رواية جرح فتى الفصل السادس 6 – بقلم ولاء عمر

رواية جرح فتى – الفصل السادس

ــ بقالك خمساتشر سنة ساكت ؟

ــ ولو كنت اتكلمت كان إيه اللي هيحصل؟ إيه هيتغير؟ ولا حاجة هيتغير منها مللي غير إني كنت هتكره أكتر.

دخل أخوي الكبير على صوتنا من برا :
ــ في إيه ومال صوتكم واصل لآخر الدنيا كدا ليه؟

ردت عليه أمي وهي بتبص لي وبتأكلني بعنيها:
ــ أخوك البيه طلع مختفي عشان مشتري شقة من ورانا وعايش وشغال بعيد، لاه وإيه كمان عايزنا نروح معاه يتقدم لواحدة من هناك! كان بيستخسر يبعت القرش للبيت اللي أولى من كله .

ــ أنا يا أمي كنت بستخسر؟ دا أنا ببعت وبأبديكم عليا، مستكترين عليا إني فكرت في نفسي؟؟ مستكترين عليا إني بقي ليا مكان؟

رد أخوي وقال:
ــ حقا إحنا نتلقح هنا وأنت تروح تقعد في البندر؛ ومين بقى اللي هيروح معاك؟

قولت بقهر:
ــ المفروض يعني أول قعدة تبقى قعدة رجالة، يعني أنت يا أخوي الكبير وسندي وأبوك وعمك الكبير.

رد ببرود:
ــ ولو مروحناش؟ هنصغرك صح؟

ــ وليه تعمل معاي كدا؟ أنت مشوفتش مني وحش!

ــ وأنت تسيب البلد هنا وتروح تعيش في إسكندرية وإحنا نتمرمط هنا في الأرض ونشيل الطين؟

ــ يا أخي ما أنا بقالي سنين أنا اللي واخد باللي من الأرض دي، أنا اللي بزرع وأسقي وأحصد وأنت وأخوك مسافرين وقاعدين بشوات.

ــ ما أنت طول عمرك في الأرض!

ــ ناقص أروح أدفن نفسي فيها، خلوا إنتو بقى بالكم وأنا يا سيدي هنزل في الأوقات اللي هيكون فيها شغل وحصاد، بس حرام عليك تستكتر عليا إني استقر وأنت ربنا أنعم عليك وإستقريت وإتجوزت وقربت تكون أب.

ــ مهروحش معاك واللي عايزه إعمله.

زودها فرديت عليه بنفس طريقته:
ــ هعمل اللي عايزة فعلاً… المركب اللي تودي الدنيا مش هتقف عليك، أنا هعرف أتصرف، وأنا غلطان إني جيت لكم أصلاً، فكرت إنكم ممكن تفرحوا لي، بس طلعت عبيط ومغفل.

طلعت وروحت لعمي الكبير اللي كان قاعد في أرضه بيرعاها.
ــ كيف يا علي يا ولدي؟ ومالك وشك مخطوف كده ليه؟

قعدت جنبه على الأرض وحكيت ليه كل حاجة من أول قعدتي مع عم زيدان لحد خناقتي مع أمي وأخوي.

ــ جدع يا علي إنك عرفت تفكر وعايز تبني لنفسك حياة بعيد عنهم، كنت هتعيش عمرك كله شقيان وتعبان وياريتهم حتى شاكرين.

ــ محدش منهم يا عمي عايز ييجي معاي، مستكترين عليا أشوف حياتي !

طبطب عليّ وهو بيقول:
ــ محلولة بإذن الله ومن الصبح هنروح أنا وأنت وأبوك ومرت عمك ونأخد كمان واجب ومعتبر.

ــ وهتيجب أبوي وتخليه ييجي إزاي ؟

ــ دي بتاعتي أنا بقى سيبها عليّ.

روحت البيت وأنا مختصرهم وساكت ومش راضي أرد على أي كلمة بتتلقح منهم.

تاني يوم على الساعة ستة الصبح كنت طالع من البيت وماشي.

ــ أنت رايح على فين؟

ــ ماشي، مسافر يا أمي أنا كده كده وجودي تقيل عليكم هنا.

ـــ هتعمل اللي في دماغك؟

ــ أنا كده كده مش فارق معاكم في حاجة، فأعمل اللي في دماغي ولا ما أعملوش مش هتفرق، لو هيأثر عليكم غيابي وزعلي منكم في حاجة فأكيد هيكون تأثير قلة قرش بس من إيدك.

فتحت باب البيت وخرجت وأنا عامل زي اللي ماشي يجر خيبته.

إنسان ماشي بيمثل الجمود على وشه بس لو شكه دبوس ممكن ساعتها يقلب عيل ويرمي كل أفكار ومعتقدات المجتمع ويقعد يعيط زي العيل الصغير اللي ضاعت منه لعبته.

روحت لعمي وكان مستنيني هو ومراته ومشينا على المحطة، كنت طول الطريق ساكت.

ــ دا وش عريس ده؟ يا ولدي إضحك.

ابتسمت ليها إبتسامة خفيفة وهزيت رأسي ورجعت بصيت على الطريق.

أول ما وصلنا محطة إسكندرية كان أبوي مستنينينا.
سلام بارد مني في الظاهر.
بس السلام دا ونظراتي ليه ما هي إلا حسرة.
كنت شايف وملاحظ إزاي عمي بصوت واطي عمال يقوله يبقى كويس عند الناس.

