رواية رحماك الجزء الثالث – الفصل الحادي عشر
ـــــــــــــــــــــــــــــــ
بسم الله الرحمن الرحيم..
ربيُّ إنيّ أسّألك أنّ تريحَ قلبيّ وفكريّ وأنّ تصرفَ عنَّي شتاتّ العقل والتفكير.. ربَّي إنّ فيَ قلبيّ أمَوراً لا يعرفها سِواك فحققها ليَ يآ رحيمّ.. ربي كنّ معيُّ فيّ أصَعبّ الظروف وأرينيّ عجائب قدرّتك فيّ أصعبُ الأيام. اللهم إنا نسألك زيادة في الدين وبركة في العمر وصحة في الجسد وسعة في الرزق وتوبة قبل الموت وشهادة عند الموت ومغفرة بعد الموت وعفواً عند الحساب وأماناً من العذاب ونصيباً من الجنة وارزقنا النظر إلى وجهك الكريم.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــ
(أعترافات..)
بالمشفي..
وضع يده علي قلبه بصدمه..وإتسعت عينيه، وإنفرجت شفتيه، مردفا ببلاهه..
ـ إيه إنتي بتقولي إيه.؟
عضت علي شفتيها بخجل، ورفعت وجهها الذي إشتعلت حمرة خدية، حتي أصبح، كثمرة طماطم.
ـ إنت سمعت علي فكره..
إقترب منها ببطء..وهتف ببلاهه..
ـ طب وحياة معاذ عندك عيدي تاني..
اخفت وجهها بين كفيها وهتفت من خلفهم..
ـ بقولك إني موافقه علي الجواز..
قذفت موافقتها بوجهه، وهرولت مرة أخري من أمامه تختبأ من نفسها ومنه بأي مكان….لا تعلم كيف قالتها؟
ولكنها شعرت بأن هذا وقتها تماما..
صدم من فعلتها، وإتسعت عينيه، وهمس بصدمه..
ـ يابت المجنونه..
سرعان ما هرول خلفها..ينادي عليها بلهفه وخبث…
ـ خديجه..إستني ياخديجه.. إنتي يابت..
مش ده إللي عاوز أسمعه، يابومه، يامضيعه هيبتي….
لحقها علي الدرج، فشهقت بخجل، وهتفت وهي تهرول….
ـ أومال عاوز تسمع إيه، إنت طماع أوي، تصدق إني غلطانه إني وافقت….
قهقه علي هروبها، وهي تصارع الدرجات لتهرب منه..
ـ طب إستني ياجبانه..بتهربي ليه؟
سرعان ما اطلقت صرخه مرتفعه، إثر إنزلاقها من علي الدرج..
ـ ااااه رجلي..رجلي إنكسرت..إلحقني يامعاذ
انتفض بفزع، وإقترب منها سريعا، وإنتشلها من عالأرض..
فصاحت ببكاء وخجل..
ـ إنت بتعمل ايه يامعاذ، نزلني، نزلني..
هز رأسه بيأس منها، ومن خجلها الذي يزداد مع مرور السنوات..
ـ إتهدي بقي..أما نشوف رجلك جرالها إيه؟، إظاهر مش مكتوب لينا نخرج من هنا الليله دي..
دفنت وجهها بكفيها بعدما وضعها علي إحدي الأسره الخاصة، بنقل المرضي..وهي تلقي عليه باللوم..
ـ إنت السبب، يامعاذ..
نظر لها بسخط..مردفا بغيظ منها..
ـ تصدقي عندك حق، أنا السبب أنا عارف، لأني فقر، يافقر..يوم ماتحني عليا، تنكسري..
عاودت البكاء، بصوت أعلي….
ـ بتعيطي ليه دلوقت.؟
ـ عشان رجلي بتوجعني اوي ياغبي..
جز علي أسنانه مشيرا علي نفسه بإصبعه..
ـ أنا غبي..ماشي ياخديجه..
وأنا إللي مفكرك بتبكي من عذاب الضمير..
رفعت وجهها، ورمقته بحقد..وغيظ…
ـ إمشي من وشي يامعاذ..وهاتلي أبويا وأمي..
رمقها بإمتعاض..
ـ ياساتر عليكي….حمقيه اوي..متقلقيش يختي دلوقتي ينزلوا..ماهما واخدنها مقاولة..الله يكون في عونك يا عم رضوان..
أشاحت وجهها بعيدا عن وجهه، للجهه الأخري..
فنظر للطبيب الذي أتي ليفحص قدمها..
ـ ها يادكتور مالها؟
ـ تقريبا إنكسرت..هنعمل أشعه نشوف نوع الكسر ومكانه..
إنفجرت بالبكاء..فهز رأسه بغلب..
ـ يا غلبك يا معاذ..ودي علي كده هتقعد أد إيه في الجبس.؟.
ـ نشوف الأشعة بس ونشوف..بس مش اقل من شهر لو فيها تجبيس..
ـ شهر! كتير أوي..
صدمت من حديثه فعادت تنظر له بغيظ..وصرخت بوجهه..
ـ إنت هتفاصل في الجبس يامعاذ..عااا..إطلع بره بقولك..
معاذ بصدمه..
