رواية ملاذي و قسوتي الفصل التاسع 9 – بقلم دهب عطية

رواية ملاذي و قسوتي – الفصل التاسع

قال الرجل بإحترام
“اوامرك ياكبير…. “

 

نظر له سالم قال بخشونة …
“حضرت حاجاتك عشان غريب مستعجل
على خروجه من هنا .. “

 

أومأ له الرجل بتأكيد….
“كل جاهز ياكبير اشاره واحده منك ولعمليه مش هتاخد ساعة …. “

 

نظر له سالم ببرود ….
“اوعى تكون جبت بَنج ….”ثم نظر الى غريب
و قال بسخط”اصل غريب الصعيدي راجل من ضهر راجل وهيقدر يستحمل القطع من غير مايتخدر..مش كده ياغريب….. “

 

نظر له غريب برهبة وهتف بصدمة وعدم
فهم من ما يحدث حوله….
“انا مش فاهم حاچه…..بتتحدت عن إيه.. “

 

رد سالم ببرود…
“لا أنت فاهم بس عايز شرح على السريع وطبعاً ده حقك ياولد العم….. أول شي ياغريب انا جبتك هنا عشان اديك فرصة
تكفر بيها عن ذنبك في حق اخوك وعياله وتعطيهم حقهم في ورث جدهم لكن أنتَ
مش رايد ترجع الحق لصحابه لا وكمان بتقلل مني على ارضي وسط رجالتي…

 

اني مليش اني اتكلم معاك في حق الايتام…….وتعالى بقا لو شاهدنا حد بينا هيقول عليك تشبه الحرمه الصعرانه.. وانا شايفك بصراحه حرمه خصيصه واكَلت حقوق الغلابه كمان….. وعشان أنت في نظري حرمه يبقى محتاج عمليه بسيطه تاكد كلامي ده ، والحج اسماعيل هيعملها ليك.. متقلقش هو دكتور بهايم وبيعرف يتعامل زين مع البهايم اللي زيك ياغريب ولا بلاش غريب بقا خليها غريبة….”ابتسم سالم هازئًا…..

 

وتابع بنفس السخط….
“واللهِ لايقه عليك ياراجل….. اقصد ياحرمه معلشي دقنك ملغبطه معايا…”ثم نظر نحو اسماعيل قائلاً بلهجة تشبه الثلج المسنن…..
“ابقى أحلق ليه دقنه بالمره يااسماعيل وياريت بعد متخلص تديني خبر …. “

 

استدار وخطى عدة خطوات للخارج لكنه توقف عن السير حين هتف غريب اليه بارتعاد…
“استنى عنديك انا موافق أتنازل عن ورث إيهاب كله وبالحق ، بس ابعد الراجل ده عني…. “

 

استدار سالم له ونظر بخبث معقبًا
بانتصار…
“زين ياولد العم كده أتفقنا …. “

 

نظر له غريب بشر وتمتم داخله بتوعد…
“هتندم ياسالم اقسم بالله بعد خروجي من اهنه هتبدأ عدوتنا انا وأنتَ ومفيش قوه على الأرض هتمنعني اخد حقي منيك وحقي مش هيبقى غير روحك ياولد رافت شاهين….. “

 

دلف المحامي ليمر اكثر من نصف ساعة ويتم نقل نصف مايملك غريب بأسم ايهاب الصعيدي شقيقة

 

تنهد سالم بإرتياح بعد ان ارجع حق الأيتام ووالدهم المريض….

 

أجمل ما قيل عن الحق هو إعطاء الحق
لمن يناشد به….

