رواية موسى (على دروب الحكايا) الفصل الثالث 3 – بقلم امل بشر

رواية موسى (على دروب الحكايا) – الفصل الثالث

الفصل الثالث(عقد قران)

الفصل الثالث(عقد قران)

صلوا علي سيدنا محمد خاتم الأنبياء والمرسلين…

نبدا بسم الله…

____________________

_

لم تنتهي الاحتفالات بالعيد في المنطقة ولا المناطق المجاورة لها،ولا في بيت عائلة عمران بالطبع،بل وزادت الاحتفالات لديهم،فاليوم ليس ثالث أيام العيد فق ،بل يوم عقد قران الابنة الصغرى للعائلة “دلال” على مخطوبها “طارق”.

صدحت أصوات الزغاريط في العمارة بأكملها لتوحي بجو ملئ بالبهجة والفرحة، وتجمعت النساء في الطابق الثاني الخاص

بكبير

العائلة مع العروس،بينما تجمع الرجال والشباب في

الطابق

الأول في ورشة داود مع العريس.

بينما هو فكان يستلقي علي فراشه بكل راحة،غارقاً في نومه متجاهلاً العالم من حوله،ولكن فجأة ودون أي مقدمات اخترقت مسامعه تلك الأصوات العالية التي أقلقت راحته.

حاول تجاهل الصوت والتقط وسادة من علي الفراش،قام بوضعها فوق رأسه لكتم الصوت،ولكن فشلت طريقته تلك وظلت الاصوات تصل إليه لتزعجه أكثر وأكثر.

زفر بضيق وتمتم بحنقٍ ساخر:

“قطط بتصرّخ…بيموتكوا تحت!”

مسح وجهه بغضبٍ ثم أخذ الوسادة وألقاها صوب باب الغرفة بقوة وهو يردد بنفاذ صبر:

“يارب ايه الحنجرة دي!!”

زفر بقوة ثم نهض من علي الفراش وهو يتمتم:

“استسلمت.”

اتجه نحو

الخزانة

وأخرج منها بعض الثياب المنزلية ثم خرج من الغرفة،واتجه نحو المرحاض،لكن قبل أن يولج وصله صوت طرقات خفيفة علي باب الشقة.

“مين؟”

أتاه الجواب سريعاً بصوت طفولي:

“أنا زياد”

“وأنا مُنذر”

ابتسم بخفة ثم اتجه نحو الباب بهدوء وفتح لهما،أخفض رأسه وطالعهم من الأعلى بإبتسامة ثم قال:

“أهلا بالأبطال..عايزين ايه؟؟”

تحدث زياد بخفوت:

“تيتا بتقولك انزل تحت”

“تيتا مين؟؟”

أجابه منذر هذه المرة:

“تيتا عبير.”

عضّ شفتيه بغيظ ثم تمتم بضيق:

“تيتا عبير هي قالتكم تطلعوا تنادولي؟؟”

أومأ كلاهما له بالإيجاب مرددين في آنٍ واحد:

“آه”

زفر موسى بقوة ورفع نظره عنهما ثم تحدث مع نفسه بصوت خافت:

“هي الست دي مش ناوية تسيبني في حالي ولا ايه؟؟”

نظر لهما مرة أخرى ثم قال بنبرة حنونة:

“طب انزلوا انتوا دلوقتي،وأنا هاغيّر هدومي وأحصلكم. ”

حرك زياد رأسه بالنفي وقال:

“أنا عايز أستناك هنا.”

تحدث منذر هو الأخر:

“وأنا كمان. ”

“ماشي،ادخلوا اقعدوا جوه لحد ماخلص.”

ابتسما له بلطفٍ ثم دلفا للداخل

وجلسا

علي الأريكة في بهو المنزل،بينما هو رمقهما بفرحة خافته ثم زفر مجددت وولج إلي المرحاض.

_____________________

بعد دقائق بسيطة خرج من المرحاض بعدما بدل ملابسه،اتجه نحوهما و تحدث بسخرية:

“يلا بينا ياأبطال ولا عجبتكوا الشقة وعايزين تباتوا؟؟”

نظر له كلاهما،وتحدث منذر بلهفة:

“وهو احنا ينفع نبات؟؟”

نظر له موسى نظرة

مطولة

في دهشة ثم أردف بحنقٍ:

“آه ينفع..عندك أمك،

يلا ياض أنت وهو قدامي!”

لم يتحرك أي منهما من مكانه بل ظل يطالعانه بنظرات

مريبة،فضيق عيونه وسأل

:

“ايه؟! بتبصولي

كده

ليه؟؟”

أتته

الإجابة سريعاً منهما في آنِ واحد:

“شيلنا.”

“هو أنا قادر أشيل نفسي علشان أشيلكوا!”

اقتربا منه وأمسك كلامها بطرف بنطاله،كل منهما من جهة وشرع زياد في التحدث بإلحاح طفولي:

“يلا علشان خاطري”

أيد منذر حديث رفيقه قائلاً ببراءة لم تخلو من دهاء الأطفال:

“علشان خاطري..شيلنا.”

طالعهم لثوانٍ في صمت،ثم

ضحك بخفة بعدما أدرك أنهما نجحا في استغلاله عاطفياً بنظراتهما ونبرتهما الطفولية تلك.

أومأ لهما بالإيجاب ثم قال بقلة حيلة:

“ماشي..”

