رواية ملاذي و قسوتي الفصل الثامن والعشرون والأخير – بقلم دهب عطية

رواية ملاذي و قسوتي – الفصل الثامن والعشرون والأخير

الخاتمة

“انا عارفه انك امتلكتي قلب سالم وده لسوء حظك عشان وقعك في سكتي…. واحلى حاجه اني هشفي غليلي منك واحرق قلبه عليكي يابنت الحرام… “

 

ضربت رأس حياة براسها بمنتهى الغل والشر
حدث كل شيءٍ في طرفة عين فكانت حياة
قبلها تقف مشدوهة من كم الضغينة التي تحملها لها…..

 

ترنح جسد حياة وهي تضع يدها على
رأسها متألمة ثم وقعت باعياء ارضًا
وشعرت بخط من الدماء يسيل من
رأسها…..

 

هتفت حياة متاوهة بذهول….
“انتي مش طبيعية انتي اكيد
اتجننتي…. آآآآآه… “

 

لم ترد عليها ريهام بل انقضت على جسدها كـنمرة مفترسة وهي تحاول لكمها في بطنها بمنتهى الغيرة والحقد وهي تصيح بجنون أعمى …

 

“لازم أحرقك يابنت الحرام مش لازم تعيشي هحرق قلبه عليكي… وقبل ده كله هحرق قلبك على اللي في بطنك هحرق قلبك قبل
ما ولع فيكي بأيدي … “

 

صرخت حياة وهي تحاول النهوض
باتجاه الباب..
“لاااا… لااااا… ابعدي عني.. “

 

ركضت نحو الباب محاولة الهروب منها مسكت المفتاح بداخل مزلاج الباب حاولت ان تحركه
ولكن وجدت ريهام تقيض حركاتها مرة اخرى بقوة أثناء تملص كلتاهما وقع المفتاح ارضًا بعيدًا عن مرمى البصر….

 

“تعالي هنا راحه فين…. ”

 

جذبتها ريهام عنوة عنها ، وهي تهدر بها بغل…

 

كانت ريهام اقوى من حياة في الجسد وفي الحركة كذلك فكان من السهل الانقضاض عليها جسديًا وهذا سهل الأمر على ريهام أكثر بسبب حمل (حياة) ومضاعفاته عليها…

 

نزلت دموع حياة وهي تتوسلها بضعف وتعب..
“ابعدي عني ياريهام حرام عليكي ابني هيموت.. ابوس اديكي ارحميه.. “

 

مزالت تُلكمها ببطنها بقوة تارة وتصيبها بقبضة يدها وتارةٍ تتجاوز قبضتها حياة دفاع عن نفسها وعن جنينها…

 

سمعت ريهام سرينة سيارة سالم معلنةٍ عن الوصول الى المنزل في هذا الوقت !!!..

 

نهضت ريهام بسرعة وبهلع وهي تحاول تذكر شيئاً مهم…
“الباب مقفول انا قفلته قبل مادخل أكيد هياخد وقت على ما يفتح….. “

 

ترجم شيطانها الأمر واملى عليها انهاء
المخطط قبل ان يصل سالم الى هنا فـتهرب
هي من باب المطبخ في الخفئ….

 

زحفت حياة على قدميها بتعب وهي تضع يدها على بطنها بأعياء زحفت بساقيها الى
آخر الغرفة وسندت ظهرها على حائط غرفتها وبجوارها باب الحمام المغلق !….

 

بدأت ريهام بسرعة وبدون ان تركز على موقع جلوس حياة التي فقدت القوة الجسدية على النهوض او الحديث وهي ترى أمامها ريهام تفرغ البنزين من تلك القنينة أمام باب الغرفة وبجانب الفرش.. انتهت من افراغ محتواها في كامل الغرفة بإستثناء الموقع الجالسة به حياة !….

 

سمعت صياح سالم الحاد بالاسفل وهو يلفظ اسمها بصوتٍ جهوري قوي يتوعدها باشد
العذاب ….

 

“ريهاااااااااااااام….. ريهااااااااااام… افتحي الباب افتحي ياريهااااااااام……. اقسم بالله
ما هرحمك افتحي بقولك…. “

 

بدون تركيز وبهلع اشعلت النار لترمي عود الكبريت في قلب البنزين تضرمت النار
على اثارها بقوة مهولة….

 

إبتسمت ريهام بتشفي وهي ترى حياة جالسة مكانها بصدمة تنظر الى النيران المشتعلة في الغرفة من حولها….

