رواية رسائل زوجتي – الفصل الخامس
بارت 05
ضحكت بصوت عال وقلت بنبرة خالية من المشاعر
“هههه، زوجتك الثانية يبدو أن الأولى لم تعد تفي بالغرض، صارت قديمة، لم تعد صالحة للاستخدام… عندك حق، أي نسيت أن أهنئك… مبروك ألف مبروك سيد سرحات، ليرزقكم الله بالذرية الصالحة…”
“يكفي مزاحا…”
قال، لكنه كان جادا جدا.
“الأمر لم يعد نكتة، سيحدث حقيقة.”
كلماته ترددت في عقلي مثل صدى مؤلم، بينما ابتلعت حنجرتي بقايا الأوجاع التي اختلطت في قلبي، لم يكن هناك رد يليق بالموقف، شعرت أنني أحتاج أن أصرخ، لكنني ضمت تلك الصرخات إلى صدري وأخفيتها بعناد، قطرة دمعة تلو الأخرى نزلت على وجنتي، محملة بملح الألم، لكنني جاهدت لإخفائها.
حملت الأواني بصمت، ونزلت إلى المطبخ، غسلتهم بعناية، بينما دموعي تتساقط بغزارة، مثل أمطار غزيرة في ليلة مظلمة.
انتهت تلك الليلة بهزيمةٍ لا أستطيع إيقافها، وكدمات على قلبي الذي كان ينزف من الداخل
“ألف عذر لا يمكن أن يزيلها…”
همست لنفسي، لكن قلبي كان يشعر بثقل الهزيمة.
كنت بحاجة لنوم يريحني، لكن النوم نفسه خذلني حينما كنت في أمس الحاجة إليه، كانت الأفكار القاتلة تدور في رأسي، ولا أريد أن يأتي الغد، لكن الغد جاء دون أن أتمكن من إيقافه، كان اليوم الموعود قد وصل، ولا مهرب منه.
وعندما تذكرت غيث وليلى، نسيت كل الألم الذي سكن قلبي جمعت بقايا قوتي، رغم أنني شعرت بالضعف يتسلل إليَّ، غادر سرحات المنزل باكرا، ولم يكن الصغار قد استفاقوا بعد، نزلت إلى الطابق السفلي، بدأت في تنظيفه، وغيرت ديكور الغرف ومسحت الأرضية، رغم الحزن الذي كان يسيطر على قلبي، كنت لا أريد أن تقول تلك الفتاة عني إنني متسخة أو غير مسؤولة.
وها هو العريس يصل، حاملا أكياسا، وقال
“لا تتعبي نفسك في تحضير الغداء، لقد اشتريته جاهزا.”
لم أنظر إلى وجهه، ولا أستطيع أن ألتقي بنظراته، أخذت الأكياس إلى المطبخ، وحضرت الطاولة.
بينما كنت أطعم صغاري، قال بصوتٍ خافتٍ لكنه حازم
“حضري الأولاد في المساء، سيذهبون معي لأخذ العروس من بيت أخوها… ويسعدني أن تذهبي معنا.”
أجبت على الفور، محاولة تهدئة نفسي
“لا أريد، خذ الأولاد فقط.”
قال بحزم أكبر، يتوقع ردي
“أنت ستذهبين أيضا، عروستي زمرد تريد أن تراكِ وتتعرف على الأولاد.”
فأجبت بسرعة، معبرة عن مشاعري المكبوتة
“لن أذهب، لتحتفظ زمردك بطيبتها لنفسها.”
ضحك قليلا وقال بنغمة ساخرة
“هههه، أما زالت الغيرة تأكل قلبك؟”
أجبت بألم مستتر خلف ضحكة متكلفة
“أنا… أغار؟ ههه، أضحكتني.”
قال بجدية، وقد قرأ في عيني ما لم أكن أستطيع إخفاءه
“بلى، عيناكِ تقر بذلك.”
ثم رفعت رأسي، وصوتي يحمل جمودا غريبا
“أنا لا أغار، لا منك ولا منها… قلبي أصابه الجمود، لم يعد يشعر والآن، صحتين وهناء.”
لم أتمكن من كبح شعوري بالبرد الذي اجتاحني، فغسلت الأواني ونظفت مطبخي كما ينبغي، بعد ذلك أخذت أطفالي وصعدت إلى غرفتي، شعرت بتعب هائل، فغفوت لساعات قليلة، لكنني استيقظت على بكاء صغيري.
نظرت إليه، وكان يبدو جائعا، أرضعته، ثم بادلته الحنان وأنا ألبسه أجمل ثيابه، أما ليلى، جوهرتي اللامعة، فقد لبستها أفخم فستان، وسرحت شعرها بأدق التفاصيل، ثم رششتها بأحلى عطر، نظرت إليّ بينما قلت لها
“يجب أن تكوني أحلى من… زوجة أبيك، يا ماما.”
ابتسمت بصعوبة ثم أرسلتهما إليه، بينما في أعماقي أتساءل ماذا سيحدث بعد لحظات، وكيف ستتغير حياتنا إلى الأبد مع قدوم تلك الفتاة.
#يتبع
الفصل التالي: اضغط هنا
يتبع.. (رواية رسائل زوجتي) اضغط على اسم الرواية لتجد الفهرس كاملاً بجميع الفصول.