جلس القرفصاء وحمل كل منهما علي إحدي يده،ثم نظر لهما علي حدا وقال:

“مرتاحين كده؟؟”

أومآ له بالايجاب معاً:

“آه”

“طب يلا بينا!”

اتجه نحو الباب وانحنى قليلاً جهة زياد وقال له:

“افتح يازيزو.”

أومأ له زياد بلهفة طفولية وقال:

“حاضر”

نجح زياد في فتح الباب فخرج ثلاثتهم،فانحنى مرة أخرى ولكن جهة منذر ثم قال:

“اقفل يامنذر.”

“حاضر”

نجح منذر في إغلاق الباب،

فاستقام

موسى ثم قال لهم بتحفيزٍ:

“شاطرين ياأبطال”

اتجه نحو الدرج وترجل وكل منهما علي ذراعيه،ثم شرع في التحدث معهما لكسر الملل والصمت:

“بما إن طريقنا طويل لحد مانوصل،تعالوا نتكلم شوية.”

نظر صوب زياد وقال:

“اسمك بالكامل ايه يازيزو؟؟”

“زياد بلال أحمد محمد عمران”

“برافو عليك.”

التفت صوب منذر ثم أضاف:

“وأنت يامنذر اسمك ايه بالكامل؟؟”

“منذر..عزت محمود..محمد عمران”

“برافو عليك”

رمقهما علي حدا ثم قال بغمزة عابثة:

“انا اسمي ايه بالكامل بقا؟؟”

أجاباه كلاهما معاً:

“موسى داود..محمد عمران”

“يعني بكون بالنسبة لكم ايه؟؟”

أجابه زياد أولاً:

“عمنا”

وأضاف رفيقه:

“وخالنا”

“بس تنادولي ايه؟؟”

“موسى”

ابتسم بخفوت ثم قال ببسمة جانبية خبيثة:

“شاطرين،ودلوقتي بقى تنادوا ل دلال ايه؟؟”

“ستو”

اتسعت ابتسامة الأخير بعد سماع

إجابتهم

الموحدة تلك ثم قال بحماس وسعادة:

“برافو عليكم..تريبتي. ”

ابتسما كلاهما كذلك،وفجأة صدح صوت زغروطة عالية اخترقت مسامعهم،فنظر لهما موسى ثم قال بضيق:

“عارفين ايه الصوت ده؟؟”

أومآ كلاهما بالإيجاب وتحدث زياد أولاً:

“آه..اسمها زرغوطة”

اختفت إبتسامة موسى ونظر للأخير سريعاً وسأله:

“اسمها ايه يازيزو؟؟”

“زرغوطة”

“زرغوطة؟!”

“آه”

اومأ له موسى بالإيجاب ثم التفت جهة منذر وقال:

“اسمها ايه يامنذز؟؟”

“رزغوطة”

انكمش حاحبي الأخير وقال:

“ايه؟!”

“اسمها…رزغوطة”

“رزغوطة آه…أنتوا

بتاخدوا

عربي عند مين؟؟”

رد عليه منذر ببسمة بريئة:

“عند ماما.”

نظر موسى نحو زياد و سأله:

“وانت يازيزو؟!”

“عند عمتو برضه.”

“بتاخدوا عند يمني؟؟”

أومآ

كلاهما بالإيجاب وتحدث معاً:

“آه”

“طب ماتاخدوش عندها بقى تاني،ده بتعوج لسانكم!”

“هاقولها على فكره.”

نظر موسى صوب منذر ثم قال بحدة مصطنعة:

“هرميك من الشباك لو قلتلها!”

أبعد نظره عنه ثم نظر نحو باب شقة جده التي وصلوا إليها، وقال:

“يلا وصلنا”

دخل إلى الداخل برفقة الطفلين، فوجد نساء العائلة مجتمعات هناك مع بعض الجيران أيضاً.

“السلام عليكم”

ردوا التحية عليه جميعاً،أما هو فاتجه نحو كل من نورهان ويمنى،وقام بإعطاء زياد

الأولي

مردداً بضيقٍ:

“خدي ابنك.”

اتجه نحو الثانية التي كانت علي مقربة من الأولى

وأعطاها

منذر مردداً:

“وانتِ كمان خدي ابنك.”

نظرت يمنى له بحنق ثم قالت:

“هو انت

بترميه

؟؟”

“احمدي ربك إني رميته في حضنك،بدل ماكنت أرميه من البلكونة.”

انهى جملته التي أكلقها بحنق واضح، ثم ألقى نظرة عابرة على جميع الموجودين حتى وقعت عينه على والدته فاقترب منها وسألها:

“بتناديني ليه؟؟”

ردت عليه بصوت هادئ، رتيب:

“كنت عايزاك تنزل تقعد مع الرجالة تحت.”

“أقعد فين؟؟”

“تحت مع أبوك وجدك وبقيت الرجالة في الورشة.”

“وهما قاعدين في الورشة ليه؟؟”

“علشان ماينفعش يقعدوا في نص الشارع ياذكي.”

سألها يإستنكار لم يخلو من الضيقٍ:

“يعني حضرتك بعتالي العيال ينادولي، علشان أنزل اقعد مع الحج تحت؟!”

“آه”

زفر موسى بضيق ومسح وجهه بيده ثم قال:

“استغفر الله العظيم.”

“طب يلا انزل”

“هنزل..هنزل ياحجة ماتخافيش.”

زفر بقوة

ثم أضاف بصوت خافت:

“لا حول ولا قوة إلا بالله.”

