رواية المتنقبة الحسناء الفصل السادس عشر 16 – بقلم شيماء عفيفي

رواية المتنقبة الحسناء – الفصل السادس عشر

الفصل السادس عشر

الفصل السادس عشر

الله اكبر

الفصل السادس عشر

(زادت نبضات قلبه؛ وبدأ ضغطه يرتفع؛ أحس بالدوار؛ أغمض عينيه ثم مال رأسه؛ فقد الوعي وهو جالس على كرسيه المتحرك؛ في هذه اللحظة دخل أخوه عبد الله ممسكًا بكوب عصير؛ لفت انتباهه عدم تحركه؛ لا ينطق وجسده بارد برود الثلج.)

(في المستشفى) يطمئن الطبيب على نبضه وهو يقول: “ينفع كده يا أستاذ عبد الرحمن.؟! إزاي ترفض تاكل وكمان تمنع العلاج فجأة كده؟!”

عبد الله: “قوله يا دكتور،من امبارح باتحايل عليه ياكل”

الدكتور بابتسامة: “صحتك غالية علينا كلنا؛ لازم تاخد بالك من صحتك؛ إن لبدنك عليك حقًّا”..

عبد الرحمن بصوت خافت: “الحمد الله على كل حال”..

دخل أسعد وهو يلتقط أنفاسه: “السلام عليكم”..

التفت إليه الدكتور ووالده: “وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته”..

أسعد بقلق: “ألف سلامة عليك يا عمي؛ لا بأس طهور إن شاء الله”..

يكاد صوته لا يسمع وهو يقول: “الله يسلمك يا ابني”..

التفت أسعد للطبيب وسأله: “طمني يا دكتور، عمي عامل إيه دلوقتي؟!”

– الحمد الله جت سليمة؛ بس هيقعد معانا لحد بكرة نظبط له الضغط ويخرج بإذن الله؛ بس أستأذنكم حد يفضل معاه للصبح عشان لو احتاج حاجة؛ مرافق واحد بس دي أوامر المستشفى!!

وضع أسعد يده على صدره وزفر باطمئنان: “الحمد لله؛ حاضر يا دكتور أوامرك!!”

الدكتور بابتسامة: “طيب أستأذنكم؛ ولو احتاجتم أي حاجة أنا موجود في مكتبي”..

والد أسعد: “اتفضل في رعاية الله؛ يا أسعد؛ افضل أنت مع عمك عشان لو احتاج حاجة وأنا هاقوم أروح وأجيلكم الصبح بإذن الله”..

صمت أسعد قليلا؛ ثم قال: “لا مش هينفع يا والدي!!!”

والده بدهشة: “خلاص روح أنت؛ وأنا هفضل معاه!!”

هز رأسه نافيا وهو يقول: “مينفعش بردو؛ حضرتك هتروح معايا”..

التقط عمه أنفاسه بصعوبة؛ ثم قال بتنهيدة متعبة: “خلاص يا عبد الله أنا مش محتاج حد معايا؛ متقلقش أنا بقيت كويس”..

ابتسم أسعد ومد يده وأمسك يد والده؛ ثم قال بعجلة: “مع السلامة يا عمي؛ وما تنساش تدعيلي!!”

اتسعت عينا والده وقال بغضب: “استنى بس يا ابني.!

“غمز لوالده ثم قال: “يلا بأه يا والدي.!!”

بعدما خرجوا من الغرفة؛ رأى علي يقف خلف باب الغرفة؛ احتضنه بفرح ثم قال: “مش مصدق عيني؛ ده عبد الرحمن هيفرح أوي”..

علي بارتباك: “إزيك يا عمي.؟!”

عمه بابتسامة: “الحمد لله؛ بقيت بخير لما شوفتك؛ ربنا يجمعكم على خير يا ابني ويقرب البعيد”..

زادت دقات قلب علي: “آمين يا رب”..