 

وهذا اجمل شعور ان تكون سبب في عودة الحق لأصحابه !!……
__________________________________
“هو فاضل قد إيه على اذان المغرب
يامريم.. “نظرت مريم الى ساعة الحائط
وهي تقطع الجزر لترد على حياة قائلة “ساعتين يام ورد…. “

 

بدأت حياة بتقليب الحساء الاخضر وهي تضع الثوم المحمر عليه …

 

وضعت الغطاء على الإناء وقالت بإرهاق
“طب انا هطلع اصلي العصر لحسان اتاخرت على الصلاة وهريح فوق شويه لحسان الصيام عمل عمايله معايا…. “

 

قالت الخادمة ام خالد لها بعتاب…
“عشان بتصومي من غير سحور وده غلط ياحياة يابنتي عشان جسمك وصحتك ….”

 

ردت حياة باستخفاف للأمر….
“متكبريش الحكايه ياام خالد دول شوية ارهاق وبعدين دول عشر ايام صيام فات
منهم خمسه يعني مش مستهلين كلامك ده…”

 

مطت السيدة شفتيها قائلة بجزع…
“انتي حرة مانا عارفاكي راسك ناشفه…”
_________________________________
دلفت لاخذ حمام بارد من شوب الجو الحار…

 

وخرجت بعدها ترتدي ثياب مريحه انيقة تبرز قوامها الممشوق…. بعد ان انتهت من تجفيف شعرها وتمشيط إياه انهت فرض صلاة العصر…

 

ووضعت بعد الكريمات لترطيب جسدها ذات الرائحة الناعمة على الأنف……

 

دلفت للفراش بإرهاق توسدت بظهرها الفراش وتمايلت لناحية الآخر بارتياح لتجد وسادة بجوار رأسها جذبتها بفتور وحاولت دفن
راسها بها ليتها لم تفعل فرائحة سالم وعطره الممزوج بها غمر انفها بأكمله….تنهدت براحه وهي تعانق الوسادة بشوق…..

 

ثم نهضت وجلست على الفراش لتعيد الكره تلك المرة باستمتاع أكثر استنشقت الوسادة باشتياق لا تعرف من اين ينمو هذا
الاحساس بكل تلك السرعة داخلها

 

انها تشتاق له بشدة ويغمرها دومًا هذا الشعور نحوه ، بعد كل تلك الزوبعات والمسافات بينهما من يوم ان تزوج بها….

 

اغمضت عينيها لثواني وهي تستنشق رائحته المعطره مُتذكره لحظاتهما الحميمية والجامحه
معه…..كم كانت تلك اللحظات معه تختلف داخلها وبشدة وكأنها لأول مرة تشعر بانوثتها بين يدي رجل !! …

 

تمنت ان تظل الرائحة في انفها حتى الدهر لكي يموت الشوق لهذا السالم…

 

دلف سالم الغرفة في هذا الوقت ليجدها
تعانق وسادته بطريقه غريبة …

 

ابعدت حياة الوسادة بسرعة عنها وكأنها
بلوى قائلة بصدمة… “سالم….. “

 

مط فمه وهز راسه بتاكيد
سائلا…
“انتي بتعملي إيه ياحياة ….”

 

ارجعت خصلة من شعرها للخلف قائلة بثبات…
“ولا حاجه بفكر اغير ملاية السرير فا.. فكنت
بشوف كسوت المخدات نضيفه ولا لاء… “

 

“اااه… تمام طب قومي غيريها عشان عايز اريح شويه قبل المغرب…. “كان اثناء حديثه يجلب ملابسه من الدولاب.. ودلف بعدها للحمام….

 

حينها تنفست الصعداء وهي تضع يدها على
صدرها الخافق بقوة….

 

ثم بدأت تغير شرشفت الفراش بأخرى
نظيفة حتى لا يكشف أمرها….

