رواية زواج تحت التجربة (حاجز الصمت) “الجزء الثاني” الفصل الثالث عشر 13 – بقلم رباب حسين
زواج تحت التجربة (حاجز الصمت)
الجزء الثاني…. الفصل الثالث عشر
بقلم الكاتبة / رباب حسين
ظلمته…. لم أكن أتخيل أنه صادق معي…. هل كان صادق بكل شئ؟…. هل حقًا يحبني أم عاد إليّ بدافع الشفقة؟…. إن كان يحبني لما لا أرى هذا الحب في عينيه؟…. ظللت أبحث في عينيه عن نظرة حب دافئة ولكني لم أجد سوى جليد يضرب بمشاعري كأعصار يقلع كل أمل داخل صدري….. يده ولمسته تجعلني متخبطة المشاعر لست أدري هل كان كفه يحتضن كفي أم كانت فقط مشاعر تملك؟….. لا يوجد حنان في لمسته وحديثه يناقض ما أشعر به….. أليس الحب تفضحه العيون؟….. أليست العيون مرآة القلب؟…. قلبه جامد بارد كعينيه تمامًا….. لست ملامة على ظلمي لك وإن كان بقلبي لوم فهو لنفسي فقد وضعت كرامتي تحت أقدامك تدعسها كما شئت ورميت نفسي في أحضان هذا المختل أشكو همي له حتى وقعت في شباكه…. لو كنت ملجأ شكواي ما كنت أنا هنا الآن…كيف أهرب وإلى أين؟….
تركها مازن بعد أن كسر الهاتف وأغلق الباب عليها من الخارج وأخذت تطرق الباب لعل يسمعها أحد ويخرجها ولكن دون جدوى….. جلست خلف الباب تبكي دون صوت ثم وضعت يدها على رقبتها تتمنى لو تتحدث فلأول مرة تشعر بالعجز من فقدان صوتها ثم أغلقت عينيها تتذكر وجه والدتها وهي تستمع إليها وتنظر في وجهها بحب وكأنها تودعها
فلاش باك
كانت روح تتوسد ذراع والدتها بالفراش وتنظر إليها وهي تتحدث معها ولاحظت روح ابتسامة والدتها فسألتها ببراءة : ماما بتبصيلي كده ليه؟
مي : بسمعك يا حبيبة ماما
روح : هو إحنا هنروح الملاهي سوا إمتى؟
مررت مي أناملها داخل شعر روح ونظرت لها في وجهها الطفولي وقالت : هخلي بابا يوديكي يا روحي….. إتكلمي يا روح صوتك حلو أوي
روح : أنا بقالي كتير بتكلم وإنتي بتسمعي بس مش بتردي عليا
مي : عشان بحب اسمع صوتك أوي يا حبيبتي من كتر ما بحبه مش عايزة حد يسمعه غيري
أغمضت مي عينيها في ألم فقالت روح : إنتي تعبانة يا ماما صح؟….. هتنامي؟
مي في ألم : اه لازم أنام بقى كفاية كده….. تعالي في حضني يا حبيبتي
ضمتها مي إلى صدرها وأحكمت ذراعيها عليها وأغمضت عينيها ونامت روح داخل أحضانها بعد وقت استيقظت روح ورفعت رأسها تنظر إلى وجه والدتها فوجدته شاحب فأخذت تحرك يدها حتى تستيقظ ولكن دون جدوى فنهضت وجلست على الفراش بجوارها وظلت تتأملها وهي نائمة أمامها وبعد وقت دخل مراد الغرفة ووجد روح تجلس صامتة أمام زوجته فاقترب منها وتحسس نبضها فوجدها فارقت الحياة فضمها إلى صدره وأخذ يبكي على فراقها وابتعدت روح عنهما وضمت ساقيها إلى صدرها وهي تنظر إلى والدها الباكي وتتذكر كلمة واحدة ” من كتر ما بحبه مش حد يسمعه غيري”
وفقدت روح صوتها منذ ذلك اليوم وبرغم من المحاولات الكثيرة إلا أنها ترفض التحدث
عودة من الفلاش باك
كانت دائمًا ترى أن صوتها ملك والدتها فقط ونمت الفكرة بداخلها حتى فقدت الرغبة تدريجيًا بالحديث ولم يعد الدواء يجدي بمفعول والآن تشعر بأنها بأمس الحاجة إلى صوتها…. ثم أغلقت عينيها في ألم ووضعت يدها على بطنها فنهضت وأخذت مسكن واستلقت على الأريكة تضم ساقيها إلى صدرها ونامت من شدة التعب
