رواية ساقي الود – الفصل الأول
حَسيت بحركة جوه شتت صفنتي و خلتني ارجع لواقعي البائس .
زفرت انفاسي بحيرة و دخلت لأكثر مكان يحبه ، صومعة النباتات و الورد .
هنا يقضي وقته الفائض بعدما يخلص كل قضايا الناس و بعدما يعالج كل مشكلة مالها حل و بعدما يحتضن كل انسان ضايع ماعنده احد ، اي هيج هو و هذا الي عرفته عنه خلال الشهور القليلة المُضت .
انسان ناذر عمره و طاقته و وقته لديرته و ناسه خصوصاً للي مالهم احد .
اليتامى و المنبوذين من اهلهم و الناس الكبار الي ذَبهم الوكت و حتى الارامل و المالهن أَحد صايرلهن اخو و سند ، الشي الي ما خلاني استغرب ليش هو بمنتصف الثلاثينات من عُمره و ما متزوج .
الناس تسميه الساقي ، مو لان شغلته يوزع مياه منقاة ، و لا لأن يشتغل بتماس ويه الزرع و هندسة الحدائق
بس لانه يسقي كل محتاج بكرمه و لطفه لحدما صارتله حظوة كبيرة بين ديرته و اهله و كلمته مسموعة مثل السيف على الرُكبه .
يهابونه و يحبونه مو لأن جده شيخ فريضة و لا بسبب كونه انسان مُتعلم ومثقف ، لا السبب يكمن بتواضعه و بأمتلاكه قلب عطوف يسع لكل القلوب الضالّة .
لحد الان اتذكر اول لقاء النه و صدمتي بشخصيته رغم كمية المعلومات الي جمعها عزيز عنه ، لكن كل الي الي ينكال لا شيء امام العشرة ؛ و من عاشرته شكد دورت و حاولت اخلق ثغرة عنه ما لگيت .
معقولة هذا الرجل مجرد من كل الخطايا ؟
لعد شنو الي جبره بالماضي يرتكب هذا الفعل الشنيع ؟
معقولة هاي الناس المحاوطته لهسة ما اكتشفت ماضيه ؟
تنهدت ..
ومثل كل مرة من اكون هنا استمتع بعيوني و هي تتنقل بأركان المكان ، ضوه الشمس يتخلل النوافذ و يضرب على وجهه عبالك لوحة فنية . فأكثر ميزة بي تربكني الى جانب روحه النبيلة هي وسامته الغير مسبوقة رجل جنوبي بأمتياز بطوله الفارع و عرض اكتافه و السمار الي مغلف بشرته، جريت نفس طويل وريحة الزرع المتدلي على شكل عناقيد من السنادين عبئت رئتيَّ ، رحت اراقبه بصمت شلون جان مكنبص يسكي نبته اسمها دَمّ العاشق و يمسح اوراقها بعناية من بقايا تراب ، يحبها كلش و اني هم حبيتها من وراه ، يمكن لأن لون اوراقها يفزز ذكرى جوايه عجزت انساها .
هزيت راسي احاول انفض غُبار الذكريات حتى لا يبين على ملامحي و يخرب كل الي خططت اله و بنيته .
لكن ما أَنكر تأثرت بنبرة صوته و هو يدندن اغنية يا حريمة ..صوته حَنين و يفوت للگلب بلاية استئذان ، صحت :-
ودّ :- الله .. صوتك يِجنن خصوصاً بهذا المقطع ، تدري أنت جان صرت مشروع مطرب ؟
شال راسه و باوعلي بنظرة خاطفة و رجع دنگ و ارتسمت على شفايفه ابتسامة خَجولة:
– لا يا بويـه ، تدرين بيه انه مو كلش ويه الاغاني .
ابتسمتله بغنج و اني شابكة ايديه ورا ظهري احاول اخفي ارتباكي عنه :
– هممم ، لعد غنائك هسه شنو معناه ؟
نهض و كام على حيله صفك ايد بأيد ينفضهم من التراب و اجه يتمشى بأتجاهي بهدوء ، وكف گبالي و منصي نظره يباوع لوجهي
شلت راسي اله بسبب فرق الطول بيناتنا ، و حتى أَگدر اخلي عيني بعينه كمحاولة افهم سبب صمته و نظراته هايه المالها تفسير
ابتسمت بزيف اهز برأسي متسائلة :- شَبيك تباوعلي هيج ؟
لَمعت عيونه العميقة و تشكلت دَمعة على خط رموشه السُفلية ، اعتراني الخوف و الرهبة و مرّ شَريط حياتي بلحظة گدامي و راح گلبي يلهث بدوامة أَسئلة
أَقترب مني لحدما أَنعدمت بيناتنا المسافة تقريباً و جان شايل بأيده وردة خزامى ناعمة ، حَطها يم خدي ثبتها بحجابي بلا ما تطخ ايده بوجهي .
رمشّت بعيوني مرتين احاول أستوعب شدا يسوي ، مو چنه راح زايد ؟
ابتسمت محرجة و همست :- شُكرًا .
حجه بخفوت :- و آنه و وعودك صفيت ابلاية وعدك يا حريمة .. يا حريمة ..
زاد أرتباكي ، حجيت بتلعثم :
– جاي تخوفني بتصرفاتك تدري ؛ شصاير احجي شبيك ؟ من فتت لهسه تدندن بهالاغنية .
– منو عزيز ؟
اتسعت عيوني و أرتديت لا ارادياً للخلف و ضربات گلبي تكاد تكون مسموعة، احاجي نفسي بداخلي صح منتظرة هذا اليوم بس بعد وكت لكل شيء.
ابتسملي و اظلّمت عيونه بخبث و بهاللحظة ادركت انكشفت كل اللعبة ، بس مدري ليش حبيت اماطل و أستمر بهاي الكذبة .
حطيت عيني بعيونه بنظرة اعرف شتسوي بي و على كولته من جان يگلي نظرتج هاي تغلّفني و تدوهن گلبي الرچيچ .
قاطع شرودي صرخته و هو يكرر سؤاله بس بغير صيغة :
– عزيز صدگ اخوج ؟
رجفت شفايفي و مَدري ليش خفت لدرجة اسناني صكت و لأول مرة يلمسني ، اخذ زندي بقبضته و يخض بيه بقسوة مثل ما يخض بجذع نخلة يابس عسى ان تطيح منها ثمرة تسد رمق فضوله .
-انتِ منو ؟ و عزيز اخوج ؟ لچ احجي لا أَكتلج و ادفنج هنا و حگ هو الحسين .
خلص انكشفت اوراقي هو آني شمتوقعة من هاي المسرحية لابد نوصل لبداية النهاية ، اي اللحظة الي حلمت بيها سنين .
قررت أتخلى عن جلدي و انسلخ من هاي الشخصية الما تشبه شخصيتي بأي شكل من الاشكال ، حررت ايدي بنترة منه و بأيدي الثانية انتزعت وردة الخزامى العلكها بحجابي و دست عليها حيل بحذائي ، و حجيت گازَّة على سنوني :-
-صرت اكره الورد بسببك
اتسعت حدقية عينه و عيوني اني تتنقل مابين تفاحة ادم الجاي تصعد و تنزل ببلعومة و انقباضة صدره شلون يعلى و يهبط بوتيرة سريعة .
عقج حواجبه و همس بنبرة ترجف
– انتِ منهي ياهو الوازج عليه ..؟
قهقهت بضحكة عالية و كل قصدي استفزة و أستمتع بغليانه شوية قبل لا اصدمه بالحقيقة .
لكنه نمر هائج ما يتحمل شَقة ، دفعني بقوة حتى ارتطم ظهري بالحايط و تقدم ناحيتي و حاوطني و حبسني بين ايديه .
