبث قائلاً….
“احمدي ربنا اني لسه فيا شوية عقل اقدر اسيطر بيهم على نفسي قدام الجمال
دا كله… ”
داعبها بالكلام وعزز ثقتها وحبها له اكثر…
فاستدرت له ونظرت له بحب وهي
تسأله بتردد..
“سالم هو انت بتحب الموسيقى… ”
لم يفهم مقصد كلامها ولكن أجاب..
“ااه بس الهادية بحبها اكتر….. ”
اتسعت ابتسامتها أكثر…. وذهبت الى ركنًا
ليدوي بعدها صزت موسيقي هادئة ساحر على
الاذن يليق بهذا المكان الذي صنعته بيداها فقط لاجل ان تحيا مع حبيبها لحظات خاصة مليئة بالحب والحميمية المشبعة بشوق…
اقتربت منه وقفت أمامه قائلة بصوتٍ
عذب…”ينفع ا…. ”
قبل ان تكمل حديثها قد وضع يده على خصرها بإمتلاك وقربها منه اكثر … ويدهُ الاخرة اشتبكت بيدها آلصغيرة…اما يدها الاخرى فوضعتها على كتفه بحب، تلاقت اعينهما وهم يتمايلون بخفه على اوتار
الموسيقى الهادئه…
العشق الخالص !….
بدأت اجسادهما تتمايل بخفة وهم ملتصقون في أحضان بعضهما بحب..كانت الاضوء الخافتة والشموع الساهرة على ضوء القمر تكمل ألحان الموسيقة بينهما….
كانت في أحضانه وبين يداه تسير على السحب البيضاء هكذا رأت وشعرت معه….
وهو كذلك شعر معها وكانهما اختفوا عن هذا العالم ، لعالم يكتفي بهم سوياً !….
همست حياة بحب…
“حاسه اني بحلم…بجد انت نصيبي والهدية اللي كانت مستخبيه ليا من سنين…..”
ابتسم وهو ينظر في عينيها والى عمق بريق العشق بهما قائلا….
“مش انا اللي هدية ياحياة…. انتي اللي اجمل هدية هفضل اشكر ربنا عليها طول عمري …..”
اقتربت منه ووضعت رأسها على كتفه لتترك كف يده وتعانقه بقوة هامسه له بنبرة عاشقة….
“بحبك ياسالم بحبك اوي …..ربنا يخليك ليا
وما يحرمنيش منك ابداً….. ياسندي…..”
ياسندي !!…
جميلة الكلمة من بين شفتيها جميلة وغمرة قلبه بالسعادة أكثر من لازم …كانت بسيطة ولكن تعني الكثير له ولها ايضاً……
بادلها العناق أكثر بصمت ولكن احضانه لها كانت تتحدث بنيابة عنه…….
لحظات مرت عليهما همسات وحب متبادل ولمسات عابثة تحكي عن مدى اشتياقه لها..
نظر سالم الى شفتيها بجوع قائلاً وسط احاديثهما…
“هتصدقي لو قولتلك انك وانتي معايا بتوحشيني أكتر….”
ابتسم ثغرها الأحمر وهي ترد عليه بخفوت..
“انت كمان بتوحشني حتى وانت جمبي…”
تحدث بعبث وهو يمرر اصابعه ببطء
على شفتيها…
“تعرفي ان ده مرض ولازم يتعالج….”
اغمضت عينيها وفتحتهما بحرج وهي
تساله ببراءة…. “مرض إيه….”
نظر اليها بمكر وتحدث ولكن بنفس
الخفوت…
“المفروض تساليني بيتعالج ازاي….”
نظرت له بضياع عاشقة وهي تسأله بنفس
الخفوت”طب بيتعالج ازاي ….”
“هقولك ياملاذي…..”مالى عليها يقطف
القبل من ثغرها الشهي فتبادلت معه
بعاطفة جارفة…..