نظر أسعد لوالده وقال: “عرفت يا والدي بأه مين اللي هيفضل مع عمي؟!!”

قال والده بتعجب: “ده أنت طلعت مش سهل أبدا؛ بس والله برافو عليك”..

أسعد بابتسامة: “عشان تعرف بس قدراتي!!”

والده بابتسامة: “في دي عندك حق”..

ربت أسعد على كتف علي وقال: “يلا يا عليوة ادخل لأبوك واعمل حسابك هتفضل معاه الليلة دي؛ والدكتور قال هيخرج بكرة بإذن الله والصبح إن شاء الله هجيلك”..

زفر بقلق: “استنى بس يا عم؛ مستعجل ليه؟!!”

أشار له أسعد وهو ممسك يد والده قائلا: “اجمد يا عم؛ السلام عليكم”..

(تسارعت دقات قلب علي؛ ومد يده وطرق باب الغرفة؛ ثم أمسك بمقبض الباب الموصد وفتحه؛ لم يلتفت إليه والده؛ اعتقد أنه أحد من طاقم التمريض دخل ليطمئن عليه.)

قال بارتباك: “السلام عليكم؛ إزيك يا والدي.؟!!”

التفت برأسه سريعا؛ نظر إلى علي؛ لم يصدق نفسه؛ أصبح يغمض عينيه ويفركهما بيديه؛ ثم ينظر  لعلي وهو يهمس بصوت خافت مع تنهيدة متعبة: “أكيد ده تأثير المحلول والعلاج؛ أكيد باحلم؛ آه أنا بحلم!!!”

اغرورقت عينا علي بالدموع؛ واقترب من والده وأمسك بيده: “لا يا والدي مش بتحلم؛ حقيقة مش حلم؛ أنا موجود فعلا!!”

بكى والده كالطفل الصغير؛ وظل يشهق من كثرة البكاء؛ حاول تمالك نفسه وقال: “مش مصدق نفسي؛ تعالى في حضني يا ابني”..

احتضن والده وظل يبكي بشدة وهو يقول: “حضنك واحشني أوي يا والدي”..

تنهد والده بحزن وقال: “يا حبيبي يا ابني أنت كمان وحشتني أوي؛ أناااا أنا أنااااا عايز بس أقولك……”

قاطعه علي: “اهدى بس يا والدي عشان ما تتعبش ونتكلم بعدين”..

أمسك يد علي بشدة ونظر له قائلا: “مش هتسبني صح.؟! اوعى تمشي أنا محتاجك جنبي؛ أنا بقيت عاجز؛ عايزك تفضل معايا؛ أرجوك يا ابني”..

مد يده وجفف دموع والده وابتسم قائلا: “أنا معاك وعمري ما هاسيبك أبدا؛ وهتبقى كويس بإذن الله”..

أغمض عينيه والتقط أنفاسه بتنهيدة هادئة: “أنا بقيت كويس بعد ما شوفتك؛ وهبقى كويس لما أشوف اخواتك؛ سامحني يا ابني أنا غلطت في حقكم كتير أوي”..

انحنى علي وقبل جبينه: “المسامح كريم؛ المهم دلوقتي شد حيلك كده؛ عرفت من الدكتور إنك مش بتاكل كويس ومش بترضى تاخد العلاج”..

والده بحماس: “هاكل وهاخد العلاج؛ أوعدك”..

علي بابتسامة: “ده اللي يهمني؛ إنك تبقى بخير وكويس!”

صمت والده قليلاً ثم قال: “أنا غلطت يا ابني، جريت ورا شيطاني وما فكرتش إلا في نفسي؛ بس صدقني يا ابني أنا ندمت وحزين إني مكنتش الأب المثالي لك أنت واخواتك؛ وندمان إني سبت والدتك الطيبة الأصيلة اللي عمري ما هعوضها أبدا!!”

