رواية ولادة من جديد الفصل الثالث والخمسون 53
ألا يمكنني ملامستك
ابتسمت فايزة ابتسامة خفيفة وقالت: “هل يعقل أنك لا تثقين به بما يكفي؟ لا
داعي لأن أقلق من طرفي، فلماذا تشعرين أنت بكل هذا الخوف؟”
عندما رأت فايزة أن رهف لن تتراجع اضافت قائلة: “لا تقلقي. إن جراحة
جدتي ستكون قريبة جداً. انتظري بضعة أيام أخرى، وستحصلين على ما
تريدين طالما نجحت الجراحة، سأغادر ولن أعود خلال خمس سنوات.”
عندما سمعت رهف هذه الكلمات، بدأت تهدأ تدريجياً إنها على حق. لم يتبق سوى أيام قليلة، وينتهي الأمر. عندما يحين الوقت.
ستنتهي العلاقة بينها وبين حسام، ولن أكون بحاجة إلى الخوف بعد ذلك.
“حسناً، سأثق بك في الوقت الحالي آمل أن تحافظي على وعدك ”
بعد أن غادرت رهف ساد الهدوء في الغرفة خفضت فايزة عينيها، ووضعت
يدها على بطنها. لتأمل أن تسير الأمور على ما يرام يا صغيري بعد الانتهاء
من كل شيء، ستأخذك ماما إلى منزل جدي. ! لا شك أنه سيحبك.
وبالحديث عن فاروق، فقد كان اتصل بها في ذلك اليوم. إلا انه كان مشغولاً،
وكان بامكان فايزة سماع عدد من الأشخاص يتحدثون في الخلفية أثناء اتصاله
بها. لذلك، لم تخبر فاروق بعد بما حدث حيث أنه كان مشغولاً. وفي النهاية
تحدثا معاً لفترة قصيرة قبل أن ينهيا المكالمة.
كان اليوم الذي سبق جراحة فضيلة يوم أحد. قضى فايزة و حسام اليوم كله
في دار المسنين معها.
ونظراً لأن فايزة كانت قلقة من أن تشعر فضيلة بالتوتر بشأن جراحة الغد، فقد
اشترت لها العديد من الأشياء الصغيرة لتبهجها ثم حكت لفضيلة عن كل
الأشياء المثيرة للاهتمام والعملاء المضحكين الذين تقابلهم في الشركة، مما جع
السيدة الكبير تضحك من قلبها.
وأثناء تجاذبهما لأطراف الحديث وقف حسام بجانبهما وأخذ يراقبهما. كان
وجهه دون تعبير في البداية، لكن ابتسامة صغيرة للغاية سرعان ما ظهرت على
عندما سمع ضحكاتهما.
وجهه
في تلك اللحظة، شعر وكأن كل الأمور تسير على ما يرام.
وسرعان ما دخل الطبيب وتحدث عن التحضيرات الخاصة بالجراحة. ونظراً
لأن فضيلة كانت ستخضع للجراحة في اليوم التالي، اقترحت فايزة قائلة:
“لماذا لا أمضي الليلة معك يا جدتي؟ يمكنني مرافقتك إذا لم تستطيعي
النوم
“لا، لا، لا،” رفضت فضيلة اقتراح فايزة. لست طفلة صغيرة، ولا احتاج أن
يبقى أحد بجانبي. اذهبي إلى البيت وارتاحي مع حسام. يمكنكما العودة غداً.”
“ولكن …
إلا أن فضيلة رفضت فكرة فايزة بالبقاء لليلة معها في النهاية، أمسك حسام
بذراع فايزة وقال: “نظراً لأن جدتي رفضت فلنأت غداً باكراً.”
“هذا صحيح. يجب عليكما أنتما الشباب العودة إلى المنزل؛ لأن الوقت بات
متأخراً. لا تبقيا هنا، وتقلقا راحتي”
“حسناً، إذا ..” لم تملك فايزة إلا أن تمتثل ثم اقتربت من فضيلة وعانقتها.
نوماً هاننا، يا جدتي ستكون هنا من الفجر غداً”
“سأتذكر ذلك” ربتت فضيلة أنف فايزة وهي تقول: “أنت امرأة شابة.
تتذمرين أكثر مني.”