 

وضعت ريهام يدها على مقبض الباب فوجدت الباب مغلق والمفتاح ليس به…..

 

بهت وجهها وهي تنظر الى النار المتقدة بقوة خلفها وشعرت بها تزيد بكثرة بسبب اقماشة الغرفة والستائر التي اكلتها النيران بضراوة….

 

حاولت البحث عن المفتاح ولكن بدون جدوى مخفي عن البصر….

 

في أثناء انشغال ريهام بالبحث عن مفتاح الغرفة نظرت حياة حولها وهي تسعل من آثار الدخان المنبعث سوادٍ حولها… والنار التي تزيد للهيبٍ كلما أكل الحريق غرضاً من الغرفة….

 

تحركت عينيها وهي تسعل بضياع لتتشبث بُنيتاها على باب حمام غرفتها المغلق…
زحفت اليه بدون تفكير وبسرعة وتعب دخلت إليه واغلقته خلفها … لتاكل النار مكان حياة بعدها بدون رحمة ! …

 

سعلت ريهام بقوة بعد ان فقدت الأمل في إيجاد مفتاح الغرفة خبطت على الباب بقوة وهي تسعل…
“الحقني ياسالم …..النار….. آآآآآه…. “

 

وجدت النار تمسك في ملابسها من الخلف
عند ظهرها مباشرةٍ…….

 

ركضت في الغرفة كالمجنونة بهلع فزاد اشتعال النار أكثر بها ومسكت بجسدها بأكمله ، فاختفت الرؤية عن عينيها ولم تشعر بشيءٍ سوى الاحتراق الجسدي في كآمل جسدها….

 

من حفر حُفرةٍ لأخيه وقع بها… وتذوق آلامها
اضعاف مضاعفة بقدر أعمالك سترى وبقدر
نواياك ستحصد !

 

فما الحياة إلا سلف ودين !….

 

فاحذر من غفلة أمس ربما تحصدها في
الغد..

 

ظلت ريهام تصرخ ريهام بعويل بشع فوضعت حياة يديها الإثنين على اذنيها بقوة وهي تبكي بصمت وجسدها يرتجف بهلع…..

 

في لأسفل مسك سالم حجر ثقيل متوسط الحجم وبدأ في ضرب زجاج باب المنزل
به، تحطم الزجاج بعد عدة ضربات قوية رمى سالم مابيده….

 

ومد يده داخل فتحة الباب ، فتح بعدها الباب من الداخل…. وصعد بسرعة على الدرج وقلبه يعتصره المًا من رائحة الدخان المنبعثة من غرفتهما……

 

وصل امام باب الغرفة في وقت يكاد لا يُحتسب..حاول فتح الباب ولكن كان مغلقاً….

 

ابتعد عنه ليركض عليه بقوة جسده مره اثنين
ثلاثه أربعة فُتح الباب واقعًا…

 

نظر حوله مناديًا على أسمها بكل ما
اوتي من قوة
“حياااااااااااة……. حياااااااااااة….”

 

ردت عليه من خلف باب الحمام
بتعب….
“سالم انا هنا…… خد بالك عشان النار….. “

 

ركض خارج الغرفة لغرفة اخرى وسحب
غطاء ثقيل ثم وضعه على راسه وحول جسده وكتفه ودلف بسرعة وسط النيران المحيطة بالغرفة بأكملها وتكاد تكون أكثر تناثرًا امام باب الحمام ….

 

فتح الباب وهو ينظر لها بذعر وجدها تجلس على الأرض والدماء تسيل ببطء من تحت قدميها….

 

اتسعت عيناه على ملامحها وشكلها… ولكن ليس وقت الاندهاش عليه ان يسرع النيران تتزايد في الغرفة من حولهما…..

 

حملها على ذراعيه وكان الغطاء الثقيل مزال على راسه وكتفه وظهره…هتف بأمر وصوت متحشرج من منظرها المنهك….

 

“امسكي في البطنيه كويس ياحياة غطي جسمك وراسك بيها…… بسرعة ياحياة عشان النار متأذكيش….”

 

أومأت له بتعب وفعلت مثلما أمر…..

 

دلف وسط النار كما فعل اصطدمت عينا سالم بجسد ريهام المتفحم أرضًا…تمتم بغضب..
“كان نفسي أشرب من دمك بايدي.. بس ربنا خد حقها منك وحفظها ليا…. وده في حد ذاته رحمه ليها وليا…”

 

خرج بها من الغرفة بسرعة لخارج المنزل
وضعها في سيارة بجواره ودلف جالساً من
الناحية الاخرة….