انشدهت بتفاصيل وجهه عن قرب عيوني تتنقل على قطرات العرق المستريحة على جبينه ، حواجبه السميكه المعقوده ببغض نزولاً لانفه المستقيم و شفايفه المدفونه تحت الشارب و اللحية المشذبة بعناية .
وبينما كنت مشدوهة بي و شفايفي مفتوحه و عقلي يخوض بدوامة اسئلة اني ليش ديصير هيج بيه من اكون وياه ؟
اجاني صوته يصرخ و يحثني أَعترف :
– تحجين لا وروح ابوي ادفنج هناية ومحد يندلّج درب ؟
ابتسمت بخبث ، انبهت و عيونه نزلن لشفايفي ، همست :
– يلا اعترف بنفسك تعيش هاللحظة وياية كافي تبيع مثاليات
ضرب الحايط بقوة ، لدرجة سمعت طكطكة عظام چف ايده و راح يصرخ :
-تخسين ! مو غَياث الي يدور هالسوالف ويه مَرة مو حلاله اسمعيني لج هسه تعترفين انتِ منو ؟ و شنو علاقتج بعزيز و ياهو الدازكم عليه اليوم احرك شيب ابهاتكم ولد الم*****
دفعته بثنين ايديه من صدره ، ارتد للوراء متفاجئ ، صحت :
– تريد تعرف آني منو ؟
باوعلي مصدوم و بخضم ابتسامتي الخبيثة ، نزلن دموعي و خذلني :
– عاين بعيوني زين غَياث ، و شوف انت قبل 18 سنة شسويت ؟
اتسعت عيونه ثواني مثل الي جاي يفكر او يتذكر و بلحظة جفل و تراجع للخلف مصدوم ، مرتبك و يحجي سريع :
غَياث :- لااا ودَّ لاا .. مستحيل تكونين هي .
ابتسمت من بين دموعي و هزيتله راسي بأسف
اقتربت من عنده و همست :
– ركززز بشكلي زين و شوف هالوجه بمنو يذكرك يبن جابر ؟
معقولة شكلي ، العيون الي دوهننّك ما ذكرنگ بيها ؟
باوعلها بصدمة و سافر بعقله قبل سنين كلش طويلة ..
وكع فَچه من الصدمة لمن استعاد ابعد جزء من ذاكرته ، أرتجفن اوصاله و راح يسأل :
-يعني شنووو ، أنتي …..؟
-اي اني هي يبن البدوية
ما اهتم لكل شيء كالته بقدر ما يهمه يعرف ..عزيز منو
و افعى سامّة مثلها تگدر تعرف بكل بساطة شجاي يدور براسه الآن و حبت توجهله اول ضربة قاضية بهذهِ اللعبة
اقتربت منه و شاورته بهمس :- عزيز مو اخوية
ابتعدت عنه مبتسمة بخبث و صرت أشاهد انهياره عن قُرب من دموع عيونه الي يتسابقن على خده لحد ارتعاشة رجليه.
واكف أمامها يباوعلها ، بعدما سقط قناعها، بعدما باتت الحقيقة بينهم عارية من كل الادعاءات، مجان يعرف بشنو جاي يحس ؟ الألم ، الغضب ، الغيرة ؟ أم الدفو الي بدأ يتسلل لگلبه، رغم كل شيء سمعه ؟
مجان يلگى جواب مُناسب لاسئلته و لا هاي الدنيا بكبرها تحتوي صَدمته حتى بأسؤا خيالاته مجان يتصوَّر بيوم راح يُصاب بنفس لَعنة ابوه المرحوم .
يباوعلها مبتسم و بعيونه دمع و حجي ياريت لو يگدر يحجيه الها و لو حجاه راح تصدگه و تآمن بي ؟
و سافر بذكرياته سنين للوراء تحديداً للحظة الي وكع ذاك الدفتر الجوزي بين ايديه :
(قبل سنوات مضت تحديداً اوائل التسعينات )
.
.
سليمان :- بسّك ولك صارلك ساعة تتنوع لرويحتك بالمراية ، شنهي راح تعرسّ من جديد و انه ما ادري ؟
جابر :- من حلجك لباب السما، هيج و بختك جبير و حلمي يتحقق و آخذ الاحبنَّها .
سليمان بعبوس :- لساعك ما سولفتلها ؟
جابر :- شگللّها يخوي و أنتَ تدري ، هاي مسودنه و اذا عرفت بيه متزوج تحط فشگة براسي و تخلًص عليه هاي اذا ما چتلت روحها همين
سليمان :- چا لمن تعرف هيج يصير بيها لو عرفت ، شجاك مشيت بهالدرب مثل الاعمى ؟
التفت يعاين لصاحبه و يأشر عليه بالمشط الي بأيده و صاح :-
– ما سامع بصاحبنه الي يگول الحب اعمى و انه مو بس انعميت بحبها يا سلمان لا انه انچفيت على وجهي چفي ،
الله يسامح ابوي الي ذبني هالذبه ، انه وين و الزواج وين ؟
سليمان :- فات وكته هالكلام ، ام غيث خوش مرة بنت حمولة وصيتها معروف بالسلف و صبرت عليك هواي و جابتلك ولد واحدهم ما يتوزّن بالذهب .
جابر :- و انه شمسوي بايك سايگ ، شسوي لگليبي الاول ما شافها راحلها ، و ان جان على هلي انه ممقصر وياهم و لا ويه ولدي ، بس نفسي هم الها عليه حگ
تنهد بيأس واسترسل :
– احبنها و حگ هو داحي باب خيبر و لو اعرفن بروحي اگدر انساها چا ما ضلّيت لهسه اجالع بعشگها ، شسوي يخوي دبرني ؟
سليمان :- والله ما ادري يخوي ، انتَ تهگي لو عرفت بيك مزوج راح ترضى و تمشي وياك للتالي ؟
حط ايده على خَده بحيرة و همس :
– والله يبن داوود ما عرف جاي اخوط و الوط و مالاكي دبره ، ربك كريم ان شاء الله تنحل و تصير هالفختاية من نصيبي .
سليمان :- الله كريم ، امشينا ترا تأَخرنا ، و أَنت تدري بأستاذ حكيم يجي مبچر .
جابر :- امشينا يخوي ، امشينا ..
كانت صداقة سليمان و جابر ما تشبه اي صداقة و لا جانت وليدة الصدفة و لا تطورت و تعززت بمواقف ، هاي صداقة متفق عليها منذ الصغر ، خُطت بأنامل ابائهم يمكن قبل لا يخلقوا بأَرحام امهاتهم ، نعم هاي الصداقة هي امتداد لعلاقة اخوية متينة بين رجلين لم يربطهم الدم فقد ؛ بل توطدت مشاعرهم منذ الصغر و تأصل بيهم الوفاء حتى تشبعت كل خلاياهم بمفاهيم النخوة و الصدق و الولاء .
الشيخ يعكوب و الحاج داوود كانت تربطهم صداقة و مواقف منذ نعومة اظفارهم كبروا و هم يسيرون على نهج واحد و هو دمك دمي و بزرتك بزرتي ، احنا روح وحده بجسدين و اولادنا كذلك ، حتى امتدت هذهِ الصداقة كموروث حتمي لاولادهم جابر و سليمان .
(الجامعة المستنصرية / الدراسة المسائية )
.
.
.
جان يمشي بخطوات مُسرعة و گلبه يتسابق وياه بالخطوة ، يردد بخفوت كل كلمة غزل حفظها
وكل بيت شعر اقتطفة من اجلها راح يتخيل لمعة عيونها ، الدويرتين الورديات المرتسمات على خدودها طريقتها و هي تبرم طرف ظفيرتها عاضة على طرف شفتها بخجل و تتمايل بجسمها ارتباكاً من يغازلها و ابتسامتها الخجولة و هي تهمس ( شلونك مشتاقتلك )
كانت حَبيبته بغدادية الاصل تقطن احد الاحياء و التي تعتبر قلب بغداد.