 

خرج سالم بعد نصف ساعة يرتدي جلباب مريح رمادي اللون وقف امام المرآة يمشط شعره للخلف نظر عبر المرآة لصورتها
المنعاكسة خلفه تمامًا…

 

فانتبه انها ترتدي منامة بنصف كم تفصل جسدها بصورة تثير الغيظ والحنق داخله
غمغم بغضب وصوتٍ عالٍ…..
“استغفر الله العظيم…… اللهم إني صايم… “

 

نظرت له حياة ببلاهة…
“في حاجة ياسالم…. “

 

اغمض عينيه بقوة وهو أمام المرآة وتمتم داخله…
“سالم كمان دا انتي لو متفقه مع الشيطان مش هتعملي كده فيا….. “

 

اقتربت منه بعد ان رأته مغمض العيون بقوة ويتنفس بصوتٍ عالٍ متشنج….. وضعت يدها على كتفه قائلة بقلق….
“سالم انت كويس…. ”

 

فتح عيناه واستدار لها واقفًا أمامها
مباشرةً…..
“بلاش تلمسيني كده انتي ناسيه اننا
صايمين ولا إيه… “

 

رفعت شفتيها للأعلى
متعجبة….
“انا مش قصدي حاجة على فكرة…. “

 

انعقد حاجبيه مزمجرًا….
“اعدلي شفايفك دي بتعوجيها ليه ؟!…”

 

قالت باستغراب….. “أصلك غريب…”

 

اعطاها نظرة شاملة مغتاظ….
“والله انتي اللي غريبة بلبسك ده ؟!….”

 

نظرت لنفسها بعدم فهم فلم تجد شيءٍ
غريب عادت اليه مستنكرة…
“ومالوا لبسي….”

 

اشاح بعيناه لمكانًا اخر…
“ابدًا…..هيفطرني مش أكتر…..”

 

قالت بسذاجة….
“لسه بدري على الاذان…انت جعان ؟!….”

 

اوما لها وهو يطوف بعيناه على حنايا
وجهها الجميل…..”اه بس مش للأكل…..”

 

قالت بذكاء…
“تبقا عشطان…..الجو حر فعلاً…..”

 

زم فمه باستياء متجهًا الى الفراش بملل…
“صبرني يارب….غيري هدومك ياحياة وانزلي تحت ومشوفكيش غير بعد الفطار….”

 

“انت غريب….انا كده كدا نازلة أشوف
سوى الاكل وصل لفين …..”

 

أخذت العباءة وبدأت ترتديها امام عينيه
فوق منامتها….

 

فتمدد سالم على الفراش بارهاق ثم وضع ذراعه على عيناه بحركةٍ اعتاد فعلها عندما يود الهروب منها !….

 

هتف بهدوء عكس العواصف المتأججة بداخله…..
“طفي النور ياحياة… وياريت تروحي تشوفي ورد عشان قاعده لوحدها تحت…. “

 

امتثلت لأومره على مضض وخرجت بعد
لحظات…

 

حينها ابعد ذراعه عن عيناه ونظر للسقف بشرود وقلب يخفق بقوة بين اضلعه…

 

“وبعدين معاكي ياحياة كل ماحاول أبعد
عنك مبعرفش… ومش عارف إيه السبب…
ااه ياحياة خايف من اللي بحس بيه
معاكي يطلع…”

 

صمت بضيق ونفض الفكرة بسخرية فـمستحيل ان يحدث هذا ومستحيل ان
يكون لسالم شاهين مشاعر اخرى إتجاه (حياة) غير العشرة وتاقلم على الحياة
بينهما..

 

اغمض عيناه بغضب فصراع دومًا مستمر داخل عقله المشتت في علاقتهما واهمية وجودها بحياته الجافه….
_________________________________
كان يتحدث في الهاتف امام باب المنزل….

 

وكانت حياة تحضر سفرة الإفطار قبل أذان ألمغرب بدأ الاذان بتكبير اتت عليها الجدة راضية وهي تمسك علبة التمر وقالت
راضية بخفوت….
“خدي ياحياة التمر ده افطري عليه وفطري سالم منه لحسان شكله ناسي نفسه في مكالمات التلفون دي…. لا ولسه واقف
بيتكلم ولاذان قرب يخلص وهو مفطرش. “

 

اومات لها حياة وهي تأخذ منها علبة التمر

 

قالت ريهام بطيبة مُزيفه….
“خليكي إنتي يام ورد وحضري السفره وانا هفطر سالم ابن عمي منها….. “