 

نظر لها ثواني معدودة وبدلته النظرة بوجه مبلل بدموع واحمر من هول الرعب التي مرت به وحدها……

 

مسك ذرعها بقهر عليها واعتصر جسدها في أحضانه تعالت شهقات بكاء حياة اكثر داخل أحضانه همس سالم لها وهو يحارب دموعه من الهبوط أمامها…
“انا اسف ياحياة…. سامحيني….انا السبب.. “

 

شدت جسدها اكثر في أحضانه ومزالت تبكي بصوت عالٍ اردفت بصوتٍ شجن….
” انت ملكش ذنب ياسالم…..هي اللي… “

 

صمتت ولم تكمل حديثها…ابعدها عن أحضانه بقلق وجدها فقدت الوعي و وجهها شاحب شحوب الأموات…..

 

إرجع المقعد الجالسة عليه للخلف كسرير صغير مريح وانطلق بالسيارة بسرعة البرق…

 

الخوف عليها هو إحساسه في تلك اللحظة العصيبه !!.

 

ولا يفكر عقله الآن إلا بها !…

 

يقف أمام غرفة العمليات منذ ساعات معدودة…

 

القلق يتزايد عليها وعلى من كان سبب رابط
حبهما وعودتهما لبعضهما……

 

خرجت الطبيبة من غرفة العمليات فذهب إليها سريعاً سائلا بلهفة…
“حياه عامله إيه دلوقتي يادكتوره….. “

 

ابتسمت الطبيبة بوجهها البشوش وإجابته بــ….
“متقلقش يادكتور سالم…. حياة بخير والحمدلله قدرنا نوقف نزيف الدم.. والجنين الحمدلله بخير محصلش ليه حاجه لان النزيف كان بسيط وسبب كان ضغط نفسي او اتعرضت لحاجة مقدرتش تستحملها…..
كمان وقعت السلم اللي سببت ليها الجرح
الى في دماغها عقمت الجرح وخيطه ليها….”

 

قاطعها سالم بعدم فهم….
“ثواني يادكتوره …انتي لسه قايله وقعت سلم… سلم إيه مش فاهم حضرتك…..”

 

تكلمت الطبيبة بشك…
“حياة قبل ما تدخل العمليات سالتها مين عمل فيكي كده….ردت عليا ان اللي حصلها ده وقعت سلم …. ”

 

جفل سالم عن تفحص الطبيبة له التي ترمقه بريبة….

 

سالها سالم…. “طب ممكن ادخلها ….”

 

ردت الطبيبة عليه بهدوء…
“ااه اتفضل هي ساعة كده وهتفوق من
البنج …”

 

————————————————
دلف الى غرفة المشفى التي تمكث بها حياة
بتعب مغمضت العين في مكان بعيدًا عن تلك الحياة وشياطين المحاصرة إياها دومًا…

 

كان يحاوط رأسها شاش طبي….فقدت ملامحها الكثير من الحياة بداخلها بسبب إنتقام شياطين الانس منهما وعقابهما كان بسبب أنهما أرادو الحب والاستقرار معًا
ليس إلا ! …

 

جلس أمام الفراش النائمة عليه…ومسد بيده على شعرها ببطء وحنان ثم مرر أصابعه على ملامحها بتروي عاشق كان من الممكن ان يفقد معشوقته للأبد…..

 

“الحمدلله…… “

 

همس بها وهو يتطلع عليها بحزن…

 

………………………………………………
فتحت عينيها ببطء وهي تنظر الى سقف الغرفة فوجدت نفسها في مكان غريب عليها تحركت بعينيها يمينًا ويسارًا بتعب….

 

فوجدت سالم يُصلي في ركن ما في الغرفة التواجدة بها كان ساجد لله يبكي لم تسمع بكاءه ولكن شعرت باهتزاز جسده عند السجود…

 

انتهى من فريضة الصلاة مُستديرًا محدج بها…اشرق وجهه بابتسامة ارتياح عندما
راها مُستيقظه تنظر إليه فاقترب منها
بوجهٍ باهت وعيون حمراء ! …

 

قبلها من قمة راسها قائلاً بحنان…
“حمدالله على سلامتك ياحبيبتي…. “

 

بهت وجهها وهي ترى ملامحه هكذا سألته بشك..“سالم…. هو حمزه ا…. “

 

بتر عبارتها المرتعبة بحنوًا….
“متقلقيش…. أبننا بخير….. “

 

نزلت دموعها بقلق…
“بجد ياسالم…. حمزه لسه جوايا… “

 

أبتسم سالم بهدوء وهو يمرر يده على شعرها بحنان قال بهمسًا….
“ااه ياحبيبتي….النزيف كان بسيط والدكتوره قدرت توقفه…… الحمدلله…. “

 

“الحمدلله….. “قالتها مع تنهيدة طويلة تعبر
عن الكثير….