التفت بعد كلماته تلك، ثم أخذ يجول بنظره في البهو، ولسوء الحظ لم يجدها من بين

الجالسين

، فسأل

:

“صحيح فين العروسة؟؟”

أجابته عمته سهير:

“جوه في الأوضة بتقيس الفستان، عايزها في حاجة؟؟”

سكت لحظة ثم حرك رأسه نفياَ وقال:

“لا، كنت بسأل بس..يلا أنا هنزل أشوف الجماعة تحت، عن اذنكم”

تقدم نحو الباب بخطوات هادئة، لكن قبل أنا يصل له أوقفه صوت “نورهان”_ابنة عمه محمود_ التي قالت:

“استني ياموسى!”

التفت نحوها مجدداً، وقال:

“يا نعم.”

“خد زياد معاك، اديه ل باباه.”

وقبل أن يجيبها حتر وجد

يمنى _ابنة عمه أحمد_تقترب هي الأخرى منه وتقول:

“وخد كمان منذر معاك..اديه لعزت”

وزّع

نظراته عليها والتي لم تخلو من الضيق والاستياء، ثم قال بحنقٍ:

“هو أنا ساعي أطفال، ماينزلوا لوحدهم.”

تدخلت عبير في الحديث بقولها الجاد

:

“ما أنت كده كده نازل، خدهم معاك.”

زفر بضيق ثم طالعا الطفلين اللذان اقتربا منه، ثم قال بنفاذ صبر:

“يلا أنت وهو قدامي.”

حرك منذر رأسه بالنفي مردداً  ببسمة بريئة:

“لا شيلنا.”

ردد موسى بإستنكارٍ:

“تاني؟؟”

أ

ومأ زياد بالإيجاب، وقال:

“آه..تاني.”

تنهد بقلة حيلة، ثم قال بنبرة هادئة:

“تعالو، أمري لله.”

انحنى بنصفه وصعد كل من

الطفلين

على إحدي ذراعيه كما حدث منذ قليل، التفت وتقدم نحو الباب

وقبل

أن يخرج منه، توقف من جديد على صوت مريم _ابنة عمه محمود_ حينما قالت:

“استني ياموسى، معلش”

التفت لها مردداً بضيق:

“ايه تاني؟؟”

اقتربت منه يمنى بدلاً من مريم

،

وهي تمسك بيد الصغيرة، ثم

أشارت نحوها، وتحدثت مع الأخير قائلة:

“معلش خد زينة معاك كمان، إديها ل رؤوف”

رد عليها الأخير بحنقٍ لم يخلو من السخرية:

“ودي احطها فين إن شاء الله؟؟ امسكها ب بقّي (فمي)”

“خليها تمشي جنبك.”

تدخلت الطفلة في الحديث حينها:

“لا أنا عايزاه يشيلني زيهم. ”

اقتربت

مريم من طفلتها وهي تهتف بإستياء:

“طب هيعملها ازاي، هيطلعلكم دراع تالتة يعني ولا ايه؟!”

ابتسم موسى بخفة على تعليقها، ثم نظر للطفلة وكعادته أمام أي كائن صغير يتمتع بتلك البراءة، شعر بالضعف

، فتنهد بقوة ثم قال بنبرة هادئة:

“لقيتها خلاص..”

نظرت له مريم بتساؤل صامت، فقال:

“حطيها علي كتافي”

“ممكن تقع!”

“ماتخافيش.”

انحني قليلاً، ثم حملت مريم طفلتها ووضعتها علي كتفيّ الأخير، الذي تحدث إلى الطفلة التي تمسكت برقبته:

“امسكي جامد يازينة علشان ماتقعيش، أنا مش دافع مصارف مستشفيات أنا.”

طالعته

مريم بضيق ثم صلحت بإستنكارٍ:

“يعني انت اللي همك بس فلوس المستشفى ومش همك حياة البنت.”

“هي بنتي؟؟ لأ، أما الفلوس بتاعتي”

“أموت وأعرف مين سيئة الحظ اللي هتتجوز بخيل زيك!!

ده أنت هتكرها في عيشتها

.

ابتسم بسخرية،

ثم قال بثقة:

“ومين قالك إني هبقي بخيل عليها اصلا!”

تدخلت يمنى في الحديث بقولها الساخر:

“مش عارفة ليه حاسة إن بعد الثقة دي، هتأكلها فول علي الغدا”

ضحك الجميع علي تعليقها هذا، بإستثناء موسى الذي ابتسم بسخرية، وحاول تغيير الموضوع مردداً وهو ينظر لمعدتها:

“سيبك من بُخلي ومراتي المستقبلية والكلام ده دلوقتي، وقوليلي البطيخة دي فيها ايه؟؟”

ضربته بخفة على ذراعه وهي تردف بإستياء:

“بطيخة ايه؟؟ ماتتلم”

“ماهي بطيخة فعلا ،يلا قوليلي ولد ولا بنت؟؟”

“ولد، أنا أصلا قايللكم قبل كده.”

رفع حاجبيه بدهشة مصطنعة وهو يقول:

“بجد؟!”

“آه، وأنت كنت موجود معانا.”

“ماأنا ببقى موجود ومش موجود في نفس الوقت.”

“ده هبل ده؟!”

ابتسم لها بسمة سمجة قبل أن يردف ببرود:

“عارف، المهم قررتوا هتسموه ايه؟؟”

“هنسميه عُديّ إن شاء الله.”