 

نظرت لها حياة شزرًا وقالت بصوتٍ ناعم مُستفز لريهام …
“لا طبعاً….. عيب اتعبك معايا حضري انتي
السفرة وانا هفطر جوزي بايدي.. “

 

صمتت لبرهة ثم هتفت ببرود وهي
تذهب باتجاه سالم للخارج
“صوماً مقبولاً…….. ياريهام…. “

 

جزت ريهام على أسنانها بقهر وحقد وهتفت
بصوت خافض….
“طفح الكيل منك يابنت الحرام والنهاردة
هتنامي في المستشفى.. “

 

تقوست شفتيها بمكر بعد ان اتى في ذهنها فكرة شيطانية تخلصها من تلك الحياة
نهائيًا…

 

وقفت امامه وجدته يوليها ظهره ومزال يتحدث فالهاتف ببعض الأشياء التي تخص العمل هذا ما فهمته من الحديث وجدته بعدها ينهي المكالمة ذهبت اليه سريعاً ووقفت خلفه…
ووضعت كف يدها على كتفه العريض
قائلة بخفوت ناعم.. “سالم…. “

 

اغمض عيناه بضعف من خروج إسمه مجرداً من بين شفتيها المُغرية…. رد عليها وهو مغمض العين…
“نعم…… ياحياة…. “

 

عضت على شفتيها بتوتر ثم قالت بهدوء
“سالم أنتَ مفطرتش والأذان قرب يخلص… “

 

فتح عيناه ببطء ثم استدار إليها قائلاً
بخشونة واهتمام..
“طب وانتي بقا فطرتي على كده…. “

 

ردت بهدوء يشوبه الحرج من تعلق عيناه
على ملامحها بطريقةٍ تربكها …
“لا لسه بس ماما راضية قالت انك بتفطر
على التمر فاجبتلك منه و….. وانا أكيد
هفطر بعدك… “

 

فتح علبة التمر وأخذ واحدة منها وقال وهو يقسمها نصفين وضع نصف امام فمها قائلاً ببحة خاصة…
“افتحي بوقك ياحياة…. “

 

نظرت له بارتباك ..
“سالم انا مش بحب اوي طعم البلح انا
هفطر على المايه وخلاص… “

 

همس بلطف خدرها…
“طب جربي مش يمكن من ايدي تحبيه… “

 

عضت على شفتيها بتردد امام عيناه الجائعتان لكل شيءٍ بها….

 

اغمض عيناه بتوبيخ لتفكيره المراهق دومًا أمام هذهِ الحياة المهلكة.. نعم مهلكة ومن ينكر أنها تُهلك رجولته بجمالها وعفويتها من ينكر أنها تُهلك قلبه المشتاق لتجربة الحب وعذابه معها !…..

 

فتحت فمها واكلت نصف قطعة التمر….
اخذ هو باقي النصف بعد تردد دعاء الإفطار

 

على سفرة الطعام تجلس حياة بجانب سالم وتاكل بصمت مختلسه النظرات إليه…وهو كذلك ينظر لها بين الحين والاخر وكأنه
يعيش قصة حبًا مخفية عن الجميع..

 

كان يجلس رافت والد سالم على راس الطاولة وبجانبه والدته الجدة راضية وبجوارها ريهام التي بمقابلة حياة …. وكانت تبعث لهما النظرات النارية الحقوده…..

 

اما (ورد) الصغيرة فكانت تتابع التلفاز في صالون بعد ان أكلت من ساعة تقريباً !!….

