رواية مغرم بك – الفصل الثامن والثلاثون
الفصل الثامن والثلاثون
الفصـل الثامن والثلاثـــون
مُغـرَم بـكِ
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
صرخت بهيستيرية وهي تراه أمامها لا يتحرك، لم تبالي رسيل بحالة الهرج والمرج من حولها لتتفحص زوجها قائلة بهلع:
-أيهم رد عليا!
وجدته يتنفس فرددت:
-الحمد لله
تحاملت على نفسها لتتحسس جسده بقلق وخوف، لم يكن هناك آثار لأي دماء أو إصابات فاستغربت، وهي ملتصقة به هكذا حاوطها بذراعيه قائلاً بخبث:
-خوفتي عليا؟
انصدمت وهي تحدق به وعينيه تتطلع عليها بحب، خبطته في كتفه لتلومه قائلة:
-حرام عليك
ثم طوقت عنقه بذراعها فضمها بقوة إليه قائلاً:
-أنا بخير مافيش حاجة يا حبيبتي
ردت بقلب ما زال ينبض:
-خوفتني يا أيهم، كان ممكن يجرالي حاجة
قبل عنقها وهو يعتصرها بين ذراعيه فتلوت قائلة بألم:
-حاسب ضهري بيوجعني
أرخى ذراعيه عنها وهو يرد بظلمة:
-ما قولنا متخافيش معايا هيخف، ما فيش أرق من إيدي
كتمت ضحكتها ثم تملصت قائلة بتوبيخ:
-احترم نفسك بقى
ثم انتبها لمن يقفوا حول السيارة يتابع ما يفعلانه، اعتدلت رسيل في جلستها متنحنحة بتوتر وكذلك أيهم الذي رسم الثبات قائلاً:
-فيه حاجة؟
تراجع أفراد أمن المشفى وبعض الزائرين بحرج فرمقهم بتأفف، تقدم ماجد الذي اندهشت رسيل من وجوده فهتف أيهم متسائلاً:
-قبضتوا عليهم؟
رد هازًا رأسه بتأكيد:
-حصل يا أيهم، كل حاجة تمت زي ما إحنا عاوزين
تدخلت رسيل مستفهمة بعدم فهم:
-هو أيه اللي بيحصل، ومين اللي عاوز يقتلنا؟
رد أيهم بحذر:
-دا واحد كان بيني وبينه شغل يا رسيل وكان عاوز يدخلني في صفقات مشبوهة وبلغت عنه
هتفت باضطراب:
-خليك بعيد عن الناس دي يا أيهم
-أنا بعيد يا حبيبتي
قالها وهو يمسح على وجنتها مبتسمًا، ترجل من سيارته متابعًا:
-هشوف الموضوع وارجعلك تاني، مش عاوزك تقلقي من حاجة
ابتسمت له بهدوء متفهمة ثم أخذت تتابع سيره مع ماجد حتى وقفوا مع بعض أفراد الأمن ليتحدثوا………
هتف أيهم باكفهرار موجهًا حديثه للضابط:
-هرب إزاي؟، مش قولتوا عارفين مكانه وحتى عيسى ده قال عليه
رد الضابط بعملية:
-هيروح فين دي البلد كلها أوضة وصالة وحاطين كماين في كل حتة ومتبلغ عن مواصفاته، والحمد لله قدرنا نراقبه وعرفنا إمتى هينفذ يخلص عليك لما وصلنا خبر
نفخ أيهم بقوة قائلاً بضيق:
-لا والجديد إن الزفت ده يخرج من كل البلاوي اللي كانت عليه، كل واحد بقى يعمل مصايب يجيب اللي يشيل الليلة بداله
هتف الضابط بتوضيح:
-بس المرة دي غير أي حاجة، عيسى فيه تسجيلات بصوته، وغريب كمان عيسى نفسه هو اللي قال عليه يعني التهمة لبساه واعترف إنه قوّم محامين يخرجوه من قواضيه
زم أيهم شفتيه متحيرًا وهو يستفهم:
-أيه اللي يخلي عيسى يبلغ عن أقرب صاحب ليه واللي خرجه من السجن قبل كده؟
رد الضابط بتخمين:
-أكيد فيه سبب تاني، تلاقيه غدر بيه، بس بلاغ عيسى عليه خلانا ناخد حذرنا منه ونعرف ناوي على أيه، والحمد لله قدرنا نحبط محاولة قتله ليك
لم يبالي أيهم بنفسه بقدر اهتمامه بما حدث لأسرته، ردد بغضب:
-لازم تلاقوه، الحيوان ده كان عاوز يقتل مراتي والعيال؟!………..