كان يجلس في الحجز ينظر إلى الضوء الخافت الذي يدخل من النافذة….. شارد يفكر من قدم هذه البلاغات؟ ومن أرسل هذه الرسالة؟ ثم تأتي روح تقاطع تفكيره ويشعر بالألم داخل صدره…. هل وجدتها إيمان؟…. هل تصدق الآن أنه قتل آسر؟…. الحزن يسيطر على قلبه ويشعر بأنه لا يستطيع التنفس فهو شعر بالراحة عندما رآها ولكن ابتعد عنها رغمًا عنه مرة أخرى
كانت إيمان تحاول أن تتصل بهاتف روح ولكن الهاتف مغلق والقلق سيطر عليها بمجرد أن علمت أن مازن هو إبن أيهم ولم تستطع النوم حتى الصباح….. أما مازن فعاد إلى منزل والدته ووجدها تنتظره بالداخل فجلس بجوارها وقالت : طمني….. إيه الأخبار؟
مازن : بلغت عن يوسف وجم قبضو عليه قدام العيادة
رنا : ليه؟
مازن : عشان لقيته بيتكلم مع روح…. مستحملتش أشوفه بيقرب منها
رنا : مش مصدقة إن البت ديه هي اللي خلتك تاخد طار أبوك
مازن : أديني عملت اللي إنتي عايزاني أعمله من يوم أتولدت….. وقتلت واحد عشان البيه يلبسها….. عارفة يا ماما لو خرج منها أنا هروح في داهية ده غير إن شكله وهو بيجري ورا روح النهاردة إنه عايز يرجع لها يعني لو خرج هيرجعها
رنا : وهي هترجعله بعد اللي عمله فيها؟
مازن : بتحبه لسه….. أنا هتجنن منها…. أخليها تحبني إزاي يا ماما؟
رنا : خليك بس جنبها لحد ما تحس بالفرق بينك وبينه
مازن : المشكلة إنها عرفت الحقيقة….. عرفت إني قتلت آسر
رنا في صدمة : إزاى؟!….. عرفت إزاى؟
آسر :تقريبًا يوم الحادثة شافت الوشم على دراعي عشان النهاردة لما شافته اتخضت وعرفت في ساعتها
رنا : إوعى تكون سيبتها تمشي لا تروح تعترف عليك
مازن : لا حبستها في البيت القديم…. هخليها هناك لحد ما تخلص عدتها وبعدين اتجوزها روح ليا ومش هتبقى لحد غيري
رنا : خلي قلب يوسف يتحرق عليها زي ما قلبي اتحرق على أبوك لما خالد قتله وبقى بطل
مازن : حاضر يا ماما….. هعمل كل اللي إنتي عايزاه بس قوليلي أخلي روح تنسى إزاي إني عملت كده
رنا : مع الوقت هتنسى لما تعرف إنت بتحبها أد إيه وبعدين هي ملهاش حد دلوقتي غيرك عشان كده قولتلك إقتل آسر عشان ميبقاش ليها حد غيرك
مازن : هي كده فعلًا بقت ليا وبس وخلصت من يوسف…. أصلًا كل الأدلة ضده وأنا متأكد إن البوليس لقى الرسالة على موبايل آسر اللى بعتها من موبايل يوسف
رنا : الظروف ساعدتك أوي اليوم ده
مازن : اه….. هي الظروف اللي حطته في طريقي….. مين كان يصدق إني أرجع من السفر ألاقيه قدامي في العيادة وجي برجليه كمان
رنا : عشان قلبي يرتاح بعد السنين ديه كلها…. كان نفسي أخد بطاري من خالد مش من إبنه
مازن : معلش المهم إني عملتلك اللي إنتي عايزاه…. هقوم أنام شوية عشان عايز أشوف روح بكرة الصبح وأوديها لدكتور عشان تبدأ العلاج
رنا : خلي بالك عشان ممكن تهرب منك
مازن : هتهرب تروح فين؟!….. ملهاش حد خلاص
نهض مازن وذهب إلى غرفته لينام وفي الصباح ذهبت إيمان إلى قسم الشرطة ومعها المحامي وبعد وقت طلب الضابط يوسف إلى التحقيق مرة أخرى واطلع المحامي على ملف القضية وطلب الضابط إستدعاء الحارس والخدم وأكدو أقوال يوسف بأنه كان نائمًا أثناء الحادث وقال الحارس أنه ذهب مباشرةً بعد أن رأى آسر وروح في الحديقة فقال المحامي : يا فندم كده موكلي بعيد عن الشبهة
الضابط : ما هو ممكن يكون عمل كده وطلع أوضته قبل ما الحارس يشوفه
المحامي : طيب ديه نثبتها إزاى يا فندم؟
الضابط : الرسالة اللي على الموبايل والعداوة الواضحة بينه وبين المدعي عليه أقوى من شهادة الحارس والخدم
يوسف : يا فندم أنا قلت لحضرتك مش أنا اللي بعت الرسالة ديه