 

قطعت الصمت الجدة راضية قائلة لحياة
بحنان معاتبة…
“كلي ياحياه كويس انتي بتصومي من غير
سحور… “

 

ثم نظرت الى سالم قائلة باستياء
“بجد مش عارفه اي ده …ماوفق إلا ام جمع
بينكم سالم كمان بيصوم من غير سحور من وهو صغير وشكله عداكي وبقيتي بتصومي على معده فاضيه زيه… “

 

رفع سالم عينيه على حياة باستنكار ثم سألها
امامهما ببعضا من الهدوء…..
“هو انتي بتصومي من غير سحور ياحياة…”

 

عضت على شفتيها بحرج من نظرات الجميع لها بسعادة من اهتمام سالم نحوها باستثناء ريهام التي كانت تحترق امام هذا السؤال…

 

ردت حياة على سالم بخفوت ….
“اصل يعني مش بيكون ليا نفس و….”

 

“أول واخر مره تصومي من غير سحور وبلاش تبصي ليا انا متعود على كده وفي النهايه انا راجل.. لكن انتي ياهانم لو وقعتي بنهار من قلة اهتمامك باكلك هعمل اي انا ساعتها بقا فيكي…. ”

 

كان يتحدث بحنق من إهمالها وعدم المراعاة
لنفسها مثلما تراعي الجميع وتهتم بهم….

 

ردت حياة بتبرير له وبحرج من الجميع…
“سالم الموضوع مش مستاهل كل ده… انا اقدر اصوم من غير سحور….يعني انا مش صغيره.. “

 

جز على اسنانه من عدم اكتراثها الواضح
للأمر والظاهر بين ثنايا كلماتها قال
بحزم منهي النقاش بينهما…
“كلمه واحده ياحياة مفيش صيام من غير سحور.. وكمان عشان اتاكد بنفسي كل يوم هقعد معاكم على سحور ولو حسيت بإهمالك يبقى بلاش تكملي الكام يوم اللي فضلين وصومي واقفة عرفات وخلاص…”

 

نظرت بحرج من تسلط عيون الجميع عليهم
ثم همست بخجل….
“لا… خلاص اكيد هصوم وهتسحر بعد
كده.. “

 

ابتسم رافت والجدة راضية بسعادة فالأول مره يشاهدون سالم يبث كل هذا الاهتمام لأحدهم.. نظرت راضية الى رافت أبنها قائلة بهمس…. “سالم حب أخيراً يارافت….. “

 

رد رافت بسعادة وحمد …
“الحمدلله ياامي ربنا يصلح ليهم الحال…. “

 

كانت ريهام تسمع الحديث وللحظة اوشكت على قتل حياة بشوكة التي بيدها ولكن حاولت الإمساك بصبر قليلاً….

 

على الأقل لحين تنفيذ مخطط اليوم…
__________________________________
بعد مرور ساعتين كانت تجلس حياة امام التلفاز تشاهد فيلم قديم …ولا تتوقف عن البكاء بصمت

 

دلف سالم وهو يرى هذا المشهد تبكي وهي تصب اهتمامها امام التلفاز وتجفف وجنتيها بمنديل ورقي…. مسح وجهه بيداه بجزع من هذا المشهد الجبار…

 

جلس بجانبها وهو ينظر اليها ويكاد يكبح ضحكته بصعوبة عليها… سالها بتوجس…
“بتتفرجي على إيه ياحياة….. “

 

انفجرت في البكاء قائلة بتأثر مضحك …..
“رشدي اباظه طلع متجوز على شادية ومش بس كده مش راضي يطلقها…..تصور جشع الرجاله… “

 

كبح ضحكته ومن ثم رد عليها ساخراً ….
“الموضوع مش مستاهل كل دا ياحياة دي شاديه معملتش نص اللي بتعمليه ده…… “

 

ردت بتبرم وهي تجفف دموعها….
“ده اسمه تأثير ياسالم…حاجة كده
بالفطره جوانا… ”

 

أغلق التلفاز من زر القفل ومن ثم استلقى على الاريكة التي تجلس عليها وتوسد برأسه فخذيها فكانت تجلس جلسة القرفصاء….
هتف بخشونة …..
“كفايه هبل ياحياة وياريت تبطلي عياط
وااه… دلكيلي راسي لحسان مصدع اوي…. “

 

نظرت الى فعلته بحرج ثم بدأت تضع اصابعها على راسه لتدلكها ببطء له… همس لها سالم بتردد بعد برهة من الوقت ولا يزال مغمض العين…
“حياه انتي بتحبي الدهب اكتر ولا
الالماظ….. “

 

“بتسال ليه….. “مزالت تدلك راسه وهي تنظر الى ملامحه الرجولية باشتياق.. وسيم سالم ومن ينكر وسامته وشموخه وهيبته وطلته..