 

مرر يده على شعرها وهو يهمس لها بنبرة حنونة…
“حاولي تنامي ياحياة…. ارتاحي شويه….. “

 

اغمضت عينيها وهي تتحدث بتردد..
“سالم انا مش عايزه أروح البيت انا خايفه و…. “

 

“هششش….. نامي ياحياة نامي وانسي…. وكل اللي انتي عايزاه هعمله….. “

 

مر أسبوعين على تواجدها في المشفى… كل ليلة ينام بجوارها وكل ليلة تستيقظ هي بصرخة مستغيثة من كابوس عاشته في الحقيقة بكل تفاصيلة المفجعة المؤلمة…..

 

يستقبلها بين ذراعيه يهدأ من روعها يمسد
على شعرها وظهرها يرتل الآيات بصوتٍ
يبعث السكينة والراحة لقلبها المفزوع…

 

فتهدأ وتستكين بين ذراعيه نائمة..تصبر
نفسها واياه بانها فترة وستشفى من هذا
الهلع والكوابيس المرافقة نومها…..

 

دُفنت ريهام بعد ان علم النجع بالقصة الكاملة
والحقيقة المشينة خلف موتها لتكن عبرة لمن يسير خلف هواه وشيطانة…..

 

سافرت خيرية الى السويس على مقعد متحرك بعد ان أصيبت بشلل بسبب صدمتها في موت ابنتها التي كانت المتبقية لها من الدنيا ! ….

 

بعد عدة أيام….

 

أوقف سالم السيارة أمام فيلا صغيرة…

 

نظر لها وهي تراقب المكان من حولها بعدم فهم…“سالم… إيه ده…. “

 

قالت حياة عبارتها وهي تنظر إليه…..

 

أبتسم سالم لها وهو يرد عليها بعبث…
“طب تعالي نخرج من العربية وهقولك…. “

 

قالت برفضٍ….
“لا قولي دلوقتي…. ده بيتنا الجديد…. “

 

رفع عيناه لسقف سيارته وهو يفكر بمزاح…
ثم قال بلؤم…
“بصراحه هو بيت جديد …بس مش ليكي ده
للمدام للجديدة …. “

 

ضربته على ذراعه بتذمر طفولي
قائلة…
“اي الغلاسة دي ياسالم…. “

 

ضحك سالم وهو يرد عليها بقنوط ..
“طب اعملك إيه…. الموضوع مش محتاج أسئله كتير وانتي مصممه تسألي…. “

 

قالت بلؤم…. “مش بتأكد….. “

 

غمز لها قبل ان يخرج قائلاً …
“وتأكدت ياوحش…. انو بيتك…. “

 

خرجت معه من السيارة…. وقف أمامها وهو يشبك يده بيدها قائلا بصوتٍ أجش…
“يلا بينا…. “

 

اومات له بحب والبسمة الرقيقة تزين
ثغرها…دخلت من بوابة الفيلا الصغيرة.. فوجدت حديقة بمساحة خضراء واشجار وازهار مختلفة الالوان مكان مريح لنظر وللنفس كذلك….

 

دخلت معه الى داخل الفيلة……

 

انبهرت بكل ما فيها من أثاث و ديكورات
رائعة بذوق مثالي….… والفرش ألوانه
مريحة للعين وانيقة كذلك….

 

“معقول…. دي مش ناقصها غير آلناس….. “

 

أبتسم سالم على ملامحها وانبهارها بالمكان
ليرد عليها بصدق وخفوت…
“هي مش ناقصها من الناس غيرك انتي…. مبروك ياحياة عليكي بيتك الجديد…. “

 

استدارت له ونظرت له بحيرة…
“بيتي؟…. بيتي ازاي…. “

 

أقترب منها و وقف أمامها قائلا
بحب…
“بيتك يعني انا كتبتُ باسمك….. “

 

قالت بحنق.. “بمناسبة إيه وليه تعمل كده…. “

 

وضع يده في جيب بنطاله قائلا بنبرة
شغوفة…
“بمناسبة انك مراتي…. وليه عملت كده لاني بحبك ثانيًا كمان لاننا من ساعة ماتجوزنا لا طلبتي شبكة ولا مهر ولا قدمت ليكي اي حاجة زي ما اي زوج بيعمل لمراته…..”