و بسببها عشق اللهجة البغدادية و اللعد و الدا …
وصل و صار امام القسم الي تداوم بي متجاهلاً نظرات الطالبات اله بعضهن حاولن يستميلنه و يحظن بأنتباهه و البعض الاخر يدري هو عليمن ينشد و المن يناطر.
كان جابر شاب جميل المحيا ، رَشيق كالنخلة و مملوح كماء الاهوار و عنده عيون و كأن الله خطها بلون الليل الحالك من شدة سماكة رموشه السوداء، هذا من غير طبعه العذوب و لسانه الي يردد الشعر على طول فهذه كانت هوايته منذ الصغر .
حاول يتفادى نظراتهن و همساتهن و يشغل روحه بالجگارة الي بأيده و يه كل جرة نفس يتخيلها هي
منو غيرها المرأة الي خطفت عقلة و كلبه و حركت روحه حرك ..
اليوم عازم يحاجيها بموضوع الخطوبه رغم جهله بردة فعلها لو عرفت بموضوع زواجه ، رزل نفسه بداخلة و جلد ذاته چيف ضم عليها موضوع چبير مثل هذا و يرجع يبرر لنفسه القلوب ما عليها سلطان و لو حاجيلها من البدايه انه رجل متزوج و مخلف ما جانت ترضى تماشيه بهالعلاقة .
بس هو متعشم بوعد ابوه الشيخ اله لمن فرض عليه ياخذ بنت البدوي صاحبه و هو بعمر صغير .
سافر بذكرياته لاول يوم والده الشيخ من فاجئه بقرار زواجه :
جابر :- بويه انتَ واعي شجاي اتحجه؟ شنهي زواج و انه توي داخل ال18 سنة ، بعدين انتَ تعرفني
موش جابر اليتزوج هيج زيجة ، بويه انه راسم طريج و احلام چثير اولها ادرس و اتخرج وارفع راسك بشهادتي
بعدين انه شلون اخذ مرة موش على رادتي ؟
دنگ راسه الشيخ مُحرج من كلام ابنه و بقرارة نفسه يدري كل كلمة حجاها جابر هي حق مشروع و ما طالب اكثر من حقه ، لكن الشيخ مضنوك بوعد ما يگدر يخلفه ، وصية صديق عمره و خويه ، البدوي الي طلعه من حلك الموت بيوم من الايام من جان رايح برحلة صيد للصحراء و تجمهرت عليه الذيابة و رادن ياكلنه لولا شجاعة البدوي و مناورته الذكية بأنقاذه .
من يومها صار صديقه و خويه و معزته ما تقل عن معزة سليمان و جمعتهم مواقف طيبه الى ان حانت اللحظة الي تمرض بيها البدوي و صارت حياته على اعتاب الموت و كانت وصيته الاخيرة هو ياخذ بنته لابنه و تعيش بقعر دارهم و ماتضل متروكة تصارع مصيرها لوحدها .
و بحكم نخوة اهل الجنوب و كرمهم وشهامتهم ما يكدر يدخل مرة غريبة بنص داره و هو زلمة و عنده زلام مالكه حل غير يعقدلها على ابنه البچر جابر ، بعد دوامة تفكير صرخ الشيخ موجه كلامه لابنه بلهجة امر و غير قابلة للتفاوض :
يعگوب :- هي جلمة و ما اثنيها من عين باجر تعقد على عالية و تجيبها هنا ، و الا گلبي و ربي غاضبين عليك يا ماي العين .
عض اصابيعه بيأس و تجمعت الدموع بعينه ، همس و العبره خانگته:
جابر :- تدريني با بوي ابن بار، و مارفضلك طلب و من تكلي ماي العين چن تلزم گليبي بيدك و تسولف وياه
بس يابوي هيس حالي انه ما مستعد للزواج .
يعگوب :- و تنزل راسي و تفضحني بين العربان و يشيعون على ابوك الزلمة الماله چلمة على وليده ؟
عاينله بيأس مد ايده و سلت خنجره ، كف دشداشته و كنبص كدامه ، مدّ رگبته مدنك بشليل ابوه
همس و هو يناوشه الخنجر :
– انت مو بس چلمتك تمشي عليّ يا بويه ، انه و دمي و هويتي فداك ، ما عاش اليشيع عليك يابو جابر
انخمش گلب الشيخ و تلاله الدمع بعيونه ، حاوط ابنه و رفعه كدامه بقى يتنوعله لثواني ،باس راسه و ضمه لصدره و هو يحجي بعبره :
-ويلوموني بحبك يا جابر و يلوموني چيف احبنك غير عن اخوتك كلهم ، روح الكلب والرب راضين عليك
ولك مني وعد متى ما گلبك رفَّ لمرة ، وين مجانت عسما نجمة بسما اجيبنها الك ، بس ياوليدي هذا رفيجي
وصاحب فضل عليه لولاه ما جنت واكف جدامك و وصاني وصيت ميت على بنيته و هي الشهادة لله جعلتها بنيتي ما ناقصها شي مثل فص الالماز و تلوكلك .
اومأ راسه جابر بحزن و بداخله فوضى و اضطراب لا هاي القصة الرسمها لروحه و لا هاي الزيجة بس شيسوي ، قابل يكسر جلمة ابوه ؟
وافق على مَضض و شعور بالضيق بأن هذا الزواج ماراح يكون بالمثالية الي رسمها لنفسه .
رجع للحاضر على صوت كعبها ابو البسمار و هو يضرب بالارض من تمشي ..
برقت عيونه مثل كل مرة من يشوفها يُعجب بيها و كأنه يشوفها توه بأناقتها المعهودة من القَميص الابيض للتنوره السودة الميدي و الحذاء الكعب الروغان الاحمر التمشي بي مثل مشية الملكات .
اقتربت من عنده و سَلمت و الغَريب سلامها هالمرة بارد و ملامح وجهها باهته ، فلت وجهه و تلاشت ابتسامته اعتراه القلق خاف تكون مريضة لو تمشكلت ويه اخوها الچبير مثل كل مرة ..
تساءل بقلق واضح :
– خيرج يبعد الروح اشوفن وَجهج تعبان ؟
وداد : خير الي يصيبك جابر لازم نحجي ضروري .
جابر: نحجي ليش ما نحجي ، امشينا نروح للكافتريا البرانيه
– ميحتاج ، خلينا نتمشى للحديقة و هناك نسولف .
هز أكتافه بعدم درايـه و تمشى وياها بهدوء ، بس گلبه مشتل بنار التساؤلات ، شبيها هيج منطفية و ليش نبرتها جامده و اللمعة الي بعيونها ماكو ؟
وكفت بمواجهته و دخلت بصلب الموضوع رأساً :
-احجيلي جابر انت صدگ متزوج و عندك ولد ؟
انفتحن عيونه على وسعهن و ارتعاشة تسلطت على شفايفه و قبل لا ينطيها الاجابه المنتظرتها على نار راح يسألها بنبرة مستغربة :
-ياهو الكالج انه متزوج ؟
نزلت دمعتها رأساً و تأكدت كل مخاوفها والجواب الي صلّت و اندعت بالليلة الماضية كون ما تسمعه ، سمعته للاسف ، همست بصوت مخذول :
-هذا الهامك ؟ ياهو الكالي باوعتله بنظرة ازدراء و عافته و مشت :
سبقها بخطوة و وكف گبالها :
-اوكفي وداد ، و روح امي العزيزة اليوم جنت ناوي اسولفلج
علّت نبرتها بشيء من الغضب :
-جنت ناوي تگلي ؟ انت تحجي صدك لو دا تشاقه ؟
مستوعب صارلنه شكد سوه و انتَ ضام عليه هيج شي ؟
ضحكت بسخرية و استرسلت :
-اني غَبية مشيت وراك مغمضة .