ـ إنتي بتعلي صوتك عليا ياخديجه من دلوقت..طب مش طالع..وهشوف كلامي هيتنفذ ولا لا؟
إنتفض الطبيب، وهو ينظر للإثنين، وكأنهم برأسين..وضرب كفيه ببعضهما..مردفا بصدمه وهو يوجه حديثه للممرض بجانبه.
ـ لا حول ولا قوة إلا بالله..حضر يابني أوضه الأشعة عشان نشوف الكسر فين بالظبط عشان نجبس..دول مجانين..
نظر لها بسخط..عاجبك كده، خلتينا تريقه للناس كده..
نكست رأسها مره اخري، ودموعها تسيل بصمت..
إقترب سريعا منها..وأحني رأسه ومد يده ومسح دموعها..
فأزاحتها عنها بحده….
ـ إوعي يامعاذ إيدك، إنت هتسوق فيها..
إبتسم بحنان..وهو يعطيها منديلا ورقيا..
ـ طب حقك عليا متزعليش..نسيت أن ممنوع اللمس..
أخذته من يده بحده، وجففت دموعها بصمت..وهي تضغط علي شفتيها بقوه..
فهمس بحزن عليها..
ـ حقك عليا، لو أعرف أن هيحصل كده، مكنتش نزلت وراكي..
بس غصب عني، أنا مصدقتش ودني لما سمعتك بتوافقي..
لم تستطع رفع وجهها..من خجلها منه..وهمست..
واديني إنكسرت..إعتبرني بقي موافقتش..
ضيق بين عينيه، وجز علي أسنانه بغيظ..مردفا بسخريه..
ـ أنا فعلا هعمل إني مسمعتش كلامك إللي قولتيه دلوقت ده..وأول مانروح البيت هجيب أهلي ونقرأ الفاتحه ونكتب الكتاب عشان نعرف نتعامل مع بعض..
رفعت وجهها ورمقته بغضب..فأشاح وجهه عنها..مردفا بثقه.
ـ الهانم عندها مانع ولا حاجة؟
هتفت بغيظ..منه..
ـ لا..
ــــــــــــــــــــــــــــــــ
بالبيت الكبير..(بيت الجد راشد)
صدمت برد أبناءها، وتمسكهم بالبقاء مع محمد..فصعدت مهروله للأعلي، ودموعها تسيل بغزاره..تشعر وأن السجاده تسحب من تحت قدميها، تهرول وتعود لنفس النقطة من جديد..
نقل محمد عينه بين الطفلين بصدمه لرفضهم البقاء مع سولاف..
ولكنه انتبه للجد وهو ينادي عليه..
ـ محمد..
ـ نعم ياجدي..
ـ طلع الولاد لامهم ياولدي…وإطلع ريح إشويه علي ما السحور يجهز..
نظر له محمد بتفهم..وصعد بالطفلين..متحاشيا النظر للجميع، يكفي ماحدث للآن..
سيصعد ولن يهبط مره أخري، كل شي به يؤلمه ليس لحديثها ورفضها، ولكن حزناً علي بكاءها هي ..
لحقها علي الدرج أمام شقتها، قبل ان تدلف ونادي عليها، ـ سولاف..
نظرت خلفها فوجدته هو وطفلاها، فنظرت لطفليها بحزن
إقترب وأنزلهم أرضا..
إستدارت لتهرب من عينيه التي ترمقها بعشق بائس حزين..وفتحت الباب..
هرول طفلاها للداخل وهمت أن تدلف هي الأخري
ولكنه أمسك بكف يده..شهقت علي إثرها بصدمه من جرأته..
ـ إنت إتجننت..
ولكنه لم يعبأ لها..فهمس بعشق..
ـ وحياة سولاف عندي، ودموع سولاف إللي فضلت سنين تقطع في قلبي..كان غصب عني..كنت مريض..كنت..
صرخت بوجهه..وجذبت يدها سريعا، ووضعت علي اذنيها
ـ أرجوك مش عاوزه أسمع…حرام عليك..أبعد عني بقي..
حرام عليك..وحياة حبك إللي بتحكي عنه..سيبني في حالي
أرجوك..
إقترب منها خطوتين، فعادت هي بسرعه للخلف واغلقت الباب بوجهه..
اسندت رأسها علي الباب وإنفتحت ببكاء مرير، وفعل هو المثل، يستمع لصوت شهقاتها بقلب ملتاع، لم يصمت..
أكمل بمراره..ويعلم أنها تستمع له..
ـ كنت مريض.. جالي فشل كلوي، أثر علي وظايف كتير في جسمي، صمت خجلا من أخبارها عن عجزه، ولكنه عاد وأكمل..
حسيت أني بظلمك معايا، خوفت أحسسك بمرارة الذنب، وأعيشك بيه باقي عمرك لو جرالي حاجه..
اخذ نفسا وأكمل..
ـ عارف هتقولي أناني..محبتكيش..ولو كنت خيرتك كنتي هتختاريني..بس معايا كنت هتخسري حاجات كتير أي ست في الدنيا تتمناها..
كنت هتدفني نفسك بالحيا مع راجل عاجز..حتي أبسط حقوقك مش هيعرف يديهالك..معايا عمرك ماكنتي في حياتك هتبقي أم..
أغمض عينيه بوجع..وأكمل بمراره
أنا عقيم ياسولاف مبخلفش..
وضعت يدها بصدمه علي فمها في محاوله بائسه متها لكتم شهقاتها التي بدأت بالأرتفاع، من هول ما تسمعه..