 

نظرت الى عمق عيناه قائلة بحب..
“بالعكس ياسالم انت اهدتني أجمل تلات
هدايه… “

 

نظر لها سالم يريد شرح مفصلا…فاخبرته حياة بنعومة…
“أول هدية… حُبك لورد بنتي وحنانك عليها…
تاني هدية حبك ليا وحنانك اهتمامك وخوفك
عليا……اللي خلاني اشوفك سندي ورجلي اللي مليش غيره في دنيا… “

 

وضعت يدها على بطنها مضيفة بعيون
تلمع بالحنين…..
“وكمان أجمل هدية اني شايله جوايا حته منك ودول عندي أكبر وأجمل واغلى هدايا ياحبيبي… “

 

سحبها الى احضانه بين ذراعيه ضمها بقوة
بعد حديث زاد حبها في قلبه أكثر مما
عليه….

 

“انتي اللي أجمل واغلى هدية دخلت
حياتي … “

 

ابتسمت حياة وسط عناقه بحب…
“ربنا يديمك نعمه في حياتي…. يارب… “

 

بعد لحظات أبتعد عنها وهو ينظر الى عينيها وشفتيها بعبث…

 

“انا من رأيي نكمل كلامنا في اوضة النوم… اهوه حتى تقولي اي رايك في خشب السرير…. “

 

نظرت له ببراءة…وثم تتحدث بلهفة وحماس
“سرير آي دلوقت ياسالم مش مهم نشوفه بعدين انا اهم حاجة عندي المطبخ… انا
هروح اتفرج على المطبخ…..”

 

ذهبت للبحث عن المطبخ بحماس كبير…..

 

ابتسم سالم بعبث وهتف بخفوت…
“وماله مطبخ مطبخ…. الرخامه كبير وتساع من الحبايب اتنين… “

 

دلف خلفها الى المطبخ …..تفقدت حياة المكان المصمم بطريقة حديثة مبهرة
فقالت بسعادة تفوق سعادتها بالمنزل…

 

“الله المطبخ واسع وكبير اوي ياسالم… “

 

نظر هو الى رخامة المطبخ ذات الشكل المستطيل…
“ااه والرخامه برضو هايله…. “

 

نظرت حياة الى الرخام بفتور….
“آآه الرخامة حلوة… بس ممكن نغير مكان التلاجة من هنا عشان شكلها هنا مش مظبوط…. “

 

نظر سالم الى الرخامة مرة اخرى وهو يرسم عليها بعض التخيلات الوقحة….
“تصدقي الرخامه دي هتنفع في لأيام الجاية…هيبقى عليها استعمال رهيب…. “

 

نظرت له حياة بعدم فهم مُتسائلة…
“انت اي حكايتك مع رخامة المطبخ….. “

 

حك في لحيته النابته قائلا بعبث…
“الموضوع محتاج شرح وانا بفضل
الموضوع دا عملي .. “

 

حملها بعد ان انتهى من كلامه…. ثم
وضعها على رخام المطبخ بخفة …..

 

انفجرت حياة ضاحكة بعد ان فهمت نواياه الخبيثة…. هتفت بدلال
“سالم نزلني الرخامة ساقعه ….. “

 

مالى عليها بجسده وهو يهمس لها بحنان….
“مش مهم هدفيكي ياملاذي…. بس المهم كنت عايز أقولك حاجه مهمه…. “

 

همهمت بدلال أكمل حديثه قائلاً
بغزل ….
“اي سر حلوتك النهاردة…. “

 

مالى عليها يرتشف رحيق الحياة من ثغرها
الفاتن لتتوق هي بذراعيها عنقه كي يميل
عليها أكثر فاقدة الصبر بعد ان القى السحر وانتهى الأمر بها عاشقة حد النخاع….

 

قد أدمنت سالم….وقرب سالم منها و إدمان العشق يصعب علاجه !! …

 

———————————————
بعد مرور خمسة شهور…..

 

يقف الجميع حول حياة الجالسة على سرير المشفى بعد ان وضعت حامل اسم عائلة شاهين (حمزه سالم شاهين….) قد اتى الى الدنيا منذ عدة ساعات فقط…. يُشبه والده اكثر آو كذلك رأت حياة…..

