رواية محامية قلبي الفصل الثانى 2 – بقلم أمل شعبان

 رواية محامية قلبي الفصل الثانى 2 – بقلم أمل شعبان 

2

بقلم امل شعبان محاميه قلبي 

عدّى عشر دقايق…

ولا عم حسين رجع، ولا الأستاذ ياسين خرج،

ولا والسكرتيرة 

كانت قاعدة كأنها مذيعة أخبار على قناة أجنبية…

لبسها شيك، شعرها نازل بستايل كأن الريح بتساعده، ومناخيرها مرفوعة كأنها شافت زينب جاية تسأل على الأجرة مش الشغل

قمت قربت من السكرتيرة وسألتها بأدب وأنا عاملة صوت هادي:

– “هو الأستاذ لسه في الاجتماع؟”

بصّت لي بنفس النظرة اللي بتديها الأم لابنها لما يقول لها “جعان” بعد ما خلصت غسيل المواعين:

– “قالت لها بنبرة باردة:

ــ “اتفضلي استني… الأستاذ في اجتماع حالياً.”

—بقلم امل شعبان محاميه قلبي.”

زينب ابتسمت ابتسامة “أنا مش قدكم بس جامدة برضو”

وقعدت على الكرسي، وحطت رجل على رجل… بس ندمت فورًا!

الجزمة قرصتها قرصة خلتها تقول بصوت واطي:

ــ “حسبي الله ونعم الوكيل في ندى… ما كانتش جزمة، دي عقاب إلهي.”

قعدت تبص حواليها…

كل واحدة داخلة لابسة فورمال شيك…

ألوان هادية، شعر مرتب، والروج أهدى من نفسيتها!

وهي… كانت عاملة زي حد طلع من ماتش كورة.

بصّت للسكرتيرة،

وبعدين بصّت على نفسها،

وبعدين على الجزمة اللي عملت خريطة جروح على رجلها،

وقالت لنفسها:

ــ “ندى قالتلي ده ستايل كوري… آه فعلاً، كوري بمعنى كارثة.”

كل شوية السكرتيرة تبص عليها،

وزينب ترجع تعدّل نفسها،

وتحاول تظهر إنها متماسكة، ايه

بس الحقيقة إنها بتعدّ الدقايق …فجأة رن التليفون الأرضي عند السكرتيرة،

رفعت السماعة وقالت بنعومة مزيفة:

ــ “ألو… أيوه يا فندم؟ حاضر يا فندم.”

قفلت السماعة وبصّت   وفي نفس اللحظه 

رجع عم حسين من الحمّام، بيعدل في قميصه وبيقول للسكرتيرة:

– ياسمين، استاذ ياسين فاضي؟

قالت له من غير ما ترفع عن اللاب توب:

– بعد إذنكم، اتفضلوا… الأستاذ ياسين بينتظركم.

أنا؟ قلبي بيخبط زي طبلة المولد، وكل اللي بفكر فيه:

“لو اترفضت من الشغلانة دي… والله لقلع الجزمة اللي عاملة في صوابعي خريطة الوطن العربي، وهديها في وش عم حسين الأول، وبعد كده أشوف الأستاذ ياسين”.

دخلنا المكتب، وأنا متهيألي إني هدخل على راجل أصلع عنده كرش وشه محمر من كتر العصبية…

بس لأ!

لقيت قدامي شاب، في التلاتينات، لابس بدلة شيك قوي، ووشه فيه حدة كده تخوف، بس وسيم، لا… وسيم أوي.

أول ما عينه وقعت عليا، حلفت إني شفت لمعة استغراب…

وعرفت ساعتها إنه – زيي بالظبط – مش مستوعب شكل الجزمة اللي لابساها!