وجلست أرضا..وأطفالها بجانبها ..
ولم تستطع أن تكتمها أكثر، فخرجت قويه، وصلت لمسامعه بالخارج..
أبتلع مرارته..وأكمل…
كل أللي حصل كان بالإتفاق بيني وبين فهد..أتوسلته عشان يعمل أللي عمله..عشان مظلمكيش معايا، وللأمانه حاول معايا كتير، بس أنا صممت..
حتي صورك أللي اتنشرت أنا اللي نشرتها، يااجل ماتبعدي وتتجوزي معتز..كنت زي الفرخه المدبوحه، عاوز أبعدك بأي شكل..
كنت مستعد أتخلي عن روحي ولا أني أشوفك مكسوره وتعيسه معايا ياسولاف..
أنا عندي الدنيا دي تزعل وإنتي لا..مكنتش هتحمل..عندي الموت أهون..من نظرة شفقة من عيونك..
يوم فرحك اللي أتمنيته، كان يوم مماتي، ودعتك وسافرت أعمل عمليه زرع كلا،بعد مااتوسطلي دكتوري في الجامعه.. وأنا بتمني مقومش منها، مهي العيشه من غيرك، وأنا شايفك مع غيري، ممات علي قيد الحياه، بس أتفاجأت بفهد، إللي طلع هو المتبرع …وللصدمه لقيت كيان معايا كمان..
رغم أللي عملته فيكي مقدروش يتخلوا عني..
فهد أتبرعلي وقالي أنت أتبرعت لاختي وصممت ومشيت رأيك علينا كلنا زمان..، وأنا دلوقت هسد دينها..ونبقي كده خالصين..
ونجحت العمليه..
بس مطلعتش أنا..طلعت واحد تاني ميت..من غير سولاف في حياتي..
صحيح أتعافيت، بس هفضل عقيم، ومريض..العمر كله..
عرفت أللي جرا وموت معتز، بس قبل مااخرج من المستشفى دخل فهد عليا وخلاني وعدته، ابعد عنك خالص..
وجدي كمان وكيان..
بعدت ومكنتش بأيديا حيله..قولت أسيب لقانا للدنيا والأيام
ولو مكتوبلنا اللقا من جديد هنتقابل..وشوفي الصدف بعد السنين..
أنا وأنتي هنا..وأنتي حقي ياسولاف اللي ضيعته زمان بغبائي ومش هفرط تاني فيه..
صمت يستمع بوجع بقلبه لشهقاتها..
ـ سولاف..
صاحت بوجع..
ـ أمشي يامحمد أمشي..كفايه أرجوووك..
ـ وحياة معتز ومياسين..سامحيني..
عاودت البكاء بقوه..
فصعد مسرعا للاعلي..
تأكدت من صعوده فأستقامت ودخلت غرفتها وأخذت اطفالها بأحضانها، وأنفجرت ببكاء مرير..
ألي أن راحت في النوم..
ــــــــــــــــــــــــــ
تأكد كيان من صعود محمد ووجه كلامه العاتب لجده…
ـ ممكن افهم ايه اللي بيحصل ده..ياجدي..ومين اللي طلب أيد سولاف..محمد.؟
لو الكلام دا دخل علي سولاف مش هيخش عليا..أنت عاوز تغصبها علي عيشه، مش عوزاها تاني ياجدي..
أمتدت يد فريده لتمسك بيد كيان..في حركه منها لكي يهدأ..
فزجرها بعينه..مردفا بحده..
ـ مش ههدي يافريده..وطول ما فيا نفس محدش هيغصبها علي حاجه مش عوزاها..كفايه لحد كده..
نظر له الجد بلامبالاه..مردفا بصبر..
ـ حد مين ده اللي يغصب عليها ياكبيري..تقصدني أني..
لو تقصدني اااني، فأني لوحابب أغصب عليك انت نفسك مهتقدرش تتحداني ياكيان..ولا كامني كبرت وعجزت، هتتحداني، بعد العمر ده كله..
كيان بصدمه من تفكير الجد..
ـ إيه اللي بتقوله دا ياجدي، أنا بتكلم في إيه، وأنت في إيه؟
ضرب الجد بعصاته علي الأرض بقوه..مردفا بغضب وهو يرفع عصاته يشير علي الجميع..
ـ أسمعوا كلياتكم الحديت ده..قصه محمد وسولاف ماحدش منيكم هيدخل فيها، وأناي زي مابديتها هنهيها، وقسما عظما، لو حد فيكم أدخل لكون رميه برا البيت ده، وما هايعتبوا برجليه واصل، طول ماا آني عايش..فاهمين..
فهد بصدمه..ياجدي أنت كده بتصعبها أووي، محدش فينا ضد محمد وسولاف، ولا ضد رجوعهم بس مش بالغصب..
رفع الجد عصاته ودفع فهد بحده بصدره..
ـ اسمع يا غراب البين أنت، كلامي ده اكويس، وحطه حلقة في رقابتك..
ـ انت بتيجي آخر الليل تترمي في حضن مرتك، وبتاخد اعيالك في حضنك لو حد فيهم قال آي، ولا سخن بتجري وبترمح كيف الحصان.. مفكرتش أنت خيتك لو عيل من عيالها حصله حاجه لقدر الله، وين بتروح..