الضابط : طيب أثبتلي….. يعني مين متوقع إنه ممكن يمسك تليفونك ويفتحه ويبعت منه رسالة
يوسف : هي الرسالة كانت يوم الحادث؟
الضابط : اه…. ده توقيتها
نظر يوسف إلى توقيت الرسالة وقال : الوقت ده أنا كنت مع مراتي عند الدكتور النفسي
الضابط : طيب سيبت تليفونك في مكان هناك؟
تذكر يوسف أن هاتفه سقط ومازن أحضره له فأخبر الضابط بذلك فقال الضابط : والدكتور يعرف يفتح تليفونك؟
يوسف : ممكن يكون شافني وأنا بفتحه قبل كده….. معرفش بصراحة أنا متلغبط ما هو برده مفيش دافع إنه يعمل كده ومش منطقي إن هو اللي يقتله
الضابط : للأسف لحد ما تجيبلي دليل إنك مبعتش الرسالة ديه هتفضل متهم في القضية….. يتم تحويل المتهم إلى سرايا النيابة
خرج يوسف مع العسكري ورأته إيمان واقتربت منه في خوف وقالت : طمني يا حبيبي
يوسف : هيحولوني على النيابة….. روح يا ماما…. وصلتيلها؟
إيمان : تليفونها مقفول يا حبيبي
العسكري : يلا يا متهم
جذب العسكري يوسف وهو يقول : دوري عليها يا ماما…. لازم تتعالج….. دوري عليها في كل حتة
إيمان : حاضر يا حبيبي
نظرت إيمان إليه حتى أختفى من أمامها ونظرت المحامي وقالت : فيه إيه يا متر فهمني
قص لها المحامي ما حدث بالداخل فقالت في ذعر : هو مازن اللي بعت الرسالة…. أنا عايزة أقابل الظابط
طلب المحامي الأذن لها بالدخول وسمح لها الضابط فجلست أمامه وقالت : دكتور مازن هو اللي بعت الرسالة وأكيد هو اللي قتل آسر
الضابط : ليه بتقولي كده؟
إيمان : عشان حضرتك بتقول إن آسر إتقتل بطريقة غريبة وكمان الرسالة اللي يوسف مبعتهاش وقتها كان في عيادة الدكتور وأنا عرفت إمبارح إن مازن يبقى إبن أيهم عرفان وأكيد خد قوة باباه زي ما يوسف خد قوة خالد الله يرحمه
قام الضابط بعمل طلب لضبط وإحضار لمازن وخرجت إيمان مع المحامي من الغرفة ثم وقفت قليلًا وشردت ثم قالت : إيه اللي خلاه يقتل آسر وليه يعمل ده كله عشان يوسف يبقى متهم؟….. معقول يكون كل ده عشان روح
المحامي : مدام روح؟!….. طيب ليه؟
إيمان : روح مختفية من إمبارح وكمان تليفونها إتقفل وإنت بتقول إن يوسف إتقبض عليه وهو قدام العيادة والظابط بيقول إن فيه حد بلغ عن مكانه هناك يبقى أكيد مازن….. أنا قلقانة يكون عمل حاجة في روح…. البت عيانة ولازم تتعالج
كانت روح نائمة على الأريكة تحلم بيوسف يبحث عنها وهي تحاول أن تتحدث حتى يعلم مكانها ولكن لا تستطيع أن ترفع صوتها استيقظت في ذعر تنظر حولها ثم هدأت عندما وجدت نفسها في ذات المكان ونظرت أمامها بيأس وبعد قليل دخل مازن المنزل وأغلق الباب خلفه ووضع بعض الأكياس على الطاولة وقال وهو مبتسم : صباح الخير يا حبيبتي…. نمتي هنا ولا إيه؟…. السرير جوا مريح جدًا أحسن من الكنبة
روح : أنا عايزة أرجع شقتي
اقترب مازن منها وجلس بجوارها ووضع يده على شعرها فابتعدت عنه قليلًا ثم قال : عايزة تسيبيني؟…. أنا مليش غيرك وإنتي ملكيش غيري….. أنا مازن اللي كنتي بتحكيله كل حاجة وتاخدي رأيه صح؟…. متغيرة ليه معايا؟
روح : مش متغيرة بس مينفعش أقعد معاك هنا في بيت واحد
مازن : أنا مش قاعد معاكي…. أنا هاجي كل يوم أجيبلك أكل وعلاج وكمان نروح للدكتور عشان تتعالجي ولما تخلصي عدتك هنتجوز
روح في خوف : لا مش هينفع….. أنا مش عايزة لا اتجوز ولا أتعالج…. أنا عايزة أعيش لوحدي