“يجي بالسلامة إن شاء الله.”

رددت يمنى بتهكم:

“وهو جاي من سفر؟!”

“ماأنا معرفش المفروض اقول ايه في الحاحات اللي زي دي، فكك”

أنهى جملته ثم نظر صوب فريدة _ابنة عمته سامية_ وسألها:

“وأنتِ

يافريدة

حامل في ايه؟؟”

“بنوتة”

“طب قررتوا تسموها ايه؟؟”

“لسه ماقررناس أنا وكريم، لو عندك اسم حلو ومميز قوله”

تنهد موسى ثم قال ببسمة خفيفة:

“والله في اسم بحبه أويد بس ما أقدرش أقوله،علشان عايزه يبقي ليه طابع خاص عندي، لو لقيتلك اسم حلو تاني هابقى أقولهولك إن شاء الله.”

أومأت له فريدة بالإيجاب وقالت:

“ماشي”

أومأ بالإيجاب كذلك، ثم رمق الأطفال الثلاثة وقال بحماس:

“يلا ياابطال!!”

أجابوه الأطفال بحماس طفولي في آنِ واحد:

“يلا”

ابتسم الجميع علي هذا الموقف، وعلقت حينها عمته سهير:

“والله هتبقي أب عسل ياموسى.”

أيدت عبير حديث الأخيرة مرددة:

“أُمال، هيبقي أحسن أب إن شاء الله.”

طالعهم موسى بذهول للخظة قبل أن يعلّق بلهجة لاذعة:

“أنتوا دخلتوا في مرحلة الإنجاب، ده أنا على كده لازم أهرب قبل ماتخرجوا ابني من الجامعة بقى، يلا عن اذنكم، ولا فيه حمولة كمان؟؟ لسه رجلية فاضيين علي فكره”

ضحكوا جميعاً علي حديثه الساخر، بينما هو التفت وخرج من الشقة قاصداً الطابق الأول وتحديدا ورشة النجارة حيث تَجمّع الرجال.

وعقب خروجه من الباب، خرجت دلال من غرفتها بصحبة كل من نادية

وشقيقتها

سامية،

طالعت

الموجودين ثم سألت:

“هو موسى كان هنا؟؟”

ردت عليها مريم التي عادت للجلوس في مكانها:

“آه، كان هنا من شوية ولسه نازل مع العيال، كنت عايزاه في حاجة؟؟”

سكتت لحظة، ثم حركت رأسها نفياً وقالت:

“لأ، كنت بسأل بس علشان اتهيالي إن سمعت صوته.”

أومأت لها مريم بالإيجاب، بينما تحدث سهير:

“طب قوليلي الفستان طلع مظبوط؟؟”

نظرت دلال لشقيقتها، ثم قالت

ببسمة

هادئة:

“آه طلع مظبوط، كله الشكر لخالتو نادية.”

ردت نادية عليها سريعاً بنبرة ودودة:

“ولا شكر ولا حاجة ده واحبي يادلال، وبعدين يعني احنا عندنا كام دلال في الحتة علشان نعملها فستان؟؟”

ابتسمت دلال بخجلٍ ثم قالت بإمتنانٍ:

“تسلميلي ياخالتي”

_____________________

في جهة الأخري…

دلف إلى الورشة بإبتسامة عريضة شقت

وجهه

،

بسبب حديث الأطفال معه طيلة المسافة إلى هنا، ولكن اختفت ابتسامته تلك بمجرد أن سمع صوت والده، يقول:

“أهو البيه شرف أخيراً، الأستاذ اللي مش وراه حاجة غير النوم.”

اقترب موسى من بلال و رؤوف

، الذي نهضا مسبقاَ وقاما

بإنزال الأطفال الثلاثة من على الأخير بحذر وحرص.

“السلام عليكم.”

كانت تلك كلماته عندما وجد الأعين عليه، فردّوا

التحية جميعاً، ثم أشار محمد بالجلوس

بجوار

والده، مرددا بصوت رتيب:

“اقعد جنب أبوك”

أومأ بخفوت، وقال بهمسٍ بالكاد سمعه هو:

“حاضر”

تقدم موسى وجلس حيث أشار جد، ليتوسط كل من والده وخاله طارق،

وحينها علّق داوود بنبرة حنق واضحة

:

“لسه فاكر تصحي، ناسي إنه النهاردة عندنا كتب كتاب.”

نظر موسى لوالده ثم أجابه بنبرة هادئة، حملت في طياتها سخرية واضحة:

“هو كتب كتابي أنا؟؟ مش أنا العريس ولا حتة العروسة، أصحي بدري ليه بقى؟!”

رد عليه والده بنبرته الخشنة:

“تصحي بدري تقعد معانا، ممكن نبقي محتاجين حاجة كده ولا كده، وبعدين أنت مش من طرف واحد بس، أنت من طرف الإتنين، لازم تبقى مهتم أكتر من كده.”

زفر موسى بضيق، ثم أومأ بالإيحاب وهو يبعد نظره عن والده:

“حقك عليا ياحج، أنا كان المفروض أصحي بدري، أنا غِلطت.”

“ما أنت دايماً غلطان، ايه الجديد يعني؟!”

غضب؟

نعم غضب، فكيف لا وهو اعتاد على سماع مثل تلك الكلمات يومياً منه، والأسوء أمام الجميع.