ذلك
ومع
في النهاية غادرت فايزة مع حسام في طرق عودتهما، حاولت فايزة التحدث
إليه، ولكنها امتنعت؛ لأن السائق كان هناك أيضاً. وفي الوقت نفسه، لم ينتبه
حسام رد فعلها، حيث تحدث عن الاحتياطات التي يجب اتخاذها للغد. كان
صوته عميقاً وثابتاً. وعندما سمعت فايزة كلماته، همهمت بالرد.
عندما وصلوا إلى المنزل، غادر السائق، بينما عاد الزوجان إلى غرفتهما. وفي
أثناء خلعه لبدلته، قال حسام لها: “اذهبي لتتحممي واستريحي”
حسناً.” لم ترفض فايزة والتقطت ملابسها بعد التفكير للحظة التفتت وسألت:
هناك ما كنت أود أن أسألك عنه
كان حسام قد خلع سترته وكان يفك رابطة عنقه. عندما سمع كلماتها، توقف
عما كان يفعله وحدق بها: “ماذا هنالك؟”
“هل ستحصل على الطلاق قبل جراحة جدتي أم بعدها؟”
فور أن خرجت كلماتها، شعرت فايزة بالهالة الباردة تنبعث من حسام ، ثم حدق
فيها بعين ثاقبة.
نظرت في عينيه، وشعرت برعشة تمر على ظهرها في تلك اللحظة الفاصلة
أدركت أن الوقت لم يكن مناسباً لطرح مثل هذه المسألة. ففي كل الأحوال،
كانت فضيلة على وشك الخضوع لعملية جراحية غداً، لذا فلم يكن حسام في
أفضل حالاته المزاجية.
بعد التفكير فيما قالت اعتذرت له قائلة: “أنا آسفة ما كان يجب أن أثير هذا
الموضوع. لنناقش الأمر بعد جراحة جدتي اذهب لتنل قسطاً من الراحة، يا
حسام .”
بعد أن تحدثت استدارت ومشت لكن حسام وقف في طريقها. وسألها، وهو
يحدق بنظرة وجوم: “هل أنت ملهوفة لهذه الدرجة للحصول على طلاق مني؟ ”
“كلا. كل ما في الأمر …”
“سأفعل ما تطلبينه.”
في تلك اللحظة، صدمت فايزة ونظرت إليه في صمت.
كانت عيناي حسام باردتين كالثلج، وكان صوته بارداً وهو يقول: “سوف نحصل
على الطلاق بمجرد أن تفتح دار البلدية أبوابها. وبهذا التفت وسار إلى الحمام.
تساءلت فايزة، ألم يطلب منى أن اتحمم أولاً؟
طااخ
انغلق باب الحمام بصفعة، مما أحدث ضجيجاً. ثم ساد الهدوء.
تسمرت فايزة في مكانها، وخفضت عينيها قبل أن تخرج شهادات زواجهما من
الخزنة. كانت الشهادات محفوظة بعناية وبدت كأنها جديدة تحت الضوء.
نظرت إلى المستندات، وتذكرت يوم قاما بتسجيل زواجهما. صراحة، كانت
متوترة بالفعل خلال جلسة التصوير وتجمدت تعبيرات وجهها وجسدها من
فورها، وكان المصور غير راض بعد التقاط عدة صور. وقال لها: “استرخي، يا
سيدتي. هذه صور زفاف يفترض أن تكوني سعيدة به. هيا، ابتسمي”
عندما سمعت فايزة كلماته زاد توترها كانت متيبسة مثل الصخرة، إلى أن
أمسكت بيديها يدان أخريان بشكل لا ارادي نظرت فايزة إلى حسام وحاولت
تخليص يديها من قبضته.
“لماذا تشعرين بالتوتر؟ ألا يمكنني ملامستك؟” كان يبتسم وهو يتحدث، وقام
بتشبيك أصابعه مع أصابعها.
بينما كانت فايزة تشعر بتشابك أيديهما اندهشت من دفئه الذي سرى إليها. ثم
سمعته يقول للمصور : اعتذر، ولكن زوجتي خجولة بعض الشيء.”
في تلك اللحظة احمر وجه فايزة، وفكرت لم يتم الانتهاء من صور زفافنا بعد،
لكنه أخذ بالفعل يناديني زوجته.
وبينما كانت تفكر في الأمر، اقترب حسام منها فجأة، حتى شعرت بأنفاسه
الساخنة تلامس أذنها.