نظر لها مازن في حزن وقال : وأنا أعيش من غيرك إزاى؟….يا روح أنا بحبك وعايزك معايا…. لازم تتعالجين ثم تغيرت ملامحه إلى الغضب قليلًا وقال : ومش باخد رأيك ده أمر وهتنفذيه فاهمة؟
نظرت له روح في خوف وأماءت بنعم وضع مازن يده على وجهها واقترب منها وكاد أن يقبلها ولكن إبتعدت عنه قليلًا ونظرت إلى أسفل فقال : بتبعدي عني ليه طيب؟
روح : إحنا لسة مش متجوزين
تنهد مازن ونظر بعيدًا عنها وقال : صح…. هصبر لحد ما تبقي ليا
ثم مرر أنامله داخل شعرها وقال : وساعتها مش هسيبك تغيبي عن عيني لحظة واحدة….. أنا جبتلك أكل والمسكن بتاعك عشان لو خلص وحجزتلك معاد عند دكتور أعرفه هيعالجك وهعدي عليكي بليل نروح سوا….. جبتلك كمان هدوم ليكي عشان تغيري براحتك وأنا مش هتأخر عليكي…. هروح بس العيادة عندي كام كشف وهجيلك على طول
أمسك مازن يدها وقبلها وذهب كانت روح تشعر بالخوف منه ولا تعرف كيف تهرب منه فقررت أن تذهب إلى الطبيب معه بالمساء وتحاول أن تهرب منه هناك…. ذهب مازن إلى العيادة ولكن توقف بعيدًا عندما وجد عناصر الشرطة تقتحم العقار من أسفل فأمسك هاتفه واتصل بالعيادة على الفور وأبلغ المساعدة أنه سيسافر خارج البلاد في مؤتمر طبي….. وبعد أن أنهت المساعدة المكالمة وجدت الشرطة تقتحم المكان فوقفت في ذعر أمامهم وقال الضابط : فين مازن أيهم؟
المساعدة : في مؤتمر…. لسة مبلعني حالًا عشان أقفل العيادة وألغي المواعيد
الضابط : فين المؤتمر؟
المساعدة : مقاليش
فذهب الضابط ومعه العساكر من العيادة وقررو الذهاب إلى منزل والدته ورآهم مازن وهم يغادرون فاتصل بوالدته وأخبرها بما حدث فقالت له أن يظل مع روح بالمنزل القديم فلا أحد يعلم عنوان هذا المكان فعاد مازن إلى المنزل عند روح….. انتشر خبر القبض على يوسف مما أصاب العاملين بالشركة بالذعر وقامت منار بالإتصال بإيمان بعد أن فشلت في الوصول إلى يوسف فأخبرتها إيمان بما حدث وأن يوسف محجوز في قسم الشرطة….. عاد مازن إلى المنزل وكانت روح تبدل ثيابها داخل الغرفة وعندما سمعت صوته أغلقت الباب بسرعة فشعر مازن بالقلق عليها فوقف يطرق الباب في خوف ويقول في صوت مرتفع : افتحي يا روح…. افتحي الباب….. إوعى تكوني بتحاولي تهربي بعد اللي عملته ده كله عشانك….. افتحي بقولك
كانت روح ترتدي ثيابها سريعًا وهو يطرق الباب بعنف وعندما لم تستجب لطلبه كسر الباب فوضعت روح غطاء السرير على جسدها الشبه عاري ونظرت إليه في ذعر وطلبت منه أن يخرج فقال مازن : إنتي عشان كده قفلتي الباب؟
أماءت له روح في خوف وطلبت منه الخروج ولكن توقف يتأمل جسدها في رغبة وأخذ يتقرب منها وهي تشعر بالخوف الشديد منه وعندما شعرت برغبته نزلت دموعها وترجته بأن يذهب ولكن وقف أمامها وأمسك يدها بقوة وقال : أنا مش قادر أمنع نفسي عنك…. أنا هتجوزك يا روح مش هسيبك….. تخلصي العدة وهكتب عليكي…. سيبيلي نفسك بس
أماءت له روح في خوف بلا والدموع تنساب على وجهها فقال : متخافيش…. أنا عمري ما هأذيكي ولا هعمل فيكي اللي يوسف عمله…. أنا بحبك…. بصي في عينيا هتلاقيني فعلًا صادق معاكي…..مش إنتي كنتي بتقوليلي إن عينيه مفيهاش حب ولا مشاعر ليكي….. بصي في عينيا كده…. أنا مش زيه صح؟…. خايفة مني ليه؟
ثم دفعها على الفراش وهي تنظر إليه في ذعر
يتبع….
رباب حسين
• تابع الفصل التالى ” رواية زواج تحت التجربة (حاجز الصمت) الجزء الثاني ” اضغط على اسم الرواية