وفي غمرة تلك العاطفة الجياشة وجدت نفسها ترتفع في الهواء يحملها هو على ذراعيه بقوة….
وسار بها نحو الفراش وكانتا شفتاه لا تكف
عن العب على أوتار ضعفها !..
وضعها برفق وهو ينظر اليها وهمس بكلمة واحدة قبل ان يسحبها معه الى عالمهما الخاص … “بحبك……”
اخر ما سمعته منه قبل ان ينصهر جسدها
بين ذراعيه مسالمًا مستسلمًا لحبيبها….
—————
بعد مرور أسبوع……وفي صباح….
وضعت ريهام كوب من العصير امام والدتها قائلة بثبات….
“خدي يامااا اشربي عصير اللمون ده يمكن
تهدي.. ”
هدرت بها خيرية بغضب
“انا مش هاهده ولا هيهدالي بال غير لما نخرج من النجع ده احنا هنسافر بكره وخلص الكلام لحد كده ياريهام ….”
نظرت ريهام الى كوب العصير وهي ترد عليها بغموض..
“متقلقيش يامااا احنا هنسافر اليله…. ”
اتسعت عينا خيرية بعدم تصديق…
“بجد ياريهام خلاص قررتي تسفري السويس معايا عند خالك…. ”
مسكت ريهام كوب العصير ومدت يدها به لوالدتها قائلة بنبرة مبهمة….
“ايوه هسافر معاكي عند خالي… خدي اشربي بقا العصير ده عشان يروق دمك…. ”
مسكت خيرية كوب العصير وارتشفت منه تحت أنظار ريهام المراقبة
قبل ذاك الوقت…..
جلست حياة في صالون بجانب ريم ويبدو عليها الإرهاق والتعب من اثار الحمل على جسدها…
“معلشي ياريم تعبتك معايا… ”
زمت ريم شفتيها وهي ترد عليها بمزاح…
“ولا يهمك بكره لما اتجوز واجيب نونه هخليكي توديه المدرسة بنفسك…. ”
أبتسمت حياة وهي تقول لها بحبور..
“من العين دي قبل العين دي… دا هيبقى
ابن اختي وصاحبتي الواحيده…. ”
ابتسامة ريم وهي ترد عليها …
“طب مانا عارفه…. و ورد برضه بنت اختي الكبيرة ومفيش احراج مابين الأخوات وبعضها ولا إيه.. ”
ضحكت راضية الجالسة معهما وهي تدعي
لهم بحنان..
“ربنا يحفظكم ياحبيبي ويخليكم لبعض… ”
ردد الإثنين معاً….
“ربنا ياخليكي لينا ياماما راضية…. ”
وقفت ورد امامهم قائلة بحماس..
انا جاهزة ياخالتو ريم مش يلا بينا… ”
ابتسمت ريم لحياة وهي تنهض قائلة…
“البت مستعجله على اللعب…. بكره لم آلموضوع يدخل في الجد هتقولك اعمليلي أجازه مرضيه ياماما.. ”
ابتسمت حياة وهي ترد على ريم
بخبث…”هتطلع لمين يعني…. لخالتها….. ”
ضحكت ريم وهي تاخذ يد ورد بين يدها خارجة بها من المنزل …
نظرت حياة لهما وهم يبعدون عن مرمى ابصارها…
فنهضت بسرعة وهي تنادي على ابنتها
بلهفة غريبة…
“ورد… تعالي ياحبيبتي…. ”
استدارت لها ورد لتاتي لها سريعًا تاركه يد ريم التي نظرت الى حياة باستغرب…فكانت حياة شاحبة آلوجه يبدو عليها الإرهاق ولتعب بكثرة
هذا آلصباح….
حين وقفت ورد أمام حياة نزلت حياة لمستواها ومسكت كتفها بين يداها
وهمست لها بحنان..
“خدي بالك من نفسك ياورد…. ”
نظرت ورد لها بعدم فهم تسألها ببراءة..
“حاضر ياماما…. بس مالك انتي تعبانه
عشان. النونه ….”