__________________________________
سمح محامي والدهن أن يحضرن لزيارته، وقفن أمامه خلف الحاجز السلكي يبكين بحسرة، نظر لهن السيد عيسى مرددًا باستياء:
-أنا خلاص نهايتي معروفة، وللأسف اللي كنت مستنية يهربني كان عاوز يسرقني وخان ثقتي فيه
ردت حافصة بنحيب:
-الغدّار ده كان عاوز يضحك على حنان، بس أنا لما حكت ليا مصدقتش إنه بكده هيحمي أملاکك، على طول كنت قيلالها تكلم المحامي علشان يقولك
هتف باغتياظ:
-كان عاوز يسرقني، فعلاً الندل مش بيتغير حتى مع أي حد، سبق وعملها قبل كده، بس خلاص شوية وهتلاقوه مشرّف معايا
سألت حنان بحزن:
-وإحنا يا بابا هنروح فين؟
نصحهن بخوف أبوي قائلاً:
-على البلد طبعًا في وسط أهلكم، وكل اللي حيلتي مكتوب بأساميكوا، عيشوا هناك وملكوش دعوة بأي حد، بس اللي عاوزوه تيجوا كل فترة علشان اطمن عليكم
هزوا رؤوسهن فوجه عيسى بصره نحو ابنته حافصة قائلاً بتنبيهٍ عاقل:
-وإنتي يا حافصة، عاوزك تنسي كل اللي فات، اوعي تفكري تنتقمي من طليقك ولا تتصرفي من غير تفكير، خلي بالك من أختك علشان محدش هيقف جنبكوا، عارف إني ظلمتك بجوازتك الأولى بس قدر الله وما شاء فعل
بالفعل كانت حافصة لا تفكر في الانتقام فهي ستخسر بالأكيد أمام الآخر، لم تلوم والدها أيضًا على زواجها بشخص يكبرها وتزيد من بأسه، ردت بطاعة:
-حاضر يا بابا، هاخد حنان ونرجع، أصلاً من خرج من داره اتقل مقداره…………!!
__________________________________
منذ قدومها لمنزل زوجيتها وهي تتعجب من معاملة والدة زوجها التي تغيرت بالكامل معها، من الغلاظة للطافة والليونة في التعامل، أثناء جلوسهم على مائدة الطعام هتفت فوزية بمعنى:
-ملك كلمتني ورايحة اقعد عندها كام يوم، وبالمرة أسيبكم على راحتكم شوية
رد عليها إيهاب باحتجاج:
-لا يا أمي خليكي مين قالك إننا متضايقين
ردت وهي تقلب في طبقها بعدم اشتهاء:
-هقضي العُمر اللي بقيلي هنا وهناك علشان أكون شبعت منكم
تضايق إيهاب من حديث والدته فهتفت سيرين باستعطاف:
-متقوليش كده يا حماتي، بقى بعد ما قلبك حن عليا عاوزة تسيبيني، كده هزعل
ابتسمت لها السيدة فوزية بسماحة وهي تقول لها باتزان:
-أنا على طول حلوة و اعرف إزاي اعامل مرات ابني، كل الحكاية إني كنت متضايقة من معاملتكم لخلود، حبيت بس أعرف أهلك إن كما تدين تدان، بس أنا غير ما إنتي فاهمة، ست كبيرة محتاجة بس الراحة وأشوفكم بخير
انحنت سيرين لتمسك بكفها المجعد لتقبله فأسعد إيهاب ردة فعلها تلك وهو ينظر لزوجته بإعجاب، ردت السيدة بتودد:
-ربنا يعلم إنك زي ملك بنتي، ربنا يسعدكم
تدخل إيهاب ليقول بمفهوم ليبحث عن الراحة لوالدته:
-خلاص يا ماما روحي لملك، وبالمرة غيّري جو وفيه دكاترة هناك كويسين علشان اطمن على صحتك………!!