“لا تقلقي. فقط نفذي ما يطلبه المصور منك. إذا قال لك أن تنظري إلى الكاميرا
وتبتسمي فافعلي كما يقول. وإلا لن ننتهي من جلسة التصوير هذه، إن
استمريت في التوتر.” ثم لاحظ شحمة أذنها، والتي تحول لونها إلى الوردي
خجلاً. في تلك اللحظة غمرت الشهوة عينيه فعض شحمة أذنها في رفق دون
أن يفكر كثيراً. وسألها في غموض : “هل سمعتيني يا بياض الثلج؟”
رواية ولادة من جديد الفصل الرابع والخمسون 54
الحصول على الطلاق
إن تمكنت فايزة من تجنب استرجاع الأيام الخوالي، فإن أيامها ستمر مثل
الغيبوبة.
إلا أن هذا لن يؤدي إلا إلى زيادة الألم عندما تعود الذكريات لتغمرها.
إن المودة التي كان يبديها لها بشكل عابر في الماضي، كانت قد تحول إلى
سكاكين تقطع بها جلدها حالياً.
ارتكنت إلى الخزنة، وأغلقت عينيها في يأس.
لو أنه كان فقط قادراً على مبادلتها مشاعرها حتة ولو أقل القليل، لما كانت
بهذا اليأس الآن. عندما عادت إلى المنزل ومعها شهادة الزواج، كان حسام يخرج لتوه من
الحمام. خرج من الحمام وعلى وجهه تعبير .وجوم. كان للتو على وشك المرور
بجانب فايزة عندما لاحظ شهادة الزواج في يدها.
عندما رآها وهي تحمل شهادة زواجهما، وقف في مكانه ورفع رأسه. تحول
التعبير الذي على وجهه إلى المزيد من الوجوم، واخترقت نظرته جسدها مثل
خناجر من الثلج.
اشتدت قبضتها لا ارادياً حول الشهادة عندما التقت نظرته.
وبعد لحظة من الصمت، سخر قائلا: “يبدو أنك متحمسة.”
تفاجأت فايزة بتعليقه. وفتحت شفتيها، ولكن عقدة ما في حلقها منعتها من
قول أي شيء. وفي النهاية، أمسكت الشهادة بقوة، بينما خفضت نظرها إلى
الأرض.
فائدة
ماذا يتوقع مني
أن أقوله؟ ليس هناك شيء يمكنني أن أخبره به، كما أنه لا
من ، أن أقول أي شيء. فعلى كل الأحوال، كانت فكرة الطلاق فكرته . إن
الشخص الوحيد الذي يحبه هو من أنقذ حياته في الماضي، اضافة إلى ذلك، فأنا
أيضاً أرد لها الجميل . لنترك الأمر عند ذلك، فليس لدي ما أقوله.
بعد أن كان لي وحدي طيلة عامين، ليس لدي أي ندم. إن التاريخ الذي يجمعنا
يمثل تعويضاً كافياً لغيابه في المستقبل.
في النهاية، قاطع حسام الصمت قائلاً: “إن الجراحة غداً، لذا لا ضرورة لنا
للاستمرار في ا التظاهر. سأقضي الليلة في غرفة المكتب.”
ثم أمسك وسادته وغادر الغرفة.
ظلت فايزة بلا حراك للحظة، قبل أن تضع شهادة زواجهما على طاولة السرير
الجانبية. وبعد ذلك، التقطت ملابس نظيفة، وتوجهت إلى الحمام.
استيقظت فايزة في اليوم التالي على صوت منبه الهاتف. كانت تشعر ببعض
الدوار، فاستدارت إلى جانبها وأطفأت المنبه. بعد ذلك، جلست على السرير
وقامت بتدليك صدغيها النابضين بالألم.
لم تتمكن من الحصول على قسط جيد من النوم الليلة الماضية.
كان عقلها مرة مشغولاً بفضيلة ثم ينشغل في اللحظة التالية بالطلاق، ثم في
اللحظة التالية بطفلها.
لم يكن لديها أي فكرة عن الوقت الذي نامت فيه. تذكرت فقط ذات الأشياء
طيلة بقية الوقت حيث أنها كانت تطارد أحلامها.
انتظرت لحظة على السرير لتجميع أفكارها، ثم انزلقت من السرير، وتوجهت إلى
الحمام لتغسل وجهها.
بعد دخولها الحمام فزعت فايزة من صورتها المنعكسة في المرأة.
كان هناك هالات سوداء واضحة تحت عينيها ووجهها الشاحب كان يبرزها.