ابتسمت لها حياة وهي تمرر يدها على شعر
صغيرتها بحنان …
“لا ياحبيبتي انا كويسه…يلا عشان تلحقي
الحضانة….”
ودعتها حياة بعناق قوي وهي تستنشق رائحتها بشوق لا تعلم لما تشعر ان هناك عاصفة قادمة و تهب عليها الريح الخاص
بها تجعلها تشعر بالارتعاد من القادم….
ابتعدت ورد عن والدتها ببطء وامسكت بيد ريم.. لتبادل ريم النظرات مع حياة… سألتها ريم بعينيها بقلق هزت حياة رأسها بنفي
وهي تبتسم ابتسامة باهته ..
بعد نصف ساعة صعدت حياة الى غرفتها بعد ان استأذنت من الجدة راضية بانها تود آلنوم قليلاً من شدة الإرهاق…..
خرج سالم من المكتب وهو يمسك بين يداه ملف عمله….
“صباح الخير ياحنيي….أمال فين حياة
و ورد… ”
سألها وهو يبحث عنهما بعيناه …
ردت عليه راضية بفتور وهي ترتشف بعض القهوة..
“ورد راحت الحضانه وريم راحت توصلها.. عشان حياة شافتك مشغول في المكتب بقالك أكتر من ساعتين…. ”
جلس سالم بعد ان وضع الملف أمامه على سطح المنضدة ومفاتيح السيارة كذلك….
“فعلاً اتاخرت عليكم بس انا بحضر لاجتماع مهم عشان المصنع الجديد اللي لازم يتفتح على اخر الشهر ده…. ”
“ربنا يقويك يابني ويزيدك من فضله… ”
رد عليها بعد تنهيدة…
“امين ياحنيي…. المهم هي حياة فين… ”
ردت عليه بهدوء…
“حياه تعبت شويه فطلعت تستريح في
اوضتها…. ”
نهض بهلع واضح وهو يقول
بسرعه…
“تعبت….. تعبت ازاي يعني…. ”
مسكت راضية يده وقالت…
“متقلقش يابني دول شوية إرهاق بسبب الحمل وهي طلعت تنام يجي من نص ساعة كده زمنها نامت بلاش تطلع وتصحيها….
انا شويه وهقوم أطمن عليها….”
نظر الى الجدة متردد من الذهاب….
“خلاص بقا ياسالم قولتلك دول شوية
إرهاق من الحمل…. ”
صدح هاتفه قبل ان يرد عليها…. اخرج الهاتف من جيب بنطاله ليرى هوية المتصل… التقط مفاتيح السيارة من على المنضدة سريعًا غافلا عن أمر ملف العمل المهم……
“انا لازم امشي دلوقتي ياحنيي عشان الإجتماع هتصل بيكي بعد ماخلص عشان أطمن على حياة.. ”
اكتفت راضية بإيماءة بسيطة وهي تبتسم له بلطف…..ذهب سالم على عجله…فدعت
له الجدة بتيسير الحال..
—————
“امااا يامااااا….. “خبطت ريهام على وجه خيرية التي استلقت على الأرض كالجسد بلا روح…..
ابتسمت ريهام وهي تتأكد من نبضات قلبها
وانفاسها كذلك… هتفت بغموض شرس….
“نامي ياغالية وحق أبويا وحق اخويا خلاص جه وقته ومحدش هياخده غيري…. معلشي ياماا انتي كنتي جزء من الخطه…. ”
تذكرت فعلتها منذ نصف ساعة…. حين وضعت عقار المنوم في عصير الليمون قبل
ان تعطيه الى خيرية !…..
ركضت ريهام وهي تضع العباءة والوشاح عليها بعشوئية….
__________________________________
وضعت قنينة البنزين في ركنًا ما خارج بيت
رافت شاهين…..