 

وحتى نبرة صوته بها لحن يصيب قلب اي انثى ويجعلها هائمة به … حتى حنانه واهتمامه له سحر آخر عليها….

 

يالهي الى اين سأذهب مع هذا الرجل بعد كل
هذا ؟….رد عليها بالامبالاة
“مجرد سؤال جه في بالي…”

 

اجابته بهدوء….
“الدهب و الالماظ عادي يعني مش بيفرقه معايا.. انا ببص على الحاجة بجمال شكلها مش هي اتصنعت من إيه مثلا…….يعني انا في اكتر الاوقات بحب الاكسسوارات العادية عشان شكلها بيبقى احلى من الدهب
والالماظ كمان…. “

 

أعجب بتلك البساطة في حديثها فاي امرأه تعشق المجوهرات الباهظة بجميع اشكالها وبذات ثمينة الثمن وكبيرة الحجم….

 

رد عليها ومزال مغمض العين….
“حلوه القناعة دي…. بقت حاجه نادره اليومين دول… “

 

لم ترد عليه اكتفت بهمهمات بسيطة مؤكده فقط حديثه نعم هي فتاة بسيطة ترضا بالقليل
منذ ان حرمت من اهم حق يملكه اي طفل ، حين اتت لتلك الدنيا تتمنى فقط لقب أب..

 

لطالما تمنت ان تحظى بهذا اللقب ولكن الحياة كان ردها قاسياً حين علمت ان الرد
إنها لا تنتمي لعائلة ولا تملك أب او أم او اخوه…

 

لم تنظر الان الى الذهب والالماس وهي حرمت من نعمة ان تمتلك إسمٍ وعائلة تنتمي لها…. أصبح كل شيء من بعدها بلا قيمة وكل
شيء فقد بداخلها مذاقه الحلو مع الوقت ….

 

الحرمان يولد بداخلك الاقتناع بابسط الأشياء… فحين تفقد أهم شيء في حياتك يبقى معظم الأشياء لديك بل قيمةٍ ….

 

فاقت من ذكريات الماضي على يد سالم الذي شبك يده في يدها وقرب كف يدها من فمه ليقبِّلها بحرارة و تأني طال في قبُلته لها ثم همس بعد ان ترك يدها بهدوء حاني…..
“تسلم ايدك ياحياة تعبتك معايا… “

 

شعور مدغدغ للأعصاب إنتباها وهي تتذكر
كل لحظة حميمية حدثت بينهما ومشاعرها
الجديدة معه مشاعر وليدة اللحظة…

 

حاولت الفرار منه قبل ان يسمع خفقات
قلبها العالية…

 

“انا اتأخرت على ماما راضية ولازم تاخد العلاج دلوقتي…. ” نهضت بحرج من جواره….

 

صعدت على السلالم بسرعة وارتباك….

 

ابتسمت ريهام التي كانت تختفي عن الأعين خلف ركناً ما وبدأت تشاهد العرض الجبار ، حياة تصعد بسرعة على السلالم لتصل الى أول درجات السلم من فوق وتكاد تتخطاها لكنها وجدت نفسها تنزلق بقوة للأسفل على ظهرها لتصرخ قبل ان تقع… صرخة هزت اركان المنزل بل هزت قلب سالم الذي مزال يجلس في صالون البيت….يتبع

 

دهب عطية

 

 

الفصل التالي اضغط هنا

يتبع.. (رواية ملاذي و قسوتي) اضغط على اسم الرواية لتجد الفهرس كاملاً بجميع الفصول.

أضف تعليق