وضع يده على قدمه وشد ضغطه عليه، كأنه هكذا يتخلص من غضبه،

لكن فجأة وجد يد تربت على يده بحنان، ولم تكن إلا يد طارق، الذي همس له بإهتمام:

“اهدى”

نظر له موسى مطولاً قبل أن يزفر بقوة، ويتنهد ليستعد بعض من هدوءه.

فيما التفت داوود ونظر نحو بلال، ثم قال بنبرة هادئة عكس سابقتها تماماً:

“قولي يابلال، شغلك ماشي كويس؟؟”

“أيوه الحمد لله، كله تمام.”

“الحمد لله علي كل شئ، أنت شاطر ومجتهد وعرفت تستخدم شهاتك في المكان الصح وربنا كتبلك الخير.”

ابتسم بلال لعمه، وقال:

“تسلم ياعمي”

أومأ له داوود بإبتسامة، ثم نظر إلى فادي شقيق بلال و سأله:

“وأنت يابشمهندس، كله تمام؟”

“أيوه الحمد لله ياعمي.”

“أبوك كان قايلي إنك اترقيت.”

رد فادي ببسمة هادئة كطباعه:

“مظبوط، اترقيت من شهر كده.”

“ألف مبروك، تستاهل”

“الله يبارك فيك ياعمي. ”

أومأ

داوود

بالإيجاب ثم نظر صوب عزت الذي كان يجلس بجوار جده، وسأله:

“وأنت يامتر، أخبار شغلك ايه؟؟ المكتب ماشي كويس؟؟”

“ماشي والحمد لله ياعمي.”

“أكيد مضغوط في الشغل طبعاً؟؟”

أومأ له عزت بالإيجاب مردداً:

“يعني، بس وجود الموظفين مساعد طبعا.”

“ربنا يسعدك وينجحك كمان وكمان.”

ابتسم عزت لعمه ثم قال:

“تسلم ياعمي”

التفت داوود نحو كريم شقيق عزت ، وسألع بنفس النبرة الودودة:

“وأنت يا كيمو، بتساعد أبوك في المصنع؟؟”

أشار كريم جهة والده مردداً ببسمة خفيفة:

“أهو عندك أهو، اسأله وهو يقولك”

نظر داوود نحو شقيقه محمود فوجده يقول:

“والله ياداود كريم شايل قسم الحسابات كلهد غير انه بيساعدني في الإدراة، يعني أنت عارف بقى، الواحد كبر وبقاش عنده خلق للشغل، فبجد وجوده مسهل حاجات كتير أوي.”

“ربنا يخلهولك يااخويا وهو اخواته.”

“ويخليك ابنك أنت كمان يااخويا.”

اختفت ابتسامة داوود عند هذت النقطة، ونظر صوب ابنه بضيق وحسرة، بينما موسى فقط كان يبعد أنظاره عن والده بقدر ما يستطيع ، ليتجنب النظر له ويرى تلك النظرات التي يبغضها وبشدة، تلك النظرات التي يرمقه بها دائما وبالأخص في تلك التجمعات، التي يقصد دائماً أن يتحدث فيها مع أولاد عمومته ويظهر له نجاحهم ويفتخر بهم أمامه، لإثارة غيرته، أو قد تكون سبباً_في نظره_ ليحثّه على تحمل المسؤولية.

تنهد موسى بضيق متجاهلاً نظرات والده تلك، وفجأة شعر

بإهتزاز

هاتفه، فشرع

بإخراجه

بسرعة من جيب بنطاله القماشي،

كأنه غريق في عرض البحر وأخيراً وجد طوق النجاة.

أمسك بهاتفه ووجد أن المتصل صديقه كارم، فنظر

إلى

موجودين

،

ثم قال:

“عن اذنكم ياجماعة، ثانية وراجع.”

دلف إلي خارج الورشة بعد جملته تلك، وقف أمام الباب، مرر إصبعه على شاشة الهاتف وبدأ المكالنة مع الأخير بقوله الخفيف:

“تعرف إنك سكر ياض.”

عقد كارم حاجبيه باستغراب ونبس بينما السيجار تتحرك بين شفتيه:

“ايه الكلام الغريب ده بقى!! أول مرة أسمعه منك فيه ايه؟؟”

“أنت فين دلوقتي؟؟”

طالع كارم من حوله في المكان وقال بصوت هادئ:

“أنا في السايبر أنا والرجالة،قولت اتصل عليك اشوفك صحيت ولا لأ”

“طب أنا جايلكم؟؟”

“جاي فين يابني؟! أنت عندك كتب كتاب”

“يابني هو كتب كتابي،فكك..أنا شوية كده وأبقى عندكم.”

“ماشي،أنت حر.”

أنهى موسى المكالمة عند هذا الحدث،ثم أغلق هاتفه وأعاده إلى جيبع،و دلف إلى الداخل من جديد.

وقف عند مدخل الباب ثم رفع صوته متحدثاً ليجذب الإنتباه إليه:

“معلش ياجدي، أنا نا مضطر أستاذن، كارم صاحبي عايزني في موضوع مهم دلوقتي.”

رد عليه والده بنبرته الخشنة:

“موضوع مهم أوي؟؟”

نظر موسى لوالده بملامح جامدة، ثم قال بنبرة محايدة:

“آه، موضوع بخصوص شغله ياحج”

“ماشي ياموسى، روح بس متتأخرش.”