___________________________________
لم يوافقا على طلبها البقاء للتفكير حتى توغنوا أن تأتي بصحبتهما فقد اهتاف قلب السيد عبد الحميد على حفيده الذي يحمل اسم أخيه الراحل، لم تجد خلود ثغرة تخرجها من ضغوطات من حولها سواء أخيها أو زوجته التي دفعتها على الذهاب معهما، لم يصدق مازن نفسه حين علم بقدومها ليترك عمله ليراها، حين ولج السراية وعينيه وقعت عليها ركض نحوها ليأخذها في أحضانه مرددًا باشتياق:
-وحشتيني!
لم يكترث لوالديه ولم يستحي وهو يعلن شوقه هذا أمامهم فابتسمت خلود حين عاد إليها كالسابق، كانت متيقنة بأنها لن تعود إليه بسبب ما مرت به، لكن بالفعل الله كريم ليبدل الوضع الميؤوس منه إلى آملاً، همست بحرج:
-أهلك قاعدين
فطن حرجها هذا ليبتعد عنها قليلاً هامسًا لها بمكر:
-خلاص فوق هناخد راحتنا
ثم ابتعد أكثر مبتسمًا لها بحب فشعرت براحة تخللت لداخل أعماق صدرها، خاطبت السيدة رئيفة ابنها بتنبيه:
-من هنا ورايح مراتك في عنيك، إنت متعرفش عملنا أيه علشان نخليها ترجع
نظر مازن لخلود بعتاب لكنه علم بمدى معاملته السيئة معها، رد مازن بتأكيد وهو يتطلع على زوجته بعشق:
-خلاص من النهاردة ما فيش زعل، فيه حب وبس
ابتسمت خلود باستحياء لتحمد الرب على تبدل حالتها، هتف مازن بشغف وهو يبحث من حوله على شيءٍ ما:
-فين معتصم وحشني قوي؟…………….
_________________________________
مرت فترة لا بأس بها ليأتي يوم عقد قران إياد ونور، حين وقوفهما وسط الحضور للرقص معًا تأملتهما مريم التي تتحسر على وضع ابنها، وجهت بصرها لابنها الجالس يتحدث مع أحد رجال الأعمال مزيفًا بسمة تعرفها فهو من الداخل يتألم، حين رآها حسام وضع يده على كتفها لتنتبه له ثم قال بتفهم:
-سيبيه براحته، مافيش حد بياخد أكتر من نصيبه في الدنيا دي، لو ليه حاجة هياخدها
نظرت له مريم بحزن تكاد الدموع تنفلت منها قائلة:
-عاوزة أشوفه سعيد بس
رد بعقلانية:
-هو مش صغير، وكمان مش بيلوم حد علشان هو اللي عمل في نفسه كده
-والمفروض نقف جنبه ونسانده علشان يخرج من حالة الكآبة اللي هو فيها دي
رد باستنكار:
-إحنا حواليه يا مريم، واللي عاوز يعمله محدش هيقوله فيه لأ، نستنى ونشوف
ابتسمت بسخط وهي تقول ساخرة:
-هنعمل أيه غير نستنى!
انضم لجلستهما تلك لين التي أتت مصطحبة جنى من يدها، جلسن معهن فهتفت لين بحماس:
-مامي، بابي، فيه حاجة عاوزة أقولكم عليها
رد حسام باندهاش:
-حاجة أيه قولي؟
اختلست لين نظرة ذات مغزى لجنى قبل أن تبدأ، قالت لهما بشغف:
-بعد جواز إياد ونور كلهم هيسافروا تاني حتى جنى، أيه رأيكم أسافر معاهم وأكمل تعليمي برة
انعقد جبين مريم وبداخلها لم ترتاح، سألت بعدم رضی:
-عاوزة تسيبينا يا لين؟
التصقت لين بها لتقول بمحبة:
-لا يا مامي ما أنا هابقى اكلمكم وهنزل كل فترة تشوفوني، الفكرة حلوة قوي لما أدرس برة ويكون تعليمي كويس
نظرت ملك لحسام الذي أخذ يفكر بجدية، دفعت لين نور بأن تتدخل لتشرح لهما الوضع، هزت الأخيرة رأسها لتهتف باطلاع:
-أنا كلمت بابي على سفر لين ورحّب قوي إنها هتقعد معانا، هتبقى كمان يا أنكل معانا يعني مش لوحدها خالص، وكمان فكرة الدراسة برة هتكسبها حاجات كتيرة
لفترة تفكير وترت لين وهي تترقب أي رد من والديها سألت مريم حسام بتكهن:
-أيه رأيك؟
رد باطمئنان داخلي:
-طالما كده يبقى على خيرة الله، ليه نقف في طريقها
صفقت لين بتهليل ثم نهضت لتقبل رأس والدها الذي ضحك عليها، كذلك اقتربت من والدتها لتقبل وجهها، قالت وهي تنحني واقفة منتصف والديها وذراعيها عليهما:
-بحبكم. قوي، وبإذن الله هتنبسطوا مني خالص………..!!