أبتسمت ريهام بشظايا شيطانية وهي تخبط على باب البيت بعويل وتمثيل خبيث …
“اااه الحقيني ياحنيي الحقوني ياخلق امي هتموت ياعالم الحقوني ااااه ياني حد يلحقني… ”
فتحت مريم الباب لها بصدمة…
سارت ريهام بسرعة من جوارها راكضة سريعاً الى داخل البيت متجهة الى وجهةٍ معينة….
وقفت راضية مفزوعة على صوت ريهام
تسألها بهلع..
“مالك ياريهام يابنتي في إيه… إيه اللى
حصل معاكي… ”
ركضت ريهام لها وهي تحشرج صوتها وتذرف الدموع الخادعة بكثرة وهي تقول….
“امي ياحنيي وقعت على الأرض مرة واحده وبفوقها مش بتفوق الحقيني ياحنيي وساعديني انا مش بقيلي في دنيا غيرها…. ”
ربتت راضية على يدها وهي تقول بحنان..
“متقلقيش يابنتي ان شاء الله خير انا جايه
معاكي. ”
ارتدت راضية عبائتها السوداء ووشاح كبير ونهضت سريعًا لذهاب معها…
لكن قبل خروجهما اوقفتها ريهام وهي
تتحدث ببكاء..
“خلي مريم تيجي معانا ياحنيي عشان تساعدنا واحنا بنطلع امي لاوضتها….”
نظرت راضية الى مريم الواقفة فعادت بعينيها الى السلالم المؤدية الى غرفة حياة…ومن ثم الى ريهام ودموعها المبلل وجهها….
ترددت قليلاً ولكن اقنعت نفسها انها لن تبقى هي أو مريم هناك كثيرًا فقط لحين الاطمئنان على خيرية وستعود على اي حال…
بدأت تقنع نفسها ان حياة نائمة الآن ولن تستيقظ الى بعد فترة…حسمت امرها وقالت…
“تعالي معانا يامريم يابنتي…. ”
بعد ان فتحت لهم ريهام البيت وبعد ان رأت راضية ومريم مشهد خيرية الواقعة على الأرض وجسدها مرتخي بطريقة مريبة
بعد آلشيء….
صاحت راضية وهي تجلس بالقرب من خيرية تتفحصها….
“اتصلي بادكتوره ياريهام مستنيه إيه… يمكن تكون غيبوبة سكر…. ”
مالت ريهام بخبث وتخفي وهي تضع يدها في حقيبة راضية لتاخذ مفتاح المنزل بين قبضة يدها بخبث…..
“حاضر ياحنيي هروح اتصل بيها…. ”
ذهبت ريهام بإتجاه الباب لتخرج من المنزل في الخفئ !…..
تحدثت راضية الى مريم قائلة بقلق…
“ساعديني يامريم يابنتي…. ”
اومات لها مريم وهي تميل على خيرية لمساعدتها…
دلفت ريهام الى منزل رأفت شاهين وفي يداها قنينة متوسطة الحجم تفوح منها
رائحة البنزين…
صعدت على السلالم المؤدية الى غرف نوم البيت و كانت عيناها بركتين من النار الحارقة وشفتيها تبتسم بطريقة بشعة فقد اقتربت من
تنفيذ مخطط اخذ وقتاً كبير في الإعداد له….
وقفت امام غرفة حياة ووضعت يدها على مقبض الباب لتدلف إليها وتغلق الباب خلفها بقوة بالمفتاح….
في نفس الوقت انتفضت حياة من نومها بفزع وهي ترى ريهام أمامها تنظر إليها بغل وشر…
“ريهام….. بتعملي إيه هنا…. ”
تحولت أنظار حياة الى المفتاح المتعلق في مزلاج الباب..
“انتي بتعملي إيه هنا بظبط .. وبتقفلي ألباب ليه… ”
نهضت حياة بوجهٍ يشوبه الانفعال…..سارت نحو باب غرفتها عازمه النية على فتحها واخراج عديمة الحياء من هنا….