نظر موسى صوب جده وابتسم له

بإمتنان

،

وقال:

“شكرا ياجدي، عن اذنك”

طالع

الجميع سريعاً، وأضاف

مع إماءة بسيطة

:

“عن اذنكم”

خرج من الورشة بعد جملته تلك، رفع يده وضبط من وضع القبعة على رأسه، وأخذ يسير في طريقه متجهاً إلي رفاقه، بعدما انفكَ أسره ونجح في الفرار من ذلك التجمع الأشبه له بالسجن، والسبب في شعوره بذلك يعود لوالده.

_____________________

بعد صلاة المغرب…

تجمعت العائلة بأكملها في شقة الحاج محمد لعقد قران نجله الغالية، برفقة أقاربهم وجيرانهم أيضا.

كان الجميع يجلس في بهو المنزل الواسع،بينما هي كانت بصحبة اخوتها وزوجات اخوتها وباقي الفتيات في غرفتها، بعدما ارتدت فستانها البسيط، الذي تميز باللون البيج وتوسطه حزام رفيع باللون نفسه، ونُقشت علي كتفه بعض النقوش البسيطة اللامعة، وأعلاه حجاب باللون ذاته

، كانت بسيطة وأنيقة في الوقت ذاته.

أمسكت يمنى يد عمتها ودارت بها بحركة حماسية، لتعبر عن فرحتها بها، ثم توقفت قائلة بسعادة:

“زي القمر ياعمتو، طارق هايغمي عليه من جمالك.”

شعرت بالخجل بمجرد ذكر اسمه ولاحظت جمعيهن ذلك، فاقتربت منها تينا وهي تنبس بخبث، ليس غريب عليها:

“في ايه يايمني!! شوفي خدودها احمروا إزاي بسببك، كده هي اللي هيغمي عليها من الكسوف.”

ضحك الجميع علي حديثها هذا، وأسرعت دلال في التحدث حينذاك بصوت هادئ، لايخلو من الخجل:

“ياجماعة حطوا نفسكوا مكاني، النهاردة كتب كتابي.”

ردت عليها نورهان سريعاً محاولة أن تطمئنها:

“احنا علي فكره كلنا تقريباً جربنا الشعور ده قبلك يادلال، فاحنا عارفين كويس احساسك ايه دلوقتي.”

أيدت يمنى حديث ابنة عمها مرددة:

“مظبوط ياعمتو، الشعور ده طبيعي علي فكره، كونك خلاص هتبقي مرتبطة بيه بشكل رسمي،وبعد إنتظار أكتر من ٣ سنين، من الليلة دي مش هيبقي خطيبك..هيبقي جوزك يادودو”

ردت عليها دلال بتوتر وسعادة في آنٍ واحد:

“أنا بجد مش مصدقة، لحد دلوقتي مش قادرة أستوعب إني خلاص..أنا وهو هنتجوز وهنبقي في بيت واحد.”

علقت

يمنى ساخرة:

“بعد ماكنتوا بتلعبوا في شارع واحد.”

ضربتها دلال بخفة علي ذراعها، قائلة بجدية مصطنعة:

“اتلمي”

“الله! مش دي الحقيقة يادلال، أنا كنت بلعب معاكم أنتِ وموسى وهو على فكره.”

“ده كان زمان يايمني، خلاص احنا كبرنا و…”

توقفت فجأة عن التحدث فسألتها يمنى بخبث:

“كملي ماتتكسفيش، و ايه؟؟”

رمقتها بضيق

لعلمها

بنوايها ثم أردفت بحنقٍ:

“وهنتجوز، لازم أقولها كل شوية يعني.”

ضحكوا عليها جميعا مجدداً، ثم اتجهت نحوها شقيقتها الكبرى سامية بعدما تمالكت

ضحكاتها

وتحدث مع الآخرين بحزم مزيف:

“بس انت وهي

،

ماتضحكوش

علي أختي الصغيرة،

ا

وعوا

تنسوا إنكم في يوم من الأيام كنتوا مكانها. ”

نظرت دلال

لشقيتها

بإمتنان، ثم وجدتها

تعانقها

قائلة بحنان:

“ألف مبروك يانن عين اختك.”

عانقت دلال شقيقتها ببسمة صغيرة خلفها بحار من السعادة، ولكن فجأة وجدتها تقول:

“كبرتي وهتتجوزي يادلال، ومين؟ طارق صديق الطفولة بذات نفسه.”

ابتعدت دلال عن شقيقتها

ورمقتها

بنظرات ضيق ولكن لم تستطع أن تخفي

سعادتها

وبدأت بالضحك مع البقية، فهي تعلم جيداً أنهم

لايسخرون

منها بل فقط

لايصدقون

كيف لذلك ال “طارق”  الصغير الذي كان يحملها علي يديه أن يصبح اليوم زوجها وشريك حياتها.

_________________

في الجهة الاخري…

كان يقف أمام شقيقته التي كانت تعمل على ترتيب بذلته التي تميزت باللون “البيج” كذلك، أسفلها قميص باللون الأبيض وحذاء من اللون الأسود.

رددت عبير

بسعادة

وأعين

لامعة، وهي تضبك له وضع ياقة قميصه:

“ألف مبروك ياقلب أختك، مش مصدقة إن طارق اللي كنت بشيله علي دراعي اول امبارح، كبر وبقى عريس وكتب كتابه النهاردة.”