مشت شويه و حَست رجليها خذلنها ، رجعت كعدت على المصطبه بيأس نزلت راسها لحضنها و أَهتزت أكتافها بنوبة بكاء عميقة
وهو يعاينلها موجوع حاير منين يبدي يشرح قصته ، من زواج انفرض عليه من سنين و هو توه بدأ يشب لو من حبها الي عصف بروحه رغم كل الحواجز و العثرات ، مانطق راد يخليها تفرغ كل دموعها و تنطي لكسرتها بي حقها .
اتلفت يمين و يسار خاف احد من الطلاب يلمح وكفتهم لو يحس اكو شي مو طبيعي ، سلت جَفيته و ناوشها الها ، همس بخفوت :
-هاج امسحي دموعچ من عساني متت و لا شفتج بهاي الشوفه
شالت راسها رأساً و بلا وعي ردت :
-اسم الله
لاحت على طرف شفته ابتسامه و ضمها عنها بالعجل ، هو واثق تحبه بس هل يا تُرى راح تضحي و تماشيه بهالطريق ؟
حجه بلا اي مُقدمات :
– وداد انه عاشكج و مو اي عشگ وحك الكفل زينب اموتن عالتراب التمشين عليه ، و ان جنت متزوج يا بنت الحلال فلا تتخيلين زواجي طبيعي ماريد افوت بهالمسألة هسه .
باوعتله بنظرة مخيبة للامال :
-تحبني و تجذب عليه ، وين اودي روحي هسه اني انت حكمت عليه بالموت الابدي ، اني مصدومه بيك و من صدمتي مجاي اعرف اسولف او اعاتب انت ، شنو يعني متزوج و عندك ولد
-اسم الله عليج يا ماي العين ، من رحت فدوة للعوينات الوسيعة اللفتني لف ، لج وجلالة الله يا وداد ما تخلص هاي السنة الا وانتِ حرمتي ، اريدن اصبح على عيونج و امسي على ليل شعرج .
جففت عيونها و أَنفها الغده طوبة حمرة :
– ياهو الكالك اخوي ينطيني لواحد متزوج و الله لا يدفني بأرضي و ما يرفله جفن ناهيك عن الفروقات الاجتماعية الي بيناتنا بعدين حتى اني مستحيل اسويها و اهجم بيت مرة ثانية مثلي ، جانت امي تگول لا تأمنين للزلم و هسه تأكدت
عگد جَبينه و بعبوس اجاب :
– عوفينه من الخرط هذا كله و فهميني شنهي الفروقات بويه اشو انه ابن شيخ فريضة السلف كلها تحلف براسه و…
قاطعت بتبرير :
-لا تفهمني غلط ، اني اقصد انت من الجنوب و اني من بغداد و وصية بابا المرحوم لسلام ما يبعدنا عن عيونه
تضاحك بسخرية و هتف :
-الي يسمعج يگول سلام مكطع رويحته من الحنية عليچن مو ليل و نهار كاضچن و يطگ بيچن
دنكت راسها وتنهدت بحزن مبالغ
هدلن اكتافـه بحزن و حسّ روحه جرحها زايد ، اقترب و جلس على نفس المصطبة بصفها مع حرصة انه يخلي مسافة واضحه للعيان حتى لا يجيب الها كلمة مو حلوة ، همس :
-انه اسف يا ماي العين و الله ما گاصد اضوجج. لا تشيلين هم انه احلنها ..
و كأن جتها لحظة ادراك وين راح الغضب الي تأجج بداخلها نحوه ساعة العرفت بي متزوج اشو بكلمتين منه هدأت و رضخت ، تذكرت هي شجاي تسوي ، انتفضت و كامت من مكانها بسرعة و هي تنفض تراب تنورتها من الخلف :
-اني لازم اروح جابر احسّ گلبي راح ينفجر من القهر
كام وكف و قبل لا يفرق شفايفه و يحجي صاحت :
-ارجوك لهنا و كافي اتركني هاي الفترة ، همت تمشي من يمه استوقفها صوته :
-ما گلتيلي ياهو الكالج انه متزوج ؟
وكفت تعاين بنص إلتفاته و همست :
-مو مهم
مشت مبتعده عنه مسافة و صاح وراها :
-سليمان ؟
ماردت استمرت بمشيها و راحت تختفي من گدامه مثل نجمة تضائلت شوية شوية و اختفت بين ثنايا الغيوم .
يومها ماكدر يكمل دوامه رجع للقسم الداخلي و أَعصابه مشتعله مثل لهيب الجمر و كالعادة حتى يسيطر على رجفان اعصابه و على حالة الذعر الي اكتسبها من ماتت امه لزم دفتر يومياته و بدأ يدون كل الي صار بهذا اليوم
و لكن للاسف شعور القلق تفاقم بقلبه و حسّ روحه راح يدخل بنوبه اخرى .
تذكر حيلة سليمان الي قرأها بمرة بأحد كتب علم النفس المهووس بيها بسبب دراسته من جابله كيس و نصحه يجر النفس و يزفرة بداخل هذا الكيس و الحمدلله نجحت الطريقة و بدأ يرجع تنفسه طبيعي .
لهناك و اندار قفل الغرفة و دخل سليمان تعتلي وجهه ملامح الذعر ، صاح بلهجة معاتبة :-
-وينك يا زلمة ، صارلي ساعتين ادور عليك ، انتبه سليمان لملامح صاحبه الموطبيعية و رأساً راحت عيونه لدفتر يومياته و لكيس الورق المحطوط عالميز ، عرف جته النوبة اقترب من عنده مذعور ، يعاين اله بقلق :
-جتك الحالة موو؟
اومأ راسه جابر بلا ما ينطق
تنهد سليمان بحزن و تساءل :
-شمالك يخوي ، شتهييس ؟
باوعله جابر بنظرة عتب و همس :
-انته الي گتلها يخوي ؟
ارتبك سليمان و انعقجت ملامح وجهه و جاوب السؤال بسؤال :
-هي منهي الكتلها و شكايل ؟
جابر :- وداد ، شلون عرفت انه متزوج ؟
– لا تكولها ، شلون عرفت ؟ و شگالت
-عوفك منها شكالت و شگلت ، انته المخبرها يسليمان ؟
ارتبك و ضاعت علومه و ماعاد يندل لسانه وين ، صفن ثواني يفكر بجواب مناسب مالكه غير انه يحجيله الحقيقه :
-والله مادري شگلك يخوي ، ذيج الايام الي غبت بيها ، ضلت تحوص تريد تعرف وين اراضيك و بكل نوبة تجي لقسمنا اتهرب منها لحدما كضتني و حلفتني براس الحسين و بمعزتك عندي انت وين ، و مدري شلون فلتها لساني و بالغلط گلتلها وليده مريض، شكد حاولت اثول السالفة عليها ما كدرت ، انهارت و كعدت تبچي و تعتب عليه بحكم صداقتنا و شلون ضمينا عنها هيج شي بس انه اخوك كعدت وياها و فهمتها القصة كلها و شلون انت نيتك صافية وياها و ….
جابر :- جان المفروض تكلي اول ماجيت لهنا مو اروحن و انصدم بالسالفه انته تدري بعملتك هاي شخسرتني ؟
دنگ راسه سليمان بحزن و صاح :
-كول يخوي ركبتي سداده راضي بحكمك و ان چان على وداد انه احاجيها و …
قاطعه جابر بحدة :
-خلص يخوي السالفة يمي و بعون الله احلها ، هيج هيج جنت ناوي اكللّها بس ردت اخذ شور ابوي بالاول .