حين مرت حياة من جوار ريهام بعصبية مسكتها ريهام من ذرعها بقوة وحقد….
“راحه فين يامرات حسن….. يووه نسيت يامرات سالم معلشي ازاي نسيت إنك خطافت رجالة وكل يوم في حضن واحد شكل…. ”
اكفهر وجه حياة واحتدت عينيها من هذه
الاهانة على لسان امرأة وضيعة مثلها….
هتفت حياة بعصبية وغيظ…
“احترمي نفسك ياريهام… ويلا اخرجي بــرا اوضتي عشان انا مليش حيل اتكلم معاكي و رد على كلامك ده بنفس أسلوبك الرخيص
وبعدين مش انا اللي اتجوزت تلات مرات وتفشتهم بطلاق كذا مره عشان خاطر واحد مش مديني حتى ريق حلو في الكلام…”
رمقتها حياة بازدارء وهي تكمل ببرود…
“انا مش عارفة بصراحه اي دخلك البيت
بعد اللي حصل فيكي من سالم لدرجادي معندكيش ريحة الدم…”
نظرت لها ريهام بضغينة والشر يتناثر على
وجهها البغيض….
“انا جايه هنا عشان اصفي حسابي وحساب ابويا واخويا والحساب مش هيتصفى غير عن طريقك انتي يا تربية الملاجئ….
ماهو انا بصراحه بتلكك عشان ارد كرامتي اللي داس عليها جوزك عشان خاطر
عيونك… ”
ضحكت ريهام ببرود قائلة باهانة لإذاعة…
“مش عارفه بيحب فيكي إيه… لا جمال ولا مال ولا عيله ولا فصل ولا اصل… ولا آي حاجه تملكيها عشان يتمسك بيكي لدرجه دي ويرفضني انااا…بنت عمه فضل عليا واحده بنت حرام زيك… ”
بلعت حياة الغصة بوجع كمن يبتلع شفرة مسننة وهي ترد عليها بأجمل إبتسامة تثير أعصاب غريمتها الحاقدة…
“يمكن يكون عندك حق انا معنديش كل الصفات اللي ذكرتيها….. لكن انا عندي اللي مقدرتيش تاخديه ياريهام…. سالم شاهين…. واللي بيني وبين سالم حاجه صعب يوصلها عقلك ويحس بيها قلبك قلبك الأسود…”
رمقتها بسأم وهي تقول…
” بجد تستحقي الشفقه…. ”
~~~~~~~~~~~~
اوقف سالم السيارة فجأه في نصف الطريق وهو يمرر يداه على وجهه بضجر….
“مش معقول هرجع كل ده…. ”
نظر الى ساعة يده بضيق…. فالملف الذي ظل أسبوع يحضر فيه بعض ملاحظات تطور المصنع الجديد وعرضها على الموظفين في الإدارة كي يسير العمل بعدها على هذا النهج الجديد الذي أضافه في ذاك الملف الموضوع الآن على المنضدة في قلب صالون البيت !.
فتح الهاتف على كامرات المراقبة آلموضوعه في بيته منذ فترة ولم يحاول تغيرها او تناسى أمرها !….
كان يحاول ان يتأكد من وجود آلملف في المكان الذي قد وضعه به….. ولكن لا يعرف
لم قلبه قاده الى غرفة نوم حياة للاطمئنان عليها فباله كان مشغول عليها من وقت خروجه من المنزل….
دقق النظر قليلاً فاحتدت عينيه فجأه
وهو يرى ريهام تقف وجهاً لوجه أمام حياة ويبدو ان هناك شجار انثوي حاد على وشك البدء….. هذا ما ظنه … ولكن دوماً العين تجفل عن كشف ستار الشر من حولها…
اشعل محرك السيارة للعودة الى البيت بسرعة
قصوى..يتبع…
الفصل التالي اضغط هنا
يتبع.. (رواية ملاذي و قسوتي) اضغط على اسم الرواية لتجد الفهرس كاملاً بجميع الفصول.