 

“اي رأيك في سالم الصغير…. “

 

همست حياة لسالم الجالس بجوارها ويحمل حمزه على يده ويتطلع عليه بسعادة أبويه …

 

رد عليها سالم بابتسامة جذابة…
“قمر زي أمه ….. “

 

قالت بضيق….
“زي أمه ازاي ده شبهك اوي ياسالم…. “

 

حدج بطفل قليلاً واثبت على قراره
بـ.
“لا ده شبهك أنتي ….. “

 

احتدت عينا حياة مصرة على الأمر
بصوت عالٍ قليلاً وصل الى مسامع الجميع…

 

“طب والله العظيم نسخه منك…. ياسالم”

 

ضحك الجميع عليها… لتكركر ريم وهي تتقدم
منهم بحنان…
“ولا تزعلي ياحياة هو ولا شبهك ولا شبه سالم
هو شبه خالتو…. مش كده ياموزه أنت طالع شبهي…موزه انت صغنون كده ليه يخلاثي.. “

 

حملته ريم من يد سالم وهي تحاول ألعب
معه ولكن كان الصغير ينظر للاعلى بشرود
وكانه لا يزال في رحم أمه ! ….

 

ابتسمت حياة وهي تنظر الى سالم وتنهدت بحزن على حيات ريم و وحدتها والأحداث التي مرت بها في تلك الفترة القصيرة…..

 

ربت سالم على كف حياة وهو يتمتم بخفوت…
“ربنا هيعوضها ياحياة….. ربنا كبير وانا
بدعلها دايما بالخير….. “

 

ترقرقت الدموع في عيون حياة وهي ترد عليه بنفس الخفوت….
“يارب ياسالم ريم بنت حلال…. وتستاهل
كل خير “

 

طرق على الباب ودلف آخر شخص ممكن ان ياتي في مخيلة الجميع……

 

“سلام عليكم ياهل الدار…. “

 

“عمو فارس…. عمو فارس…. ”
ركضت ورد عليه بلهفة بعد ان دلف فارس
الى الغرفة المتواجدين بها……

 

حملها فارس في أحضانه وهو يقول بمزاح…
“قلب عمو…. خطيبتي القمر وحشتني…. “

 

ردت ورد ببراءة وهي تبتعد عنه …
“وأنت كمان وحشتني اوي… بس كمان اتاخرت اوي… “

 

“معلشي شُغل بقا يا ورد الجوري….. “

 

اقترب فارس من سالم وهو يسلم عليه بحبور.
“الف مبروك ياصاحبي يتربى في عزك… اول ماوصلت النجع وسألت عليك الشغاله قالت ان حياة بتولد وخدت منها عنوان المستشفى وجيت على هنا… “

 

رد عليه سالم بخفوت…
“نورت يافارس…. وعقبال ما نفرح بيك وتبطل سرمحا…..”

 

رد عليه فارس بنفس الخفوت…
“أدعلي من قلبك ألاقي اللي تلمني…. “

 

نظر فارس الى حياة قائلاً بإحترام ودود…
“مبروك يامرات اخويا يتربى في عزكم…. “

 

ابتسمت حياة بحرج وهي ترد
عليه…
“ألله يبارك فيك عقبال فرحك…. “

 

اكتفى فارس بابتسامة بسيطة…. ونظر الى رافت والجدة راضية،أقترب منهم وسلم
عليهم بحبور…
“أقسم بالله بركة البيت…… عم رافت… والحجه راضية اللي كل يوم بتزيد حلاوه….”

 

حاولت ريم كبح ضحكتها وهي تهمس
داخلها بيقين…
“واضح انك مش سهل يافسدق خالص…”

 

ردت راضية عليه وهي تضحك…
“ااه ياواد يابكاش…..بس بجد وحشني بكاشك…”

 

ضحك رأفت وهو يكمل حديث امه ..
“ في دي بقا يا أمي عندك حق….هو
بكاش بس بيوحشنا…..”

 

سلم فارس عليهم جميعاً…….

 

لم يلاحظ فارس وجود ريم الجالسة بعيداً عن مرمى عيناه على اريكةٍ في آخر الغرفة…..

 

نظر فارس الى سالم سائلاً بحماس…
“المهم النون فين وسمتوه إيه ….”

 

رد عليه سالم بابتسامة فخر …
“حمزه……حمزه سالم رافت شاهين….”

 

“سيدي ياسيدي…..طب فين الاخ موزه عشان
أشوفه تنح زي ابوه ولا فرفوش زي عمه ….”