تساءل سليمان بأهتمام مبالغ :
-شتهيس ابوك يرضى تاخذ على حرمتك ؟
باوعله جابر بنفاذ صبر :
-شسالفة يخوي چم نوبة اكلك الشيخ نطاني چلمة يخطبلي الاريدها بيوم من الايام
سليمان : الله يقدم الي بي الخير يخوي انه شرايد غير سعادتك
ضيق عيونه جابر و بلهجة ممازحة صاح :
-من هيج رحت فتنت عليه يالاغم و سودنت الفرخة عليه
تجهمت ملامح سليمان بزعل :
-خلف الله عليك ، طلعت انه المسودنها عليك ، لجن من اليوم مالي شغل بيك شوفلك دبرة وحدك
كام متوجه للثلاجة يتظاهر بالزعل
ضحك جابر و صاح : ولك تعال وين رايح
سليمان : ما رايح ضالّ مشلغم على گلبك ، وين أبر الانسولين ؟
جابر : بالرف الجوه ، تريد اجي اضربك ؟
سليمان :- و انه شمالني ماعرف اضرب روحي ؟
-زعلك ثجيل يبن داوود
-شنسوي اخذنا رس من اهل بغداد گام و غمزله بمكر .
رشكه جابر بالمخده و جان يعرف شيقصد ..
مرت الايام بطيئة و كئيبة من دونها تجرع مرارتها جابر و حسّ بندم چبير چيف فضل انانيته بحبها على صدقه وياها بأول ايام رجح غيابها يعود لحالتها النفسية فهو متعود على طبعها من تحزن تلجأ للهروب لكن عادة ما تاخذلها يومين بالزعلة و هسه صارلها اسبوعين غايبة حتى ان القسم علّكوا انذار نهائي بسبب تغيبها و لو غابت اكثر ممكن تتعرض للفصل من الجامعة و هاي اخر سنة الها مستحيل تضحي بيها ، گلبه لچمة و حسّ اكو شي غلط بس شلون يوصللها ، دخل بدوامة سيم و جيم و ماعنده حل غير انه ينشد صاحبتها و جارتها ليلى ..
بس شلون راح ينشد ليلى و هو ما يريد تجيها چلمة مو زينة ؟
و راح يبرر لنفسه ، ليلى مو اي انسانه هاي صاحبة عمرها و اختها الثالثة بعد سعاد .
تمشى بخطوات مرتبكة لقسمها و انتظر على صفحة بلكن يشوف ليلى من تطلع من محاضرتها و حمد الله ما خاب مسعاه تهللّت اساريره من لمح ليلى و هي طالعه من قسمها و شافته و توجهت عليه مباشرة ..
راح يفكر ، هي ليش اجتي بأتجاهه معقوله ليلى تدري بعلاقتهم ؟
قاطع شروده صوتها :
ليلى: شلونك جابر ؟
حك خشمه محرج و رد :
-هلا خيتي ، انت شلونج ان شاء الله زينة
ليلى :- اني زينة بس وداد موزينة يا جابر
باوعلها بفزع و دگات گلبه تقرأ الف :
-شبيها ، شني مريضة يوجعها شي ؟
هزت راسها بأسف و دنگت طلعت مظروف ابيض من جنطتها الروغان السودة و ناوشته اله
ليلى :- هاي الامانة من وداد و من بعدها لا تحاول توصل الها بأي طريقة يا جابر .
عقج جبينه مستغرب ، صاح بلهجة قاسية :
-شنهي بكيفج امشي انه ، شني تكليلي لا توصللها
ليلى :- هي وصتني اكولك هيج ، اني انطيتك الامانة و صار لازم اروح .
مشت مسافة و ردت التفتت مثل الرادت تكول شي و تراجعت رجعت كملت طريقها و خلته ما يعرف راسه من رجليه
مشى و عيونه على الرسالة البين ايديه الجاي ترجف ، ضمها بجيب بنطرونه و تمشى لقسمه ، بقى طول اليوم شارد الذهن ، مغيب عن الواقع حتى انه واحد من الاساتذه نبهه اكثر من مرة على صفناته المتواتره .
انتهى الدوام و ألتقى بسليمان حتى يرجعون للبيت ، لكن سليمان حسّ بي مو طبيعي راح يسأله عن حاله الي نقلب فجأة :
-شمالك وجهك چنه ليمونه و لشتك ترجف شنهي مريض
جابر : وداد
انعفست ملامح سليمان و چن حسّ اكو شيء موزين :
-شبيها هنوب ؟
-دازتلي مكتوب بيد ليلى و موصيتها كون ما اندك بيها بعد .
-والله يكون أَحسن
صرخ جابر ناسي نفسه بالسيارة : شنهي قضيتك انتَ ؟
اشو عاجبك اتمرمر ؟
سليمان و عيونه تتفحص عيون العبرية الي توجهت عليهم :
-يواشك يخوي ، هدي روحك نوصل للقسم و نسولف هناك .
مسح وجهه جابر بنفاذ صبر :
-استغفر الله العلي العظيم و أَتوب اليه
نزلوا من المصلحة الحمرة ام الطابقين و جابر من عصبيته ما يشوف گدامه زلك و اجه يطيح لولا ان سليمان سنده ، همس بخفوت :
– بس اهدأ ، خنوصل سلامات
جابر : شني شايفني جاي اشكك بهدومي
-لا بس ابوي الذب زروك كبل شويه
كتم ضحكته جابر بينما سليمان فجرها مكدر يسكت و ضل كل شويه يذكره
فاتو لغرفتهم ، لكح جابر اللفكس مالته بالكاع و كعد على حافه الچربايه يجاهد حتى يتنفس
وكف سليمان گباله متخصر و يتنوعله بقلق ، همس:
-ما راح تقره المكتوب مالتها ؟
جابر :- خايف اقراه الصراحة ، اهييس نار بظلوعي يسليمان
-فجه خنشوف لا تستعجل الاحداث
-يا برودك يخي
جلس سليمان بجواره و حاوط كتفه :
-مجبور اصيرن بارد ، جا انت بارود ما تنكحم و انه بارود ياهي اليطفينه
باوعله جابر بعطف و ابتسم بخفة .
اومأله سليمان بعيونه و كأنه يشجعه حتى يفتح المظروف و يقراه
تنهد جابر بحيرة ، غمض عيونه لثواني و جر المكتوب فتحه و بلش يقراه ..
جان سليمان يراقبه بقلق و لاحظ انتفاخ عروق جبينه و عصرة الورقة بين ايديه الي راح ينفجرن همس والقلق يعتصر قلبه:
-شمالك راح تنفجر ، ما تحجه ؟ شكاتبتلك ؟
باوعله بعيون دامعة و همس بصوت مكتوم :- تريد اعوفنها
تهللّت اسارير سليمان و انزاح عبء من گلبه فهو ياما جان يحثه على ترك هاي العلاقه المو منطقية
ضرب الرسالة بالارض و صار يصرخ بأنهيار :-
-لا هاي تسودنت فردنوب ، تريدني اروحن انهبها هسه
سليمان :- شمالك يخوي اهدء ، شني الخلقها ما خلق غيرها
جحظن عيون جابر نسى نفسه و جلب بخوانيكه و حجه:
-شلي بغيرها هاا ؟ شلي بغيرها و روحي تعلگت بيها
حرر نفسه سليمان و زمخ :- ماتريدك چا هي گوه
جابر :- انت شمالك هالايام توزني عليها لو شتريد ؟
سليمان :- رايد مصلحتك من اول هيل گتلك عوفها انت رجال صاحب بيت و عيال شلك بهالدرب الاعوج بعدين هاي اخوها حزبي معروف والله بالله اذا عرف لا يطكك بفشكة موت
باوعله جابر و همس بتوسل : لعد امشينا نرد للديرة و نحاجي ابوك يخطبها الي
سليمان بتلعثم :- ابوي ؟
جابر :- چاهو هم حزبي چبير واكيد بينهم معارف بروح اهلك امشينا
سليمان :- هذا شلون حجي جابر هاي عود انت الچبير الفاهم شني هو لعب چعاب جا غير تكل لابوك و تجيس مايه شلون ؟
كعد منهك على طرف جربايته واضع راسه بين جفوف ايديه ، صدرة يتنفس بسرعة و يجاهد حتى يسيطر على رعشة ايده
سليمان :- امشينا نرد للديرة و نشوفلنه دبره و ان شاء الله خير البنية اذا قسمتك ما تصير لغيرك ، بس ما گلتلي هي شكاتبه ؟
جابر : اخوها شايف رسائلنه و مجسرها تچسر و مبطلها من الدوام و تريدني اعوفنها و ما احاول اوصللها
شال راسه يباوع لصاحبه بضياع و تابع بسؤال:
– شمعنى انلاصت السالفه هسه و بهذا التوقيت ، شمعنى اخوها لكف رسائلنه هسه من ردت اجيب ابوي و عمامي و اخطبها
مسح وجهه سليمان بقلق و همس :
-انت ادعي كون ما يندلك بس لان اذا عرف انت منو و اخو من ما اظن السالفه تمر على خير و ان جنت متردد قبل شوية للديرة لا هسه متأكد لان الوضع صار ما يطمن يخوي .