كانت عيناها حمراوين ومحتقنة وكان شعرها أشعث. كان هذا الخليط كفيل
بأن تصبح التعريف الدقيق لمرأة تعسة تعيش حياة غير مستقرة.
تأملت فايزة انعكاسها في المرأة في
صمت.
لم يعجبها مظهرها في المرآة على الاطلاق فغسلت وجهها بسرعة، ومشطت
شعرها الأشعث. ثم وضعت قناعاً على وجهها، وقررت أن ترتدي بعض المكياج
بعد ذلك.
على الرغم أنها لم تكن تهتم كثيراً بمظهرها، إلا أنها لم ترغب في أن تتسبب في
قلق فضيلة.
بعد مرور حوالي عشر دقائق، قشرت القناع، وبدأت في تنظيف أسنانها
والاغتسال في النهاية، وضعت القليل من المكياج وارتدت ملابس يومية.
عندما انتهت من كل شيء، وقفت أمام المرآة للتأكد من أنها تبدو في حالة
جيدة. على الرغم من احتقان عينيها، غلا أنها كانت قد حققت هدفها.
إلا أنها لم تمتك العصا السحرية التي تخفي الاحتقان في لحظة. وبالتالي،
وضعت نظارة ذات اطار سميك بعد الحظات من التفكير. فليعتقد الآخرون أنها
إكسسوار.
في تلك اللحظة اهتز هاتفها. مدت فايزة يدها لتأخذ الهاتف ووجدت رسالة
جديدة من حسام . انزلي عندما تجهزين سأكون في الكراج في انتظارك”
كانت الرسالة بسيطة. لم تشعر بأي مشاعر أو قلق منها.
ردت على رسالته برد بسيط قبل أن تنهض لتأخذ معطفاً وتنزل الدرج.
عندما مرت بغرفة المعيشة، اقترب منها كبير الخدم: “السيدة منصور،
تغادرين مبكراً اليوم. هل حظيت بقدر كاف من النوم الليلة الماضية؟”
ألقت فايزة إليه بابتسامة، وقالت: “نعم. حظيت.”
أنت
استناداً إلى المعطف الذي كانت ترتديه ومرورها بجوار طاولة الطعام دون
توقف، لم يملك كبير الخدم سوى أن يسألها: “ألن تتناولي وجبة الافطار؟”
كما كان متوقعاً، هزت رأسها قائلة: “لا، شكراً. إنني خارجة.”
هذه المرة، ظل كبير الخدم صامتاً.
كان في الحقيقة قد لاحظ بالفعل أن أمراً ما كان يحدث بين حسام وفايزة.
فعندما استيقظ في الصباح الباكر، اكتشف أن حسام نائم في غرفة المكتب
منذ ليلة أمس. فقد لاحظ أن الأضواء في غرفة المكتب مضاءة، فاقترب
للتحقق من الغرفة، ووجد حسام داخلها.
كانت هناك هالات سوداء تحت عيني حسام وبدا متعباً. التفت في اتجاه كبير
الخدم.
وسأل بصول مبحوح
“ماذا؟”
صدم كبير الخدم فوراً من مظهر سيده، ولم يجرؤ على الرد.
بعد ذلك تخطى الافطار، وتوجه مباشرة إلى الكراج بوجه بارد.
ثم شاهد فايزة تخرج من البيت وتنهد كبير الخدم يشعر بالعجز لأنه لا يوجد
ما يفعله لاعادة الأمور إلى نصابها.
كانت ترتدي معطفها في طريقها إلى الكراج.
كان الطقس بارداً جداً في الخارج في الصباح الباكر، وكان الكراج أكثر برودة.
لذلك، فوجئت فايزة عندما رأت حسام يرتدي قميصاً فقط في مثل هذا الطقس
البارد. كان هناك سيجارة بين أصابعه، وهو يتكئ على السيارة.
عندما اقتربت اتضح لها التناقض الكبير الواضح بينهما.
بعد قضاء ليلة دون نوم بدا وجهه شاحباً مقارنة بفايزة، والتي كانت تضع
المكياج، كان وجهه الشاحب يشكل فارقاً كبيراً عنها.
رفع رأسه في اتجاهها عندما سمع صوت خطواتها. خفتت عيناه عند رؤية
وجهها النابض بالحيوية، فكسر الصمت بعد لحظة وقال: “هل حظيت بنوم ليلة
أمس؟ ”
في
الحظة التي تحدث فيها اكتشفت أن صوته كان مبحوحاً بشكل غير متوقع.