،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،
تقدم منهم ليعاود الجلوس موضعه على الطاولة فسألته نور باهتمام:
-كنت بتكلم مين؟
رد زين بهدوء:
-دا أيهم، كان بيبلغني إن الراجل اللي اسمه غريب دا اتقبض عليه
ردت نور بغبطة:
-الحمد لله، عقبال كل اللي زيه خلي البلد تنضف
نظر زين لمالك ثم سأله بمفهوم:
-مش كان تقعدوا معانا شوية، معقول بعد بكرة كده على طول وهتمشوا
رد مالك بأسف:
-كان نفسي اقعد شوية، كنت عاوز أشوفكم وحصل وكمان قريت الفاتحة لبابا وماما، والصراحة وجودي هنا بيخليني افتكر كل حاجة وحشة حصلتلي هنا
ابتلعت سارة ريقها ليأخذها عقلها وقت تعلقه بنور وما حدث بعدها، تفهمت نور عليه لكن لم يبدر منها أي ردة فعل حيال ذلك فقد كانت ثابته بعكس زين الذي نظر لها، قال زين بلطافة:
-ربنا يوفقك طالما ناجح هناك……!!
،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،
وقفت ترقص معه تلك الرقصة الرومانسية وهي خجلة للغاية، استنكر آيان ذلك قائلاً:
-مكسوفة من أيه أنا جوزك، خلينا نعوض ليلة جوازنا اللي انضربت دي وكانت زي الميتم
ثم تأفف فقالت بعبوس:
-كله منك، نسيت قلة أدبك!!
رد بتبرم:
-خلاص انسي بقى كل شوية هتفكريني، مع إنها كانت أيام لذيذة
قالها مبتسمًا باستفزاز فدعست على قدمه فتألم، همس من بين أسنانه:
-مفترية
رفعت رأسها بتكبر ثم شعرت بدوخة خفيفة جعلتها تكشر بملامحها قليلاً، سألها آيان عندما لاحظ:
-تعبتي نقعد؟
تنهدت قائلة باجهاد خفيف:
-يا ريت، من امبارح وأنا مودي مش رايق ودايخة
غمز لها بعينيه قائلاً:
-طيب ما تيجي نروح وأنا أظبطلك مودك
نظرت له شزرًا ثم رددت:
-قليل الأدب
غضب كالأطفال فعضت على شفتيها متابعة بجراءة أعجبته:
-طيب متزعلشي يلا نروّح………!!
__________________________________
غفا صغارها ثم اطمأنت عليهم جميعًا لتتحرك بعدها عائدة للغرفة، حين ولجت اندهشت لتجده جالسًا على التخت ممسكًا بالدهان الخاص بها ويرتدي روب نومه الأسود ووسيمًا بشكل جذاب، هتف أيهم مدعي الضيق:
-كل ده بتنيميهم؟، ما عمتك موجودة
اقتربت منه ممررة أنظارها على ما بيده ثم ردت عليه باقتطاب:
-عمتي مع رسيل بتهتم بيها
قال بنظرات تفهمتها جيدًا:
-يا بختها، أنا معنديش اللي يهتم بيا
لوت فمها بلا مبالاة ثم تحركت ببطء فساقها يؤلمها، تتبعها وهي تصعد بجواره فهتف بوقاحة:
-هاتي أما أقلعك أنا
ثم مد يديه فجلست لتبعده بيدها قائلة بتذمر:
-اسكت بقى مش شايفني مش قادرة أحرك كتفي
لم يكترث لحديثها ثم سحبها برفق لتجلس بجواره، قال بدهاء:
-هدهنلك بس تعالي مش هاعمل حاجة
لم تقتنع بتاتًا ولم تصدقه، رغم ذلك تحب ما يفعله معها وخاصةً مكره الدائم حين يغازلها، تذكرت وقت أراد تركها ثم تلقائيًا ارتمت في أحضانه فهتف أيهم بغرابة:
-أيه اللي حصل ما كنا حلوين
ردت بتوسل ضايقه:
-متسبنيش يا أيهم لأي سبب
أنًب نفسه ثم قال بتتيم:
-مستحيل اعملها، أنا نفسي مش عارف كنت هستحمل إزاي أبعد عنك، متزعليش يا حبيبتي مش هتتكرر تاني
وجدت رسيل في حضنه الأمان الذي تحتاجه لذا لم تكرهه يومًا ولم تنزعج منه مهما ضایقها، رفعت رأسها نحوه ليبتسم لها قائلاً ببراءة مُخادعة:
-مش هندهن بقى؟
ابتسمت بشدة لتغريه بدلالها ونعومتها الدائمة لينفض كل شيء ويبقى فقط العشق المكنون والظاهر والذي جعلهم في ثوانٍ معدودة يسبحان في بحوره………….!!