احدى المحافظات الجنوبية /
جان مجلس الشيخ يعكوب يعج بالناس ، اكو طلابة بين عشرتين تعنوله لحتى يفرض بالعدل بينهم على يسرته جان كاعد الحاج داوود ابو سلمان و على يمنته المچان فارغ من يوم استشهد صاحب المجان ، ابنه ناصرالي استشهد بآواخر حرب ايران ، شاءت الاقدار بأن يروح على وكت ، ناصر كان مشروع عريس لولا تلك الحرب اللعينة الي خطفت شبابنا بريعان عمرهم
من يومها و لمعة عيونه اختفت و الحياة ما هونها عليه الا حنية جابر و مراعاته اله.
قاطع شروده صوت داوود صاحبة و رفيج عمره :
-شمالك يخوي صار ساعة اندهلك الوادم ناطرة الفراضة
اومأ براسه و تبسم خفيف و أستهّل الكلام بالصلاة على محمد و ال محمد ، و تعالت الاصوات من بعده بالصلاة المحمدية .
و بدأ يسولف و يحل الطلابه القاصدينه بيها و تمت الامور على خير و بأقل الخسائر، هاي مو اول نوبه يقصدونه بأمر متعسّر و يحله بالتراضي فهو ياما حل قضايا و طلايب عجزت الشيوخ و الوجهاء و حتى القانون عن حلها ، و من هذا المنطلق صار شيخ فريضه ، رأيه مسموع و كلمته تمشي مثل سيف على الرُكبه .
احد الرجال الجالسين و الي جان لام اله مجموعة من المرتزقة و منصب روحه شيخ عليهم جان ند لشيخ يعكوب يظهر اله الصداقة و يضمر اله العداوة و ياما حاول يسقطه بأعتبارة ضليع بالحزب لكن ما لكاله ثغره .
و نظراته الخبيثة بأتجاه يعكوب تفسر مدى كراهيته لكن هيهات بوجود اشجع الشجعان بجانبه الحاج داوود
المعروف بوجاهته و ثراءه و مكانته في الدوله ، كان الحصن المنيع و السند الي يتچى عليه يعكوب قبل اي عثره بطريقه .
بعدما نحلت طلابتهم بالتراضي ، جاء الكهوجي و بيده الدلة و الفنجان و بدأ يوزع الكهوة على الجالسين و وصل لشيخ وضاح و هنا فرغت الدلة من كهوتها ..
باوعله وضاح بعيون يتطاير منها الخُبث ، تراجع الكهوجي خطوة الى الخلف و هز الفنجان ثلاث مرات و صاح :
-يالضيف حگگ بالفاير مو بالبايت
تنهد وضاح و صاح :
-النقص مو بيك بالدلـه
الكهوجي : الدلـه صغيرة و شانك عال
غادر الكهوجي المكان بعدما انطاه يعكوب ايماءه ايجابيه
و هنا صاح احد المهاويل بأهزوجة تمجيداً بالشيخ يعكوب:
-انت الساويت الروس بسيفك .. مثل مساواة الميزان
و كالعادة الحاج داوود ما يگدر يكض لسانه و يبسمر ذاك الكاعد و يتحسر على المشيخة ، صاح :
– چثيرة شيوخ شاخت بالعگل و القوط
حسباله يضبطها و هي بيده تروط
طلع من فوگ سمسم و الحدر مخلوط
و هااا هااا ..
الزين الشايل حمل ابن العم **موش يدور بالزلات
انعفس وجه وضاح و ماعاد يندل حلگه وين ، ابتسم يعگوب بتكلف فاهم كلي الي جاي يصير ..
بدأت الناس تسلم عالشيخ و تروح لبيوتها و الزحمة بالمضيف بدت تقل و ما حسو الا بدخلت ولدهم عليهم
تهللت اساريرهم و فتحوا احضانهم لاستقبال فلذات اكبادهم ..
جلسوا الاربعة يتبادلون الاخبار ما بين بغداد و الديرة
و هنا يعكوب حسّ على ابنه موش على بعضه و وجهه ملبوك .
استأذن داوود و اخذ سليمان و مشى لدارهم و بقى جابر يحوس يريد يفتح موضوعه ويه ابوه ما يعرف شلون
يعكوب :- شمالك يجويبر من جيت لهسه تحوص ، اكو حجي بحلجك كول خن افهم شبيك ..
باوعله جابر و بلا مقدمات خش بصلب الموضوع :
-شيخي و تاج راسي تذكر قبل سنين وعدك اليه ؟
عقج جبينه الشيخ و عرف المقصود همهم بخفوت :
-اذكر
جابر :- بويه انه رايد اتزوج
ضيق عيونه عليه و حك لحيته مثل الي يفكر بشي :
يعكوب : عشكان ي جابر ؟
-انه عشكان و انت كلت العشگ موش عيب العشك للشجعان دام انه عشك شريف و انه رايدها بشرف
– كفو يا وليدي بس ..
-بس شنو بويه ؟
– مريتك خوش مرية و شانها بين النسوان معروف ما تشوف بعملتك هاي راح تظلمها ؟
-اظلمها ؟ .. مرة ما تاكل مرة يا بوي و بعدين الشرع حلل اربعه و انه رايد اتزوج بالشرع ، مريتي شانها عالي و ما ظن الشرجة تنكص من قدرها
-و ولدك ؟ بالاخص غَيث انت تدري شكد يحب امه و تدرب بحالته شلونها راح يتحمل الي راح تسويه ؟
-غيث شغلته يمي انه افهمه
-التحجه عنه غيث مو غياث انتبه الدكتور شكالك ذيج النوبه اي ضغط و قهر ما زين عليه
دنك راسه جابر بيأس و كأن الظروف كلها تضافرت ضده ..
طبطب على كتفه ابوه و همس :
– لا تدنج راسك وليدي كل شي و اله حل و انه مازلت عد وعدي عندك بس ردتك تفكر قبل لا تخطي اي خطوة حياتك هسه مو مثل حياتك من جنت 18 سنة
باوع لابوه بقلة حيلة و بداخله مجيمه نار و لسان ضميره يستنجد بابوه بصوت اخرس ( مو انت الي ورطتني بهاي الزيجة، خلصني منها )
مشت الايام و ما كدر يفتح الموضوع بعد لاسيما ومريته مريضة و وليده كذلك احتار ما بينهم حتى ما جاي يقره امتحاناته ، گلبه يم وداد و عقله يم عائلته مضيع نفسه و مجاي يلكه دبره حتى سليمان الي جان يهون عليه اختفى و اذا جان موجود فبس يلوم بي و يحاول يبعده عنها الى ان اجه اليوم الي تفاجأ بي بخبر طش بالديرة ابن الحاج داوود يريد يخطب ..