ابتسم طارق

لشقيقه

بسمة واسعة ثم قال:

“العمر بيجري ياعبير، مش بنلمحه”

“صح ياعين أختك، الحمد لله إني عشت لحد ماشوفتك عريس. ”

“ماتقوليش كده ياعبير، ربنا يهليكي ويديكي طولة العمر، وتعيشي لحد ماتشوفي ولادي وولاد الولد ده.”

أنهى

جملته وهو يشير بطرف عينه نحو موسى، الذي كان يقف بجوار الباب، يستند بجسده على الحائط ويراقب المشهد بضجر

بات واضحاً على ملامحه.

رمقت عبير ابنها ثم قالت بنبرة يائسة:

“هو راضي يتجوز علشان اشوف عياله، مش راضي يريحني ابن داود.”

زفر موسى بقوة وقلّب عينيه بضجر

، بينما هي حركت رأسها بيأس ثم نظرت

لشقيقها

وقالت بنبرة هادئة:

“سيبك منه ياحبيبي، روح ظبط نفسك يلا وأنا هستناك بره متتأخرش.”

أومأ لها طارق بإبتسامة مردداً:

“حاضر.”

خرجت من الغرفة مباشرة بعدما رمقت ابنها بنظرات ضيق وسخط، بينما هو تأفف بضيق، ثم اقترب من خاله الذي التفت ليري نفسه في المرآة.

توقف موسى بجانب الأخير فجأة كأنه اصطدم بجدار من القلق،حدّق في عينيه بنظرة ممتزجة بالريبة والجدّية، ثم قال بصوت خافت كمن يُلقي تحذيراً لا يُستهان به:

“أنت متأكد؟”

قطّب طارق حاجبيه وهو يلتفت إليه باستغراب حقيقي،قبل أن يردف نبرة خالية من أي توقع:

“مش فاهم! قصدك إيه؟”

“أقصد،أنت متأكد من الخطوة دي؟ عارف إنت داخل على إيه؟”

ضحك طارق بخفة كأن الكلام لا يحمل له أي وزن، ثم قال وهو يهز رأسه بثقة مزاحِة:

“بلاش دراما يا موسى..طبعاً عارف،ده جواز.”

هز موسى رأسه سريعاً نافياً،كأنه يراه غارقاً في الوهم:

“لا سيبك من إنه جواز،السؤال الحقيقي…أنت عارف هتتجوز مين؟”

سكنت على وجه طارق ابتسامة دافئة،كأن قلبه استُدعي على الفور ثم أجاب بصوت أقرب للهمس المطمئن:

“دلال…هتجوز دلال.”

انفجر موسى مستكملاً الجملة بصوت أكثر حدّة:

“بالظبط! دلال..دلال يا خالو! دلال مرة واحدة! أنت رايح برجليك للهلاك،ده انتحار رسمي، اسمع مني،اهرب، اهرب قبل ما تتدبس! البنت دي مجنونة صدقني.”

قطعه طارق بنبرة انفجرت فيها الحماسة والحنق معاً،وعيناه تلمعان بالدفاع كأنه يحرس كنزاً لا يُقدّر بثمن:

“أنت اللي مجنون! أما دلال دي ست العاقلين والحلوين،والحنية كلها فيها.”

شهق موسى كأنه سمع تهمة تشويه للحقائق وصاح مذهولاً:

“حنية؟! أنت على نياتك أوي يا خالو…دي عليها عضّة بتطلع بالجلد حرفياً!”

رمقه طارق بعين نصف مدهوشة،نصف ساخرة،ثم قال ببطء وكأنما لم يصدق أذنه:

“ليه؟! هو أنا هتجوز كلبة؟!”

حرك موسي رأسه بالنفي

مرددا

بجدية:

“لأ، أنت هتتجوز دلال وده أسوء، دلال دي ماحدش يعرفها غيري، فاسمع مني واهرب قبل ماتروح عليك وتندم بعدين.”

وضع طارق يده على كتف الأخير وربت عليها قائلاً بثقة:

“ماتقلقش ياحبيبي، أنا مستحيل أندم إني اتجوزتها، ده أنا حفيت علشان أوصلها ودلوقتي جاي تقولي اهرب.”

“علشان عايز مصلحتك ياخالو.”

أخفض طارق يده عن كتف الأخير ثم قال برتابة:

“ماتخفش أنا عارف مصلحتي كويس، وبعدين تعالي هنا، أنت ناسي إني اللي هتجوزها دي تبقي عمتك.”

حرك موسى رأسه نفياُ مردداً ببرود:

“لا مش ناسي، فاكر كويس إنها عمتي علشان كده بحذرك منها.”

“يعني أنت بتحذرني من عمتك يا جاحد يا عاق؟؟ عمتك اللي أنت وهي كنتوا عاملين زي التوأم.”

“ما زي ماهي عمتي، أنت كمان خالي اللي بخاف عليه.”

وضع طارق يده على كتف الأخير وضغط عليها بخفة، وقال:

“أنت لو صح بتخاف عليا ياغالي، ماكنتش تقولي اهرب، وأنت عارف كويس إن عيلتك ممكن تجيبني حتى لو من تحت الأرض. ”

“ما أنت طيار بقى، تقدر تسافر في أي مكان وماترجعش، وتفضل عايش هناك.”

“عايش هناك هربان؟؟”

أومأ له موسى بالإيجاب مردداً ببساطة:

“آه”

رد عليه طارق بسخطٍ:

“طب اطلع بره”

“ليه بس كده ياخالو؟؟ ده انا عايز مصلحتك والله.”