وكيف بتصرف؟
وأنت في بلد وهي في بلد؟
ـ وأنت ياسي كيان..العطف والحنيه علي خيتك مش وحش ياولدي،وخابر أنك مقصرتش معاها في شي، بس في حاجات أنت كأخ مهتجدرش تعوضهالها، زي إنها، تاجي أخر الليل تلاقي صدر حنين تشكيله همها، وأللي مضايقها..
ويفهمها، ويطبطب عليها، .حد مهما راحو الكل وبعدو عنها هو يفضل زي ماهو لا يبعد ولا يتغير….
مفكرتش بالاطفال الصغيره دي، وأنت كل واحد واخد عيله علي رجليه..
رجلك ياكيان هتساعي ولادك وولاد خيتك..
ووقت ما يفهموا ويسألو علي أبوهم وينه..هتقدر ترد عليهم..
أني هعمل الصح ليهم..محمد هيديهم أللي هيفضل عمره كله محروم منه..وهما هياخدو منه اللي هيفضلوا طول عمرهم محتاجينه..وأديكم شوفتم بنفسكم أها، كيف أتعلقوا بيه، وحبوه..
فاقد الشئ ياولدي، هو أللي هيعطيه..
بتحاسبوني..ومغلطيني..
بس لما تكبرو وتبقوا مكاني، هتعرفو يعني إيه تشوفوا حته منيكم، حزينه، ومكسوره، وتعيسه..
انا لو مت دلوك هبقي مرتاح عليكم كلكم إلا هما..
سولاف ومحمد لازم يرجعوا لبعضيهم وأني بنفسي أكون شاهد ليهم..
هتف فريده بسرعه..
ـ بعد الشر عليك ياجدي..إحنا معاك، واللي عاوزه هنعمله،، هنساعدك بأي طريقه، بس بلاش بالغصب..كفايه لحد كده..
ـ أني مهغصبش حد يافريده يا بتي..أني هساعدهم زي ما ساعدتك أنتي، وأبو راس يابس ديه زمان..وأظن لولا مساعدتي مكنتوش أهنه دلوك ولا ايه؟
نظر له كيان بخجل..فلولا مافعله الجد بالماضي لما كانوا هنا الأن..
ـ محبتك لأختك ياكيان..مش غلط ياولدي أني خابر إنك خايف من تهور، أمحمد وجنونه..
زفر كيان بتعب..
ـ ياجدي أنا مش ضد رجوعهم، بس مش عايزك تضغط عليها، ولا تحسسها أنها مجبره..كفايه اللي شافته..ألا هي ياجدي، وكلكوا عارفين سولاف عندي خط أحمر..
دي بنتي قبل ماتكون أختي..
وكمان عاوز تحرمها من شغلها واللي وصلتله..أنا اسف ياجدي..استحاله هقبل بكده..الا كده..وأللي عاوزاه هعملهولها..ولو حكمت أهربها من هنا..
الجد..بتفهم…يعني إحنا متفقين عالمبدأ اهه..فاضل الاساسيات أللي هنمشي عليها..
فهد بصدمه..أساسيات إيه؟، ومباني إيه ياجدي..بس..
ضربه الجد مره أخري بعصاته..
أخرس يا بجم..وحصلني أنت واخوك لأوضه الضيوف..بزيدانا حديت قدام الحريم لحد اكده..
نظرت سلمي لجدها بغيظ..حريم..ماشي ياجدي..الله يسامحك..
ضربها الجد بعصاته، صائحا بها..
ـ همي يا حزينه أنتي ساعدي خايتك في السحور..همي..
ـ اااه ياجدي..براااحه، مش كده الله..قايمه أهو..
ضحك فهد بشماته عليها..مردفا…
ـ يمهل ولا يهمل..
جزت علي أسنانها وأردفت بغيظ..
ـ فهد..
ـ عيون فهد..
جذبه كيان من جلبابه..
ـ ودا وقته يااخي أنت معندكش دم….
فهد..اف..اف..جاي..أهو..براحه ياعم، أنا راجل بكليه واحده، مش حملك أنا..
ـ يالااااا
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
يحاوطها بذراعيه وهما يدلفان لداخل البيت الكبير، يحايلها أن تبتسم بعدما جبرها علي العوده،بعدما كانت تتمسك بالبقاء بالبيت الجديد..خوفا من زوجة أبيه..
مطمئن أن الجميع مازالوا نياما..
ـ خلاص بقي..عشان خاطري، أضحكي…
إغتصبت بسمه حزينه، ممزوجه بالخوف من القادم..
ـ ما أنا بضحك أهو..أحترم نفسك احنا تحت..
رمقها بخبث..
ـ بتضحكي بردو ولا مكشره؟
ـ لا بضحك أنت أللي مش شايف عشان أنا لابسه النقاب..
قهقه عليها، وحاوطها بذراعيه بتملك..
ـ تصدقي صح..أنا غلطان..
لكذتة بكوعها..بعدما هبط بأذنه يشاكسها بكلام مخجل..
ـ أحترم نفسك يارائد..
فجأة فتحت الإضاءه، وصوتا متهكما حقودا، إخترق أذنيهم..
ـ ما بدري لسه، يا حضرت الظابط، دا كله في صلاة التراويح..
أنتفضت وتمسكت بجلبابه من الخضه و تمتمت..
ـ سلاما قولا من رب رحيم..هما بيطلعوا إمتا دول..