تفاجأ هنا ، منو منهم حمدان ، لا حمدان متزوج معقولة سليمان ؟
حمل نفسه و راح يتمشى لدار سليمان ، دخل للديوانية مالتهم و راح ابو فخري يكعده من النوم..
هز ايده جابر بسخرية و صاح :
-نايم يا شليف الصوف نايم و البعوره تحوف
ابتسم ابو فخري و همس :
– ولك جويبر لا تظلمه الولد الليل كله متخربط جته نوبة سكر جا چتلته لولا ربك ستر
رجف گلبه جابر من سمع بصاحبه متخربط تساءل بقلق واضح :
-ليش شصاير قبل يومين عفته چنه العافية شماله ؟ احد حاجاه لو ضيج خلگه
ابو فخري :- علمي علمك يوليدي تانيني هنا اروحن اكعده
بقى جابر ينتظر بقلق و يفكر بحالة صاحبه و بسالفة الزيجة الطلعت فجأة ، و راح عقلة يفكر هو شلون يتزوج و بي سكر من الدرجة الاولى و ياهي اليمشي عليها ابوه اهلها يتعذرون عبنه عليل ..
معقوله سليمان عشگ و انه مادري ؟
معلوم اذا اني طايحله بطلايبي فوكه فوكه ما نطيته فكه يسولف شبي ..
قاطع صفنته دخول سليمان بجسمه المهدول من المرض و وجهه الشاحب ، سلم على صاحبه و تحاضن وياه
جابر : الحمدلله عالسلامه يخوي ، شمالك شتهييس ؟
-السكر ارتفع فجأة و طحت بعد مندليت دربي وين ، الدكتور كال ربك ستر چا متت ..
ضرب كتفه جابر و تضاحك بسخرية :
-العار ما يموت !
دنگ راسه بحزن و همس :
-جني هيج
عكد جبينه جابر و صاح :
-حشاك ، جاي اتمازح وياك ، شمالك اهيس وراك سالفه غير المرض
باوعله سليمان بقلق و لاحت بعيونه دَمعة استحت ما طاحت:
-سالفة ؟ سالفتيش بعدين تعال كلي يالمهمود شني هاي سالفة زواجك صدك يو تشاقه ؟
تهرب سليمان بنظراته مُحرج ، كف دشداشته و كعد و دعا صاحبه يجاوره
اطال النظر بعيونه و همس :
-الي سمعته صدك ، انه راح اعرس يجابر
– بالمبارك يخوي بس هاي وحده وياك ، ناكل بنفس الماعون و ننام على نفس الفرش و نتقاسم كلشي و بخلت عليه بسرك ..
سليمان :- و حك خوتنا يا جابر غصب عني اخوك صابه العشگ و اول مرة گلبه يدك
ضيق عيونه جابر و صاح :
-هجم بيت العشگ الدوهن گلوبنا الرچيچة ، منين هاي المزيونة سولف اكيد من الديرة ..
قاطع سليمان :
-من بغداد
جابر : هاااع كول والله
-شني شمالك استغربت
-لا بس تفاجأت ، تداوم وياك البنية ؟
-تقريباً ، هسه عيفنا من هاي السيرة بشرني شلون صار ابنك ما تحسن على دكتور بغداد
جابر : لا والله ما تحسن ، عصبيته زادت و صار يكسر و يضرب شكو واحد يصير جدامه انه ماعرف اخوه شلون حامله
-انتَ كلتها اخوه ، شلون ما اشوفن غياث يصير زلمة حوك و يشيل اخوه و يسنده
-ان شاء الله ، هسه شوكت العزم ان شاء الله و نروح نمشيلك عالبنية ؟
-اسبوع الجاي
-خرب شرفك سليمان جا مالكيت الا اسبوع الجاي من اروحن اودي ابني
سليمان : هااه .. وين راح تودي ؟
طبيب بالعمارة يمدحون بي جثير
-خير ان شاء الله
جابر :- خير .. خير دام اطمنت عليك اروحن وراي شغل يامه
نهض جابر و مدَّ ذراعه يساعد سليمان على النهوض
تسالموا بيناتهم و توكل جابر بأتجاه الباب ، استوقفه صوت سليمان و هو يصيحه :
-جابر
دار عليه جابر بوجهه العطوف و صاح :
-خير خويه ؟
تكلم سليمان بصوت مخنوك :
-تدري اعزك شكثر يجابر ؟
شال خشمه جابر و صاح بتفاخر :
-ادري .. ادري جا بس الماعنده گلب يكرهني
هز راسه سليمان و همس :
-صدكت يخوي ، انته حتى الكاع التمشي عليها تحبك و اريدك تسامحني خافن ضوجتك بيوم و كدرت خاطرك
رجعله جابر و وكف گباله مد ايده يتلمس جبينه كل ظنه مصخن و يهلوس ، لكنه لا مريض و لا يهلوس
جر ذراعه و حجى بنبرة جدية :
جابر :- خوتنه خوه موت ما تخربها المعثرات
لمعت عيون سليمان و جابسهن بأبتسامة ..
ودعه و راح لبيته و ضل سليمان ياكل بروحه بس هي الگلوب ما عليها سلطة
لهناك و جت ربحه الحديثة التشتغل عدهم فاتت تتلفت مثل البايكله بوكه و شايله بأيدها مكتوب ، سلمته بيد سليمان الي چان ناطرها من الصباحيات ..
حطت ايدها بصف حلكها و حجت بخفوت :
– البدوية تكول الي عليه سَويته وهذا اخر مكتوب بيناتنا
تصرف من يمك و انه اتصرف من يمي بعد .
اتناوش المكتوب منها و لزمها من طرف جتفها يشاورها :
-اذا طلعت چلمة من التعرفينه يا ربحه احسبي الله ما خلقج و اسولف لابوج عن سوايتج الغمه
بچت و حجت بنبرة توسل :
-وحك هو الكفل زينب ما احجي بس لا تگرش عليه جدام ابوي
دفعها و صاح : ولي منا و لا تراويني ركعة ويهج ..
بعد ايام التهى جابر بمرض ابنه المجاي يعرفون علّته وين ناس تگله حالة نفسية و ناس تگله عقله بي شي و ناس تكله ممسوس و يرادله سيد فلان يرقيه و كانت عالية زوجته تأجج و تضخم من حدة القلق و حجم المشكلة حس روحه داخل فقاعة كبيرة من الضياع و صدره خالٍ من اي شيء عداها هي …
كان يسرق بعض الدقائق من يومه يفكر بيها يا ترى بعد شلونها هسه ، تمنى بهاي اللحظة لو اكو قانون يلغي العطل بالجامعات حتى يداوم كل يوم و يكحل عيونها بشوفته ..
بهاي الاثناء فاجئته عالية بخبر حملها ، هنا و كأن نزلت عليه صاعقة ، شهاب من السماء و أَحرق روحه و راح يتذكر الساعة الي غوته و خلّته يتقرب منها و بما انها ضليعة بطب العرب و النسوان يتعالجن يمها تعرف شلون تخلي رحمها نشط ..
لعن نفسه و لحظة الضعف و الاستسلام امام سُبلها الاغوائية منقطعة النظير .
كانت عالية امرأة جميلة بملامحها البدوية و شعرها الطويل و سمارها الفاتن و تمتلك قدرة فريدة على تحضير
مختلف الادوية العُشبيه لهذا يقصدها القاصي والداني من الديرة ، حتى اصبحت من ذوات الشأن العالي و المقربة من زوجات الشيوخ و وجهاء الديرة .