أنا؟ ابتلعت ريقي بالعافية، وقلت في سري:

“الله يفضحك يا ندى… قعدت تقولي موضة إيه ومدري إيه… دي عاملة زي جزمة الملك فاروق هو رايح ينتحر 

مدّ الأستاذ ياسين إيده ناحيتي وهو بيقول بنبرة هادية لكن مش باردة:

– اتفضلي يا آنسه 

قعدت قدامه وهي بتكتم آه في صدرها، الجزمة كانت خلصت على صباعين من رجليها،

بس لسه عندها كرامة، يعني تحاول تبان ثابتة.

ياسين قال بهدوء:

ــ “اسمك؟”

قالت بسرعة:

ــ “زينب عبد السلام، خريجة حقوق،

مدّيت إيدي وأنا بحاول ما أبصش على صوابعي اللي خلاص بقوا أيتام جوه الجزمة، وقلبي بيدق كأنّي داخلة امتحان شفوي فجأة.

قعدت، وهو قعد قدامي، باصص في الورق اللي قدامه، وسأل من غير ما يرفع عنهم:

– معندكش خبرة في مجال المحاماة… صح؟

ردّيت بسرعة وأنا بحاول أتكلم بصوت شكله واثق:

– آه… أقصد لأ، يعني… فعلاً معنديش، بس أنا بتعلم بسرعة جدًا، وبحب التنظيم والدقة.

هو رفع عينه فجأة، وبصلي نظرة كانت كفيلة تخليني أعترف بأي جريمة من أيام ابتدائي.

—وتدخل في الموضوع عم حسين قال وهو بيبص لأستاذ ياسين:

– بصراحة يا أستاذ… البنت دي مكسب. مؤدبة، ومحترمة، وعلى قدّ الشغل. وأنا شايف إنها تنفع جدًا للمكان هنا.

زينب لفّت له ببصّة فيها استغراب، وغمغمت وهي بتوشوش في سرّها:

“هو بيتكلم عني أنا؟ ولا في زينب تانية واقفة ورايا وأنا مش شايفاها؟”

ما لحقتش أجمّع أفكاري، فجأة الأستاذ ياسين رفع عينه من الورق، وبنبرة جادة فيها نغمة ما بتهزرش، قال:

– أنا اسمي مسمّع ومعروف… والمكان هنا اسمه محسوب عليّا. حتى المحاميين اللي بيشتغلوا معايا، لازم يكونوا على نفس المستوى… شكلًا، وأداءً، واحترامًا.

سكت لحظة كأنّه بيراقب رد فعلي، بس أنا كتمت وجع رجلي اللي خلاص حاسة إنها مش رجلي، وعدّلت قعدتي، وبصيت له بعينين فيها حزم وقلت من غير لف ولا دوران:

– وأنا قدّ المكان ده يا أستاذ ياسين… ومستعدّة أثبتلك ده من أول يوم.

بقلم امل شعبانممحم انتم

سكت شوية… وسكتنا كلنا معاه.

لحظة صمت طويلة…

أنا ساكتة وباصّة له بثبات، وهو ساكت وباصص لي بنظرة تقيلة مش سهل تقراها.

فجأة، لفّ الكرسي ناحية المكتب، وابتدى يوقّع على ورقة، وقال بنبرة حاسمة من غير ما يرفع وشّه:

– هتبدأي من بُكره.

قلبي وقع، وبعدين رجع مكانه بسرعة.

كمّل بنفس النبرة:

– أول يوم ليكي هيكون تحت التدريب… شهر كامل.

هنشوف شغلك، التزامك، طريقك مع الملفات.

لو كنتِ قدّ الكلام اللي قولتيه… مكانك مضمون.

ولو لأ، الباب بيفتح للناحيتين.

أنا ابتلعت ريقي بالعافية، وقلبي بيخبط بس مش زي طبلة المولد بقى… لا، ده بيخبط كأن في نشرة أخبار شغالة جواه.

ومع كده، رفعت راسي، وقلت بهدوء:

– تمام… متشكرة على الفرصة.