صرخت ساميه زوجة ابيه بحده عليها…
ـ إيه شفتي، عفريت ولا إيه، ماتحترمي نفسك..
لكذها رائد بجانبها بخفه..ففهمت عليه..وشجعت نفسها كما قال لها، وردت عليها..
ـ وهو في حد بردو ياحماتي، بيطلع لحد في الظلمه كده..وبعدين ما نتأخر فيها حاجه ولا أيه؟
أنصدمت ساميه من ردها وجرأتها عليها..
ونظرت لرائد بوجه مصدوم، وهي تشير بيدها علي ميسم..
ـ إنت شايف قليلة الحيا دي بترد عليا إزاي يارائد..
تأففت ميسم واردفت بسخريه..بعدما غمز لها رائد في الخفاء، وإنسحب تاركا لها المجال لتأخذ حقها بنفسها، غير مكترثا لهتافات زوجة أبيه عليه، لم يتحدث بكلمه..
أردفت ميسم بتهكم..
ـ بقولك إيه متحشريش رائد بكلامنا..كلامك معايا أنا بعد كده..
لوت ساميه شفتيها وإقتربت من ميسم التي لولا النقاب ما يخفي ملامحها المرتعبه، لما إستطاعت الصمود، مردفه بتهكم..
ـ دا إحنا بقي لينا صوت وحس أهو..إظاهر نسيتي أنا مين؟
إقتربت ميسم بوجهها من وجه ساميه مردفه بثقه مصطنعه..
ـ لا منستش، عارفه كويس أنا مين، وإنتي مين، وأنتي عملتي إيه زمان، وخلتيني أعمل إيه، صح كده، مش دا أللي عاوزه تقوليه؟
بس إللي قدامك دي مش ميسم العيله الصغيره بتاع زمان، لا فوقي، وإعرفي إني لو فتحت بوقي، وإتكلمت هيطير فيها رقاب، ورقبتك إنتي أول واحده هطير..وكلامي قصاد كلامك وعندي الاثبات..
عادت ساميه للخلف وتغيرت معالم وجهها من الحده للارتباك..
ـ تقصدي إيه، إنتي بتهدديني.؟
ـ إفهميها زي ماتفهميها.. أنا نبهتك وخلاص، إستدارت لتصعد ..
فأمسكتها من ذراعها بقوه، ونظرت لها بعدوانيه..
ـ بلاش أنا، لأن اللسعه مني والقبر..
نفضت ميسم يدها بقوه..
ـ وأنا مبتههدش، وإللي إنتي عوزاه إعمليه..وهنشوف مين إللي هيكسب، الحق ولا الباطل ياحماتي، واااه أبقي سلميلي علي مرات عمي، وقوليلها دورك جاي..
تركتها وصعدت بينما ترنحت الاخري، وإستندت بظهرها علي الحائط بجوارها..بصدمه..وسرعان ماتحولت ملامحها من الصدمه للكره والحقد..
خطفت الدرجات سريعا إلي شقتهم، فوجدته يقف بالشرفه يدخن سيجارته بشرود..شعر بها، فإستدار لها سريعا بعدما قذف سيجارته أرضا..وفتح لها ذراعيه..
فإرتمت بهم..
حاوطت عنقه وهي تتمتم بسعاده…
ـ رائد أنا رديت عليها، رديت عليها..شوفتي وأنا برد..
قهقه عليها، وحاوطها بتملك، مردفا بحنان..
طب إهدي ياقلب رائد بترتعشي ليه كده، طيب؟
ـ اف عشان كنت خايفه أووي، أووي..ليه سبتني وطلعت..
أبعدها عنه قليلا ورفع نقابها واقترب مقبلا ثغرها بعشق..
عشان تعرفي تعتمدي علي نفسك ياقلب رائد..
وتاخدي حقك من عين الكل.. انا مش هبقي موجودلك دايما..
همست بخوف.. اوعي تسيبني معاها لوحدي يارائد.. أرجوك
ـ أحنا قلنا إيه، لسه المشوار طويل، ولازم نجمد، وتتعلمي تردي، وتاخدي حقك..
ـ رائد انا بحبك أوي أوي..
ـ وأنا بعشقك ياقلب رائد..
وقعت عينها علي سيجارته..فنظرت له بسخط..
ـ إنت رجعت تدخن تاني….؟
هز رأسه باسف..
ـ سيجاره واحده بس..مش هقدر أبطلها علطول سامحيني..
ـ بس إنت وعدتني..!
ـ قبل رأسها بحنان، وحاوطها بذراعه..وهو يدلف لداخل الشقه..
ـ أوعدك أحاول..وبعدين هو إحنا مش هنتسحر ولا إيه، أنا جعان أووي…
إبتسمت بخفه عليه..
ـ إنت علطول جعان كده..
غمز لها بخبث..
ـ شقيان ياماما..وعاوز أسحر..
شهقت بخجل، وتركته ودلفت لغرفتها..
ـ هغير وننزل نتسحر معاهم تحت
تبعها ووقف خلفها وحاوط خصرها، بعدما خلعت ثيابها.
ـ لا إعمليلي سحور هنا..علي مااخد شاور ونتسحر سوا..
هزت رأسها بالموافقه..فقبلها سريعا ودلف للداخل..
أعمليلي شاي، هااا..
ـ حااضر..
ـــــــــــــــــــــــــ
بالمشفي..