علي بحنين: “أوقات كتيرة كنت بحن لك وأشتاقلك؛ كنت لما أشوفك في منامي أصحى فرحان إني شوفتك”..

يستكمل علي كلماته ودموعه تتساقط على خديه: “ما أنكرش إني زعلت منك وقت لما اتخليت عن حلمي ومكملتش تعليمي عشان أساعد أمي في تربية اخواتي؛ بس كان في قلبي جزء حنين محفوظ جواه ليك كلمة (بابا)؛ لما كنت أنطقها في سري أتوجع أوي”..

بكى والده ثم قال بأسف: “حقك عليا يا ابني؛ أرجوك ما تزعلش مني؟!”

جفف علي دموعه وبابتسامة قال: “ما أقدرش أزعل منك؛ بص بأه أنا جعان جدا؛ هاطلب أكل بس على شرط تاكل معايا؛ وبعدين نقعد نتكلم على رواقة؛ أنا معاك لحد الصبح”..

قال بحزن قد ظهر على ملامحه: “يعني هتسيبني وتمشي الصبح؟!!”

علي بابتسامة: “أيوة هامشي؛ بس حضرتك هتيجي معايا مش هاسيبك لوحدك!!”

والده باستغراب: “آجي معاك فين يا ابني؟!”

علي: “هتيجي معايا البيت!”

والده بدهشة: “إزاي يا ابني بس؟!”

هز رأسه يمينا ويسارا: “زي الناس؛ أصلا أمي قالتلي ما تجيش لوحدك؛ لو جيت من غير أبوك مش هدخلك من باب الشقة؛ يرضيك أنام في الشارع يعني.؟!!!!”

والده ما زال في دهشة: “زينب هي اللي قالتلك كده؟! إني آجي معاك؟!!”

أومأ علي برأسه إيجابا: “أيوه؛ لما عرفت إنك عند عمي ومريض؛ قالتلي احنا أولى من عمك بيه”..

بكى والده وقال بامتنان: “طول عمرك أصيلة يا زينب؛ قولي يا ابني زياد وحسناء عاملين إيه؟!”

علي: “أكيد أسعد قال لحضرتك إن زياد كتب كتابه وسافر السعودية؛ أما بأه حسناء في كلية تربية الفرقة التالتة”..

-قالي يا ابني؛ وكان بيطمني عليكم دايما؛ أسعد ده شاب محترم وجدع أوي..

علي بابتسامة: “أسعد ده زي زياد بالضبط؛ أكتر من أخ بالنسبة لي؛ ربنا يسعده ويبارك في عمره”..

والده بابتسامة: “يا رب يا ابني؛ بس دايماً بيقولي إن حسناء طالعة عنيدة أوي ودماغها ناشفة!!”

أومأ برأسه إيجابا وقال: “حسناء؟! دي طيبة أوي؛ بس هي فعلاً عنيدة، وتطلع تطلع وتنزل على مفيش؛ عارف زياد مسميها إيه؟!!”

رد متسائلا: “يا ترى إيه؟! ”

-دايما يقولها يا سوسة؛ حسناء ذكية أوي؛ دي كمان بتكتب قصايد وخواطر جميلة أوي..

والده بابتسامة: “أيوة عارف!”

علي بإستغراب: عرفت منين؟! ده مفيش حد يعرف خالص؛ حتى أسعد ما يعرفش.!!!

حاول والده تغيير الموضوع: “انت مش هتأكلني ولا إيه؟”

نهض علي من مكانه على الفور وهو يقول: “حاضر من عنيا؛ بس ثواني أتصل بأمى عشان أطمنها وأعرفها اللي حصل”..

– اتفضل يا ابني.

(أمسك علي بهاتفه وأبلغ والدته بكل ما حصل لوالده.)

والدته بقلق: هو عامل إيه دلوقتي يا ابني؟!

علي بفرح: “الحمد لله يا أمي؛ اتحسن كتير أول لما شافني”..