أصيبت بالدهش للحظة قبل أن توميء أخيراً قائلة: “بل نمت نوماً هنيئاً الليلة
الماضية. وأنت؟”
أطفأ سيجارته، وثبت عينيه عليها قبل أن يجيب: “وأنا أيضاً.”
“حسناً، يسعدني سماع ذلك كلما تأملت وجهه أكثر، زادت الدلائل التي كانت
تجدها، ألا
وهي عينيه المحتقنتين والهالت السوداء تحت عينيه.
دار بخلدها يبدو مثيراً للشفقة . لحسن الحظ لدي القدرة على وضع المكياج
وارتداء النظارات.
خيم الصمت بينهما بعد اجابتها.
أما حسام، فوقف هناك، دون أن يهتم بالكلام أو بالجلوس في السيارة. كل ما
فعله هو مراقبتها في صمت، وعلى وجهه تعبير وجوم.
كان نظره ثاقباً، ووجدت فايزة أنها غير مرتاحة للطريقة التي كان يراقبها بها.
في النهاية، أجبرت نفسها على التحدث فقالت: “هل سنذهب أم لا؟”
راوغ سؤالها بسؤال آخر: “وما العجلة؟”
ردت بتحد: لست مستعجلة، وإنا أنا قلقة أنك أنت
من يستعجل ”
ألقى عليها نظرة غامضة وسخر قائلاً: “ولماذا قد أكون مستعجالاً؟”
عملت على صد السؤال بالتظاهر بالجهل وقالت: “وكيف لي أن أعرف؟”
تعثر حسام في ردها، وتمكن بالكاد أن يجبر نفسه على قول شيء غير متعلق
بموضوعهما.
“هل جلبتي كافة المستندات المطلوبة؟ لا أريد أن اكتشف أنك قد نسيت
احداها عندما نصل إلى المكتب الحكومي لاحقاً.”
لم تملك فايزة أن تمنع نفسها من الرد قائلة: “نعم لقد قمت بتجهيزها الليلة
الماضية، كيف يمكنني أن أنسى مثل هذه المستندات الهامة؟”
بعد ذلك التفتت إليه وقالت: بل أنك حتى رأيتها ليلة أمس، أليس كذلك؟”
التزم حسام الصمت . ” بياض الثلج. هل تساءلت يوماً واحداً لماذا أنت مدللة
بهذا الشكل؟ ”
ألقت فايزة عليه نظرة وقالت: “كل ذلك بفضل والدي”
هل يتوقع مني أن أقول أنه هو من له الفضل؟ يا له من
مغرور
عندئذ، نفذ صبر فايزة وهي تنتظر أن يأخذ حسام المبادرة. ففتحت الباب.
وركبت السيارة قبل أن تطل برأسها منها وهي تحثه قائلة: “هيا بنا. اعتقد أن
المكتب الحكومي قد فتح بالفعل. كلما سارعنا بانجاز الأمر، لكما ابكرنا في زيارة
دار المسنين.”
ثبتت حزام الأمان بينما كانت تقول ذلك.
بعد لحظات من الصمت ركب حسام أخيراً في مقعد السائق.
نظراً لأنه كان الصباح الباكر، فقد كانت حركة المرور انسيابية. وصلت سيارتهما
إلى مدخل المكتب الحكومي دون تأخير.
كان اليوم مجرد يوم آخر عادي، لذا عندما وصل الزوجان، لم يكن هناك الكثير
من الناس في المحيط، سوى بعض الأزواج.
كان معظمهم هنا لتقديم طلب للزواج. كان كل زوجين يتعانقان، ويتهامسان
بكلمات حب حلوة. أما فايزة وحسام فكانا على عكس الأزواج من حولهما.
كان الزوجان أنيقين وطويلي القامة، مما جعلهما يجذبان الانتباه طوال الطريق.
ما عدا ذلك دخل حسام المبنى وعلى وجهه تجهم شديد. لذا، لم يحتاج
الحاضرون إلى أكثر من نظرة واحدة لمعرفة أن هذا الثنائي كان هنا لتقديم
طلب بحل زواجهما.
- يتبع.. (رواية ولادة من جديد) اضغط على اسم الرواية لتجد الفهرس كاملاً بجميع الفصول.