تجلس علي الفراش ويحاوطها الجميع، بعدما جبست قدمها..
حتي خلود هبطت لتبقي معها..
معاذ بحزن..لرضوان..
شايف ياعمي النحس أللي انا فيه، يوم ماتوافق، تنكسر..
نظرت له بخجل وصدمه..
فجز علي اسنانه..وأكمل..متعوووس..أنا عارف نفسي..
شهقت زينب بصدمه..
ـ جد ياخديجه وافقتي..
خديجه بصدمه..
ـ حتي انتي ياماما..أنا في إيه، وأنتوا في أيه؟
رمقتها والدتها بإمتعاض، وهتفت بغيظ..فقريه من يومك..
قولي أنتي ياحبيب قلبي يامعاذ..
ـ أقول أيه ياطنط..؟
هتفت بفرحه..
ـ البت دي وافقت..؟
معاذ بسعاده..
ـ ااه ونزلت اجري وراها، وقعت اتكسرت..
قهقه الجميع عليه، وعلي خديجه التي تنظر له بسخط..
ماعدا تلك الواقفه، تنظر من نافذه الغرفه للخارج بشرود..
وذلك الذي مازال هنا، بحجة انتظار أبنه خالته، التي صممت أن تبقي مع صديقتها حتي تطمأن عليها، ينظر لما تفعله بأهتمام..
أنتبه علي عمرو الذي يسحب أبنة خالته للخارج..
فأبتسم بقلة حيله عليهم، وعاد ينظر لتلك الساكنه، التي جلست تنظر لهاتف ما بيدها بإهتمام..
سرعان ما صدم من صوت والدتها الممتعض..
ـ ياادي النيله علي الروايات وسنينها، حتي تليفون ابوكي مش عتقاه..
تأففت خلود وأدارت وجهها لوالدتها بلامبالاه..
صاحت والدتها بصدمه..
ـ يختاااي، أشحال لو لسه مش قايمه من موته..أهو تمقيقتك في التليفون دي أللي جيبالك الكافيه..
ياشاطره يابتاع الثانويه العامه..
تأففت وأستقامت، معطيه الهاتف لوالدها بزهق..
ـ أهو ياستي أرتاحتي، أنا عاوزه اروح بقي، أنا مش طايقه ريحه المستشفي أرحموني بقي..
هرولت للخارج ولم تلحظ ذلك التي ارتطمت بها حتي..
معاذ بصدمه..
ـ يالا ياخديجه، أحنا فعلا نسينا ان خلود تعبانه..كفايه كده..
زينب بحزن..والمحلول اللي في أيدها، خليه يخلص الأول بدل ماتقع من طولها هي كمان..
واكملت بمكر..
ممكن يامراد يابني تاخد خلود للجنينه تحت علي ما خديجه تخلص المحلول..
مراد بصدمه..هااا.
وسرعان ما تفادها…طبعا..طبعا..
أقترب منها..ووقف بجانبها..مردفا بخجل..
ـ علي فكره مينفعش تقفي كده، فاي لحظه هتقعي من طولك..انتي لسه في فتره نقاهه..
بالفعل كانت تشعر بوهن بجسدها..وتعرق غزير بجسدها..
مسحت وجهها..وهزت رأسها بتعب..
ـ أنا فعلا تعبانه اوي..بس من ريحه المستشفي..كأنه ريحة الموت..
أنا تعبانه أوي..عاوزه أخرج من هنا..
شعر بتوهانها..
فأقترب سريعا وجذب المقعد القريب لتجلس عليه..
استني هنا هجيلك تاني..
هزت رأسها بتعب..وسرعان ماعاد..بيده كمامه وزجاجه عطر..
ألبسي دي..عشان ريحه المعقمات..وافتحي أيدك..
طاوعته بتعب..وأغرق يدها بعطره…
وأخذت تستنشقه بترو..ألي ان صاحت ببراءه..
ـ برفانك ريحته حلوه اوي..
ابتسم بسعاده علي براءتها..وهو يمد يده بالزجاجه..
ـ خلاص يبقي حلال عليكي..
ـ بجد..
ـ ااه بجد..بقيتي أحسن..
ـ اااه الحمدلله..
بعد ساعه..
أفترقا الجميع..كل بوجهته..علي وعد باللقاء..
ــــــــــــــــــــــــــ
اليوم التالي..
ـ بمنزل مراد..الساعة السابعه..
نظرت سعاد لابن شقيقتها.. بصدمه..بعدما رحل أهل مصطفي، واعطاهم مراد موافقته علي زواج شقيقته من مصطفي، بلا تفكير..وقرأوا الفاتحه..
ـ هو في إيه؟
ـ في إيه إزاي؟
ـ إنت بجد هتجوز أختك لمصطفي؟
ـ وأنا هلاقي زيه، آه طبعا زي ما سمعتي، وكتب الكتاب الأسبوع الجاي كمان..
هبطت الدرج تهرول..تصرخ بوجه اخيها، بعدما تأكدت من رحيل مصطفي وعائلته..
ـ دا علي جثتي أتجوز مصطفي..مش هيحصل يامراد..
مش هتقدر تجبرني..علي حاجه..إنت فاهم..هو بالغصب
رمقها مراد بسخريه..مردفا بحده..