الا ابنها فكل مساعيها و جهودها بائت بالفشل و عجزت تفهم حالته ، و اليوم و بعد شوط طويل من المعاناة و الفرة على اطباء بغداد و البصرة و العمارة حظوا بدكتور استشاري شاطر و فهمهم حالة ابنهم و هو ( مرض الاضطراب العصبي ) لكنه مو مجنون و من السهل السيطرة عليه
اذا ما تعرض لضغوط و مشاكل و كثرة الاطفال حواليه
وصفلهم عقاقير معينه لتهدئة حالة الهيجان الي تجيه ..
ضربتين على الراس توجع ، حمل نفسه جابر و رد للديرة
ضايع ما يعرف يتلگاها منين و اذا بهِ يتفاجئ بخبر زواج صديق عمره بعد يومين ..
وراح يتسائل عن سبب العجلة و فهمه ابوه الشيخ هذهِ جانت رغبة اخوها ، ما يريد فترة خطوبة و جرجرة و مواعيد لاسيما و هم ثنينهم يداومون بنفس المكان ..
استوقفته كلمة اخوها و جملة يداومون بنفس المكان ، و راح قلبه يطرد جوه صدره و هاجمته بعض الشكوك لكنه طردهن فوراً و حسّ باللؤم من مجرد التفكير ..
لكن ما صدمه لاحقاً هو التفاصيل الاخرى و الي أَكدت كل شكوكه من سولفله ابوه الشيخ على الخطبه و على اهل العروس و اخوها الفض و الي منتمي للحزب و عقليته القافلة و الشروط الي خلاها على سلمان و كأنه ديبيع اله سلعه ..
شوية شوية بدأت تتوضح عنده معالم الغَدر و حقارة الموقف و بشاعة المشاعر ..
و دخل بنوبة هلع كادت ان تنهي حياته لولا اسرعوا اخوانه و حملوه لاقرب مستشفى لتلقي علاجه ..
الشيخ كاد يفقد عقله لمن كاله الدكتور ابنك مصاب بذبحة صدرية مستقرة ..
يعاين لابنه الي سقط فجأة امامه و هو عاجز ان يفهم علّته وين ؟
جلس يتاني على نار لحدما صحى ابنه و بعيونه لاحت دمعة ..
يعكوب : جابر يبويه ، بيه و لا بيك وليدي شمالك يماي العين ؟
مد ايده جابر و زاح قناع الاوكسجين من حلگه و همس :
-البنية المشيت عليها بويه اسمها وداد و اخوها سلام ؟
تفاجأ يعگوب بسؤال ابنه اله ، اجاب بسرعة :
-ايه ، بس شنو العلاقه وليدي علامك تسأل عنهم
انتحب جابر و صاح بصوت مجروح
-چتلتني يا بويه … چتلتني مرتين .
بعد مرور يومين :
طلعت السيارات من بيت ابو سليمان و العمام و الخوال تجمهروا متوجهين لبغداد و الفشك لونت السما باللون الاحمر تصاعد دُخانها تزامناً مع سوء الطقس انذاك كان يوم مترب كئيب و كأنه يُنبئ بنذير شؤم
مرت السيارات من امام بابهم و عيون الحاج داوود تتنقل بخجل ممزوج بالغضب مابين بيت الشيخ مرة و مابين ابنه الجالس بصفه مرة أَخرى .
و كأن القدر زَجه بهِ بين نارين و خيرهُ فيما بين أَعز رجلين الاول صديق عمره و الثاني فلذة فؤاده ..
كان الخيار اشبه بحكم الموت البطيء لكن ماذا عساه ان يفعل هل يختار رضا رفيقهُ على تعاسة ولده العليل ..
” لم تنتهي الحياة بغدر صديقي
ولا بتتويجِ أميرتي لرجلاً غيري
ولا باعتلال نبضي الذي يتباطأ كالموت في أيسر صدري
لم تنتهي الحياة عندهم، ستستمر، وسيستمرون في خداعنا
وسنستمر بحزننا حتى تتقطع أوصالنا إلى قطع صغيرة غير مرئية لهم، لكن صوت وقعها مدوٍ، ويمزقنا كمخالب كابوس يفتك بنا”
جانت هذهِ آخر كلمات كتبها جابر بمفكرته اليومية قبل لا تاخذه المنية بنفس الليلة الي تزوجت بيها وداد من سليمان
المفكرة الي وجدها ابنه الي يتسلل كل يوم ليلاً بحثاً عن كتاب ما يسد فضوله و حبه للادب .
بصرف النظر عن وقع الكارثة لما وجد ابوه ميت على دفتر يومياته بجانب ضوء الشمعة الي بدأت تتضائل كُلياً حتى انطفئت تماماً كاحلامه لكنه تصرف بشجاعة و حنكة و اخفى المذكرات بعيداً عن عائلته ، هذه المذكرات الي تحمل كل حياة ابوه منذ الصغر ، احلامه ، تطلعاته ، افكاره الجنونية مراهقته و فتيات احلامه و حتى خيباته .
رجع بذاكرته على صوتها وهي تصرخ :
ود :- تذكرت موو ، معلوم هو هيج شيء ينسي ؟
نزلن دموعه و الشلل أَصاب لسانه وقف عاجز امام كل ادعاءاتها و انهيارها
تروح و تجي و تحجي بنبرة مهزوزة و اوصالها ترجف :
-تذكرت مو؟ من سَلطت سلاحك الرشاش عليها و رميتها بنص گلبها ، و كأن مكفاك رصاصة وحدة رحت تتأكد من موتها برصاصة ثانية ..
وكفت امامـه و وجهه غده خريطة اختلطت دموعها ويا سوائل أنفها :
ودّ : معقولة كل هاي الاشهر ما تذكرتني؟
عيوني ، شعري ، حتى حذائي الاحمر اني .. اني عشت كل هالسنين من خلالها ، ولا مرة نسيت شكلها من وكعت على الكاع سابحة بدمها و لامرة نسيت ذكرى الخوف و الرهبة من تدررت جواية و خفت .. اي خُفت يتسرسح المي من جوه القنفة و تشوفني و تكتلني اني هم .
و تسترت عليك .. ماحجيت الصار و ماشيت ابوي و جدك و امك بالجذبة الجذبتوها ، قتل غير متعمد !
وعشت .. عشت كل هالسنين اتستر عنك تدري ليش ؟
ابتسم بمرارة بخضم دموعه و بعبرة صاح :
غياث :- ليش ؟
اقتربت منه و حطت عيونها بداخل عيونه و همست من بين دموعها :
-لان ثار ( امي ) اني اخذه ، و لان كل الي اعرفهم شاركوا بقتلها ، خيركم خر****
باوعلها بنظره طويله ، اندار للرف بخطوات مرهقة و طلع من وراه حربة منظرها يرعب ، اقترب منها و حطها بأيدها ورصها حيل ، همس و عيونه تتفحص النار الي بعيونها :
غياث : أچتليني ودَّ ،
احسنلج لان اذا ما سويتيها انه أچتلج
اتسعت عيونها متفاجئة ..
غياث : لا تعاينين هيج ، الي ينتهك حرمة الاوطان جزاءه الموت و انتِ انتهكتي حرمة گلبي ، عدمتيني و لا تتصورين اخليج عايشة فأچتليني احسنلج !
نزلت عيونها للحربة الي خلاها بأيده و لچف ايده الي عاصر ايديها بقوة .
دموعها تهل على خدها و عيونه تتنقل بكل مكان بوجهها
صرخ بصوت جفلها :
-أچتليني ..
بلا تردد منها جرت الحربة بقوة من ايده و نبتتها بجسمه ……
و اني خليتهم و اجيت
الفصل التالي اضغط هنا
يتبع.. (رواية ساقي الود) اضغط على اسم الرواية لتجد الفهرس كاملاً بجميع الفصول.