قمت وأنا بحاول ما أعرجش من الجزمة، بس مش مهم…

لخرجت من مكتب ياسين بيه وأنا مش حاسة برجلي.

بس مش من الوجع…

من الفرحة.

“هتبدأي من بكره”

الكلمة دي كانت بتلف في دماغي زي نشيد وطني، وكنت كل شوية أفتكرها وأبتسم من غير ما أقصد.

أنا؟ اتقبلت.

أنا؟ أول يوم شغل بكره.

الشارع بقى أوسع، والهوا ألذ، والناس شكلهم أهدى…

حتى الجزمة، اللي كانت من شوية بتعصر في صوابعي، نسيت وجعها…

اتحوّلت لحاجة بسيطة جدًا، قدام إحساس “أنا عملتها”.

وصلت عند بيتنا،.   طلعت زينب على السلم، شعرها مفكوك شوية من التوتر، والجاكت في إيد، والجزمة التانية في الإيد التانية…

نَفَسها بيطلع بالعافية، وكل سلمة بتقول “آه” بصوتها.

خبطت على الباب، فتحت أمها وهي لابسة طرحة مُعوجّة من كتر التعب، وقالت أول ما شافتها:

– إيه يا زينب؟ قبلك في الشغل يا بنتي؟!

ردّت زينب وهي داخلة:

– لا يقطع الشغل وسنينه! هاتيلي أي مرهم رجّاية، قبل ما صباعي يطلب اللجوء لدولة تانية.

وتلقّحت على الكنبة، الكنبة زيّقت زي ما تكون بتصرخ معاها:

– آه… مش كفاية اللي شِلتينيه من همّ، جايّة تقعدي فوقي كمان؟!

طلعت مريم أختها من جوّه، عيونها فيها ضحكة مستنيّة الفرصة وقالت وهي واقفة على السلم الداخلي:

– جاية ماسكة الجزمة في إيدك؟ ده أول يوم مقابلة شغل، أمال لو اشتغلتي فعلاً هتعملي إيه؟ هترجعي حافية من أول الشهر؟!

زينب ردّت وهي مرمية وعينيها مغمّضة:

– لو اشتغلت، هطلب بدل طبي للجزمة، وكرسي متحرّك بالمرة… أنا رجلي خلاص! بعتتلي جواب تهديد.

وقبل ما تكمل، خبط الباب خبطة متحمسة كأنها بتقول: افتحولي… جايبالكم الطاقة كلها!

ندى دخلت تجري، وشعرها مربوط بسرعة، وقالت بصوت عالي وهي بتزق الباب وبتقرب من زينب:

– قوليلي بقى! عملتي إيه؟ قبلوكي؟ أكيد انبهروا بالطقم اللي أنا مختاراه لك، صح؟

أنا قلبي كان حاسس إنهم مش هيصدقوا نفسهم!

زينب بصّت لها من فوق لتحت بنظرة فيها حسرة وغيظ وقالت:

– بصّي… أنا عندي طلب بسيط:

انتي ما تلبّسيش حد هدوم، ولا تلبّسي جزم، ولا حتى تلبّسي لعب أطفال…

دي الجزمة عملت فيا أكتر مما عملت الحروب في التاريخ!

بقلم امل شعبان محاميه قلبي 

ندى انفجرت من الضحك، ومريم دخلت في السخرية، وزينب؟

كانت بين إنها تضحك معاهم… وبين إنها تعيط وهي بتحط رجلها فوق التانية علشان تلحق آخر نفس فيها.

يتبع ❤️❤️ محاميه قلبي

يا ترى… أول يوم شغل لزينب هيبدأ إزاي؟

ده اللي هنشوفه سوا…

👇🏼

لو فرحتوا لزينب،

💬 اكتبوا لها تعليق يديها دفعة

❤️ وسيبوا لايك يفرّح قلبها

• تابع الفصل التالى ” رواية محامية قلبي  ” اضغط على اسم الرواية 

أضف تعليق