ـ وإنتي مين خد رأيك أصلا..أنتي حقك سقط في كل حاجه من ساعة، مانزلتي للمستوي المنحط أللي بقيتي فيه..وهتتجوزي مصطفي، وتغوري من وشي لأن معدش فيا حيل ألم في مصايبك ومشاكلك..كفايه لحد كده..أنا دلعتك زياده عن اللزوم، وللأسف سوقتي فيها، كان نفسي منوصلش لكده..بس إنتي اللي عملتي فينا كده..
صدمت من حديثه..
ـ إنت مصمم بقي؟
ـ أيوا ولهنا لحد كتب الكتاب، أللي هو الاسبوع الجاي مش هتخرجي برا البيت ده..
ـ يبقي أنت إخترت وجواز من مصطفي مش هيحصل، وحتي لو حصلت إني أهرب يامراد، وافضحك..
رفع يده ليصفعها..و…
ـــــــــــــــــ
تأكد مصطفي من ذهاب عائلته، وعاد ليطلب من مراد الحديث قليلا معها، يريد إستفزازها قليلا، بعدما رفضت أن تهبط لهم، وتعلل مراد أنها ليست هنا، يعلم أنها بالاعلي ورفضت النزول..
دلف للداخل واستمع للحوار بأكمله وحينما وصل الشجار لذروته، وهم مراد أن يصفعها.. اقترب سريعا
ولم يتحمل..عاشق لتلك الغبيه وكفي..
رفع مراد يده ليصفعها فاوقفه هو، وهو يمسك بيده..مردفا بحده..
ـ عندك يامراد..من دلوقت لمار تخصني، وأنا مبحبش حد يمد إيده علي إللي يخصني..
إنتفضت بصدمه، حينما أبصرته أمامها، وهمت بالهروب من أمامه، ولكنه إلتقط ذراعها بسرعه..ساحبا أياها للأسفل مره أخري..هامسا باذنها..
ـ رايحه فين ياعروستي، عاوز اتكلم معاكي همسه كده.
صرخت بقهر، وضربت الارض بقدميها..
ـ متقولش عروستي أنا بكرهك يامصطفي، وبخاف منك، إبعد عني..
صدم من صراحتها، وجز علي أسنانه..واردف ضاغطا علي كلامه..
ـ والله لو عملتي اللالي لأتجوزك، وأربيكي من أول وجديد..مفيش مفر مني يالمار..هخليكي تندمي عاليوم أللي اتولدتي فيه..
قذفها، كمن يقفذ القمامه، ودلف للخارج ومراد ينادي عليه..
سعاد بصدمه..ياوقعتك المطينه يالمار..هتعملي إيه دلوقت.؟
هرولت للأعلي بخوف، وشقيقها ينادي عليها..
ـ لمااار..
همست بصدمه..
ـ يامرار أيامك يالمار، يارب مصطفي لا..مصطفي لا..
أغلقت الباب بسرعه، وجلست أرضا تبكي بخوف..
ـ يارب..
ــــــــــــــــــــــــــــــــ
بعد أسبوعين..
البيت الكبير..
من ذلك اليوم المرير وأعترافاته لها ولم يراها..
أسبوعين مروا، لم يراها بهم ولا مره، ولم يلمحها من شرفتها حتي، أغلقت علي نفسها، حتي طعام الإفطار كانت ترفض أن تهبط، لتفطر معهم، وكذلك بالسحور، رغم محاولات الجميع معها.. ترفض بأستماته، يسمع زوجة أبيها، تخبرهم بضعفها، وتعبها الدائم، ونومها ليلا ونهارا.. ما يثلج قلبه، وجود اطفالها ليلا ونهارا معه، توطدت العلاقه بينهم، وتعلق بهم بشده، وتعلقوا به، حتي أصبحوا يلتقطون الكلام من حولهم، وبدأ بتعليمهم الحديث باللغه العربيه، إنسجامهم معا،وتعلق الطفلين به بتلك الطريق، صدم الجميع..وأوجع قلوبهم..وتأكدوا أن الاثنين لا ينفعا ألا لبعضهم..فأخذ الجميع دور المتفرج، كما أخبرهم الجد.
يجلس بالحديقه يعمل علي حاسوبه، وكل دقيقه يرفع وجهه وينظر لـــــــــشرفتها عله يلمحها..
أطفالها يلهون بجانبه مع باقي اطفال العائله …
زفر بحزن وعاد النظر لحاسوبه..ولكن سرعان ما أنتفض حينما اقترب معتز منه، وهو يبكي بحرقه، بصوت يؤلم القلب..
ـ مابك معتز؟
فقط يبكي بحرقه..دب الرعب بقلبه، وهو يحتصنه بخوف..
ـ معتز مابك حبيبي..هل فعل لك أحد شيئا؟
إستمعت لصوت بكاء طفلها الشديد..فخرجت تهرول للشرفه..
وقعت عينها علي مايحدث..فلم تشعر بقدمها التي هرولت علي الدرج، كل ما تراه أمامها طفليها وفقط..، كيف أهملتهم ألي هذا الحد..
شعرت بوهن يجتاحها، ولكنها ضغطت علي نفسها إلي أن أصبحت بالحديقه وتقف خلفه مباشرة،إستمعت له وهو يسأل طفلها عن ما به..؟
ـ مابك حبيبي، أخبرني لما تبكي هكذا…لا تبكي معتز..؟
إستمعت لطفلها يتمتم ببكاء..وكلمات متقطعه..