 

انهى فارس حديثه وهو يشير على نفسه

 

ضحكة راضية وهي تتحدث بعفوية…
“انت وريم دلعكم لي حمزه واحد …..بس على العموم حمزاوي على دراع ريم اهوه…..”

 

نظر فارس بعينيه نحو ريم …

 

تفقد هذه الفتاة…ذات الوجه الطفولي والملامح الرقيقة التي وللعلم تحكي عن شقاوة روحها وخفة دمها في أن واحد عينيها سوداء وجذابة بهما شيئًا يميزهما عن
غيرها……

 

كل هذا الوصف من نظره واحده !!…

 

اقترب منها وجلس بجوارها وعيناه لا تفارق وجهها الرقيق…

 

حاولت ريم الحديث بسبب نظارته الجريئة والثاقبة عليها ..فقالت بتردد

 

“حمدالله على سلامه يافسدق احم…قصدي يادكتور فارس….”

 

رد عليها وهو مزال شارد في ملامحها…
“الله يسلمك يا ريم مش ريم برضه…”

 

“ااه ريم بنت عم سالم و ….”

 

سالها بسرعة….
“انتي مرتبطه…..”

 

رفعت عينيها اليه بصدمة …وجدت على ملامحه الرجولية علامات الجدية…..
“لا… مش مرتبطه بس بتسأل ليه…..”

 

ابتسم وهو يحمل حمزة عن يداها قائلاً بهدوء…
“بعدين هتعرفي يابونبونية العرب ….”

 

نهض من جانبها لتردد جملته بعدم
فهم….
“بونبونية العرب ……يعني إيه…..”

 

في خارج الغرفة….

 

مال فارس على اذن سالم وقال بنبرة جادة
“انا قررت اتجوز واتلم ولقيت اللي هتوب
على اديهاا …..”

 

نظر له سالم بمكر…..فتابع فارس بجدية….
“انا عايز اتجوز بنت عمك….ريم …”

 

لم يستوعب سالم حديث فارس إلا بعد عدة ثواني فابتسم له بفظاظة وهو يقول….
“عايز تجوز بنت عمي ليه….”

 

فغر فارس شفتيه بصدمه..
“هكون عايز اتجوزها ليه عجباني…مش محتاجه سؤال ياعم التنح …..”

 

ابتسم سالم بسخرية قائلاً….
“تنح ؟! … بقولك اي يافارس انا معنديش بنات للجواز… “

 

هدر فارس بجنون…..
“لا… بقولك إيه فكك من التناحه دي….. ريم تلزمني ومات الكلام……هي خلاص دخلت هنا ومش هتخرج غير على هنا… “

 

أشار على عقله ومن ثم على موضع قلبه…

 

أبتسم سالم بلؤم وهو يقول…
“تمام ياعم الحمش…انا ممكن اوفق عليك…بس دا لو هي وافقة عليك الاول … “

 

نظر فارس بإعجاب ناحية ريم الواقفة في ردهة المشفى ….وعدل ياقة قميصُه
مجيبًا بتحدٍ….
“سيب موافقة ريم عليا انا هقنعها ….”

 

“وريني شطارتك…..ومبروك مقدمًا. ”
ربت سالم على كتفه وهو يهناءه بسعادة لأجلهما …

 

———————————————
بعد مرورو ست شهور على ولادة حياة
ووجد حمزه الصغير في البيت والذي لا يتوقف عن إرهاق أمه ببكاءه المتواصل واستيقظه ليلا خلال تلك الأشهر التي
مرت عليهما……

 

في غرفة حياة وسالم….كانت تستلقي على الفراش نائمة بتعب و إرهاق بسبب هذا المشاغب النائم بجوارها يدبدب بقدميه الصغيرة على الفراش ويخرج بعض الاصوات المرحة ، لغة عجز البشر عن ترجمتها !……

 

دلف سالم الى الغرفة للاطمئنان عليهم فهذهِ الفترة يمكث في غرفة آخرى بسبب استيقاظ
حمزة طوال اليل…..

 

خطى عدة خطوات ببطء وانضم اليهم على الفراش برفق بجوار حمزه وعيناه على (حياة) التي تغرق في نوم عميق بشكلا
يشفق عليها….. نظر الى الصغير وهو يمرر يده على وجهه بحب أبوي قائلاً بعتاب طفيف….