ارتاح قلب والدته قليلاً: “الحمد لله ربنا يتم شفاءه على خير؛ خد بالك منه يا ابني، وتفضل معاه لحد ما الدكتور يأذن له بالخروج وتجيبه معاك”..

علي: “حاضر يا أمي، في رعاية الله”..

-مع السلامة يا ابني..

التفت علي إلى والده وابتسم له ثم قال: “هاطلب الأكل؛ أحسن خلاص بطني بتصوصو من الجوع”..

ابتسم والده: “وأنا كمان”..

******************

(أغلقت زينب سماعة الهاتف ثم نظرت إلى حسناء بقلق)

حسناء بلامبالاة: “خير يا ماما.؟! سمعت كلمة مستشفى في كلامك!!”

والدتها بحزن: “أبوكِ في المستشفى ادعيله يا بنتي”..

هزت كتفها بلامبالاة وقالت بحنق: “آه طيب؛ ربنا يشفيه!”

اتسعت عينا زينب ثم قالت بغضب: “لو قلبك مزعلش على أبوكِ وقت مرضه؛ يبقى العوض على الله  فيكِ وفي مرض قلبك!!!”

تأففت بملل: “تصبحي على خير يا ماما”..

خرجت من غرفة حسناء غاضبة وهي تقول: “وأنتِ من أهله!”

******************

(جلست بغيظ وأمسكت بهاتفها وضغطت على زر الاتصال بمها لتشكو لها ما حدث..)

اغرورقت عيناها بالدموع: “السلام عليكم؛ إزيك يا مها؟!”

مها بقلق: “وعليكم السلام؛ الحمد الله؛ صوتك ماله؟!”

حسناء ببكاء: “مخنوقة شوية!”

مها بقلق: “من إيه يا حبيبتي.؟! اهدي كده واحكيلي”..

أجهشت حسناء بالبكاء: “اللي اسمه بابا ده مريض، وطلع قاعد عند عمي، وماما قالت لعلي يروح يجيبه يقعد معانا”

مها في ذهول: “بتتكلمي بجد.؟! طيب زوجته التانية فين؟!”

قالت باستياء: بيقولوا سابته واطلقت منه وراحت اتجوزت غيره؛ ولما تعب بأه راجع يضايقنا احنا”..

مها بحزن: “لا حول ولا قوة إلا بالله؛ غلط يا حبيبتي تقولي كده؛ مهما كان ده والدك”..

قالت بغضب وصوت عالٍ: “مها ما تنرفزنيش؛ أنا مش نقصاكي!!”

مها بهدوء: “ما أقصدش أضايقك يا بنتي؛ بس الواجب إني أنصحك لما تغلطي؛ أولا والدتك قرارها صح؛ ما ينفعش يقعد عند عمك يخدمه وأولاده موجودين؛ انتم أولى منهم بيه!!”

ضغطت على أسنانها: “اقفلي يا مها؛ أنا غلطانة إني كلمتك أصلا.!”

مها بحدة: “ما ينفعش أضحك عليكِ عشان أراضيكِ بكلمتين؛ أنتِ لو اتعاملتي مع والدك وحش هتبقي بنت عاقة؛ وحرام عليكِ هتشيلي ذنب كبير”..

زفرت بملل: “مع السلامة يا مها”..

أغلقت الهاتف بغضب؛ وقالت محدثة نفسها: “هو كل أما أكلم حد يقولي بنت عاقه.؟! وهو لما سابني وأنا طفلة صغيرة ما كانش عاق بينا.؟!!”

(ظلت طيلة الليل تخطط كيف تضايق والدها بشتى الطرق عند عودته للمنزل..)

******************

الفصل التالي: اضغط هنا

يتبع.. (رواية المتنقبة الحسناء) اضغط على اسم الرواية لتجد الفهرس كاملاً بجميع الفصول.

أضف تعليق