ـ جميعهم يخبروني أن لهم آباء، فلما ليس لي أب مثلهم، أريد بابا..هل رحل كما يقولون ألي السماء..؟
شهقت بصدمه..ووضعت يدها علي فمها، فإستدار سريعا لها..بعدما أستمع لصوتها..
مردفا بصدمه..
ـ سولاف..لم تستطع نطق ولا حرف واحد، نظرت لطفلها الذي يتشبث به بقوه، وعادت بنظرها لطفلتها التي تلهو مع الاطفال غير مكترثه، بما يحدث مع أخيها.
وعادت بنظرها له..
دموعها تسيل بلا إراده منها..لم تحسب حساب لذلك اليوم أبداً..
إقترب منها حاملا معتز علي ذراعه..يشعر بوجعها..
ـ سولاف حبيبتي، إهدي..تعالي..أنا..
استدارت واطلقت قدميها للريح مره أخري، تاركه كل شئ خلفها..
اغمض عينيه بألم، وإحتضن معتز بقوه..هامسا بألم..
ـ يارب..
إرتمت علي الفراش تبكي بحرقه..علي ما يحدث لها، تشعر بحرقه الكون بقلبها، كالجريح يتخبط يمينا ويسارا….
لما يحدث معها هذا، أي ذنب هذا الذي أقترفته، ليكون من نصيبها كل هذا الألم؟.
صعدت كما هبطت لم يشعر بها أحد…جسدها يرتجف
ألي أن…
إستمعت لرنين الباب..فانتفضت سريعا من مكانها، غير مكترثه لوهن جسدها من قلة تناولها للطعام، ورفضها الدائم له، فشعرت وكأن الدنيا تدور بها، إتكأت علي الحائط لتلتقط أنفاسها..إستمعت لصوت أطفالها من خلف الباب فتقدمت تتغصب علي نفسها لتصل، ودموعها تسيل بحزن علي حالها وحال اطفالها، إلي أن وصلت للباب وفتحته فتحه صغيره، إندفع الأطفال للداخل يبحثون عنها وينادون عليها، شعرت بروحها ستفارقها، فإستسلمت لغيامتهاا التي تسحبها للاسفل، أنزلقت خلف الباب وهي تحاول بقدر الإمكان أن تتشبث بأي شئ..
ــــــــــــــــــــــ
بالخارج أمام شقتها يأس من أن يراها، وظن انها لن تدلف للخارج لعلمها أنه من بالخارج، فإستدار ليصعد لشقته، قلبه يؤلمه عليها، لم يستطع البقاء بالأسفل وصعد سريعا بعدما هدأ معتز تماما وأجابه بطريقه تشبه تفكيره، يعلم أنها فحاله لا يرثي لها الآن، وآااه لو تعطيه الفرصه لأعطاها باقي عمره برضي وسعاده عن طيب خاطر، زفر وصعد هو الآخر، لم يكمل صعود درجتين إلا وصدم بطفلها يصعد خلفه، بينما هي تصارع تعبها لتتمسك بأي شئ لتستقيم، او حتي ليساعدها احد..
معتز بلهفه..
ـ محمد..محمد..
ـ ماذا معتز، لما خرجت مره أخري؟
ـ ماما ليست بالداخل..؟
ـ كيف هذا؟
هبط الدرجات التي صعدها مره أخري سريعا بصدمه، إن لم تكن هنا من فتح لهم، وزوجة خاله بالأسفل..
نادي عليها…
ـ سولاف، سولاف..
لارد..
كانت قد ذهبت بعالم آخر…لم تعد تستمع لشئ..
بحث عنها بالشقه بأكملها، ولم يجدها، سرعان ماتذكر الباب وفكر فيمن فتح لهم الباب، شهق وهو يهرول بإتجاه باب الشقه، بالفعل وجدها خلفه، ممده أرضا
جثي بجانبها سريعل، يحاول أنعاشها، يحاول بقدر الإمكان تذكر أي شئ مما تعلمه بالماضي عن الإنعاش ولا فائده، وكأن ذاكرته محيت تماما، صوت بكاء الاطفال وخوفهم وتره أثر، وهو ماكان يجاهد من أجلهم، وظهر جليا علي يديه رعشة جسده، إقترب ليحملها فخانه جسده وسقط بجوارها.. فصرخ بأعلي صوت علي شقيقته…
فريــــــــــــــــــده.. يافريـــــده..
ــــــــــــــــــــــــــــــ
تخبطات، وتخبطات..
بكاءها وضحكاتها، تترك بقلبي الانقسامات..
من أنت ياأمرأه..؟
طفله أنت..أم مراهقه..أم أمرأه دوبتني بنظره عينيها
وأحدثت الزوابع، وأشعلت الثوارات..
يا أمرأه..همساتها كناي حزين..
وضحكاتها، كهواء عليل..
أرأفي علي قلب قد ذاب من الشوق والحنين..
قلب كلما مرت عليه السنين..أزداد عشقا وأنين..
عشقا لن يتغير مهما توارت عليه الأيام، وغزته السنين..
رفقا بقلبي ياأمرأه.. رفقا بقلبي الحزين..
الفصل التالي اضغط هنا
يتبع.. (رواية رحماك الجزء الثالث) اضغط على اسم الرواية لتجد الفهرس كاملاً بجميع الفصول.