“اطلع بره ياابن ال..”

توقف عن التحدث عندما فُتح باب الغرفة من قبل سامي والشباب الأربعة، ولج خمستهم للغرفة وتحدث كارم حينذاك:

“فيه إيه ياعريس؟؟ عملك ايه الحمار ده؟؟”

“تعالى شوفوا صاحبكم ياجماعة، بيقولي اهرب.”

اقترب سامي من طارق وردد يإستنكار:

“هو قالك اهرب؟!”

“أه والله، شايف البجاحة وصلت لفين.”

وضع سامي يده علي كتف طارق وربت عليه ببطئ، ثم قال وهو يحاول كبت ضحكاته:

“معلش استحمله ياعريس، اعتبره عيل مخبول.”

“واعتبره ليه،ماهو كده فعلاً.”

ابتسم موسى بسخرية، بينما اقترب البقية منه وهم يضحكون على حديث الأخير، فيما تحدث سامي بصوت رتيب للتخفيف من حدة غضب طارق:

“معلش ياطارق، سيبك منه، النهاردة كتب كتابك ياكابتن، متعكرش مزاجك بسبب واحد زي ده”

علق موسى بحنقٍ مغلف بإستنكار:

“واحد زي ده!! ماشي ياسامي”

ضحك سامي بخفة وحرك رأسه بيأس، بينما تحدث حسن بنبرة هادئة رافقتها بسمة خافتة:

“طب ايه مش هنمشي يلا؟ احنا كده هنتأخر.”

نظر طارق إلي ساعة يده ثم قال بسعادة لم يخفيها:

“مظبوط، لازم نمشي

علشام

مانتأخرش، ده أنا العريس”

علق موسى بسخرية:

“تصدق ماكنتش اعرف”

رمق طارق الأخير بطرف عينه بضيق واضح قبل أن يردف بغضبٍ:

ابعدوا

الواد ده عني قبل ماارتكب جريمة.”

حاوط

سامي طارق

بذراعيه

ثم قال سار معه للخارج هو يقول:

“معلش، قلنا نهدى ياكابتن..يلا تعالى نمشي وسيبك منه، وهو

هيتلم

لوحده”

خرج كلاهما

من الغرفة أولا،ثم سار البقية خلفهما وهم يضحكون علي ماحدث، وعلى رأسهم موسى

بالطبع، والذي لايهدأ له بال إلا عندما يثير غضب خاله.

__________________

بارك الله لكما وبارك عليكما وجمع بينكما في خير..ألف مبروك


.

وب

تلك الكلمات الصغيرة أنهى المأذون حديثه، ليعلن بها زواج كل من طارق ودلال بشكل رسمي وشرعي، بعدما وقّع جميع

الأطراف

علي وثيقة الجواز.

ارتفعت بعدها مباشرة صوت الزغاريط لتملئ المكان بأكمله

،

انتشرت التهاني بينهم، وهنأ الجميع العروسين، منهم بكلمات ومنهم بالأحضان ومنهم بإبتسامات الفرحة والعيون اللامعة السعيدة.

تنحى الجميع للخلف وأفصحوا للعروسين المجال لتهنئة بعضهما؛ فاقترب كل منهما من الأخر بخجل واضح وابتسامة صغيرة على وجهه وعيون تُشع سعادة

لم تخفى.

مد طارق يده أولاً لها وفعلت هي ذلك أيضاً وصافحت يده، فتحدث هو حينها بخجلٍ ممتزج بفرحة لاتوصف:

“مبروك لينا…ويارب تبقى أيامنا الجاية حلوة زي النهاردة… وزيِّك.”

نبس أخر كلماته بنبرة خافتة لم تصل سوا لها فابتسمت بخجل ثم همست بصوت خافت بالكاد سمعه:

“وزيَّك.”

ابتعدت أيديهم بعد تلك الكلمات البسيطة لكنها تركت في النفوس أثراً كبيراً.

بقيت نظراتهما معلقة نحو بعضهما وهم

يتبادلان

الابتسامات،

ويستمعان

لتلك المباركات والتهاني والصوت المرتفع في المكبر يعلن زواجهما بشكل رسمي.

كل هذا تحت أنظاره هو…

حيث كان يقف بعيداً بالقرب من باب الغرفة برفقة أصدقائه، كان يطالعهما ببسمة صغيرة سعيدة حاول إخفائها ولكن فشل في ذلك، فمهما حاول

لايمكنه

أن يخفي سعادته الكبيرة في هذه اللحظة بزواج أقرب الناس له.

و

بعد عدة دقائق دلف للشرفة بمفرده بعدما استغل انشغال البقية مع العروسين وفي احتساء المشروب وتناول الحلوى.

وقف

وا

رتكز

علي السور الأسمنتي، ظل يحدق في الشقة التي تواجه شقة جده بأعين ظهرت بها لمعة خاصة، لمعة سعادة وحب خالص.

ظل يحدق بها لثوانٍ بدت عقود ثم تنهد وقال بنبرة هائمة وبسمة هادئة:

“طارق ودلال اتجوزا…عقبالنا احنا كمان يارب”

أرائكم؟؟

توقعاتكم؟؟

دمتم بخير..سلام.

الفصل التالي: اضغط هنا

يتبع.. (رواية موسى (على دروب الحكايا)) اضغط على اسم الرواية لتجد الفهرس كاملاً بجميع الفصول.

أضف تعليق