رنيت على عم زيدان وعرفته ووصلنا في المعاد اللي كنا متفقين عليه .

لا أخفيكم سراً بس متوقعتش إن عمي هيتكلف ويشيل هو الزيارة ويجيب خيرات الله معاه من البلد، قعد هو وأبوي ــ كلمة غريبة لواحد كان عايش عنده أب وفي نفس الوقت كأن معندوش.

عم زيدان استقبلنا بحفاوة وكان ناقص يشيلنا من على الأرض شيل والله، وكانوا مجهزين لينا أكل كتير علشان إحنا جايين من سفر.

قعدوا وعمي كان الطرف المتكلم لأنه هو الكبير والحمد لله الدنيا مدخلتش في بعضها وكان في اتفاقات وهي وأمها حبوا مرت عمي.

سابوا لينا مساحة نقعد بعيد فقعدنا في البلكونة.
أول كلمة قولتها ليها:
ــ مكنش ينفع أخون ثقة الراجل اللي ساعدني في الوقت اللي كنت غرقان فيه ولو مكنتش إتلحقت كان زماني ميت غرقان، علشان كدا اختفيت لحد ما استنينت الوقت المناسب وخدت الخطوة وجيب علشان علشان…

رفعت رأسها بحياء لكن فضولها تعلب عليها فسألت:
ــ علشان إيه؟

ــ علشان الكتب والروايات.

ــ الكتب والروايات ؟

ضحكت وعدلت كلامي لما حسيته مستفز وقولت الحقيقة:
ــ مكنتش هلاقي زي تربية المعلم زيدان ولا في الأدب والأخلاق وكنت هخسرك وكفاية اللي خسرته زمان.
كان القط بتاعها اللي عرفت إن اسمه سكر قاعد جنبنا والحقيقة كان قط حلو ودي المشكلة.

بعد ما خدنا قعدتنا عندهم خدتهم على الشقة وفرجتهم عليها، الشقة مساحتها مكانتش صغيرة بل بالعكس واسعة وتلات أوض حتى موقعها المنطقة حلوة.

عمي ومرت عمي سيبتهم يناموا وأنا نزلت أكمل شغل في الورشة وأبوي مشى ورجع مكان ما كان.

تاني يوم كان عمي ماشي فطلبت منه يستنى ودخلت الأوضة فتحت الدرج وطلعت منه مبلغ وطلعت له .

ــ حقك عليا إني كلفتك وجيبتك كل المسافة دي أنت ومرت عمي، دا غير إنك شايل تمن الزيارة اللي حبيتها معاك.

مديت إيدي بالمبلغ اللي في إيدي فبص ليا وقال’
ــ من الأول وأنا معتبرك زيك زي عيالي، يعني أنا لو خدتها وعملت كدا المفروض يحاسبني ؟ دخل فلوسك وإحترم نفسك يا على وإتلم .

ــ بس أنت اتكلفت كتير، خدها بالله.

ــ شيل فلوسك يا علي علشان ما اصفخكش قلم يخلي صف سنانك اللي فرحان بيه يقع..

شيلتها بعد زعيق منه ومحاولة إنه يهزقني ست آلاف مرة علشان كنت مُصر أدفع.

قبل ما يمشي و وإحنا عند المحطة شكرته وأنا الدموع محبوسة في عيني وقولت:
ــ شكراً يا عمي على وقفتك جنبي وإنك مسبتنيش زيهم .

طبطب على كتفي وهو بيقول:
ــ سيبك منهم يا علي وعيش حياتك، وبعدين إيه العبط اللي صاحي من النوم تهرتل بيه ده؟ أنت ولدي يا علي، ولدي الصغير الشهم الجدع اللي يسد ويبقى سيد الرجالة منين وفين ما يكون.

قولت بنبرة شايلة حزن الدنيا جواها:
ــ كسروني قوي يا عمي، كسروني لدرجة وجعتني وخلتني أحسن بالعجز وإن يا خسارة عمري اللي ضاع في تعب عشانهم:
ـــ مستكترين عليا أعيش.

ــ ربنا يعوضك خير يا ولدي، وبعدين لو هما سابوك فباقي العيلة معاك، إحنا عزوة ما احناش قليلين، وإحنا هنقف معاك حتى لو هما فضلوا راكبين دماغهم ولا تعبرهم.

حتى لو وقف في ضهرك العالم وكسرك ضهرك فهما كدا بيحموا فوق وكتير.

بعد ما سلمت عليهم رجعت تاني للورشة وقعدت بعد ما خلصت اذاكر في البلكونة.

ــ بس بس.

رفعت عيني.. كانت هي فابتسمت، مدت لي صينية عليها كوباية شاي بلبن وكيكة وقالت:
ــ أنت في سنة مهمة لازم تهتم بأكل ومذاكرتك علشان ترفع رأسي وتبقى مهندس قد الدنيا.

متنسوش اتفاعلوا وتقولوا رأيكم 👈🏻👉🏻
لو وصلت لهنا متنساش تعمل/ي فولوا هنا ولاء عمر

 

الفصل التالي اضغط هنا

يتبع.. (رواية جرح فتى) اضغط على اسم الرواية لتجد الفهرس كاملاً بجميع الفصول.

أضف تعليق