 

“منور ياعم الصايع…. ينفع كده ست شهور مش عارف اتلم على مراتي ولا أنام جمبها حتى …. هي دي الرجوله يابن الكلب….. “

 

ضحك حمزه الى والده وحول انظاره الى أمه ومال على جانبه محاول إمساك شعرها لايقظها …

 

عدل سالم وضعيته وهو يهمس بخفوت…
“يابني حد قالك اني عايزك تصحيها انا هصحيها بنفسي مش عايز اتعبك معايا…
بس خليك جدع ونام في سريرك….. “

 

اثناء حديثه كان يحمل حمزه على ذراعه بخفة ثم وضعه على السرير الصغير بجانب سريرهم طبع قبله على وجنة الصغير وهو يقول بحنان…

 

“نام ياحمزاوي…. “

 

مزال الصغير يلعب بهدوء على سريره الصغير ويتطلع على السقف بانبهار !….

 

أنضم سالم الى الفراش مجددًا لكن بجانبها
ممسد بيده على شعرها و وجهها كذلك

 

وضع قبلة سطحية على شفتيها ولكن مزعجة
قليلاً فهو يثبت شفتيه على شفتيها لعدة ثواني و أنفاسه الرجولية تطبق على
انفاسها…

 

فتحت عينيها ببطء وهي تنظر الى سالم
قائلة بصوتٍ ناعس قليلاً..
“سالم….. انت صحيت امتى …… وبعدين فين حمزه….. “

 

مرر أصابعه على وجهها وهو يقول بصوتٍ
عذب…
“لسه صاحي من شويه….. وحمزه نايم على
السرير بتاعه….. “

 

هتفت حياة بعتاب…
“اخص عليك ياسالم حمزه مش بيعرف ينام غير في حضني….. “

 

عض سالم على شفتيه بضيق وهتف بانزعاج…
“ورحمة امي ياحياة لو ما لميتي نفسك انتي والواد ده هفصلكم عن بعض وكل وأحد في اوضه… “

 

للحظة كانت مصدومة من جملته ولكن انفجرت ضاحكة حين رأت تذمره الجاد
عليها كطفلا يغار على أمه….

 

“بتضحكي على إيه…”

 

هزت رأسها وهي تجيبه…
“بصراحه مش مصدقه أنت بتغير من
ابنك…. “

 

رد عليها بتهكم ….
“انا بغير من الهدوم اللي بتلبسيها يعني طبيعي أغير من الأستاذ اللي مش بيعرف ينام غير في حضنك”

 

نظرت الى عينيه قائلة بحب…
“سيبك من كل ده…. انت أصلا وحشتني…. “

 

زم سالم شفتيه متبرمًا ..
“آه.. واضح…..اني بوحشك… “

 

هتفت حياة بتبرير…
“اقسم بالله دايما وحشني… بس أنت
شايف حمزه ونظام نومه…. “

 

مرر يده على شعرها بحنان…
“عارف ياحبيبتي ان تعبك معلشي بكره يكبر
ويريحك… “

 

ابتسمت وهي تمتم بحب ….
“إن شاء الله ياحبيبي….”

 

أقترب سالم من وجهها أكثر قائلاً بعبث….
وهو يتطلع على ما ترتدي….
“حياة….انتي مش ملاحظه ان الجو حـر
اوي هنا.. “

 

ردت ببراءة…
“بس الجو حلو و…. “

 

” لا حــر أسمعي الكلام وقلعي…. “

 

شهقت بعد ان فهمت مغزى جملته..
“هااا…… سالم بطل قلة أدب…. “

 

فتح سحابة البجامة من الإمام قائلاً
بوقاحة…
“بالعكس ده اللي هيحصل كمان ثواني… هيظلم قلة الأدب معانا….. “

 

نظرت له ببراءة..
“ليه هو إيه اللي هيحصل….. “

 

طل عليها بهيئته الرجولية وهي اسفله
ممدده..
“لازم تعرفي ان الإجابه هتكون…. سالم شاهين راجل أفعال مش أقوال….. “

 

مالى عليها يبث اشواقه وعشقه لها فاخيرًا
وجد ملاذ الحياة و أرتاح في حياته بجانبها ومعها….تارك قسوته خارج حياتهما وتارك قناع( قاضي نجع العرب)جانبًا تارك ماضية ومستقبلة ليكون معها بحاضره فقط حاضره وعشقه لها…..

 

اكتملت قصة حبهم اكتمل عشق سالم وحياة لبعضهما ….

 

تمت بحمد الله

يتبع.. (رواية ملاذي و قسوتي) اضغط على اسم الرواية لتجد الفهرس كاملاً بجميع الفصول.

أضف تعليق