__________________________________
بعد مـــرور أكـــثر من ثــلاثة أعــوام……….
توجهت لفيلته كي تتحدث معه بجدية فليكفي إلى هذا الحد، وصلت مريم لقمة اهتياجها من أفعال ابنها الغير مسؤولة، قرعت الجرس وبعد وقت طويل فتح لها وذلك لأنه يدير شؤونه بنفسه وهذا ما يزيد من انزعاجها، قال زين باندهاش حين رآها:
-ماما!!
ولجت مريم وهي تزفر بقوة متجهمة، تحرك زين من خلفها وحين تعمقا استدارت له هاتفة بانفعال:
-تقدر تقولي هتفضل كده لحد إمتى؟
حين تفهم مقصدها رد بعدم اهتمام وهو يتحرك ليجلس:
-مضايقك في حاجة، أنا كده مبسوط ومرتاح
تهكمت من عدم اكتراثه لتقول باستياء وهي تجلس بجانبه:
-ضيعت عُمرك قاعد كده علشان أيه، اللي قدك خلف عيل واتنين، ليه عاوز تحرق قلبي عليك
كانت تلمح بحديثها لمن تزوجوا بعده ومعه، لكن زين لم يبالي كيف مرت تلك السنوات فلم تستطع فتاة أن تخترق قلبه، صحح جملتها التي تفوهت بها قائلاً:
-لا يا ماما أنا اللي قلبي محروق، لو سمحتي سيبيني لوحدي مش بأحب اتكلم في حاجة فاتت
لم ترتضي أن تمتثل لذلك الواقع المخيب للآمال لذا رددت باغتياظ:
-إنسى البنت دي بقى، دي شافت حياتها واتجوزت، ومن قلبك الطيب روحت طلقتها علشان تعيش هي شبابها وإنت سنين عُمرك تضيع كده قدامي ومش قادرة أعملك حاجة
بكت مريم فلم يقدر زين أن يفعل لها شيئًا سوى أنه ضمها لصدره، ردد بألم:
-ارجعي يا ماما أنا مش عاوز أزعلك مني، هحاول أتغيّر بس لسه شوية
سألت بنحيب منخفض:
-لحد إمتى يا زين، نفسي أشوف ولادك دا إنت ابني الكبير واللي ماليش غيره، ليه تزعلني منك كده؟
لم يجد ما يقوله لها لذا قال ليريح قلبها:
-حاضر يا ماما هاعمل اللي إنتي عاوزاه، أنا بس مش عاوزك تزعلي من أي حاجة
ابتعدت عنه لتتأمل ملامحه عن قرب وابتسمت لتجدها جادة وصريمة رغم لمعة الحزن في عينيه، قررت شيء ما ولهذا نهضت كأنها امتثلت له، نهض هو الآخر فقالت له بخديعة:
-أنا هامشي يا زين، ومستنية تنفذ كلامك اللي قولته!
اكتفى بتحريك رأسه بطاعة مزيفة فتحركت مريم لتتركه وبداخلها عزيمة قوية في تنفيذ ما قررته بشأنه، تتبع زين خروجها بشرود ثم ارتمى على المقعد دافنًا وجهه بين راحتيه، ردد بأسف:
-سامحيني يا ماما، صدقيني غصب عني ومش قادر…………!!
___________________________
__________________
____________
الفصل التالي: اضغط هنا
يتبع.. (رواية مغرم بك) اضغط على اسم الرواية لتجد الفهرس كاملاً بجميع الفصول.